حوار صبري يوسف حول السَّلام العالمي معَ الفنَّان التَّشكيلي السُّوري جاك إيليا

 



أتابع منذ سنوات تجربة الفنَّان التَّشكيلي السُّوري جاك إيليّا، المقيم في هولندا، واقترحتُ عليهِ إجراء هذا الحوار معه، فوافق برحابة صدر:

1ـ ما هي برأيِكَ أهمُّ أسبابِ تراجعِ السَّلامِ العالمي بينَ البشرِ؟

برأيي من أهم الأسباب الّتي تراجع فيها السَّلام العالمي بين البشر هي لغة الحوار، فطالما هناك صراعات متكرّرة عبر التّاريخ وقائمة هذه الصِّراعات حتّى الآن، سيبقى السَّلام متراجعاً!


2. لماذا ابتعدَ الإنسانُ عَنِ السَّلامِ والوئامِ بينَ بني جنسِهِ، سائراً نحوَ حقولِ الألغامِ الَّتي تنسفُ حيثيَّاتِ السَّلامِ مِن جذورِهِ؟

هناكَ أسباب كثيرة أدَّتْ إلى ابتعاد الإنسان عن السّلام، أولها لغةُ الاحتكار والتفرُّد بهذه الاحتكارات، وثانياً غياب المؤسّسات السِّياسيّة والاجتماعيّة والقانونيّة.


3. ما هي أسبابُ انكفاءِ الحسِّ الأخلاقيِّ والمعاييرِ الرَّاقيةِ عندَ الكثيرِ مِنَ البشرِ في الوقتِ الرَّاهنِ؟ 

يقول كانط عن الأخلاق هي تلكَ الَّتي نستمدُّها من العقل مباشرة وليس من الطَّبيعة الإنسانيّة أو عادات النَّاس وهي مجموعة المبادئ الأخلاقيّة الَّتي تطبّق الضُّرورة الإلزاميّة على البشر في جميع الأزمنة والثّقافات ومن هنا أقول: عند الصِّراعات والحروب وبغياب العقل يفقد الإنسان الحس الأخلاقي لديه.


4. يركّزُ الإنسانُ على العلاقاتِ المادّيّةِ، وغالباً ما تكونُ على حسابِ إنسانيّةِ الإنسانِ، لماذا يتراجعُ الإنسانُ نحوَ الأسوأ في علاقاتِهِ معَ بني جنسِهِ: البشرِ؟! 

الإنسان يصبحُ جزءاً لا يتجزَّأ من العالم المادّي الطَّبيعي، تسري عليه قوانين الطَّبيعة الصَّارمة بشكل لا فكاك منها. يتّفق كلُّ المفكّرين على أنَّ الإنسان ليس سوى مجموعة مِنَ الدَّوافع المادِّيّة والاقتصاديّة والجنسيّة ومن ثمَّ لا يختلفُ في سلوكهِ عن سلوكِ أيّ حيوان أعجم، وعلى أنّ إدراك الإنسان للواقع ليس عقلانيّاً وإنّما تحكمُه مصالحُه الاقتصاديّةِ وأهواؤهُ الجنسيّة. 


5. هناكَ تطوُّرٌ كبيرٌ في تقنياتِ وتكنولوجيا العصرِ، يسيرُ عصرُنا نحوَ فتوحاتٍ كبرى في عالمِ التّقانةِ والتَّحديثِ، لكنَّهُ فقدَ الكثيرَ مِنَ الحميميّاتِ، كيفَ يمكنُ إعادةُ العلاقاتِ الحميمةِ الرَّاقيةِ بينَ البشرِ؟!

أعتقد التَّطوُّر الهائل في عالم التّكنولوجيا وبسرعة هائلة جعل الإنسان في دوّامة صراع بين وجوده كإنسان والعالم الافتراضي، ممَّا أدّى إلى الانفصام في العلاقة ما بين ما هو خيالي وواقعي. وباعتقادي الدَّور الأوَّل يقع على عاتقِ الأسرة والدَّور الثَّاني يقع على المؤسَّسات التّربويّة والتّعليميّة وأخيراً دور المجتمع!


6. لا يتمُّ تأسيسُ الكثيرِ مِنَ الدُّولِ الشَّرقيّةِ/ العربيّةِ وما يجاورُها على أسسٍ ديمقراطيّةٍ، غالباً ما تجنحُ نحوَ الحروبِ والدَّمارِ، متى ستتعلَّمُ هذهِ الدُّولُ أنَّ بناءَ الدَّولةِ يقومُ على بناءِ المؤسَّساتِ الدِّيمقراطيّةِ وتطبِّقُ هكذا مؤسَّساتٍ؟

إذا لم تتبع الدُّول الَّتي ذكرتها، الشَّرقيّة العربيّة، إلى إرساء أسس الدِّيمقراطيّة وتعميق حسّ المواطنة والانتماء للوطن وصياغة قانون يكفل لكلِّ المواطنين الحقوق والواجبات، لن تقوم لتلك الدُّول قائمة وستبقى في صراعات دائمة. يقول الماغوط: "مِنَ الغباءِ أن أدافع عن وطنٍ لا أملكُ فيه بيتاً، مِنَ الغباء أن أضحِّي بنفسي ليعيش أطفالي من بعدي مشرَّدين، .. الوطن حيث تتوفَّرُ لي مقوّمات الحياة لا مسبّبات الموت".


7. جاءَتِ الأديانُ كلُّ الأديانِ، لتقويمِ سلوكِ وأخلاقِ البشرِ، ولإرساءِ أُسُسِ العدالةِ والمساواةِ بينِ البشرِ، لكنْ واقعُ الحالِ نجدُ انشراخاً عميقاً بينَ المذاهبِ عبرَ الدِّينِ الواحدِ، وصراعاتٍ مميتةً بينَ الأديانِ، إلى متى سيبقى هذا الصِّراعُ والتَّناحرُ مفتوحاً بينَ المذاهبِ والأديانِ؟

أعتقد أنَّ الأديان جاءتْ نقمةً على البشر وليست خيراً، بل زادت من الصِّراعات أكثر. وعبر التَّاريخ نجدُ أنَّ 60% من الصِّراعات كان سببها ديني وذلك بفرض معتقد على معتقد آخر، وسيبقى هذا الصِّراع مفتوحاً إذا لم يكُنْ هناكَ ضوابط ومعايير ترعاها منظّمات دوليّة، أو إبعادها عن مناخ السِّياسة.


8. سُمِّيَ القرنُ التّاسعِ عشر بعصرِ القوميّاتِ، نحنُ في بدايةِ القرنِ الحاديِ والعشرينِ، ومانزالُ نتخبّطُ بالحقوقِ القوميّةِ وحقوقِ الأقلِّياتِ، إلى متى سنظلُّ نتصارعُ كأنَّنا في غابةٍ متوحِّشةٍ، لماذا لا نركِّزُ على بناءِ الإنسانِ وتأمينِ حقوقِ المواطنِ القوميّةِ والمذهبيّةِ والدِّينيّةِ بعيداً عَنْ لغةِ العنفِ والعنفِ المضادِّ؟!

القوميّة تعني إلغاء الآخر بالحياة، وسلبِهِ كل ما له من حقٍّ، في هذه الحالة أدعو إلى المواطنة، وممارسة كل المواطنين حقوقهم القوميّة والمذهبيّة تحتَ سقف ما يسمّى الوطن.  


9. تحاولُ الدُّولُ العظمى أنْ تنشبَ حروباً في الدُّولِ النَّاميةِ كي تصنعَ حروباً، فتعيشَ الدُّولُ المتقدِّمةُ على حسابِ المزيدِ مِنَ التّعاسةِ في الدُّولِ النَّاميةِ، إلى متى ستبقى هذهِ المعادلةُ المخرومةُ قائمةً في أبجدياتِ سياساتِ بعضِ الدُّولِ الكبرى؟ 

أعتقد المسألة تكمن في سياسات الدّول غير السَّويّة في سياساتها وعدم قدرة هذه الدُّول على إدارةِ بلدانها جيداً وغياب القانون والعدالة، لهذا تبقى هذه الدُّول رهينة الصِّراعات السِّياسيّة ممّا يؤدِّي إلى التَّدخُّل بشؤون تلك الدُّول من قبل الدُّول الاستعماريّة سابقاً. 


10. الإنسانُ هو المهمُّ، هو جوهرُ الحياةِ، وهوَ العقلُ المدبِّرُ لقيادةِ الكونِ، مَعَ هذا لا أراهُ مهمَّاً في برامجِ الكثيرِ مِنْ دولِ العالمِ، لماذا لا يتمُّ التَّركيزُ على بناءِ إنسانٍ خيِّرٍ وحكيمٍ ومحبٍّ للسلامِ والعدالةِ وبناءِ الأوطانِ؟

بكلِّ تأكيد الإنسانُ هو محور الحياة وكما قلتَ أنتَ أنّه جوهر الحياة، ولولا الإنسان لما حصلت هذه الكوارث البشريّة وهو المسؤول عن كلِّ شيء. 

هذا سؤال كوني وكبير، وللإجابة عليه يجب أن تتضافر كلّ الجهود عالميّاً لخلق عالمٍ جديدٍ خالٍ مِنْ كلِّ العلل والمآسي الّتي تُحاطُ بالكرةِ الأرضيّة. 

تخيَّل لو أنَّ هذا العالم بسيط كحديقة مليئة بالفراشات ولا نسمع فيه سوى زقزقات العصافير وأشعار القبّاني ودرويش وجميع من نحب. تخيَّل لو أن تتبدّل أصوات المدافع بموسيقى نرقص عليها ونسمع فيروز عند الصَّباح، تخيَّل أنْ تبدأ يومك بابتسامة وتنير شرفتك أشعّة شمس نقيّة. تخيَّل لو أنَّ الحروب لم توجد فكيف ستكون حياتنا؟!


11. عجباً أرى، كيفَ لا يفهمُ المتصارعونَ والمتحاربونَ أنَّ لا منتصرَ في الحروبِ، حتَّى المنتصرُ هو منتصرٌ على حسابِ جماجمِ الآخرينَ؟ نحنُ بحاجةٍ أنْ ننصرَ قيمَ الخيرِ والعدالةِ ونحقِّقَ الدِّيمقراطيّةَ والمساواةَ للجميعِ مِنْ دونِ هدرِ الدِّماءِ!

لو فهم المتصارعون والمتحاربون ما معنى الحياة لتوقَّفتِ الصِّراعاتُ، قال أحدُ روَّاد الفضاء وهو ينظر من مركبته إلى الأرض: على ماذا يقتتلون البشر؟ الأرض تتَّسع لكلِّ النّاس، بالنّتيجة إذا كُنتَ منتصراً اليوم، ستكونُ مهزوماً غداً. كلّما تحقَّقت العدالة الاجتماعيّة والمساواة، كنّا في مأمنٍ وسلامٍ، وكلّما ابتعدنا ابتعدنا عنها، ودخلنا في حقلِ الصِّراعاتِ الّتي قد لا تنتهي. 


12. أبحثُ عَنْ إنسانٍ حكيمٍ، عاقلٍ، جانحٍ نحوَ السَّلامِ، خيِّرٍ يقودُ البلادَ إلى دِفءِ الوئامِ، متى سنرى قائداً بهذهِ الحيثيّاتِ، يقودُ البلادَ إلى أبهى واحاتِ الأمانِ والسَّلامِ؟!

الحكيم هو الرَّجل الموصوف بكمال الحكمة وبكمال الحكمة بين المخلوقات والحكيم هو واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها وهو الَذي يضع الأشياء في مواضعها. 

تعال نبحث أنا وأنتَ وكل الَّذين يريدون السَّلام منهجاً في حياتهم عن هذا الحكيم الَّذي نحنُ بأمسِّ الحاجة إليه في هذا العالم المتدهور.


13. الحيوانُ المفترِسُ يفترسُ الكائناتِ والحيواناتِ الضَّعيفةَ مِنْ بني غيرِ جنسِهِ، مِنْ أجلِ البقاءِ، بينما الإنسانُ، هذا الكائنُ (السَّامي)، يفترسُ بني جنسِهِ ليسَ مِنْ أجلِ البقاءِ، بلْ بسببِ البطرِ والنُّزوعِ الحيوانيِّ، كأنَّهُ ينافسُ الحيوانَ المفترسَ افتراساً، إلى متى سيفترسُ الإنسانُ بني جنسِهِ؟!

حينما سُئلَ مَنْ هو الرَّجل الَّذي قتل سدس سكان الأرض، فكان الجواب: قابيل حينما قتل أخيه، كان سكّان الأرض في ذلكَ الوقت أربع أشخاص آدم وحواء ولديهما قابيل وهابيل، ويذكر كان لديهم أختين، عددهم ستة بذلك يكون قل قُتِلَ سدس سكان الأرض. لا أدري إذا كانت هذه الرُّؤية صحيحة. فالصِّراع مستمر منذ الأزل وسيستمر.


14. الإنسانُ حيوانٌ اجتماعيٌّ بالطَّبعِ، أنا لا أرى فيهِ هذهِ الرُّوحَ الاجتماعيّةَ، بَلْ أرى فيهِ جنوحاً نحوَ البوهيميّةِ والغرائزيّةِ، كيفَ يمكنُ أنْ ننقِّيَ هذا النُّزوعَ البوهيميَّ وننمِّيَ فيهِ إنسانيّةَ الإنسانِ؟!

لن نستطيع أن نغيِّر من سلوك الإنسان اجتماعيَّاً وغرائزيَّاً، لكن من خلال النَّشاطاتِ والنَّدوات الَّتي تحفِّز على القيم الجماليّة عند الإنسان وتعزيزها، بالإضافة إلى قيام المؤسّسات التّربويّة بدورها من خلال المناهج المدروسة علميَّاً وتبرويَّاً. نحنُ الآن نعيشُ في عالمٍ معقَّدٍ جدَّاً بعيد عن البساطة والعفويّة.


15. كيفَ تنسجُ خيوطَ بحوثِكَ ونصوصِكَ، وتُترجمُ أفكارَكَ الإبداعيّةِ وأنتَ غائصٌ في لجَّةِ الأحزانِ المتفاقمةِ في هذا الزَّمنِ المفخَّخِ بالتَّوهانِ عَنِ الهدفِ، أم أنَّكَ تزدادُ ألقاً وعمقاً في صياغةِ أفكارِكَ رغمَ انشراخاتِ هذا الزّمانِ؟! 

بالنّسبة لسؤالك هذا أحتاجُ إلى الكثير مِنَ الوقت لأجيب عليه لكن بالمختصر أنّني ككلِّ إنسان يعمل في مجال الفنِّ والأدب، لا بدَّ أن يتأثَّر ويؤثِّر على مَنْ حولِهِ، من خلال المخزون الفكري ومن خلال المشاهداتِ اليوميّة تتبلور أفكاري وطروحاتي لأصوغها وأٌكثِّفها على جدار لوحاتي الَّتي تحكي قصصاً. 


16. لا أرى أهدافاً عظيمةً ممَّا يهدفُ إليها إنسانُ اليومِ، غالباً ما تكونُ أهدافاً عقيمةً مِنْ حيثُ فائدتُها للمجتمعِ البشري، إلى متى سيغوصُ في ترّهاتِ الحياةِ، تاركاً أسمى الأهدافِ بعيدةً عَنْ نُصْبِ عينيهِ؟!

بدايةُ علينا أن نعرِّفَ الهدف، يعرِّف الهدف بمعانٍ كثيرة منها الغاية والمنشد الأخير الّذي يرغب الإنسان بالوصول إليه. لكن الهدف عندما يخرج عن سياقه العام يصبحُ وبالاً على البشريّة، من هنا أقولُ كل الأشياء تكمن في النِّيّة المراد فعلها إن كانتْ شرّاً أو خيراً، مثلاً العالِم ألفرِد نوبل عندما اخترع الدّيناميت سنة 1867م ذلك من أجلِ خدمةِ الإنسان لفتحِ الطُّرقاتِ وتوفير الوقت اللّازم لذلك. لكن فيما بعد تحوَّل هذا الاختراع إلى وبالٍ على البشريّة.


17. ما هوَ دورُكَ مبدعاً، مثقَّفَاً، مفكِّراً عندما ترى الإنسانَ يقتلُ بني جنسِهِ بقلبٍ باردٍ، مِنْ دونِ أنْ يرمشَ لَهُ جفنٌ؟

بشكل طبيعي كوني مثقفاً لا أقبلُ أن يَظلمَ أي إنسان على وجهِ الخليقة، ما فائدة ثقافتي إذا لم أكُنْ أستطيع كشف عيوب المجتمع، هلاك الإنسان لأخيه الإنسان. المفكِّر والمثقّف والفنّان يستخدم أدواته من أجل خير الإنسان وخدمته. 


18. كيفَ يمكنُ أنْ ننقذَ فقراءَ وأطفالَ هذا العالمِ مِنَ الخرابِ والفقرِ والقحطِ الَّذي بدأَ يستفحلُ في الكثيرِ مِنْ دولِ العالمِ؟!

لمعالجة هذه الظَّاهرة يتمُّ، أولاً: من خلال المنظَّمات الدَّوليّة "اليونيسيف"، "الأمم المتّحدة" باتباع دورات تدريبيّة تثقيفيّة مِن أجل الحدِّ من زيادةِ النّسل خاصّة في المجتمعات الفقيرة. ثانياً توزيع الثَّروات بشكل عادل بين كلِّ النّاس. ثالثاً: العمل على عدم قيام الحروب ودعم لُغة الحوار الّتي تقودُنا إلى السَّلام والوئام. نذكر الكثير من الحروب الّتي كانت سبباً مباشراً في زيادةِ الفقر والتَّشرّد.  


19. ما هي أفضلُ الطُّرقِ والأُسُسِ الَّتي تقودُنا إلى تحقيقِ السَّلامِ العالمي بينَ البشرِ كلِّ البشرِ؟

باعتقادي لغة العقل والحوار هي الطَّريقة المثلى الَّتي تقودُنا إلى السَّلام، وإرساء دعائمه، أمَّا ابتعادنا عن العقل والحوار، يبعدنا أكثر عن السّلام والوئام.


20. لو قامَ كلُّ إنسانٍ بأعمالِ الخيرِ والسَّلامِ والمحبّةِ لتحقَّقَ السَّلامُ كتحصيلِ حاصلٍ، ما هوَ دورُكَ في تحقيقِ هذهِ الفكرةِ؟ 

من خلال موقعي كفنّان أشجِّع على لغةِ الحوار وفيه تكمن عقلانيّة الإنسان، وأعزِّزُ القيم والمبادئ من خلالِ أعمالي. 


21. كيفَ يمكنُ أنْ نسخِّرَ أقلامَ مفكِّري ومبدعي ومبدعاتِ هذا العالمِ مِنْ أجلِ تحقيقِ السَّلامِ والكرامةِ الإنسانيّةِ؟

يتم ذلك من خلال دعمِ المنظَّمات والهيئات الدَّوليّة للمفكِّرين والمبدعين والفنّانين بإيجاد آليات وأفكار تعزِّز فكرة السَّلام وسنِّ قوانين تحافظُ على كرامةِ الإنسانِ.


22. ما رأيُكَ بتأسيسِ تيَّارٍ وفكرٍ إنسانيٍّ على مستوى العالمِ، لإرساءِ قواعدِ السَّلامِ وتحقيقِ إنسانيّةِ الإنسانِ، بإشرافِ هيئاتٍ ومنظَّماتٍ دوليّةٍ تمثِّلُ كلَّ دولِ العالمِ، كي يكونَ لكلِّ دولةٍ مِنْ دولِ العالمِ دورٌ في تحقيقِ السَّلامِ؟

أتمنَّى ذلكَ وأن أرى ذلكَ في الأفقِ القريب ممَّا تبقّى من أعمارنا.


23. ما هي أفضلُ الطُّرقِ لخلقِ رؤى تنويريّةٍ، ديمقراطيّةٍ، تقدميّةٍ في العالمِ العربيِّ والدُّولِ النَّاميةِ في العالمِ، لتحقيقِ السَّلامِ والاستقرارِ، بعيداً عَنْ لغةِ الحروبِ المميتةِ الَّتي دمَّرَتْ وتدمِّرُ كلَّ الأطرافِ المتصارعةِ؟

أعتقد لخلق رؤى تنويريّة ديمقراطيّة تقدميّة في العالم العربي والعالم النّامي، يتمُّ بإعادة صياغةِ قوانينها من جديد كما فعلَ الغرب وأميريكا ودولٌ أخرى باتباع نهج الدَّولة المدنيّة.


24. ما رأيُكَ بإلغاءِ وإغلاقِ معاملِ السِّلاحِ في العالمِ، والوقوفِ ضدَّ صنَّاعِ الحروبِ والفكرِ القائمِ على الصِّراعاتِ، ومعاقبةِ كلِّ مَنْ يقفُ ضدَّ السَّلامِ، لتحقيقِ السَّلامِ بقوّةِ القانونِ العالمي، وذلكَ بمحاسبةِ الجانحينَ نحوَ الحروبِ ودمارِ الأوطانِ؟!

أنا معَ وضدّ إلغاء السِّلاح، مع عندما تحتاج لحماية الوطن، وضدّ عندما يخرج عن دائرة الوطن، طبعاً يجب محاسبة كل الّذين يعبثون بالأمنِ وتقويضِ السَّلام.


25. ألَا ترى أنَّهُ آنَ الأوانُ لتأسيسِ "جبهةِ" سلامٍ عالميّةٍ مِنْ خلالِ تواصلِ المبدعينَ والمفكِّرينَ مِنْ شتّى الاختصاصاتِ، والدَّعوةِ لتأسيسِ دستورٍ عالميٍّ عبرَ مؤسَّساتٍ وهيئاتٍ عالميّةٍ جديدةٍ، لتطبيقِ السَّلامِ عبرَ هذهِ التَّطلُّعاتِ على أرضِ الواقعِ؟

أعجبتني فكرة أنتَ طرحتها وهي لماذا لا يوجد في كل حكومة وزارة تسمَّى وزارة السَّلام. وأتمنّى أن تتحقَّق فكرة جبهة سلام عالميّة. 

شكراً على هذا الحوار الهام، ولكَ كلُّ التَّقدير والمحبّة. 


أجرى الحوار صبري يوسف (رئيس تحرير مجلّة السَّلام الدَّوليّة) 

مَعَ الفنّان التَّشكيلي السُّوري جاك إيليّا المقيم في هولندا.


لقاء مع الشاعر والكاتب الفلسطيني الدكتور حاتم جوعيه

 


  

 أجرى اللقاء  :  الإعلامية زينب حشان  - المغرب –

(( لقاء أجري مع الشاعر الفسطيني الكبيير الدكتورحاتم جوعيه  لمجلة  الهيكل  العراقية ))

  

نُجَدِّدُ اللقاء  مع  قراء مجلة وموقع  "الهيكل" في حلقة جديدة  من برنامج" حوار مع شاعر" ضيفي وضيفكم اليوم الشاعر والاديب والناقد والصحفي الدكتور حاتم جوعيه  -


*سؤال 1 ) كيف يقدمُ نفسَه شاعرنا الفذ الدكتورحاتم جوعيه لمحبيه عامة ولقراء الهيكل خاصة؟

جواب 1  -  أنا عادة  لا أحبُّ أن  أتحدَّثَ عن نقسي وأترك هذا للآخرين ، ولكن سأجيب على سؤالكِ  بكلمات مختصرة .  أنا  إنسانٌ متواضعٌ جدا وأرفضُ  الألقابَ اللامعة  والفخمة ، وخاصة  عندما  يطلقون علي  لقب دكتور...مع انني حاصل على شهادة الدكتوراة في الطب الصيني المكمل أو البديل  وطب الأعشاب  قبل عدة سنوات ، وبحوزتي أيضا العديد من الشهاداتِ الجامعية العالية  ( البكالوريا والماجستير )  في عدةِ  مواضيع ... وحاصل أيضا على  مئات  الشهادات  التكريمية  وشهادت الدكتوراة الفخريّة من أعرق وأرقى المؤسسات والأكاديميَّات العربية  والعالمية . ولقد وهبني الله جلت قدرته العديد من المواهب ، وأنا أحاولُ أن  أكرِّسَ  بعضها للأشياءِ الإيجابية والمثالية ولخدمة الناس ،لأن وقتي  لا يسمح لي أن أكَرِّسَ وأعمل في جميع المواضيع التي تعلمتُها ودرستُها، مثل: (( طب الأعشاب ، الموسيقى ، الفلسفة وعلم نفس ، الصحافة والإعلام ، رياضة وكاراتيه ، شعر وأدب ..إلخ ..)).. وأنا أكرِّسُ  نشاطي   في  مجال الشعر والأدب والصحافة  والإعلام ..فكتابةُ الشعر هي موهبة ربانية   وأنا طبعا  نمَّيتها وطوَّرتُها بالدراسةِ والعلم والمطالعةِ  والثقافة الواسعة ، ومن خلال التجارب الحياتية الثرية .  والكتابة عندي ( ( على جميع أنواعها – شعرا ونثرا  ودراسات  وأبحاث ..إلخ )) هي  رسالة  مقدسة  بحد  ذاتها   ومن أجل  الفن  والإبداع ، وكغذاء روحي ونفسي ووجداني  كالموسيقى والفن للإنسان الراقي طبعا  روحيًّا وفكريًّا ..وليس من  أجل الشهرة  والمكسب المادي  .  وليس  لأهداف  آنيَّة   وشخصية  وللمكسب  المادِّي   كاولئك  الذين يكتبون الشعر والأدب عندنا محليًّا  والذين  يسعون ويتلهفون  وراء الشهرة  وهم بعيدون كل البعد عن  عالم الشعر والأدب والثقافة والإبداع ، والذين يكرمونهم دائما  من  قبل  بعض المؤسسات  والأطر والمنتديات المشبوهة  والعميلة   في  الداخل  التي   تحاولُ   تدميرَ  الأدبَ  والثقافة والإبداع  ،  وخاصة  الأدب  الفلسطيني  الذي   يحملُ  الطابع   الوطني والإنساني  .   الكتابةُ  هي عندي رسالة  تثقيف  وتنوير  وإرشاد  وتعليم وتهذيب  النفس  الإنسانيّة والرقي   والسمو  بها  إلى  أعلى  من  الناحيةِ الأخلاقية والفكرية  والروحية والسلوك والتصرفات ونهج  الحياة  السليم والمثالي . وأنا أكتبُ  لمجتمعي ولشعبي وللبشريِة جمعاء  وليس  لشريحةٍ صغيرةٍ فقط  من المجتمع .. وطموحاتي  وفلسفتي وآيديلوجيتي  في الحياة هي أن  أكون عنصرا إيجابيًّا  وفعالا  في المجتمع  وأن  أستغلَّ  وأكرِّسَ كلَّ علمي وثقافتي  وإمكانيتي وطاقاتي والمواهب التي  منحني اياها الربُّ من أجلِ إفادة المجتمع والناس وبما يرضيي الربَّ جلت قدرته .. وهذا هو أنا بالضبط  ( حاتم جوعيه ) .


*سؤال 2 )  متى  بدأتْ رحلتُكَ مع الشعر؟  وبمن  تأثرت من الشعراءِ القدامى والمعاصرين ؟

-  جواب 2 –     بدأتْ  رحلتي مع الشعرِ والكتابةِ  وأنا  في جيلٍ صغير وفي مرحلةِ دراستي الإبتدائية .. وبالطبع لقد  نمَّيتُ وطوَّرتُ هذه الموهبة من  خلال  الدراسة  والمطالعة المكثفة ، ومن  خلالِ  التجاربِ  الحياتية  الكثيرة  التي مررت بها . بدأتُ أنشرُ قصائدي الشعرية الموزونة والمقفَّاة وشعر التفعيلة الموزون  في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المحلية وخارج  البلاد  وأنا  لم  أتجاوز ال15 سنة  من العمر ... وقبل  أن أصلَ إلى سنِّ ال 20  طبعتُ ديوان شعر وكان الباكورة . وقد كتب لي  مقدمتَه الشاعرُ الفلسطيني الكبير المرحوم( سميح القاسم ).. بالإضافة إلى مقدمة اخرى بقلمي أنا .  ولاقى هذا الديوانُ نجاحا كبيرا وشهرة واسعة .مع انه كانت هنالك محاولاتٌ من  قبل جهاتٍ عميلةٍ ومدسوسة وحقيرة عندنا في  الداخل من أجل التخريب  وعرقلة  إنطلاقي  ونجاحي  في  مجال الشعر والأدب  .        والنجاحُ المذهلُ الي حَقَّقتُهُ في  فترةٍ  زمنيَّةٍ  قصيرةٍ جدًّا والشهرةُ  الواسعة التي  وصلتُ إليها هي ألجَمتْ  وقضَّتْ  مضاجعَ  كلِّ الحاسدين  والمغرضين والمأجورين  والعملاء والخونة عندنا  في الداخل الذين  لا يريدون  لصوتٍ وطني  صادق نظيفٍ  تقدمي  إبداعي أن يرتفع ويتألق  ويشتهر ويصل إلى سماءِ الإبداع  والخلود .

         وأنا تأثرتُ في بدايةِ مشواري الأدبي  والشعري  ببعضِ الشعراءِ والادباء الكبار ، مثل : ( أبو الطيب المتنبي ، أبو القاسم الشابي  ، جبران  خليل جبران ، العالم  والفيلسوف عمر الخيام ،أحمد شوقي ،نزار قباني ). 

 

*سؤال 3 )  كيف  تبني  معالمَ  نصوصَكَ  وكيف  اهتديتَ  لهذا الجمال التعبيري بسياقات بيانية راقية ، لغة جزلة، ايحاء ومجاز وصور شعرية فائقة الجمال؟؟!!

-  حواب 3 –        هذا سؤال جيد  وحكيم ..وأعيد  ما  قلتهُ  في البداية : (الموهبة )... فالموهبةُ هي أهمُّ عنصر في  صدد  الإبداع  .   إنَّ الموهبةَ والطاقات الفنيّة الإبداعية تختلفُ وتتفاوتُ من إنسانٍ لإنسان ، ونرى هذا بوضوح في صددِ  الغناء والموسيقى والتمثيل والرسم وغيرها .   وأنا لقد منحني اللهُ موهبةً مميزة في  مجالِ الشعر عدا المواهيب الأخرى العديدة .... وطبعا ثقافتي الواسعة  ودراستي  وإلمامي بتجارب الشعراء الآخرين  الكبار المبدعين  طوَّرَ وصقلَ أدواتي الشعرية بشكل كبير .   فأنا  قارىءٌ  نهمٌ و مطلعٌ على  معظم  بل جميع الشعر والادب العربي –  قديما وحديثا .،ومطلعٌ  أيضا على الأدب والشعر الغربي والأجنبي  بشكل واسع ..وهذا لعبَ دورا كبيرا في صقلِ وتطوير أدواتي الكتابية التعبيرية بشكل واضح ..وأنا لا أكتفي في الكتابة الشعرية والنثرية بالقوالب الكلاسيكية الجاهزية ، بل دائما أحاول أن أقدِّمَ  كلَّ ما هو  جديد ومبتكر ومميَّز ومفيد  . والتجديد يكونُ ليس في الشكلِ والبناء الخارحي للقصيدةِ كما يفهمهُ بعضُ النويقدين المحليين  عندنا  في  الداخل  والذين  لا يفهمون شيئا  في النقد الأدبي والفني . التجديدُ هو في المضمون والفحوى وفي المعاني والصور واللوحات  الشعرية  الجميلة   المبتكرة... وفي  الإستعاراتِ  والتشبيهات  البلاغية الحديثة للخلابة التي لم يستعملها شاعرٌ من قبل .  وأنا في الكثيرِ من الاحيان يأتي الإبتكار والتجديد  والإبداع  عندي  بشكل عفوي وتلقائي  وكأنَّهُ وحيٌ وإيحاء ومن دون أن أتعٍبَ وأرهق نفسي . فالقصيدةُ الإبداعيةُ المتطورة شكلا ومضمونا التي أكتبها – سواء كات عمودية  أو تفعيلية .. أو حتى نثرية ، مع اني قليلا ما أكتبُ القصائدَ النثرية ،تنبثقُ عندي بشكلٍ  عفوي وبديهي وتلقائي...إي أرتجالا .   وأقولُ وأكرِّرُ الكلام : هذه  موهبةٌ ربانية ...والذي لا توجدُ  عنده  الموهبة الربَّانيَّة (سواء في  الشعر أو الفن وغيره ) لا يستطيع أن يكون شاعرا  أو  فنانا حتى لو  درسَ  وتعلم اللغة العربية وقواعدها والبحورالشعرية .. أو  درس الموسيقى والفن والدراما والتمثيل ..إلخ ...


*سؤال 4 )  ما رأيكَ  في الغموض الذي  يكتنفُ القصيدةَ والذي يجعلُ القارئَ يستعصي عليه فهم حقيقة ما وراء النص وما يقصدهُ الشاعر ؟

- جواب 4  - يجبُ أن يكون هنالك بعضُ الغموض في القصيدة الشعريّة  وهذا مما يضيفُ لها  جماليةً خاصة ونكهة مميزة ..ولكن إذا الغموضُ زاد عن حدِّهِ ستتشوَّهُ القصيدةُ من ناحية الجمالية والفنية والذوقية . وأيضا إذا كثرت التوظيفات الدلالية في القصيدة بشكل كبير  ستفقد القصيدةُ  الكثيرَ  من جماليتها وسحرها ورونقها  ووقعها الخلاب على المستمع  أو المتلقي .. وأنا أشَبِّهُ القصيدةَ بالطبخة ... فكلُّ طبخةٍ  إذا وُضِعَ  لها  مقدار صحيح وملائم  من  الملح   والبهارات والتوابل  فبالتاكيد  سكون  طعمُها ومذاقُها أشهى وأطيب،ولكن إذا وضع لها كميَّةٌ كبيرة من الملح والبهارات والفلفل وغيرها فالطبخةُ ستفقد  طعمَها ومذاقها الشهي ونكهتها  فلا يستطيع أحدٌ ان يأكل منها  .   وهنالك بعض النقاد والقراء يظنون أن التجديد  والإبداع  هو في الغموض،وأنَّهُ كلما كانت القصيدة موغلةً أكثر  في الغموض وكلها طلاسم  يكون  مستواها أعلى  وتكون قصيدةً حديثة وإبداعية .. ولكن هذا خطأ  كبير فالتجديدُ والإبداع ليس في الغموض  والإبهام بل في  المستوى والفحوى  والجوهر.. وفي  الصور الشعرية  الجميلبة  وفي  الإستعارات البلاغية الحديثة والمبتكرة  وفي المستوى الفني  والذوقي للقصيدة ، وفي الموضوع والبعد الفكري والفلسفي . وتصديقا لكلامي  فأبو الطيب المتبي وأبو القاسم الشابي من أهمِّ الشعراء العرب المبدعين والمجدِّدين على مرِّ العصور، ولكن أشعارهم لا يوجد فيها  الكثير من الغموض   والإبهام  بل معظمها مفهومة حتى للقارىءِ البسيط .     وأما اليوم ، وخاصة عندنا في الداخل ،فهنالك الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون قواعدَ اللغة العربية  ولا الأوزان الشعرية ولا يعرفون حتى كتنابة الإملاء ،ولايوجد عندهم أيُّ قسط من المعرفة  والثقافة . بل هم  أميُّون بكل  معنى الكلمة  ويخربشون  ويكتبون كلمات  غامضة  ومبهمة  وسخيفة  وتافهة  وكلها  هبل  وترهات وهراء ،وهم لا يعرفون أيضا ما هم يكتبون ويخربشون وعن أيِّ موضوع  يتحدثون .. ويسمون هذه الحماقات والسخافات والخزعبلات شعرا  .   هذا هو معظم شعرالغموض الذي نراهُ اليوم  والذي  لا يوجد له أيةُ علاقة مع الشعر والإبداع. والأنكى والأسواء من هذا فهنالك نويقدون لا يعرفون ولا يفهمون شيئا في النقد والادب ولا يعرفون قواعد اللغة العربية وأسس  النقد الموضوعي ويطلقون على هذه  الخزعبلات والتفاهات شعرا  حديثا إبداعيا ، ويكتبون  الكثير من المقالات السخيفة  ويمدحون  هذه  الكتابات التافهة  واصحابها  الإمعات  التافهين المتطفلين  والدخيلين   على  دوحة الشعر والأدب  .


*سؤال5 )  ما  هي القضايا التي  تركزُ  فيها على قصائِدكَ؟

-  جواب 5 –    أنا أعالجُ  جميعَ القضايا التي تهم ُّوتعني الإنسان في كل مكان وفي كل زمان ..وأولا القضايا الإنسانية والقضايا الوطنية  والقومية  ثمَّ الوجدانية  وغيرها . وأنا في الكثير من قصائدي أركِّزُ على  المواضيع والقضايا الوطنية  والإنسانية لأننا  نعيش  في  وضع  صعب ومركب في  الداخل .  والشاعرُ والفنان يجبُ أن يكونَ  نبراسا لشعبه والمجتع ولجميع الامم ، ومرآةً  ناصعة ويعكسُ الواقعَ  الذي يحياه  ويُريه بحذافيره  لجميع العالم  ( من خلال الشعر  والأدب والفن ) إذا  كان  مفرحا  أو  مُحزنا .. والكاتبُ والشاعرُ الذي  لا يكتبُ لشعبه وقضايا أمته المصيريّة لا فيه ولا في  شعره وكتاباته  فهو شخص انهزاميٌّ  ومتخاذلٌ وجبان  .


*سؤال 6 )   بما انكَ فلسطيني الأصل  و في ظل الاستعمار الغاشم على فلسطين الحبيبة هل تؤمن  بأنَّ الشعرَ قادر على تغيير العالم  إلى الأفضلِ في ظل السلم والسلام؟ 

-جواب 6 – لقد  فقد الشعرُ  في عصرنا الحالي الكثيرَ من قيمتهِ وأهميَّتهِ ، ولم  يعد  كما  كان سابقا قبل  مئات السنين  له  الدور  والوقع  والتأثير  الكبير في الحياة  الإجتماعية والسياسية  وغيرها ... ولكن الشعر مع  كل الظروف والمراحل  التي  مرَّ  بها  ما  زال  لهُ  بعض التأثير  في  جميع المجالات والمسارات الحياتية ... وهذا التأثير  قد  لا  يظهر مباشرة   ولا تُقطفُ  النتائجُ والثمار الإيجابية من الشعر مباشرة ،بل بعد فترة زمنية قد تطول...وحسب الظروف الموجودة :  محليا وعربيا ودوليًّا .  فالشعرُ  هو وسيلةُ تثقيف وتعليم وإدخال الوعي السياسي والوطني إلى قلوب وضمائر وعقول  ووجدان كل  مواطن  وكل إنسان فلسطيني  يعاني  من الإحتلال ومن الوضع المأساوي الذي يعيشه هذا الشعب . فالشعرُ يُلهبُ  المشاعرَ  والاحاسيس ويُذكي ويُؤجِّجُ الحماسَ والمشاعرَ الوطنيّة الجيَّاشة في نفوس  وضمائر الشعب  المحتل  والمظلوم   .  ولكي  يتغيَّرُ الوضعُ  على جميع المجالات يحتاج  هذا إلى وقت  .  والشعرُ هو وسيلةٌ للحفاظِ  على الهوية القوميَّة للشعب  الفلسطيني  ولكلِّ  شعبٍ  محتلٍّ  وتذكيره  دائما  بحقوقه المغتصبة وبقضيته العادلة  وبإدخال الوعي السياسي إلى الأجيال القادمة  والتي  لولا الشعر  والأدب  المقاوم  لنسيت  قوميتها  وهويتها  وقضيتها  ووطنها وتراثها وحضارتها  وحتى لغتها  .


*سؤال 7 )  درستَ الموسيقى والفلسفة كيف حاولت ان تربط بين الشعرِ بدهشتهِ وبهجتِه والفلسفة بتأملاتها وحكمتها؟ 

  - جواب 7- أنا أعتبرُ أنَّ العلومَ والفنون جميعها تكملُ بعضَها البعض ، وكل موضوع مهما كان بعيدا  عن الآخر فلا بُدَّ  ان يكون هناك بعض الاشياء والخيوط التي تربطهما ببعض ... والموسيقى بحدَّ  ذاتها  فلسفة ..وقد تتحدَّثُ عن  مواضيع وأمور كثيرة  : إنسانية ووجدانيّة  وفلسفيَّة . والموسيقى والفنون هما لغةُ المحبَّة والمودَّة والتقارب بين الشعوب والأمم ..ولغة السلام  ولغة الوجدان والرقيّ الأخلاقي والإنساني .   وأما الفلسفةُ فهي التحليلُ والتفسير الراقي والشامل لجميع الأمور الحياتية: الإجتماعية والإنسانيّة واللاهوتيّة والوجدانيّة والعاطفيّة والموسيقيَّة والفنيَّة .  والفلسفة هي علم العلوم  كما كانوا يسمونها عند الإغريق (اليونان) قديما. وكانت من أهم  وأسمى  المواضيع  التي  تُدرَّسُ  في  الجامعات والمعاهد العليا ...  وأما اليوم  فقد  فقدت  كثيرا من قيمتها  وأهميتها  كموضوع  له الصدارة والحفاوة الأولى  من بين معظم المواضيع  .  والجديرُ بالذكر ان فيثاغوروس الفيلسوف والعالم اليوناني القديم الذي أطلقوا عليه لقب ( أبو الفلاسفة ) كان موسيقيا  وعالما  في الرياضيات  والهندسة ، وهو واضع أسس وأصول جميع العلوم..وهو الذي ألَّفَ ووضع السلم الموسيقي القديم  ، ووضع نظرية  الخط  المستقيم  هو  أقصر  خط  بين  نقطتين مُتباينتين ...وتُسَمّى هذه النظريَّة ب ((نظريّة الحمار )). وكانوا في اليونان في العهد  القديم  يُدرِّسون الموسيقى  والرياضات  والهندسة  مع  بعض  كموضوع واحد ، لأن الموسيقى أيضا فيها رياضيات وحسابات ومعادلات ودرجات في النغمات وفي السلم الموسقي .

  واريد أن أضيفَ: إن الشعرَ هو موسيقى وغناء بحدِّ ذاته ( أقصد الشعر الموزون ) .. فالوزن أو البحر الشعري هو كالمقام في الموسيقى له نغماته وميزاته الخاصة .وهنالك بعض  الشعراء الموسيقيين يقولون عن الوزن الشعري أحيانا   (مقام  ) .


*سؤال 8 )  لقصائد النثر وقع خاص في  نفوس بعض الشعراء والمتلقين ما هي نظرتك لهذا النوع  من الشعر  وما هي  مقاييس  القصيدة الناجحة بنظرك؟

- جواب 8 –    إنَّ معظمَ القصائد النثريّة ليس  لها أيُّ وقعٍ  لا خاص ولا غيره  في نفوس ووجدان المستمعين (المتلقين ) ،وهذه هي الحقيقة .. لأن  الناس  ما زالت تعشقُ  الشعر الكلاسيكي التقليدي  ( الموزون والمقفى ) وهو الشعر الحقيقي، وتطرب بل تسكر وتنتشي لسماعه . والشعرُ النثري معظم الناس يرونهُ  ويعتبرونهُ ليس شعرا وأنهُ مجرد كلام عادي . ولكن  قد يلاقي الشعرُالنثري بعضَ الإهتمام من قبل نوعيّةٍ من الشعراء،وخاصة الذين لا  يعرفون الأوزان  ويكتبون الشعر المكسور المتحرر من  الوزن  والقافية .

      أنا لستُ ضدَّ كتابة القصيدة النثرية فالقصائد النثرية هي شعر وعمل أدبي ... وقد كتبتُ أنا عدةَ  قصائد نثرية ، ولكن هنالك شرط أساسي للذي  يريدُ أن يكتب القصيدة  النثرية  ( الإبداعية ) فعليه   أن يُجيدَ  أولا  كتابة القصيدة  الكلاسيكية ( الموزونة والمقفاة ) وإلا سيخفق  ويفشل  في  هذا المجال.. والقصيدةُ النثرية لها  شروطها واسسها  ومميزاتها .  ويجب أن يكون فيها موسيقى داخلية وجرس،وحتى إذا لم تكن ملتزمةً ببحور الخليل  فبالإمكان أن يكون  في  كلِّ جملة شعرية عدة  تفاعيل ، وستعطي  إيقاعا موسيقيا جميلا  للقصيدة .    وهذا بالإضافة  إلى الصور الشعرية الجميلة  وللإستعارات البلاغية  المبتكرة .. وللموضوع  الراقي  وللأبعاد  الجمالية والفنية والذوقية والرؤيا الفلسفة وغيرها..وهذه هي بعضُ شروط القصيدة النثرية الحديثة. ولكن مهما كانت القصيدةُ النثريةُ ناجحةً وفيها إبداع تبقى قزمة أمام القصيدة الكلاسيكية العمودية الإبداعية التي تحتوي وتضمُّ  كلَّ  عناصر وأسس التجديد والحداثة والإبداع في الفحوى والمضمون . ...والقصيدةُ  الكلاسيكية  هي  قادرة  على استيعاب كل التطور والتجديد  والتقنيات الحديثة  إذا  كان الشاعرُ  قديرا  وضليعا  ومتبحرا  في  اللغة العربية وفي معرفة  الأوزان ، وعنده الموهبة والطاقة الشعرية  الربانية الخارقة   .      ولكن هنالك قلة من الشعراء على مرِّ العصور عندهم هذه الإمكانيَّات  وتلك الطاقات الخارقة : كالمتنبي  وأبي العلاء المعري وأبي تمام   وعمر الخيام   وأبي القاسم الشابي  وسعيد عقل   وأحمد  شوقي   ونزار قباني  و((حاتم جوعيه )).. إلخ ..


 *سؤال 9) كيف تُقَيِّمُ الساحةَ الشعريةَ على منصاتِ التواصل الاجتماعي وماذا أضافت لعالم الكتابة الادبية عموما ولك خصوصا ؟

- جواب 9 –  إن وسائلَ الإتصال والتواصل الحديثة كالفيسبوك والمواقع والمنتديات وغيرها  لعبت  دورا  إيجابيا من  خلال إيصال  انتاج  وإبداع الكثير من الشعراء القديرين والمبدعين إلى الأضواء وإلى قطاع اكبر من القراء  والمشاهدين  محليا وخارج البلاد ... ولولا وسائل الإعلام  الحديثة وشبكات  التواصل  الإجتماعي  لبقي  قسمٌ  كبير  من الشعراء  المبدعين  المظلومين مجهولين ومنسيين ولا احد يسمع بهم .   ولكن لوسائل الإعلام والتواصل الحديثة  دور سلبي  أيضا حيث أصبح اليوم  كلُّ شخص  عنده   فيسبوك وواتس آب وجهاز  كيمبيوتر أو  بيليفون ( جوال ) ويستطيع  أن يتواصل مع العالم وان ينشر ما يكتبهُ ويُخربشهُ (حتى لو كان هبلا وهراء وتفاهات  وليس  شعرا )  في  الكثير الكثير من وسائل الإعلام  والمواقع والفيسبوكات... وبهذا  لقد اختلط الحابل بالنابل  .     واليوم  أصبح  الكلُّ شعراءً وكتاب . وأما الشعراء والكتاب الكبار والمُبدعون والمخضرمون فقد ضاعوا  بل اختفوا بين الآلاف المؤلفة من الشويعرين  الدخيلين على عالم الشعر والأدب . 


*10)أيُّ ديوان من دواوينك هو الأقرب إلى روحك؟ 

- جواب 10 -    أنا أحبُّ  كلَّ دواويني وكل قصائدي ، ولا توجد قصيدةٌ عندي أفضلَ واحسن من الاخرى، لانَّ كلَّ شيىء أكتبهُ هو خارج ومنبثق من أعماقي وروحي وقلبي ووجداني .   فقصائدي الشعريةُ هي انعكساسٌ وترجمة  لمشاعري  وأحاسيسي  ولواعجي  الذاتية  ولفكري  وومبادئي وآيديلوجيتي في الحياة . ولهذا فكلَّ شيىء أكتبهُ أنا أعتبرُهُ كأنهُ ابن لي فلا أفضلُ قصيدةً شعرية على الأخرى  أو ديوان شعر أصدرتهُ  على  ديوان آخر لي .

 ..........................................

في نهاية هذا الحوار الممتع شاعرنا الكبير الدكتور حاتم جوعيه  لك مني كلّ الشّكر والثناء على هذا اللقاء القيّم الماتع مع متمنياتي لك بالتوفيق. و حبذا لو تهدي لقرائك قصيدة من قصائدك الرائعة

  

 سلامًا  لأرضِ   الجُدود  


أحِبُكِ    حُبَّ     الترابِ    المَطرْ       وَحُبَّ   الطيورِ   غصونَ   الشَّجَرْ    

أحِبُكِ   في  سَكرةِ  الجُرح ِ  لحنا       طروبًا    خلوبًا       يُنيرُ     الفكرْ 

يُجَسِّدُ   حُزني   عذابَ  الشُّعُوبِ         وتخطُو    ظلالي    بأبهَى  صُوَرْ 

سَأحملُ  عِبءَ  الكفاحِ   وَأمضي        على  صهوةٍ  المَجدِ   يحلو  السَّفرْ  

وَأبني  خرائبَ   صرح ٍ   تداعَى        أعيدُ       خرائِط َ    جيل ٍ    أغَرْ  

وأعزفُ   ألحانَ   قلبي   الكئيبِ         على  مسمع ِ الطير  حتى  السَّحَرْ 

لأجلِ  هواكِ  أخوضُ   الصِّعابَ         وأطوي الشِّعَابَ  وَما  من  ضجَرْ

سَأذكي   سماءَ    البلادِ     كفاحًا         فإمَّا   الرُّكوعُ    وَإمَّا    (الحَجَرْ)  

فإمَّا   نكونُ    وَأن    لا    نكونَ        فإمَّا     المَمَاتُ     وإمَّا     الظفرْ  


سلامًا    إليكِ     سلامَ    الكفاحْ        مَعًا    سَنضَمِّدُ     كلَّ      الجراحْ 

معًا  سَنخُوضُ  خضمَّ  الخطوبِ         سَويًا    سنركبُ    مَتنَ     الرِّياحْ  

رفاقا على الدَّربِ  للفجرِ نمضي         ندُقُّ     ونقرَعُ     بابَ    الصَّباحْ   


سَلامًا   إليكِ    سلامَ    الصُّمُودْ         بنارِ   الكفاحِ     نعَلِّي       البُنودْ  

سَلامًا   لأحلى   ترابٍ    طهُورٍ          سلامًا .. سلامًا   لأرض  الجدُودْ  

فطوبى  لشمسٍ  تضيءُ  دياجيرَ         سجني    وتجتاحُ    كلَّ    السُّدودْ 

أغنِّي   لشعبٍ    بهيِّ    الأماني         لحُبٍّ      تبرعمَ     رغمَ    القيُودْ   


سَأحملُ  حُبَّكِ   في  ليلِ  حزني          وَأطوي    الوهادَ    أغنِّي     الفِدَا

أقبِّلُ   طيفكِ   في   كلِّ    دربٍ         وَأحضنُ   رمشَكِ    طولَ   المَدَى  

لاجلِ   هواكِ   يطيبُ   المَمَاتُ          وَأرضي    لذيذ ٌ   عليهَا    الرَّدَى  

أعَانقُ    فيكِ    جمالَ   الوُجودِ          وَسحرَ  النجوم ِ   وَضوءَ    القمَرْ

سَيبقى هَواكِ  اللَّجوجُ  الطَّمُوحُ          مَدَارَ    السِّنينِ     خيوط َ    القدَرْ  

رأيتُكِ شمسًا  تضيىءُ  الدُّروبَ          دروبَ    حياتي    وَتُجلي   الحُفرْ    

رأيتُكِ    حُلمًا   جميلا    تهادَى          يُعانقُ    حُلمي   الجميلَ   النَّصرْ  

سَأبقى    أحبُّكِ    حتى    الفناءَ          وَيفنى   الوُجودُ    ويفنى    البَشَرْ 

سَمعتُ  غناءَكِ    قبلَ   الرَّحيلِ           وكانَ    الوَداعُ    وكانَ    السَّفرْ 

فصوتُكِ  لحنُ  الخُلودِ   لروحي          عَزاءٌ    لِمَنْ    بالهُموم ِ    استعَرْ      


شراعي  يميدُ  مع  الرِّيح ِ تيهًا            يسيرُ     حثيثا     إلى    شاطئيكِ  

خُذيني .. خُذيني  كطفلٍ  وديع ٍ          أنامُ     وأغفو    على     ساعديكِ     

فأنتِ  صباحي، وَعِطرُ  الأقاح ِ           شَذاهُ     تضوَّعَ     مِن   وجنتيكِ    

         

سَكبتُ   أريجي  على  راحتيكِ           وَضَمَّختُ   كأسي  بضوءِ   القمَرْ  

يُصَفِّقُ  طيري   لِطيفِ  النَّسيم ِ          وتهوَى   جناني    عذارَى    أخَرْ     

أغنِّي   فتصبُو   وهادٌ    فساحٌ           وَيصحُو  الجَمادُ  وَيُصغِي  الحَجَرْ      

وتعلو  بنودٌ  ،   تُدَوِّي   رعُودٌ          ويبكي    شتاءٌ    وَيهمي      مَطرْ  

وَعُمرٌ  جميلٌ   كغضِّ  الوُرودِ          يموجُ     بسحرِ   الحياةِ     العَطِرْ  


إذا   متُّ   حُبًّا   لأجلِ   بلادي          وَرُوحي   توارَتْ   وراءَ   السَّديمْ 

فزوري ضريحي فتاة َ الأماني           وَنوحي  مع   الطير   ثمَّ   النُّجومْ 

ستبقى عذارى "الجليل ِ" تُغنِّي           وَتُسبلُ    دمعًا     كدمع     الغيومْ  

فواحَسرَة ً    للشَّبابِ    الجَميل ِ          يغيبُ    ضياؤُهُ     تحتَ    الأديمْ  

سأخلعُ صمتي  وأجلو الضَّبابَ           وأنضُو   التُّرابَ     أشُقُّ    الكفنْ  

سآتيكِ   نسرًا   جَمُوحًا   تلظَّى          بنار ِ    الكفاحِ     وَنارِ     الشَّجَنْ 

هَواكِ     أعادَ    إليَّ     الحياة َ         وَعَمَّقَ   في  القلبِ   حُبَّ   الوطنْ    


حوار صبري يوسف حول السَّلام العالمي مع الكاتبة والإعلاميّة اللّبنانيّة لورا مقدسي


                                الكاتبة والإعلاميّة اللّبنانيّة لورا مقدسي 



1ـ ما هي برأيِكِ أهمُّ أسبابِ تراجعِ السَّلامِ العالمي بينَ البشرِ؟

الأسباب كثيرة، من أهمها إخفاق الأمم المتحدة في تحقيق السلام العالمي. والإخفاق ليس مفاجئا خصوصًا أنَّ الأمم المتحدة قامت بشروط وضعها المنتصرون في الحرب العالميّة الثانية، وعلى أسس تحفظ توازن القوى بين الدول إيّاها، رغم أنّ المنظمّة الدوليّة أُنشئت في الأصل لحفظ السلم والأمن الدوليين وتسوية النزاعات، على اختلافها، بطرق سلمية. 

من أسباب تراجع السلام العالمي أيضًا سباق التسلّح بين الدول العظمى، وحاجة هذه الدول إلى ساحات لبيع منتوجها من السلاح الفتّاك، وازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الكبرى في حقّ الدول في الدفاع عن النفس وحجب هذا الحقّ عن أخرى. ما يحصل في غزّة خير مثال على هذه الازدواجية. العالم يتفرّج على إبادة جماعيّة ضدّ الشعب الفلسطيني ولا يحرّك ساكنًا، لا بل يسعى إلى تشجيع الآلة الحربية الإسرائيليّة على قتل المزيد من المدنيّين الفلسطينيّين. 


2ـ لماذا ابتعدَ الإنسانُ عَنِ السَّلامِ والوئامِ بينَ بني جنسِهِ، سائراً نحوَ حقولِ الألغامِ الَّتي تنسفُ حيثيَّاتِ السَّلامِ مِن جذورِهِ؟

لم يتغيّر المشهد الكوني كثيرًا. كان الإنسان يستعمل المنجنيق، فصار يستعمل الطائرات والصواريخ والمسيّرات. وهذه تخترق السماء والأرض وتعكّر صفو الحياة وتقتل، وتشرّد وتترك الناس- وغالبيّتهم من المدنيّين الفقراء والمعدمين-  أرامل، ويتامى.  والشعارات التي ترتفع هنا وهناك لتبرير التوّحش والبربريّة وسفك الدماء لا تعيد للمشرّد بيته، ولا للطفل ابتسامته ولا للأمّهات فلذات الأكباد.                        

يقول فيكتور هيجو: نحن نرزح تحت عبء أفكار متوحشة تلوّث أرواحنا، ما يجعلنا نعيش من أجل البقاء، وليس من أجل الحياة".                                                                                 

لا نزال نجهل القوانين التي تحرك عجلة التاريخ، نظرًا لكثرة العوامل التي تؤثر في حركته، لكن الثابت الوحيد والأكيد هو الناس بتطلّعاتهم وطبائعهم المتباينة جدًا.                                                  

مهما يكن من أمر، فإنّنا في أمسِّ الحاجة؛ اليوم؛ لأن نفكّر بطريقة تجعلنا نسعى من أجل الحياة.        


3ـ ما هي أسبابُ انكفاءِ الحسِّ الأخلاقيِّ والمعاييرِ الرَّاقيةِ عندَ الكثيرِ مِنَ البشرِ في الوقتِ الرَّاهنِ؟

ما يحتاجه العالم كي ينهي هذه المأساة البشرية الجاثمة منذ أجيال على الصدور هو البحث عن أفكار جديدة تحرر الذهنية البشرية من قيود الماضي الأليم الذي نشأت عليه، والتي يمكن تلخيصها بثنائيّة: نحن نحن وهم هم.                                                                                 

هذه الثنائيّة تسبّبت بتشققات مخيفة في الضمير البشري، سواء على المستوى الفردي، أو على مستوى الجماعة التي أنتجت عصبيّات قبليّة ومذهبيّة وثقافيّة، إلخ...                                           


4ـ يركّزُ الإنسانُ على العلاقاتِ المادّيّةِ، وغالباً ما تكونُ على حسابِ إنسانيّةِ الإنسانِ، لماذا يتراجعُ الإنسانُ نحوَ الأسوأ في علاقاتِهِ معَ بني جنسِهِ: البشرِ؟!

إنّها من مساوىء الرأسمالية وثقافة الاستهلاك التي تؤدّي بالفرد إلى وضع المصلحة الاقتصادية فوق أيّ اعتبار آخر.

إنَّ المأزق التاريخي  للنظام الرأسمالي ليس في نتائجه الاقتصادية فحسب، بل بتأثيرة الهائل على العلاقات الإنسانيّة وتفكّكها. الرأسماليّة تنظر إلى المجتمع باعتباره مصنعًا يؤمّن استمرارية النظام ويخدم أهدافه. وهي تمارس بذلك القهرين المادي والمعنوي، فيتحوّل العمل من وسيلة عيش إلى قيمة في حدّ ذاته، أي إلى هدف محوري من وجود الإنسان. 

وهكذا نجحت الفلسفة الرأسماليّة في إعادة تشكيل الأنماط والأدوار الاجتماعيّة وانعكاساتها على حياة الفرد اليوميّة، وعلى كيفية تصوره لذاته وللآخرين.


5ـ هناكَ تطوُّرٌ كبيرٌ في تقنياتِ وتكنولوجيا العصرِ، يسيرُ عصرُنا نحوَ فتوحاتٍ كبرى في عالمِ التّقانةِ والتَّحديثِ، لكنَّهُ فقدَ الكثيرَ مِنَ الحميميّاتِ، كيفَ يمكنُ إعادةُ العلاقاتِ الحميمةِ الرَّاقيةِ بينَ البشرِ؟!

كلّما ارتفعت وتيرة الفتوحات التكنولوجيّة الكبرى، خسرَ الإنسان حميميّة العلاقة الإنسانيّة، الوجدانيّة مَعَ الآخر. لا يمكن الحديث عن سلام بين البشر، في الحيّزين الخاص والعام، من دون العناية بتربية جيل مختلف، متميز بأريحية الوجدان، والأخلاق وقيم المحبّة والعدالة والمساواة بين البشر.                     

لا يمكن الاستناد إلى المؤسّسات التربوية وحدها. البيت أهمّ مدرسة تربويّة على الإطلاق، وعلى الوالدين أن يعوا أهميّة أن يزرعوا في ضمائر أولادهم الحب، ولا شيء غير الحبّ. إنّه الأكثر ملاءمة لقدرات الفرد وحاجاته وتطلّعاته. الحبّ ديمومة. أمّا الكراهية والاحتقار والتمييز العنصري والخوف من الآخر المختلف، فحالات طارئة يصنعها مرضى نفسيّون يعانون من إحباط، ومن خسارة كلّ أمل بالحياة.                 

 

6ـ لا يتمُّ تأسيسُ الكثيرِ مِنَ الدُّولِ الشَّرقيّةِ/ العربيّةِ وما يجاورُها على أسسٍ ديمقراطيّةٍ، غالباً ما تجنحُ نحوَ الحروبِ والدَّمارِ، متى ستتعلَّمُ هذهِ الدُّولُ أنَّ بناءَ الدَّولةِ يقومُ على بناءِ المؤسَّساتِ الدِّيمقراطيّةِ وتطبِّقُ هكذا مؤسَّساتٍ؟

هذا سؤال يصلح موضوعًا لبحث علمي. وأستطيع الجزم أنّه صدر الكثير من المؤلّفات التي تعالج هذه المسألة وبلغات عديدة، لكنّي سأوجز هذا النقاش الكبير بسطرين لأقول إنَّ  البعض يتحدّث عن أنَّ الديمقراطية لا تصلح في المنطقة العربية لأنّ ناسها بحاجة على تلبية حاجاتهم من مأكل وملبس قبل التفكير بالديمقراطية. فهذه الأخيرة تحتاج إلى نضج ومستوى متقدّم من الرفاهية والاستقرار الاجتماعي كي تنمو وتزدهر. 

البعض الآخر يرى في هذه المقاربة مغالطة كبرى يستغلّها أصحاب السلطة في الدول العربية لتبرير الاستبداد ومصادرة الحريّات والتعامل مع الفرد العربي على أنه كائن يبحث عن سدّ حاجاته الماديّة أوّلًا.

والحقّ أنَّ الحكّام العرب يحتاجون ليس إلى فهم الحوكمة الرشيدة واعتمادها فحسب،  بل إلى قناعة عميقة ووعي بأنّ استمرارهم في الحكم القبليّ على النحو المعتمد في ممالكهم وقلاعهم ومدنهم - من دون الاستناد إلى دولة القانون والمؤسّسات- سيبقي المنطقة برمتها في غياهب الجهل وظلام العصور الوسطى.


7ـ  جاءَتِ الأديانُ كلُّ الأديانِ، لتقويمِ سلوكِ وأخلاقِ البشرِ، ولإرساءِ أُسُسِ العدالةِ والمساواةِ بينِ البشرِ، لكنْ واقعُ الحالِ نجدُ انشراخاً عميقاً بينَ المذاهبِ عبرَ الدِّينِ الواحدِ، وصراعاتٍ مميتةً بينَ الأديانِ، إلى متى سيبقى هذا الصِّراعُ والتَّناحرُ مفتوحاً بينَ المذاهبِ والأديانِ؟

الأديان مصدر كلِّ مصائبنا. نذبح بعضنا بعضًا، نقتل. نشرّد. نسبي. نحوّل الأرض إلى رماد، والبحر إلى بركة دماء من أجل فكرة عبثيّة تتعلق بالدين وبصراع الثقافات. ثمَّ يقول أتباع الأديان أنَّها جاءت لتهذّب عقول البشر، ويروحون يدافعون عن أنبيائها، وحرّاسها ومخترعيها غير آبهين بأن الدين كان ولا يزال أداة فتّاكة لإشعال الحروب بين المجموعات البشريّة.


8ـ سُمِّيَ القرنُ التّاسعِ عشر بعصرِ القوميّاتِ، نحنُ في بدايةِ القرنِ الحاديِ والعشرينِ، ومانزالُ نتخبّطُ بالحقوقِ القوميّةِ وحقوقِ الأقلِّياتِ، إلى متى سنظلُّ نتصارعُ كأنَّنا في غابةٍ متوحِّشةٍ، لماذا لا نركِّزُ على بناءِ الإنسانِ وتأمينِ حقوقِ المواطنِ القوميّةِ والمذهبيّةِ والدِّينيّةِ بعيداً عَنْ لغةِ العنفِ والعنفِ المضادِّ؟!

إلى أن تنتفي ازدواجيّة المعايير فيما خصّ حقوق الإنسان وحقوق الأقليّات الإثنيّة والثقافيّة والعرقيّة والجنسيّة إلخ... إلى أن نتوّصل إلى بناء عالم واحد، تسوده المساواة والعدالة. التوحّش جزء من حضارتنا البشريّة، نحتاج إلى سنوات مديدة من النقد الذاتي، ونقد أنظمتنا والبنى العميقة في مؤسساتنا السياسية والاجتماعية والثقافيّة والدينيّة السائدة كي نؤنسن حضارتنا والعالم الذي نعيش فيه. 


9. تحاولُ الدُّولُ العظمى أنْ تنشبَ حروباً في الدُّولِ النَّاميةِ كي تصنعَ حروباً، فتعيشَ الدُّولُ المتقدِّمةُ على حسابِ المزيدِ مِنَ التّعاسةِ في الدُّولِ النَّاميةِ، إلى متى ستبقى هذهِ المعادلةُ المخرومةُ قائمةً في أبجدياتِ سياساتِ بعضِ الدُّولِ الكبرى؟ 

تعتبر دول الشرق الأوسط وأفريقيا أمثلة حيّة على الكولونياليّة الجديدة -القديمة، وهناك أبحاث أكاديميّة تدرس وتفنّد نظرية ما بعد الكولونيالية: المفهوم، النشأة، التطوّر، الروّاد والأعلام. 

كم نحتاج في عالمنا العربي إلى فرانز فانون جديد، يتبنّى الأفكار التي تقوم بتشريح الظاهرة الكولونياليّة التي أدّت إلى انقسام العالم انقسامًا ثنائيًّا، والتي يمكن أن توحِّده لو تحرّرت حكومات العالم وشعوبه عن الاستعمار.

يعتبر فانون مرجعيّة بحثية في معالجته لمشكلة الاغتراب الثقافي، وما خلّفه الاستعمار من أمراض نفسيّة حيث خصّص فصلَا كاملًا من كتابيه "معذّبو الأرض" و"بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" لحالات مرضية أوجدتها الظاهرة الاستعمارية في البلدان الفقيرة، المعدمة.

وتحدّث إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" عن تيّار ما بعد الكولونيالية، ورفده بتحليلات جديدة، لتشكّل فيما بعد حقلًا معرفيًّا جديدًا قائمًا على نقد الاستعمار، ولفهم جديد لعلاقة الدول المستعمِرة والمستعمرَة ضمن فضاء تعدّدي يستوعب الثقافات دون الإشارة إلى أيّة ثقافة مركزيّة. 

كشف ادوارد سعيد الآليات التي يمارسها الخطاب الكولونيالي للتغطية على ممارساته، حيث يشير أنَّ هذا الخطاب ظلَّ يركّز على تخلّف الشعوب المستعمَرة وعدم أهليتهم لحكم نفسها. وأشار الى أنَّ كارل ماركس برغم تقدميته ووقوفه مع شعوب العالم الثالث في حربها ضد الاستعمار، إلّا أنّه كان مقتنعًا هو الآخر بعدم أهلية هذه الشعوب على حكم أنفسهم. 

وبالتزامن مع هذا الخطاب الذي يكرس دونيّة الشرق وفوقيّة الغرب يبادر الخطاب الكولونيالي إلى حجب كافة المعلومات المتعلقة بالمكاسب الكبيرة التي يحققها الاستعمار والمتمثلة بنهب الموارد كالمواد الخام. ومن المعلوم أن الظاهرة الاستعمارية الحديثة قامت في الأساس على التنافس على المواد الخام من قبل الدول الرأسمالية الاستعمارية بعد التصنيع السريع المتمثل بالثورة الصناعية والذي أدى الى نضوب المواد الخام ومصادر الطاقة، مما حدا بهذه الدول إلى استعمار الدول التي لم تشهد نموًا صناعيا وظلّت محتفظة بموادها الخام في باطن الأرض.


10. الإنسانُ هو المهمُّ، هو جوهرُ الحياةِ، وهوَ العقلُ المدبِّرُ لقيادةِ الكونِ، مَعَ هذا لا أراهُ مهمَّاً في برامجِ الكثيرِ مِنْ دولِ العالمِ، لماذا لا يتمُّ التَّركيزُ على بناءِ إنسانٍ خيِّرٍ وحكيمٍ ومحبٍّ للسلامِ والعدالةِ وبناءِ الأوطانِ؟

لا تُفرَض السلطة بالبطش وحده. والمتسلّط يُنوِّع في أدواته لبسط سيادته على المستضعفين القابعين في أدنى ترتيب الهرم الاجتماعي. وسواء كان المتسلّط مستعمرا خارجيا أم سلطة شمولية داخلية، فإن العصا تلعب مع الجزرة دورا متبادلا بين إرهاب الجماهير وإخضاعهم معنويا بالعنف الناعم الذي يبدو، أحيانًا، أشد أثرا لكونه يتغلغل في قناعات الإنسان ويحكم لا وعيه.

ويُعتَبر عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو أبرز مَن تناول هذا المفهوم القهري، وعرّفه بالعنف الرمزي الذي يمارس باتفاق خفي بين الجلّاد والضحيّة، عبر علاقات الاتصال التي تجمعهم بأساليبها المختلفة.. وقد رأى بورديو أنَّ المؤسسات التربوية والإعلامية تُمثِّلان الأداة التي تفرض المتسلّط على المقهورين، ممّا يعني إخضاعًا أطول بأساليب هادئة، غير عنيفة.

وتلعب المدرسة في رأي بورديو دورا محوريا في ممارسة هذا القهر، إذ إنها بدلا من خلق القدرة على السؤال والبحث، تقوم بإعادة إنتاج للأجيال التي مورس في حقها عنف السلطة الرمزي، دون أي تجديد في ذلك؛ وبغرض الإبقاء على النظام الاجتماعي في الصورة التي تختارها السلطة، وإبقاء الطبقات الدُّنيا في حالة خضوع مستمرّ للطبقات المُهيمنة.  

أظنّ أنَّ أسلوب التدريس التقليدي المعمول به في العديد من الدول يساهم في تعطيل الطاقات الكامنة لدى الطلّاب، ويستهدف تطويعهم من أجل أن يتأقلموا مع عالم القهر، وهكذا يتمّ إرساء دعائم التخلف في المجتمع.


11. عجباً أرى، كيفَ لا يفهمُ المتصارعونَ والمتحاربونَ أنَّ لا منتصرَ في الحروبِ، حتَّى المنتصرُ هو منتصرٌ على حسابِ جماجمِ الآخرينَ؟ نحنُ بحاجةٍ أنْ ننصرَ قيمَ الخيرِ والعدالةِ ونحقِّقَ الدِّيمقراطيّةَ والمساواةَ للجميعِ مِنْ دونِ هدرِ الدِّماءِ!

صحيح. يجب العمل لإرساء قيم الخير والعدالة والمساواة والديمقراطية، وهذا يتطلّب مجهودًا متواصلًا، من دون تردّد أو تراجع أو توقّف. والبداية تكون في إزالة التخلف في المجتمع، والتخلف ليس سوى فقدان للكرامة والقيمة الإنسانية، بحيث يتحوّل فيه الإنسان إلى شيء ووسيلة.  

إنَّ التخلّف الاجتماعي مرهون بقدر القهر الذي يُلاقيه البشر في مجتمعاتهم، وكلّما زاد القهر زاد التخلف. فكيف يمكن النظر إلى التحليل النفسي للقهر وآلياته، وكيف يمكن إحلال قيم الخير والعدالة والديمقراطية 

والمساواة بدل القهر والتخلف في مجتمعاتنا، هذا هو التحدّي الأكبر. 

12. أبحثُ عَنْ إنسانٍ حكيمٍ، عاقلٍ، جانحٍ نحوَ السَّلامِ، خيِّرٍ يقودُ البلادَ إلى دِفءِ الوئامِ، متى سنرى قائداً بهذهِ الحيثيّاتِ، يقودُ البلادَ إلى أبهى واحاتِ الأمانِ والسَّلامِ؟!

نحتاج إلى أمّ تريزا جديدة تبذل جهودًا بحجم جبال من أجل البشرية.


13. الحيوانُ المفترِسُ يفترسُ الكائناتِ والحيواناتِ الضَّعيفةَ مِنْ بني غيرِ جنسِهِ، مِنْ أجلِ البقاءِ، بينما الإنسانُ، هذا الكائنُ (السَّامي)، يفترسُ بني جنسِهِ ليسَ مِنْ أجلِ البقاءِ، بلْ بسببِ البطرِ والنُّزوعِ الحيوانيِّ، كأنَّهُ ينافسُ الحيوانَ المفترسَ افتراساً، إلى متى سيفترسُ الإنسانُ بني جنسِهِ؟!

"الخير في الناس مصنوع إذا جبروا، والشرّ في الناس لا يفنى وإن قبروا"، كتب جبران خليل حبران في مطلع قصيدته "المواكب"، ليؤكّد على حقيقة مفادها أنَّ الأصل في الإنسان هو الشرّ وليس الخير إلّا استثناء.

ويذهب جان جاك روسو إلى اعتبار أنَّ لا شرّ في الكون إلّا ما يفعله الإنسان، ليعطي بذلك دليلًا قويًا على أنَّ كلَّ الشرور التي توجد في هذا الكون مصدرها الإنسان .

إن ما يدفع الإنسان نحو الشر أكبر من دافعه نحو الخير. وإتيانه للخير ليس سوى من أجل مصلحته. هكذا يتضح أنَّ البشر لا يبالون بالخير، ما يهمّهم في الحقيقة هو مصالحهم، ومن أجل ذلك ينافقون ويسرقون ويظلمون ويقتلون ويغتصبون ويحرقون ويدمّرون ويذلّون.

الفعل الحقيقيّ اللائق بإنسانيّتنا هو قرارنا الواعي بنبذ ميولنا الأنانيّة ومدّ جسور الخير نحو الآخر. ولعلّ أبيات الفيلسوف محيي الدين بن عربي تختزل هذا القرار الذي أتحدّث عنه:  

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي

إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

لقد صارَ قلـبي قابلاً كلَ صُـورةٍ

فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ

وبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ

وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن

أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ

ركـائـبهُ، فالحبُّ ديـني وإيـمَاني.


14. الإنسانُ حيوانٌ اجتماعيٌّ بالطَّبعِ، أنا لا أرى فيهِ هذهِ الرُّوحَ الاجتماعيّةَ، بَلْ أرى فيهِ جنوحاً نحوَ البوهيميّةِ والغرائزيّةِ، كيفَ يمكنُ أنْ ننقِّيَ هذا النُّزوعَ البوهيميَّ وننمِّيَ فيهِ إنسانيّةَ الإنسانِ؟!


يحتاج الإنسان إلى قرار واضح وبذل التضحيات الجسام من أجل السيطرة على نزواته الشريرة، وتغليب الخير القليل الذي فيه. وهذا، لعمري، من اختصاص قلّة من المتنوّيرين، الأذكياء حقًّا.  

أن تكون إنسانًا يعني أن تملك حساسية مفرطة ليس نحو المذهب واللون أو العرق إنما نحو الإنسان والكائنات الضعيفة على الكوكب. فثقافة الإنسانية لا تأتي من فراغ، هي جزء من حضارة الشعوب. وهذه الحساسية الإنسانية هي التي تحرّك القيم التي ستكفل يومًا ما الوقوف ضد السياسات الجائرة التي تبنيها مصالح الدول الكبرى.


15. كيفَ تنسُجينَ خيوطَ بحوثِكِ ونصوصِكِ، وتُترجمي أفكارَكِ الإبداعيّةِ وأنتِ غائصةٌ في لجَّةِ الأحزانِ المتفاقمةِ في هذا الزَّمنِ المفخَّخِ بالتَّوهانِ عَنِ الهدفِ، أمْ أنَّكِ تزدادينَ ألقاً وعمقاً في صياغةِ أفكارِكِ رغمَ انشراخاتِ هذا الزّمانِ؟! 

الأحزان تفتح أبواب الكتابة على مصراعيها، والمبدع هو من يأخذ بيد أحزانه ويوصلها إلى ضفّة التعبير وأناقته. الحزن صديق الإنسان، وقد كتبتُ فيه نصًّا شعريًّا يقول: 

يا صديقي الحزن

تريّث قليلاً

فعندي ما يكفي من الأحزان

وفي فنجانِ قهوتي مدينةٌ 

بلا هواء

لا تمتلك اتساعَ الأشياء

وجهُها مطفأ 

جسدُها زورق 

كآخرِ واحةٍ مهجورة على هذا الكوكب

أشدُّ فتكًا من ارتطام العظام

أشدّ فتكًا من صداعِ الشقيقة، 

يا صديقي الحزن

تريّثْ قليلًا

ولنستبدلْ قهوةَ الصباح بأغنيةٍ صغيرة.


16. لا أرى أهدافاً عظيمةً ممَّا يهدفُ إليها إنسانُ اليومِ، غالباً ما تكونُ أهدافاً عقيمةً مِنْ حيثُ فائدتُها للمجتمعِ البشري، إلى متى سيغوصُ في ترّهاتِ الحياةِ، تاركاً أسمى الأهدافِ بعيدةً عَنْ نُصْبِ عينيهِ؟!

المبدعون قلّة. إنسان اليوم غارق في الاستهلاك والتفاهة، وهذه سمات المرحلة، وإحدى نتائج الرأسمالية الفجّة وثقافة الاستهلاك. نحتاج إلى ثورة أو ثورات ثقافيّة كبرى تعيد للحياة مقاصدها وقيمتها الجوهريّة وتنتشل الفرد من ضياعه. والسؤال الكبير هنا يطال دور المثقّف أو المفكّر العربي، وغيابه الكبير.

 

17. ما هوَ دورُكِ مبدعةً، مثقَّفةً، مفكِّرةً عندما ترينَ الإنسانَ يقتلُ بني جنسِهِ بقلبٍ باردٍ، مِنْ دونِ أنْ يرمشَ لَهُ جفنٌ؟

يتميّز المثقّف في العالم العربي بأمور ثلاثة: ابتعاده عن نقد السلطة والاشتباك الفكريّ معها، الثاني هو عدم انخراطه في الصراعات والانتفاضات الشعبيّة التي خاضتها قطاعات مختلفة من الشعوب العربية، والبقاء على هامش الأحداث في معظم الأحوال، صامتًا أو منحازًا للسلطة، والثالث رهانه العنيد على السلطة القائمة في إحداث التغيير المطلوب. 

المثقّف العربيّ في اغتراب عن محيطه. يمكنه نقد الدين، ولا يمتلك الشجاعة المعنويّة لنقد السلطة  السياسيّة. وفي بعض الدول العربيّة لا يقوى على نقد أيِّ منهما، بل يصبّ جام غضبه على الاستعمار الغربيّ، كسبب رئيسيّ للغوغائيّة المستشرية  وغياب الإصلاحات في مجتمعه. 

أحاول الخروج عن هذا النمط السائد من المثقّفين، لكنّنا في لبنان نعاني من الفردانية القصوى، والتعاون يكاد يكون مفهومًا غريبًا عن مجتمعنا، فترى المثقّف يعمل وحيدًا بمفرده، دون مؤازرة من المثقّفين الآخرين، لأنّ اللبناني بطبيعته يطمح إلى شخصنة المجهود الإنساني، وعدم التشارك مع آخرين بالرغم من ضآلة الإنجازات التي قد تتحقّق. 


18. كيفَ يمكنُ أنْ ننقذَ فقراءَ وأطفالَ هذا العالمِ مِنَ الخرابِ والفقرِ والقحطِ الَّذي بدأَ يستفحلُ في الكثيرِ مِنْ دولِ العالمِ؟!

بتوفير فرص العلم والعمل لهم. بتقاسم عادل لخيرات الأرض بين الدول الغنيّة والدول الفقيرة. بردم الفجوة الهائلة بين شمال الكرة الأرضيّة وجنوبها، بالاستثمار في توطيد السلام والاستقرار والتنمية بدل هدر المليارات في صناعة الأسلحة وتطويرها بلا هوادة.

القائمة تطول، والحلول كثيرة، لكن هل هناك فعلَا الإرادة السياسيّة للقيام بذلك. السياسة الدولية تقوم منذ نشوء المجتمعات الإنسانيّة على نهب ثروات الدول الفقيرة وحرمان الفقراء من أدنى شروط العيش الكريم. 


19. ما هي أفضلُ الطُّرقِ والأُسُسِ الَّتي تقودُنا إلى تحقيقِ السَّلامِ العالمي بينَ البشرِ كلِّ البشرِ؟

نبذ العنف من النفوس والنصوص، ونبذ النظرة الماديّة الأنانيّة للفرد والحكومات، الناتجة عن اعتقاد خاطىء بأنَّ السعادة المادية أكثر أهميّة من قيم الحقّ والعدل والمساواة في الفرص. 

هذه الفلسفة الماديّة للحياة ينتج عنها: 

-صراع على المصادر الطبيعية والثروات. 

-عنصريّة وتمييز عرقي ضدّ  فئات أو دول في الأسرة الدولية. 

-غياب العدالة في توزيع الثروات. 

-اختزال مفهوم السعادة باللذة الماديّة القائمة على الاستهلاك.


20. لو قامَ كلُّ إنسانٍ بأعمالِ الخيرِ والسَّلامِ والمحبّةِ لتحقَّقَ السَّلامُ كتحصيلِ حاصلٍ، ما هوَ دورُكِ في تحقيقِ هذهِ الفكرةِ؟ 

هناك ورشة عمل كبرى تحتاج الى جهود الجميع دون استثناء. منذ سنتين، تبرّعتُ عبر حملة كتاب وقمح، بريع كتبي من أجل تأمين الدواء للمحتاجين في لبنان. وأنا بصدد التأسيس لجمعيّة ثقافيّة تُعنى بتشجيع قيام مكتبات عامة في القرى النائيّة. 


21. كيفَ يمكنُ أنْ نسخِّرَ أقلامَ مفكِّري ومبدعي ومبدعاتِ هذا العالمِ مِنْ أجلِ تحقيقِ السَّلامِ والكرامةِ الإنسانيّةِ؟

الحضارة هي فنّ إنتاج السلام. 

عام ١٩٣٢، بادر أينشتاين بتوجيه رسالة إلى سيغموند فرويد موضوعها: "هل هناك وسيلة تنقذ البشرية من كارثة الحروب؟" فردّ فرويد برسالة مطوّلة  شرح فيها فلسفته الأخلاقيّة في الحياة، فقال إنَّ في حوزة البشريّة ما يكفي من المال والثروة والغذاء إذا وزعّنا ثروات العالم بشكلٍ سليم، بدلًا من أن نجعل أنفسنا عبيدًا للعقائد الاقتصاديّة والتقليديّة الجامدة. وإنَّ علينا قبل كلِّ شيء أن لا نتوقّف عن التفكير ونسمح بعرقلة جهودنا البناءة واستغلالها بغية إشعال حرب جديدة. 

وأضاف قائلًا: " أنا لستُ إنسانًا مسالمًا فحسب، بل مسالم ومكافح أيضًا، وأسعى من أجل تحقيق السلام. وليس هناك ما ينهي الحرب إلّا إذا رفض الناس كلّهم الانخراط في الخدمة الحربيّة". 

ونحن، الشاهدون على مآسي هذا الزمن، والقلقون باستمرار على مصير البشريّة نحتاج لأن نقف معًا ونلتزم بشكلٍ غير منقوص بقضايا الإنسان ضدّ العدمية التي تحطّم آمالنا في حياة من دون حروب. 


22. ما رأيُكِ بتأسيسِ تيَّارٍ وفكرٍ إنسانيٍّ على مستوى العالمِ، لإرساءِ قواعدِ السَّلامِ وتحقيقِ إنسانيّةِ الإنسانِ، بإشرافِ هيئاتٍ ومنظَّماتٍ دوليّةٍ تمثِّلُ كلَّ دولِ العالمِ، كي يكونَ لكلِّ دولةٍ مِنْ دولِ العالمِ دورٌ في تحقيقِ السَّلامِ؟

 أظنّ أنّ إصلاح الأمم المتحدة سيكون كفيلًا بإعطاء الدول كافة دورًا وازنًا في تحقيق السلام الدولي. خسرت الأمم المتحدة الدور الذي قامت على أساسه بعيد نهاية الحرب العالميّة الثانية، وأصبحت اليوم أداة في يد الدول الكبرى لتنفيذ سياساتها ومصالحها في العالم. ينبغي إعادة النظر في هيكليّة الأمم المتحدة، ووكالاتها، وأنظمتها، وآليات العمل فيها بحيث يمكنها أن تواكب تطلّعات العالم اليوم في إرساء السلام والاستقرار في جميع الدول. 


23. ما هي أفضلُ الطُّرقِ لخلقِ رؤى تنويريّةٍ، ديمقراطيّةٍ، تقدميّةٍ في العالمِ العربيِّ والدُّولِ النَّاميةِ في العالمِ، لتحقيقِ السَّلامِ والاستقرارِ، بعيداً عَنْ لغةِ الحروبِ المميتةِ الَّتي دمَّرَتْ وتدمِّرُ كلَّ الأطرافِ المتصارعةِ؟

بإرساء الديمقراطية أولًا، والتأسيس لما يحاكي الإتحاد الأوروبي، فينضوي تحته الراغبون بالعمل الجماعي، والسعي إلى سنّ القوانين التي تضمن تساوي الدول الأعضاء في النفوذ والتصويت والتقرير في شؤون وشجون المنطقة العربية وتحدّياتها الكثيرة. 


24. ما رأيُكِ بإلغاءِ وإغلاقِ معاملِ السِّلاحِ في العالمِ، والوقوفِ ضدَّ صنَّاعِ الحروبِ والفكرِ القائمِ على الصِّراعاتِ، ومعاقبةِ كلِّ مَنْ يقفُ ضدَّ السَّلامِ، لتحقيقِ السَّلامِ بقوّةِ القانونِ العالمي، وذلكَ بمحاسبةِ الجانحينَ نحوَ الحروبِ ودمارِ الأوطانِ؟!

لا أظنّ أنَّ الدول الكبرى ستسمح بإغلاق صناعة الحديد والموت، والتي توفّر ليس فقط العمل لشريحة كبرى من مواطنيها، بل تضمن أيضًا تفوّقها وسيادتها وأمنها القومي. 


25. ألَا ترينَ أنَّهُ آنَ الأوانُ لتأسيسِ "جبهةِ" سلامٍ عالميّةٍ مِنْ خلالِ تواصلِ المبدعينَ والمفكِّرينَ مِنْ شتّى الاختصاصاتِ، والدَّعوةِ لتأسيسِ دستورٍ عالميٍّ عبرَ مؤسَّساتٍ وهيئاتٍ عالميّةٍ جديدةٍ، لتطبيقِ السَّلامِ عبرَ هذهِ التَّطلُّعاتِ على أرضِ الواقعِ؟

 بلى، هذه فكرة جيّدة وعساها تتحقّق بفضل الجهود الخيّرة لأصحاب الرؤى الفذّة من مفكّرين ومثقّفين، وفنّنانين وكتّاب. نشدّ على أياديكم، وبالله التوفيق.


صبري يوسف

أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم

رئيس تحرير مجلّة السّلام الدَّولية


لقاءٌ مع الشاعر والكاتب والناقد الدكتور أسامة مصاروة

 


-  أجرى اللقاء: الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه  –  المغار -  الجليل –    


مقدمة وتعريف :  الدكتور أسامة  عبد الكريم  مصاروة من سكان مدينة الطيبة  - المثلث -  مواليد  عام 1946 ، عمرهُ 77 سنة ، أنهى دراسته الإبتدائية والثانوية في الطيبة ثم تابع دراسته الأكاديميَّة  في جامعة تل بيب وحصل منها على شهادة ( أل b. a )  في موضوع الادب الانجليزي .. وبعدها درسَ في جامعة "كلارك" في الولايات المتحدة ونال هنالك شهادة الماجستير( m. a ).. وتابع دراسته للدكتوراة في جامعة ( يورك )  في الولايات المتحدة أيضا في الأدب الإنجليزي ,. وبعد رجوعه إلى البلاد  عمل  مدرِّسا في  مدرسة الطيبة  الثانويَّة  للغة الانجليزيَّة  وحتى خروجه للتقاعد .

        هو شاعر وكاتب وأديب ومترجم وباحث باللغة العربية والانجليزية والعبرية.  أصدرالكثيرَمن الكتب في جميع المجالات والألوان الأدبيَّة، وله أكثرمن 35 إصدار ما بين رواية وقصة ونقد ودواوين شعريَّة ومسرحيات  وترجمات. شارك في الكثيرمن الهرجاناتِ الأدبيَّة والثقافية– محليًّا وخارج  البلاد، ونال العديدَ من الشهادات الدكتوراة الفخريَّة  وشهادات التكريم  من مؤسسات وجامعات محليَّة وعربيَّة وعالميَّة. وهو يتولى الآن منصب نائب رئيس الإتحاد القطري للأباء الفلسطينيين في الداخل  .      ونظرا لمكانتِهِ ومنزلتِهِ الأدبيَّة والثقافيّة الراقية أجريت معه هذا اللقاء الصحفي المطول.  


*سؤال  1) متى بدأتَ تمارسُ الكتابة الأدبيَّة على مختلفِ أنواعِها وكيف كانت البدايات...ومتى كانت نقطة الانطلاقِ والشُّهرةِ؟؟

-  جواب 1 -     بدأتُ الكتابة وأنا في دراستي  للمرحلةِ  الثانويَّة ، وكنتُ أكتبُ فقط  القصائدَ الشعريَّة ولأنني كنتُ اعرفُ  أني أريدُ ان أكون شاعرًا وكاتبا منذ تلكَ الفترة .    كانت دراستي حتى ما بعد الثانويَّة تتمحور حولَ الأدب العالمي ، خاصة ( الأدب الانجليزي) ، ولذلك كانت باكورةُ انتاجي قصصا قصيرة  وروايات وأشعارا بالانجليزيَّة ( بدأتُ أكتتب بالانجليزيَّة) ...وسبب ذلك اني أردتُ  أن أصلَ إلى المجتمعات الغربيَّة  ومن  ثم  إلى المشهدِ الثقافي العالمي وأن تكون اللغةُ الانجليزيّة نافذةً إلى العالم الخارجي ... ولأنني فلسطيني  من  الصعب عليّ  وعلى  جميع  الكتاب والأدباء الفلسطينيين  في الداخل الفلسطيني  أن يوصلوا أفكاراهم الأدبيَّة والفكريَّة إلى العالم الرحب من خلال اللغة العربيَّة  فقط  .  ولذلك أردتُ من اللغة  الانجليزيَّة أن  تكون لي النافذة التي اطلُّ من خلالِها  إلى العالم  الخارجي الواسع ، وخاصة ان اللغة الانجليزيَّة هي لغة عالميَّة وواسع انتشارها ... أي انني أريدُ أن أتحدَّثَ  إلى الغرب خاصة  بلغتهِم ولكي استطيعَ  ان أنقلَ  لهم مشاعري وظروفي وقضايا شعبي  عامة .


سؤال 2 )  كلُّ كاتبٍ  وأديبٍ  أو فنَّان  لا بدَّ أن  تُواجههُ  بعض المشاكل والعراقيل في بداية  مشوارهِ  الأدبي  أو الفنِّي ..هل كانت هنالكَ عراقيلُ  وصعوبات  في البداية  مشواركِ الإبداعي.. ومن أيَّةِ  جهةٍ  كانت  هذه العراقيل ؟؟

-  جواب 3 -  في بداية مسيرتي الأدبيَّة وأعتقدُ أن المشكلة التي سأتحدَّث عنها  واجهت أبضا ربما  معظم  الادباء  المحليين المبدعين .. وما زالت تُواحهُهم، وهي:عدم توفُّر وسائل الإعلام التي تساعد الاديب على الانتشار (محليًّا وفي العالم  العربي ) ، ولكن السنوات  الاخيرة وبعد  ظهور وتوفُّر منصَّات ومنابر الإعلام  الالكترونيَّة  ووسائل التواصل الإجتماعي  أصبح ممكنا أن  يتواصل الأديب مع شريحة كبيرة من المثقفين محليًّا وفي العالم العربي ..مع أنَّ نسبة القرَّاء في المجتمع العربي  متدنيَّة جدًّا.


*سؤال 3 ) كيف كان الدعمُ التشجيعُ لك في اليدايات ؟؟

- جواب 3 -   التشجيعُ  المحلي مُؤسفٌ جدا فلا نبيّ في وطنه ، ولكن كما قلت سابقا :مع انتشار وسائل الإعلام والتواصل  الإجتماعي وانفتاح العالم العربي أصبح بالإمكان أن أعرِّفَ القرَّاءَ بإبداعاتي وإصداراتي كغيري من  الكتاب والأدباء المحليِّين ، والذين كانت أبوابُ الانتشار موصدةً أمامهم .


*سؤال 4 )  أنتَ حقَّقتَ شهرةً  كبيرة وواسعة : محليًّا وعربيًّا وعالميًّا .. كيف وصتّ إلى كلِّ هذا  ؟؟!!

-  جواب 4  -  لو وصلتْ  ثقافة المرء  إلى مرحلةٍ عالية وخطت البحور بدون الأخلاق  والقيم  والمثل وأولها  وأهمُّها التواضع  فلا فيه  ولا  في   كتاباته وانجازاته ..  وكما يقولون :  عندما يثقلُ حملُ الغصن  ينحني .  والسنبلة المُمتلئة بالقمح  تكونُ منحنية والفارغة تكون  شامخة .. ولذلك فالأمر يتعلّقُ  أولا في التربية في  البيت  ..وبعدها يكون الوالدان  مثقفين   ومتواضعين ..فهما  يكونان قدوةً لهُ  في كلِّ شيىءٍ جيد وإيجابي  وإنساني ...وهكذا انا  تربَّيتُ وترعرعتُ.. فالأخلالقُ الحميدةٌ هي جزءٌ أساسيٌّ  من تكويني الشخصي ، وينعكسُ  في تصرُّفاتي وحياتي اليوميَّة وعلى كتاباتي وإبداعي، وفي نفس الوقت  أكونُ  قدوةً  ومثالا حسنا لابنائي وأحفادي . وبالطبع يسعدني أن أجدَ  قبولا لدى الآخرين الذين يثنون على اخلاقي هذه  وعلى قيمي  ومبادئي التي أفضلُ الموتَ على أن أتنازلَ عنها .. ولذلك من خلال  حياتي كلها  رفضتُ قبولَ أيِّ  منصبٍ  إداريِّ  يتناقضُ مع  مبادئي وآرائي وأفكاري المُلتزم  بها. فأنا بالنسبة لي الكثيرالكثيرالذي أقول أمتلكه  هوأن أقولَ (( لا )) وأن أقولَ (( نعم ))عندما يستحقُّ ويتطلب الأمر ذلك . وبالنسبة للشهرةِ هنالك فرق  بين ما يسعى إليها ومن تأتيه ضمنيًّا  وتلقائيَّا وبجدارةٍ من محبَّة الجمهور والناس له وتقديرا لإبداعاتهِ وأخلاقه  ووقيمه. فالإبداعُ والأخلاقُ إذا لم  يكونا صنوين فلا قيمة  للإنسان مهما فعلَ وأنتجَ من أعمال .


*سؤال 5 ) أنتَ كتبتَ وأبدعتَ في كلِّ المجالات والألوان الادبيَّة (  الشعر  على أنواعه : كلاسيكي  وتفعيلة وشعر حر ) ... وكتبتَ  الرواية  والقصَّة والمسرحيَّات والنقد والأبحاث والترجمة ..إلخ ).. في أيِّ المجالات الأدبيّة  تستطيعُ الكاتبة والتعبيرَ بشكل أسهل  وأفضل  وتجدُ نفسَك  ناجحا  وبدعا ومتألّقا أكثر..ولماذا  ؟

- جواب 5 -إصداراتي الأدبية هي فعلا متعدّدة ومتنوّعة، فهنالك الروايات والقصص القصيرة  والدواوين  الشعريَّة  والمسرحيات  والنقد والترجمات والمقالات - كما ذكر سابقا –  وربما  يتعجّبُ  القارىء  إنني لا  أميِّزُ هذا المجال  او ذاك  المجال .. ولا أفضّلُ واحدا على الآخر فكلهم أبنائي . فانا عندما اكتبُ رواية أو قصيدةً أو أيَّ عمل أدبي فأنا أكون ملكه وهو يفرضُ عليَّ كتاباته ..فالمسألةُ مسألةُ تأثُّر لحدثٍ أو مشهدٍ  أيًّا كان أثَّرَعلي شعوريًّا  وعاطفيًّا فكان العملُ الأدبيُّ إنتاجا وانعكاسًا لهذه الاحاسيس والمشاعر التي  أضعُها على الورق .  فالعملُ الادبي  باختصال هو تجسيدٌ  لهذا التأثّر .


*سؤال 6 ) كم كتاب وديوان شعرأصدرتَ حتى الآن؟؟

 - جواب 6 - أصدرت حتى الآن 36  كتابا تقريبا من شعر وقصص  وروايات ونقد وأبحاث ودراسات ومسرحيات وترجمات..وغيرها .


*سؤال 7 ) أهمُّ المواضيع والقضايا التي تعالجُها في كتاباتِكَ ؟؟  

-  جواب 7-  بشكلٍ خاص سواء كان شعرا أو نثرا  أتناولُ أوَّلا المواضيع  والقضايا الوطنيَّة  ثمَّ  القضايا الإنسانيَّة والإجتماعيَّة والثقافيَّة والوجدانيَّة .


*سؤال8 ) المنابرُ ووسائل الإعلام التي تنشرُ فيها  كتاباتكَ وأبداعاتكَ ؟؟

-  جواب 8 -  أنا أنشرُ في مئاتِ المواقع والمنتديات والصحف والمجلات  الورقيَّة والألكترونيَّة – محليًّا وعربيًّا  وعالميًّا .


*سؤال 9  )  حظكَ من الصحافةِ  ووسائل الإعلام المحلي في مجال النشر وتغطية اخبارك ونشاطاتك الأدبيَّة والثقافيَّة  ؟؟

- جواب 9  -        بشكل عام وسائل الإعلام المحليَّة على  جميع أشكالِها  وأنواعِها  تولي اهتماما  قليلا جدا بالمجالات الأدبيّة والثقافيَّة ، وتهتمُّ أكثر  بالمواضيع التي تجذبُ المشاهدَ العربي أكثرمن غيرها، مثل : الانتخابات ، مشاكل العنف والأحداث العنيفة التي  يواجهُها المجتمع العربي  في الداخل ،والمناسبات الإجتماعيَّة التي تُثيرُ انتباهَ واهتمامَ القارىء والمُشاهد العربي البسيط ..فما يهمُّ وسائلُ الإعلام المحلي هو الإنتشار والحصول على نسبة مشاهدين  وقرَّاء أكثر ..وللأسف لاشديد فالمواضيعُ الأدبيَّة  في أدنى سلم  الاولويَّات . 


*سؤال 10) الأمسياتُ  التكريميّة التي أقاموها لك محليًّا وخارج البلاد ؟؟ -

 جواب 10 -      لقد  حظيتُ  بنيلِ شهاداتٍ  تكريميَّة  كثيرة جدا ، وذلك لاستعدادي على تلبييةِ كل  دعوةٍ  للمشاركة  في أمسية ثقافيَّة وأدبيَّة أحييها  في منتديات  ومؤسسات أكاديميَّة وثقافيَّة  في  جميع أرجاء البلاد  وخارج البلاد .


*سؤال 11) رأيُكَ في ظاهرةِ الفوضى والتسيُّب الموجودة  بشكل كبير في الآونة الأخيرة على الساحة الأدبيّة والثقافيَّة المحليَّة...وتكريم  كلّ من هبَّ ودبَّ ، وإقامة الأمسيات  التكريميَّة لأشخاص لا  توجدُ لهم  أيّة علاقة  مع الشعر والأدب والثقافة والإبداع بعد أن يصدرُوا أيَّ كتاب لهم  يكون دون المستوى المطلوب من قبل  بعض المنتديات  والأطر والمؤسسات المحليَّة التي تتظاهر وتدَّعي خدمة  الثقافة  والأدب وهي  تعملُ  على تدمير  ووأد  الثقافة والأدب والإبداع  المحلي  كما يبدو ؟؟!! 

-  جواب 11  -   للأسف أقولُ :  إن هنالك شعراء ولكن لا أرى شعرًا .. بمعنى أن هنالك الكثير من مُدَّعي الشعر الذين لاعلاقة لهم بالشعر والأدب والثقافة  .    والغريب أنَّ  لمثلِ هؤلاء  تُفتتحُ الأبوابُ وتُمنحُ  لهم الجوائز لاعتباراتٍ خارجة عن الادب والفكر والإبداع ..بينما هنالك من  يستحقون  كلَّ الدعم  والإهتمام  والتكريم  ولا يحظون بذلك..والأسباب ايضا خارجة عن نطاق (( الأدب )) والفكروالإبداع . 


*سؤال  12)  هل هذه  الظاهرةُ الهجينة  والدَّخيلة والجديدة  جاءت  بشكل  عفويٍّ وعشوائي ...أم أنها  تأتي من  سياسةٍ  ونهج مرسوم  ومخطط  لئيم للتخريبِ على الأدب والثقافةِ والإبداع العربي المحلي ؟؟

- جواب 12 -      هذا مقصود بالتأكيد وهنالك محاولات ومخططات لقتل  ووأد المشهد الأدبي  والثقافي  الفلسطيني المحلي ، ولذلك  نرى كما  قلت  سابقا  : هذه  المحاولات  والمُخططات  تتجسَّد  برفع  شأن  مُدَّعي  الأدب  والثقافة  والدخيلين  على الساحة الادبيَّة  وطمس  كل  عملٍ  أدبيٍّ  وثقافيٍّ إبداعيٍّ محليًّا ، والتعتيبم  على  خيرة كتابنا وشعرائِنا الوطنيِّين المبدعين . 


*سؤال 13 ) رأيُكَ في جائزةِ التفرُّغ السلطويَّة من جميع النواحي ؟

-  جواب  13 -     حتى الآن لم  قدّم  لهذه  الجائزة ولن أقدِّمَ  لها مستقبلا لأسبالب عديدة  .   وهذه  الجائزة  لا  تُعطى حسب رأيي  لمستوى الكاتب وللإبداع ،  وفي أغلب  الأحيان  تعطى  للجائزة  لأشخاص  لا علاقة  لهم  بالأدب والإبداع . هذه الجائزة تُسمَّى (جائزة التفرُّغ )..من قال حتى يكونُ المرءُ مبدعا يجب  التفرّغ  لهذا العمل والمضمار ....هل هذا وظيفة  (( التفرُّغ )) ؟؟!! ..وهل من تفرَّغَ فعلا أبدعَ بشيىء وعملَ ما  له علاقة بالأدب.؟؟؟  .    ومن معرفتي أنا شخصيًّا  هنالك من  نالوا  جائزة التفرُّغ  وكانوا  يشتغلون  في وظائف  أخرى  ولم  ينتجوا ويقدِّمُوا أيَّ عملٍ  أدبيٍّ إبداعيٍّ لانهم  ليسوا مؤهّلين  لذلك  ولا داعي لذكر أسماء في هذا الصدد .   


*سؤال 14 ) رأيُكَ في مستوى  الشعر والأدب المحلي ومقارنة مع  الشعر والادب خارج البلاد وفي الدول العربية المجاورة ؟؟

-  جواب 14 - مع  انه هنالك طفرة  في عدد الشعراء إلا انني لا أستطيع تسمية معظمهم شعراء ..بمعنى أن هنالك من بيننا شعراء وهم القلة  القليلة  وانهم شعراء على مستوى راق وعال جدا ، وهم من أستطيع القول : إنهم  أفضل  من شعراء كبار وعمالقة على مستوى العالم العربي حاليًّا .


*سؤال 15 ) رأيُكَ في مستوى النقد  المحلي ؟؟

-  جواب  15 –      النقد المحلي معظمهُ لا يرقى إلى المستوى المطلوب إذا  قارنّاهُ مع النقد مع النقد الموضوعي المبني على معرفةٍ حقيقيَّة بأصول  وأسس  النقد الأدبي الأكاديمي البعيد عن العلاقات والمآرب الشخصيَّة .


*سؤال  16 )   أنتَ عضوٌ بل  نائب رئيس اتحاد الأدباء القطري للشعراء والكتاب الفلسطينيين المحليين في الداخل.. لماذا أنتَ عضو في هذا الإتحاد  بالذات ولم تنتسب وتنضم لإتحاد أو إطار أدبيٍّ محليٍّ آخر..والجدير بالذكر  أنه يوجدعندنا عدة إتحادات ومنتديات وتجمعات أدبيَّةعلى الصعيد المحلي؟ 

- جواب  16 -   إنّ اتحادَنا يضمُّ أرقى وأفضل الشعراء والأدباء المحليِّين الذين بصدق  وبضمير مرتاح  أسمّيهم  شعراء وكتّاب النحبة .. وكلُّ  من  يُريدُ الانتساب  إلى إتحادِنا  يجب أن يتقدَّمَ  بطلب الانتساب ، وهنالك لجنةٌ خاصة بقبول أو رفض أي شخص متقدم وراغب في الإنتساب ، وهذا يدلُّ   على أننا لا  نقبل كلَّ طلب رغبة في زيادة العدد والكم  فنحنُ لا نبحث عن العدد  بل  عن الكيف ...فمعظمُ  أعضائنا  اساتذة   كبار  وأصحاب  ألقاب أكاديميَّة عالية ولهم  الكثير من الاعمال  الإبداعيّة  المُميَّزة  شعرا  ونثرا   معترف بها محليًّا ودوليًّا .


*سؤال17) أنت كاتب وشاعرٌ وناقد كبير ومخضرم..بماذا تنصحُ الشعراءَ والكتابَ  الجدد وحديثي العهد الذين ما زالوا في بداية مشوارهم الأدبي ؟؟  

-  جواب 17 –    لا  أتصوَّرُ ان يكون المرءُ شاعرًا  دون ان  تكون  لهُ  مساحة ثقافيَّة واسعة جدا. فالشعرُ يحتاجُ  إلى العديد من العناصر والأشياء الهامَّة .   ويجب أن يمتلكَ الشاعرُ ثقافة واسعة جدًّا  لكي يستطيع  أن يبدع  ويُجدِّدَ ويُعبِّرَعن أمورعديدة : إجتماعيّة وإنسانيَّة ووجدانيَّة وفلسفيَّة وفكريَّة وغيرها.  وكيف يُمكنُ لإنسان  بدون  أنى معرفة او ثقافة  أنيكون  شاعرا .ولهذا أنا انصحُ كلَّ من يشعر أنَّ لديهِ موهبة أو رغبة في أن يكون شاعرًا أو أديبا أو كاتبا أن يُنمِّيَ ويُطوِّرَالمساحة الثقافيَّة عربيًّا  وعالميًّا كذلك  كي يستطيع أن يطوِّرَ ذاته وإنتاجه   


*سؤال 18 )  أنتَ عملتَ في حقلِ الترجمةِ وترجمتَ  الكثيرَ من  الأعمال الأدبيَّة  والشعريَّة  والمسرحيَّات  العالميًّة   لشعراء  وكتَّاب  أجانب  كبار وعالميِّين إلى اللغة العربيّة ..هل ترجمةُ الأعمال الأدبيَّة من لغة للغة عمل صعب حسب رأيكَ ، لانه كما  هو معروف يجب المحافظةعلى المستوى الفنِّي الراقي وسحر البلاغة حتى لو ترجم العمل  للغةٍ أخرى ؟؟

-  جواب 18 -  كي  يستطيع الشخصُ ان يترجمَ عملا أدبيًّا من لغة أجنبيّة إلى لغة أمِّهِ عليه ان يكون متمكنا وضليعا  بشكل كبير جدا باللغتين . فمثلا : أنا عندما ترجمتُ  مسرحيَّات   لشكسبير من الانجليزيَّة إلى اللغة العربيَّة   يجب أنا كون فاهما ومُلمًّا بلغة شكسبير الكلاسيكيَّة ، وهي اللغة الانجليزيَّة القديمة قبل عدة قرون .  لا يمكن ان أترجم ترجمة صحيحة ودقيقة  إذا  لم  أكن على علم ودراية بالاسلوب المسرحي للكلاسيكي الانجليزي قبل قرون  والأحداث التي  يتحدث عنها  وتناولها  شكسبير  في مسرحيَّتهِ  : تاريخيًّا وفكريًّا وفلسفيًّا ..إلخ .   ثمّ أستطيع ان أترجمَ هذه الصور البلاغيَّة بشكل سليم وأحافظ  على معناها بلغةٍ عربيّة  قوية  واضحة .


*سؤال  19) اسئلة شخصيَّة 

 جواب 19 –    *البرج :   السرطان  .

 * اليوم المفضل :     لا يوجد يوم مُحدّد  .

*اللونُ المفضل :  اللون  الأسود .

*الشراب  المفضل  :  القهوة .

*الأكلة المفضلة :  السمك .


*سؤال) أحسن وأفضل مكان تحبُّ ان تكون موجودا فيه دائما ؟

-  جواب :  البيت .


*سؤال )  هل تحبُّ :  الطبيعة  والبحر والرحلات  والنزهات  ؟؟

 جوال -   طبعا  أنا أحبُّ كثيرا الرحلات والنزهات والطبيعة  والبحر ... وكان لديَّ قبل سنوات مكتبٌ للسياحة ، وكنتُ أنا مرشدا سياحيًّا .

 

*سؤال )  هل تحبُّ الموسيقى والغناءَ ومن هو مطربُكَ المفضل ؟

- جواب – طبعا  أحبُّ الموسيقى  والطرب  ولا استطيع ان أكتبَ  بدون الأستماع إلى  الغناء والموسيقى ، وخاصة الكلاسيكيَّة  الشرقيَّة الاصيلة وبدون صوت ام كلثوم  قبل أن أنام ..فأنا أعشقُ صوتها .وأعشق صوت فيروز وماجدة  الرومي  وكل عمالقة الزمن الجميل .


*سؤال ) رأيكَ في كلٍّ من :  الحُب ، الجمال الحياة ، الامل ، السعادة ؟؟

-  جواب -  الحبُّ : أنا  دائما أقول : من لا يُحِبُّ  ليس بإنسان ..

الحياة : كلُّ إنسان له مفاهيمُهُ  وآيديلوجيَّتُهُ  الخاصة في الحياة ..وأنا أقولُ :عندي وجهة نظر في هذا السؤال..وأتت في مخيّلتي هذه الآية الكريمة في  سورة ((تبارك )):  " الذي خلقَ الحياة والموتَ ليبلوكم أيكم أحسن عملا "  - (صدق الله العظيم ) . ومعنى ذلك: إن الحياة هي الطريق  التي  ستؤدي إلى الموت...والحياة إذا هي امتحان  يمتحننا الله بها يحدد من هو صالح منَّا  بمعنى من عاشَ حياةً صالحة  يستطيعُ  أن يموتَ وهو مطمئن وفائز برضى الله عليه ....فإذا الحياة هي بحدِّ  ذاتها تجربةٌ وامتحان  للإنسان .

-الجمال :  هو في عين الرائي أو  المشاهد  وشيىء نسبي  بمعنى ان كلَّ إنسان  يرى الجمال بصورة مختلفة ، وهنالك من يرى  الجمال  الخارجي في الشيىء ، ومنهم من يرى  الجمال الروحي . وأنا أرى الجمالَ الروحي في الإنسان .

الأمل : هو الدافع والحافز الذي يدفع  الإنسان ليستمرَّ في الكفاح  من  أجل  أن ينالَ  النصرَ والحياة الأفضل . 

السعادة :  أن أكون راضيا عن  نفسي .


*سؤال ) ما  رأيُكَ  في هذه المقولة : وراء كلِّ رجل عظيم امراة  ؟؟

 جواب  -  هذه المقولة صحيحة  وهنالك  العديد من الأمثلة على ذلك  لا حاجة لذكرها .


*سؤال ) أنت رغم تقدُّمكَ في السن  تبدو أصغر من جيلك وسن!ك بكثير..ما هوالسبب ؟؟

- جواب  -     إذا كان القلب عامرا  بالحبِّ والمودَّة والخير واحترام الغير ويرجوهُ  للآخرين ، ولا يعرف الحقد والضغينة  والغيرة  والحسد . هذه العناصر تجعل الإنسان  مرتاح  الضمير  وسعيدا  في داخله  وينعكس هذا على شكله ونفسيته وكيانه ككل..  والحالة النفسيَّة للإنسان تنعكسُ بشكل  مباشرعلى الناحية الصحيَّة والجسمانية والمظهرالخارجي ..وهذا هوالسبب الذي يجعلني أبدو صغيرا وأصغر من سنِّي بكثير .


سؤال) هل الشكلُ والمظهرُ والجمالُ الخارجي للإنسان له تأثيرٌ على نجاح  وتألق الشخص سواء كان  شاعرا أو فنانا أو مطربا..إلخ ...وخاصة  أنت تتمتعُ بوسامةٍ وهيبةٍ  وحضور ؟؟

-  جواب – طبعا الشكل والمظهر الخارجي  والجمال  الجسدي  والوسامة والحضور بالإضافة إلى حسن الأخلاق والتواضع واللباقة في الحديث  لهم دور كبير في قبول الشخص  وفي التألق والنجاح   .


سؤال )  ما هي عناصرُ الجمالِ للإنسان حسب رأيكَ ؟؟  

- جواب -   العناصر هي :الوفاء ، الإخلاص عند الإثنين الرجل والمرأة  والمبادىء والقيم  والمثل  والاخلاق الحميدة  والثقافة والمعرفة  والذكاء والأدب وحسن السلوك .

 

سؤال 20  ) طموحاتِكَ ومشاريعُكَ  للمستقبل ؟؟

-  جواب 20  –    طموحاتي ان استمرَّ في  مجال الإبداع  وأن يبقى لديَّ الإلهامُ والحافزُ والرَّغبةُ القويّة في الكتابة،وليس مثل البعض من الأصدقاء  الذين توققوا كليًّا عن الكتابة لأنه لم يبقَ لديهم ما  يكتبونه حيث انهم نضبوا كليًّا من الإبداع . والحمد لله أنا حتى الآن يقولون عنِّي : كالبحر الزاخر  والمحيط الهادر الذي  يعطي دوما وبشكل يوميٍّ  ويبدع ويقدمُ  كلَّ  ما هو جديد ومُضميَّز إلى الآن .  وأتمنى أن أظلَّ كذلك .


سؤال 21 ) كلمة أخيرة تحبُّ أن تقولها في نهاية اللقاء ؟؟ 

- جواب 21  -  أولا أشكرك جزيل الشكرصديقي  وأخي العزيز الدكتور حاتم جوعيه وأرجو أن يظلَّ  كلينا مبدعين وملهمين  ومعطاءين .. وأتمنَّى أن يتطوَّرَ المشهد الثقافي والادبي المحلي إلى الأحسن والأفضل .