أحمد صبيح ل (الغربة): اللوحة نافذة لكتابة المذكرات




بيروت\غفران حداد ـ

     يتميز الفنان الأردني أحمد صبيح بأنه من أكثر الفنانين التشكيليين جدية وبحثا، فمنذ بدايته استطاع هذا الفنان أن يتميز عن جيله، وأن يؤسس لنفسه مساحة يمارس فيها حريته، ويرسم حلمه ويلونه في مجموعة من الأعمال التي تمثل السمة الشخصية للفنان من فلسفته للحياة،ويقدم الفنان صبيح نماذج من تجربة جديدة يخوضها ضمن رؤية تجريبية وتجديدية تذهب نحو توظيف الكثير من الاشياء المهملة التي نراها ونتلمسها في حياتنا اليومية فقد برع في اعادة تشكيل اسلاك معدنية قديمة وقطع خشبية وغيرها ليبعث فيها الحياة من جديد ويعيد صياغتها فنيا حيث حولها لدراجات نارية صغيرة وسيارات الرالي ودواليب وغيرها الكثير مما يلتصق بذاكرتنا لاسيما من مرحلة الطفولة ،تلك المرحلة التي لم تغب عوالمها السحرية والمدهشة عن اجواء الاعمال المعروضة ، فهي تذكرنا بعادات طفولية كنا فيها نحاول استكشاف الحياة واعادة تركيبها متكئين على خيالنا الواسع وفضولنا اللامحدود.
وكالة "الغربة" حاورت الفنان التشكيلي القدير أحمد صبيح عن بعض من مشواره الفني في سياق اللقاء التالي.

 *كيف كانت طفولة الفنان التشكيلي أحمد صبيح؟
 طفولتي كانت رائعة فهي خلقت من احلام لم تكن موجودة في مساحه طفولتي حيث البحث الدائم عن ما يجول من حولي مثل الوطن الانتماء المستقبل كانت العاطفة تدور حول شخصين فقط هما أمي وأبي كنت أراهما وطن له كل مكوناته أمي ترتدي ثوبها المطرز من ورود وأبي يرتدي على رأسه كوفيه وكأنها شمس الوطن لذلك كنت أرى أمي ترتدي فلسطين بكامل ثوبها المطرز وأرى ابي شمسها لذلك عندما أعيش هذا الطقس من اجواء الوطن لابد ان يخلق لي جماليات كنت ابحث عنها في طائرة الورق وصنع لعبة من المعلبات والاسلاك وكنت أتمعن في الوان الزهور التي كانت مزروعة على جسد أمي فشكلت لي ذوقا فنيا .
 
* كيف كانت بداياتك في الرسم؟ حدثنا عنها ولو بشكل موجز؟
 الرسم كان الشيء الجميل والمتنفس الوحيد لي وأنا صغيرا الجىء اليه من عتمة هذا الكون فقد كنت اشاهد ما مر الوطن من أحداث محزنة بتمعن حيث عشت اكثر من حدث سياسي شكلت مني عشق الوطن فكنت أرسم فلسطين والون سمائها وشجرها بطفوله شفافه بعيدة عن التصنع اسمي رسم طفولتي انه خارج اكسسوارات التصنع التي اشاهدها الان في الفن لآبي دور كبير في تشجيعي على الرسم كان يرسم اشياء قد تعلمها بفطرته وكان بناء بيوت حيث علمني الشكل والمكعب والنوافذ التي لم تزل مغلقة.


*لديك موهبة فريدة في تحويل الخردة الى اشكال ثلاثية الابعاد     
        كيف إكتشفت ان لك هذه القدرة لتقدم أشكال تبهر المتلقي؟
 الخردة أو أنا أسميها المهمل الادوات التي تخلصنا منها بعد انتهاء مصلحتنا منها نعم هي فقدت وظيفتها ولكنها لم تفقد شكلها حيث أسرني جمال شكلها الذي لم ينتهي بوظيفتها فبدأ يخذني لمنطقه بعيده عن الرسم منطقه اسميها مرحله انتقاليه من رسم الخطوط على الورق لمرحلة التجسيم الذي فرض نفسه على تفكيري بشكله فبدأت اجمع هذه الاشكال لتصبح شكلا واحدا أسميه بييت الايتام كل عمل فيه من القطع الميتمة من أكثر من معدن في شكل فني لن ينتهي مثل الثقافة والفنون تحت جملة قلتها من تجربتي هذا ان كل شيء مهمل منتج وكل شيء منتج مهمل إلا شيء واحد ينتج ولا يهمل هو الفن.
 
  *كتب الرسام والنحات والفنان التشكيلي الاسباني "بابلوبيكاسو" يقول "الرسم طريقة أخرى لكتابة المذكرات"، هل تعارض أم توافق هذا المعتقد ؟
 نعم للرسم طريقة اخرى لكتابة المذكرات وأنا أرى إنّ اللوحة نافذة للجدار لذلك هي تسجل لنا ذكريات السنة من صيف وشتاء وأشياء أخرى لذلك أنا مع تسمية اللوحة لأنها نافذة جدارنا الصامت.
 
 *اللوحة بالنسبة للفنان التشكيلي " أحمد صبيح" هل هي بناء عقلاني أم هي ميلاد روحي؟
 اللوحة بالنسبة لي أنتجتها ليس للمتلقي بل لي أولا فهي مساحتي الحرة التي أمارس فيها فعلا ثقافيا فنيا نضاليا كما تسميه سميه بدون قيود وبدون مساحات مغلقة مثلا فضاء المخيم في معرضي عن المخيمات الفلسطينية رسمته بما افكر فيه من هذه البقعة التي اكرهها فعلا ولكنها هويتي التي هي بقعه سوداء في جبين العرب لذلك كان تحت عنوان جملة واحده فقط ان الملابس تستريح على الأسطح ويستريح أصحابها في تلك المنازل أما الملابس في المخيم فهي على اجساد لن تستريح ابدا
 
*عندما تصبح اللوحة من حق مالكها ماذا يبقى منها في دواخل خالقها؟
 نعم ،مي زياده تقول" ما يجول في خاطري حيث قلت يوما ما الفرق بين الظل والعتمة ، الظل ولد من رحم الإضاءة اما العتمة لم تولد بعد . وكما لفكرنا وعقلنا افق مفتوح لا ينتهي الا برحيلنا لذلك آمنت ان اكون انا بأفقي الغير منتهي ،اذا كنت أنت لن يموت سواك.
 
*أيُّ الموقفين يبعث الحماسة في إحساس الفنان التشكيلي "أحمد صبيح"، وقوف فنان تشكيلي أمام لوحاته ويناقشه فحواها أم وقوف إنسان بسيط أمامها وسؤاله عن مضمونها؟
 قالوا لي يوما من أين تأتي بمواضيعك قلت لهم من وجوه الناس التي أصبحت خارج نص الحياة لذلك الإنسان البسيط رصيد لوحاتي فهو الذي يثير في داخلي الواني وخطوطي التي سوف تعبر عنه الفنان لذي يناقشني لايترك لي شيء ولكن البسيط يترك لي حزنا يصنع لي لوحتي.
 
*بين الموهبة والخبرة أين تضع نفسك؟
 لا أضع نفسي لا بالموهبة ولا بالخبرة بل بالرغبة لآن الرغبة أهم منهما فلولاها لما عبرت عما يجول بداخلي من عناصر فنية
 
 *من يلهمك في الرسم أكثر الطبيعة ، المرأة،معاناة شعوب ؟
أكيد ملهمي الأول معانات الشعوب وخاصة الشعوب العربية التي هي ضحيه الطمع والجهل والاستبداد المرأه والرجل والطفل من ضمن هذه الشعوب التي أصبحت خارج نص الحياة وتعريفي للحياة انها مثل حرفها الاخير دائرة مغلقة؟
   
  *هل ندمت على لوحة رسمتها في يوم ما؟ 
 لا، أنا لم أندم على شيء في حياتي ليس اللوحة فقط بل كل الأشياء التي مرت إيجابا او سلبا في حياتي إستفدت منها وصنعتني.
 
 *بعيداً عن اللون والفرشاة ما هواياتك التي تحب ممارستها في أوقات الفراغ ؟
 أجمل وقت بعيدا عن الفن مع انه الفن ياخئ كل وقتي هو مداعبة اطفالي ودائما أقول انهم اصدقائي والجلوس مع أمي المطرزة بزهور الوطن والحديث عن الوطن أقول عنها دائما إنهنَّ صدور مزخرفة ولكنها مجروحة ولا أطلب من الله شيء سوى أن يحفظهم من أي مكروه فقط.
  

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق