الأديب نزار حنا الديراني في ضيافة مجلة الغربة


أجرى الحوار : الأديب شربل بعيني

الأديب نزار حنا الديراني ولد ي قرية ديرابون - في أقصى شمال العراق وبسبب الحرب الأهلية في المنطقة منذ الستينات انتقل الى بغداد ، وهو خريج الجامعة المستنصرية ( كلية الادارة والاقتصاد ) . 

في بغداد ومنذ منتصف السبعينات انخرط في المؤسسات الثقافية وتبوأ عدة مناصب وعمل في تحرير العديد من المجلات وكانت له برامج ثقافية في عدة فضائيات . تعرفت عليه في الثمانينات وفي مهرجان المربد في بغداد ... وكان لنا معه هذا اللقاء:


: 1ـ استاذ نزار، لقد تبوأت رئاسة اتحاد الادباء والكتاب السريان لمدة تزيد عن سبع سنوات. هل لك أن تخبرنا عن هذا الاتحاد ورحلتك معه؟

هذا الاتحاد تأسس سنة 1973 وفي عام 1982 صدر قرار من الحكومة بدمج جميع الاتحادات الادبية والمراكز الثقافية مشكلة الاتحاد العام لللأدباء والكتاب في العراق ومن خلال ذلك أصبحت عضوا هذا الاتحاد. ووفي عام 2004 توليت عضوية المجلس المركزي والمكتب الثقافي في الاتحاد العام بصفة نائب الأمين العام للشؤون السريانية لغاية 2010 ، وكذلك قد توليت أيضا رئاسة اتحاد الادباء والكتاب السريان منذ عام 2003 ولغاية 2010 وفي جميع فترات ترأسي للاتحاد ، أقام الاتحاد مهرجان برديصان السنوي ومؤتمر الادب السرياني السنوي ومن خلاله كان يكرم العديد من الادباء السريان الذين كان لهم حضور متميز في الساحة الثقافية السريانية ( في العراق ، سوريا ، لبنان ، ايران ، المهجر ) بوسام الأدب السرياني . وكذلك كان يقيم ندوات أخرى ونشاطات متفرقة في العراق وخارجه ولا يزال الاتحاد من بين الاتحادات النشطة والفاعلة في العراق بفضل قيادته النشطة .     

 2ـ أنت أيضاً عضو في اتحاد الادباء العرب. كيف كنت تربط بين السريانية والعربية في الاتحادين؟

فيما يخص اتحاد الكتاب العرب ليس لنا نشاط متميز يخصه ، فانتمائي اليه جاء كوني منتمياً لاتحاد الادباء والكتاب في العراق ، وهذا الاتحاد يضم كل اتحادات الوطن العربي . أما انتمائي لكلا الاتحادين ( السريان والعراق ) ووجودي في مراكز أخرى كجمعية اشور بانيبال الذي توليت رئاسة اللجنة الثقافية لدورتين متتاليتين وكذلك عضواً في الرهبنة الهرمزدية وقبلها في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية وغير ذلك فضلا عن عملي في تحرير عدة مجلات لم أشعر بملل كوني كنت أعمل ضمن هواياتي وتطلعاتي وكلها كانت مساءً بعد الدوام الرسمي وكنت سعيدأ بالعمل في جميعها حيث كانت لي بمثابة الرئة التي أتنفس من خلالها وخاصة كانت ترافق أنشطتها جلسات مرح ولقاء الأصدقاء وخصوصا أثناء المهرجانات التي كانت تستمر ل 3 أيام ( مهرجانات جمعية اشور بانيبال ومهرجانات ومؤتمرات اتحاد الاباء السريان ) حيث كنا بعد انتهاء كل فعالية نجلس في جلسة سمر نناقش فعاليات ذلك اليوم ومن ثم نشرب ونغني و.. 

