حوار حول السَّلام العالمي مع الكاتب والصّحافي السُّوري يعقوب مراد


حوار صبري يوسف
أتابع الكاتب والصّحافي السُوري يعقوب مراد، المقيم في السُّويد منذ عام 1985. حيث كتب وما يزال في الصّحافة السُّوريّة واللُّبنانيّة والأردنيّة والسُّويديّة. إشتغل مديراً لمكتب مجلّة ألوان بدمشق، وإرتبط بصداقات عميقة في الوسط الفنِّي والثَّقافي مع نجوم الفنِّ العربي في الشَّرق الأوسط، فأطلقت عليه الفنّانة نبيلة النَّابلسي "صديق الفنَّانين"، كما أطلق عليه الممثل عبَّاس الحاوي "عرّاب المحبّة"، .. وأعتبرُه بمثابة سفير السَّلام للنوايا الحسنة.
أجرى العديد من المقابلات الفنّيّة مع فنَّانين وفنَّانات وأسَّس منبراً رائداً بإعداد ندوات في بداية الثّمانينيات، حيث كان يدعو فنّاناً مبدعاً مع جمهور غفير، عبر حوار مفتوح لمحاورة الفنّانين والفنّانات بشكلٍ مباشر. 
في نهاية عام 1985، غادر إلى السُّويد حاملاً الوطن في ثنايا روحه وقلبه وظلَّ يرفرفُ عالياً حتّى الآن. 
أصدرَ رواية "كسوف في رأس العائلة" عن دار علا للطباعة والنّشر، دمشق 1994. 
السُّويد وصوت الطَّبل، مجموعة قصصيّة عن دار علا للطباعة والنّشر دمشق 1997. 
أصدقاء إحتفاليّة الحبّ، مجموعة خواطر وجدانيّة عن مؤسّسة الإبراهيم للطباعة والنّشر 2010.
لديه رواية مخطوطة "في حضن الشَّيطان"، وقد نشرها على حلقات في سيريا ديلي نيوز. وكتاب آخر بعنوان: "عرّاب المحبّة" مجموعة قصصيّة، في طريقهما إلى النّور قريباً.
كتبَ العديد من البحوث وأقام عدّة ندوات ومحاضرات داخل وخارج السُّويد حول المحبّة والوئام بين البشر.
نظراً لأنّه "عرّاب المحبّة" ويتمتَّع برؤية جانحة نحو فضاءات السَّلام، أجريتُ معه هذا الحوار.

1. ما هي برأيك أهم أسباب تراجع السّلام العالمي بين البشر؟
 _أهم وأوَّل الأسباب هو إنهيار القيَم الإنسانيّة الَّتي هي دعامة أساسيّة للجنس البشري الّتي تُميّزه عن باقي المخلوقات.
 2. لماذا إبتعد الإنسان عن السَّلام والوئام بين بني جنسه، سائراً نحو حقول الألغام الَّتي تنسف حيثيَّات السَّلام من جذوره؟ 
_ابتعاد الإنسان عن السَّلام والوئام بين بني جنسه هو نتيجة حتميّة لابتعاده عن إنسانيّته الَّتي ضاعت صفاتها الأساسيّة في زحمة التّوصيف المُبتدَع لها حسب مصالح وقياسات مختلفة ومتناقضة تسعى إلى تشتيت الفكر الإنساني والجُّنوح به إلى التَّبعيّة والإنقياد الأعمى تحت مُسمّيات مختلفة غايتها تجميد العقل وحبس الفكر في قوالب ضيّقة تَحدُّ من قدراته الطَّبيعيّة؛ ليجنح إلى طريق مُعبّدة بالشّر ومُضاءة بالحرائق، مُعتبراً أنّه يحقِّق وجوده ويحظى بإنتصار أحلامه على مرارة واقعه.. 
