كي لا ننسى الشاعر المرحوم جان رعد: هنا لقاء رائع معه





يعتبر الشعر الزجلي الشعر الأكثر شعبية في لبنان. أو على الأقل هذه مكانته المفترضة، وهكذا كانت حاله منذ الثلاثينات مع الشعراء المؤسسين مثل شحرور الوادي ورشيد نخله ومع الجيل الثاني والثالث مثل أنيس الفغالي وزغلول الدامور وزين شعيب ومحمد المصطفى وجان رعد وموسى زغيب وأسعد سعيد وغيرهم.. في هذا الملف الذي يهدف إلى تكريم شعر الزجل والاطلاع على واقعه اليوم كما على ماضيه نحاور أبرز شعراء الزجل الذين تجاوز معظمهم السبعين سناً، وبعضهم بلغ التسعين.. نحاول أن نطل على فهم هؤلاء الشعراء أنفسهم لشعر الزجل وكيفية كتابته وموقعه وأهميته وما إذا كان الزجل قادراً بالفعل على أن يكون صوت الناس أم أنه محكوم بالبقاء في الإطار الفولكلوري المناسباتي المحض..
* * *
أحد أظرف شعراء الزجل وأكثرهم شهرة وموهبة. ولد جان رعد في لبعا، قضاء جزين، عام 1920. عرف رعد بالطرافة والظرف لكن شعره يتجاوز هذا الإطار إلى الأنواع الشعرية كافة، كما يتميز بشدة بساطته وسهولته وفي الوقت نفسه بالقدرة على توليد الصور الشعرية الغريبة وإدخال الحياة اليومية في نطاق الشعر. التقينا رعد في منزله في لبعا حيث يقيم وهو متوقف عن الحفلات المنبرية لكنه لا يزال يكتب الشعر يومياً. عرف رعد ضمن جوقة "زغلول الدامور" ثم جوقة "ليالي لبنان". أصدر عام 1971 مجموعة شعرية بعنوان "لبنان في العالم" ثم عام 1987 كتاب "هادا الباقي" ثم عام 1999 الجزء الأول من "ديوان جان رعد".
المستقبل ـ سامر أبو هواش
هل ولدت هنا في هذا البيت تحديداً؟
ـ ولدت في لبعا، لكن في البيت المجاور لهذا البيت.. هذا البيت مستحدث نوعاً ما.
أرى أن لبعا لا تزال محافظة نسبياً على طابعها القديم هل بحسب وعيك لها تراها تغيّرت كثيراً؟
ـ تغيّرت كثيراً لجهة العمران وعدد سكانها. في الماضي كانت تتكوّن من 57 بيتاً، وهي اليوم 250. وحين جاء أجدادي منذ القدم كانت مجرد أربعة بيوت، وهي للدروز أساساً، لكن جاء أجدادي واشتروا الأرض، ثم صارت تكبر الأرض تدريجياً ويزداد سكانها حتى أصبحت على حالها هذه.. عندنا كنيسة هنا بناها أجدادي، عمرها 120 سنة، وكانت تتسع لمئة وخمسين شخصاً، أما اليوم فنريد أن نبني كنيسة تتسع لألف شخص.
ذكريات
كيف تتذكّر طفولتك؟
ـ ككل ولد عشت حياة القرية في ذلك الوقت، وتعلّمت في مدرستها، ثم طلعت إلى قرية دير مشموشي، لمدة سنتين قبل أن أعود إلى مدرسة القرية لأن أوضاع الوالد تغيّرت..
تعني مادياً؟
ـ مادياً. فقد كان والدي في أميركا مع أخويه، وكان جدي خوري القرية وحين مات اضطر أبي إلى العودة، وكان أخواه يرسلان له المال صيفاً وشتاء، ثم حدث خلاف ما وتوقفوا عن إرسال المال، وكان أبي معتز بنفسه فرفض العمل وصار يبيع أرزاقه، وصارت الأحوال تتراجع.
هل عانيت نوعاً من الضيق كطفل لهذه الأسباب؟
ـ لا، كانت طفولتي مقبولة وكان كل شيء مؤمناً فلم أعرف حرماناً. ثم إنني في سن مبكرة اشتغلت مع الفرنسيين في بيروت، مثل كثر من الشباب الذين بدأوا بالنزول إلى بيروت..
ما كان نوع العمل؟
ـ ستضحك حين أقول لك ميكانيكي، ذلك أنني كنت أجهل وقتذاك كيف تعمل السيارة، ثم عملت في سكة الحديد، إنما لم يكن أهلي في حاجة إلى عملي، فصرت أصرف ما أجنيه، وصرت أتقلّب في مهن عدة حتى عملت سنة 1948 في "التابلاين"..
في تلك المرحلة هل كان الزجل موجوداً في حياتك؟
ـ طبعاً، نحن هنا كنا نغنّي الدلعونا.. ونستمر بالغناء من الفجر حتى المساء.. كله ارتجالي، ولم أكن أعرف أصلاً كيف يكتب الزجل.. صارت جوقة "شحرور الوادي" تأتي إلى المنطقة، إلى مغدوشة تحديداً، وتحيي الحفلات، وكنت أعمل في "التابلاين" وكانوا هنا يعرفون أنني أغنّي، وخلال إحدى حفلات الشحرور حملني الشباب ووضعوني على المسرح.. بالأحرى طلب الشباب أن يضعني أعضاء الفرقة معهم على المنبر، وكنت صغيراً بالشورت، فقام علي الحاج القماطي، وكان ولا يزال ربّ الشعر وقال لي "إذا ما صار لك كرسي ع منبرنا، بعمل عضام صدري كرسي وبقعدك". فلم أجاوب أنا بشيء فقال علي الحاج:
"عملنالو كرسي لا اشتراها ولا دفع تقشيشها"
عندئذ وقفت وأعطاني علي الدف وغنّيت:
"ما خلق لك عضم كرسي ينّشر
ان كنا عواطف يا علي عندي بِشر
بيجوز الله يعوز ضلعك يا علي
ويعود يعمل فرع تالت للبشر"
قلت هذه الردة ارتجالاً، وظل علي يردّ ربع ساعة على الدف وأجاوبه.
حكاية أخرى

هنا بدأت بالغناء المحترف؟
ـ لا، تلك حكاية أخرى. كان هناك جوقة معروفة اسمها "زغلول كفرشيما" صاحبها ميشال القهوجي، وذات مرة نقص أحد الشعراء من الجوقة، وكان هناك حفلة في زحلة، فجاء ميشال وطلب مني إحياء الحفلة معهم، وقال لي "حين أكبس على رجلك تقول.. تاري كانوا متفقين مع بعضهم.. من يقول ومن يجاوبه.. وحين انطلق ميشال قهوجي بافتتاحيته جاوبته فوراً، وعلى القوافي التي كان يفترض أن يقولها سواي.. ورأيت ميشال قهوجي متجهم الوجه لأنني انطلقت في الغناء في غير الوقت المناسب... ورحت أغني وأعيد الردات حتى انسجم الجمهور والجوقة معي..
عندها صرت مشهوراً؟
ـ لا، لم أكن مشهوراً ولا شيء. كان هناك شاعر اسمه انطوان باسيل من "غبيل" وكان يغني مع "كروان الوادي"، ثم ألف جوقة واصطحبني معه.. أنا كنت أغني ارتجالي ومش عارف شو عم يعملوا.. ثم جاءت "التابلاين" إلى صيدا، ودعيت إلى عرس كان زغلول الدامور مدعواً إليه أيضاً.. وخلال السهرة قعد أناس ورائي وأناس وراءه.. سمعت الزغلول يغني فدهشت.. شو عندو صوت يا سبحان اللي خلقو.. أنا سمعت هالصوت وقلت لنفسي شو بدّي اعمل تا إطلع راس معه.. كان عليّ أن أفكر في شعري.. وبلّشت قول الردة ورا الردة وهو يجاوبني وأجاوبه. ثم انتهت السهرة، وفي اليوم التالي راح الزغلول يبحث عني. كان يوم جمعة وكنت أشرب القهوة في مقهى بو عفيف على البرج، فصادف مرور الزغلول فاتجه نحوي وقال لي منذ أيام وأنا أبحث عنك.. وقال لي "بدنا نعمل جوقة".. قلت له "لكننا غير معروفين.. مين بدو يسمعنا" قال "متل ما الله بيريد". وقال هناك شاعران هما طانيوس الحاج وجوزيف الخويري وأنت وأنا نصبح أربعة.. وهذا ما كان..
هل تذكر أولى حفلات الجوقة؟
ـ كان هناك كازينو على الدورة يدعى كازينو بطرس، وكنت أعرف بطرس لأنه من المنطقة من عندنا. قصدناه وقلنا له نريد أن نحيي حفلة عندك. فأجابنا إذا أمنتم مئة شخص أحيي حفلتكم.. قلت له حسناً إذا جاء خمسين أنا أسكّر خسارة الباقي.. قال لي الزغلول ما رأيك لو قصدنا أمين بك نخلة ليرعى حفلنا.. وكما تعرف أمين نخلة كان أشهر من نار على علم، كان فيلسوف العرب.. على أية حال ذهبنا إليه وكان زمن الانتخابات وكان مرشحاً، فقلنا له أبوك زعيم الزجل، والآن انتخابات، نغني لك وبدنا تشجيعك.. فوافق.. وفيما بالنا مشغول كيف سنؤمن المئة شخص جاء أمين نخلة ومعه 16 بوسطة.. ففزعنا حين شفنا هالشوفة.. يعني بدلاً من مئة شخص صار الجمهور ألفاً.. المهم بدأت الحفلة... بدأت أكرع العرق ثم طلعت بهذه الردة:
"من هون عالدورة إجا المرحوم نوح
وكرمال ذكر اللي مضى وختم الجروح
بعدها الموجات عالشطّ بتجي
بتبوّس الرملات وبترجع تروح"
وانطلق التصفيق فتشجعت أكثر وراح عني الخوف. بعد الحفلة جاء شخص ودق على كأسي، وقال لي أنا قريب من قريتك، أنا من "وادي الليمون" واسمي خليل روكز.. كنت قد سمعت لروكز قبل ذلك قصيدة يقول فيها:
"طلّي على الوادي وعرايشها
وشوفي الهوا الناعم يناغشها
النسمة طرية تايهة بهالليل
من غصن تفلت غصن يكمشها"
لم أكن سمعت في حياتي مثل هذا الشعر، وحين قدّم لي روكز نفسه قلت له "خلص شو بدّك".. قال لي أريدك معي في الجوقة. فوافقت فوراً. قال أنا أعرف شاعراً اسمه زين شعيب، ولم أكن قد رأيت زين في حياتي بعد، وشاعر اسمه جان رعد والزغلول.. وهكذا تكونت الجوقة. وصرنا نحيي الحفلات لمدة أربع سنوات تقريباً. ثم سافر الزغلول إلى البرازيل مع شاعر اسمه طانيوس الحملاوي، وسافر روكز مع زين شعيب إلى افريقيا، وأنا لم أستطع مرافقتهم بسبب شغلي هنا في التابلاين.. غاب زين وروكز سنتين، وغاب الزغلول وطانيوس أربع سنوات، وحين التم الشمل ثانية تقرر أن نعيد إحياء الجوقة.. وصادف أنني كنت طردت من التابلاين لأنهم أرادوا نقلي إلى الصحراء ورفضت، وكنت أنفقت كل ما معي لدى تكوين الجوقة ثانية..
مهرجان شمعون

