حوار مع الكاتبة وفاء شهاب الدين


مصر


في عالمٍ يتعالى فيه الصخب وتبهت فيه الأصوات، تظل وفاء شهاب الدين واحدة من الأصوات القليلة التي تكتب بالوعي والوجدان معًا. صاحبة طوفان اللوتس وسيدة القمر وغواي ،سندريلا حافية ،تذكر دوما أنني أحبك ،رجال للحب فقط،أورجانزا،مهرة بلا فارس وتاج الجنيات ونصف خائنة، وغيرها من الأعمال التي حفرت لنفسها مكانًا خاصًا في الذاكرة الأدبية المعاصرة. في كتاباتها يمتزج الحلم بالواقع، والجرح بالرجاء، والأنثى بالحكمة القديمة التي تعرف طريقها إلى النور مهما اشتدّت الظلمة. في هذا الحوار، نقترب من عالم وفاء الإنساني والفكري، نحاورها عن الكتابة كخلاص، وعن الأدب كمرآةٍ للروح لا للمجتمع فقط. خمس عشرة محطة تضيء مسيرتها وتكشف سرّ هذا التوازن الجميل بين القوة والرقة في صوتها الإبداعي.


-كيف بدأتِ رحلتك مع الكلمة؟ وهل كانت البداية قدرًا أم اختيارًا؟

الكتابة جاءتني مثل الوحي لا الدعوة، مثل نداء من مكان لا أعرفه، لكنه يسكنني منذ الأزل. كنت طفلة تتهجّى الحروف على دفتر مدرسي، لكني كنت أكتب وكأنني أفرّ من شيء لا أقدر على تسميته. لم أكن أعي أن ما أفعله هو كتابة، كنت أظنّه محاولة للنجاة من الصمت.

ومع الوقت، أدركت أن الكلمة ليست حبرًا على ورق، بل طاقة حياة، وأننا حين نكتب، فإننا نعيد ترتيب فوضى أرواحنا. الكتابة لم تكن لي ترفًا ولا هواية، بل ضرورة تشبه التنفس، ومَن يحرم الكاتب من الكتابة كأنه يمنعه من الأوكسجين.



-من هم الكتّاب أو المفكرون الذين كان لهم الأثر الأكبر في تشكيل وعيك؟

تكويني الأدبي تشكّل من قراءات متناقضة ظاهريًا، لكنها التقت داخلي في نقطة واحدة: البحث عن الحقيقة.

تأثرت بالعقاد في منطقه، وبنجيب محفوظ في قدرته على الإمساك بروح المكان المصري دون أن يفقد عمقه الإنساني، وأحببت أحلام مستغانمي لأنها كتبت المرأة كما هي: قوية ومجروحة في آن. كما أجد في أدب جبران خليل جبران بُعدًا صوفيًا يلامس شيئًا خفيًا فيّ، وفي شعر درويش أتعلم كيف يكون الحزن جميلاً حين يُكتب بكرامة. كل كاتبٍ مرّ بحياتي ترك فيّ أثرًا ما، لكنّ الحياة نفسها كانت أعظم كتبي.


-هل أثّرت نشأتك في ريف كفر الشيخ على رؤيتك للحياة والأدب؟

جذوري الريفية كانت أول معلم لي في الصدق والبساطة. القرية علّمتني الإصغاء، ففيها كان الصمت أبلغ من الكلام، والحكاية تمرّ من فمٍ إلى آخر كأنها إرث مقدس.

رائحة الطين بعد المطر، نساء يغزلن الصبر في صمت، ورجال يحدّقون في النيل وكأنهم يستمعون إلى شيء لا يُقال… تلك المشاهد صارت جزءًا من تكويني، من لغتي، من طريقتي في فهم الناس.

ومن هناك تعلمت أن الجمال لا يحتاج إلى زينة، وأن عمق الإنسان يقاس بقدر ما يحمله من حنين.


-كل عمل من أعمالك يحمل بصمة فكرية وإنسانية. ما الهاجس الذي لا يفارقك أثناء الكتابة؟

هاجسي الدائم هو الإنسان…المرأة بالذات ، لا الإنسان المنتصر، بل المكسور الذي يحاول النهوض. أكتب لأتصالح مع جروحي وجروح الآخرين. في كل قصة أبحث عن منطقة الظل داخل النفس، تلك التي نحاول إخفاءها حتى عن أنفسنا. أحيانًا أشعر أن الكتابة هي طريقة الكون ليقول لنا: افهموا ما مررتم به كي لا تتكرر دوامة الألم. أكتب لأنني أؤمن أن الألم حين يُكتب يتحول من لعنة إلى وعي، ومن ضعف إلى بصيرة.



-كيف ترين علاقة الأدب بالمجتمع؟

الأدب مرآةٌ ناطقة للمجتمع، لكنه ليس مرآة جامدة. الكاتب الحقيقي لا ينقل الواقع فقط، بل يغيّره ببطء، يضع فيه فكرة كالنور تسري في العتمة.

أحيانًا أقول إن الأدب هو صوت من لا صوت لهم، وهو أيضًا ذاكرة الأمم حين تنسى نفسها.

لا أؤمن بالأدب المنعزل عن الواقع، ولا بذلك الذي يلهث خلف ضجيج اللحظة. الكاتب الحرّ هو من يحوّل الوجع العام إلى وعي جمعي.


-روايتك طوفان اللوتس لها مكانة خاصة في قلبك، لماذا؟

لأنها وُلدت من مخاضٍ طويل، كتبتها وأنا على حافة التحول. كنت أتحرر من نفسي القديمة، من خوفٍ ورثته، ومن صمتٍ طال. كل سطر فيها كان عودة إلى ذاتي. فيها ملامح نساءٍ كثر: من صمتن خوفًا، ومن قاومن وحدهن، ومن اخترن النجاة ولو بثمن الغربة.

طوفان اللوتس بالنسبة لي ليست رواية، بل ملحمة عظيمة. كتبتها لأتذكّر أن حتى اللوتس يخرج من الطين، ومع ذلك يزهر نقيًّا.


-تكتبين كثيرًا عن الصدمات والذنب والنجاة، هل هذه الموضوعات وليدة تجربة شخصية؟

في الماضي لم أكن بهذا الوعي كنت اكتب ما تمليه علي مشاعري كنت أتجاهل تجاربي الذاتية وأكتب من الخيال فقط حينما ازداد وعيي قررت أن أسجل تجارب طفولتي في مجموعة قصصية أعكف عليها  بعد أن تعلمت ألا اخجل من تجاربي الشخصية فكل كاتب يكتب من جرحٍ يعرفه، وإن أنكره. أنا أؤمن أن الألم إذا لم يُكتب يظلّ يوجعنا في الخفاء. لذلك قررت أن أواجهه. في مجموعتي القصصية التي تتناول أثر الصدمات الطفولية، لم أكتب عن الألم كضحية، بل كشاهدةٍ على التحول. أردت أن أقول إننا لسنا ما حدث لنا، بل ما اخترنا أن نكون بعده.


-تنوعت كتاباتك بين الرواية والقصة والمقال. كيف تختارين الشكل الأدبي لكل فكرة؟

الفكرة هي التي تختار شكلها بنفسها. أحيانًا تطرق بابي كوميضٍ لا يحتمل الامتداد، فأعرف أنها قصة قصيرة.

وأحيانًا تكبر بصبرٍ كحلمٍ لا يريد أن ينتهي، فتصبح رواية.

أما المقال، فهو المسافة بين الفكر والإحساس، بين ما أراه في العالم وما أراه فيّ.

أنا فقط أستمع إلى الفكرة حين تأتي، وأتركها تقودني كما يقود النهر مجراه.



-هل ما زالت الكاتبة العربية تواجه تحديات في الوسط الثقافي؟

التحدي لم يعد خارجيًا فقط، بل داخلي أيضًا. المجتمع تغيّر، لكن نظرة البعض للكاتبة ما زالت عالقة في قوالب جاهزة.

غير أن المرأة اليوم تكتب لتُغيّر لا لتثبت نفسها. تكتب بوعيٍ جديد لا يعرف الخوف.

أنا أؤمن أن صوت الكاتبة الآن أقوى من أي وقت مضى، لأنه يخرج من التجربة لا من المظلومية.


- كيف ترين المشهد الثقافي في مصر والعالم العربي اليوم؟

المشهد متشابك. هناك أصوات مضيئة تُعيد الثقة بالكلمة، وهناك أيضًا زيفٌ يرتدي ثوب الأدب. لكنني متفائلة رغم كل شيء، لأن الحركة الفكرية تشبه المدّ والجزر، لا تموت بل تتنفس بصمت. ما زال في هذا الوطن من يكتب بدمه لا بحبره، وما زال القارئ الحقيقي يبحث عن المعنى وسط الزحام، وهذا وحده كافٍ ليجعل الأمل ممكنًا.


-لديكِ تجربة مميزة في تحرير السير الذاتية لعدد من الشخصيات، كيف تتعاملين مع هذا النوع من الكتابة الذي يتطلب أن تُعبّري عن حياة الآخرين دون أن تفقدي صوتك الإبداعي الخاص؟

تحرير السيرة الذاتية بالنسبة لي ليس مجرد تدوين لوقائع حياة شخصٍ ما، بل هو رحلة داخل أرواح الآخرين. أتعامل مع كل سيرة كأنها حكاية مقدسة، فيها سرّ إنساني يستحق أن يُروى بصدقٍ وجمال.

حين أكتب عن أحدهم، لا أكتفي بسرد ما حدث، بل أحاول أن أستعيد ما شعر به في اللحظة نفسها — تلك المنطقة التي لا تصلها الكاميرا ولا التواريخ.

هو عمل دقيق يحتاج إلى إنصاتٍ عميق، وإلى قدرٍ من التواضع أيضًا، لأنني أُسلم نفسي لصوتٍ آخر دون أن أذوب فيه.

ورغم أنني أكتب عنهم، إلا أن كل سيرة أحررها تترك فيّ أثرًا، كأن كل حياةٍ أرويها تمنحني جزءًا جديدًا من الفهم.

ربما لهذا السبب أحب هذا النوع من الكتابة؛ لأنه يعيدني في النهاية إلى جوهر الإنسان، إلى الحكاية الأولى التي نحملها جميعًا داخلنا.



-ما الفرق بين كتابة سيرتك الخاصة وكتابة سيرة الآخرين وكيف يختلف إحساسك حين تكتبين عن نفسك مقارنةً بكتابتك عن حياة الآخرين؟

الكتابة عن نفسي أكثر قسوة من الكتابة عن الآخرين. حين أكتب عن نفسي، أكون بلا أقنعة، بلا مسافة تحميني. أضع نفسي أمام مرآةٍ صادقة لا تعرف المجاملة.

أما حين أكتب عن غيري، فأنا شاهدة، لكن حين أكتب عني، أكون المتهمة والشاهدة معًا. في سيرة الآخرين أمارس الحنان، وفي سيرتي أمارس الشجاعة. الأولى تحتاج إنصاتًا، والثانية تحتاج مواجهة. لكن في الحالتين، أبحث عن الجوهر الإنساني، عن تلك اللحظة التي يتعرّى فيها القلب من كل الادعاءات، ويقول الحقيقة كما هي — دون خوفٍ أو زينة. أؤمن أن كل كتابة صادقة عن الذات، هي شكلٌ من أشكال التحرر، وأننا حين نروي حكايتنا بصدق، نمنح الآخرين إذنًا غير معلن ليصالحوا حكاياتهم أيضًا.


-كيف تتعاملين مع النقد؟

أتلقى النقد بوعيٍ لا بانفعال. أعرف أن بعضه يُبنى على قراءة حقيقية، وبعضه على انطباعٍ عابر. النقد الجادّ يضيف لي، أما السطحي فلا يجرحني. تعلمت أن أُصغي دون أن أفقد صوتي. أؤمن أن الكاتب الذي يخشى النقد يخشى الحقيقة، والكتابة بطبيعتها لا تحتمل الخوف.


-هل يمكن للكاتب أن ينضج دون ألم؟

لا، الألم هو معبر النضج، هو الذي يخلخل الغرور ويزرع فينا التواضع أمام الحياة.

الألم علّمني أن أكتب بحنانٍ لا بشكوى، أن أرى في الوجع معنى لا لعنة. أحيانًا أقول إن الله يختار الكُتّاب من بين الأكثر وجعًا، لأنهم الأقدر على حمل الحكايات.


-ما الذي تتمنينه للأدب العربي في السنوات القادمة؟

أتمنى أن يعود الأدب إلى عمقه الإنساني، أن يتخفف من الزخرف ومن اللهاث خلف الأضواء. أريد أن أرى نصوصًا تُنقذ الروح من فراغها، وتعيد للإنسان إيمانه بالجمال والمعنى. أن نكتب لنُشفى، لا لنُبهر.


-ما الرسالة التي تودين توجيهها إلى الجيل الجديد من الكتّاب والمبدعين؟

 أن يكتبوا لأنهم لا يستطيعون الصمت. أن يثقوا بأن الكلمة حين تخرج من قلبٍ صادق تصل ولو بعد حين. أن يقرأوا كثيرًا، ويعيشوا أكثر، فالتجربة هي وقود الإبداع. أن يفهموا أن الكتابة ليست طريق المجد، بل طريق الاكتشاف، وأن أجمل ما في هذا الطريق هو ما نتعلمه عن أنفسنا لا عن العالم.


-بعد كل هذا المشوارالمكون من عشر روايات وقصص قصيرة وكتب للسيرة الذاتية ، من تكون وفاء شهاب الدين اليوم؟

امرأة تصالحت مع جراحها، وتعلمت أن ما يُكسر فينا لا يعيبنا، بل يفتح باب النور. كاتبة تؤمن أن دورها أن تُضيء لا أن تُدين، أن تحب لا أن تكره. أنا لست سوى تلميذة في مدرسة الحياة، أتعلم كل يوم أن الكلمة ليست غاية، بل وسيلة لأن أكون أكثر إنسانية، أكثر رحمة، وأكثر صدقًا مع نفسي ومع العالم.


ما آخر جملة كتبتيها؟

خاطرة صغيرة كتبتها منذ فترة "كنقطة في بحر العمر المائج التقيتك ، ابتسامة نقطة عطر أخيرة تسير نحو بداية الغواية ..إغماضة عين تنتشي بوصل عاشق ..عبق زهرة بيضاء تتحدى المطر ،  لمسة الحرير لجسد يشتاق ،همسة الروح لقلب أتعبه الموات ، ..بريق حب يلوح خلف أمل بعيد ..مستحيل يحدث دون ان نصدق أنه يتكرر ..عيد يأتى بعد يأس وانتظار وانتظاروانتظار


أنت ..لمسة الدفء تتغشى قلب دفن لعمر تحت جليد الوجع ..نسيم يداعب خيال مل التخيل ..أنت ..قلبي"

لقاءٌ صحفيٌّ مع الشاعر ناظم حسُّون

 



     أجرى اللقاء : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه – المغار– الجليل- فلسطين -


مقدمة وتعريف ( البطاقة الشّخصيّة ) :  الاسم الكامل، العمر، الحالة الاجتماعية ، السكن والإقامة، الثقافة والدراسة والتحصيل العلمي، العمل سابقا وحاليًّا، الهوايات والنشاطات والفعاليات ؟؟

ناظم عطاالله حسون، ابن مدينة شفاعمرو، مواليد العام ١٩٦٠ أنهى تعليمه الثانوي في بلده والاكاديمي في موضوع الهندسة الميكانيكية في المعهد التطبيقي التخنيون في حيفا، نسج من الحروف أجنحةً تحلّق في فضاء فلسطين، ينهل من ترابها وذاكرتها، ليكتب تاريخا شعريًّا ممهورا بالوجع والحب والانتماء. قصائده تتأرجح بين الغزل العابق برحيق نزار قباني، والقصيدة الوطنية المشبعة بروح الأرض والوطن والهوية، يكتب القصيدة النثرية والعمودية والتفعيلة، قصائده ملتصقة بشخصيته وعالمه الخاص، شاعر يتقاطع فيه العاشق بالمناضل، يزرع كلماته كما يزرع الفلاح زيتونه، فتنبت صوراً منسوجة بالوجد والكرامة. من "وجه حبيبي" إلى "سجالات ناظميّة"، ومن "مخاض القصيد" إلى "السلام الزائف"، كان قلمه يطرق أبواب الخلود. حتى حين كتب سيرته شعراً، صدح قائلاً:

" أنـا من أرض كـنـعـان،

بـلاد الـمـسجـد الـثـاني،

أنـا الـعربيّ والأقصى،

وهذي الأرض عنواني

وإرثــي مــاثـِـلٌ فـيــهـا        

ولا إرثٍ  لِـــغِـــربــانِ

ومــيــراثــي أُقَـــدِسُــهُ       

بـإنــجــيـلي وقُــرأنــي

ولا حــقٌ لــمـغـتَـصِـبٍ       

بـــتــزويـــرٍ وعـــدوانِ

وسـوفَ تَظل في خَـلَدي      

ومُـعـتـقَــدي وإيــمـانـي"

قصيدته كنبض فلسطين: لا يشيخ، ولا يلين، بل يتجدد كزهر اللوز في ربيعٍ أبدي.


* منذ متى بدأت تكتبُ الشعرَ والأدبَ وكيف  كانت بداياتُكُ الأولى ؟؟

- جواب – 

منذ كنت صبياً يلهو بالكلمات كما يلهو الطير بريشه، تسلّلت القصيدة إلى روحي كهمس غامض من الغيب. لم أتعمد أن أكتب الشعر، بل هو الذي كتبني، واختارني لأكون صوته. كانت بداياتي مثل قطرات المطر الأولى، مترددة لكنها مفعمة بالبشارة، أكتب على هوامش دفاتري وأستمع لصدى داخلي يعلّمني أن للكلمة روحاً وأن للروح جناحين. ومنذ تلك اللحظة، صرت لا أفرق بين أن أتنفس وأن أكتب، فالحياة عندي قصيدة مفتوحة على الدهشة


* هل لقيتَ صعوبات وعراقيلَ في بدايةِ مشواركَ الأدبي ؟؟.

- جواب –

    أكيد وبالطبع، ولكن تلك الصعوبات لم تكن إلا نيرانًا صقلت إرادتي، ورياحًا شدّت أشرعتي نحو الأفق الأوسع. وما كان للعثرات أن تُطفئ جذوة الحلم، بل كانت هي الوقود الذي جعلني أمضي، موقنًا أن الطريق لا يُفتح إلا لمن يؤمن أن الكلمة قدره ومصيره. 


هل هنالك من شجَّعكَ ودعمكَ في بداياتِكَ الأولى ؟؟

جواب 

حين أستعيد بداياتي مع الشعر، أجد أنّي لم أسلك الطريق وحدي. لقد كان هناك من آمن بموهبتي الصغيرة الأصدقاء الذين كانوا يقرؤون محاولاتي الأولى بقلوب رحبة ويحثّونني على المضي قدمًا. لولا دفء تلك الأيادي الممدودة في بداياتي، لما تجرأتُ على مواجهة الخوف ومقارعة الصمت بقصيدة. لقد كانت كلماتهم بمثابة الريح التي دفعت شراع تجربتي الناشئة حتى تبحر بثقة في بحر الإبداع. ولا تزال تلك البدايات محفوظة في دواليب الخزانة والكثير منها لم يرى النور.


* أنت تكتبُ الشعرَ والخواطرَ والمقالات المُتنوِّعَة ..في أيِّ المجالاتِ والألوان الأدبيَّةِ تجدُ نفسك أكثر ولماذا ؟ 

- جواب

     أجد نفسي أكثر في رحاب الشعر الغزلي، فهو المساحة التي منحتني الحرية في بثّ المشاعر وتطريز الحروف بأنفاس العاطفة منذ جيل المراهقة، لقد كان الغزل نافذتي الأوسع للتعبير عن مكنونات القلب ورهافة الروح  بالإضافة لقصائد الاعتزاز بالأرض ونداء الانتماء

وبين الغزل والوطنية وجدت معادلة متوازنة؛ أحدهما يعانق الروح في صفائها، والآخر يوقظها في صلابتها، فكانا معًا مرآتي الأدبية الأصدق.


سؤال 

رصيدُكَ من  الإنتاجِ الشعري والأدبي ..كم كتاب أصدرتَ حتى الآن ؟؟

- جواب 5 – 

رصيدي من الاصدارات حتى الان سبعة اصدارات: 

١) "محمود درويش بعيون فلسطينية خضراء" في العام ٢٠٠٨

٢) "وجه حبيبي" وجدانيات وقصائد نثرية 

٣) "على باب عينيكِ" شعر عمودي وتفعيلة 

٤) "كنتِ أنتِ وكنتُ أنا"  شعر عمودي

ه) "سجالات ناظمية وقصائد اخرى" من مسابقة شاعر العرب في العام ٢٠٢١/٢٠٢٠

٦) "مخاض القصيد"  سجالات شعرية رمضانية بمشاركة نخبة من شعراء العرب

٧) "السلام الزائف" سجالات شعرية رمضانية بمشاركة نخبة من شعراء العرب

٨) "يوميات عاشق"  رواية تحت الطبع


* المهرجاناتُ والأمسياتُ الشعريَّة والثقافية الهامَّة التي شاركتَ فيها – محليًّا وخارج البلاد  ؟؟

- جواب

شاركت بعدة أمسيات شعرية في العاصمة الاردنية عمان وخلال معارض الكتاب في القاهرة والعديد من الامسيات المحلية ومعرض الكتاب في رام الله


* ما رأيكَ في الوضع الموجود على الساحة الأدبية والثقافيَّة الآن  من جميع النواحي ؟؟ 

- جواب

الوضع الأدبي والثقافي الراهن يمكن وصفه بأنه متوازن بين التحديات والفرص؛ فهناك حراك محلي ملحوظ يُبشّر بخير، حيث يبرز شعراء وكتّاب يمتلكون أصواتًا صادقة وتجارب واعدة، أسهموا في إثراء الساحة بنصوص تحمل أصالة ومعاصرة في آن واحد. غير أنّ هذا الزخم لا يخلو من بعض مظاهر التطفّل، إذ يتقدّم المشهد أحيانًا من لا يمتلكون أدوات راسخة، فيشوّشون على الصورة الكاملة. ومع ذلك، يبقى المشهد متفائلًا، إذ يواصل المبدعون الحقيقيون ترسيخ حضورهم، وتظل الثقافة قادرة على التجدد والانتعاش متى ما وجدت الدعم والرعاية


ما رأيكَ في مستوى الشعرِ والادبِ المحلي ومقارنة مع المستوى خارج البلاد ؟؟

 جواب

الأدب المحلي ما زال يتنفسُ بروحٍ متقدة، فبلادنا عبر العصور أنجبت شعراء وكتّابًا تركوا بصمات لا تُمحى في الذاكرة الثقافية. نحن نرى في قصائدهم ومؤلفاتهم مزيجًا من الأصالة والحداثة، حيث تتجاور الحكمة الموروثة مع التجارب الإنسانية المعاصرة. وإذا قارنا ذلك بما يُكتب خارج البلاد، نجد أن المستوى متقارب في العمق والجمال،  

ولا يزال الأدب والشعر عندنا في خير، يُنبتُ أسماءً جديدة توازي كبار الأدباء، ويثبت أنّ كلمتنا قادرة دومًا على التجدد والإبداع.


ما رأيكَ في الإعلامِ المحلي ونزاهتهِ ومصداقيته، وخاصة في تغطية الأخبار والنشاطات الأدبية والثقافيَّة ؟؟

- جواب

الإعلام المحلي في جوهره يُفترض أن يكون مرآة صادقة لنبض المجتمع، لكن الواقع يُظهر أنه غالبًا ما يكون مُقيَّدًا بالرقابة ومكبَّل الأيدي، ما يجعله يفتقر إلى النزاهة والحياد في كثير من الأحيان. وهذا القيد يُضعف مصداقيته، ورغم ذلك، فإن منصات التواصل الاجتماعي فتحت نوافذ بديلة تُعطي للكلمة الحرّة مساحة أوسع، حيث برز إعلام مستقل غير تقليدي أكثر جرأة وصدقًا، وأقدر على إيصال صوت المثقف والمبدع للجمهور مباشرة بعيدًا عن التوجيهات الرسمية.


هنالك شعراءٌ وأدباء ومثقفون كبار وعمالقة ووطنيون  تتجاهلهُم وسائل الإعلام المحلية ، وخاصة السلطوية والصحافة المأجورة ولا تغطي أخبارَهم  ولا تستضيفهم وتجري معهم لقاءات صحفية، وفي نفس الوقت وسائل الإعلام الصفراء هذه التي أعنيها تهتمُّ وتركز الأضواءَ على أشخاصٍ بعيدين كل البعد عن الادب والثقافة والفن والأبداع ...ما  رأيك في هذه الظاهرة ؟ 

 جواب

الإعلام حين يُختطف من قبل السلطة أو المصالح التجارية، يتحول من منبر للحق والجمال إلى أداة للتضليل وصناعة نجوم ورقية. بقاء الأدباء الحقيقيين خارج الأضواء لا يقلل من قيمتهم، بل يكشف قصور الإعلام ذاته. وحده الوعي الشعبي القادر على كسر هذا الحصار بإعادة الاعتبار للكلمة الصادقة والإبداع الأصيل.


*  ما رأيكَ في ظاهرةِ الفوضى والتّسيُّب الموجودة على الساحة الادبية المحليّة وتكريم كل من هيَّ ودبّ ..وإقامة الامسيات والندوات التكريميّة المكثّقة احتفاء بكلِّ كتاب يصدر حديثا يكون دون المستوى، وتكريم أشخاص غريبي الأطوار وشبه اميين ولا توجد لهم اية علاقة  مع الشعر والادب والإبداع، بل لا يعرفون قواعد اللغة العربية وصرفها ونحوها وحتى كتابة الإملاء من قبل منتديات وجمعيات ومؤسسات تدعي خدمة الثقافة والادب..وفي نفس الوقت هذه المنتديات والأطر تتجاهلُ وتُعتمُ على خيرة  الشعراء والكتاب والمبدعين العرب في الداخل، وخاصة الوطنيين والمبدئيين ..وهدف هذه الجمعيات والمؤسسات كما يبدو واضحا هو تدمير الثقافة والادب والفن المحلي الحقيق هو وليس خدة الأدب والثقافة  ؟؟.

 جواب  -

الفوضى والتسيّب في الساحة الأدبية ظاهرة مؤسفة تعكس غياب المعايير الموضوعية وانتشار المجاملات والمحسوبيات. تكريم كل من هبّ ودبّ على حساب الإبداع الحقيقي يُضعف الذائقة العامة ويشوّه صورة الأدب والثقافة، بل يساهم في تهميش المبدعين الحقيقيين الذين يمتلكون قيمة فكرية وجمالية أصيلة.

*  ما رايكَ في جائزةِ التفرُّغ السلطوية التي تُمنحُ كل سنة لمجموعة من الشعراء والكتاب المحليين ..وهل أنت قدَّمتَ لهذه الجائزة السلطوية ؟؟..والجدير بالذكر ان بعض الشعراء والكتاب المحليين ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد هم مقاطعون لهذه الجائزة ولا يقدمون لها إطلاقا لأسباب مبدئية وضميرية . وأنا أحَدُ هؤلاء الكتاب والشعراء المقاطعين ..والجدير بالذكر أن السواد الأعظم من الكتاب المحليين  يقدمون لهذه الجائزة !!! 

 جواب

جائزة التفرّغ السلطوية تثير جدلاً كبيرًا بين الكتّاب والشعراء المحليين. من جهة، قيمتها المادية تشكّل دعمًا مهمًا للكاتب ليستطيع التفرغ للإبداع والكتابة، وهذا ما يجعل السواد الأعظم من الأدباء يتقدمون لها. ومن جهة أخرى، هناك بعد مبدئي وأخلاقي؛ إذ يرى بعض المبدعين أن هذه الجائزة مرتبطة باعتبارات سلطوية قد تُقيد حرية الكاتب أو تُعطي انطباعًا بالاصطفاف مع مؤسسات السلطة، لذلك يقاطعونها كنوع من الموقف الضميري.

موقفك بعدم التقديم صديقي – رغم الحاجة المادية – يعكس قناعة راسخة بضرورة استقلال الكاتب وحفاظه على حريته وكرامته، وهذا خيار صعب لكنه يعبّر عن رؤية مبدئية واضحة.


* هنالك أشخاص عندنا  في الداخل غريبو والأطواء ولا توجد لهم أية علاقة مع الشعر والادب والإبداع ، وحتى أنهم  لا يعرفون كتابة الإملاء وليس فقط  قواعد اللغة العربية ونحوها وصرفها وقد حصلوا على هذه الجائزة بسهولة .وهنالك أشخاص في نفس الوقت لهم أكثر من 50 سنة في مجال  الكتابة والأدب والإبداع  وقد أصدروا الكثير من الكتب والدواوين الشعرية وفي كل سنة يقدمون لهذه الجائزة  ولكنهم حتى الآن  لم  يحصلوا على هذه الجائزة .. ما هو تعقيبك وتعليقك على هذا الموضوع ؟؟!!  

- جواب

ما ذكرته صديقي يُظهر خللًا في معايير منح الجوائز، إذ يبدو أن "الواسطة" والعلاقات تطغى أحيانًا على الكفاءة والإبداع، وهو ما يظلم أصحاب التجربة الطويلة ويُفقد الجائزة مصداقيتها.


* المواضيع والقضايا التي تعالجُها في كتاباتِكَ الشعرية والنثرية ؟؟

-  جواب 

مواضيع كتاباتي الشعرية والنثرية تتناول القضايا الوطنية بما تحمله من هموم الأرض والانتماء، إلى جانب القضايا الاجتماعية التي تعكس نبض الناس ومعاناتهم، كما تحضر موضوعات الرثاء بما تحمله من حزن ووفاء، وقضايا دينية إضافةً إلى ما يتفرع عنها من قيم إنسانية وعاطفية تعكس صدق التجربة وعمق الوجدان.


* لقد سمعتُ أنا من عدة أشخاص ومن عدة مصادر أنك  لا تُجيدُ كتابة الشعر ولست شاعرا، وهنالك من يكتبُ لكَ القصائد الشعرية الموزونة والمُقفَّاة، والذي تكتبهُ أنتَ يكون مُكَسَّرا وركيكا جدا، وهنالك من يُصحِّحُ لك.. وإثبات على ذلك الكلام أن في كل قصيدة لك نجد فيها تناقضات كثيرة ..فمثلا نجدُ لكَ بيتا قويا وجزلا من  ناحية البناء والسبك واللغة وعميقا في معانيه وأبعادهِ  البلاغية والبيانيّة والجمالية  والفنية ..وفي نفيس الوقت نجد بيتا آخر في نفسي القصيدة  ضعيفا ومفككا وكأنهُ ليس شعرا حتى لو أنه يخضع لقيود الوزن .. ما هو تعليقكَ وَردُّكَ على هذه الأقوال؟؟

 جواب 

كنت لا أوَدُّ الاجابة على هذا السؤال، لكن الرد على مثل هذه الأقوال بسيط: الشاعر الحقيقي لا ينشغل برأي العذال ولا يتوقف عند سهام الحاسدين. فالتفاوت بين الأبيات طبيعي في أي تجربة إبداعية، وما يراه البعض "تناقضًا" هو في الحقيقة تنوع في الصياغة وعمق في المعنى. الأهم أن القصيدة تصل إلى القلوب وتترك أثرها. وفوزي بلقب شاعر العرب في السجالات المباشرة هو شهادة كافية على الموهبة والقدرة، ولا يحتاج المبدع بعدها إلى إثبات أمام من ينكر. 


حسب ما نسمعُ  وما نلمسه وما نرى بأعيننا أن السوادَ الأعظم من الذين يكتبون الشعرَ محليًّا ( الشُّويعرون  والشُّويعرات ) لا توجدُ لهم أية علاقٍة مع الشعر والادب، وهنالك من يكتب لهم الدواوين الشعرية مقابل دفع مبلغ مادي.  وفي الآونة الآخيرةِ هنالك بعضُ الشويعرين  إكتشفوا وعرفوا طريقة جديدة للسرقات الشعرية وهي عن طريق العقل الذكي الألتروني في جاهز الموبايل ..وهنالك إثباتات كثيرة لأشخاص لا يعرفون كتابة الإملاء وليس فقط قواعد اللغة والعربية والاوزان الشعرية   ينشرون قصائد شعريَّة  ينسبونها لهم موزونة ومقفاة ..ما هو تعليقك على هذا الموضوع ؟؟ . والجدير بالذكر أن هؤلاء المُتطفلين على الادب والشعر بعد صدور كلِّ كتابٍ أو ديوان شعر جديد لهم وهو ليس من تأليفهم تُقامُ لهم الأمسيات والندوات  المكثفة في العديد من المنديات والمؤسسات الثقافية ( التسكيفيَّة ) ويتحدث عنهم أشخاصٌ يدعون  الأدب والنقد والمعرفة وهم فاقدون للأدب  بالتأكيد  ويمطرونهم بالمديح الرخيص  المبتذل ..ما رأيك في هذه الظاهرة المضحكة والمقرفة في نفسي الوقت .وماذا أنت تقول عن هؤلاء الكتاب والنُّويقدين المُستكتبين الإمَّعات الذين يتحدثون بتوسع عن الشويعرين الذين يسرقون الشعر وينسبونه لهم ويمدحونهم؟؟!!

  جواب

ما أشرتَ إليه هو ظاهرة قديمة بثوب جديد. السرقات الأدبية كانت موجودة منذ قرون، لكن دخول التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي جعلها أكثر سهولة وانتشارًا. المشكلة ليست في الأداة بل في الأشخاص الذين يفتقدون للموهبة والأمانة ويبحثون عن الشهرة بأي وسيلة. هؤلاء "الشويعرون" ومن يصفق لهم إنما يضرّون بالثقافة قبل أن يضرّوا بأنفسهم، فالأدب الحقيقي لا يقوم على الزيف ولا على المدائح الرخيصة. في النهاية، يبقى البقاء للأصيل، وما يسطع من دون موهبة سرعان ما ينطفئ


* ما رأيُكَ في مستوى النقدِ المحلي ومقارنة مع النقد خارج البلاد؟؟

 جواب 

النقد المحلي لا يقل شأنًا عن النقد خارج البلاد، إذ يضم عددًا من النقاد والناقدات أصحاب رؤية عميقة وأدوات تحليلية رصينة. الفارق غالبًا ليس في القدرة، بل في حجم المنابر الإعلامية وفرص الانتشار. من هنا، يمكن القول إن الناقد المحلي قادر على إنتاج قراءة نقدية ثرية تضاهي ما يقدّمه النقاد في الخارج، مع خصوصية إضافية تتمثل في فهمه العميق للسياق الثقافي والاجتماعي المحلي


* لماذا النقاد المحليون (النّوَيقدون ) الذين يعملون في الأطر والمؤسسات السلطوية  وجهاز المعارف لا يكتبون كلمة واحدة جميلة وصادقة بحق كاتب وشاعر وطني صادق  وشريفٍ ونظيف ومبدع محليا ..وفي نفس الوقت هم  يكتبون بكثافة ويكيلون المدحَ فقط لكتاب وشويعرين دون      المستوى المطلوب، وخاصة  لأولئك الذين على شاكلتهم ونوعيتهم الذين  يعملون في الأطر والمؤسسات الحكومية وجهاز المعارف ..ما هو السبب حسب رأيك؟؟ !!...هل مطلوب منهم ذلك وبسياسة موجهة وبأمر من قبل أسيادهم  من الجهات العليا التي وظفتهم وعينتهم  بوظائف عالية في جهاز المعارف والثقافة وفي المؤسسات السلطوية؟؟

جواب

أرى أن التعميم في هذا القول غير دقيق؛ فالنقد المحلي ليس كتلة واحدة متجانسة، وفي المشهد الأدبي هناك نقاد كتبوا بإخلاص عن شعراء وكتّاب وطنيين كبار، وأنتجوا دراسات رصينة أنصفت الإبداع الحقيقي. صحيح أنّ بعض الأصوات تنجر وراء المصالح المؤسساتيّة أو التوجهات السلطوية، لكن ذلك لا يلغي وجود أقلام نقدية نزيهة حملت همّ الكلمة الصادقة ودافعت عنها. فالمسألة إذن ليست مؤامرة مطلقة ولا انصياعاً كلياً للأوامر، بل تباين بين من جعل النقد وسيلة ارتزاق ومن جعله رسالة إبداعية وفكرية نبيلة.


* هالك عدَّةُ إتحاداتٍ وأطر وروابط وجمعيات للكتاب والادباء المحليين ... ما رأيكَ في هذا الإتحاداتِ والأطر من جميع النواحي ؟؟؟

-  جواب

الاتحادات والأطر الأدبية هي بلا شك مظلات مباركة، إذ تشكّل فضاءً حيويًا يمدّ الكتّاب والأدباء بالدعم، ويعزز حضور الكلمة وقيمتها في المجتمع. فهي تعكس ثراء الساحة الثقافية وتنوّع الأصوات والرؤى، وتمنح كل مبدع منبرًا للتعبير والانتماء. غير أنّ كثرتها قد تؤدي أحيانًا إلى التشتّت، وإضعاف قوّة الصوت الجماعي للأدباء، وهو ما يجعل فكرة اتحاد واحد جامع ظلّاً وكيانًا موحدًا، أكثر فاعلية وأشدّ أثرًا في ترسيخ الدور الثقافي وصون مكانة الأدب وأهله.


* أنت كنتَ منتسبا  لإتحاد كتاب محليٍّ  إسمه  إتحاد الكرمل ...لماذا انت انفصلتَ عن هذا الإتحاد مع مجموعة من الشعراء والكتاب  ما هو السبب؟؟!!

 -  جواب

الانفصال عن أي اتحاد أدبي أو ثقافي لا يكون قرارًا يسيرًا، بل هو ثمرة تراكمات من التجارب والمواقف. في اتحاد الكرمل، كما في غيره من الأطر الثقافية، قد تظهر تباينات في الرؤى، أو ممارسات إدارية لا تنسجم مع تطلعات الكتّاب والشعراء. وحين يصبح الاختلاف عائقًا أمام الإبداع الحرّ، أو يُحسّ الأديب أن صوتَه لا يجد صداه في فضاء يُفترض أن يكون حاضنًا للتعددية، يكون الانفصال خيارًا طبيعيًا.

فالغاية الأولى للكاتب ليست الانتماء الشكلي، بل الحفاظ على حرية الكلمة وكرامة القلم. ومن هنا كان الانفصال مع مجموعة من الزملاء تعبيرًا عن رفضٍ لإدارة التي لم تستطع أن تجسّد روح الاتحاد الحقّة: التنوع، والشفافية، والرغبة في دفع الثقافة إلى الأمام.


قبل أكثر من ثلاث سنوات حدث انشقاق كبير أيضا في اتحاد كتاب الكرمل لعدم الرضى عن نتيجة الإنتخابات، وكان هنالك أكثر من أربعين شخصا تركوا إتحادَ الكرمل وتبعهم فيما بعد عددٌ آخر من أعضاء إتحاد الكرمل الذين إنشقوا عنه وشكلوا وكونوا إتحادا جديدا اسمه الإتحاد القطري للأدباء والكتاب الفلسطينيين في الداخل. وحسب رأيكَ أنتَ  لماذا هذا العدد الكبير ومعظمهم أكاديميون وشعراء وكتاب كبار وحاصلون على شهادات الدكتوراة والألقاب الجامعية العالية قد  تركوا إتحاد الكرمل واسسوا أتحادا جديدا ..وهل هم على حق وصادقون في تشكيكهم بنزاهة الإنتخابات لتعيين الإدارة الجديدة في الإتحاد ..وأنَّ معهم كل الحق في الإنشثاق وفي تكوين وتأسيسِ إتحادِ كُتَّابٍ جديد  ؟؟ 

جواب 

ما حدث في اتحاد الكرمل يكشف عن أزمة ثقة عميقة أكثر مما هو مجرد خلاف انتخابي. حين يترك عشرات من الأكاديميين والكتاب اتحاد الكرمل فهذا يعني أن الشكوك في نزاهة العملية كانت جدية بالنسبة لهم. لكن في المقابل، الانشقاق بحد ذاته يُضعف الجسم الثقافي ويمنح الانقسامات اليد الطولى على حساب الكلمة الواحدة. قد يكونون على حق في رفضهم ما رأوه من خلل، لكن الطريق الأمثل كان إصلاح الداخل لا مضاعفة الانقسام. فغياب النضج الديمقراطي والتأثيرات السياسية يزيدان الشرخ اتساعًا. الأمل أن يتجاوز مثقفونا الذاتيات ويجعلوا من الثقافة ساحة وحدة لا ساحة فرقة.


* أنت ومجموعة من الكتاب والشعراء المحليين أسَّستُم منتدى أدبي ثقافي جديد إسمه ( منتدى عكاظ الثقافي ) ..لماذا أسستم هذا المنتدى؟؟..وما الهدف من تأسيسه ؟؟..وما  أهم النشاطات والفعاليات التي يقوم بها هذا المنتدى ؟؟

- جواب 

لقد أسسنا منتدى عكاظ الثقافي إيمانًا بأهمية إيجاد مساحة تجمع المبدعين والمبدعات، ليكون منبرًا للأدب والفكر والثقافة. هدفنا الأساس هو تنمية الحركة الثقافية، وصون الكلمة الهادفة، وإبراز الطاقات الشابة إلى جانب الأقلام المخضرمة.

من أبرز نشاطات المنتدى:

إصدار مجلة فصلية باسم "عكاظ" تُعنى بالشعر والأدب والفكر.

إقامة الأمسيات العكاظية التي تحظى بحضور وتفاعل واسع.

تنظيم لقاءات أدبية وثقافية تعزز الحوار والإبداع.

بهذا نطمح أن يكون المنتدى جسرًا بين الكلمة والمتلقي، وبين التراث والإبداع المعاصر.


* هنالك إنتقادات  كثيرة  نسمعها دائما عن هذا المنتدى من جهات عددية ومفادها أن منتداكم ( عكاظ ) يستقطبُ ويدعو ويضمُّ أشخاصا غريبي الاطوار وليس فقط انهم ليسوا شعراء وكتاب وشبه أميين ولا توجد لهم أية علاقة مع الشعر والادب والثقافة ..ما هو تعقيبك  وردُّكَ على هذا الكلام والنقد اللاذع ؟؟

- جواب

النقد اللاذع لا يثنينا عن رسالتنا، فمنتدى "عكاظ" ليس حكرًا على الشعراء الكبار ولا على النخبة فحسب، بل هو فضاء رحب يجمع المبدع والهاوي، القارئ والداعم، كلٌّ وفق طاقته وحبّه للأدب والفكر. نحن نؤمن أنّ الإبداع لا يولد في دائرة مغلقة، بل يزدهر حين يلتقي المختلفون في تجاربهم وخلفياتهم. ولذا، فبابنا سيبقى مفتوحًا للجميع، لأن الأدب رسالة إنسانية قبل أن يكون لقبًا أو شهادة.


ما رأيكَ في ظاهرةٍ تُسمى الإسهال الادبي، وهي منتشرة كثيرا في الآونةِ الأخيرة محليا..حيث نجد  أشخاصا لا توجدُ لهم أيَّةُ علاقة مع الشعر والادب وكل شهرين اوثلاثة  أشهر يطبعون كتابا او ديوان شعر جديد يكون دون المستوى ...بل هو هبل وترهات وحزعبلات فارغة..وتقام لأولئك المهابيل دائما الأمسيبات التكريمية المكثفة في الكثير من المنتديات والمراكز الثقافية ( التسكيفية ). ويتحدثُ عنهم وعن إبداعهم المزعوم أشخاصٌ يدعون النقد وهم يعملون في الأطر السلطوية والمعارف ويخدمونها  ويحاولون عن طريق الكذب والدجل أن يعملوا من أولئك المتطفلين والدخيلين على الادب والشعر شعراء وكتابا مبدعين ..!! 

جواب 

الإسهال الأدبي كما وصفته ليس إلا ضجيجًا عابرًا يفتقد للجوهر، حيث تُستَنسَخ النصوص بلا روح ولا عمق، وتُرفَع على منابرٍ خاوية يصفق لها المنتفعون. الأدب الحقّ لا يُقاس بعدد الدواوين المطبوعة ولا بعدد الأمسيات المَمْجُوجَة، بل بما يتركه النص من أثر في الوجدان وما يفتحه من آفاق في الفكر. لذلك، تبقى الكتابة الصادقة والإبداع الحقيقي غربالًا يميز الغثّ من السمين، ويصمد أمام زيف الادعاءات، بغض النظر عن جمهور الحضور مهما كانت ثقافته وانتمائه.


*سؤال 24 ) سمعتُ من الكثيرين: أنَّكُم في منتدى عكاظ قبل فترة ليست 

 طويلة قد قُمتم بتكريم شخصٍ نكرةٍ ومنبوذ اجتماعيا وهو يضمُّ ويحوي كلّ الصفاتِ السلبية التي لا يُحسدُ عليها من :

نذالةٍ وانحطاط أخلاقيٍّ وَخُُلقيٍّ وحقدٍ ولئم وغدر وعمالة...وهو من

ناحية الكتابةِ والإبداع دون المستوى. وبالنسبةِ لثقافته لم يكمل دراستَهُ

وتعليمَه للمرحلةِ الابتدائية. والسواد الأعظم من مجتمعنا يحتقرُهُ وينبذهُ

ولا يتعاملُ معه إطلاقا ، وخاصة الوسط الثقافي والأدبي لأجلِ انحطاطه

في كلِّ المجالات والجوانب.. لماذا أنتم قمتم بتكريم هذا الشخص النَّكرة

والإمَّعة الحقير وغريب الأطوار الذي يكرهُهُ ويحتقرُهُ وينبذهُ جميعُ أفراد

المجتمع ..وعندنا في نفس الوقت محليا العديد من الشعراء والكتاب

الكبار والمبدعين والوطنيين والانقياء والشرفاء ؟؟.. إنَّ تصرفكم هذا

جعل العديدَ من الكتاب والشعراء المحليين المبدعين والوطنيين والشرفاء

يبتعدون عنكم ولا يتعاملون مع منتدى عكاظ إطلاقا وأولهم أنا ؟؟!!

   -  جواب  - لم  يجب على السؤال ؟؟!!!!


إن الشعراء والكتاب الكبار المبدعين والوطنيين الصادقين والشرفاء والانقياء محليًّا وفي طليعتهم أنا ( د.حاتم جوعيه ) والذين  يشهد لهم القاصي  والداني – محليا وعربيا وعالميا بمستواهم الإبداعي المميز وبنقائهم  الأخلاقي والإنساني  وبوطنِيَّتِهِم  الصادقة...هؤلاء يرفضون المشاركة في النشاطات والفعاليات التي تقوم بها المنتديات والأطر المحلية المشبوهة والمأجورة والعميلة .. ويرفضون إطلاقا أن تقامَ لهم أمسياتٌ تكريمية  إحتفاءً وإشهارا  لكتبهم ودواوينهم الشعرية الصادرة، ويرفضون كلَّ الرفض أن يتحدثَ عن أعمالهم وإنجازاتهم  وروائعِهم الأدبية والفكرية والشعرية نُويقدون محليون  متخاذلون وإمَّعاتٌ وعملاء وأذناب سلطة يعملون في المكاتب والمؤسسات السلطوية وجهاز المعارف . وهدفُ هؤلاء النُّوَيقدين العملاء  والمدسوسين كما هو معروف وواضح للجميع هو خدمة أسيادهم وتزوير التاريخ الادبي والثقافي المحلي  وتشويه المشهد الثقافي المحلي ..ماذا هو  تعقيبك على هذا السؤال الواضح والصادق والجريء ؟؟

رد-

كلامك يحمل غيرةً صادقة على المشهد الثقافي ونقاء الإبداع، وهو موقف مفهوم تجاه التبعية والسطحية. ومع ذلك، النقد الأدبي الجاد له دوره المهم في إضاءة النصوص وتقديم قراءات تثري القارئ وتفتح آفاقًا جديدة أمام المبدع. ليس كل النقاد سواء؛ فبينهم من ترك بصمات واضحة وأسهم بصدق في خدمة الأدب والثقافة. الأجمل أن يظل الإبداع هو المعيار، وأن يُترك الحكم للناس والتاريخ.


– هنالك شاعر محلي كبير من الشعراء الوطنيين العمالقة المخضرمين  والذي ما زال على قيد الحياة بعد رحيل العمالقة الكبار سنًّا وإبداعا يقول : (  إذا أنا وهو متنا  ورحلنا عن هذه الحياة )  بالإضافة إلى ثلاثة أو أربعة شعراء غيرنا سينتهي الشعر المحلي، وخاصة الشعر الوطني الإبداعي المقاوم ..لأن معظم الشعراء والكتاب المحليين انجرفوا وغرقوا في مستنقع التطبيع وابتعدوا كليا عن القضايا  والمواضيع الوطنيّة  والسياسيَّة الهامَّة وقضايا شعبهم وأمتهم المصيريّة وابتعدوا عن الإبداع الحقيقي ..ما رأيُكَ في أقوال هذا الشاعر الوطني الكبير؟؟

-  جواب –

أرى أن مقولة هذا الشاعر "الكبير" تحمل شيئًا من المبالغة النرجسية. فالإبداع ليس حكرًا على جيل أو فرد، بل هو نهر متجدد ما دامت الأمهات تلد وما دام في الأمة روح مقاومة وحبّ للحرية. نعم، هنالك أزمة في المشهد الثقافي مع انزلاق بعض الأقلام نحو التطبيع والابتعاد عن القضايا الوطنية، لكن بالمقابل هناك أصوات شابة صادقة وملتزمة ما زالت تنسج شعرًا وطنيًا حيًا نابضًا بالوجع والأمل.

فالمقاومة لا تنطفئ، والإبداع لا يموت، بل يتجدّد مع كل جيل.


سؤال – من مِنَ النقاد والأدباء المحليين  كتبَ عنكَ وعن دواوينك الشعرية الصادرة ؟؟

هناك العديد من الأقلام النقدية والأدبية تتبّعت مسيرتي الشعرية ، مثل: الشاعر عبد الرحيم شيخ يوسف، كما خصّني الناقد الألماني من أصول سورية فادي سيدو بقراءة عميقة في أعمالي. ولم يفت البروفيسور لطفي منصور أن يضيء جوانب أخرى من نصوصي، كما أبدت الناقدة نافلة عامر اهتمامًا بالغًا بتجربتي. كذلك كتب عني الباحث والكاتب الدكتور محمد خليل، والناقدة إيمان مصاروة والتي قامت بإصدار كتاب دراسة عن ديوانين إلى جانب أسماء كثيرة من أهل الأدب والفكر الذين أنصفوني بقراءات متنوّعة ورؤى متباينة. غير أنّ المقام لا يتّسع لذكر جميع الأسماء، وأكتفي بالإشارة إلى هذه الكوكبة التي شكّلت محطات مضيئة في مساري الإبداعي.


سؤال -  ما رأيُكَ في مصطلح  أدب  ذكوري وأدب نسائي؟؟.. وهل صحيحة هذه التسمية ؟؟


في تقديري، تقسيم الأدب إلى "أدب ذكوري" و"أدب نسوي" ليس تسمية دقيقة، لأن جوهر الأدب لا يرتبط بجنس الكاتب، بل بقيمة النص وما يحمله من رؤية وجماليات فكرية وفنية. الأدب في حقيقته هو صوت إنساني شامل، يعبّر عن التجربة الوجودية للإنسان، رجالًا ونساءً، بعيدًا عن التصنيفات الضيقة. فالمعيار الأصيل للحكم على النصوص هو عمقها، صدقها، وأثرها في القارئ، لا هوية صاحبها.


سؤال – أنتَ كتبتَ  الكثير من القصائد الغزلية ...هل قصائدُكَ واقعية  وحقيقية وأن ما تكتبهُ أنتَ هو حقيقة وينطبقُ على حياتك وشخصيتك في الواقع.. وانَّ قصائدكَ الغزليّة هي لنساءٍ وفتياتٍ حقيقيَّاتٍ موجودات في الواقع وليس في الخيال واحلام  اليقظة  ويبادلنكَ الحبَّ والغرام ...أم أن جميع ما تكتبه من قصائد غزليَّة هو مجرد وهم  وخيال وكلام في كلام.. وأنك أنتَ في واد وفي عالم والحب والنساء والحسناوات في واد وفي عالم آخر كمعظم الشعراء المحليين الذين  يفتقرون إلى الوسامة والجمال والرومانسية  والشجاعة  والصدق والإقدام  والذكاء  ولكل المقومات والميزات والآلاء الهامة التي يجب أن تكون متوفرة في الرجل الكامل المثالي، وخاصة الشاعر والفنان  لكي تنجذبَ إليهِ النساءُ والفتيات وتعشقه.. مثل إمرئِ  القيس  وعمر بن أبي ربيعة ونزار قباني  وشاعر محلي لا داعي لذكر اسمه وأنت  تعرفه جيدا.. ؟؟

جواب -

سؤالك عميق جدًا ويدخل في جوهر العلاقة بين الشاعر وشِعره. في الحقيقة، ليس كل ما يكتبه الشاعر انعكاسًا مباشرًا لحياته الشخصية. أحيانًا يكون الغزل نابعًا من تجربة واقعية، وأحيانًا أخرى يكون محض خيال، أو إسقاط وجداني، أو حتى تصوير جمالي للحب كما يتصوره هو.

الشاعر قد يكتب عن امرأة موجودة في حياته فعلًا، وقد يكتب عن امرأة متخيلة تمثل له رمزًا للجمال أو الحلم أو الحرية. كثير من الشعراء – مثل امرئ القيس وعمر بن أبي ربيعة ونزار قباني – كما ذكرت، مزجوا بين الواقع والخيال، فكان شعرهم يجمع بين التجربة الحقيقية والرمزية الفنية.

القصيدة الغزلية ليست بالضرورة اعترافًا شخصيًا، بل قد تكون لوحة فنية يرسمها الشاعر بالكلمات. وبالتالي، لا يمكن الحكم على صدق شاعر أو رومانسيته أو شجاعته فقط من خلال نصوصه. الشعر مساحة أوسع من مجرد يوميات واقعية، إنه عالم يفتح أبوابه للحلم، للخيال، وللتعبير عن مشاعر ربما لم تحدث في الواقع لكنها صادقة في وجدان الشاعر.


سؤال – هل لك هواياتُ ومواهب أخرى غير الشعر والأدب ؟؟

- جواب –

حين يُسأل المرء عن هواياته، كأنما يُستدرج للكشف عن الأجنحة الخفية التي تُحركه في رحلة الحياة. نعم، الشعر والأدب يملآن الروح سحرًا، لكنني أجد في القراءة عالماً آخر، أفتح فيه النوافذ على عوالم لا تنتهي، أُخصص لها أوقاتًا أتنقل فيها بين الفكر والمتعة. أما السفر، فهو نَفَس الروح حين يضيق الأفق، سواء كان برحلات منظمة أو مغامرات شخصية، داخلية أو خارجية، إذ يمنحني لذّة الاكتشاف وتجديد النظرة للحياة. وأجد متعةً خاصة في متابعة المسلسلات الثقافية، فهي رحلة معرفية تُشبه السفر، لكن عبر الشاشة، تأخذني إلى ثقافات وتجارب تُثري عقلي وتُغني وجداني.


سؤال – هل أنت  تحبُّ الموسيقى والغناءَ ومن هم المطربون المفضلون لديكَ  ؟؟

- جواب –

بكل تأكيد، فالموسيقى حياة الروح، تنفخ في قلمي أنفاس الإبداع، وتمنحني شغف الكتابة. ولا شيء يوازي سحر صباحٍ تُعطره أنغام فيروز، أو مساءٍ يكتسي بعبق صوت أم كلثوم الذي يرافقني في كل الأوقات."


سؤال – هل أنت تحبُّ السفر والنزهات والطبيعة والبحر ؟؟  

- جواب –  

البحر يا صديقي... وما أدراك ما البحر!

هو ملهمي الأول، وملاذي الأجمل، أسرح على شواطئه وأترك أفكاري تتماوج مع أمواجه. هناك، حيث يمتزج الأفق بزرقة السماء، أجد نفسي أكتب وكأن البحر يهمس لي بالكلمات، فيغدو وقت فراغي رحلة إلهام لا تنتهي


سؤال – أكثر مكان تحبُّ أن تكون موجودا فيه دائما  ؟

- جواب – 

لو سُئلتُ عن أحبِّ مكانٍ تأوي إليه نفسي، لقلتُ بلا تردّد: مكتبتي، فهي مملكتي الصغيرة، وملاذي الأثير، حيث أتنفّس عبق الكتب، وأغتسل بروح المعرفة، وأحيا بين السطور حياةً أخرى أوسع من حدود المكان. هناك، بين رفوفٍ تعانق الحرف، أقضي أزهى لحظاتي قارئًا ومطالعًا، كاتبًا وحالمًا، كأنّ الزمان يتباطأ احترامًا لجلال الكلمة، وكأنّ العالم بأسره يتسع لي بين دفتي كتاب.


سؤال -  أفضل الساعات والأوقات لديكَ لكتابة الشعر .. ولماذا ؟؟

- جواب –

ليس للشعر موعدٌ يطرق فيه الأبواب، ولا ساعةٌ معلومة يطلّ منها الإلهام؛ فقد يأتيني همس القصيدة وأنا غارقٌ في سبات، فأفيق لأدوّن الفكرة وأعود إلى نومي، وقد يزورني صباحًا مع أول خيوط الفجر، أو ظهرًا حين يسكن الضجيج، أو مساءً حين يتهادى الصمت. إن الإلهام، يا صديقي، كطائرٍ حرّ لا يقيّده وقت، يحطّ حيث يشاء، وعلينا أن نفتح له القلب متى جاء.


سؤال – هل انت رومانسيُّ ؟؟..لأن معظم الشعراء ( الشويعرين والشُّويعرات ) المحليين كما يبدو يفتقرون كليا  إلى الرومانسية ..وماذا تعني  لك كلمة رومانسي ؟؟

- جواب –

أما عن سؤالك: هل أنا رومانسي؟

فالرومانسية عندي ليست صفة عابرة أو نزعة مؤقتة، بل هي حالة وجودية تتنفَّسها الكلمات قبل أن تسطرها الأقلام. الشعر في جوهره فعلٌ رومانسي، لحظة انصهار بين الروح والخيال، بين الحلم والواقع.

وأنا، كشاعر غزلٍ، عشت عمري أتنفس الحب وأسكب أنفاسي على الورق. قصائدي ليست مجرد أبيات، بل مرايا لوجدٍ شفيف، ووشوشات لقلب غارق في الرومانسية حتى الثمالة. كل بيت أكتبه هو غمزة عاشق، وكل صورةٍ أستحضرها هي لمسة يدٍ مرتجفة أمام جمالٍ يفيض سحرًا.

فالرومانسية بالنسبة لي ليست كلمة، بل حياة كاملة؛ هي الجسر الذي أعبر به نحو المعنى، والنافذة التي أطل منها على الجمال، واللغة التي يتهجَّاها قلبي قبل لساني.


سؤال – ما هي رسالتكَ وآيديلوجيَّتكَ  في الحياة ؟؟

- جواب –

رسالتي في الحياة هي ذلك الإرث النبيل الذي توارثته من آبائي وأجدادي؛ إرثٌ من القيم والمبادئ العريقة التي أحملها في قلبي، وأسعى إلى تجسيدها في كل فعلٍ وخطوة، وفي كل قرارٍ وصوت.

أما أيديولوجيتي فهي المسير بثباتٍ في دربٍ شريف، دربٍ وطنيّ يعلو فيه الرأس، وتزهر فيه الكرامة، لأبقى دائمًا شامخًا أمام نفسي وأمام الدنيا.


سؤال – البرج ، اليوم المفضل ، والعطر المفضل ..والشاب المفصل  والاكلة المُفضَّلة  لديك  ؟؟

- جواب –

البرج - الدلو

اليوم المفضل - السبت لقاء البنات والاحفاد 

العطر المفضل - ديور 

الأكلة المفضلة - الأسماك

سؤال – كلمة أخيرة تحبُّ أن تقولها في نهاية هذا اللقاء؟؟

- جواب –

سؤال – كلمة أخيرة تُحبُّ أن تقولها في نهاية هذا اللقاء؟؟

 آمل أن أكون قد وفّقت في الإجابة على أسئلتك، حتى تلك التي حملت شيئًا من الإحراج، بما ينسجم مع منطق العقل وأدب الحوار. وأؤكد لك أنّني لم أكتب إلا ما أملاه عليّ ضميري الحي، بكل صدق وإخلاص، ساعيًا أن أقدّم لك ما يليق بثقتك وما يعكس شرف الكلمة وأمانتها. 

 وشكرا جزيلا لك صديقي العزيز الشاعر والإعلامي القدير  الدكتور حاتم جوعيه على هذا اللقاء المُطوَّل الذي أجريته معي.


المرأة وتأصيل الجرأة: لقاء مع الاستاذة ايمان اليوسفي


سبتة : مصطفى منيغ


المرأة من أكبر النِعم متى أدرَكَت قيمتها وتعلَّمت ما يجعلها نبراس حياة ، منها تبتدئ عبقرية أمة ومعها تتقدم هبة دولة وبمرافقتها تضاف كقيمة لأية قيمة يحضنها أصفياء تقاة ، ومهما تواجدت على هذا النمط بعقل مشحون بالعلم المنقوش للصمود على الصَّفَاة ، وقلب خافق بالإيمان العميم على القياسات المحسومة مستوفاة ، وفكر صافي بسمات الابتكار ذي القصد السليم المتكامل المراعاة ، أصبح للمجتمع قاعدة ارتكاز بغير محاباة ، من سار على سمكها فاز ، سالكا غير المَسْلُوك  بامتياز ، مهما كان الخطو بطيئا واصل صاحبه لما يَرضَى أو لتسريع مسعاه قفز ، بمثل المرأة تتحقق الديمقراطية في تدبير الشؤون الإنسانية ، العامل الأساس في خلق مؤسسات دستورية حقيقية ، بضبط الأحزاب السياسية على تقبُّل النبوغ الأنثوي المُشبع باللطف الدبلوماسي ، وأخلاق القيم المحترِمة لحقوق الإنسان ، والتحدث بلغة التفاؤل المبني على إصلاح حاضر الواقع بأسلوب تمكين الكفاءات النسوية من وظائف قيادية ، لها الطموحات المشروعة لمنح المستقبل ما يتطلبه من شروط ، منها الوفاء في تحمل المسؤوليات على الوجه الأكمل ، والإخلاص للمبادين ومنها  المغرب الحر بالحرائر والأحرار على حد سواء ، وتوزيع الواردات الوطنية على جميع مكونات الوطن .


... في المغرب نساء يتشرف بهن ، على درجة عالية من الأخلاق ، ومرتبه علمية سامية ، وحضور ايجابي مؤثر ، مصدر توقير وتقدير ، منهن الأستاذة إيمان اليوسفي من مدينة مكناس التي أجريت معها الحوار الصحفي التالي :      


مصطفى منيغ:  الأنتى وصلت في المغرب حدا من الوعي والرقي ما جعلها تحظى للتتبع من طرف المختصين الاجتماعين عبر العالمين العربي والغربي ، وحتى نعطي الفرصة لهؤلاء حتى يتمكنوا من صقل معرفتهم في الموضوع أكثر وأزيد ، فكرت أن اتخذك نموذجا مشرفا لتلك الأنثى المثقفة الواعية الملمة بما يحدث حولها والعالم ، والبداية تكون بالتعريف عن نفسك بنفسك .


أيمان اليوسفي : الاسم: إيمان اليوسفي


مدينة المنشأ مكناس، المغرب ، من أحياء مكناس العريقة، بدأت رحلتي، حافتها الطموح وشحذتها الإرادة. في كنف المدرسة العمومية، التي احتضنتني منذ سنواتي الأولى، من مقاعد الابتدائية، مرورًا بصفوف الإعدادية والثانوية، وصولًا إلى رحاب الجامعة، تشكلت شخصيتي الأكاديمية. كانت كل مرحلة في هذه المؤسسات منارة تضيء دربي نحو شغفي بالعلم والقانون. لم تكن مكناس مجرد نقطة بداية، بل كانت منبعاً لأساس تعليمي متين سمح لي بالتحليق خارج أسوارها. انتقلت إلى مدينة فاس لأُعمق معرفتي، حيث تخصصت في ماجستير قانون الأعمال الدولي، فكان ذلك بمثابة جسر ربطني بالعالم الأوسع، ومنحني فهماً أعمق للقوانين التي تُسيّر التجارة والعلاقات الدولية. وبعد ذلك، وجهتُ وجهتي نحو مدينة وجدة، لأتوج مساري الأكاديمي بإتمام أطروحتي في القانون، وهي محطة علمية فارقة تتطلب الكثير من الجهد والمثابرة. هذا المسار الأكاديمي الثري لم يكن مجرد تنقل بين المدن، بل كان رحلةً لبناء الخبرة العملية التي أردتُها أن تكون في صلب عملي. لقد انخرطتُ في المهن القضائية، فكانت تجربة عملية فريدة سمحت لي بالتعمق في تطبيقات القانون على أرض الواقع. كما كان لي شرف التدريس في الجامعة كأستاذة زائرة، وهي تجربة أعتز بها كثيراً، فقد سمحت لي بنقل المعرفة والشغف إلى الأجيال القادمة من طلبة القانون. هذه الرحلة، بكل محطاتها وتحدياتها، لم تكن سهلة أبداً. لكن إيماني بأن كل خطوة هي فرصة للنمو والتعلم جعلني أواصل المضي قدماً، لأثبت أن الطموح لا يحده مكان ولا مسار.


مصطفى منيغ : ما قولك في مستوى الأنثى المعتمدة على نفسها لفرض وجودها الإيجابي داخل المجتمع المغربي ؟ .


   أيمان اليوسفي :  إن مستوى الوجود الإيجابي للمرأة المغربية المعتمدة على نفسها هو ظاهرة مبهرة ومتصاعدة باستمرار، وتُشكل أحد أهم محركات التغيير الاجتماعي العميق الذي يشهده المغرب. لم يعد الأمر مقتصراً على حالات فردية، بل تحوّل إلى تيار مجتمعي واسع، حيث أثبتت المرأة المغربية أنها ليست مجرد مستهلك أو تابع، بل شريك كامل وفاعل في كل مستويات التنمية. هذا الوجود الإيجابي يتجلى في ثلاث ركائز أساسية متكاملة: الاستقلالية الاقتصادية، الفاعلية الاجتماعية، والتأثير السياسي.


     أولاً، الاستقلالية الاقتصادية هي حجر الزاوية الذي بنى عليه هذا الوجود الجديد. بفضل ولوجها المتزايد للتعليم العالي والتدريب المهني، أصبحت المرأة المغربية قادرة على اقتحام قطاعات كانت حكراً على الرجال، من الهندسة وتكنولوجيا المعلومات إلى الطب والقضاء. لقد برزت ك ريادية أعمال ناجحة، تُطلق مشاريعها الخاصة وتُساهم في خلق فرص عمل، سواء في المدن الكبرى أو في القرى والمناطق النائية حيث تُشرف على تعاونيات فلاحية أو حرفية. هذه الاستقلالية المالية منحتها قوة قرار داخل الأسرة والمجتمع، وحررتها من التبعية، ما مكنها من المساهمة بشكل فعّال في تحسين جودة حياة أسرتها وتوفير تعليم أفضل لأطفالها.


    ثانياً، الفاعلية الاجتماعية هي الوجه الآخر لهذا الوجود. فبفضل وعيها المتزايد بحقوقها وقضايا مجتمعها، أصبحت المرأة قائدة في المجتمع المدني، تُدافع عن حقوق الإنسان، تُحارب العنف ضد النساء، وتعمل على تعزيز القيم الإيجابية. لقد أسست جمعيات ومؤسسات تُقدم الدعم النفسي والقانوني للنساء، وتُطلق حملات توعية حول الصحة، التعليم، والمواطنة. هذه الفاعلية جعلت منها صوتاً قوياً ومسموعاً داخل المجتمع، قادراً على الضغط من أجل الإصلاحات وتغيير العقليات البالية التي كانت تُعيق تقدمها.


    ثالثاً، التأثير السياسي يُشكل تتويجاً لهذا المسار. بفضل الإصلاحات الدستورية والقانونية، بما في ذلك نظام "الكوتا" النسائية، ارتفعت نسبة تمثيل المرأة في المؤسسات المنتخبة، من المجالس البلدية إلى البرلمان. لم يعد وجودها رمزياً، بل أصبحت صاحبة قرار تُساهم في صياغة القوانين والسياسات العامة التي تُعنى بقضايا الأسرة والمجتمع. هذا الحضور السياسي يُعطيها الفرصة لترجمة طموحاتها في المساواة والعدالة إلى واقع ملموس، ما يُعزز مكانتها كشريك أساسي في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.


    على الرغم من هذه الإنجازات، لا يمكن إنكار وجود تحديات قائمة. فالعقليات التقليدية، والتمييز في بعض القطاعات، والعبء المزدوج للمسؤوليات، لا تزال تُشكل عوائق. لكن إصرار المرأة المغربية على المضي قدماً يُظهر أن هذه الصعوبات ليست إلا حافزاً إضافياً لها. إن وجودها الإيجابي ليس مجرد مكسب لها كفرد، بل هو ثروة حقيقية للمجتمع ككل، تُساهم في خلق مجتمع أكثر توازناً، عدلاً، وازدهاراً.


مصطفى منيغ : هل الأنثى حاصلة على حقوقها كاملة أم الطريق لتحقيق ذلك لا زالت طويلة ؟ .


أيمان اليوسفي : إن القول بأن المرأة حصلت على حقوقها الكاملة هو إقرار سابق لأوانه، بل هو بعيد كل البعد عن الواقع في غالبية مجتمعات العالم. فالمسيرة نحو المساواة الكاملة والفعّالة، رغم كل الإنجازات المحققة، لا تزال طويلة وشاقة، وتتطلب تضافر الجهود على مستويات متعددة. لقد تم قطع أشواط مهمة، فمنذ عقود، كانت حقوق المرأة في التصويت، والتعليم، وامتلاك الممتلكات حلماً بعيد المنال في كثير من الدول، لكن بفضل النضالات المستمرة، أصبحت هذه الحقوق اليوم مكتسبة قانونياً في معظم البلدان. لكن التحدي الأكبر لا يكمن في وجود القوانين، بل في تفعيلها على أرض الواقع. فالنصوص التشريعية، رغم أهميتها، تبقى مجرد إطار نظري إذا لم تواكبها تحولات حقيقية في العقول والسلوكيات. هذا ما يُعرف بالفجوة بين "الحق القانوني" و"الحق الواقعي". المرأة اليوم قد تحصل على فرصة عمل، لكنها قد تواجه التمييز في الأجور، أو صعوبات في الوصول إلى مناصب قيادية، أو حتى تحرشاً في مكان العمل. قد يُجرم القانون العنف ضدها، لكن الأعراف الاجتماعية قد تُشجع على التستر عليه أو تجاهله. هذه الفجوات تُظهر أن المعركة ليست فقط مع النصوص القانونية، بل مع الأنماط الثقافية الراسخة. إن الطريق لتحقيق المساواة الكاملة يتطلب مواجهة ثلاثة أنواع من الفجوات. أولاً، الفجوة القانونية، فبالرغم من التقدم، لا تزال بعض القوانين تميز ضد المرأة، خاصة في قضايا الأحوال الشخصية (الزواج، الطلاق، الحضانة)، ما يتطلب إصلاحات تشريعية جذرية. ثانياً، الفجوة الاقتصادية، حيث تظل مشاركة المرأة في القوى العاملة أقل من الرجل، كما أن عملها غير المدفوع الأجر (في المنزل) لا يُحتسب في الاقتصاد، مما يُقلل من قيمتها الاقتصادية ويُعيق استقلالها المالي. ثالثاً، الفجوة الاجتماعية والسياسية، فبالرغم من ارتفاع نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات والمؤسسات، فإن وجودها لا يزال رمزياً في بعض الحالات، حيث لا تملك سلطة قرار حقيقية. كما أن الصور النمطية السلبية تُعيق تقدمها وتُقلل من ثقتها بنفسها وقدرتها على القيادة. لذلك، فإن المرحلة الحالية هي مرحلة عمل دؤوب. لم يتم إنهاء المعركة، بل دخلت مرحلة جديدة تتطلب عملاً على عدة جبهات. الأمر لا يقتصر على الحكومات والمنظمات، بل هو مسؤولية كل فرد في المجتمع. من داخل الأسرة، بتربية الأبناء على المساواة والاحترام، إلى داخل المؤسسات، بتعزيز ثقافة التكافؤ والإنصاف، إلى داخل المجتمع ككل، برفض التمييز والعنف والتحيز. فالمساواة ليست امتيازاً يُمنح، بل حق يُكتسب، والطريق نحو تحقيقه يتطلب وعياً مستمراً، وإرادة سياسية قوية، وتغييراً ثقافياً عميقاً.


مصطفى منيغ: ماذا حققت كأنثى لحد الساعة في وسط لم يتموقع ديمقراطيا في المكان الذي يستحقه ؟.


 أيمان اليوسفي : ان ما حققته هو فرض وجودي بصفتي شخصاً، وليس كأنثى فقط. كان التحدي الأكبر هو تجاوز النظرة النمطية التي ترى في المرأة مجرد "ضيف" عابر أو "مساعدة" في هذا الميدان. كان علي أن أثبت أن كفاءتي وقدراتي الفكرية لا ترتبط بجنسي، وأن صوتي يحمل أفكاراً جديرة بالاحترام والإصغاء. لقد عملت بجد مضاعف ليس لأبرهن على أنني "أستطيع"، بل لأجعل من وجودي أمراً طبيعياً لا يثير الاستغراب، ليصبح مقعدي حقاً لا جدال فيه. أما أعظم ما حققته فهو خلق مساحة إيجابية للتعاون. بدلاً من الدخول في صراع لإثبات الذات، ركزتُ على بناء جسور من الثقة والاحترام المتبادل. لقد أثبتُ أن وجود المرأة لا يهدد أحداً، بل يثري البيئة العملية والفكرية. لقد كان إنجازي الأكبر ليس فقط في تحقيق النجاح لنفسي، بل في إحداث تحول ديمقراطي صغير في هذا المكان. تحول يُمكنه الآن أن يتقبل الاختلاف، ويحتفي بالتنوع، ويقدر الكفاءة بغض النظر عن مصدرها.


مصطفى منيغ: ما تطمحين إليه كأنثى تملك مقومات النجاح في الحياة ؟


أيمان اليوسفي : بوصفي أنثى تملك مقومات النجاح، فإن طموحاتي تتجاوز مجرد تحقيق الإنجازات الشخصية أو الحصول على اعتراف فردي. لقد أدركت أن النجاح الحقيقي يكمن في إحداث تأثير إيجابي ومستدام يخدم المجتمع ككل، وأن رحلتي نحو التميز ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة لفتح الأبواب أمام الآخرين، خاصة من النساء.


أولاً، أطمح إلى أن أكون نموذجاً ملهماً. في عالم لا تزال فيه الصور النمطية تحد من طموح الفتيات، أريد أن تكون مسيرتي المهنية والشخصية دليلاً حياً على أن المرأة قادرة على تحقيق أي شيء تضعه نصب عينيها، بغض النظر عن القيود المجتمعية. هدفي هو إلهام الأجيال القادمة من الإناث ليؤمن بقدراتهن، ويدركن أن طريق النجاح لا يقتصر على جنس دون آخر. أنا أسعى لأكون جسراً يربط بين الأحلام والواقع، وأثبت أن النجاح لا يُبنى على التنافس السلبي، بل على التعاون والتضامن.


ثانياً، أطمح إلى بناء منظومة عمل أكثر شمولاً وعدلاً. أرى أن النجاح لا يكتمل إلا إذا كان شاملاً للجميع. لذلك، أعمل على تعزيز بيئة عمل تُقدر الكفاءة بغض النظر عن الجنس أو الخلفية الاجتماعية. أطمح إلى أن أُساهم في صياغة سياسات عادلة تُكافح التمييز في الأجور، وتُعزز التنوع في المناصب القيادية. أريد أن أُنشئ مشاريع أو أُساهم في مؤسسات لا تحقق أرباحاً مالية فحسب، بل تُقدم قيمة اجتماعية حقيقية، كدعم تعليم الفتيات أو تمكين النساء اقتصادياً.


ثالثاً، أطمح إلى المساهمة في التغيير الثقافي. أدرك أن القوانين وحدها لا تكفي لإحداث تغيير دائم. لذلك، أسعى للعمل على تغيير العقليات التي تُعيق تقدم المرأة. أطمح إلى أن أُشارك في حوارات مجتمعية تُعزز ثقافة المساواة والاحترام المتبادل، وتُشجع على تقاسم الأدوار والمسؤوليات داخل الأسرة والمجتمع. هدفي هو أن يصبح دعم المرأة جزءاً أصيلاً من الثقافة، لا مجرد شعار.


في الختام، إن طموحي الأكبر ليس مجرد تحقيق نجاح شخصي، بل هو أن أُسخّر كل مقوماتي وقدراتي لأكون جزءاً من حركة أكبر تهدف إلى بناء عالم أكثر مساواة وكرامة، حيث لا يتم إهدار أي موهبة أو إمكانية بسبب الجنس. أطمح إلى ترك بصمة إيجابية تدوم أجيالاً.


مصطفى منيغ: كلمتك لنساء العالم


أيمان اليوسفي : لكل امرأة حول العالم،


أخاطبك اليوم بقلب يملؤه الفخر والأمل، ليس فقط كصوت، بل كصدى لآلاف الأصوات التي سبقتنا ومهدت لنا الطريق. أنتِ لستِ مجرد نصف المجتمع، بل أنتِ المجتمع كله، فيكِ تكمن القوة، والصبر، والمرونة، والقدرة على تغيير العالم من أساسه. أدرك أن رحلتك قد لا تكون سهلة، وأن التحديات قد تظهر في كل منعطف. قد تواجهين قيوداً اجتماعية أو ثقافية تحاول أن تحد من طموحكِ، أو أصواتاً داخلية تُشكك في قدراتكِ. لكن أطلب منكِ ألا تستسلمي، ففي داخلكِ يكمن إرث من الصمود والقوة. تذكري أن كل قصة نجاح عظيمة تبدأ بفكرة جريئة وإيمان لا يتزعزع. استثمري في ذاتكِ بلا حدود، في تعليمكِ الذي يُوسع آفاقكِ، في مهاراتكِ التي تُمكنكِ، وفي صحتكِ النفسية التي تُعد أغلى استثمار على الإطلاق. لا تخافي من الفشل، بل انظري إليه كفرصة ثمينة للتعلم والنمو. كوني قوية في مواجهة الصعاب، لكن لا تخافي أبداً من إظهار ضعفكِ أحياناً، ففي هذا الضعف تكمن قوة فريدة. تذكري أنكِ لستِ وحدكِ في هذه المسيرة، فادعمي أخواتكِ، واحتفي بإنجازاتهن الصغيرة والكبيرة، لأن دعمنا لبعضنا البعض هو أساس قوتنا الجماعية. أنتِ قادرة على أن تكوني أماً عظيمة، وقيادية ملهمة، وفنانة مبدعة، وعالمة متميزة، ومبتكرة تُغير قواعد اللعبة، وفاعلة تغيير تُحدث فرقاً حقيقياً. العالم اليوم في أمس الحاجة إلى حكمتكِ، وعاطفتكِ، وإصراركِ. أتمنى أن تكوني كل ما حلمتِ به لنفسكِ وأكثر. فلتكن بصمتكِ قوية، مؤثرة، وخالدة، ولتُضيء الطريق للأجيال القادمة. تذكري دائماً: أنتِ تستحقين كل شيء، والآن هو وقتكِ.

د. أحمد البوقري: الولايات المتحدة لا يمكنها تجاوز دور السعودية في المنطقة


أحمد البوقري رجل اعمال سعودي معروف وعائلته باعمالهم التجارية على مستوى المملكة العربية السعودية، وخارجها ايضاً. إلا أن أحد افراد العائلة، وهو الدكتور أحمد، لم يكتف بعالم الاعمال، ومشاغله التي لا تنتهي. بل اشتهر ايضاّ بمواقف اثارت اهتماماً لدى الرأي العالم العريي والغربي، تتعلق بقضايا وطنية وقومية داخل المملكة وخارجها. تناولتها الصحف ووسائل التواصل بكثير من الاهتمام. 

واليوم في ظل التطورات المصيرية التي تشهدها المنطقة، وزيارة الرئيس الاميركي للمملكة العربية السعودية، وبعض دول الخليج، والتي سيكون لها تأثيرها الكبير على مستوى الصراع في المنطقة. توجهنا إلى الدكتور البوقري ببعض الأسئلة حول هذا الملف، والتي اجاب عليها بصراحته المعهودة.


أجرى الحوار نبيل المقدم.

- كيف تقراء زيارة الرئيس الاميركي ترامب إلى المملكة العربية السعودية في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة؟

ارتبطت السعودية والولايات المتحدة بمصالح مشتركة عديدة الاصعدة الاستراتيجية والعسكرية والامنية والسياسية والاقثصادية.واتسمت علاقتهما بالتناغم،على الرغم من وجود خلافات ابرزها، مايتعلق بالقضية الفلسطينية، وتداعياتها على المنطقة. وقد تمكنت الرياض وواشنطن رغم ذلك من ادارة ملفاتهما والتباين بينهما بدبلوماسية تجعلهما اقرب إلى التحالف والتوافق من الصراع والعداء. واليوم  تأتي زيارة الرئيس الاميركي في هذا السياق. وقد نظرت الادارة الاميركية دائماً أإلى دور المملكة الفاعل والمؤثر في مجريات الجغرافيا السياسية الشرق اوسطية، وتعاملها مع الاحداث والتحولات، كعامل استقرار سياسي فيها، ولاعب رئيسي اساسي في الاستقرار الاقتصادي العالمي، وخاصة فيما يتعلق بالنفط. ودورها في منظمة اوبك.


- تأتي هذه الزيارة في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على غزة، والصمت الاميركي المريب، والذي يدل على تواطئ واضخ مع نتنياهو. برايكم ماهو تأثير كل هذا على موقف المملكة؟

 

صحيح أن توقيت الزيارة يأتي متزامناّ مع احداث كبرى في فلسطين وسوريا ولبنان، والتي لها تأثيرها الهائل على مجريات الصراع في المنطقة. ولكن بالرغم كل هذا. فأن موقف المملكة ثابت ولم يتغير، وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

فالواضح حتى الان رفض تل ابيب السلام العادل،وعجز الادارة الاميركية عن فرض ارادتها عليها. صحيح أن السعودية تقدمت بمبادرة سلام في الشرق الاوسط عام 2002،ولكنها رفضت الضغوط الاميركية عليها لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل.وتمسكت بقرارها الثابت، بضرورة حل القضية الفلسطينية ، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. واليوم تجدد المملكة موقفها،وتصّر على ضرورة وقف العدوان على غزة. كما تجدد رفضها وادانتها لمشروع الاستيطان في القدس الشرقية، والذي تعتبره يشكل عائقاّ كبيراً امام السلام.

 

- هل انت متفائل بامكان تحقيق السلام مع اسرائيل؟

في البداية كانت اجزاء من فلسطين، ثم فلسطين كلها بما فيها القدس الشريف، ومعها مساحات من ارض مصر وسوريا، وبعد ذلك اتسع الاحتلال ليشمل نصف لبنان عام 1982، قبل أن يخرج مهزوماّ في عام 2000. واليوم بعد سقوط نظام الاسد، رأينا كيف اقدمت اسرائيل على احتلال مساحات كبيرة من الاراضي السورية، واعلنت انها ستبقى فيها إلى الابد.ولسنا ندري والتساؤل قائم، ماهي البقاع الاخرى من الارض العربية والاسلامية التي سلتتف عليها الافعى الصهيونية اذا بقي هذا الوضع والحال.ولعل حكماء صهيون لم يريدوا تكليفنا عناء الاستتناج والتفكير، حين رسموا حدود دولة اسرائيل الكبرى " ارضك ياسرائيل من الفرات إلى النيل "، وعلقوه شعاراً على مجلسهم التشريعي في القدس.


- برأيكم مالذي يدفع نتنياهو إليوم  إلى المزيد من التعنت؟

إن نتنياهو يدرك اليوم إن النظام الدولي بعني اميركا. مع ذلك اقدم على تحديه، مستفيداً من تعاطف اللوبي اليهودي في اميركا مع اسرائيل، لتحقيق مشروعه القائم على تهجير الفلسطنيين إلى خارج عزة، والسيطرة عليها، والقضاء على المقاومة. ومن الملاحظ إنه في كل مرة تحقق المفاوضات الرامية إلى وقف اطلاق النار بعض التقدم ، يتمادى رئيس وزراء العدو في تعنته واجرامه ، ويتمادى اكثر في مشروع الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني.