من بريد القراء: أسئلة حول الشعر موجّهة للكاتب فراس حج محمد



- كيف تقيّم تجربتك مع الناشرين؟ وماذا يعني لك النشر في بلد كألمانيا حيث صدر ديوانك الأخير "على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت"؟

تعاملت مع ناشرين كثيرين في فلسطين، وفي الأردن، وفي مصر، وهذه هي التجربة الأولى لي مع ناشر خارج الوطن العربي؛ في ألمانيا. كثيرة هي الدروس التي تعلمتها من هذا التعامل، أقلها أنني صرت أفهم أكثر في صناعة النشر ومعايير الكتاب الجيد، وعناصر الطباعة الجيدة. الناشرون بالمجمل ممن تعاملت معهم جيدون، أحيانا تحدث خلافات، لكنها خلافات لا تذكر، ولا تسبب قطيعة مع الناشر أو التراشق الإعلامي أو في الكتابة. الكاتب يختلف مزاجه وتوقعاته عن الناشر، لذلك تحدث تلك الخلافات، فكلاهما يحكم على الكتاب من موقعه، ولكلّ طموحه المعذور فيه، لكنهما يتفقان في كثير من الأهداف والرؤى والمصالح.

تجربة النشر في ألمانيا مع دار بدوي لصاحبها الدكتور محمد بدوي مصطفى، لا شك في أنها مهمة، وستساعد في إيصال الكتاب وما فيه من آراء وجماليات مقترحة إلى قراء جدد، وخاصة الجالية العربية المقيمة في ألمانيا، ويمكن أن يصل إلى دول أوروبية من هناك، فالحركة أسهل، وسيل الكتب يتحرك بسلاسة في سوق يستوعب الكثير من مخرجات صناعة النشر.

الناشر د. محمد بدوي، ناشر نشيط، وأكاديمي فذّ، ويتمتع بعلاقات واسعة، وهذا يخدم الدار ومنشوراتها المتنوعة والمتسعة والمفتوحة على معارف وكتاب كثيرين، عدا أن الدار تشارك بمعارض الكتب العربية في ألمانيا كمعرض فرانكفورت والمعارض الدولية العربية في المغرب والسعودية مثلا.

- تميل عناوين كتبك إلى أن تكون قصيرة، وخاصة الدواوين الشعرية؟ لكن بدا العنوان في هذا الديوان طويلاً. كيف نشأ هذا العنوان؟ وماذا يشكل لقصائد الديوان؟

لكل عنوان من عناوين كتبي قصة لا تشبه أختها، بدءا من أول ديوان ألفته، ولم أطبعه وأطلقت عليه اسم "أنغام على أوتار مقطّعة"، وأنا في المرحلة الجامعية الأولى، وحتى الديوان الأخير. في هذا الديوان استولت عليّ كذلك فكرة العلاقة بين السرد والشعر، وهو ما كنت خصصت له ديوان "وشيء من سرد قليل"، كأن السرد في هذا الديوان قليل، والشعر أكثر، هذا ما يوحي به العنوان، فسبق أن قلت إن "القليل من السرد لا يفسد الشعر". لم أنته من الفكرة تماماً، إذ غالباً ما تتناسل كتبي؛ بعضها من بعض، فجاءت فكرة "الحافّة" التي تعني الطرف، وما تشير إليه من معنى التأرجح، فعلى حافة الشعر، كأنني أسير في طريق وصلت إلى حافته، لأنتقل إلى جادّة أخرى وأكمل المسيرة، وقد تعني السقوط في هُوّة، فكان بقية الاسم: ثمة عشق وثمة موت، والديوان مخصص لهذه الثيمات الثلاث: الحب، والموت، والشعر، كما أنني بنيت الديوان بناء منهجيا واضحا في تبويب القصائد وترتيبها، لتبدأ بالشعر وتنتهي بالحديث عن الموت بقصائد كتبتها بفترة الحجر الصحي العالمي بسبب فايروس كورونا؛ كوفيد التاسع عشر.

- يلمح في الديوان، وخاصة في مجموعة "إللات محاولة للقفز على حواجز اللغة" نفَس نقدي. هل يحتمل الشعر أن يكون نقدا أدبياً؟

ما لم ينتبه له النقد الأدبي والنقاد- في ظني- هو أن النقد موضوع، وليس طريقة، فيمكن على هذا الأساس أن يكون النقد شعريا، كما حدث مع بعض الكتب ككتاب "فن الشعر" لهوراس أو "فن الشعر" للشاعر الفرنسي نيكولا باولو، فهما كتابا شعر نقدي جمالي، وإن شئت فانطباعيّ، يتحدثان عن الشعر وأسسه، وكنت تحدثت عن هذه الفكرة بالذات في كتاب "بلاغة الصنعة الشعرية" في الفصل الأخير منه.

لذلك كتبت كثيرا في أعمال شعرية وفنية وأدبية شعرا له نفس نقدي في هذا الديوان، كمجموعة القصائد التي تناولت فيها رواية أرواح كليمنجاروا، فهذه الرواية كتبت فيها ثلاث مقالات نقدية، لكنني لم أكن لأنتهي منها، ومن أثرها فيّ، لموضوعها الحساس الذي يمسّ "الإعاقة"، وتحدي تلك الإعاقة. وكذلك عندما تحدثت عن ديوان "الناقص مني" لصديقي الشاعر جاد عزت الغزاوي، وديوان خليل ناصيف "الغابة التي خرجت من الصورة" وتحدثت عن شخصيات سينمائية وفنانين وشعراء وكتاب. 

كل هذه القصائد التي تتحدث عن تلك الأعمال الإبداعية ذات توجه نقدي. فأنا هنا حاولت أن أكتب النقد بطريقة شعرية. أظنه نوع من التجريب، أو إعادة هذه الطريقة الموغلة في القدم إلى بؤرة الضوء. على الرغم من أن قناعتي الشخصية هي أن كل كتابة مهما كانت، فإنها تحمل بعدا نقديا، بالمفهوم الشامل للنقد، لأنها تحمل وجهة نظر، وتحمل أفكارا معينة، ولا تقف على الحياد، إذ لا يمكن للكتابة أن تكون محايدة؛ إذ تضع صاحبها في موقف حياتي وأيديولوجي ما.

- أشعر أنك تجني على كتبك الشعرية باحتوائها على قصائد أيروسية، تكاد تكون مباشرة، كما في هذا الديوان، فلا تصل إلى قطاع كبير من القراء لاسيما الناشئين وطلاب المدارس، ألم تحسب حسابا لهذا التوقّع وأنت تعدّ للديوان؟

الكتابة الأيروسية ليست جريمة، ولا جناية، وهي موضوع شعري إنساني كأيّ موضوع آخر، يكتسب أدبيته وشعريته من طريقة تناوله، ووضعه كغيره من الموضوعات في سياق من الدهشة والجمال، ولا بد من أن يكتب الكتاب فيه. استراتيجيتي في الكتابة هي أنني أظل مُصرّاً على عاديّة هذا النوع من الكتابة، فأدخلها في كل كتبي، الشعرية، والسردية، والنقدية، فلا بد من أن تكون حاضرة في كل كتاب؛ لأقول للمجتمع عامة وللمثقفين على شتى أنواعهم أن هذا الموضوع مقدس، والكتابة فيه لازمة وضرورية.

خصصت في هذا الديوان قصائد تحت عنوان "في مديح النهد"، مع أن موضوع الأيروسية لم يغب عن قصائد أخرى في الديوان. لاحظ مثلا محرر وكالة عُمان الإخبارية عندما نشر خبر عن الديوان تجاهل كلمة نهد، فكتب بدلا من ذلك "واشتملت المجموعة الرابعة على ثماني قصائد حول ثيمة الجسد".

أما قضية حرمان الناشئة والطلاب من قراءتها، فأنا لا أخاف هذه المسألة فمن أراد أن يقرأ كتبي سيقرأها، ويبحث عنها، لكن قضية اقتنائها في مكتبات المدارس تظل الفرصة في ذلك ضعيفة؛ لأنهم يعلمون على نحو مؤكد أن في هذه الكتب ما يحرض على الحرية بمفهومها الشامل، ولا يعلمون على نحو تفصيلي ماذا يوجد في كتب المكتبات المدرسية من مشاهد سردية عنيفة من ناحية جنسية في كتب الطيب صالح، ونجيب محفوظ، ومحمود درويش، وبدر شاكر السياب، وديوان أبي نواس، وفي قصائد المعلقات، والقائمة طويلة، عدا ما في كتب الفقه من موضوعات جنسية، ومجلة بلسم الطبية التي تشترك في اقتنائها كل المدارس، ففيها الكثير من النواحي الجنسية من أسئلة وموضوعات، ويتداولها الطلاب والطالبات دون أي حذر.

نحن مجتمعات ما زلنا نخاف من الجنس والحديث فيه، إن كان مصدره علنياً، أما إن كان مخفيا فلا مشكلة، فالمعلقات تدرس في المدارس العربية، ومنها الفلسطينية، لكنهم يحذفون أبياتها الأيروسية. هذا يشوه العقل، ويشوه النص، ويشوش عملية التدريس نفسها، ويخرج الدارس والمعلم بفكرة ناقصة عن طبيعة تفكير العربي. على سبيل المثال عندما كنت أدرس سورة الرحمن لطلاب المرحلة الثانوية، كنت أمر على قوله تعالى "لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان"، ولا أتوسع في شرح مفهوم الطمث اللغوي، لأنه قد يسبب لي إحراجاً، لذلك كنت أكتفي بالقول: لم يسبق لهنّ الزواج، لكن المعنى الدقيق للآية ليس هذا وحسب، هنا تضيع جمالية الاستخدام القرآني للمفردات ودقة استعمالها في سياقاتها التي جاءت فيها، وكذلك كنت أتجاوز كثيرا عن أبيات الغزل الحسي في تصوير جسد المرأة أو بعض أعضائها الظاهرة. فالمعلم المتنور لن يجد من يحميه إذ جرى وراء شهوة العلم والمعرفة والتوسع العلمي، سيكون مداناً حتماً، كنت أمسك العصا من الوسط، وأحيل الطلاب على المراجع، ومن أراد أن يتعلم الدقة فكنت أوجهه إلى المصادر ذات العلاقة. 

- في أحد التعليقات التي يكتبها القراء، اتهمك البعض بالغيرة من الكتاب والشعراء الآخرين، إلى درجة اتهامك أنك تكتب عنهم لتنال منهم وأن تكون لهم ندا، وساعيا إلى الشهرة. كيف تنظر إلى هذه المسألة الآن؟ وكم لفت انتباهك هذا الاتهام إلى وجود هذه المسألة؟

ليس كل تعليقات القراء لها قيمة حقيقية، بعضها مسيء وتافه، فإما أن يكون مكتوبا بدافع النيل الشخصي، أو الجهل بالمسألة التي أكون بصدد الحديث عنها، جربت ذلك في موضوعات أيروسية وسياسية ونقدية كذلك. شخصيا أحب تعليقات القراء وأتابعها، وأمنحها مكانة خاصة في كتبي. هي مهمة حتى التي تنتقدني بمعقولية، وليس تلك الاتهامية الهجومية التي لا تستند إلى منطق أو دليل. 

أنا مقتنع، وهذا ليس عيبا، أن الكاتب عندما يكتب يحب أن يكون مشهورا، وإلا لماذا يكتب وينشر، وهذه الرغبة هي التي تدفع الكتاب للاستمرار في الكتابة وتطويرها وتعدد مذاهبها وموضوعاتها، للحصول على قدر أكبر من القراء، أي على تمدد معرفي، بمعنى الحصول على مزيد من الشهرة، لكن العيب هو أن تبني شهرتك على شهرة غيرك أو تتعمد تحطيم غيرك لتنال الشهرة، هذه معيبة، ومثلبة في حق الكاتب. وأنا أحذر منها حذرا مضاعفاً. 

- تبدو لك شخصيتان متناقضتان، صورة مرهفة حساسة تظهر في أشعارك، وصورة حادة مشاكسة شرسة وربما عدائية في كتاباتك النقدية. هل لاحظت ذلك في نفسك؟ وباعتقادك هل يمكن أن تتجاور في الشخص شخصيتان متناقضتان؟

هذا صحيح، بل يقول النقاد إن كل كتاب يعطي صاحبه صورة مختلفة عن صورته التي هي له في الواقع. فصورة الكاتب الناقد تختلف عن صورته وهو شاعر، وتختلف عنه وهو سارد، وكذلك تختلف إن كان شاعرا غزليا أو شاعرا صوفيا أو شاعرا سياسيا، إلى غير ذلك.

في داخل كل منا شخصيات متصارعة، أو متصالحة، متجاورة بحب أو بالتعايش الحتمي، تعايش الضرورة الذي لا مفر منه. الإنسان تتغير حاله وأفكاره ومزاجيته كل حين، فما بالك بالكاتب الذي يخضع لكثير من المؤثرات والضغوطات كإنسان يعيش في مجتمع مليء بالتناقضات، إضافة إلى كونه كاتبا، والضغوطات المفروضة عليه بفعل الكتابة ومآلاتها ومسؤولياتها.

عندما أمارس العملية النقدية أكون شخصا مختلفا جدا، بالفعل أكون حادا، غير متسامح، وبسبب ذلك أوصف بصفات كثيرة، أوصف بأنني أشخصن الأمور أحيانا، وأحيانا أبدوا فجاً، وأخرى وقحاً، أو بذيئا، أو مجاملا أحيانا وذلك حسب الكتّاب وردات فعلهم على ما أكتب. فإن كتبت نقدا لم يعجب الآخرين سيصفونني بصفات سيئة بالمجمل، ومن الكتّاب من ناصبني العداء، واتهمني بالجهل وسوء القراءة. الكتّاب عموماً يعانون من الانفصام والجبن، فهم يدّعون أنهم ديمقراطيون وهم لا يحتملون رأيا نقديا يقال لهم فيه أنكم أخطأتم، بل إنكم تمارسون دوراً تدميريا للجمال في كتبكم الرديئة، لذلك يبدون في الغالب أشخاصاً جبناء لأنهم لا يستطيعون الاعتراف بالحقيقة.

بعض الكتاب يتوقعون منك نقدا كما هم يرسمون في مخيلاتهم، أو حسب تلقيهم لأعمال زملائهم، فالكتاب الذي لم يعجب فلانا من الكتّاب إن كتبت مقالة لم توافق رأيه في العمل توصف بأوصاف تتفاجأ بمرضيتها وتفاهتها. على العموم الحياة الثقافية لها أمراضها وتجلب العلل، والأسلم للكاتب أو للشاعر أو للناقد ألا يذهب وراء تلك الترهات ويعمل وفق قناعاته، فلا بد من أنه لن يرضى عنه الجميع، كما أنه لن يسخط منه الجميع، إنما سيجد له أتباعاً، كما سيجد له كارهين. أصبحت أكتب ولا أنتظر مدحا ولا قدحا لأن كليهما غير حقيقي، ولأضرب لحضرتك مثلا؛ عندما كتبت نقداً رضي عنه صاحبه أشاد به وبي، وبأنني ناقد موضوعي ومهمّ، اختلفت هذه النظرة إلى العكس تماما عندما كان النقد في غير صالحه، وقال: اذهب وتعلم النقد من أستاذك...".

- ألاحظ أن الشعر لديك غير مقتصر على الدواوين الشعرية، وثانيا: الشعر موجود بكتبك غير الشعرية، ألا يعدّ هذا برأيك تشتيتاً لشخصيتك الشعرية وأنت توزعها على عدة كتب غير شعرية وتجرّب أشكال الشعر كافّة؟ وما الهدف من ذلك؟

أصدرت ثمانية دواوين شعرية حتى الآن وهي: ديوان أميرة الوجد، 2013. وديوان مزاج غزة العاصف، 2014. وديوان "وأنتِ وحدكِ أغنية"، 2015. وديوان "الحب أن"، 2017. وديوان "ما يشبه الرثاء"، 2019. وديوان "وشيء من سرد قليل"، 2021. وديوان "على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت"، 2022. ومجموعة للفتيات والفتيان "قصائد وأناشيد"، 2014. وعدا هذه الدواوين هناك ثلاثة كتب نثرية (نصوص) ضمنتها شيئا من الشعر، وهي: رسائل إلى شهرزاد، 2013، ومن طقوس القهوة المرة، 2013، والإصحاح الأول لحرف الفاء- أسعدت صباحاً يا سيدتي، 2021، كما أنهيت كتاب من قتل مدرس التاريخ، 2021 بأربع قصائد. وغير هذه الكتب ثمة دواوين أخرى جاهزة للطباعة.

وفي كل هذا الشعر كتبت عن مواضيع كثيرة، غزلية، وسياسية وطنية، وفكرية، وعن الموت والحياة، وعن الدين، وكتبت الذاتي والعامي الإنساني، وكتبت شعر المناسبات، واستكتبت شعرا في موضوعات معينة واستجبت لذلك وكتبت، وجربت القصيدة القصيرة (الأبيجرام) والطويلة، والفصيحة والعامية، والشعر المقطعي، والعمودي والتفعيلة، وقصيدة النثر، والقصيدة الساخرة، والجدية. والنص المفتوح الممتزج فيه الشعر بالنثر.

لا أدري إن كانت هذه الخريطة السابقة من توزيع الشعر تشتت القارئ الباحث عن الشاعر فيّ أم لا. أشعر أنني لا أستطيع التخلي عن الشعر في حياتي وفي كتاباتي، ربما بحكم قراءاتي المبكرة في كتب التراث الأدبية والدينية من تفسير وفقه كنت أجد الشعر أمامي متجاورا مع النثر، كانت هذه الطريقة تستهويني، تكسر الإيقاعات المختلفة بين الشعر والنثر، انعكس هذا في فترة متأخرة على التأمل في القرآن الكريم، وكم وجدت فيه من عناصر الشعر إلا أنه نثر. كل ذلك ترك أثره في طريقتي في الكتابة، فلا يكاد يخلو أي مقال أو قصة إلى الإشارة أو التناص أو الاقتباس من الشعر، فهو متغلغل في تكويني منذ كنت طفلا أسمعه من أبي وأمي عبر الغناء والزجل، وحفلات الزواج الشعبية، وما كنت أقرأه في كتب المدارس التي كانت مبنية وما زالت على التجاور بين النثر والشعر والقرآن الكريم والحديث الشريف، هذا المزج ترك بصمته في كل ما كتبته، ولاحقا صرت على قناعة أنه لا فرق بين الشعر والنثر سوى بطريقة الكتابة، لكن موضوعات الشعر والنثر هي واحدة، فلماذا لا يتعاضدان ولا يتجاوران في قصيدة أو في مقالة أو في قصة أو خاطرة. لقد عزز هذا لديّ أيضاً ما علمته لطلابي من فنّ المقامات التي كانت نصوصا نثرية تنتهي كل واحدة منها بمقطوعة شعرية. لقد كان الأمر رائقاً ومختلفاً، ومثيرا للاهتمام لديّ.

عدا أن آخر صيحات النقد تطالب بزوال الحدود بين الأجناس الأدبية وتقول بتداخلها، مع أن هذه مسألة أخرى؛ مختلفة قليلا عما في هذا السؤال وهذه الإجابة، لكنها قد تشترك معها في بعض المساحة في ديوانيْ "وشيء من سرد قليل" و"على حافة الشعر ثمة عشق وثمة موت"، حاولت أن أهدم هذا الحد الفاصل المتوهم بين الشعر والنثر، وفي كل ذلك عيني على تركيب القرآن الكريم ونظمه، ولي في ذلك مقالان منشوران، فأنا لا أنظّر، وإنما أتأمل، وأجرب بناء على ما أهتدي إليه بفعل هذا التأمل، فأطبّق ما توصلت إليه على ما أكتبه من شعر، كهذا الديوان وديوان "وشيء من سرد قليل" والكتاب القادم بخصوص الكتابة بتقنية الجملة الاسمية. فالشعر عندي هو تجربة في اللغة، وهي تجربة جمالية في الدرجة الأولى.

- ثمة تجربة لفتت انتباهي وهو قصيدتك المغناة "سكّر شبابيكك"، حدثني عن هذه التجربة، كيف وجدتها؟ وما هو تقييمك الشخصي لها؟

في الحقيقة كتبت الكثير من النصوص الصالحة للنشيد وللغناء، ولديّ ديوانان لهذا الغرض أحدهما أناشيد للأطفال لم يطبع بعد، وديوان باللهجة العامية، كلها كتبتها من أجل الغناء، سواء أكانت باللهجة العامية أم بالفصيحة. 

قبل أغنية "سكّر شبابيكك" التي لحنّها وأداها صديقي الفنان الأردني محمد القطري لي نشيدان تربويان، ملحنان، ولي أغنية أخرى كتبتها في مخيم الزيزفونة للأطفال الذي أقامتها جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل عام 2014. 

وكتبت العديد من الأغاني لأجل هذا الغرض، غنيت فيها للشهداء والوطن، وللحبيبة وفي موضوعات إنسانية عامة، لكنّ هذه التجارب على أهميتها كانت محدودة الانتشار ومتواضعة، ولم تلفت النظر، أحاول بين والآخر الاتصال ببعض الملحنين لكنني لم أفلح إلى الآن بعمل أغنية ذات صدى كبير. 

لا أحد يماري في أن تلحين الشعر وغناءه خطوة مهمة للشاعر، فقد كان الشعر والغناء صنوين منذ أن عرف العرب وغير العرب الشعر والموسيقى، فكما قال حسان بن ثابت: "تغنّ بالشعر أمّا كنتَ قائله، إن الغناء لهذا الشعر مضمارُ". آمل أن يتطور الأمر إلى مشروع متكامل مع أحد الملحنين أو المغنين، فالمسألة مهمة، وإن أتت ستكون إضافة نوعية في مسيرتي الأدبية والشعرية.

- على الرغم من هذا النشاط الثري في التجرتين النقدية والكتابية في الشعر إلا أن ما لفت انتباهي غيابك عن أمسيات معرض الكتاب الأخير، وأمسيات ومهرجانات خارج في فلسطين. ما السبب برأيك؟

هناك كثير من الأسماء الوازنة شعريا أيضا لم تشارك بهذه الأمسيات وهذه المهرجانات، الساحة مليئة بالكتاب والشعراء. المهم في المسألة هو أن نكون فاعلين في أي موقع نوجد فيه، والمشاركات المهرجانية لا تستهويني، وخاصة الخارجية، فأنا شخص لا أحب السفر، والأمسيات الشعرية أراها بالمجمل تعيسة ليس بشعرائها، بل بالكيفية التي تنظم فيها؛ ليس معقولا أن يكون هناك في الأمسية أكثر من شاعر، تأتي إليه الناس لتستمع إليه وحده ليشبع ذائقتها ولتتعرف عليه؛ شاعراً مكتملاً بنصوص متعددة  أو تجربة جمالية معينة، كما يحدث أحياناً في أمسيات متحف محمود درويش حالياً في فلسطين، وكما كان يحدث مع نزار قباني ومحمود درويش، ويحدث اليوم مع بعض شعراء الشعر النبطي في دول كالسعودية، أو كما حدث مع تميم البرغوثي مؤخرا في الأمسية التي أقيمت في عمّان وبثتها قناة الجزيرة الفضائية، أكثر من ساعة ونصف والجمهور بشقيه بحضرة شاعر واحد، عاشت معه بكل التفاصيل وتشبعت من شعره وحده. هذا ما أرغب فيه وما أحبّذه، أما ما حدث في معرض الكتاب الأخير فكان أشبه بالمهزلة، وليس بالأمسيات الشعرية على أهمية الشعراء المشاركين وأهمية أغلب ما ألقوه في تلك الأمسيات.

كثرة الشعراء في الأمسية الواحدة رفع عتب، ومسخ لتجارب الشعراء المهمين، وهذا النمط من الأمسيات لا يصلح إلا لهواة الشعر والذين ما زالوا يتعلمونه. أما مع أصحاب المشاريع الشعرية والرؤى الجمالية، فلا يصلح إلا أن يكونوا منفردين وحدهم مع الجمهور.

وهذه الطريقة المسخ لا تصنع شاعرا أيضاً، ولا تساهم بتطوير الذائقة الجمالية للجمهور المستمع، وهي مملة، والشعراء يضرب بعضهم بعضا في أساليبهم ورؤاهم وأفكارهم، ما يؤدي إلى تفتت الجمهور أو عدم مبالاته بكل ذلك، والشعر ذائقة في نهاية المطاف تصنع الجمهور، والجمهور يغذيها، فهي ذات اتجاهين مهمين، وهذا لا يتحقق بهذه الطريقة المضجرة. 

صحيح أن الشعراء كثيرون، لكن لا يعني كثرتهم حشد العديد منهم في أمسية واحدة لإرضائهم، إن في ذلك قتلاً للروح الشعرية والشاعر لو كانوا يعلمون ماذا يعني الشعر في حقيقته. لذلك أفضل مثلا المشاركة النقدية على الشعرية، لأنني أكون فيها عادة منفردا أو بصحبة الكاتب الذي أتحدث عنه. هذا أكثر فائدة للجمهور، ولي شخصياً، وفيه تركيز أكثر للأفكار والرؤى، فضلا عن أن الاختلاف النقدي متقبل أكثر من الجمهور المستعد نفسيا لاختلاف وجهات النظر أكثر من الجمهور الذي يأتي للاستماع للشاعر بذائقته وحسه وقلبه، قبل عقله.

أعلم أن في الأمر مأزقاً، وهو مأزق كبير، أما كيف يجب التغلب عليه؟ فعلى صناع القرارات الثقافية التفكير بالأمر جدّياً، ولا بد من أنهم سيجدون حلاً لو أرادوا ذلك. ولكن الأهم من ذلك: هل هم مقتنعون بما أقول وأعتقد بهذا الخصوص؟


لقاء مع المطربة والفنانة العربيَّة الكبيرة فيوليت سلامة

 


 أجرى اللقاء : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه  -  المغار -  الجليل -  


مقدمة  وتعريف :  المطربة العربيَّة العالمية  " فيوليت سلامة " أصلها من مدينة حيفا ، متزوّجة ولها 3  أبناء ..سكنت في الولايات المتحدة ما يقارب ال 30  عاما  .

   أنهت دراستها الابتدائيَّة وقسما من الثانويّة في حيفا  والثانوية والجامعيّة في  أمريكا – حيث درست هناك موضوع إدارة حسابات . عملت  موظفة في أحد البنوك لمدة  ثلاث سنوات – أثناء ردراستها  الحامعيَّة ..وبعد ذلك تفرَّغت  كليًّا  للغناء والفن  .     وكانت  تزور البلاد عدة مرات في السنة وتقيم العديد من الحفلات الغنائية  الكبيرة  قبل  أن تسكن وتستقر نهائيا في مدينة حيفا منذ عدة سنوات . شاركت في الكثير من المهرجانات الفنيَّة  في العديد  من  الدول العربيَّة  والأجنبيَّة  وحققت  شهرةً وانتشارا واسعا على صعيد العالم  العربي  وتميَّزت  بإصرارها  على  غناء  اللون  الكلاسيكي الأصيل .   

       لحَّن  لها  كبارُ الموسيقيين والملحنين المصريين  والعرب ، مثل :  محمد الموجي ، بليغ حمدي ، عمار الشريعي ، محمد سلطان  ،  جمال سلامه .. وغيرهم .

    وقد أهداها المطرب الكبير للمرحوم " وديع الصافي "  3  أغنيات  من اغانيه المميزة  والجميلبة لتغنّيها  بصوتها  .  وقد  أجريت معها هذا اللقاء  والخاص والمطول بعد زيارة لها للبلاد قبل سنوات .. قبل أن تقيمَ  وتستقرَّ نهائيٍّا  في مدينة حيفا ...  وكان لقاء  رائعا  ودّيًّا وفنيًّا ...  وللحظة الأولى شعرتُ  كانني أعرفها  منذ  سنوات طويلة وليس لأول  مرة  أجلس  معها ...وتمتازُ فيوليت باللباقة في الحديثِ وبالتواضع والذكاء والثقافة الواسعة .


*سؤال 1 )    المطربة الكبيرة فيوليت سلامة أشهر من  نار على علم .. ولكن كيف تُقدِّمين أنتِ  نفسكِ  لجمهور القرَّاء..من هي فيوليت سلامة  ؟؟

- جواب  1  -    إبنة حيفا  المشتافة جدا لمدينتها الجميلة  وبلدها  الذي لم  يفارقها طوال سنين الغربة.. وفنانة اكتفت  بالقدر الذي  أتاحته لها ظروفها  الخاصة .


*سؤال 2 ) حدِّثينا عن مشوارِكِ الفنّي منذ  البداية الآن  ؟؟

-  جواب  2  -   البداية  وإن كان  الحديثُ  شبه مُكرَّر .. كانت البدايةُ في  المهجر( بأمريكا ) ، من خلال الحفلات  والمهرجانات التي اقيمت  ما بين  الجاليات العربيَّة  في  مختلف الولايات الأمريكيَّة... ثمّ  النقلة الكبيرة  إلى مصر بنصيحة الأساتذة  الملحنين " بليغ حمدي "   و " محمد الموجي" ... وهنالك  كانت الإنطلاقةُ المهمّة في حياتي  الفنيَّة ، في العالم  العربي ،  لو ان  شاءت  الظروف أن  تُغيّرَ هذا المسارَ  وتُحدّدهُ  لاسباب حرب الخليج  الأولى ..ومن  ثم ظروف  معيّنة .. ولكن الإصرار والتحدّي  كانا الساعي الأكبر لإتمام مسيرتي الفنيَّة ..وكما أصبحَ  معلوما  وكما يعرف جمهوري انني  أكون موجودة  هنا في البلاد  بين الفترة  والأخرى  لإقامة مجموعة من الحفلات ما  بين حيفا  والمدن  الأخرى  أو المناطق  الأخرى  في هذه  البلاد  الغالية ..


*سؤال 3  )  الصّعوباتُ والعراقيلُ التي واجهتكِ في البدايةِ  ؟؟

- جواب  3  -       أنا كنتُ محظوظةً  وتقريبا  لم  تكن هنالك  صعوباتٌ  وعراقيل تُذكر ...والسَّببُ  هو انَّ  خطواتي  الفنيَّة  الاولى كانت  نوعا ما مدروسة  ومدعومة وبمساعدة  زوجي  ووقوفه  بجانبي  – سواء كان من  الناحية الماديَّة  أو المعنويَّة ، ولكنَّ  المشكلة  الوحيدة التي واجهتني هي :  اتخاذ القرار النهائي  وهو كان  يُعتبرُ  قرارا مصيريًّا  في البقاء في مصر  أو العودة إلى أمريكا (  قصَّة الإقامة ) . 


*سؤال 4  )  أنتِ  تميَّزتِ  وتفرَّدتِ في اللون الغنائي الأصيل ( الأغاني الشرقيّة  الكلاسيكيَّة )... لماذا اخترتِ هذا  اللون  بالذات  !!؟؟ 

- جواب 4 -    بصراحة تمسُّكي في هذا اللون كان سببا في تأخُّر شهرتي  بشكل اوسع  في البلدان  العربيَّة   لأنني رفضتُ السَّيرَ في الإتّجاهِ الجديد آنذاك للأغنية  الخفيفة والسَّريعة  والرَّكيكة  في أغلب الأحيان .. فاقتناعي هذاكان سببا  لعدم وجود أغنية  واحدة تضربُالسوق  بالمفهوم والمصطلح  الفنذِي  المُتداول ،  بحيث  كانت  شهرة  الفنان  بأغنية  واحدة   معروفة  تضربُ السوق الفنيّ ...ولذلك  كان اتجاهي وتمسُّكي وتركيزي في الأوبرا المصريَّة وجمهور دارالاوبرا..ومنذ ذلك الحين بنيتُ كلَّ اهتماماتي في أن أكون فنانةً  مُميَّزة  تحملُ  الصّفات المطلوبة  والميزات الخاصَّة  وهويَّتها الفنيَّة  المستقلة   وتنجحُ  أمامَ  الجمهور الراقي  والمُثقف  في  دار الأوبرا  والمهرجانات الكبيرة  الأخرى لانَّ  هذا  الجمهور الذوِّيق  للفنّ لا يرحم .. وعدا عن هذا فأنا أحبُّ  اللون الشرقي الكلاسيكي الأصيل  وأجدُ نفسي فيه  وليسَ في الأغاني الحديثة الهابطة... وإن  لم تكن الكلمة واللحنُ الذي يخدمُ الكلمة يُحرِّكان شيئا في مشاعري ووجداني لا أغنِّي .  


*سؤال 5 )  هل غنّيتِ ألوانًا غنائيَّة أخرى غير اللون الطربي  الكلاسيكي الأصيل ؟؟

-  جواب  5 -    طبعا أنا غنيتُ أغاني عديدة أخرى غير الأسلوب والنمط الكلاسيكي ..أغاني  عصريَّة ليست طويلة ..ولكنها  على مستوى راقٍ  في الكلمات واللحن والتوزيع  وتحملُ رسالة سامية... لأن بين الكم الهائل  من  المغنين في الساحة الفنيَّة هنالك فئة  ما زالت غيورة  جدا في الحفاظ  على الاغنية الشرقيَّة وبمُقوِّماتها الجميلة . 


*سؤال  6 )  كيف  استطعتِ أن  تشقِّي  طريقكِ  الفنِّي وسط  هذا  الزحام   والكم الكبير من المطربين  وأنتِ  تُغنين دائما  اللون  الشَّرقي  الكلاسيكي الأصيل ومعظم الناس والمطربين اليوم ابتعدوا عن هذا اللون..في عصرنا هذا عصر السرعة والبيزنس...عصر الأغاني المُهجَّنة والسَّخيفة والهابطة !!؟؟؟  ..

-  جواب 6  -     أولا  أنا  صقلتُ موهبتي  وَمرَّنتُ صوتي على أصوات المطربين القدامى ... وأخصُّ  بالذكر  سيدة  الغناء العربي  كوكب الشرق ( ام  كلثوم ) والمطرب  والموسيقار الكبير  محمد عبد  الوهاب ... فهاتان المدرستان  ( وبفضل إمكانيّات  صوتي المشهود  لها  في عالم  الموسيقى  والفن العربي )   ووجود عندي  الإمكانيات  في العرب السليمة  والقفلات السليمة وطبقات الصوت العالية  بشهادة  أولئك الأساتذة  الكبار والجمهور نفسه .. وانَّ  الإصرار  نفسه  والإقتناع  الذاتي  بأن أقدِّمَ  ما أحسُّهُ  وأجيد  غناءهُ أعتقد  كانت هذه الأسباب في اقناع  الجمهور الذي يسمعني -  وكما قلتُ سابقا - سواء كانت الأغنيةُ كلاسيكيَّة أوجديدة إن لم أجد فيها العناصر المطلوبة  لتحركني وتطلق  صوتي لاغنيها  لا أغنِّيها ... وفي الحقيقة  إنَّ تعطشَ نسبة كبيرة من الجمهور المحلي والجمهورالعربي لسماع هذا اللون من أصواتٍ تُؤدِّيهِ بشكل سليم  وجميل  هو الحافز لتمسُّكي  وتمسُّك فنانين آخرين  بأصوات قويّة  وجميلة  أيضا ...المقتنعين بالبقاء  والإستمرار في تقديم هذا اللون ... وإذا أردنا  وزن الأمور تجاريًّا ( بيزنس )  فكفّة  اللون الجديد والسريع والهابط هي الغالبة والمُربحة وللأسف..وعلى هذا الأساس نجدُ  شركات إنتاج  كبيرة  تشجع  وتدعم  مُؤَدِّي  ومغنِّي  هذا اللون لأجل المكاسب الماديَّة  السريعة... وعدم اهتمامهم  في  إنتاج  ما  يتعلّق  باللون  الكلاسيكي الطربي الأصيل الراقي...وإن كنتُ قد لامستُ تغييرًا في أذواق الجمهور لكونهم  تعبُوا من الموجاتِ والنغمات الهابطة  وبتشجيعهم  لتقديم  الفن الاصيل من جديد .


*سؤال 7  )  لقد لحَّن  لكِ كبارُ المُلحّنين  في مصر، مثل :   بليغ حمدي  ومحمد الموجي   ومحمد سلطان  ( زوج المطربة الكبيرة  فايزة احمد ) وغيرهم ...كيف وصلتِ إلى هؤلاءِ العمالقةِ !!؟؟  

-  جواب 7  -    التعارفُ بيننا حصلَ في فترةِ  إقامتي بأمريكا  وبمساعدةِ أصدقاء لهم  صلة بالطرفين ... فأعتبرُ نفسي محظوظةً  لوجودِ تاريخ  قيِّم  كهذا في مسيرتي الفنيَّة .  


*سؤال 8  )   رصيدُكِ الفنِّي من الأغاني الجديدة  الخاصَّة بكِ؟؟ 

 - جواب  8  -   لقد لحِّنَ لي حوالي 15 أغنية عاطفيَة خاصَّة وجديدة ... لحَّنها لي الأساتذة العمالقة : محمد الموجي وبليغ حمدي ،عمار الشريعي ، محمد سلطان  وغيرهم ... هنالك أيضا  مجموعة من  كبيرة  من  الأغاني الوطنيَّة غيرهذه الأغاني  لحَّنها الدكتور جمال سلامة ومهدي سردانة ... وتعاملتُ مع  شعراء ، مثل  :   عمر بطيشة ( مصري )   وعبد  الرحمن  الأبنودي وسيد حجاب..وغيرهم . وأعتبرُ نفسي مُقصِّرةً بحقِّ هذه الاغاني  الخاصَّة لأنني  لم أسعَ لنشرِهَا لجمهوري المحلي .. ولكن إن شاء الله قريبا  سوف أقومُ بهذه الخطوة عمَّا قريب .


*سؤال 9  )    حدِّثينا عن حياتِكِ الفنّيَّةِ خارج البلاد ؟؟

 - جواب  9  -   خطواتي الفنبَّة  خارج البلاد ..وخاصة في أمريكا  وبلاد أوروبا محصورة في إقامة حفلات ليس إلا..وكوني انني سكنتُ وأقمتُ في أمريكا  ما  يُقاربُ ال 30 عاما...وكنتُ  نشيطة  فنيًّا  خلال هذه  السنوات أعتبرُ وبكلِّ تواضع أنَّ لي جمهورًا  يُحبُّني ويفتقد لوجودي في  أمريكا بعد

أن أصبحتُ موجودة هنا  بكثافة أكثر من هناك . 


سؤال 10 ) -  حدِّثينا عن نشاطاتِكِ الفنيَّة  في مصر  ؟؟ 

-  جواب  10 - في فترةِ السنة والنصف ( من عام 1989 – حتى  أوائل   أل  1991  )  أعتبرُ نفسي  من  الفنانات  الوافدات  المحظوظات  لكوني اشتهرتُ  في  المجال  الغنائي  وأيضا التمثيلي  في تلك الفترةِ القصيرةِ ...   وكما أنني شاركتُ  في مهرجانات أكتوبر لمرّات عديدة .. وشكل عام كان نشاطي لفني في مصر مُكثّفا جدا .. ولكن وللأسف  لظروف مُعيَّنة  انتقلتُ من هناك وغبتُ فترةً طويلة عن مصر لم تكن في صالح مسيرتي الفنيَّة  .

          وقد  دعمتُ في جميع  المجالات الإعلاميَّة  المصريَّة  على جميع أنواعها ...وصراحة لقد  لقيتُ  اهتماما وتشجيعا  ومحبّة  صادقة  يوازون الجهدَ والتحديات التي واجهتها كي أكون موجودةً في مصر . 


*سؤال 11  )  أنتِ عُرِفتِ واشتهرتِ  باسم (سلمى الفلسطينيَّة ) في مصر  ... ما هو سببُ هذه التّسمية ؟؟!!  

-  جواب  11  -  كان  الموسيقار ( بليغ  حمدي ) قد اختارَ لي هذا  الإسم    بدلا من اسمي الأصلي  " فيوليت "  المطعّم بالطابع  الغربي أكثر ممَّا هو شرقي ، وكان هذا هو سبب التغيير . 


*سؤال 12  )   يُقالُ : إنَّ أغنية "بتونّس بيك "  للمطربة  وردة الجزائريَّة  كانت قد عُرِضتْ عليكِ أولا قبل أن تُغنِّيها وردة ..هل هذا  صحيح ؟؟ ... ولماذا لم تغنِّهَا أنتِ ؟؟!!  

-  جواب  12  -   تصحيح  لهذه المعلومة  إنني لم أرفض هذه الأغنية... وحقيقة  الموضوع  هو انني  كنتُ  قد  انتقلتُ من  مصر  إلى أمريكا  في فترة حرب الخليج الأولى  سنة ( 1991 )  كون  أنَّ  الأوضاع  السياسيَّة طغت  على  أيَّةِ  نشاطاتٍ  فنيَّةٍ ... ففي  هذه  الفترة  إتصلَ   بي  صاحبُ شركة  الإنتاج التي كنتُ مُتعاهدةً معها آنذاك لإنتاج أعمال فنيَّة خاصَّة  لي ..  وقد ذكرَ لي عن وجود أغنية مُتوقّع  لها النجاح والشهرة في تلكَ الفترة وكوني كنتُ اسمًا جديد في الساحةِ الفنيّةِ المصريّة والعربيَّة  فأرادَ صاحبُ الشركة  الإنتاجيَّة دعمي  في إضافة هذه الاغنية  لرصيدي الفنّي  وتقصير المسافة بيني  وبين الجمهور أكثر .. ولكن  وكما كرَّرتُ كثيرا  " لظروف خاصَّة " لم أستطع  إتمام  هذا المشروع . ولكي أكون  واضحةً  كانت هذه الأغنية هي "بتونّس بيك " من ألحان صلاح  الشّرنوبي .


*سؤال 13  )   رأيُكِ في مستوى الفنّ والغناءِ المحلي ؟؟

-  جواب  13  -    لا  أستطيعُ التقييم  والحُكم  لأنني غير مُتابعة  للإنتاج  المحلي .. وليس تقليلا من هذا لإنتاج  ولكن  لعدم  وجودي  بشكل  مستمرٍّ في البلاد . 


*سؤال 14  )   أنتِ سابقا  كنتِ تزورين البلاد  زيارات  خاطفة وسريعة ... ولكنكِ  مؤخّرًا ( منذ بضع  سنوات ) أصبحتِ  تأتين  عدّة  مرات  في السنة  وكل  مرَّة  تمكثين  فترةً  طويلة  نسبيًّا  وتشتركين  في عدة حفلات  ونشاطات فنيَّة .. ما هو سببُ هذا التحوُّل ؟؟!! 

-  جواب 14 -   صحيح  فمنذ فترة السنتين والنصف  الأخيرتين أصبحتُ أمكث  وأبقى هنا  لمدّة  أطول  ممَّا كنتُ عليهِ سابقا ...والسَّببُ في ذلك هو  توسُّع دائرة جمهوري الذي دائما يُشجّعُني على البقاء والتواصل في  تقدمةِ  حفلاتي  لهم .. وخصوصا  بعد أن  وجدتُ نفسي راضيةً  عمَّا  أقدِّمُهُ  هنا  وكون وجودي هنا  في البلاد  يتناسب مع  ظروفي بالرغم من عدم التخلي عن  المشاركة   بين  الحينة   والأخرى  في  مهرجان  الموسيقى  العربيَّة  ومهرجانات أخرى مهمَّة حين تسنحُ  الفرصة  .  


*سؤال 15  )    هل  للشكل  والمظهر  الخارجي تأثيرٌ على نجاح  الفنّان  والمطرب وشهرته وتألقهِ  وخاصة أنتِ  جميلة  وأنيقة  من  ناحية  الشكل .. إضافة إلى جمال وعظمة صوتك  الرائع ؟؟

 -  جواب  15  -     بكلِّ  تأكيد وإن كانت هذه  المُعادلة  نسبيَّة  نوعا  ما   بمعنى ان كل فئة  مُعيَّنة من الجمهور تنظر إلى  هذا  الموضوع  بنظرتِها الخاصَّة ... ولكن مهمٌّ  جدا أن الفنان  يظهر بشكل  لائق  وأنيق  ومناسب  للمكان الذي  يقفُ  فيهِ .. ويقدّمُ  أعماله وفنّهُ ..فإن  كان مسرحا  فللمسرح إحترامه ..إلخ .. 

        وكما نرى من خلال الفضائيَّات أنَّ الشكلَ الخارجي أصبحَ  أهم من  الموهبة نفسها ..وإثباتا للذي أقول : إنَّ هنالك موديلات نراها وتتمتَّعُ أعيُننا بها  ولكن آذاننا دائما على خصام معها .  


*سؤال16)  أسئلة شخصيَّة )

*  البرج :  الحوت  .

 *  الشراب المفضل :  الماء :  

 *  الأكلة المُفضلة  :  الأكلة  الخفيفة  .

*  العطر المُفضّل :   كل عطر يتمشّى مع مزاجي .

*سؤال )  يُقالُ :إنَّ الفنَّ والزواج لا يلتقيان تحت سقف  واحد.. ولهذا نرى معظم الفنانين والشعراء والكتاب الكبار والفلاسفة والعلماء والعباقرة الكبار المبدعين  يعزفون عن الزواج ، والبعضُ منهم إذا  تزوَّجَ زواجه لا يستمرُّ لفترةٍ طويلة ..ما قولكِ في هذا ؟؟

- جواب  -  نوعا ما صحيح ..ولكن يصعبُ على الفنان أن يحرم نفسه من  هديَّة الله سبحانه وتعالى وهي الأولاد (  النسل )  .

*سؤال ) ما رأيُكِ   في كلٍّ من : الحُب ، السعادة ، الأمل ، الحياة  ؟؟

-  جواب -   الحُب :  عطاء  .    السَّعادة : نسبيَّة  .    الحياة  :  أولاد .   الأمل : إستمراريَّة  .

سؤال )  يُقالُ  :  وراء كلِّ  رجلٍ عظيم  امرأة  ووراء  كلِّ  امرأة عظيمة رجل عظيم ..هل هذا صحيح ؟؟ 

- جواب -    إنَّ هذا القول  شيىء نسبي  .

*سؤال 17 ) بماذا تنصجين انت الفنانين الجديد الذين في  بداية الطريق ؟ 

- جواب 17   -     طول النفسي  وعدم التّسرُّع  والإصرار والجديَّة  في احترام  العمل  الفنٍّي  . 


سؤال  18 )    طموحاتُكِ ومشاريعُكِ  للمستقبل  ؟؟

- جواب 18  -   كان من المفروض أن أشاركَ في عدة مهرجانات هامّة ، منها  مهرجان المدينة  في تونس  لهذه السنة ... ولكن  ميزانيّة  المهرجان حالت دون المشاركة لهذه السنة .. وإن شاء الله في السنة القادمة  سأشاركُ  في هذا  المهرجان  تحديدا ، وهنالك  سفر إلى بلاد  أوروبيَّة  وغيرها  في فترة قريبة لإقامة العديد من الحفلات.. حفلات عامّة وخاصَّة  . 


سؤال 19 )  كلمة أخيرة تحبين أن تقوليها في نهاية هذا اللقاء ؟؟

- جواب 19 -    أشكرُ كلَّ انسان  شجَّعني على اتخاذ قراري في المُكوث   هنا في البلاد  بدلا من تحمُّل المشاكل التي  أواجهها  للإقامة في مصر . فوجودي  هنا  في بلادي  جعلني أحسُّ  براحة  نفسيَّة  ومحبَّة ٍ كبيرة  إلى جمهوري وكل عام  وأنتم  بخير .

  وأخيرا  :  أشكرك جزيل الشكر الشاعر والكاتب والإعلامي القدير أستاذ  حاتم جوعيه على هذا اللقاء  الجميل والشائق والمطول .


الناقد المغربي محمد الداهي: السيرة الذاتية مبعدة من اهتمام المؤسسة الأدبية العربية


حاوره: عبد اللطيف الوراري


توجه الناقد المغربي محمد الداهي، في فورة النشاط السردولوجي المغربي واستئثار الرواية بثماره الناضجة، إلى الانشغال النظري والمعرفي بالسيرة الذاتية كنوع سردي وتخييلي في آن، في وقت كان يُنظر فيه إلى هذا النوع بازدراء واستخفاف. وقد أثمر جهده الأكاديمي دراسات رائدة في هذا المجال: «شعرية السيرة الذهنية: محاولة تأصيل» (2000) و»الحقيقة الملتبسة: قراءة في أشكال الكتابة عن الذات» (2007) و«السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع» (2021) و»متعة الإخفاق. المشروع التخيُّلي لعبد الله العروي» (2022).

يبرز الناقد في الحوار أهمية الأدب الشخصي، رغم وجود معايير متقادمة ملتصقة به، داعيا إلى الانفتاح على معايير جديدة لأجل إعادة الاعتبار إلى المحكيات الذاتية، وتوسيع شعرية الذاكرة، والاهتمام بالأجناس التذكارية ضمن هذا الأدب؛ بل إلى استحداث هيئة عربية تسهر على العناية به لأهميته وملاءمته وجدواه، مثلما تحرص على إنشاء متاحف للذاكرة الحية.


□ ما الذي قادك إلى الاهتمام بفنّ السيرة الذاتية؟

■ استأثرتْ السيرة الذاتية باهتمامي منذ فترة إعداد الأطروحة لنيل دكتوراه الدولة في بداية التسعينات من الألفية الثانية؛ إذ أعرتُ الاهتمام إلى المؤشرات التلفظيَّة بالاحتكام إلى دراسات إميل بنفنست (خاصة الدراستين «الجهاز الشكلي للتلفظ» و»الذاتية في اللغة») التي أحدثت ثورة هادئة في مجال اللسانيات مُرْهِصةً بالإبدال ما بعد البنيوي. وسبق لباحث آخر من قبلُ، هو ميخائيل باختين، أن اهتم بالظاهرة العبر لغوية والتلفظية التي تخص نقل الخطاب بطرائق متعددة، وتمثيل كلام الآخر أدبيا وفنيا؛ ما يجعل السارد يستثمر – في خطابه – أصواتا أخرى بطريقة صريحة أو ضمنية. عندما قرأتُ وقتئذ «أوراق» لعبد الله العروي عاينتُ ـ علاوة على أقنعة السارد – تجليات الذاتية وآثارها في صور وهيئات مختلفة. من يتكلم في السرد؟ لا يتكلم شخص واحد، بل أشخاص كُثْرٌ يتناوبون في ما بينهم على أداء مهمة التلفظ من زوايا ومنظورات مختلفة. فضلا عن ذلك نعاين «الثنائية الصوتية» في خطاب أو كلام متلفظ واحد مؤديا صوتين مختلفين في الآن نفسه. حفزني هذا المُؤلَّفُ -بحكم أقنعته وجنسه الأدبي- على الاهتمام بالسيرة الذاتية، وجمع متونها؛ وهو ما أسفر عن صدور كتابي « شعرية السيرة الذهنية محاولة تأصيل» 2000، الذي ترك صدى طيبا في الأوساط الأدبية والنقدية، ووصل إلى المرحلة النهائية لجائزة المغرب للكتاب، إلى جانب الكتاب المتوج «في الرواية العربية: التكون والاشتغال» لأحمد اليبوري.

لاحظتُ أن السيرة الذاتية مبعدة من اهتمام «المؤسسة الأدبية العربية» كما هو حاصل في بلدان غربية بدعوى أنها خطاب الحقيقة، ولانحسار أدبيَّتها، ولعنايتها بأمور شخصية وذاتية (لمن تحكي مزاميرك يا داود). يعود الفضل إلى صفوة من النقاد المغاربة الذين كان لهم الفضل في الاهتمام مبكرا بالأدب الشخصي، خاصة بالسيرة الذاتية؛ وفي مقدمتهم عمر حلي الذي صدر له كتاب موسوم بـ»البوح والكتابة دراسة في السيرة الذاتية في الأدب العربي» وعبد القادر الشاوي الذي صدر له كتاب معنون بـ»الكتابة والوجود السيرة الذاتية في المغرب». ونضيف إليهما محمد برادة الذي خصص جزءا من دراساته للنصوص السيرذاتية أو للنصوص التي يلتبس فيها الوقائعي والتخييلي (صدرت في ما بعد تحت عنوان «الذات والسرد الروائي») وشارك ـ برفقة عمران المالح ومحمد عزالدين التازي وقمري البشري وعبد الرحيم جيران ومحمد السويرتي – في ندوة «الرواية المغربية بين السيرة الذاتية واستيحاء الواقع» التي نظمتها جمعية قدماء تلاميذ ثانوية الإمام الأصيلي أيام 8 و9 و10 سبتمبر/أيلول 1983. وفر رواد الرعيل الأول من النقاد أو مجايلي المادة الأولى التي اعتمدتُها واستأنستُ بها لتوسيع مجال البحث في الأدب الشخصي، أو الخاص رؤيةً ومنهجاً. فكل ما صدر لي لحد الآن يروم البحث في آثار المتلفظ ومواقعه والتباساته من منظور سيميائيات الذاتية (Sémiotique de la subjectivité) التي يعود الفضل في ابتكارها ونحتها إلى هرمان باريت في مؤلفه «الأهواء دراسة في تخطيب الذاتية»(1986).

كان لي السبق في تحليل طبقة من النصوص ذات الصلة بالسيرة الذاتية الفكرية، ثم بدأت أهتم شيئا فشيئا بأنواع الأدب الشخصي وبالقضايا المرتبطة به. ما أثارني-في هذه الفترة من عمري- هو اهتمام النقاد العرب بالرواية أو بالسيرة الذاتية؛ في حين لم يهتموا بالأنواع الكثيرة والملتبسة التي توجد في المنطقة البينية؛ أي ما يفصل بين ملفوظات الواقع وملفوظات التخييل. اكتفوا بتحليل السيرة الذاتية الكلاسيكية، واهتموا مؤخرا بالتخييل الذاتي، في حين لم يكترثوا بما ينيف على ثلاثين نوعا. أهي مُهجَّنة أم مختلطة أم ذات خلقة غريبة؟ كل سؤال يحيل إلى مقاربة محددة من المقاربات التي سبق لي أن أبرزتها وفصلتها في كتابي «السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع». يبقى الورش مفتوحا لحفز الطلبة على الاهتمام بالأنواع أو الأجناس الأدبية على الحدود سعيا إلى استيعاب هويتها وطبيعتها وقضاياها.


□ هل يمكن القول إن العرب القدامى عرفوا فن السيرة الذاتية؟ أم أنّ الأمر لم يكن سوى تراجم ذاتية تنعدم فيها شروط هذا الجنس الأدبي؟

■ بالرجوع إلى كتابيْ فيليب لوجون «الميثاق السيرذاتي» و»أنا أيضا» يتضح أن العرب القدامى كانوا واعين بنمط كتابي قادر على استيعاب مشاريعهم الذاتية. وهذا ما نلمسه في ثنايا عيِّنة من السير أو التراجم القديمة. أقصد بالتحديد: «المنقذ من الضلال» لأبي حامد الغزالي، و»حي بن يقظان» لابن طفيل، «والتوابع والزوابع» لابن شهيد، و»التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا» لعبد الرحمن ابن خلدون، و»كتاب الاعتبار» لأسامة بن منقد وغيرها. يبرم عنوان «التعريف» ميثاقا سيرذاتيا مع القارئ، بالإحالة في الآن نفسه إلى نوعية الكتاب واسم صاحبه، وتقلب العنوان في صيغ مختلفة قبل أن يستقر ابن خلدون على العنوان الذي يراه مناسبا لمشروعه السيرذاتي، وكان العنوان الأصلي دالا كذلك: «التعريف بابن خلدون مؤلف هذا الكتاب». اعتنى العرب بمفهوم الترجمة والتراجم والطبقات لسرد أخبار أشخاص معينين (أنبياء، صحابة، شعراء، صلحاء، متصوفة) أو ذكر آثارهم وأعمالهم. ظل المصطلح شائعا إلى النصف الأخير من الألفية الثانية («الترجمة الشخصية» لشوقي ضيف (1953) «التراجم والسير» لجنة من الأدباء (1955) «الترجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث» ليحيى إبراهيم عبد الدايم (1974) «فن التراجم والسير الذاتية» لأندريه موروا، ترجمة أحمد درويش، (1999) إلخ)؛ قبل أن يحل المفهوم المتداول محله اليوم، وهو السيرة أو السيرة الذاتية بفضل التفاعل إيجابا مع الثقافة الغربية.

انشغل العرب القدامى بنوع من السيرة الذاتية، وهو السيرة الذاتية الفكرية التي سبق لي أن رسمتُ معالهما وحددت نموذجها البنائي في كتابي «شعرية السيرة الذهنية». وكرسوا في الاتجاه نفسه مفهوم السيرة (Biographie) الذي كان يُعنى به التراجم الطويلة والمستقلة («سيرة الرسول» لابن هشام برواية ابن إسحاق، و»سيرة عمر بن عبد العزيز» لابن الجوزي، «سيرة ابن طولون» للبلوي، و»سيرة صلاح الدين الأيوبي» لابن شداد) وساد لديهم أيضا تقليد الكُنتيَّة (حديث الشيوخ عن أنفسهم واعتدادهم بمنجزاتهم وأفعالهم: كنتُ وكنتُ) الذي فصله أحمد بن علي آل مريع عسيري في مجلة «الخطاب» (العدد 13، 2013) كما راج تقليد الفهرس في المغرب، وهو عبارة عن كتاب يذكر فيه المؤلف مختلف المعلومات المتعلقة بحياته الدراسية، ويتتبع فيه أسانيد شيوخه في كل العلوم والكتب التي يرويها عنهم بتسلسل متصل بقصد توثيق أصوله العلمية قبل منح الإجازة. ما فتئ تقليد السيرة الذاتية الفكرية سائدا إلى اليوم مستوعبا تجارب جديدة لكل من إدوارد سعيد «خارج المكان» وسعيد بنكراد «وتحملني وظنوني سيرة التكوين» وبنسالم حميش «الذات بين الوجود والإيجاد» ومعجب الزهراني «سيرة الوقت: حياة فرد – حكاية جيل». وفي هذا الصدد، كثيرا ما أعود إلى مقدمة «سبعون» لميخائيل نعيمة لأنه قدم لقرائه ومحبيه توضيحا منهجيا للتميز بين حياته الخاصة وحياته العامة، وبيّن لهم الفائدة التي يمكن لهم أن يجنوها من سيرته الذاتية الفكرية، في حين أن لن تنفعهم حياته الخاصة في أي شيء يذكر.


□ اهتممت بدراسة متون قديمة وحديثة تتعلق بأنواع السيرة الذاتية، إلا أن متن عبد الله العروي يستأثر عندك باهتمام أكبر، وقد اتضح في كتابك الجديد «متعة الإخفاق» (2022). ما هي الموجهات والأطر الكبرى التي تكمن وراء ذلك؟

■ يشغل عبد الله العروي جزءا من اهتماماتي النقدية منذ الإجازة في اللغة العربية وآدابها (1985) إلى الآن. خصصت لمنجزه التخييلي دراسات ومؤلفات، وأجريت حوارا معه «عبد الله العروي: من التاريخ إلى الحب» (1996) لمواكبة تجربته المتنوعة بحكم درايته بصناعة الرواية، وإلمامه بقمم الإبداع الروائي العالمي، واتخاذه السرد وسيلة لإسماع الأصوات المغمورة أو المخفية في طويته، والصدع بحقائق مغيبة في مؤلفاته النظرية. تتناسل في أعماله الروائية (الغربة، واليتيم، والفريق، والآفة) ومحكياته الذاتية (أوراق، خواطر الصباح «في ثلاثة أجزاء» المغرب والحسن الثاني، استبانة، بين الفلسفة والتاريخ، من ديوان السياسة) توائم روح عبد الله العروي التي لا تحل محل صورته الظاهرة حسب، بل تتصنَّعُها وتلغيها مُعبرةً عن استيهامات وخواطر وحقائق دفينة ومستورة، ومُقْتحمةً «مناطق الحساسية» بنوع من التمويه والتنكر والمداراة. لا يمكن في نظري فهم تصورات عبد الله العروي من الإخفاق الجماعي، والتأخر التاريخي، وضوابط التاريخانيَّة، والتركة الكولونيالية بالاكتفاء بمؤلفاته النظرية فقط، بل لا بد من اعتماد مؤلفاته التخييلية أيضا. وهذا لا يعني أن عبد الله العروي الروائي هو نسخة طبق الأصل من عبد الله العروي التاريخاني. لقد اضطر إلى كتابة الرواية منذ فترة الاستقلال لقدرة بنياتها على استيعاب الأصوات المختلفة على قدم المساواة، وتمثيل الواقع بطرائق فنية، والنفاذ إلى نفسية الشخصيات وتعرُّف أهوائها وتطلعاتها. كان يتمنى أن يكون روائيا، لكن ظروفا تاريخية طارئة غيرت وجهته إلى التاريخانية، ومع ذلك ظل وفيا لحبه الأول. كرس عوالمه التخييلية لاستيعاب الإخفاقين الشخصي (ما جعله يرتد من العمل الجماعي إلى الانطواء على الذات) والجماعي (تعثر أداء «الجماعات الوسيطة» وانقسامها، ووجود مفارقة بين المفاهيم والواقع) والتطلع إلى الانتصار عليهما والاستمتاع بهما بالسرد. ما فتئت الإخفاقات تتردد وهو ما يجعل الإنسان العربي يعيش المآسي نفسها. ويبقى الأمل في السرد لإعادة تشكيل الهوية السردية العربية، واقتراح أشكال حياة جديدة، وإتاحة هامش من الحرية للأصوات المعارضة والمخالفة قصد التعبير عن آرائها ومواقفها، وفهم نفسية الإنسان العربي وعقده (مخلفات الصدمات التاريخية).

لقد خصصتُ جزءا من اهتماماتي النقدية للأعمال التخييلية لعبد الله العروي، أسوة بمؤلفين عرب ينتمون إلى أقطار مختلفة. وهذا ما تشهد عليه مؤلفاتي التي أحرص فيها على الجانب التطبيقي للتدليل على صحة فرضيات معنية.


□ لماذا تقلّ ـ في نظرك- متون التخييل الذاتي في أدبنا العربي المعاصر؟

■ لا أظن أن تمثيلية التخييل الذاتي قليلة في الأدب العربي، والدليل أنه سبق لي أن درست عينات منها في كتبي: «الحقيقة الملتبسة: قراءة في أشكال الكتابة عن الذات» و»السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع» و»متعة الإخفاق: المشروع التخييلي لعبد الله العروي». وسبق لي في دراستين باللغة الفرنسية (الأولى نشرت في الكتاب الجماعي «تخوم التخييل الذاتي» الذي أشرف عليه أرنو كنون وإزابيل غريل 2016، والثاني نشر في مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، العدد19، 2013) أن وسعت المتن لأبين للمخاطب الآخر أن العرب لا يقلون نبوغا عن أندادهم الغربيين، وأنهم انخرطوا في التخييل الذاتي قبل أن يتوطد اصطلاحا بقرن من الزمن تقريبا. وعندما شاركت في ندوة «التخييل الذاتي» بسورزي لاصال 2012 في الشمال الغربي لفرنسا، عاينت أن النقاش يصب في إطار إثبات الشرعية العرقية للتخييل الذاتي بدعوى أن مكتشفه سيرج دبروفسكي هو يهودي الأصل، وهو ما فندته بالإتيان بأمثلة من الأدب العربي (وأخص بالذكر «الساق على الساق في ما هو الفارياق» لأحمد فارس الشدياق، و»إبراهيم الكاتب» لإبراهيم المازني) وبإبراز أن المفاهيم والأجناس ذات صبغة كونية؛ وهي بذلك شبيهة بالعملة التي يتداولها الناس في ما بينهم لقيمتها وجدارتها أيا كان أصلها وجنسها. ظلت كثير من الكتب مصنفة خطأ إلى أن وضع فيليب لوجون جدولا يستوعب كل الحالات السيرذاتية أو التي تلتبس بها؛ ومن ضمنه الخانة التي تعذر عليه ملؤها بمثال مناسب إلى أن صدر كتاب (Fils) لسيرج دبروفسكي، نظرا للطبيعة الجناسية للعنوان فهو يحتمل المقابلين الآتيين باللغة العربية (الابن/ الخيوط) الذي يعد أول محاولة جريئة وصريحة في الانتماء إلى التخييل الذاتي (ما أثبته المؤلف على ظهر الغلاف 1977) والتعريف به من خلال المراسلات التي تبادلها المؤلف مع فيليب لوجون، والمحاضرات التي ألقاها في محافل وندوات مختلفة. أنا أميل إلى «التعريف الحصري» للتخيل الذاتي، وتوجد كثير من الأعمال العربية التي تضرب على منواله (تفويض المؤلف شخصية خيالية تحمل اسمه لاسترجاع حياته الشخصية). في حين هناك من يميل إلى «التعريف الموسَّع أو العام» الذي يستوعب مقادير من الواقعي والتخييلي، ويمزج بين المطابقة والاختلاق؛ وهذا ما يصعب مأمورية تجنيسه، وحصر سماته من جهة، ويؤدي إلى التباسه بأنواع قريبة منه كالرواية السيرذاتية والسيرة الذاتية الروائية والسيرة الذاتية التخييلية. ما صعَّب فهم التخييل الذاتي في العالم العربي هو الإفراط في التنظير، دون الرجوع إلى المصادر، ودون الاعتماد على الوسائط ذات الثقة والمصداقية العلميتين، خاصة المؤلف القيم باللغة الفرنسية «التخييلات الذاتية العربية» لدرويش هيلالي بكر 2019، وقد اعتمد مشكورا على مقالاتي باللغة الفرنسية حول منزلة التخييل في الأدب العربي.


□ رغم الاهتمام المتزايد بكتابات الذات في الوسطين الثقافي والإعلامي، إلا أن أقسام اللغة العربية في الجامعة المغربية لم تنفتح كما ينبغي على هذه الكتابات؛ هل يمكن القول إن للأمر علاقة بالتابوهات السوسيوثقافية التي ما زالت تتحكم في نظرتنا للذات والعالم، وبتردّي أوضاع درس الأدب والعلوم الإنسانية عموما؟

■ يحفل الأدب العربي بأنواع كثيرة من الأدب الشخصي. كلفتني مؤخرا «أكاديمية المملكة المغربية» لإعداد دراسة عن السيرة الذاتية في المغرب منذ عام 1960 إلى 2020، فواجهتني مصاعب بسبب كثرة متغيراتها وعددها وأنواعها. شهدت الكتابة عن الذات في المغرب انفجارا لانتباه المغاربة – بمختلف شرائحهم ومستوياتهم- إلى أهمية المحكيات الذاتية للتعبير عن تجاربهم ومشاريعهم الشخصية المختلفة، والإدلاء بآرائهم وشهاداتهم من وقائع وأحداث سابقة. ما يؤسف له أن عدد المختصين بالأدب الشخصي يعد على رؤوس الأصابع، وأن المؤسسة الأدبية لا تعير له الاهتمام المستحق، على الرغم من إصرار الصحافيين على محاورة شخصيات اعتبارية، أو استثنائية لفهم ما وقع بصفتهم فاعلين أو شهودا. ما فتئت معايير متقادمة ملتصقة بالأدب الشخصي (ضعف الأدبية، المغالاة في الذاتية، انحسار التخييل). وهذا ما يتطلب الانفتاح على معايير جديدة لإعادة الاعتبار إلى المحكيات الذاتية، وتوسيع شعرية الذاكرة، والاهتمام بالأجناس التذكارية ضمن الأدب الشخصي. فعلاوة على أنها تسعفنا على فهم التجارب الشخصية في تناسق مع ماجريات التاريخ العام، وملء ثقوب الذاكرة الجماعية، وإضاءة فترات تاريخية داجية، فهي تعد جزءا من التراث اللامادي الذي ينبغي الحرص جمعه وصيانته والحفاظ عليه.

لقاءٌ مع ِ الشَّاعِر الفلسطينيِّ الكَبير شَـفِيـق حَبيـب

 


أجرى اللقاء : - الشاعر والإعلامي الدكتور حاتــم  جوعـيــــــة - المغار - الجليل  -  فلسطين  -


مقدمــة ٌ وتعريـــفٌ  

البطاقة ُالشخصيَّة :

الشاعرُ الكبيرُ والمُخضرمُ  الأستاذ    " شفيق حبيب "  من سكان ِ قرية  " دير حنا   الجليليّة "،  عمره  81 سنة  (مواليد عام  1941  )،   أنهى   دراسَتهُ  الإبتدائيَّة   في    قريته  " دير حنا  "  والثانوية  في  " المدرسة الثانوية البلدية  بالناصرة  ...      دَرَسَ    بعد  ذلك    موضوع َ المحاسبة مدة  ثلاث  سنوات  في  كلية   " بيت هبكيد  "   بحيفا  -   حصل أيضًا  على دبلوم الصحافة   والعلاقاتِ  العامَّة   وتحرير  الأخبار  من  "  المعاهد  البريطانية  "   في  القدس    عملَ   في سلك ِالتعليم  ِلفترةٍ   قصيرةٍ  وأعفيَ  أو  بالأحرى  فُصِلَ  من  وظيفةِ  التدريس ِ من  قِبل  الحاكم  العسكري  سنة  1961   بسبب ِ مواقِفهِ  السياسيَّة ِ المُلتزمةِ  وقصائده   الوطنيَّةِ  الحماسيَّة ِ  ،   وعملَ   بعد  ذلك  موظفا ً في البنكِ العربي الإسرائيلي لفترة ٍ قصيرة ٍأيضًا -  في مدينة ِ  شفاعمرو-  ولاقى  هناك   نفسَ  المصير  حيث   فُصِلَ  من  وظيفتِهِ  بطلب ٍمن  الحاكم ِ العسكري  نفسه الذي كان مكتبهُ  في شفاعمرو .      وعملَ   بعد  ذلك  في  مكتبِ   حساباتٍ  خاص   بحيفا  واشتغلَ  في عدَّةِ مكاتبِ محاسبةٍ مستقلةٍ ( غير حكومية ) -  حتى  استقرَّ  به  المقامُ   في " شركة   الناصرةِ   للسياحة  المحدودة   -  " العفيفي  "   منذ  عام  1964   ...  وبقي  يعمل في نفس الشركة  حتى أن  خرج  للتقاعد  قبل بضع سنوات .

   أصدرَ الكثيرَ من  الدواوين  الشعريَّةِ  وهي  ،  : 1-  "  قناديل  وغربان  "   سنة 1972 //   2  -" مأساة  القرن الضـِّليل " سنة 1976.//  3 -  " دروب  ملتهبة"   سنة 1980    .//    4 -  " وطن وعبير "   سنة  1981  //             5 - "  أنادي أيها المنفى  "  سنة 1984    .//   6 -   "  أحزان المراكب الهائمة "  سنة 1987      // 7 - " الدّمُ والميلاد "  سنة 1988.   //     8 - "  العودة إلى الآتي  "   سنة  1990 //  .     9 -   " ليكون َ لكم  فيَّ  سلام "    سنة  1992     // 

10 -  "آه  يا  أسوارَ عكا  "   سنة 1994   // .      

 11  -   "  تعاويذ  من خزف "   سنة 1996   .//      12 -  "  لماذا  ؟؟؟  "   سنة 1998 ))  ... //  (( وقد  كتبتُ أنا  عنهُ دراسة ً مُطوَّلة ً نشِرَتْ في جريدة   " الفينيق  "  التي كانت تصدرُ في   الأردن –ح.ج.  ))  .      13 -  "  صارخ  في  البرِّيـَّة  !!  "   سنة  2001     - 14   //   أنا الجاني  "   سنة   2005  // . 

 15 -    "   شآبيـــب  "     سنة   2011  .   16 -   " ما أمرّ  العنب " سنة 2017 . وصدرَ    لهُ كتابٌ  نثريٌّ  واحدٌ هو "وقائعُ   قضائيَّة  في   معركة ِ حريَّة ِ  التعبير " تحت  عنوان  : " في  قفص ِالإتــِّها   "  سنة  1993" حيث  تناولَ  فيه ِ حَيثيَّات  المحاكمات على  مدى  أربع  سنوات... بعد أن  قُبـِضَ عليهِ   بعد  إصدار  ديوانهِ  " العودة إلى الآتي "  عام 199   واعتقلَ بتهمةِ مساعدةِ  منظمةٍ  إرهابية  ومساندة ِ الإنتفاضةِ  والتحري  على جيش ِالددفاع الإسرائيلي  وقد أحرقتْ جميع ُ مؤلفاتهِ التي  استولت عليه  االشرطة  في بيته  ومن  المطبعةِ  والمكتبات  واستمرَّتْ محاكمتهُ حتى سنة 1993  -   حيث وَصلتْ محكمة َالعدل ِالعليا  في القدس  .   وعانى الشاعرُ  شفيق حبيب الكثيرَ من جرَّاء ِ ذلك بسببِ المصاريف   الباهظة ِ التي   كانت   نتيجة َ  جلسات ِ المحاكمات  ومصاريف ِالمحاماة التي وصلتْ  إلى مبالغ  كبيرة  جدا دون مساعدة أي طرف كان، حيث اضطرَّ الشاعر إلى بيع أرضه في مدينة الناصرة.

شغلَ  الشاعرُ شفيق  حبيب   منصبَ   "  الناطق   باسم رابطة الكتاب الفلسطينيين في إسرائيل  ورئيسًا  للجنةِ النشرِ فيها  "   ،  وقد عملَ على تحرير ِكتابين  -  بمساهمةِ زملاء ٍ  :

"  -  1 وهجُ الفجر  -  من  أدبيَّات  الإنتفاضة  .   2-    " نداء الجذور- قصائد في الانتفاضة ".

كان الشاعرُ أيضًا عضوًا في "   تجَمُّع ِ الكتاب ِ  والإدباء الفلسطينيين  الدّولي - "  .  وشاركَ  بتحرير ِ مجلة  "  مشاوير "  مع الشاعر الدكتور   "فاروق مواسي "  والشاعر الراحل  " جورج نجيب خليل "   .    وحصلَ على جائزة التفرُّغ  لعام  1996  من قبل مؤسسة العلوم  والفنون  ... زمن   الوزيرة ِ اليساريَّة ِ " شلوميت  ألوني"

 كتبَ  ثلاث  زوايا  وهي: 

 1)    " من كلِّ واد ٍ عصا "  في صحيفة  " الأنباء  " المحتجبة .   

2 )   " عيوب وثقوب  " في صحيفة " كل العرب "  النصراوية 

 "  ( 3  إسمعُوا .. وَعُوا ... "  في جريدة  " الإتحاد"  الحيفاوية .

أعدَّ وقدَّمَ برنامجين أدبيَّين في راديو  (2000 )  المحتجبة  ، هما  :    

1-  المجلة   الثقافية...  

2-   كلام موزون   ...

         ويُعدُّ  الشاعرُ  القديرُ  "  شفيق  حبيب  "     من  أوائل   الشعراء ِ الوطنيين الملتزمين   والمبدعين  محليًّا  ووَصَلتْ   شهرتهُ  خارجَ البلاد ِ ولحّنوا  وغنـّوْا  لهُ العديد َ من القصائد في الدول العربية ...         

 وكان   لنا   مَعهُ في  بيته  هذا   اللقاء  الخاص   والممتع :-

سؤال  1  )  الأستاذ ُ الشاعرُ   " شفيق حبيب  "    إسمٌ    كبيرٌ ومعروفٌ ..  أشهرُ  من  نار ٍعلى  علم  ٍ…   كيفَ    ُتقدِّمُ     نفسَكَ  لجمهور ِالقرَّاء  ؟؟

جواب  1 -           أنـا  شاعرٌ خرجَ من صفوفِ الشعبِ  حيث التزمَ بقضايا  شعبهِ  الجماهيريَّة  والسياسية والاجتماعية،  واعتلى من أجل ِ ذلك  عشرات  المنابر من  جنوب ِ البلاد  وشمالها   مدافعًا  عن  حقوق ِ الفلسطينيّ  في  هذه البلاد  ...   تناوَلَ   شفيق  حبيب  في   قصائِده ِ   تاريخَ  الشعب ِ الفلسطيني – محليًّا  وخارجيًّا –  في  جميع ِ دواوينه ِ  فكان يتناولُ جميع الأحداث في قصائده    ولو عُدنا  إلى  دواوينهِ الخمسة عشر  (15 )    لتجلـّى  لنا    تاريخ ُ  بطولات  ومعاناةِ هذا  الشعب  : كيوم الأرض   وأحداث    بيروت  الداميةِ   في    الثمانينيات  -  وأحداث الإنتفاضة وهدم البيوت ومصادرات الأراضي وأزمة السكن –  وقد  صُودِرَ  ديوانهُ   " العودة إلى الآتي "   وحُوكِمَ الشاعرُ  وسُجِنَ  جرَّاءَ  كتاباتِــــــــــــهِ   .


سؤال 2  )   حَدِّثنا عن مسيرتِكَ  الشعريَّةِ  منذ البداية ِ إلى الآن ... وأهمّ  المحطات ِ  في هذه  المسيرة ِ ؟؟

جواب  2  -  بدأ حُبِّي للشعر ِ منذ مراحل الدراسة ِالإبتدائية   في قريتي " دير حنا " الجليلية -   حيث كنتُ أكتبُ كلامًا نثريًّا  أظنهُ شعرًا ...  ولم أكن أعرفْ  أنَّ  للشعر  بحورًا   وقوانين   تضبطهُ ... إزدادتْ  محبتي  للشعر  وشغفي  وهيامي   به ِ  أثناءَ   دراستي الثانوية بالناصرة ِ حيث  كنتُ  أقدِّمُ  موضوعَ  الإنشاء ِأحيانا ً شعرًا  ، فكان  يكتبُ   لي  أستاذ ُ  اللغةِ العربية  –  المرحوم  " حبيب حزان  "  : 

 ( سيكونُ لكَ مستقبلٌ  في دنيا الشعر  يا شفيق!!ِ )  .     وفي المراحل الأخيرةِ من  دراستي  الثانوية ِ  بدأتُ  أنشرُ  قصائدي  الغزليَّة َ  في  جريدةِ   " اليـــوم "  حيث  لم تكنْ جريدة ُ " الإتحاد "الشيوعية  تنشرُ شعرَ المبتدئين واللاحزبيين،   وقد أخذ َ بيدِنا  نحن  الشباب في ذلك الوقت المحرِّرُ  الأدبي في جريدة ِ  "اليـوم "   والذي  لم  أنسَهُ ، الأستاذ   " المرحوم  مئير حداد  " -   ولهذا المُحَرِّر ِ أفضال على  معظم ِ شعرائِنا  المحليين – "لا يذكره أحد اليوم" - حيث كان يكتبُ  لنا ملاحظاته  على القصائد غير القابلة ِ للنشر ... ممَّا  كان  يدفعُنا  إلى مراجعة ِ نتاجناِ الغضّ والتقدم  في دنيا  الشعر  .  أوّلُ  ديوان ٍ أصدرتهُ  " قناديل وغربان "  عام  1972  وقد أصدرَتـْهُ  (على حسابي)   بواسطة مجلةُ الشرق  للدكتور الزميل  " محمود عباسي "   ...   إنَّ  مؤلفاتي الستة عشر نشرتـُها على  حسابي الخاص - بالإضافة ِ إلى  ديواني المذكور- دونَ مساعدةِ أيِّ  دار ِ  نشر ٍ  (ماديًّا )  .   وكانَ  مديرُ  دائرة ِ الثقافة  العربية  الأستاذ  " موفق  خوري  " هو الذي يشتري من كلَّ كتابٍ أصْدِرُهُ  حوالي  مئة  نسخة  (  100 )   إذ   كان   يُوزِّعُهَا  عل  المكتباتِ العامَّةِ  في الوسط ِ العربي  .  وعندما  أصبَحَ  " غالب مجادله  "   وزيرًا  للعلوم ِ والرياضة ِ  أقفرَت السوقُ الأدبية على مدى تسَلمِهِ منصبه  هذا  (حوالي اربع سنوات  )   فلمْ  نرَ  كتابًا  واحدا صدرَ من قبل ِهذه الدائرة  .    فالمكتباتُ العموميَّة ُالعربيَّة ُ التابعة للمجالس المحليَّة تدينُ بالكثير ِ لمدير ِ دائرة ِالثقافةِ  العربية ِ الأستاذ  "  موفق  خوري "  ...    هذا   بالإضافة ِ إلى  الكثير ِ من  الكـُتـّابِ والشعراء ِالمبدعين المحليين  الذين خرجت كتاباتهُم ومؤلفاتهُم للنور   بفضل   دائرة ِ الثقافة ِ العربية  وبفضل ِ رئيسِهَا  موفق  خوري..  .. .   وشعريًّا  ما زلتُ  أعطي ومُسْتمِرًّا في الكتابة ِ ما  استطعتُ  ذلك  .    .


سؤال 3  )  المواضيعُ  والقضايا  والأمورُ   التي   تعالجُهَا   في  كتاباتِكَ  ؟ ؟

جواب  3  -            في بدايةِ  حياتي الأدبيَّةِ ،  ككلِّ  الشعراءِ ، كتبتُ الشعرَ الغزليّ والوصف والمناسبات  الشخصيّة ....وبعد ذلك  اتجهتُ  إلى الشعر ِالسياسي الذي ما  زلتُ أكتبهُ حتى اليوم متفاعلا مع الحدث، كذلك  فإنني   أعالجُ    مناسبات  أخرى   كرثاءِ   الزملاءِ  الأدباء مثل:  إميل حبيبي ومحمود درويش وحبيب زيدان شويري وشكيب جهشان وميشيل حداد وفوزي جريس عبدالله وأحمد طاهر يونس  وغيرهم ...   وأكتب  أحيانا   متناولا  القضايا  العائلية   كمناسبات الأفراح ِ للأبناء   والبنات ... الخ .    ورثيتُ  المرحومة   " غالية  فرحات"  ، شهيدة الجولان المحتل ...  


سؤال  4  )   أنتَ  تكتبُ  شعرَ التفعيلةِ  الموزون والشعرَ التقليدي  الكلاسيكي  - الموزون والمُقفـَّى -  في أيٍّ منهما تجدُ  نفسَكَ  أكثر  وتستطيعُ التعبيرَ عن نفسِكَ ومشاعِركَ  ولواعِجكَ  الذاتيَّةِ   بشكلٍ أوسع   وبحُرِّيَّة ٍ  وانسياب ٍ  ؟؟

جواب  4   -  إنَّ من يُجيدُ الكتابةعلى بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي   لا  تكونُ  كتابة ُ  شعر ِالتفعيلةِ عائقا أمامَ   انطلاقتهِ الشعريَّة ِ... انا شخصيًّا قبلَ  كتابةِ القصيدة ِ لا أقرِّرُ على  أيَّةِ طريقةٍ  أكتبُهَا.. بل هي (القصيدة) تفرضُ نفسَها حيث يكون ُالشاعُر منشغلا  في  إيحاءات  القصيدة  ومراميها غيرَ عابىء بأيِّ نوع ٍ  وقالبٍ  يكتبُهَا  .. فالقصيدة ُ لا تأخُذ ُ رونقهَا من شكلِها ... وإنما  من الدهشةِ  التي  تصعقُ  المُتلقي ...  وأحيانا كثيرة  يرتقي بعضُ النثر إلى مستوى ومصافِّ  الشعر  وقد  دعاهُ البعضُ بالشعر ِ المنثور ...  ومن ذلك كتابات  جبران خليل جبران والرابطة القلمية  في المهجر  وبعض الكتابات الحديثة حيث لا  تتخذُ الكلمة ُ في هذا النوع من الكتابة ِ معناها القاموسي  ، بل تـُحلـِّقُ في سماواتٍ أخرى  .


سؤال  5  ) ما  رأيُكَ   في  مستوى  الشعر  والأدب ِ  المحلي  ؟؟

جواب  5   -   حاليًّا  الشعرُ المحلي على أدنى  سُلـّم  الأدب  ... فالجيلُ اللاحق  لا  يصلُ  إلى خاصرةِ السابق  ....  وعندما  أقرأ  ما  يُنشـَرُ أسبوعيًّا  على  صفحاتِ  الصحف  المحلية  لا  أجدُ  ما  يشدُّني  ويبهرني   ويُحَلق   بي  إلى  عوالم  أخرى  كما   كنا   في   سنوات   الستينيات   والسبعينيات    فكانت  القصيدة ُ  آنذاك  محطّ   انظار  وانتظار  الجميع ...   وهذا  الأمرُ غيرُ  موجودٍ   حاليًّا   بسببِ  هذا الإسهال  الكلامي  الذي  تسمحُ  به ِ الصحفُ  ووسائلُ  الإعلام  دون رقيبٍ  ودون  ضوابط  أو حدود...  فكلُّ  مَنْ  يخط ُّ بعضَ الكلماتِ  أصبح  شاعرًا   أو قاصّا  في  حين  أنه لا  يجيدُ  اللغة َ العربية  -  صرفها   ونحوها  -  ولا   يُمَيّزُ   بين  التاء ِ  المربوطة   والتاءِ المفتوحةِ والألف الممدودة وأختها المقصورة .       فالادبُ  المحلي   ُمصَابٌ  "  بالإيـــدز  "  ...  فأينَ زمنُ  "محمود درويش  وراشد حسين  وسميح القاسم   وتوفيق زياد    وفوزي عبد الله    وشكيب جهشان    وشفيق حبيب   والدكتور حاتم جوعيه     والدكتور  جمال قعوار   وعطا الله جبر  وإدمون شحاده  وعصام العباسي  ويوسف ناصر   وحسين  مهنا   ومحمود  الدسوقي   .... إلخ    .    لقد   إقِيم َ   في  الماضي  إتحادُ  الكتاب ِ العرب ِ وَ رابطة الكتاب الفلسطينيين ولم  يكنْ  هنالك  أيُّ  تقييــداتٍ  ومحسُوبيَّات ٍ بالنسبة ِ لِسِنِّ الأديب ِ أو الشاعر ... بينما  الأمرُ  الممجوجُ  (  تحديد السن  ) حاليا ً ، أمرٌ  غيرُ  مقبول ٍ عليَّ  فيما  ُيسَمَّى بإتحادِ  كتابٍ  ظهَر قبل سنوات على    الشاشة    يُطلقُ   عليه ِ   اسم  )   : أتحاد الكتاب العرب  ) ، فهناك تقييداتِ على الشخص  الذي  يَودُّ  الإنضمامَ  إلى هذا الإتحاد  ..(  من حيث الأعمار  لا من حيث الإبداع  والقيمة الأدبيَّة  )!!! ...  أي  على  الشخص   المنتسب ِ  أن  يكون عمرُه ُ أقلَّ  من   45   سنة!!!!!وربما ممارسة الكراتيه أو سباق الدراجات.


سؤال  6  )  رأيُكَ  في الحركةِ  النقديَّة ِ  المحلية  وهلْ  عندنا  نقدٌ محليٌّ  موضوعيٌّ  على مستوى  أكاديمي  كما هو النقد  في  الدول العربية  ؟؟

جواب   6   -        النقدُ المحلي  لدينا  هو نقدٌ  ذوقيٌّ  أكثر من  كونهِ  نقدًا  أكاديميًّا  وعلميـّا  .   عندنا   نقادٌ  أكاديميون  أقرأ  لهم  وأستمعُ  إليهم   كما  كان  في  كليَّة القاسمي بباقه الغربية  قبل مدة ... ولكن  ليس  لهذا النقدِ  أي تقييم ٍ محلي  سوى بين النقادِ أنفسهم (  النقد الأكاديمي )... أما النقدُ الذوقي  ففرسانهُ كثيرون عندنا وبعضُهم  يُجلـّي أحيانا والبعض الآخر  يسقط ُ على  قارعة ِ دروب  النقد   .


سؤال   7  )  أنت َ قبلَ اكثر من ربع ِ  قرن ٍ ( 25  سنة   تقريبا )  تعرَّضت َ لنقد ٍ بل لهجوم عنيفٍ من قبل أحد النقاد  المحليِّين  وقد نشرَ مقالتهُ  آنذاك في مجلةِ  " البيادر " المقدسيّة... ما هو تعقيبُكَ  على هذا النقدِ  ... ولماذا  هُوجمتَ  بهذا الشكلِ  العنيف  !! ؟؟

جواب  7  -      لقد رَدَدْتُ في حينهِ على هذا  النقد الفظ  المشبوه  وَفنـَّدْتُ  إدعاءات  هذا الناقد في حينِه... وهذه  محطةٌ مُعْتِمَة ٌ في مسيرةِ هذا الناقدِ ( دون ذكر أسماء ) ... سامحــه ُ اللــــــــه...


سؤال  8   )     ما  رأيُكَ  في  الصحافة  المحليَّة   جميعها  على  مختلفِ  أنواعها  (  صحف ، مجلات ومواقع  أنترني  .. إلخ  ) ... وهل هي  نزيهةٌ   وتقومُ  بواجبهَا  الإعلامي   وبتغطية  جميع   النشاطات  والفعاليَّات  الأدبيَّة  والثقافيّة  بنزاهةٍ  وأمانة  ... أم ماذا ...    وما حظكَ  أنتَ  من  الصحافة   والإعلام المحلي  وتغطية   أخباركَ ونشاطاتِكَ  الادبيَّةِ  والثقافية  ؟؟

جواب  8   -   الصحافة  المحلية معظمها صحفٌ تجاريَّة   تعتمدُ في  تمويلـِهَا  على الواردات  الإعلانية ...  وبدون ذلك  لا يُمكِنُ  لها  أن تعيشَ  وتستمرَّ ،  فالمحرر يحذف قصيدة  ما قبل الطبع لصالح إعلان أحذية أو ملحمة من أجل المردود المادّي ، ونستثني من  ذلك  صحيفة  " الإتحاد "   التي تنتمي   للحزب  الشيوعي   فهي صحيفة  تنتمي  لحزب  ذي  إمكانيات  وميزانيات أخرى  .    وأما  باقي المواقع الألكترونية  فهي تقومُ  بواجبها  من  حيث  تغطية  الحَدث  المحلي السياسي والأدبي  والإجتماعي  والفني  .

إن  جميعَ الصحف  والمواقع  الالكترونية المحلية  مشكورة.. وأنا مدينٌ  لها بتغطية ِ أخباري الثقافية ِ منها  والأدبية  أو إصدارات الكتب .... إلخ   .


سؤال 9)   أنتَ   شاعرٌ  مُخضرم  ٌ حققتَ   شهرة ً كبيرة ً وواسعة ً محليًّا  وخارجَ البلاد... كيف  وصلتَ  إلى  كلِّ هذه الشهرة !! ؟؟

جواب  9  -        إن  مواصلتي  نشاطي  والتزامي  الأدبي  هي التي  أوصلتني إلى الجماهيريةِ والشهرة التي عليها أنا الآن محليًّا  وخارجيًّا ... والتزامي  بخط ٍّ سياسيٍّ   ثابت   دونَ  مواربةِ   باعتماد  الكلمة  الصحيحةِ الثاقبة  التي تختزلُ المسافات  بيني  وبين المتلقي... فكلما  أصدرتُ  كتابًا  يتناوله ُ بعضُ  نقادِنا المحليين  وكذلك  بعضُ  النقاد ِ  في  الخارج ... وبهذا  يتمُّ   التعرُّفُ  عليَّ  وعلى نتاجي الكتابي  .    وكذلك   مشاركاتي  في بعض النشاطاتِ الأدبية  هنا ( محليا )  وفي الضفة الغربية .... وقبل  سنوات  في مصر ، كانت  سببًا  في تعرُّفِ الجماهير هنا وهناك على  نتاجي  الأدبي من خلال اشتراكي في ندوات شهر الكتاب بالقاهرة.  


سؤال  10  )  النقادُ  الذين كتبوا عنكَ  :  محليًّا وخارج البلاد  ؟؟

جواب 10 -        قبل  سنتين  نالت طالبة  إيرانيَّة اسمها " راضية كار آمد "  درجة الدكتوراة في الادب المقارن في جامعة الحكيم  سبزواري  بإيران، وتناولت أشعاري بشكل موسع وشامل ..وهذه  تعتبر سابقة تاريخيَّة  لأنني أول شاعر فلسطيني يكتبون عنه  دراسة  مطولة ( أطروحة دكتوراه  ) في جامعة عريقة ومشهورة في إيران . كما  صدر حديثا  كتاب  جديد  في النقد  للدكتور  سليم أبو جابر فيه  دراسة  مطولة  وعميقة عن شعري .   

...  وفي  الخارج   كانت هنالك دراساتٌ  مكثفةٌ ومُطولة  لدواويني  الشعريَّةِ  قامَ   بها الدكتور يحيى زكريا الآغا  "  –  الملحق  الثقافي  سابقا   في  سفارةِ فلسطين  القطرية.   وكتبَ  عني   أيضًا   الناقدُ  السوري/الفلسطيني  "  طلعت سقيرق  "... وغيرهم .

             وهنالك الكثير من  المقالات  والدراسات المطولة التي كتبت عن أشعاري  والتي تظهرعلى صفحات  جوجل:محليًّا وخارج البلاد .

      وأما النقاد ُالمحليُّون الذين  تناولوُا شعري  فهم  كثر  أذكرُ منهم  :   الدكتور  " بطرس دلـّه  "  وأنتَ  " الدكتور  حاتم  جوعيه  "   والدكتور  " منير توما "      والناقد " نور  عامر"   " والناقد شاكر فريد حسن "    "والناقد الصحفي نبيل عوده" " والناقدة  دالية بشــاره "  ...  وغيرهم كثيرون ...


سؤال  11  )   لقد  لحَّنوُا  لكَ العديدَ من  قصائِدكَ   وغنوها خارج البلاد ..  (  في الدول العربية  )   ،  وخاصَّة ً  قصيدتكَ     الشهيرة  "  بيروت  والدم  والصمود  "   حيث  غنتها    " فرقة  العاشقين  "  الفلسطينية .. كيف  وَصلتْ  قصيدتك  إليهم  واختاروها  للتلحين -جواب  11 -   يبدو أنَّ  هذه  القصيدة  قد  وَصلتْ  إلى الخارج عبر وسائل الإعلامِ  وأعجبُوا بها  فقاموا  بتلحينها وغنائها ...من قبلِ  فرقة  العاشقين  المشهورة  عربيا   وعالميا )  لم أستمع إليها  ) وأذكر أن أحد المطربين الذي شاركَ في مسابقةِ  برنامج  " نيو ستار "  وكان  من الفائزين  الأوائل  فيهِ  قد  غنى  قصيدة ً  لي  بعنوان :   " أغفو على اسمك  يا بلادي " وهي قصيدة في الدفاع عن الأرض.. حيث  شاهدتـُهُ    يغنيها  على    موقع  "  يو  تيوب        "u.tube   "   وهنالك    موقع    لكاظم  الساهر اختاروا  وانتقوا عدَّة َ قصائد  لي  ووضعُوها  على  هذا  الموقع الجميل.. 


سؤال  12  )  أنت َ سابقا   كنتَ  تشاركُ  كثيرًا  في  المهرجانات والندوات  المحلية  ... ولكن  في الفترةِ الاخيرة  خفـّت وتقلصَتْ مشاركتكَ  في الندوات   والمهرجاناتِ   الأدبية ... لماذا  ؟؟

جواب   12 -  ما  زلتُ  أدعىَ  كثيرًا  للمهرجاناتِ والندوات الأدبية والشعريةِ   في  البلاد ...   ولكن  لا  أشاركُ  إلا في القليل  منها  بسبب   ضيق  الوقتِ  لأنني  كنت  أعملُ  يوميًّا قبل سنوات  ..والآن بسبب وضعي الصحَّي.


*سؤال 13 )  ما رأيُكَ في طاهرة الفوضى والتسيُّب الموجودة  على الساحة  الأدبيَّة المحليّة بشكل مُكثّف في الآونة  الأخيرة وتكريم كلّ من هبَّ  ودبّ وإقامة الأمسيات  والندوات  التكريميّة لأشخاصٍ  لا  توجد  لهم علاقة مع الشعر والأدب والثقافة  ولا يعرفون  قواعد اللغة العربية  وصرفها ونحوها ..وحتى كتابةا لإملاء .. وبينهم وبين الأدب  والثقافة   والإبداع  مسافة  مليون  سنة  ضوئيّة ... من  قبل  بعض المنتديات  والمؤسسات المحلية  التي تدَعي خدمة الثقافة والأدب وفي نفس الوقت هذه المنتديات والمؤسسات  والجمعيَّات  التي  تدَّعي  خدمة الأدب   والثقافة   تتجاهل  وتعتِّمُ  على الشعراء والكتاب الكبار المبدعين ، وخاصة على القامات الوطنية والشعراء والكتاب الوطنين الرفاء الملتزمين ؟؟    

- جواب 13  -      أنا  شخصيًّا  أرفضُ  فكرة  التكريم حيث عُرضَ عليَّ  من قبل مؤسسات  عديدة  أن تقوم  بتكريمي  لما  قدَّمتهُ  من إبداع  شعري ملتزم  بقضيَّتي   الفلسطينيَّة  التي ما زالت  يتجاذبها  الغربُ  المُنحازُ حيث  لا  يُريدُ  لها حلًّا ، وهو:  دولتان  لشعبين -( الحل العادل  للطرفين ) . نحنُ  نعيشُ  كأدباءٍ ملتزمين  الإنشطارَ السّياسي  والنفسي  لمجتمع   فلسطينيٍّ  يحملُ الحنسيَّة  الإسرائيليَّة ( عرب الداخل – أو عرب ال 48 ) ويعيشُ على أرضِ آبائهِ وأجدادِهِ  مُثقلةً بالقيود والقوانين والقوانين العُنصريَّة المُجحفة  ضدّ  شعبنا  الفلسطيني  المُنزرع  على أرضِ آبائهِ وأجدادِهِ .   وإذا  عُدنا  لقضيَّة  تكريم  الادباء والشعراء  محليًّا  فإنّني ألمسُ  المُمستوى المُتدنِّي  لأدبنا الفلسطيني الذي  تناوشهُ الأقلام  الضعيفة والتي لا يُمكنُ  لها ان تُقدِّمُ  أدبًا على مستوًى راقٍ ،  كما انني أضيفُ ان التكريم  أيّ كاتبٍ لا  يُقدِّمُ ولا  يُؤخِّرُ في مستوى  الأدب المحلي  فأنا عاصرتُ عمالقتنا ، مثل : محمود درويش وراشد  وسميح  القاسم   وحنا أبو حنا  وحنا ابراهيم   ومحمود الدسوقي  وأحمد حسين  وجمال قعوار وفوزي جريس عبد الله .. وإذا نظرنا  إلى  إفرازات معظم  الأقلام الأدبيَّة   المحليَّة  الآن  في هذا الظرف  الآن  لا نراها  تُشكّلُ مدماكًا  في أدبنا الفلسطيني  كم ا شكلهُ  الغابرون   خالدو الذكر . 

  ما يُؤسفُ لهُ حقًّا ان  الأضواءَ   لا تُسلط  على  الأدب الفلسطيني الحقيقي الإبداعي  وعدم تعريف الأجيال  الصاعدة  بهذا الأدب  وبرسالتهِ وبجهابذتهِ. ..وهذه  سياسةٌ  لطمسِ هويَّتِنا   التاريخيَّة  والثقافيَّة  الفلسطينيَّة . بناءً  عليهِ  أرى أنَّ  لغتنا العربيَّة  في خطر ، فهنالك من لا يجيد إملاءَها  وصرفها ونحوَها . 

     إنَّ  كثرة  نشر الكتب  غير  الناضجة  لغويًّا  وفكريًّا  مأساة   للغتنا. فليسَ هنالك عين  ساهرة  ومراقبة  ولمراجعة  ومنقاشة  هذه الكتب  قبل نشرها  لأنَّ  أدبنا اليوم أصابهُ ما اصابَ الأيتام عفلى موائد اللئام .. ولا من  مُجير لا على الصَّعيد  البرلماني  ولا  على الصَّعيد   الإجتماعي ، لذلك فإني  لا  أرى  أيّة  دراسات  عن أدبنا المحلي في الخارج  سوى  القليلة ... بينما  عندنا  بعض الشعراء  والأدباء  المبدعين  الذين يُمسكون بتلابيب اللغة ، أمثال  :  الدكتور حاتم  جوعيه    والأستاذ   يوسف ناصر  والشاعر كرم شقور  والأستاذ  زهدي غاوي  والشاعر  شفيق حبيب  والدكتور عبد  الرحيم الشيخ يوسف  والشاعر أسامة مصاروه ..هؤلاء الأحباء  ..وغيرهم كثيرون .

   وملاحظة أخيرة : في الماضي  كان هنالك  محرِّرٌ أدبيٌّ  في كلِّ صحيفة  ومجلة ، وكان هذا  المُحرِّرُ  مُدقّقا  لغويًّا وبمثابة  الرَّقيب لغويًّا  على كبلِّ  ما يُنشرُ  من مرادٍ  أدبيَّةٍ ..  الأمر الذي  لا نراها  إطلاقا  اليوم في  جميع الصحف  والمواقع  المحليَّة .


*سؤال 14  )  لماذا معظم الإعلام المحلّي على جميع  أنواعه وماركاته (  المقروء والمرئي والمسموع )  يُركزُ الأضواءَ على  أشخاص  لا توجد  لهم  أيَّةُ علاقة  مع  الشعر والأدب والثقافة  والإبداع  بل حتى على أشخاص  غريبي الأطوار وساقطين أخلاقيَّا  واجتماعيًّا  وليس فقط  سياسيًّا  ويعتبرون عاهات وكوارث  لمجتمعنا ...وفي نفس الوقت الإعلام المحلي معظمه يتجاهل  بل يُعتِّمُ على  الشعراء الكبار  والقامات  الأدبيّة  الباسقة  وعلى الوطنيِّن والمناضلين  منهم !!؟؟

-  جواب  14  -      السَّببُ  الرئيسي أن هذه الدوائر والمؤسسات خاضعة  لاطرافٍ مُعيَّنة  وَمُوَجَّهة إلى أفراد مُعيَّنين ، وهذا  ليس لمصلحة  الأدب والثقافة  والإبداع .. لأنهم   يُحاصرون  هذا  الأدب  والإبداع  في  بوتقة  واحدة  لا تخرج  مُتنوّعة  إلى الجماهير.  واليوم  مثلا  نرى قصائد  وطنيَّة  بالمرَّة برغم اننا  ما زلنا  نعيشُ  تقريبا  نفس  الظرف  الذي عشناهُ   في  الماضي  وبالذات  فترة  الحكم  العسكري  البغيض ..فالرًّقيب  العسكري ما زالَ  موجودًا  ولكنهُ  يعيشُ  متخفيًّا بألفِ  صورة  وصورة  .  لقد  عانيتُ انا  شخصيًّا من هذا الرَّقيب   ومن  تلك السياسة الظالمة والغاشمة  في تسعينيَّات  القرن الماضي   حيث  صُودِرتْ  كتبي  ومؤلفاتي   وحُرقت ..  ومنعوني من النشر إلا  بإذن  من هذا الرقيب  اللعين .لكن  صاحب  ومُحرّر صحيفة  الصنارة آنذاك  الصحفي المرحوم  الأستاذ   لطفي مشعور  كان   يضرب  بكل  تعليمات هذا  الرّقيب عرض الحائط  وينشر قصائدي  الوطنيَّة فيس  صحيفتهِ  برغم عدم مصادقة  الرَّقيب على نشرها، قائلا لي : الذي ينزلُ من السَّماء تتلقاهُ الأرض..وليبلطوا البحر .    وكان هذا  الموقفُ الجريىء والشجاع  منهُ  يدفعني  إلى مواصلة  الكتابة والنشر .


سؤال15  )  طموحاتكَ  ومشاريعُك للمستقبل ؟؟

جواب   15  -   بعد أن صدر  مؤخرا  كتابي  -  تحت عنوان :    

  شفيق  حبيب في  مرايا  النقد  "  ...     أطمحُ   إلى إصدار ِ مذكراتي  الشخصيَّة ِ ...  وعندي الكثير  ممَّا  أقولُ  :  أدبيًّا  وسياسيًّا  واجتماعيًّا     .


سؤال  16  )   كلمة  أخيرة   تحبُّ  أن  تقولهَا  في  نهايةِ اللقاء ؟؟

جواب  16  -  أرجُو  أن  يطولَ بيَ العمرُ لأستطيع َ أن  أقدِّم َ المزيد َ من  الإبداعاتِ الأدبيةِ التي نذرتُ عمري  ومبادئي  لأجلِهَا  وأن يتحقق السلام العادل  وعودة حقوق شعبنا إلى أصحابها ....

 وأخيرًا  :  أشكرُك كثيرا الشاعر والناقد والإعلامي القدير دكتور حاتم جوعيه على  هذا  اللقاءِ المطول وأتمنى لك  دوامَ التقدم والنجاح في جميع المجالات .


لقاءٌ مع الشاعرِ والكاتب والباحث في أدب وفنِّ الرحابنة الأستاذ فضل سمعان


 - أجرى اللقاء :  الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه - المغار -  الجليل  -


*مقدمة  وتعريف (  البطاقة  الشخصيَّة )  :   الأستاذ فضل إبراهيم  سمعان  (  أبو نزار )  من  سكان  قرية  عيلبون الجليلية ،  مواليد عام ( 1943 ) ، متزوج  وله أربعة أولاد .  وبالنسبةِ لثقافته ودراسته  فبعد أن  أنهى  تعليمه للمرحلةِ الثانويَّة   درسَ  موضوع  التمريض  في  المستشفى الإنجليزي   -  الناصرة -  وعملَ  بعد ذلك في  مجال التمريض  مدة 33  سنة (  من سنة 1963 حتى عام 1994 ) ..  وخرج  للتقاعد لأسباب صحيَّة .   وهو شاعر وكاتب وباحث أصدرالعديدَ من الكتب والأبحاث والدراسات..أحبَّ  المسرح منذ  الصغر .    وفي عام  1962  أسَّسَ فرقة  المسرح -  ربما  الأولى في  الوسط  العربي في  الشمال  باسم :  " فرقة  الفيروز "  .      عشق  الشّعرَ والموسيقى  والغناء ، كتبَ الأغنية  وكذلك  كتب  ولحَّن  وغنى  المونولوج  الذي  بقي بذاكرةِ الجمهور القديم في الجليل. كتب أيضا بعض  المسرحيات  القصيرة ومسرحية شعرية عنائية  كبيرة  تنتظر الطباعة  والنشر . والجديرُ بالذكر أنه  بدأ ينشر كتباته الإبداعية  قبل  فترة  قصيرة  بعد  سنوات طويلة  من العطاء والإبداع  المتواصل .   دخلَ  الحديقة الرحبانيَّة  في مطلع شبابه  قبل أكثر من  خمسين  عاما تقريبا  وبقي  مسحورا بروائعها  مُتأمِّلا  دارسًا  ومحللا  حتى  أصبحَ   مُرشدًا   لكلِّ  من   يرغبُ  بزيارتِها ، وذلك  بتقديم المحاضرات عن هذا الأدب  والفن الرائع .. الأمر الذي أوصلهُ لأن  يُصبحَ  الصديقَ  الحميمَ  لأسرةِ  الراحل  العظيم  الأستاذ منصور  الرحباني ، الذي  شرَّفهُ  بلقب " بولس الرَّحباني"..  وكان  هذا إكليلَ  غار فوق جبينهِ .    لقد تخصَّصَ الأستاذ فضل سمعان ( أبو نزار) في مجال الأدب والفن الرَّحباني  وكرَّسَ  لهُ جلَّ وقته ، وألقى الكثير من المحاضرات ، في هذا المجال ، في  العديد من  المنتديات  والمؤسسات  والمراكز  الثقافية ، وخاصة   ولطلاب  الجامعات . 

       ونظرا  لمكانتهِ ومنزلتهِ الادبيَّة والثقافيّة والفنيَّة  قمتُ أنا  بزيارتهِ  في  بيته  العامر  في  قرية عيليبون  وأجريتُ  معهُ هذا  اللقاء الصحفي المطول والشائق  ليطلعنا فيه على أهمِّ  المحطات في  حياته الأدبية والثقافية .. وهذا  أول لقاء  صحفي كتابي (  للصحافة  المقروءة )  يُجرَى معه حتى  الآن  ..  وقد  أجروا  معه  سابقا  العديد  من اللقاءات  في  الإذاعات  والتلفزيونات  المحليَّة  . 


*سؤال 1  ) حدّثنا عن  بداياتِكَ  الأولى في مجالِ الكتابةِ والإبداع  والتأليف ..  وهل  لقيتَ  التشجيعَ  والدعمَ   المعنوي  والمادي ؟؟ ..وهل كانت هنالك  عراقيل  وصعوبات في البداية ؟؟   

- جواب 1  -     الكتابة والتأليف والإبداع  هي موهبة  ربَّانيَّة  وأنا طوَّرتُها وصقلتُها من خلال القراءةِ والمطالعة المُكثّفة مع الأيام  وبتشجيع  الاصدقاء والمُقرَّبين. .وهم الذين أعطوني الضوءَ  الأخضر والوقودَ  لأستمرّ في  هذه  المسيرة ..وكانوا مُعجبين جدا بكتاباتي ومستواها ، وكما أنهم ألحُّوا وشدَّدُوا عليَّ   كثيرا  حتى  أصدِرَ  وأطبعَ   كتاباتي  ،  وبفضلهم  وصلت  كتاباتي  وابداعاتي إلى النور .  هذا واستمرَّيتُ  في هذا المجال  حتى حققتُ  الشهرة الواسعة .


*سؤال 2 )        أنتَ شاعرٌ وكاتبٌ  وباحثٌ في أيِّ  المجالاتِ الأدبيّة  تجدُ  نفسكَ  أكثر ولماذا  ؟؟

-  جواب  2  -       أنا  إبداعاتي  تتجلى في  الأدب  الرَّحباني  وفي  تحليل هذا  الأدب  الرَّاقي  وهنا  مُتعتي  وتألقي  .   وكتبتُ  الكثيرَ من  الدراسات  والأبحاث  في هذا  المجال  وأصدرتُ  مجلدًا  ضخمًا عن الأدب  الرحباني ..وقريبا  سأصدرُ  ثلاثة مجلدات أخرى كتتمَّةٍ لهذه الأبحاث والدراسات .


*سؤال 3 )  كم  كتاب أصدرتَ حتى الآن  ؟؟

 - جواب  3  -        عندي مشروع دراسات للأدب والفن  الرحباني ، وهو  مشروع  كبير جدا يمتدُّ على أربعة مجلدات  ضخمة ..وأصدرتُ  حتى الآن  المجلد الاول تحت عنوان: المجبة - الميثيلوجيا  الرحبانيَّة..وباقي المجلدات  ستنحملُ نفسَ العنوان  .  وقريبا جدا ستصدرُ الأبحاث  والدراسات  الثلاثة الأخرى في ثلاثة مجلدات .  وأصدرتُ أيضا كتاب خواطر  بعنوان :  معزوفات على أوتار الفكر.. وديوان شعر بعنوان : أناشيد  الغريب. وعندي الكثير من الأعمال الشعرية  والنثريّة والمسرحيات لم تطبع بعد .


*سؤال 4 )  ما  رايُكَ في مستوى الأدب المحلي (  شعرا  ونثرًا )  وما هو تقييمُكَ  وتحليلكَ  للمشهدِ  الثقافي  المحلي  بصفتِكَ  كاتبا  وشاعرا وباحثا مُخضرمًا  لهُ سنين طويلة في عالم الكتابةِ والإبداع ؟؟

- جواب 4 -      الحقيقة المشهد  الثقافي المحلي  أدبٌ  ثائرٌ في سجن  فنحنُ مغلقٌ  علينا  محليًّا  فكأننا  نحنُ ( فلسطينيو الداخل  أو عرب ال  48  داخل دولة اسرائيل  ) نعيشُ في سجن كبير في  وطننا. والجدرُ بالذكر نحنُ عندنا شعراء وأدباء مستواهم عال  وراق  جدا وكتاباتُهم  تضاهي مستوى كتابات وابداعات كبار الكتاب والشعراء في العالم  العربي ،  وقد تفوقُ الكثيرَ منهم  وينقصنا هنا الأضواء والإعلام النزيه والشريف وتركيزالأضواء على أدبنا وشعرنا  وإبداعنا المحلي . وللأسف لا توجد عندنا – محليًّا -  صحافة حرَّة   ومنصَّات ومنابر حرَّة ووطنيَّة ونظيفة وصادقة تخدمُ الأدب الحقيقي وتنشرُ الإبداعات  الراقية  والملتزمة .. وللأسف الإعلام المحلي على جميع أنواعهِ  وماركاتهِ هو إعلام  مشبوه  ومأجور ومذدنب وعميل  (على حدَّ قول العديد من الكتاب والشعراء الوطنيين الشرفاء المحليّين ) يركّزُ الأضواء فقط على الأدب الساقط  والذي ودون المستوى وَيُعتّمُ على الأدب الإبداعي ، وخاصة  الشعر والأدب الملتزم والوطني . 

 

*سؤال 5 )      ما رأيُكَ  في هذه الظاهرةِ  التي أصبحت منتشرةً كثيرا  في الفترةِ  الأخيرة  حيث  أصبحت معظمُ  المنتديات  والمجمعيات والمؤسسات  والأطر المحليَّة التي تدَّعي خدمة  الثقافة والأدب  تُكرِّمُ  كلَّ  من هَبَّ  وَدبَّ   وتقيم الأمسات التكريميَّة لأشخاص لا توجدُ لهم أيّةُ علاقةٍ مع الشّعروالأدب    والثقافة  ولا  يعرفون  قواعد اللغة العربيَّة   وصرفها ونحوها  وحتى كتابة  الإملاء وبينهم وبين الأدبي والإبداع مسافة  مليون سنة ضوئيَّة . وفي  نفس الوقت هذه المنتديات والمؤسسات تتجاهلُ عن قصد الكُتَّابَ والشعراء الكبار  المبدعين  المميّزين ، وخاصَّة  الوطنيين  المناضلين  والشرفاء  منهم   ولا تدعوهم لأيَّةِ أمسية  (وحسب رأيي ورأي الكثيرين من أبناء شعبنا  الشرفاء هذه  المنتديات  والمؤسسات هي  مشبوهةٌ ومأجورة  وعميلة ) ؟؟   

-  جواب 5  -      هذا هو الشيىء الطبيعي  للوضع  السياسي  والإقتصادي  والإجتماعي المحلي  الذي نحياهُ .. وهو انعكاسٌ لظرفٍ ووضع  سيّىءٍ جدا  نحياه ونعيشهُ نحن عرب الداخل منذ عام 1984 - منذ عام النكبة إلى الآن .  والذي  يحدثُ ويجري عندنا على الصعيد السياسي  والثقافي وغيره  هو يتمُّ  من خلال نهجٍ  سياسيٍّ  لئيم  وخطير هدفهُ  ومفادهُ  أن  يُسيطرَ الخطأ  على  الصواب  والنور على الظلام ، وتدمير ووأد الأدب  والفن والفكر  والإبداع   العريبي الفلسطيني المحلي داخل الخط الأخضر ..وفي نفس الوقت الترويج  واشهار الفن  والأدب  السخيف والهابط  بظروفنا  الحاليّة  الصعبة - لعرب الداخل  .    فنحنُ  نعيش  في وضع  سياسي  مطاطي .    إن هذه المنتديات والمؤسسات المحليَّة هي وسيلة من وسائل عديدة تُستعملُ من أجل الإجتياح والقضاء على ثقافتنا  وأبداعنا المحلي والقضاء على أدب المقاومة  والأدب والشعر والفن الملتزم والراقي ...   فإذا أردتَ أن تقضي على شعب وَتُدَمِّرُهُ   إقضي على ثقافته  أولا ..وهذا ما  يحدث عندنا في الداخل .


*سؤال 6  ) هنالك جوائز التفرُّغ  السلطويّة التي  تُمنحُ كلَّ  سنة  لمجموعة من الشعراء والكتاب المحليين  هل أنتَ  قدَّمتَ  لهذه  الجائزة ؟؟ .. والجديرُ بالذكر أنا شخصيا مقاطع  لهذه الجائزة  ولا أقدّمُ  لها اطلاقا لأسباب  مبدئيّة وضميريَّة .

-  جواب 6  -    انا  لم أقدِّم  لهذه الجائزةِ  حتى الآن .  


*سؤال 7 )    أنتَ إنسانٌ متواضع جدا  ولا تصفُ وتنعت نفسكَ انك شاعر وأديب  وباحث لماذا !!؟؟ !!  مع  أنك  بالفعل  شاعر وكاتب وباحثٌ  كبير وعملاق وأنتَ موسوعة في كل المجالات  ويشهد لك الجميع في هذا  .

- جواب 7  -    أنا  هكذا أنظر إلى نفسي ، وأعبِّرُ عن نفسي  في الكثير من  الأعمال  والانجازات  وليس بالكلام .  ويجب على كل شاعر وكاتب وفنان أن يكون  متواضعا .


*سؤال  8 )      أنتَ  شاعرٌ وكاتبٌ  وباحثٌ وَمُتخصِّصٌ  في مجال  الأدب والفن الرحباني..وألفتَ عدّة كتب وألقيتَ  الكثير من المحاضرات في العديد من  الكليَّات  والمعاهد  والمراكز الثقافيَّة  في هذا المجال .. حبَّذا لو تحدثنا بتوسّع عن هذا  الموضوع .. ولماذا  أنتَ  اخترتَ المدرسة  الرَّحبانيَّة  ولم تسحركَ مدرسةٌ أدبيَّة وفنيَّة أخرى وتتخصَّصَ فيها وتكتب أبحاثا  ودراسات  عنها  ؟؟ .

-  جواب 8   -      الأدبُ  الرّحباني  والأغنية الرّحبانيّة هي عشقٌ  روحي ونفسي وحياتي  .    وخلال  تجوالي  الطويل  على مدار أكثر من  55 سنة  ما رأيتُ انتاجا  وفنيًّا  بجماليَّة ووجدانيَّة وروحانيَّة وصدق الكلمة الرحبانيَّة  والأدب  الرحباني ، لذلك  منذ أن دحلتُ  المدرسة الرحبانيَّة  قبل 60  عاما  دخلتُها  وبدأتُ  أتجوَّلُ  فيها   ولم  أرتوِ  وأشبع  من  جمالها  حيثما  سرتُ  وحيثما  جلستُ  في أفيائِها ، وكلما  تأملتُ  في جمالها أكثر أصابُ  بالسّحر والذهول  والنشوة  الروحيَّة .  إنَّها خمرةُ الروح  بكل معنى  الكلمة  .


*سؤال 9  )   حدثنا بتوسُع عن المدرسةِ الرحبانيَّة - الادبيّة  والفنيَّة  -  وما الذي  يُمَيِّزُ هذه  المدرسة  عن  باقي  المدارس الفنيَّة  والأدبيَّة  في  العصر الحديث  ؟؟ 

- جواب 9 -   المدرسةُ الرَّحبانيَّة  خاطبت  روحَ الإنسان  وضميرَه ، وهي  الحُلمُ  والضميرالإنساني وروحانيَّته..ولم تخاطب جسدَهُ وأنانيَّته وشهواتهُ ..  وهي  الميثولوجيا  تسمُو  بالإنسان  روحيًّا  وفكريًّا  ونفسيًّا   إلى  مضاف الملائكة .    وهي المدرسة الشاملة  بكل المواضيع : السياسيّة  والإجتماعيّة  وحتى العاطفيَّة . والغناء الرَّحباني هو صلوات للإنسان  في معبد الروح  .


*سؤال 10 )    أنتَ  بنيتَ علاقات وطيدة  وحميمة مع الموسيقار المرحوم منصور الرَّحباني  ومع  بعض الشخصيّات الهامّة  - الفنيَّة  وغيرها -  من عائلة الرحبانية ..كيف تمَّ ذلك  وكيف  توصَّلتَ إليهم ؟؟!!  

 جواب 10  -      إنّ  الحُبَّ  يعملَ  المستحيلَ حتى تصلَ  للأشخاص الذين  تُحبُّهم .. ولقد استغرقَ  معي  سنوات طويلة  وأنا أبحث عن أرقام  تليفونات  وطرق اتصال  حتى  توصّلتُ  إليهم  وتمَّ التعارفُ ، ونجحتُ في مدِّ جسور التعارف والتواصل  بين العائلة الرّحبانية، وخاصَّة عائلة منصور الرحباني  شقيق  المرحوم  عاصي  الرَّحباني  زوج المطربة  الكبيرة  فيروز...ولقد توطدت  العلاقة  كثيرة  حتى أن  منصور الرَّحباني - رحمه الله - في إحدى  اللقاءات  في الأردن  أطلق عليَّ  لقب ( بولس الرّحباني ) .

   

*سؤال 11 )      هنالك  بعضُ  الألحان  الغربيَّة  العالميَّة  أخذها  الأخوين الرَّحباني بحذافيرها تقريبا  ووضعوها وركبوها لكلمات وقصائد ألفوها هم وغنَّتها المطربة فيروز زوجة  المرجوم عاصي الرحباني بصوتها ، مثل : أغنية ( كانوا  يا حبيبي )  .   ولحنُ هذه الأغنية  لموسيقار روسي  مشهور ..واسم هذا اللحن  ( عودة  خيول القفقاز ) ... ما  رأيُكَ وتعليقكَ  على هذا الموضوع  ؟؟!!

  جواب 11  -  بالنسية للأخوين الرحباني كان لا ينقصُهم  شعرٌ وإمكانيات  تلحين  وأبواب  إبداع  فهم عمالقة  وروَّاد في هذه المجالات  ومدرسة أدبيَّة وفنيَّة مميزة وفريدة ورائدة في العصر الحديث.  وكانوا يرديون أن  يُعَرِّفوا الإنسان العربي في كلِّ مكان على الموسيقى  الغربيَّة  العالميّة .. لذلك كانوا  يأخذون بعضَ الألحان العالميّة المشهورة التي تتلاءمُ مع روحهم ورسالتهم  الفنيَّة  ويضعون لها  الكلمات  العربيّة  الملائمة  للحن .  وهذا الأمر أشبِّههُ بالقدود الحلبيَّة بالضبط .  وكانوا يكتبون  ويضعون كلمة إعداد وليس تلحين  لهذه الألحان الغربية( تحت تسمية إعداد وليس تلحينا وتأليفا ) . والهدفُ من كل هذا هو كما ذكرت : تعريف الإنسان العربي على الموسبقى العالميَّة لا أكثر وبطريقة  سهلة  وسريعة من  خلال  كلمات عربية جميلة  وسلسة  مع اللحن الغربي العالمي  ومع الطابع الروحاني .


*سؤال 12 )  المواضيعُ  والأمورُ التي تعالجُها في كتابتِكَ ؟؟

- جواب 12  -     أنا  أعالجُ  العديد من المواضيع : الإنسانيّة  ، الإجتماعيَّة  والبعد  الروحاني في الكلمة والنصوص  والغناء .. وكل  من لا يتحدَّت عن الجسد أنا أقدّسُهُ  لأنَّ الجسدَ ليس من سلم الأوليَّات  فالروحانيَّات قبل الجسد  والجسد هو  وعاء الروح  .  والأهمُّ  والأسمى  والخالد هو الروح ، والجسد بدون الروح  يموتُ ويفنى ولا وجود له  .


*سؤال 13 )   أنتَ شاعرٌ وكاتبٌ وباحث  وموسيقي وفنان كتبتَ العديد من المسرحيات  الغنائية  والمونولوجات الغنائية وقمتَ  بتلحينها  وتمتلكُ صوتا جميلا وعذبًا جدا في  الغناء ..لماذا لا تشترك مع فرقة فنية أو تُؤسِّسُ  فرقة فنية  وتشارك  في الغناء  في  الأعراس والمناسبات  وغيرها  وتتفرغ  لهذا المجال ؟؟  

- جواب  13  -   لا  أحبُّ أن أكون مطربَ أعراس  ومناسبات ولا أريد أن أكون مغنيا  وتفرَّغت للمجالاتِ الأخرى  : الأدب والابحاث والدراسات . ولكنني كنتُ  أغنّي في المناسباتِ الخاصة في البيت وللأصدقاءِ والمقربين. .. وأنت أيضا  يا  دكتور حاتم  مثلي  .  أنتَ  درستَ  موضوع  الموسيقى والففنون  وتجيد  العزف على  أكثر من آلةٍ  موسيقيَّة  بشكل  رائع  وتمتلكُ صوتا جميلا جدا ومن أجمل الأصوات محليا وعلى امتداد العالم العربي كالعمالقة  الكبار ولكنك  لا  تحب ولا  تريد  أن  تكون  مطربا  ومغنيا  في  الأعراس .   وكنتَ تُغنّي فقط  لنفسكَ  وللأصدقاءِ  وللمقربين  في مناسبات خاصة . 


*سؤال13 )  طموحاتُكَ ومشاريعُكَ للمستقبل ؟؟

 - جواب 13  -      أتمنَّى أن  يُسعفني الزمانُ  والايام  وأن يمتدَّ  بي العمر  أكثر وأكثر  حتى أتابعَ  مشواري  ودراساتي  وأبحاثي  في تحليل  ودراسة  الأعمال الرحبانيَّة ، لأن  جميع  الذي عملتهُ  وقدَّمتهُ  حتى  الآن هو  جانب    صغير من الأدب الرحباني .. وأحتاجُ للكثير من  الدراساتِ  والأعمال حتى أعطي هذه المدرسة وهذا  الأدب الإبداعي جزءا من حقه ، لأنهُ عالمُ  واسع  ومحيط  كبير جدا، وغوَّاصٌ واحد لا  يكفي أن يغطي  كلَّ أعمال وإنجازات المحيط الرَّحباني ..وأتمنَّى  أن أستطيع المتابعة  وأكمل هذا  المشوار ..وأن  يمنحني  اللهُ الصحة والعمر حتى أنجزَ  ما  أنا أصبُو  إليه  لرحلة جديدة في جنبات المحيط  الرَّحباني .   


سؤال  14  )  كلمةٌ  أخيرة  تحبُّ أن  تقولها في نهاية  هذا  اللقاء ؟؟

-  جواب 14  -    أنَّ الرَّحابنة زرعُوا  حدائق من الجمال السَّاحر وملأوها أدبًا  وورودا وأزهارا  وبالموسيقى  والشعر والكلمات الراقية .. وأتمنّى من شعبنا أن  يلتفتَ  أكثر وأكثر ويهتم  بهذه المدرسة الراقية عمقا  وتحليلا في الكلمة والمعاني والأهداف  السامية والفلسفة الرَّحبانيّة، وليس بشكل سطحي  ومجرد سماع .

       وأخيرا وليس آخر  أشكرُكَ جزيل  الشكر دكتور حاتم جوعيه الشاعر والكاتب والإعلامي الراقي  والقديرعلى هذا اللقاء الرائع  والشائق والشامل .. ومن خلاله أتيحَ لي التحدُّث عن أمور وقضايا  لم أتطرق  إليها من قبل ..   وأتمنى  لكَ  دوامَ الصحة  والعافية  والمزيدَ  المزيد  من  العطاءِ  الإبداعي المتواصل في  شتى المجالات .


-  أجرى اللقاء : الشاعر والإعلامي الدكتور حاتم جوعيه  - المغار -  الجليل -