 3ـ عشت في لبنان مدة من الزمن، على ما أعتقد، كيف كان انطباعك عنه، وعن أدبائه؟

نعم عشت في لبنان للفترة من 16/6/2016 – 7/12/2019 وهي فترة أعتز بها كثيرا ، لاني منذ صغري كنت أحب لبنان وكنت أتمنى زيارته ، فزرته في عام 2013 برفقة زميلة روند بولس – رئيس اتحاد الادباء والكتاب السريان وكانت لنا عدة فعاليات ثقافية ، أما في الزيارة الأخيرة انخرطت في الساحة الثقافية منذ الشهر الأول من وصولي وكنت السبب في اقامة عدة نشاطات ثقافية وشاركت في عشرات الفعاليات هناك من بينها مؤتمر العلامة جبرائيل القرداحي الذي أقيم في الجامعة اللبنانية الدولية ومؤتمر ( جبل عامل مهد السيد المسيح ) الذي أقامته جمعية لؤلؤة وندوات أخرى في مركز الرهبنات والجامعات كجزء من فعاليات اتحاد الادباء والكتاب السريان هناك بالمشاركة مع هذه المؤسسات وكذلك أقمنا ندوة كبيرة في مدينة بشري فضلا عن أنشطة أخرى كانت تقيمها الرابطة السريانية وملتقى المرأة الثقافي وملتقى لقاء و... وتم تكريمي من قبل ملتقى المرأة الثقافي ومجلة ملتا – الكلمة ، كما كنت أحضر وأشارك صباح كل يوم أثنين الجلسة التي يقيمها مركز ناجي نعمان الثقافي ، لذا أعتبر لبنان وطني الثاني بعد العراق وأعتز بذلك ، لقد تعرفت على نخبة طيبة من الأدباء وكنت أحس بفيض محبتهم لي وكانت بيروت مكتضة بالعديد من المنتديات الثقافية لذا لم أمل أبداً في لبنان ، لا بل كانت مرحلة مهمة في حياتي حيث تشجعت لكتابة الدراسات النقدية وأجريت معي العديد من اللقاءات في فضائيات لبنان وفي كل مقابلة كنت أتحدث كثيرا عن حضارة العراق .

 4ـ الآن، أنت تعيش في مدينة "ملبورن" الاسترالية، أخبرنا عن الفروقات المعيشية بين العراق ولبنان وأستراليا؟

الفروقات المعاشية لم أتحسس بها ، في العراق كنت موظفا وفي تلك الفترة كانت الحروب والحصار قد أثقلت كاهلنا ومع هذا كنت أعيش ي خط الوسط ولم أطمح يوما أن أكون تاجرا أو ثرياً ، وفي لبنان ايضا كنت أعيش ضمن خط الوسط معتمداً على ما يتقاضاه ولدي وبناتي من العمل هناك فضلاً عن راتبي التقاعدي من العراق وأيجار داري ، ولا زلت أجد نفسي أعيش في خط الوسط . ودائما معدل المعيشة يقاس على ضوء الدخل والمصروف . في العراق كانت الرواتب قبل 2004 زهيدة الا ان الاسعار رخيصة أما الان وكما في لبنان واستراليا الاسعار والرواتب أعلى .      

5ـ لقد ترجمت مشكوراً بعض قصائدي الى السريانية، ونشرت في كتاب بعنوان "شربل بعيني ومعاناة الغربة" هل وجدت صعوبة في الترجمة، وهل ترجمت لشعراء آخرين؟ 

لم أجد صعوبة في ترجمتها لاني كنت أحسها جزء مني وكنت أتمتع بقراءتها فحال قرائتي للقصيدة كانت تحضر في مخيلتي الترجمة وكأني كنت أكتبها ، الصعوبة تكون عند ترجمة الشعر الكلاسيكي لان الترجمة ستفقد الكثير من الايقاع والذي هو أحد الاركان القصيدة الكلاسيكية وكذلك عندما لا يتلذذ المترجم النص أو لا يستطيع الغور في أعماقه .

نعم ترجمت الكثير من الشعر والقصص العربي لشعراء من العراق ، لبنان ، سوريا ، فلسطين ، اردن ، تونس ، جزائر ، مغرب الى السريانية كما ترجمت من السريانية الى العربية ووجودي في استراليا شجعني لترجمة شعر للاطفال من الاسترالية الى السريانية والعربية وكذلك ترجمت بعض قصائدي من السريانية الى الانكليزية .

6ـ اللغة السريانية إلى أين؟ واللغة العربية إلى أين؟ في زمن مواقع التواصل الاجتماعي، وأنت المبدع فيهما معاً؟

اللغة السريانية هي الآن في المكان الحرج بسبب الهجرة والتشتت في المهجر وعدم وجود لنا دور نشر ومؤسسات فاعلة تملك المال لدعمها فلولا محبتنا وأصرارنا على بقاءها لزالت أو لبقت محصورة الى حد ما . أما العربية فلا ، حيث هناك العديد من الدول تتحدث بها وتنشر ولها العديد من القنوات التي تعمل من أجلها .

 7ـ هجرتك إلى أستراليا.. هل أثرت على نشاطك الادبي، وهل ما زلت تحن الى تلك الديار، حيث مسقط رأسك؟ 

أكيد أستراليا ليست كلبنان أو العراق من حيث توفر الفرص الثقافية ومن الصعب أن نجد تلك الأجواء ومع هذا حال وصولي هنا أنخرطت وساهمت في نشاطات المنتديات الموجودة هنا في ملبورن أو سدني فضلا ما تهيئه الكنيسة من ساحة ثقافية لاستقطابنا وزجنا في أنشطتها من أجل العطاء وقدمت العديد من المحاضرات الثقافية في برامجها الثقافية فشكرا للقائمين عليها .

أكيد أحن الى بلدي ولكن للأسف بلداننا تتراجع الى الخلف مقارنة بدول الغرب فكل من يريد العودة يصطدم بواقع مرير من حيث الخدمات والمشاكل الدداخلية والصراعات العقيمة .

8ـ ماذا يجول في خاطر نزار حنا الديراني الآن، وأنت تقرأ هذا السؤال؟

أشعر بالحنين والعديد من التساؤلات فيما يخص المستقبل لنا ولاولادنا.

9- وجدتك في الفترة الأخيرة منكباً على دراسة النقوش هل لك أن تحدثنا عن ذلك ؟

في عام 2013 حين كنت مشاركا في مؤتمر الدراسات الشرقية في جامعة القاهرة تعرفت على الأستاذ سلمان عبد العزيز الذيب وهو استاذ الاراميات في جامعة الملك فهد وأعطاني مشكورا قرص يحوي العديد من مؤلفاته وحال تصفحي للقرص جذب أنتباهي كتبه عن النقوش الارامية المكتشفة في السعودية فبدأت في قراءتها وتبين لي ان قراءة نقوش المنطقة بحاجة الى قراءتها من جديد وكوني أجيد السريانية وأشتغلت على نشأة الكتابة السريانية والعربية والتي صدر لي ككتاب من قبل دار الفارابي للنشر والتوزيع في العراق – لصالح مكتبة السائح في طرابلس ، بدأت بالقراءة وتبين لي القراءة السريامية هي الأقرب كثيرا للنصوص من القراءة العربية والعبرية وبعد ذلك تناولت النقوش اليمنية والسعودية والتي هي بالخط السبأي ومن ثم درست نقوش مدينة الحضر العراقية ومدينة تدمر السورية والتي نشرت لي هذه المتب الثلاثة من قبل دار أبجد للتوزيع والنشر في العراق وبعدها اشتغلت على النقوش المكتشفة في أثيوبيا وأرتيريا والصومال وكتاب آخر عن نشأة الكتابة من الخط المسماري الى الارامي ( السرياني ، العربي ، العبري ، المندائي ) والسبأي والجيزي وكلاهما جاهز للطبع . 

10-ـ كلمتك الأخيرة لقراء صفحة "لقاء" في موقع الغربة؟

نحمد الله أننا لا زلنا نحن العاملون في المجال الثقافي بخير فعلى سبيل المثال التقينا أنا وأنت وتعارفنا في أواسط الثمانينات في العراق من خلال مهرجان المربد واستمرت المراسلات بيننا وتبادل المؤلفات ولكنها توقفت وقطعت أخبارنا بسبب ظروفنا في العراق وخاصة أبان التسعينات فترة الحصار وعدم امتلاكنا الموبايل والانترنيت ومع هذا كان قلبينا يفيض محبة فتم تكريمي من قبل مؤسستكم وها نحن نتواصل ... تحياتي لك متمنيا لك وللمؤسسة كل الخير


CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق