جولييت انظونيوس شاعرة لبنانية مبدعة متوهجة بكبرياء الشعر، تعزف على أوتار الحروف سمفونية عشق لا تنتهي ، تتميز بفضائية النص وجمالية العبارة ، وروحانية الكلمة، وصوفية الصورة، والمزاوجة بين الحلم والذاكرة ، والروح العابقة بأرز لبنان. كان لي هذا الحوار معها:
أولا: بطاقتك الشخصية ؟
جولييت أنطونيوس من مواليد رشدبين – الكورة – لبنان
أكتب الشعر العامي والفصيح
مجازة في علوم اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية
لي ديوانين شعريين " خطيئتي " و " أغمض عينيك لترى "
ـ حدثينا عن بداياتك، وهل تأثرت باحد؟
بدأت أتعرّف إلى عالم الشعر في سن صغيرة خاصّة أنّ أبي يحب الشعر ويكتبه فتعّلمت منه قطاف الجمال و كأيّ فتاة تدوّن مشاعرها وهواجسها خاصة بعمر المراهقة رحتُ أتهجّأ مشاعري بكتابات صغيرة ثمّ لا أعرف كيف بدأت هذه الكتابات تتحوّل إلى صور ملأت عالمي بالأفكار والأسئلة التي ,لا زلت إلى الآن, أبحث عن أجابات لها .
قراءاتي مختلفة ومتنوّعة بين الرواية والشعر والفلسفة ومن الطبيعي أن يترك كل نوع أدبي أثرا في المخزون الفكري والثقافي لدي لذلك لا يمكنني أن أحدد إسما من مدرسة أدبية معينة .
ماذا تمثل الكتابة بالنسبة لك، وهل لديك طقوس معينة في الكتابة؟
أحبّ الكتابة جدا , قد يظن البعض أنّ الكتابة هروب من الواقع إلى عالم خيالي بينما ذالك العالم بالنسبة لي ,هو هويتي الحقيقية المجرّدة من قيود الزمان والمكان ,عندما أكتب لا أحتاج لشيء خارج ذاتي فالكتابة لا تأبه بربح ولا بجاه ولا تخشى الأسوار المرتفعة والأبواب الموصدة , هي تطهّر نفسي و تلبي حاجتي للجمال الأوّل ,بعيدا عن ابتذالات الواقع ,تغمس ريشتها في أعماق الألم لتنتزع منه سببا للحياة .
_لا أعرف متى تستدعيني فكرة ما , فلحظة الكتابة كالمخاض أو كالموت المفاجئ لا يمكن توقّعها , وربما تأتي في وقت غير مناسب, لكنني أحرص على تلبية ندائها وإعطائها الوقت الكافي, فإذا لم أفعل هجرتني بلا عودة
ما هي الموضوعات التي أخذت حيزًا واسعًا في قصائدك؟
في الأغلب قصائدي وجدانية عاطفية أحاول أن أجد فيها حوارا بيني وبين الإنسان والطبيعة والله والوطن , وحدة لا تتجزّأ تنطلق من رؤيتي الخاصة إلى كل ما هو جميل .
كيف تقيمين الواقع الثقافي اللبناني؟
الواقع الثقافي اللبناني كواقع أغلب محيطه العربي مرتبك يبحث عن دوره ويحاول أن يستعيد موقعه وصلته بمحيطه كما بالعالم
أعتقد أنّ الواقع الثقافي في زمن الإحتكاك الفكري المباشر بين الشرق والغرب والصراعات الكبرى التي نعيشها في عالمنا العربي يعيش صراعه الخاص وهذا لا ينفي وجود بعض التجارب والتيّارات الإبداعية القيّمة التي أثّرت إيجابا في تجديد المنابع الشعرية للقصيدة والإندفاع بها إلى مستوى جيد بشكل عام .
ما رأيك بالتسمية أدب نسوي، وأدب رجالي؟
لا أعرف ما هي أبعاد هذه التسمية أو المفهوم الذي قامت عليه ولكنها بالتأكيد تعكس حجم وعمق العنصرية ولا تمتّ إلى المنطق بصلة لأنها تنطلق من واقع متحيّز وغير منصف في
الأغلب, كما هي الحال في معظم المجالات الأخرى, وبما أنّ الموهبة لا تفرّق بين المرأة والرجل فإن حصر الإهتمام بتجربتها الإبداعية من باب ذاتها الأنثوية الضيق المخاطب للرجل هو إجحاف كبير وانقاص من جوهرها الإنساني .
المرأة كيان مستقل كامل ينبض بالانفعالات والتجارب، وإن كان لأسلوبها بعض الخصوصيّة ,إلّا أنها كأي مبدع رجل تعيش الصراعات الداخلية وتتفاعل مع محيطها الإجتماعي والسياسي والوطني وتحاكي الوجود بحس إبداعي خاص . و ربّما تعكس هذه التسمية حقيقة التمايز الموجود بالأسلوب في تقديم الموهبة ومساحة الحرّية المتاحة للمرأة في صقلها وإبرازها بالشكل الملائم دون حكم مسبق من مجتمع يصنّفها أي ( المرأة ) إنسان درجة ثانية .
أما زال الشعر ديوان العرب، أم أصبح أحد وسائل الابداع الأدبية المتنوعة؟
قد يقول البعض إنّ الرواية أصبحت ديوان العرب الحديث ولكن برأيي الخاص مهما تعددت الفنون الأدبية سيبقى الشعر ديوان الإنسان العربيّ والفن الأصدق في ترجمة تطوّر الجوهر الإنساني وعلاقته الفريدة بالكون .
لا شكّ أنّ الشعر كان منذ العصور الأولى , الفن المؤتمن على تاريخ تاريخ العرب ومآثرهم و قبائلهم وأنسابهم وهو كان الفن الأنسب والأوفى لهذه المهمّة ولكن مع تطوّر الحياة وظهور فنون إبداعية وإعلاميّة مختلفة كان من الطبيعي أن يفقد صفته التوثيقيّة وهذا لا ينتقص من أهمّيته بل يسقط عن كاهله الكثير من الأحمال المادّية الخارجة عن جوهر رسالة الشعر
ومهمّته الحقيقية المتمثلة بالقضايا الجوهريّة والتي تتماهى مع عمق الذات الإنسانية وتطوّرها ومواجهتها المستمرّة مع العالم
ماذا تمثل المفردات التالية في شعرك ووجدانك؟
الوطن:الأم الغربة: الحنين الحب:الحياة الحلم:الغد الحياة: الآخر الأمل: إيمان الوجع:إبداع الجمال: الله الطبيعة: العطاء
من أول من أثار في قلبك الفرح بنقد جميل حول نصوصك وتجربتك الابداعية، متى وكيف كان؟ هل أنت راضية عن كتاباتك، وهل
هناك قصيدة تعتزين بها من بين قصائدك؟
كثر هم من واكبوني ودعموني في بداية مسيرتي الأدبيّة وأعتز بهم جميعا وأخصّ بالذكر الأخ الشاعر السعودي الأستاذ ابراهيم الجريفاني , ولا أنسى أوّل من حثّني على المثابرة بالكتابة وكنت أترقّب دائما رأيه وملاحظاته وهو الأديب والناقد والإعلامي التونسي الأستاذ محمد عيسى المؤدّب الذي أكنّ له كل الإحترام والتقدير وأشكره على تقديمه لديواني الثاني " أغمض عينيك لترى " بقراءة نقديّة أعتز بها, ولاحتفائه بالديوان في الإذاعة التونسية .
الفن بالإجمال يحقق ذاته عن طريق التعبير الموحي والمؤثر وعندما تخرج التجربة الشعورية إلى الورق تصبح ملكا للمتلقي ويصبح له الحق بالرضى أو عدمه أمّا أنا فأسعى إلى تحقيق أثر أو تصوّر ما في نفس القارئ آملة أن تضيف تجربتي إلى رصيده الشعوري والفكري صورة إبداعية جديدة وهذا يرضيني إلى حد ما .لا يوجد قصيدة محددة أعتز بها فكل كتاباتي نابعة من روحي وتمثّل جزء مني .
ما رأيك بالنقد اللبناني والعربي؟
بالرغم من الظروف الصعبة المحيطة بالحركة النقدية العربية في عصرنا الحالي بظل تطور الأنواع الأدبية واختلاف الرؤية حولها أضف إلى ذلك الأزمات والضغوطات الإجتماعية والسياسية والثقافية التي يتعرّض لها الناقد إلّا أن النقد الأدبي لا يزال يحتل موقعا حسّاسا ومؤثرا بين الكاتب والقارئ وبين النص الإبداعي و لا شك أنّه يحتاج إلى المزيد من الإهتمام ليستعيد النقّاد هذه المكانة الأصيلة المرافقة لأي نتاج أدبي في لبنان كما في مختلف الدول العربية وهذا الإهتمام يكون باحتواء المدارس النقديّة المتنوّعة والاهتمام بالدراسات الفردية الإبداعية مع الدراسات النقديّة الأكاديمية الرصينة مما يشكل إضافة حقيقية للنقد الأدبي العربي عامة ويسهم بالكشف عن حالات إبداعية جديدة ويعطي دفعا إيجابيا للحياة الأدبية , وطبعا البركة بكم لتحقيق هذا التواصل النوعي مع القرّاء
أفضّل من النقاد , الجدّي المنحاز لمكنونات النص وجماليته من خلال مبدأ النظر الدقيق والتأمّل العميق للنتاج الأدبي بعيدا عن أي عاطفة ايجابية أو سلبية تجاه المؤلف وأظن أن هذا ما يحفظ مكانة الناقد ويجعل منه في كل زمان ومكان المرجع الأهم لتقدير النّص الأدبي تقديرا صحيحا وبيان قيمته ودرجته الأدبيّة.
الكلمة الأخيرة التي توجهينها للقراء؟
أتوجّه بالشكر للقراء الأعزاء وأتمنى أن يجدوا في هذا الحوار بعض المتعة والإفادة
ولكم أستاذ شاكر فائق الشكر والإحترام
0 comments:
إرسال تعليق