3. ما هي أسباب إنكفاء الحسّ الأخلاقي والمعايير الرَّاقية عند الكثير من البشر في الوقت الرَّاهن؟ 
_حين ينعدمُ السّلام تنعدمُ الأخلاق؛ والعكس صحيح؛ وما أقصده بالسّلام هو المعنى الواسع لهذه الكلمة، وأساس السّلام هو تلك البذرة الَّتي تحتويها النَّفس البشريّة الَّتي لا ترتوي إلّا بالمحبّة والرَّحمة والتَّسامح لتنمو وتورق؛ وتُثمر سلاماً داخليَّاً للروح؛ فتطرح القناعة والرِّضا؛ والطُّموح إلى الإرتقاء والسُّمو بنفسها إلى عالم يعمّه السَّلام الشَّامل لكلِّ روح على هذه الأرض... أمّا بإنعدام المحبّة والرَّحمة والتَّسامح بالتأكيد سينكفيء الحسّ الأخلاقي والمعايير الرّاقية بموت بذرة الخير والسَّلام المزروعة في القلب البشري.. 
4. يركّز الإنسان على العلاقات المادّيّة، وغالباً ما تكون على حساب إنسانيّة الإنسان، لماذا يتراجع الإنسان نحو الأسوأ في علاقاته مع بني جنسه: البشر؟! 
_لأنَّ المادَّة أصبحت المُتحكّم الأقوى في زمن التَمزُّق الفكري والحروب الَّتي تُخلّف الفقر والجَّهل والدَّمار والتَّفاوت الطَّبقي؛ وتُحفّز الشُّعور بالأنانيّة؛ ولأنّ نَفْس الإنسان فُطِرَتْ على حُبِّ البقاء والإستمرار أصبحت المصلحة تقودها إلى ما يُحقِّق لها المنفعة المادِّية غير آبهة إلّا لما يُحقّق غاياتها واستمرارها وتفوّقها حتّى على حساب غيرها.
5. هناك تطوُّر كبير في تقنيات وتكنولوجيا العصر، يسير عصرنا نحو فتوحات كبرى في عالم التّقانة والتَّحديث، لكنَّه فقد الكثير من الحميميّات، كيف ممكن إعادة العلاقات الحميمة الرَّاقية بين البشر؟! 
_من خلال استغلال هذه التَّقنيات والتّكنولوجيا في إستعادة بناء الإنسان الحقيقي بتوجيهه إلى أولويات اهتماماته بالعلاقات الصّادقة وبالكلمة الطَّيّبة والفنِّ الرّاقي والحوار المُهذّب ومن خلال جعل هذه التّكنولوجيا وسيلة إلى التَّواصل الجَّميل والأخلاقي مع كافّة مَنْ حولنا وتحفيز الشُّعور بالتّرابط والمحبّة لتكون الغاية تواصل حقيقي وملموس يتمُّ بشكلٍ واقعيّ من خلال عالم افتراضي نجعل منه الجّسر الّذي يصل بين من أبعدتهم الهموم والمسؤوليات والظُّروف عن بعضهم، ووسيلة للتقرّب من جديد بمَنْ غَفلنا عنهم وغفلوا عنّا لتعود بذلك العلاقات الإنسانيّة بنفوس صافية ومتلَهّفة لتلك الحميميات المفقودة في ثنايا الزّمن.
6. لا يتمُّ تأسيس الكثير من الدُّول الشَّرقيّة/ العربيّة وما يجاورها على أسسٍ ديمقراطيّة، غالباً ما تجنح نحو الحروب والدَّمار، متى ستتعلَّمُ هذه الدُّول أنَّ بناء الدَّولة يقوم على بناء المؤسَّسات الدِّيمقراطيّة وتطبِّق هكذا مؤسَّسات؟ 
_حين يرتقي الفكر الشّرقي إلى إحترام الإنسان لأخيه الإنسان مهما كان لونه أو عرقه أو دينه أو إنتماؤه.. حين يعلم الإنسان في تلك الدُّول أن يحترم إنسانيّته ويعتزُّ بها ويسعى إلى تطوير ذاته من خلال التَّخلّي عن العادات والتَّقاليد المُبتدعة من فكْرٍ موروث أظْلَمتْ ضبابيّتهُ وهجَ حضاراتٍ سالفة كان عمادُها العمل والمعرفة والإكتشاف، ولا يكون ذلك إلّا بمحاربة الجَّهل والتَّخلف من خلال أهل الفكر والمعرفة بخلق يقظة فكريّة وإنسانيّة لكلِّ مَنْ أغفَتْ عقولهم المؤثَّرات والعوامل المُدمّرة لصرح الحقيقة.
7. جاءت الأديان كلّ الأديان، لتقويم سلوك وأخلاق البشر، ولإرساء أسس العدالة والمساواة بين البشر، لكن واقع الحال نجدُ انشراخاً عميقاً بين المذاهب عبر الدِّين الواحد، وصراعات مميتة بين الأديان، إلى متى سيبقى هذا الصِّراع والتَّناحر مفتوحاً بين المذاهب والأديان؟ 
_إلى أن يسمو الإنسان بفكره إلى القناعة التَّامة بأنّ الدِّين أخلاق.. وأنّ مَشيئة الله أن نكونَ شعوباً وأمماً لاتجمعنا إلّا المحبّة والرّحمة والأخلاق الفاضلة؛ وأنّ أفضلكم عند الله أتقاكم.. وليس أقواكم.
8. سمِّي القرن التّاسع عشر بعصر القوميّات، نحن في بداية القرن الحادي والعشرين، وما نزال نتخبّطُ بالحقوق القوميّة وحقوق الأقلِّيات، إلى متى سنظلُّ نتصارع كأنَّنا في غابة متوحِّشة، لماذا لا نركَّزُ على بناء الإنسان وتأمين حقوق المواطن القوميّة والمذهبيّة والدِّينيّة بعيداً عن لغةِ العنف والعنف المضادّ؟! 
_من المفترض أن يتمَّ التَّركيز على بناء الإنسان على أسُسٍ سليمة تستند إلى الأخلاق الإنسانيّة وإحترام الآخر وتقدير إنسانيّته مهما كان إنتماؤه أو عرقه أو دينه لأنّ أساس هذا الوجود هو الإنسان الَّذي كرَّمه الله عن سائر خلقه ومَنَحهُ العقل الَّذي يُميّزهُ عن كافّة مخلوقاته فكان سيّد الأرض بإنسانيّته الموهوبة له بإرادة ومشيئة خالقه؛ لذلك لابدّ من الإتِّجاه نحو تقدير وإحترام إنسانيّتنا من خلال التَّأكيد أولاً على حقِّ الإنسان بالحياة لأنَّ الرُّوح بيد خالقها هو من أراد لها الحياة وفقط بإرادته تنتهي ومن ثمَّ التَّأكيد والعمل على صون كرامة الإنسان وحرِّية اختياراته وتأمين كلّ ما يحميه ويُمجّد إنسانيّته الَّتي سلَبتْها لغة الحروب والعنف والصّراعات المتتالية عبر عصور طويلة.
9. تحاول الدُّول العظمى أن تنشبَ حروباً في الدُّول النَّامية كي تصنعَ حروباً، فتعيشُ الدُّول المتقدِّمة على حساب المزيد من التّعاسة في الدُّول النَّامية، إلى متى ستبقى هذه المعادلة المخرومة قائمة في أبجديات سياسات بعض الدُّول الكبرى؟ 
_إلى أن يعمّ السّلام الحقيقي بمعناه العميق، ولا يكون ذلك إلّا بجهود كبيرة ممَّنْ يَرون ببصيرتهم وليس ببصرهم وممن اقتنعوا بأنّ الدَّمار لايُخلّف وراءه إلّا الدَّمار والشّر لا يطرح إلّا الشّر، وبمنظوري كإنسان وأحترم إنسانيّتي، أرى أنّ السَّلام لا يتحقَّق إلّا بعمل دؤوب ومتواصل وبالسَّعي الحثيث إلى التّوعية الحقيقيّة من خلال منظَّمات ومؤسَّسات وجمعيات على مستوى العالم، تعمل على خلق توازن فكري بين الدُّول العظمى المُتهافتة على تحقيق هيمنتها على العالم وفرض سيطرتها على ثروات الشُّعوب بدافع الطّمَع والجّشَع الَّذي خَرقَ كلّ القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، ولا يكون ذلك إلّا بالإعتماد على طبقة راقية من المفكِّرين والإنسانيين في تلك الدُّول ليكونوا الثّقَل الّذي يوازن القبّان.
10. الإنسان هو المهم، هو جوهر الحياة، وهو العقل المدبّر لقيادة الكون، مع هذا لا أراه مهمَّاً في برامج الكثير من دول العالم، لماذا لا يتمُّ التَّركيز على بناء إنسان خيِّر وحكيم ومحب للسلام والعدالة وبناء الأوطان؟ 
_لأنَّ الأطماع الَّتي سيطرت على العقل البشري قامت عبر عصور على تهميش دور الإنسان ومكانته الَّتي برُقيّها وصَوْنها يرتقي العالم وتُصان الكرامات.. ولأنّ الأوطان في المنظور المُضَلّل عن الحقيقة تُبنى على الثَّروات والقوَّة والهيمنة الكاملة وعلى سحق الإنسان تحت نير السَّيطرة الكاملة جسداً وفكراً.. ليكونوا بهذا الفكر الضَّال والجَّاحد يقتلون أسمى ما تُقام وتُبنى عليه الأوطان ويُدمّرون صَرْح الإنسانيّة ليَنْهالَ رُكامهُ مُدمّراً وطناً بأكمله... 
11. عجباً أرى، كيف لا يفهم المتصارعون والمتحاربون أنَّ لا منتصر، في الحروب، حتَّى المنتصر هو منتصر على حساب جماجم آخرين؟ نحن بحاجة أن ننصر قيَم الخير والعدالة ونحقِّق الدِّيمقراطيّة والمساواة للجميع من دون هدر الدِّماء! 
_بالتأكيد نحتاج إلى إنتصار عظيم وكبير بما يحمله من مجد للإنسان بتحقيق السَّلام والعدالة والتَّعامل الأخلاقي لنكون أخوة في الإنسانيّة نحمل الخير سراجاً يضيء مستقبلاً ناصعاً لأجيال قادمة لاتلوّثُ نقاء رؤيتها أشلاء القتلى ودماء الأبرياء.. نحتاج إلى كلِّ إنسانيّي العالم لرفع راية السَّلام على أعلى قمم الإنسانيّة. 
12. أبحثُ عن إنسان حكيم، عاقل، جانح نحو السَّلام، خيّر يقود البلاد إلى دفءِ الوئامِ، متى سنرى قائداً بهذه الحيثيّات، يقود البلاد إلى أبهى واحاتِ الأمان والسَّلام؟! 
_هناك الكثيرون ممَّنْ يحملون الحكمة والعقل ويجنحون بفكرهم نحو سلام حقيقي ويتوقون إلى رؤية الفرح يعمُّ كافّة أرجاء الأرض وتتشوّق آذانهم للطرب على ضحكات أطفال العالم بأسره.. هناك الكثيرون ممَّن حافظوا على بذرة الخير في قلوبهم وبإنتظار الغيث الَّذي يروي رشيمها لينبت مُعرّشاً في قلوبهم المتعبة.. إلّا أنّ قيادة البلاد تحتاج إلى من يدعم ويُساند ويُعين أحدهم على النُّهوض بالعالم إلى عرش السَّلام والعدل وهذا يحتاج إلى كلِّ من عرف معنى إنسان؛ وإلى كلِّ من عانى مرارة الظُّلم وقهر الإستبداد ويحتاج إلى الإيمان بالحقِّ والتَّضحية في سبيله وفي سبيل تحقيق العدالة بين البشر.
13. الحيوان المفترس يفترس الكائنات والحيوانات الضَّعيفة من بني غير جنسه، من أجل البقاء، بينما الإنسان، هذا الكائن (السَّامي)، يفترس بني جنسه ليس من أجل البقاء، بل بسبب البطر والنُّزوع الحيواني، كأنّه ينافس الحيوان المفترس افتراساً، إلى متى سيفترس الإنسان بني جنسه؟!
_إلى أنْ يَصْحو الإنسان من غَفلَته عن إنسانيّته.. إلى أنْ يُدْركَ الإنسان معنى السّلام لروحه أولاً وللعالم ثانياً.. إلى أنْ يتخلّص من أناه الهازية بين بقائه وراحة ضميره.
14. الإنسان حيوان إجتماعي بالطَّبع، أنا لا أرى فيه هذه الرّوح الإجتماعيّة، بل أرى فيه جنوحاً نحو البوهيميّة والغرائزيّة، كيف ممكن أن ننقِّي هذا النُّزوع البوهيمي وننمِّي فيه إنسانيّة الإنسان؟!
_بالتّوعية المُستمرّة وذلك بكلّ السُبُل المُمْكنة الَّتي من شأنها أن تؤثِّر بقوةٍ على عواطفه، لأنّ الإنسان بطبعه عاطفي ويسعى لملء فراغٍ روحيّ يشعر به بتكوينه البشري؛ لذلك على كلّ مَنْ يَشْعُر بالمسؤوليّة من أهل الفكر والأدب والفنّ العمل باستمرار على استفزاز العواطف الخيّرة من محبّةٍ وحُبٍّ ومَوَدّةٍ لتكون السَّبيل إلى جعل الحياة جميلة وبأبهى حلّة مُمكنة؛ لتجعل الإنسان يعشقها ويتمسَّك بها بما لمَسَهُ من روعتها وجمالها؛ وبالتَّالي يكون عشقه لإنسانيّته وإدراكه بأنّ الحياة قصيرة وتستحق أنْ نعيشها بكامل إنسانيّتنا وعواطفنا ومشاعرنا الطَّيّبة كطيب ونقاء النّسيم ..
15. كيف تنسج خيوط بحوثك، وتترجم أفكارك الإبداعيّة وأنت غائص في لجَّة الأحزان المتفاقمة في هذا الزَّمن المفخَّخ بالتَّوهان عن الهدف، أم أنّك تزداد ألقاً وعمقاً في صياغة أفكارك رغم إنشراخات هذا الزّمان؟!
_بقوّة الضّعف الإنساني.. كالماس الّذي يُشعُّ بريقَهُ من حلكة الفحم.. ولأنّ الحُزْن يَصْقل الإنسان بالعواطف والمشاعر والأحاسيس رغم الألم الّذي تتمخّضُ به روحه إلّا أنّه يكون مخاضاً لولادة الإبداع من رَحم الحُزْن..
16. لا أرى أهدافاً عظيمة ممَّا يهدف إليها إنسان اليوم، غالباً ما تكون أهدافاً عقيمة من حيث فائدتها للمجتمع البشري، إلى متى سيغوصُ في ترّهات الحياة، تاركاً أسمى الأهداف بعيداً عن نصبِ عينيه؟!
_المَسؤوليّة.. أهم عوامل الرُّؤية الصّحيحة للدور الفاعل للإنسان ولتحقيق وجوده كشخص إيجابي ومؤثّر وليس هامشيَّاً هو إدراكه لمعنى المسؤوليّة وإحساسه بها؛ ليعمل كلُّ إنسان ومن موقعه بكلّ مسؤوليّة متولّدة عن قناعاته.
17. ما هو دورك كمبدع، كمثقّف، كمفكِّر، عندما ترى الإنسان يقتل بني جنسه بقلب بارد، من دون أن يرمشَ له جفن؟
_العمل بكلّ ما يُمكن من طاقة تَكْمنها نفسي على التّوعية والتّوجيه الصّحيح إلى حقيقة الإنسان ونُبل تكوينه؛ والإيجابيّة في التّعاطي بمحبَّةٍ وتسامحٍ ورحمةٍ لأيّ كان، والأهم التَّواصل والحضور في أيّ وقت وأيّ مكان مُمكن أنْ يكونَ منبراً لصوتٍ يَصْدحُ بالإنسانيّة وينشرُ رسائلَ الخير والمحبّة والسَّلام من روحٍ حُرّة تَحْتضنُ الفضاءَ بجناحين طَليقَين لا تُزَعْزعهُما ريح عابرة ولا تُقيّدهُما حبال الباطل. 
18. كيف ممكن أن ننقذ فقراء وأطفال هذا العالم من الخراب والفقر والقحط الَّذي بدأ يستفحل في الكثير من دول العالم؟!
_بالعمل بحكمة وبمسؤوليّة؛ والتَّواصل مع كلّ الإنسانيين في العالم ليتمّ تحديد الهدف بشكلٍ صحيح ومَدْروس بدقّة وتَرْكيز؛ وذلك من خلال كلّ ماهو وسيلة للتّعاون والتّعاضد يداً بيَد وقلباً على قلب لإنقاذ ما تبقّى من إنسانيّة ضاعَتْ ملامحها وفَرغَ جوفها من معناها الحقيقي..
19. ما هي أفضل الطُّرق والأسس الَّتي تقودنا إلى تحقيق السَّلام العالمي بين البشر كلَّ البشر؟
_بإعادة بناء الإنسان.. بإحياء الإنسانيّة في نفوس بني البشر..
20. لو قام كلُّ إنسان بأعمال الخير والسَّلام والمحبّة، لتحقَّق السَّلام كتحصيل حاصل، ما هو دورك في تحقيق هذه الفكرة؟ 
_أن أبدأ بنفسي وأحافظ على إنسانيّتي لأنّ فاقد الشَّيء لا يعطيه.
21. كيف ممكن أن نسخّر أقلام مفكِّري ومبدعي ومبدعات هذا العالم من أجل تحقيق السَّلام والكرامة الإنسانيّة؟
_بالتَّواصل والحوار الرَّاقي والتَّأثير إيجابيَّاً على توجّهاتهم وأولويات مسؤولياتهم من خلال تحفيز فكرة كرامة الإنسان والسّلام في عقولهم وقلوبهم لتَسْتفيضَ أرواحهم نبضاً صادقاً بنشر قناعاتهم وليس ما يُمْلى عليهم..
22. ما رأيك بتأسيس تيَّار وفكر إنساني على مستوى العالم، لإرساء قواعد السَّلام وتحقيق إنسانيّة الإنسان، بإشراف هيئات ومنظَّمات دوليّة تمثِّل كلّ دول العالم، كي يكون لكلِّ دولة من دول العالم دوراً في تحقيق السَّلام؟
_القلبُ ينبضُ ليضخّ دمه في كافّة شرايين الجَسَدْ.. فيَمْنَحهُ الحياة.. ولابدّ من شرايين تتوزّع في كافّة أنحاء العالم لمَنْح الحياة للسَّلام.
23. ما هي أفضل الطُّرق لخلق رؤى تنويريّة، ديمقراطيّة، تقدميّة في العالم العربي والدُّول النَّامية في العالم، لتحقيق السَّلام والإستقرار، بعيداً عن لغة الحروب المميتة الَّتي دمَّرتْ وتدمِّر كلَّ الأطراف المتصارعة؟
_منَ الأولَويات القضاء على الجَهْل والتّخَلُف بالحَضِّ على التَّعليم ومَحْوّ الأُميّة؛ الَّتي لازالت حتَّى عصرنا هذا مُنتشرة وبشكل كبير في تلك الدّول؛ والعمل على فَرْض التَّعليم الإلزامي لمرحلة متقدِّمة من مراحل التَّعليم، والتّأهيل الصَّحيح للفرد من خلال مناهج مدروسة من قبل خُبراء وأخصائيين في التّربية للتركيز على القيَم الإنسانيّة وعلى الأخلاق الكريمة الَّتي تمنح الإنسان إدراكاً تامَّاً لإنسانيّته، وتشجيع العلم والعلماء وتحفيزهم على العطاء بمسؤوليّة وإنسانيّة للحَثِّ على إحترام الإنسان لنفسه ولبني جنسه، والتَّوجيه الصَّحيح لكلِّ فرد بالمجتمع من خلال كلّ وسائل الإعلام والتّركيز على الأقرَب منها إلى المُتَلقّي في إيصال فكرة الأخلاق الإنسانيّة الَّتي تُحقِّق السّلام، كما أنّه من الضُّروري ألّا نَغْفل عن الدَّور الكبير لرجال الدّين وتأثيرهم العاطفي والتَّربوي على الأفراد في تلك الدّول ليكون العمل على إنتقاء رجال الدّين من العلماء والفقهاء من كافّة الأديان بمسؤوليّة ووعي؛ ليكونوا رجال حقٍّ وعدالة ورحمة يعملون على مبدأ الدّين المُعْتدل بعيداً عن التّعصُّب والتّزَمُت من بقيّة الأديان وزرع المحبّة وقبول الآخر أيّاً كان دينه لإحياء فكرة أنّ الدّين لله والأرض للجميع، ومن الضُّروري منح فرص عمل لأبناء المجتمع لتمكينهم من العَيْش الكريم والإكتفاء الّذي يَصُون كرامة الفرد والأسرة؛ وبالتّأكيد لابدّ من العمل على تحقيق الدِّيمقراطيّة والمساواة والعدالة بين كافّة أبناء المجتمع وبكلّ أطيافه من خلال المؤسّسات والجّمعيات والهيئات والمجالس والنّقابات الَّتي يُمكن من خلالها مشاركة الفرد في بناء وطن سليم معافى من التّفرُد بالسُّلطة وفَرْديّة القرار.
24. ما رأيك بإلغاء وإغلاق معامل السِّلاح في العالم، والوقوف ضد صنَّاع الحروب والفكر القائم على الصِّراعات، ومعاقبة كل مَنْ يقف ضد السَّلام، لتحقيق السَّلام بقوّة القانون العالمي، وذلك بمحاسبة الجّانحين نحو الحروب ودمار الأوطان؟!
_لَنْ أقول إنّ هذا حُلم لأنّ الحُلم يبقى حلماً؛ يُمكن تحقيقهُ ويُمكن لا.. سأقول إنّه غاية وهدف لكلِّ إنسان يطمح إلى تحقيق السَّلام والعدالة الإنسانيّة؛ وعلينا جميعاً ترسيخ مباديء السَّلام بالعمل والتَّعاون والإستمرار في تشجيع كلّ ما فيه الخير والأمان الحقيقي لكلِّ بني البشر.. ولا يكون ذلك إلا بالإرادة أولاً وبقوِّة القانون ثانياً لأنّ القاضي العادل هو خليفة الله في الأرض والقانون هو الشّريعة المُنظّمة للمُجتَمع والمُحاسَبة بقوّة القانون، رادع قويّ إنْ أُحسنَ تطبيقه بعدالة.
25. ألا ترى أنّه آن الأوان لتأسيس جبهة سلام عالميّة من خلال تواصل المبدعين والمفكِّرين من شتّى الإختصاصات، والدَّعوة لتأسيس دستور عالمي عبر مؤسَّسات وهيئات عالميّة جديدة، لتطبيق السَّلام عبر هذه التَّطلُّعات على أرض الواقع؟
_أرى ذلك.. أراه ببَصَري وبَصيرَتي.. لأنّ السّلام أمل كلّ إنسان بحُكْم قَلْبه.. وهدفه بحُكْم إنسانيّته.

أجرى الحوار
الأديب التَّشكيلي السّوري صبري يوسف
محرّر مجلّة السَّلام

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق