شاكر فريد حسن: "لعل أجمل الإبداعات الفلسطينية وأصدقها تلك التي كتبت وراء القضبان الحديدية والأسلاك الشائكة"
حاوره: أمير إغبارية
في حوار فكري ثقافي مع الكاتب والناقد شاكر فريد حسن، الحاصل على درع المثقف للثقافة والأدب والفن لعام 2013، تحدثنا فيه عن الحركة الثقافية في فلسطين وكيف اثبتت وجودها الحضاري والكفاحي، وتحدثنا عن ثقافة القارئ الفلسطيني وعن دور الإحتلال في طمس الثقافة الفلسطينية، وكيف من الممكن لإتفاقية مثل اوسلو ان تهدم الثقافة في المجتمع، وتطرقنا ايضا الى الاهمال واللامبالاة التي يتلقاها المبدع وكيف ساهمت في توقف العديد من المبدعين عن الكتابة.
شاكر فريد حسن، كاتب وناقد فلسطيني، أحب الكتابة والقرأة منذ الصغر، فتثقف على نفسه وقرأ المئات من الكتب في مختلف المواضيع الأدبية، والنقدية، والفكرية، والفلسفية، والدينية، والسياسية.
كتب في مجالات مختلفة من الشعر والبحث والنقد والتراجم والمقالات السياسية والإجتماعية، وعالج الكثير من القضايا، والمسائل الثقافية، والظواهر الإجتماعية.
نشرت كتاباته في الصحف والمجلات الثقافية والأدبية منها: مجلتي، الشعب، الميثاق، العهد، العودة، القدس، الأيام، الحياة الجديدة، الإتحاد، الجديد، الغد، المسار، الصنارة، كل العرب،العربي، وغيرها من الصحف الفلسطينية والعربية. بالإضافة الى المواقع الإالكترونية المختلفة.
فيما يلي نص الحوار:
*كيف تقيم الحركة الثقافية في فلسطين، وهل تمكنتْ من تصدير رسالة الشعب الفلسطيني؟
- الحركة الثقافية في فلسطين اثبتت وجودها الحضاري والكفاحي وشكلت رافداً طليعياً في النضال الوطني التحريري الفلسطيني في سبيل التحرر والإستقلال،عبرت عن طموحات وأمال شعبنا الفلسطيني وصورت معاناته اليومية في مخيمات اللجوء والتشرد، وحازت على احترام وتقدير أبناء الشعب العربي بعد ان تخطت الحدود والحواجز، ولا تزال صرخة شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش "انقذونا من هذا الحب القاسي" ترن في الأذان . وهذه الحركة ولدت ونبتت وترعرعت في الخنادق وتحت البنادق، وفي ظل الحكم العسكري حيث تشكل أدب وشعر المقاومة الفلسطينية ، الذي كان سلاحا بتارا بإيدي جماهيرنا العربية الفلسطينية التي بقيت في ارضها وتمسكت بوطنها وصانت هويتها، وكان الراوائي الفلسطيني الراحل الشهيد غسان كنفاني من اوائل الباحثين الذين سلطوا الضوء على هذه الحركة الصاعدة.
في تقديري ان هذه الحركة استطاعت تصدير رسالة الشعب الفلسطيني التي تحاكي تحرره وإقامة دولته الوطنية المستقلة فوق ترابه الوطني.
* ما رؤيتك للواقع الثقافي في الداخل المحتل بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام ؟ وهل للاحتلال دور في طمس الثقافة ؟
- الواقع الثقافي في الداخل الفلسطيني تراجع كثيرا بعد اوسلو، وقد اختلط الحابل بالنابل والقمح بالزوان، واصبح هم المبدع ذاته، ولهاثه وراء الشهرة والأضواء الكاشفة، بعد ان كان يتماهى مع قضايا شعبه وأوجاعه صار يتماهى مع نفسه ومشاكله وهمومه الخاصة.
هذا ناهيك عن الإنقسامات في روابط وإتحادات الكُتّاب والأٌدباء التي احدثت اثرا سلبياً على الحركة الثقافية الفلسطينية التي ازدهرت بعد الإحتلال وشهدت نهوضاً لافتاً تجسد في الاعمال الإبداعية الملتزمة التي صدرت عن دور النشر التي تأسست في حينه، إضافة الى كم الصحف والمجلات الشهرية التي تعتني بالأدب والفكر والثقافة.
ولا شك أن للاحتلال دوراً كبيراً في طمس الثقافة بفعل الرقابة العسكرية الشديدة على المطبوعات والاعمال الإبداعية للكٌتّاب والمبدعين الفلسطينيين، عدا عن ملاحقتهم وإعتقالهم والزج بهم في غياهب الزنازين والسجون الاحتلالية، ولعل أجمل الإبداعات الفلسطينية وأصدقها تلك التي كتبت وراء القضبان الحديدية والأسلاك الشائكة.
* المبدع الفلسطيني حبر قلمه جاف ولا يلاقي ادنى اهتمام، ويعاني من النفور واللامبالاة. بماذا تفسر ذلك ؟
- المبدع الفلسطيني كغيره من المبدعين العرب لا يلاقي الاهتمام الكافي من المؤسسات الثقافية ويعاني الإهمال والفقر المدقع، ولا احترام وتقدير له، وكما يقال " لا كرامة لنبي في وطنه"، وللاسف الشديد ان الابداع والثقافة لا قيمة لها في زماننا الحاضر، والكثير من المبدعين توقفوا عن الكتابة بعد ان توصلوا الى قناعة تامة بأن لا جدوى من الكتابة وأنهم ينحتون في الصخر.
* هل ترى أن بين الكاتب والقارئ فجوة ؟ وما حجمها ؟
- نعم هنالك فجوة كبيرة بين الكاتب والقارئ، وهذا الأمر يعود لانعدام ثقافة القُراء، ولذلك فإن الكاتب مطالب برفع وعي وثقافة القارئ من خلال الكتابة التي تتناسب مع ذوقه وإهتماماته.
*ما رأيك بالجيل القادم من الكتّاب الفلسطينين ؟
- الجيل القادم من الكتاب الفلسطينين تنقصه التجربة والنضالية والهوية الثقافية، وتسيطر عليه نزعة النرجسية ولا يتقبل النقد، وهو لم يعش الانتصارات بل عاش الهزائم والنزاعات، ولذلك من الطبيعي أن لا حلم ثوري لديه، وهو مطالب بالتسلح بالوعي النقدي والثقافة الذاتية وقراءة القرأن الكريم ودراسته فهو خير من يهبه اللغة ويثريه بالمعاني ، إضافة الى إكتساب التجربة من المبدعين الذين سبقوهم والتعلم منهم.
* هل ترى أن حركة الأدب الفلسطيني لا زالت تعيش تحت معطيات الحس الثوري ؟
- حركة الأدب الفلسطيني تعيش للأسف تحت الجزر الثوري فالمد الثوري تراجع بفعل اوسلو، ولذلك فإن النزاعات والاشتباكات التي حلت بالعالم العربي انعكست سلباً على الإبداع الفلسطيني بتجلياته والوانه، فبعد ان كان هذا الإبداع مليئاً بالأمل والتفاؤل بالمستقبل الجميل، اصبح علامة الخيبة واليأس والإحباط وإستحالة التغيير والتحول النوعي داخل الجتمع الفلسطيني.
* برأيك لماذا كل من يكتب عن الحقيقة في بلادنا يُحارب من الجميع؟
- الحقيقة مُرة وموجعة، والمبدع الصادق هو من يكتب بصدق ولا يهتم بأقوال الآخرين، فيكتب ويصور الواقع على حقيقته ويحارب من أجل تغييره، وكم من مبدع صادق تم تغييبه ومحاربته بسبب أرائه المغايرة ومواقفه التي لا تتماشى مع المجتمع والناس، ولانه يغرد خارج السرب.
0 comments:
إرسال تعليق