الشاعر العراقي يحيى السماوي: أنا أكتب لأتأكد من أنني لا زلتُ على قيد الحياة

محاورة الشاعر العراقي الكبير يحيى السماوي ليست سهلة على الاطلاق، فهو خزّان معرفة، ومنارة محبة، يمتلك الكلمة الهادفة الصادقة التي لا تتملق، ولا تتمصلح، إذ أن مصلحتها الوحيدة هي خدمة الانسان المعذب في عالم يحكمه مجاهدو الزور وقادة الصدفة على حد تعبيره. واليكم ما قال:

1ـ من هو يحيى السماوي باختصار شديد؟
ج : يحيى السماوي يا صديقي ، هو ابن أمٍّ قروية وأبٍ  بقّال كان يبيع البرتقال والتفاح والخضروات ، طردته أمه من رحمها ظهيرة يوم 16/3/1949 في بيت طيني من بيوت السماوة ، فاستقبل الحياة بصرخةِ ، وهاهو  قد دخل العقد السابع من العمر وما يزال يصرخ احتجاجا ضد لصوص الفرح والعشب والمطر .  

2ـ نجد أن مدينة "السماوة" تحتل مساحة كبيرة في أدب يحيى السماوي. لماذا؟
ج : السماوة هي جنّتي وجحيمي يا صديقي ، فإذا كان العراق أبي ، فإنّ السماوة أمي ... من طين بساتينها صنعت أول دمية في طفولتي ، وعلى أرصفتها الترابية تعلمتُ الحبوَ ، وفي إحدى مدارسها تهجّيتُ أول حروف الأبجدية ، ومن شرطتها نلتُ أوّل صفعة على وجهي ، وفي أحد بيوتها الرطبة قرأت أوّل منشور سري ، وفيها اشتريت بستاناً صغيراً على ضفة الفرات ،  استأمنتُ عليه صديقا  ظننته ملاكاً فاتضح لي أنه كان شيطانا نذلاً  لايملك من نهر الرجولة والصداقة ولو قطرة واحدة ،  فخان الأمانة والشرف   حين باع بستاني عندما   تأكد له أن عودتي الى العراق في ظل النظام الديكتاتوري السابق تعني تعليقي من حبل مشنقة .. 

3ـ في مجموعتك الأخيرة "ثوب من الماء لجسد من الجمر" تناجي مدينة أديلايد" وكأنك تبكي، هل صادرت أديلايد مكان السماوة في قلبك وشعرك؟
ج :  ستبقى مدينة أديلايد نافذة ضوئية في ليل عمري الشديد العتمة  ، ليس لأنني عرفتُ معنى الأمان والإستقرار منذ نصبت فيها خيمتي فحسب ، إنما ولأنّ أمانها يذكّرني دائما بما تحتاجه السماوة وكل المدن العراقية ... ففي أديلايد تمتعتُ بالكرامة المتأصّلة في الإنسان وبحقوق المواطنة التي صادرها مني في وطني الأم الطغاة والمجاهدون الزور والساسة السماسرة وقادة الصدفة . 

4ـ اذا حل السلام في العراق الحبيب، هل تودع أديلايد الى الأبد؟
ج : إذا حلّ السلام في العراق ، وتنظّفت بساتينه من النواطير اللصوص والمجاهدين المضاربين في بورصة التديّن المستعار ، ومن الظلاميين ، فيقينا أن العراق سيغدو فردوساً أرضيا ، وسأودّع أديلايد لأنصب خيمتي في السماوة يا صديقي ... كنت ـ وسأبقى ـ مترقباً هدهد البشرى بمغادرة الوحش خمبابا بستان العراق . 

5ـ سيدني هي مركز الثقل في الحركة الاعلامية والثقافية العربية، لماذا لا تنتقل اليها؟
ج :  القرويُّ المختبئ تحت عباءة مدينيتي المستعارة لا يحبّ الضجيج يا صديقي الشاعر الكبير ... وسيدني مدينة تفيض صخبا وضجيجا بينما أنا في طبيعتي أميل الى الهدوء ... ثمة سبب آخر يجعلني أكثر تعلّقا بأديلايد ، وهو أنّ  عائلتي أحبّت أديلايد وتآلفت معها . 

6ـ لماذا تكتب، ولمن تكتب في زمن قل قراؤه؟
ج : أنا أكتب لأتأكد من أنني لا زلتُ على قيد الحياة ، فبالكتابة أقاوم الموت ، فلا عجب لو وصفتُ نفسي بأنني " كائنٌ يكتب " ، لذا سأبقى أكتب حتى لو  أنّ ما أكتبه اليوم لن يقرأه إلآ القليل اليوم ،  فقد يقرؤه غدا الكثير . 

7ـ نشرت العديد من المؤلفات ونلت الكثير من الجوائز، أخبرنا شيئاً عنها.
ج : سبق لي وحازت مجموعتي الشعرية  " قلبي على وطني "   جائزة الملتقى الأدبي العربي في أبها عام 1992 لأفضل ديوان شعر ... كما حازت مجموعتي " هذه خيمتي .. فأين الوطن ؟ " جائزة مؤسسة ابن تركي للإبداع الشعري برعاية جامعة الدول العربية عام 1998 وحازت مجموعتي " نقوش على جذع نخلة " جائزة البابطين لأفضل ديوان شعر عام 2008 وحزت جائزة جبران خليل جبران عام 2015 وهذا العام كنت من بين الحائزين على جائزة شربل بعيني ، وثمة جوائز أخرى حزتها خلال مسيرتي الأدبية . 

8ـ كيف كان شعورك عندما علمت بفوزك بجائزة شربل بعيني لعام 2016؟
ج : فوزي بجائزة شربل بعيني موضع زهوي وفخاري ـ  ولسببين جوهريين ، أولهما أن لجنة الجائزة  تنتقي الفائزين من خلال منجزهم الإبداعي والإنساني وليس من خلال أسمائهم ، وثانيهما أن الجائزة تحمل اسم شاعر كبير له منجزه وحضوره الفاعل في المشهد الإبداعي العربي والمهجري هو  حمامة المحبة الكونية وعميد شعراء المهجر الأسترالي الشاعر الكبير شربل بعيني . 

9ـ ما هو جديد يحيى السماوي؟
ج : جديدي الذي صدر قبل أيام قليلة هو مجموعتي الشعرية الرابعة والعشرون  " ثوب من الماء لجسد من الجمر " وثمة إصدار جديد قيد التنضيد الان  هو " حديقة من زهور الكلمات " . 

10ـ هل من كلمة أخيرة لأبناء الجاليات العربية في أستراليا؟
ج : أقول لأحبتي أبناء الجاليات العربية في أستراليا : لنكن سفراء المروءة  ومكارم الأخلاق العربية في أستراليا ، فنسهم في إضافة زهور جديدة الى حديقة المحبة الأسترالية ، فهذا الوطن الذي وفّر لنا ما حُرِمنا منه في أوطاننا الأم ، له علينا حقّ الأرض الطيبة على النبات الطيّب . 

CONVERSATION

1 comments:

  1. مفيد نبزو ـ سوريا13 أبريل 2016 في 10:55 م

    عرفنا الشاعر يحيى السماوي كبيرا ً من خلال نصوصه الإبداعية المتميزة بخصوصية ، وهو الذي يزرع الفضاءات بفراشات الثلج ، وهو الذي يغني براءة الطفولة .. كبير برؤاه .. كبير بإحساسه .. حلمه أن تسجع الحمامة فوق نخلة العراق .

    ردحذف