ما الذي تذكره من أحداث تلك الأيام؟
ـ كان راهب دير مشموشي هو أخ الدكتور فؤاد افرام البستاني واسمه جوزيف، وكان يعلّم في الدير. فجاء وقال لي هناك مهرجان لكميل شمعون في دير القمر ونريدك أن تغني هناك. كان شمعون وقتذاك مع الحلف الثلاثي وكمال جنبلاط مع عبد الناصر، وكل منهما أحيا في بلدته مهرجاناً ضخماً ضم 20000 ألف شخص.. المهم ذهبت إلى مهرجان شمعون وحين جاء دوري في الكلام قلت:
"لي جدّ خبّرني على ماضي انقضى
من جبال هالأرز بالعطف انغمر
لكن أنا عافيقتي شفت الفضا
ملبّدو غيوم السود قدّام النظر"
فاستغرب السامعون وقالوا شو عم يحكي هيدا. تابعت:
"وعاقد ما طلبنا من الرب الرضى
يكشح غيوم السود تانشوف القمر
عاد التاريخ بعهدك يعيد المَضى
ويربى قمرنا جديد في دير القمر"
ففزّ كميل شمعون وقال لي أعدها. فأعدتها وقلت:
" حملت الرياسة عرفت حملي متعبه
فوق التعب حامل دوا بلادي الجريح
طفل استقلالنا عاش وربي بعهدك
تا صار بينطق الشعر الفصيح
نكرو عليك المقدرة والموهبه
وسامع بإذنك من وحيش ومن مليح
الشعب اللي يكفر بالمسيح وبالنبي
لا إنت أغلى من النبي ولا من المسيح"
هل ارتجلت هذه القصيدة؟
ـ ألّفتها بفكري وحفظتها.. في الماضي كنا نغيّب القصيدة بمئات الأبيات.. نؤلفها صباحاً ونحفظها مساء ثم نقولها من دون أن تكون مكتوبة.
يمكن القول إن المال جري بين يديك في ذلك الزمن؟
ـ كان معي مصاري.. وكنت البس أفخر البدل.. وحين كنت مع الزغلول لم يكن موضوع المال يهمّني..
ما سرّ نجاح الزجل المذهل في تلك المرحلة؟
ـ التلفزيون هوي اللي عمل كل شي.. فأن تغني في قرية أمر مختلف كلياً عن الغناء على التلفزيون، الجمهور أوسع بما لا يقاس.. لكن سأحكي لك كيف دخلنا إلى التلفزيون.. حين تركت التابلاين واشتركت في مهرجان دير القمر كان اميل البستاني صاحب شركة "الكات" حاضراً في الحفلة فسمع شعري وأحبه.
متى كان ذلك؟
ـ نحو العام 1952,.ثم أرسل في طلبي لزيارته على الصيفي، فذهبت. قال لي أريدك أن تعمل معي، فقلت ماذا أعمل؟.. قال في الزجل.. يعني إذا جاءني ضيف ما أريدك أن تسمعه زجلاً.. واقترح عليّ راتباً قدره 500 ليرة شهرياً وسيارة.. فذهلت للمبلغ.. قلت له طيب أنت أحببت شعري، وأنت نازل على الانتخابات، هناك جوقة أريد أن أعرفك إلى شعرائها.. فقال لي "مثلك؟" قلت له "بل أحسن".. وقلت له نريد أن نحيي حفلة برعايتك في قريتك "الدبّية" فقال لي أجاوبك بعد يومين.. وبعد يومين أجابني أنه يريدنا أن نحيي حفلاً في الجامعة الأميركية، حيث يريد أن يدعو كل زملائه الذين تخرجوا من الجامعة من مختلف البلدان العربية، وقال بدّي عرفهن شو الشعر اللبناني. قلت له هذه أكبر أمنياتي.. لكنه اشترط أن لا تدوم الحفلة لأكثر من ساعة لأن عشاء سيليها.. بدأنا بالحفلة عند الساعة التاسعة مساء وهل لديك فكرة متى انتهت..
متى؟
ـ عند الرابعة فجراً.. وكان حاضراً في الحفلة أكبر شعراء العالم العربي وصارت الجرائد تصوّر.. جرائد الأرض صوّرتنا.. ومنذ تلك الليلة صرنا نجوماً.. وهكذا دخلنا إلى التلفزيون..
ما الذي حققه لكم التلفزيون؟
ـ الانتشار الواسع، حتى إلى خارج لبنان. أذكر أننا دعينا إلى الكويت لإحياء حفلة لمدير البوليس الشيخ عبد الله المبارك، زوج الشحرورة، وهناك لم نتمكن من الغناء مع موسيقى، فغنينا على الواقف ومن دون طاولة.. لكن الشيخ أحب شعرنا، ثم جاء وصيّف في لبنان ، وكان مدير الإذاعة خالد أبو النصر يزورنا في بيروت وقال لنا إن الشيخ يريدنا أن نحيي حفلة للشيخ لأن زوجته كانت تشاهدنا على التلفزيون وطلبت منه ذلك.. فذهبنا إلى قصره وهناك تصور من رأينا.. الجميع، وديع الصافي، وفايزة أحمد وفريد الأطرش والعشرات من أشهر فناني ذلك الوقت.. كانت الفرقة الموسيقية هناك مؤلفة من خمسين فرداً، وكانت غرف الطعام في القصر بعدد أيام السنة.. كانت أمسية جميلة جداً.. المهم ذهبت لأغسل يدي فسمعت صدفة فايزة أحمد "تشارع" السيد جان الأرمني وكان هو المختص بالمحاسبة وتقول له إنها اتفقت معهم على 60 ألف ليرة.. فذهبت وقلت للزغلول حين يأتي وقت الدفع دعني أتكلم. فجاء السيد جان وقال لنا كم تريدون فقلت 60 ألفاً.. فقال لكن هذا كثير.. أجبته إننا اتفقنا مع الشيخ على هذا المبلغ.. المهم وصلنا في النهاية إلى نصف المبلغ.. قبضنا المبلغ وصرنا نجخّ.. وسددنا كل ديوننا.. مرّت علينا أيام ولا ألذّ ولا أشرف.. مر علينا عصر ذهبي..
الطرافة

عرفت بأنك شاعر الطرافة لماذا؟
ـ لأنني طريف.. لكنني لم أسعى إليها، هي جاءت وحدها.. سعيد عقل يقول إن كل ضيعة خلقت شاعرها من الحزن إلا لبعا فقد خلقت شاعرها من الفرح.. أنا أحب النكتة وعلى المسرح غالباً ما يطلب الناس هذا النوع من الشعر.. وكنت أعطي النكتة لزين لأنها بتلبق له لأنه عروس المسرح..
هل تذكر شيئاً من هذه النكات؟
ـ أذكر واحدة ارتجالية قلتها لزين.. كان لدينا حفلة في بارك أوتيل في شتورة، وتوقفت عند محل جرجورة لآكل سندويش عسل بقريشة، التفت فرأيت سيارة كاديلاك كشف جلد أحمر.. وأنا مولع بالسيارات، فخرجت فوراً لأراها، وجدت صاحبتها عمرها 70 سنة، فقلت "ولي عليك ملا كركوبة، وطلعت معي الردية في الطريق إلى الحفلة التي كان حاضراً فيها ظريف لبنان نجيب حنكش الذي قال لي سمّعنا يا جان، فغنّيت:
"يا زين رح دلّك ع كركوبي
إلها بمأوى سنين مزروبي
بعرفك آخد خمس نسوان
سادس مرا من شهر مزعوبي
بدلّك عابنت ان شفتها يا فلان
 بتقول هيدا كل مطلوبي
نص لوقه نص ربع لسان
نص طرشه ونص مقلوبي
بتمّها لو بيفلح الفدان
بيجوز يحضالك بشنكوبي
وخدّها بحب الصبا مليان
وشعر الماركه يمكن بزر لوبي
وزنود قد ما فيك قول تخان
عالبلبل وعالخيط مسحوبي
مع كل هيدا بتعشق الكدعان
 إلها عنك حاضر حروبي
جيب سيف وعلّق النيشان
وقلّد صلاح الدين أيوبي
ويا فرحتي تاشوفكن عرسان
وغنّي بعرسك كم حوروبي
ما لحقت الفرحة عليي تبان
طلّ بيها قال يا ابن شعيب
ما لك نصيب البنت مخطوبي"
فرأيت نجيب حنكش قلب عن الكرسي وتدكرب عشرين متراً من شدة الضحك..
هل تفضل الطرافة فقط؟
ـ أفضل كل المواضيع. وقت الموضوع أغني مع أسعد سعيد، ووقت البهورة مع زين.. أحب كل أنواع الشعر..
هل تكتب المراثي مثلاً؟
ـ كتبت عدداً محدوداً منها، لكنني لم أذهب إلى المراثي لأنني لا أحتاج إلى أن آخذ أجري من شخص ميّت.. وربما يكون هذا الشخص أزعراً فأمتدحه.. غير معقول طبعاً.. أنا لا أحب أن أبيع ضميري.. لكنني أحضر الأجر وأظهر ببلاش..
هل هناك شعراء تأثرت بهم؟
ـ للحقيقة لم أكن أقرأ لكي لا أتقيّد بأحد.. أحب أن أكون حراً وأن أحكي مشاعري فقط.. لا أحب الاستنساخ.. بالمناسبة أقول عن الاستنساخ..
"الانسان لمّا بفكر الله كان
استحلاه الله وقال ما شالله
واليوم الله بيقشع الإنسان
متل كإنو مش شغل ألله"..
هل كتبت للأغاني؟
ـ عندي حوالى عشرين أغنية.. هناك واحدة شاعت لشادي خليل مثلاً.. فقد جاء وقال لي إنه ذاهب إلى بلاد الاغتراب ويريدني أن أكتب له شيئاً.. فتصورته يغني أمام جمهور المغتربين وكتبت:
" هاتولي ورقه وريشه ودوايي
لاكتب للضيعه وخبّرها جايي
يا عتبه اشتقنا اللي كانت ستي
تقعدنا عليكي وتحكيلي حكايي
لهونيك ردوني
عاضيعتي برجع
مطرح ما ربوني
 صرت الدني اقشع
بعيش بالموني
وبمونتي بقنع
لو كنز عطيوني
وليرات عم تلمع
لا بتشبع عيوني
ولا أنا بشبع
راضي بعريشي وخوخه وتفاحا
ونسمه صبحية يسعد صباحا"..
هل شاركت في حفلة المدينة الرياضية الكبيرة وماذا تذكر عنها؟
ـ كنت وقتذاك في البرازيل، فطلبني المتعهد وقلت له لا أستطيع الاشتراك لأنني مسافر إلى البرازيل، فقال دعنا إذاً نضع اسمك على الإعلان مقابل 3000 ليرة.. فوافقت... إنما أنا برمت العالم 15 مرة.. أنا مش ابن هون.. وأنا سلّمت باليد على مليوني لبناني..
اليوم

ما الذي تفعله حالياً.. كيف تملأ وقتك؟
ـ أقرأ كثيراً.. حوالي ست ساعات كل يوم.. أقرأ التاريخ غالباً..
من تحب من الشعراء والكتاب؟
ـ سعيد عقل وجبران ومعظم الشعراء والكتاب الكبار لدي مؤلفاتهم وأقرأها غالباً..
هل تعتبر أن الزجل مظلوم في لبنان؟
ـ من الدولة أما الناس فلا زالوا يقدرونه ويقبلون عليه.. الدولة كانت تساعدنا حين نسافر إذ تبلغ الخارجية السفراء في الخارج برعايتنا..
لكنك توقفت عن العمل؟
ـ لأنني لا أحتاج إلى العمل.. أكتب الشعر يومياً لكنني غير مضطر إلى العمل.. أولادي يرسلون إليّ ما يكفيني وأكثر.. ما يقهرني هو أن هناك شعراء وفنانين كبار يضطرون للعمل وهم في سن متقدمة.. أنظر إلى زكي ناصيف ووديع الصافي.. والزغلول وكل الشعراء والفنانين.. حرام..
هل تعتبر أن الحياة كانت منصفة معك؟
ـ كنت محظوظاً طوال حياتي.. لم أجع ولم أمد يدي لأحد.. بل أعطيت الآخرين لأنني مرتاح.. أنا جخيخ.. بدلتي بألف دولار وسيارتي شبح..
تحب السيارات كثيراً؟
ـ أنا مغروم بالسيارات..
ماذا عن النساء؟
ـ أفّ.. ما كنتش لحّق أبداً..
ما الذي تحاولون فعله للزجل اليوم، هل تحاولون تربية جيل جديد مثلاً ورعايته؟
ـ نحاول أن نفعل ذلك، لكن ماذا بيدنا أكثر.. هناك من يظن أن الزجل مجرد غناء، لكن الزجل هو صورة وفكرة وهذا ما نفتقده اليوم.. نحن بالكاد عشنا من الزجل رغم كل ما حققناه من شهرة، لكن اليوم لا أحد يستطيع العيش من الزجل؟
كيف يمكن إنقاذ الزجل برأيك؟
ـ إذا كتبه الميسورون في البلد يمكن أن يقف مجدداً على رجليه.. ثم إن الزجل بحاجة إلى رعاية حقيقية. مرة خلال حفلة في النبطية حضرها عدد من النواب، لم يحضروا لنا ماء لنشرب ثم بعد ذلك انقطعت الكهرباء، فغنيت:
"غلّوا علينا المي أغلى من الدوا
وساعة ما غلّوا النور عتّمنا سوا
غير الهوا ما ضلّ ببلادي رخيص
ولو يعرفوا مناكل هوا غلّوا الهوا"
هذه هي الأحوال اليوم، فكيف تتوقع أن يزدهر الزجل..
هل لا تزال الصلة قائمة مع زملائك الشعراء؟
ـ مثل الإخوة.. لا شيء يبعدنا.. لكنهم يعملون وأنا هنا أشم الهوا..
من برأيك أفضل شاعر عرفه لبنان؟
ـ خليل روكز طبعاً.. ولا بمئتي سنة يأتي مثله.. ولد خطير.. كان فلاسفة لبنان يأتون ليسمعوا شعره وكان شعراء الفصحى يجلونه ويخشونه.. هيدا شاعر مر بلبنان وهو من أعظم الشعراء وكانت موهبته غريبة..
من قصائده


رثاء خليل روكزحبة تراب تقابلت بالموهبي
ومشيو سوى مع روح حره معذبي
عملوا كيان بهالدني، وعملوا وجود
وحملوا قلم يكتب آيات مدهبي

من بعد ما كبروا كبر مالو حدود
قشعوا الدني صارت بحجم المصطبي
رادوا الفراق ووقفوا عليهن شهود
وكل مين منهن راح مطرح ما رِبي

الروح راحت عا دني اسما الخلود
والموهبي انسجنت بقلب المكتبي
والأرض ربحت فايظ تراب الحسود
نعش كامل حامل بقلبو نبي

يا ترى ترابك رح يكنلو رجوع
ورب المعنى مفتكر بقيامتك
منين الأمل والروح خطفوها طلوع
وتوب الأرض ناطر ليوم سيامتك

منشان ما ابرم على كل الربوع
وعزي الألوف الحافظين كرامتك
جايي تاعزي فيك في وادي الدموع
وحط ايدي بإيد لبنان الحزين
وقلو يا لبنان العواض بسلامتك
غزل
يا ريت عندي متلها ثياب الجداد
تا كنت البسهن بأيام العياد
بحياة الله مين ميت بالسما
حتى ملاك الأرض عم يلبس حداد

قالوا حبيبك حلو؟ قلتلن حلو
قالوا اتركو للغير، قلتلن حلو
رح ضل حبك يا حلو طول الحياة
ما زال باقي يا عسل فيك الحلو

كل ما التقيت بجفن سمره عابسي
بتنزل دموع العين متل النوفره
ادعي تا قلبي يصير قصبي يابسي
تا يسمعك من كل عقده صوفره
الربيع
طل الربيع وزنبقو البيفوح
عقبال ما يطلطل ربيع الروح
راحت عواصف تلجة كوانين
يا ريت عاصفة الغلا بتروح
والجو يمطر عالدني تلاحين
وصوت القلب ما نسمعو مبحوح
وتوعي القلوب النايمه من سنين
عافراش ملياني شقى وجروح

يا رب لبنان الدني والدين
يبقى على هالحال مش مسموح
ارمي السلام عليه كنلو معين
ساعد شعب باني الكرامة صروح
الا لألله ما نحنالو جبين
ضد العواصف بيرقو بيلوح
ولو طاف بحر الكون عالتكوين
من ارز الله بيخلق المركب
وكل شخص من لبنان اسمو نوح
الى كل لبناني
كنتو ارز خالد قوي جبار
صرتو حطب تا يسد جوع النار
كنتو جبل عاكل تلة نسر
صرتو جبل مخض وخلف فار
بين السما والأرض كنتو جسر
صرتو معابر شر للأشرار
كنتو ليوم العسر ساعة يسر
صرتو شعب ممنوع يسكن دار
كنتو لمعهد هالدني جبران
صرتو شعب والجهل عاميكن
كنتو نحل لبنانكن قفران
صرتو زراقط والأذى فيكن
كنتو الخمر والكون كان سكران
صرتو كرم يابس دواليكن
كانو اهاليكم بنو الأوطان
شو الفرق بين انتو وأهاليكن؟
غير التعب
خلقنا بأرض والرب كونها
نتعب ونبني بيوت نسكنها
نزرع مواسمنا بحقل النسل
ناسات تخلق ناس ندفنها

لما العمر ياكل سنين الجهل
ووجوهنا تفقد محاسنها
بيصير فينا متل جوع النحل
منمص بالزهرة غصب عنها

ما في لغز بالأرض حلو سهل
وكل بير في أسرار خازنها
مفروض ننهي عمرنا عا مهل
نحنا عطينا الأرض أهل الأرض
وغير التعب ما متاخدو منها

CONVERSATION

1 comments:

  1. اسمي نسيمة السادة ، أعيش في المملكة العربية السعودية والحياة تستحق العيش بشكل مريح بالنسبة لي ولعائلتي الآن ، وأنا حقًا لم أر أبدًا الخير الذي يظهر لي كثيرًا في حياتي لأنني أم تكافح ولدي ثلاثة أطفال و لقد مررت بمشكلة خطيرة حيث تعرض زوجي لحادث مروع في الأسبوعين الماضيين ، ويذكر الأطباء أنه يحتاج إلى إجراء عملية جراحية دقيقة حتى يتمكن من المشي مرة أخرى ولا يمكنني تحمل فواتير الجراحة في ذلك الوقت ذهبت إلى البنك للحصول على قرض ورفضوني قائلين إنني لا أملك بطاقة ائتمان ، ومن هناك ركضت إلى والدي ولم يكن قادرًا على المساعدة ، ثم عندما كنت أتصفح إجابات ياهو ووجدت قرضًا المُقرض السيد إيليا ، الذي يقدم قروضًا بسعر فائدة معقول وقد سمعت عن العديد من عمليات الاحتيال على الإنترنت ولكن في هذا الموقف اليائس ، لم يكن لدي خيار سوى محاولة تقديمه ، ومن المدهش أن الأمر كله كان بمثابة حلم ، تلقيت قرضًا بقيمة 55000 دولار أمريكي وأنا سنويا ييد لعملية جراحية لزوجي وأشكر الله اليوم أنه بخير ويمكنه المشي وهو يعمل والعبء أطول بكثير عليّ بعد الآن ويمكننا أن نتغذى جيدًا وعائلتي سعيدة اليوم وقلت لنفسي سأصرخ بصوت عالٍ إلى عالم عجائب الله لي من خلال هذا المقرض الذي يخشى الله السيد إيليا ، وسوف أنصح أي شخص في حاجة حقيقية وجادة للقرض للاتصال بهذا الرجل الذي يخشى الله عبر البريد الإلكتروني: (loancreditinstitutions00@gmail.com) WhatsApp: +393510483991
    وأريدكم جميعًا أن تصلي من أجلي من أجل هذا الرجل.

    ردحذف