حوار مع الكاتبة الفلسطينية رحاب يوسف


أجراه: شاكر فريد حسن  

كان لي هذا الحوار مع الكاتبة الفلسطينية رحاب يوسف حول تجربتها الأدبية ومسائل ثقافية أخرى 

*من هي رحاب يوسف ؟ 

رحاب هي كاتبة ومعلمة للغة  العربية، ابنة قرية رامين قضاء طولكرم، درست اللغة وآدابها في جامعة النجاح الوطنية، بناءً على رغبة والدي الذي كان شغوفا بالشعر والزجل ومتابعة نشرات الأخبار. كان يؤلف أشعار العتابا والميجانا والشروقي والمربعات والمخمسات والزجل، وهي قصائد شعبية الحادي والزجّال. وهو أب فلاح شجاع صّلب كريم عصاميّ عبقريّ الأبوّة، يرسم خريطة حياتنا بذكاء، وقد اختار تخصصاتنا أنا وأخوتي وأخواتي جميعًا، فوضع كل شخص في مكانه المناسب، كان يقول لي بما معناه : لديك بذخ في المفردات، أي  لغتك متدفقة،  وأم  صابرة وصالحة ومتدينة ومثقفة بالفطرة، يعتبرها أهل قريتي من المقدسات لسمُوّ خُلُقها، وقفت إلى جانب والدي في كل الظروف  تحب البيت، وأنا مثلها بيتية، ولو خرجنا أنا وأمي في شوارع قريتنا لاحتجنا مَنْ يَدلنا ويعرّفنا الأماكن والطرق لأننا بيتيتان بامتياز، نشأت في بيئة متشبعة بالإنسانية والأخلاق العالية بيئة نشِطة بالعمل والمسؤولية،  في بيت يضج بالحياة والأحلام. علاقتي بأمي  علاقة طفل رضيع  بأمه، لا أتخيل حياتي بدونها يومًا، أقترب من أنفاسها في  جوف الليل وأتفقدها لأطمئن هل  مازالت على قيد الحياة ، طلبت من الله مرة أن نموت أنا وأمي في ذات اللحظة ونُكفن نفس الكفن ويُلحدّنا نفس اللحد. اللافت كنت وما زلت  أميل إلى الصمت والهدوء، كنت أختار ركنًا خاصًا بي في بيتنا الكبير القديم المليء بالأشجار، فأقضي ساعات طويلة في التدبر والتأمل والقراءة والكتابة. ورثت  هذه الصفة عن  والدي – رحمه الله -  كان لا يحب الحديث كثيرًا، لدرجة أنه بإمكانه تغيير مجرى نهر وحده  دون أن يُسمع له صوت.  


*كيف ومتى بدأت بالكتابة، وماذا تعني الكتابة لك ؟ 

كانت الأحداث تسوقني إلى الكتابة سوقًا، لكن كيف السبيل إلى ذلك ؟ وكيف لي أن أمضي في هذا الطريق الوعر وأنا أحمل على كفتي  ثقل إرث عائلتي الديني والعلمي والأخلاقي،  والكتابة تتطلب عدم مجاملة أحد. فكان لا بد من خطوتين : الأولى الانتقال من مدرسة قريتي  إلى مكان آخر، والثانية : أكتفي باسمي واسم والدي على أغلفة الكتب، حتى لا تتعارض أفكاري واسم عائلتي، مع أنها الأفكار مَفخرة ومُشرّفة،  ثم امتشقت قلمي وبدأت بإصدار كتاب تلو كتاب منذ شهر أكتوبر 2018، وهكذا كانت البداية . 

ماذا تعني الكتابة لكِ؟ 

الكتابة تعني  لي ملاذًا من الآلام  والعذابات بسبب إحساسي  المرهف الحريري الناعم  تجاه ما يحيط بنا من أحداث، وهي البحر الذي أغرق فيه لأنجو بنفسي  وأُنجي معي من أخشى عليهم من  المصير نفسه مَن لم يجد له موقعا في كَنف الحياة. عندما سئل  الكاتب الروسي ديستوفسكي : كيف يصبح المرء كاتبًا ؟ أجاب : " أن يتعذب ..أن يتعذب .. أن يتعذب " وأنا ككاتبة أشفق عليه كثيرًا، لأنني أعرف ما يعنيه، فعلى الكاتب أن يعيش الحياة بإنسانية، أن يتجرع مُرّها وعذابها مِرارًا وتِكرارًا، فيشعر بغيره من المعذبين  فتتحدُ آلامُهم  وتكون مِدادًا لقلمه . 

*من كان له النصيب الأوفر في  التأثير على تجربتك الأدبية خلال مشوارك الإبداعي ؟  

أنا مدينة أولا لأخي المحامي و زوجته  على ما قدموه  لي من دعم معنوي ونفسي، فأخي هو بمثابة الأب والأخ، وهو الأقرب إلينا تحمل مسؤولية أسرتي كلّها منذ الصغر، وكأنه الأخ الأكبر، فالأخوة والأخوات يختلفون كالنباتات، تغذّيها  الشمس نفسها، الهواء نفسه، والتربة نفسها، إلاّ أنها تُخرج ثمارًا من مختلف الطعم،  واللون، والشكل، ومدينة أيضًا  لأستاذي  الكبير مشرف اللغة العربية الشاعر أشْجع دُريْدي،  أول شخص وثق بقلمي فأطلق عنانه، فضلًا عن دعمك أستاذي شاكر فريد حسن.  


أما الشخصيات الأدبية التي تأثرت بها فهي : ابن القيم، وابن الجوزي، وشمس التبريزي،  وجلال الدين الرومي،  والإمام الشافعي،  والكاتب  الروسي تولستوي ، والكاتب الروسي دوستويفسكي ، والكاتب والمفكر الأمريكي عالم اللسانيات نعوم تشومسكي، والروائية التركية إليف شافاق،  ومن الأدباء العرب : جبران خليل جبران، ومحمود مصطفى، والرافعي، وحديثا بدأت أحب  قراءة شعر ابن الرومي. 

*حدّثينا عن إصداراتك، وماهي الموضوعات التي تتناولينها في كتاباتك ؟ 

أصدرت بفضل الله  - تعالى - ثلاثة كتب، وهي : ( آمن بذاتك )، ( حديث المساء )، ( داخل الغرف المغلقة )، وجميعها قطعة من القلب ولا أفرق. أتناول في كتبي التي كتبتها بدم القلب والروح موضوعات تربوية وتعليمية  واجتماعية  على شكل خواطر وجدانية  وسردية  بأسلوب أدبي بديع كامل متكامل يشد القارئ، فلا يفلت من يديه  حتى ينتهي ويعيد قراءته مرات كثيرة. 

وللغة  دور أساسيّ في صناعة  نصوصي، فأنا  أمسك بزمامها جيدًا، فهي متدفقة بفضل الله، كما أجمع النقاد والنخبة المثقفة، ولدي خبرة في توظيفها توظيفًا يتناسب مع أي موضوع أطرحه، فأضع كل كلمة في مكانها الملائم لها، بل كلّ حرف، وأعزف على الحروف ببراعة  أحملها مالا تحتمل، صانعة أجمل سيمفونية، أسقطها في أذن القارئ ضمن مفاهيم  وقيم  ومعارف، دون تعقيد أو تكلف، بعيدة عن حوشي الكلام وغريبه،  حتى لأشعر بأنها تتعلق بعناق بعضها البعض، تآلفًا وانسجامًا، فما أن آخذ قلمي بين يدي حتى يشرع بمداعبة حروفي المتدفقة، يصيغها لبنة لبنة، بتسلسل أدبي بديع، ومعنى عميق، وأسلوب رشيق، حتى أصنع نصًا إبداعيًا كاملًا متكاملًا. 


*كتاباتك فيها جمال وابتكارات مجازية , من أين يتأتى لك كل هذا, من صدق التجربة أم من شحنات الروح ؟ 

أسلوبي في الكتابة تعلمته من أبي – رحمه الله – كان يقدم الطرح بجمال وصور تجذب وتشد السامع، يقدمها على شكل عناقيد عنب،  كانت جلساته  كلها تتمحور حول طلب العلم والشعر وصناعة النجاح، وكيف نصل إلى أهدافنا وغاياتنا  بالمثابرة والإصرار والصبر واستغلال الوقت، فيحبس أنفاسنا  بأسلوبه، وأنا كذلك أريد من كتاباتي أن تحبس أنفاس القارئ، كما قالت لي إحدى القارئات : كل كلمة وعبارة وسطر أقرأه من كتبك  تعطيني شهيقًا أخرجه  زفيرًا  من عقلي، وأخرى تقول : أتنقل بين صفحات كتبك وكأني أتنقل بين بساتين أقطف منها ما لذ وطاب. 

*ماهي آخر قراءاتك ؟  

الآن أقرأ رواية " في قبوي " للكاتب الروائي الروسي  العبقري دوستويفسكي  العبقري  بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. 

 *أي  من الشخصيات العربية في المجال الثقافي هي الأقرب إليك ؟ 

الأقرب إلي من الشخصيات الأدبية العربية : الأديب جبران خليل جبران، والكاتب مصطفى محمود. 

*هل أنت راضية عن نفسك ؟ 

الحمد لله رب العالمين، نعم راضية جدًا،  يستطيع القارئ أن يفتح كتبي  ويغرف منها ما شاء : لغة، ومعرفة، وثقافة، وحكمة، ودواء على الرغم من صغر حجمها، ولا عيب في ذلك، فالخير دائمًا في القليل، يقول سبحانه وتعالى :" وقليل من الآخرين " فالمسألة ليست بالكثرة أو بالحجم . 

*حدثينا عن مشاريعك الأدبية القادمة ؟ 

بين يديّ عملان : الأول تأملات في اللغة والأدب، وسيصدر قريبًا إن شاء الله، والثاني مجموعة قصصية. 

*ماهي الكلمة الأخيرة التي توجهينها للقراء ؟ 

كلمتي للقارئ ، فلتفغر لي أيها القارئ زلاتي - إن كانت هناك زلات – فأنا في سباق مع الزمن، ألا تسمع صوت ضَرَبات قلبي، ولُهاثي بين السطور، أجري بأقصى سرعتي إلى أعماق نفسك، لأضيء ما انطفأ، أرمم ما اهترأ بكلمات ومفردات تلامس داخلك، وأقول له : اقرأ الكتب التي تكون مُؤشرك وبوصلتك في ظلمات أحداث الحياة، التي تنهض بمعنوياتك، وتنتشلها، وتصعد بها إلى أعالٍ ومعالٍ  لتصبح هامة، وقامة، متحصنة نفسيًا، وأخلاقيًا  ودينيًا، لا يحطمها الوهم والوهن، والتي تنعش ثقافتك، وذائقتك اللغوية، وابتعد عن الكتب المليئة بالثرثرة والمفرغة من أي مضمون وفائدة، والعبرة ليست بتكديس المعلومات، فلو قرأت سطرًا أو صفحة كل يوم غنية ثرية مرشدة  مُداوية أفضل  من تكديس المعلومات دون أن يمضغها ويهضمها عقلك، والأهم من ذلك كله لو قرأت كل ما في دور الكتب دون أن تقرأ القرآن الكريم كأنك لم تقرأ شيئًا.  

الكاتب حسن سالمي: لا يمكن لرواية واحدة أن تقول كلّ شيء



حوار بين الصّحفيّة وحيدة المي والرّوائي حسن سالمي/تونس

فاز هذه السّنة بجائزة توفيق بكّار للرّواية العربيّة، يعكس الحياة في كتاباته بكلّ تناقضاتها ويحاول نقل عدسة السّرد إلى المواضع والأماكن المعتّمة. يسعى إلى التّجديد، ينتصر لمبدأ الاختلاف ويستثمره جماليا ودلاليّا، ويرى أنّه على الكاتب اليوم التّفكير بجدية في استعادة القارئ الهارب... الكاتب حسن سالمي جمعنا به هذا الحوار:

أجدّد التهاني بفوز روايتك " الطيف" بجائزة توفيق بكار للرواية العربية.

شكرا أستاذة وحيدة على هذه التهنئة اللّطيفة وشكراعلى هذه الفرصة للحوار.

حرصت في هذه الرواية المتوّجة على التجديد من حيث التقنيات والآليات الفنية وتعدّد الأصوات، هل التجديد توجه ذاتي أم هو نتاج اطلاع على التحوّلات في الرواية العالمية؟

الرّواية هي بنت عصرها وسابقة له أحيانا، لكن لا يمكن أن يُكتب لها البقاء لو كتبت بشروط عصور سالفة. يمكن أن تستفيدمن الإرث السرديّ الكبير في العالموتهضم تجاربه العميقة على نحو ما. بيد أنّ التصاقها بواقعها الرّاهن ضمن دوائره المتشعّبة والمتداخلة، يفرض عليها أن تقوم على نظام أشبه ما يكون بالنّظام الذي تقوم عليه الدّول المتقدّمة. تقطع مع نظام الاستبداد والتعسّف وانحصار الفعل في جهة واحدة وتبشر بنظام جديد يقوم على التعدّد والموازنة بين مكوّناته،ويؤمن بحقّ الاختلاف وواجبه معا...في كلمة، التجديد في الكتابة على ضوء مبدأ التعدد، هو موقف ورؤية تنبع من ذات الكاتب أوّلا وقد تلتقي مع التجارب الأخرى في العالم.

هناك اشتغال كبير في روايتك على التّنوّع والتعدد في الشخوص والأحداث والمكان والزمان، ما الذي أراد حسن سالمي الكاتب قوله من خلال ذلك؟

عندما نتأمّل الكون من حولنا ونتأمّل مظاهر الحياة... سريعا ما نكتشف أنّ التعدّد في الأنواع والأجناسوالألوان والأشكال والأحجام والمسافات والأبعاد والأصوات والرّوائح والطّعائم ونحو ذلك هو قانون محوريٌّللكون يحفظ توازنه وتماسكه... كذلك عندما نتأمّل أنفسنا: مختلفون في كلّ شيء. سواءً من حيث الخِلقة أم من حيث الفكر والهوى والميل والمعتقد وما إلى ذلك... ما أريد قوله أنّ الاختلاف سنّة كونيّة كبرى، عندما تعسّف عليها الإنسان جنى على نفسه وحوّل تاريخه الى سلسلة فظيعة من الجرائم والمظالم. مهمّة المبدع أن ينتصر لمبدأ الاختلاف على طريقته وينزّله في نسيج العالم الذي يصنعه، ويثبت لنفسه ولغيره أنّه قادر على استيعاب المختلف ومن ثُمّ استثماره جماليّا ودلاليّا.

رغم الحرص على التجديد البنيوي والتقني لروايتك إلا أنّ مشغلها سرديّا أو تمثّلك للحياة لم يخرج عن هموم ومشاغل التونسي ما قبل الثورة وبعدها، ألا ترى أن التجديد يجب أن يكون شاملا أي شكلا ومضمونا؟

لا يمكن لرواية واحدة أن تقول كلّ شيء. هي تراهن على منطقة ما وتحاول أن تسلّط عليها الضّوء بما يخدم أهدافها. وأن تشتغل رواية الطّيف على هموم ومشاغل التّونسي فلا يعني أنّها فوّتت عليها فرصة توسيعدائرة تجديدها الى الحدّ المأمول. عندما خلَقَتْ نماذج تونسيّة هي في الحقيقة تعبّر من خلالها عن مشاكل وهموم الشّعوب العربيّة التي مرّت بزمن الاستبداد، ثمّ فاجأتها الثورة وما انعكس عنها من ردود أفعال ومواقف متباينة.  وأمام القضايا الحارقة التي طرحتها اشتغلت على شكل النّص الذي يلائمها ويلائم شخوصها. وهذا الشّكل أزعم أنّه راهن على التّجريب الى الحدود القصوى الممكنة، ولا يسع المجال كي نأتي على مظاهره.

كيف يمكن للكاتب أن يتحرر من مسألة التجنيس الإبداعي ولا يغيّب روح النص وهويته سواء كان رواية أو قصة؟

تلك هي المعادلة... أمام التّحديات الجمّة التي تنتصب في وجه الرّواية، خصوصا قدرتها على منافسة طوفان الصّورة ووسائل التّواصل الاجتماعي ونحوهما، فإنّه توجّب تغيير قواعد كتابتها والتّعديد من منابع استلهاماتها. لقد أضحت الرّواية ملتقى لفنون شتّى وطرائق تعبيرية مختلفة من كلّ العالم. التّحدّي كيف تتعامل مع تلك الأجناس المفارقة لهويّتها وتحسن هضمها دون أن تذوب فيها؟ كيف تخرج من تلك الخلطة العجيبة دون أن تفقد هويّتها وما يمكن أن يميّزها من غيرها. المسألة دقيقة وحسّاسة جدّا. وأعتقد أنّ السّرّ يكمن في التمييز بين الثّوابت التي تضمن القدر الكافي من هويّتها والمتّحوّلات المفتوحة على آفاق الجمال وأشواق الفنّ.

تصر من خلال كتاباتك على حماية الهُويّة العربية من الذوبان وتنتقد الأعمال الرغبة في تحقيق النجاح على حساب القيم والمبادئ... ألا ترى أنك تضعنا أمام معادلة صعبة وتزج بالإبداع في الأحكام الأخلاقوية؟

أختلف معك في هذه النّقطة. أوّلا، لا يمكن الحسم بهذا الرّأي القاطع إلّا إذا أحطت بتجربة حسن سالمي ككل، ليس إلى حدود هذه اللّحظة فقط بل يجب أن تمتدّ الى كلّ المسيرة والتي لم تنته بعد.  ثانيا من خلال الأعمال التي كتبتها ونشرتها والتي لم أنشرها بعد صنعت نماذج من الشّخصيات مختلفة في السّلوك والموقف والرّأي والفكر والانتماء والمنشأ من دون أن أسقطها في النّمط الواحد المكرور. وأزعم انّني وقَفت منها جميعا مسافة واحدة. ولم أجعل منها ظلّا لي. صحيح أن ذاتي تتسّرب أحيانا هنا وهناك ولكن المبدأ الغالب هو انعكاس الحياة على صفحات ما أكتب، والحياة كما أسلفت تقوم على التّعدّد والاختلاف في كلّ شيء.  فضلا عن أنّ محاولة نقل عدسة السّرد دائما الى الأماكن والمواضع المعتّمة دون اعتبار للأحكام الأخلاقوية لأنّها نسبية تماما.

ألا ترى أنه أصبح من الضروري أن يغيّر الكاتب طريقته في الكتابة وأسلوبه في ظل مغريات عديدة قلّصت من أفق انتشار المكتوب الورقي؟

 الحقيقة لم يتقلّص انتشار المكتوب الورقي فقط لأنّ الكاتب لم يغيّر من قواعد اللّعبة. والدّليل أنّ كثير من الأعمال الجيّدة التي راعى فيها كُتّابها هذا الجانب انحصر انتشارها فقط في جزء ضئيل من النّخبة. في حين لم تصل الى البقيّة الباقية والاختصار على أنّها مجرّد أغلفة على صفحات الفيسبوك... المشكلة أكبر بهذا بكثير. وعموما على الكاتب من جانبه أن يتنبّه الى هذه النّقطة المهمة ويجعل نصب عينيه كيفيّة إعادة الجماهير الهاربة من الكتاب الورقي وشدّها على نحو ينافس فيه جمال الصّورة والعوالم الافتراضية ووسائل التّواصل الاجتماعي مع مراعاة نمط عيش الانسان الجديد والضغوط التي يتعرّض إليها.

إذن كيف نعيد ترميم علاقة التونسي المعطوبة بالكتاب؟

سؤال كبير وصعب. ولا يمكن لبضعة أسطر أن تفي حقّه في الإجابة. لكن يمكن القول أن يساهم كلٌ من موقعه في حلّ هذا الاشكال. ابتداء من المناهج والبرامج التربويّة وتشجيع النّاشئة ومحاولة تعديل علاقتها بالحواسيب والهواتف الجوّالة، فظلا عن افساح المجال للكتاب والمبدعين في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية بعد أن احتلّتها وجوه لا علاقة لها بالثقافة... بالإضافة الى مراجعة طرق النّشر وتطويرها وفق دراسات علميّة والخروج بالكتاب الى العالم الرّحب دون سجنه في الرفوف والمخازن.

كتبتَ القصة والقصة قصيرة جدا والرواية والنقد. ألا ترى أن التعدّد يؤدي إلى التشتّت؟

دائما يوجد شيء ما لا يستطيع ان يقوله هذا الجنس أو ذاك.  ثمّة من يصمت عن أكثره ويحوّله إلى مجرّد حديث في المجالس مكتفيا بما استطاع جنسه الادبي من استيعابه. وثمّة من يُوهَب طرق القول فيجعل منها خزائن جميلة لمشاغله الإبداعية وقضاياه الحارقة. لا أعتبر ذلك تشتتا بل ميزة تثري تجربته وتنضج رؤيته الى الكتابة... فضلا عن هذا الاشتغال المتعدّد في طرق التعبير تأتي به سياقات خاصة تعترض الكاتب في حياته وليس له إلّا أن يلبّي.

صرحت في حوار سابق "ما ابتلينا به هو ظهور طبقة من الكُتَّابِ لا تقرأ كثيرا. والنّتيجة هي نصوص متعثّرة مازالت تحمل وهن البدايات "... نقرأ موقفك بين القسوة على الأقلام الجديدة والتعالي، ما رأيك؟

محدثّك أبعد ما يكون عن التّعالي.  أنا صدعت بالحقيقة من وجهة نظري ونتيجة لما استقرّ في ذهني من تجارب عاينتها شخصيّا. وما دفَعني لهذا الموقف الذي وسمتيه بالقسوةإلّا الغيرة على الرّواية والكتابة عموما. انظري إلى حال الشّعر كيف أصبح بعد أن دخل عليه من ليس منه، ومن اقتصرت همّته على تسويد البياض دون أن يفوِّتَه إلى منازل الإبداع الحقيقيّة. انحصرت دائرته انحصارا شديدا، وكثير من دور النشر عزفت عن طباعته لكساده في السوق، وحينما يقام له مهرجانا لا يحضر فيه إلّا القلّة القليلة. ذلك أنّ الكثرة الكثيرة التي لم تمرّ بغربال النّقد أعطت صورة للمتلقّي على أنّ الشّعر كلّه أصبح رديئا... والحق أخشى على الرواية من هذا المصير. وللعلم فإنّ الكتّاب الذين لا يقرؤون لا أعنى بهم الأقلام الجديدة حصرا. فمن هؤلاء تجارب على حداثتها غاية في الأهميّة وأمامها الوقت كي تنضج وتأخذ المشعل عن جدارة.

انت بصدد كتابة ثلاثية "المحاق" في شكل مجلّد،والحال أن الإطالة لم تعد اليوم من سمات الكتابة الروائية، ما الدّاعي لذلك؟

لقد وضعت يدك على الجرح. عندما كتبت المحاق كتبتها بمعزل عن ظروف النّشر وعن القارئ. تركتها تنساب تلقائيّا في سبع سنوات كاملة. ولقد استنزفت منّي وقتا وجهدا وقلقا. لكنّي لم أتركها حتّى استوت على سوقها... وقسّمتها الى ثلاثة أجزاء في ألف صفحة. المفاجأة هي أنّني اصطدمت بالواقع بعد ذلك. اصطدمت بظروف النّشر سواء من حيث جديّة انتشارها أو من حيث كلفتها أو من حيث ذهابها إلى ناشر يأكل عرقي ويحتكرها لنفسه بضع سنين مع الدّفع من جيبي مسبقا! حتّى المسابقات كان حجمها الكبير عائقا أمامها. فمن هي اللّجنة التي تصبر على قراءة ألف صفحة كاملة؟ !... بعد سنوات أخرى أعدت الاشتغال عليها وتعاملت معها بصرامة كاتب القصّة القصيرة جدّا، ولكن بحذر شديد ووعي شقيّ. فالمهمة كانت صعبة للغاية... المهم صارت اليوم في جزئين في حجم مقبول ولكن ما زالت تنتظر حظّها في النّشر...


من هو حسن سالمي؟

حسن سالمي أديب تونسي من مواليد 1971 بتوزر. صدر له: "التيه" (مجموعة قصصيّة) /"البدايات" (رواية)/"زُغْدَة" (مجموعة قصصيّة) /"الدّماء لا تنبت القمح" (قصص قصيرة جدّا) /"مأدبة للغبار" (قصص قصيرة جدّا) /"الإشارات" (دراسات نقديّة) /"الطيف"(رواية).

له في انتظار الطبع: "المحاق" (رواية في جزئين) /"غوانتانامو " (رواية)/ "أرض الزّعفران" (رواية للناشئين) /"وطن وضباع"(رواية للناشئين).

شارك في عدد من المسابقات وفاز بعدة جوائز منها جائزة توفيق بكار للرواية العربيّة هذه السّنة، عضو باتحاد الكتاب التونسيين وأمين مال جمعيّة مداد للقراءة والكتاب... 


لقاء مع الأديب المقدسي الكبير جميل السلحوت


 لقاء  مع الأديب المقدسي الكبير " جميل السلحوت " أجرته  مجلة وموقع حرمون| لبنان

بإدارة " الأستاذ هاني الحلبي"


الأديب المقدسيّ جميل السلحوت لـ حرمون : لا يمكن لأديب أن يُنهي مشروعاً أدبيّاً.. ولا يتسع عمري المحدود لمطالعة آلاف الكتب المشتهاة

حتى الآن هُزِمنا سياسياً وعسكرياً، لكننا لم ولن نُهزَم ثقافياً فنحن سليلو ثقافة عريقة لا تموت

المقدسيّون جزء لا يتجزّأ من الشعب الفلسطينيّ والقدس عاصمة دولة فلسطين العتيدة.

حاورته الأديبة الفلسطينيّة: إسراء عبوشي

تدقيق: هيا الجرماني

من الطفولة الذبيحة، وحياة بمحض الصدفة، أتى لنا أديب يقف على مؤشر البوصلة دائماً، ويوجّهها بالاتجاه الصحيح، نحو القدس ويساند المرأة ويقاتل الجهل.

يحمل قضية شعبه الذي يعيش تحت احتلال غاشم، وبلا مؤاخذة ينتقد الشعوب العربية والإسلامية، التي تعيش تحت 22 احتلالاً، تستطيع أن تبدأ صباحك بمقاله اليوميّ لتعرف أين تذهب، فلا تَضل الطريق.

منحته وزارة الثقافة الفلسطينية لقب “شخصية القدس الثقافية للعام 2012” ويُعتبر من المؤسسين الأوائل لندوة اليوم السابع التي تقام أسبوعياً في مدينة القدس منذ اوائل التسعينيات ولم تتوقف بشكل مباشر سوى فترة بسيطة خلال كورونا لتستانف افتراضياً حتى الآن…

يُسعدنا أن يكون ضيفنا الأديب المقدسيّ جميل السلحوت في موقع حرمون بحوار رشيق غنيّ لمّاح حلفل بالعبر والمآثر..


*الأديب المقدسيّ جميل السلحوت، هل يمكن أن تعطي متابعينا وزوارنا لمحة عن حياتك؟

– حصلت على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية، وعملت مدرساً للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1977 وحتى 1990. اعتُقلت من مارس 1969 وحتى أبريل 1970 وخضعت بعدها للإقامة الجبريّة لمدة ستة أشهر. عملت محررًا في صحف ومجلات منها (الفجر)، (الكاتب)، (الشراع)، (العودة)، (مع الناس)، و(مرايا).

ورئيس تحرير صحيفة (الصدى) الأسبوعية، عضو مؤسس لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، واتحاد الصحافيين الفلسطينيين، وعضو مجلس أمناء المسرح الوطني الفلسطيني ومسرح القصبة، وأحد المؤسسين الرئيسيين لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني منذ عام 1991. عملت مديراً للعلاقات العامة في محافظة القدس في السلطة الفلسطينية من 1998 وحتى 2009.


*ما الهاجس الذي يسيطر عليك حين تكتب؟

– عندما أكتب فإنّني أندمج في الحدث الذي أكتبه وكأني أعيشه، وأثناء كتابتي للرّواية فإنني أتقمّص شخوصها، وأعيش الحالة التي أكتبها.

*إلى أيّ مدى هناك اهتمام بالأدباء المقدسيّين، وهل لهم مشاركات فعّالة في البنية الثقافيّة العربيّة والعالميّة؟

– أستغرب سؤالاً كهذا، فالقدس عاصمة دولتنا العتيدة، ومواطنوها جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني العربي، وإذا كانت القدس تعيش معاناة مضاعفة، فإن بقيّة المناطق الفلسطينية تعيش المعاناة نفسها، بسبب عسف الاحتلال الذي يسابق الزّمن لتهويدها، تساعده في ذلك الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي اعترفت في 6 ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، مخالفة بذلك القانون الدّولي وقرارات الشّرعيّة الدوليّة، وتهافت كنوز “اسرائيل” وأميركا الاستراتيجيّة في العالم العربي، والذين يتحكمّون برقاب شعوبهم ومقدّرات أوطانهم، فإنّ ذلك مجرد “كلام عابر”، ونحن في القدس فلسطينيون عرب، ملتزمون بقضايا وهموم وطننا وشعبنا وأمّتنا، وثقافتنا هي الثّقافة العربيّة العريقة، وبالتأكيد فإنّ القدس ولّادة كما هي مدننا وأقطارنا الأخرى، ففيها مبدعون شعراء وروائيّون وقاصّون وفنّانون تشكيليّون، ومسرحيّون وممثّلون وموسيقيّون. وإبداعهم في مجالاتهم المختلفة هو جزء من الإبداع الفلسطينيّ بشكل خاص والعربيّ بشكل عام.


*يعاني الفلسطيني المقدسي من سياسة تهجير وتهويد لمقدّساته، كيف أثر ذلك عليك ككاتب؟ وما هي المعيقات التي واجهتها لتقدّم أدباً يخدم قضية الفلسطيني المقدسي؟

– الكاتب ابن بيئته والواقع الذي يعيشه، وشاء قدرنا نحن الفلسطينيين أن نكون رأس الحربة في التّصدّي للمشروع الصّهيونيّ التّوسّعي الذي يستهدف المنطقة برمّتها، لذا فإنّ كتاباتي – كما هي كتابات زملائي الفلسطينيّين – في غالبيّتها تتمحور حول الصّراع الذي نعيشه، وحول الدّفاع عن حقوقنا الطّبيعيّة في وطننا وسعينا الدّؤوب للخلاص من هذا الاحتلال الكريه، وإقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.

والمعيقات كثيرة وكلّها وليدة هذا الاحتلال البغيض الذي أهلك البشر والشّجر والحجر.


*عقود من العطاء ومسيرة حافلة بالأبداع، عاصرتَ أجيالا كيف ترى المستوى الثقافي والوعي وإلى إين يتجه؟ ولماذا هذا التغيّر فيه؟

– الثقافة هي حصيلة بناء متواصل متنامٍ لحيوات وحضارة أجيال، ونحن في فلسطين لنا مساهماتنا الابداعيّة مثلنا مثل بقيّة الشّعوب، مع ضرورة تأكيد أنّنا كعرب مستهلِكون للثّقافة ولسنا منتجين لها، وآخِر مفكّر عربي أنتج ثقافة عالميّة هو الرّاحل ادوارد سعيد (1945-2003)، وقبله ابن بطوطة (1304 – 1377م) وهو أمازيجي مسلم.

ويلاحظ في زمن الهزائم الذي نعيشه، بسبب تهافت بعض الأنظمة العربيّة، لتكريس الهزائم وتحويلها إلى انتصارات وهميّة، أنّ هناك مثقّفين عرباً يسوّقون ثقافة الهزيمة، ويعتبرونها “عقلانيّة”، ومنهم مَن ينتج أدباً؛ ليكون هذا من دون أن يدري منتجوه أنّه سيبقى شاهداً على عهر المرحلة وعهر مَن يتماشون معها؛ ليدخلوا مزابل التّاريخ جماعات وفرادى.


*هل العروبة في مأزق حتى كشفتها عورة التطبيع؟

– العروبة لم تكن يوماً في مأزق، لكن أنظمة الفساد والولاء للأجنبيّ هي التي تعيش أزمات وتخلق أزمات لشعوبها، وعورات أنظمة الفساد والعمالة للأجنبيّ هي التي انكشفت بالتّطبيع، بعد أن سحب مستخدموها منها سلاح الخديعة المتمثّل بالشّجب والاستنكار.


*أين الجمهرة العروبية الإسلاميّة وعولمتها من حق الفلسطيني بالكرامة والحياة؟

– بداية يجب التّأكيد أن لا قصور ولا عيب في الإسلام والعروبة، وإنّما العيب في المتأسلمين والمستعربين الجدد. والشّعوب العربيّة والإسلاميّة كلّها مع فلسطين وشعبها، لكنّ هذه الشّعوب مغلوبة على أمرها من قبل حكّام مفروضين عليها، لفرض الجهل خدمة لأسيادهم. وكما قال الشّيخ جميل بن الحسين ذات يوم: “إذا كان الشّعب الفلسطيني يعيش تحت احتلال واحد، فإنّ الشّعوب العربيّة تعيش تحت اثنين وعشرين احتلالاً، وسيأتي ذلك اليوم الذي سيتحرّر فيه الشعب الفلسطيني وأشقاؤه العرب”.


*ندوة اليوم السابع على مدى ثلاثين عاماً، تلزمك أسبوعياً بمتابعة الأعمال الأدبية ومناقشتها، هذا الجهد إلى أي مدى خدم الحركة الثقافية في الوطن، وعمل على تطوّر الأعمال الأدبية من جهة ومن جهة أخرى كيف حافظ على هويته المقدسيّة ورسالته الثقافيّة والإبداعيّة؟

– يكفي ندوة اليوم السّابع فخراً أنّها الندوة الأسبوعيّة الثّقافيّة الوحيدة في العالم من عرب وعجم المستمرّة والمتواصلة من دون انقطاع منذ بداية آذار – مارس – 1991 حتّى يومنا هذا، وقد توقّفّت لبضعة أشهر بسبب جائحة كورونا، لكنّها ما لبثت أن عادت من خلال برنامج “زووم” على الإنترنت. ونحن خلقنا حراكاً ثقافياً في عاصمتنا العتيدة. وقد قلّدنا كثيرون في أماكن مختلفة في تأسيس لقاءات ثقافيّة في أماكن إقامتهم.


*منذ أكثر من ربع قرن وأنت تنشر مقالاً بعنوان بلا مؤاخذة، وعندما غادرت البلاد وسافرت إلى الولايات المتحدة لم تتوقف عن الكتابة وكتبت (في بلاد العم سام)، فهل أصبحت الكتابة من طقوس حياتك اليوميّة؟ وهل تفكر بكتابة كل ما يمرّ بك؟

نعم أنا أطالع بشكل شبه يوميّ، وأحاول الكتابة عندما تلحّ عليّ فكرة معيّنة. وأنا أجد نفسي في المطالعة والكتابة التي هي بمثابة غذائي الرّوحيّ، ولعلمك وعلم غيرك فإنّني كتبت “الخاصرة الرّخوة” في أميركا عندما كنتُ في زيارة لابني قيس في شيكاغو.


*”أشواك البراري” والطفولة الأليمة، تلك الأشواك هل استطعت أن تتجاوزها، أم أنها ما زالت لصيقة ذكرياتك، وإلى أي مدى ساهمتْ في تكوين شخصيتك؟ وهل نشرتها لتدوّن مرحلة من حياة الشعب الفلسطيني، أم لتكون درساً للأجيال القادمة عن المعاناة والصبر، أم الاثنين معاً؟

– أنا وأبناء جيلي عشنا طفولة ذبيحة بكلّ المقاييس، وما حياتنا إلا مجرّد صدفة لم تتوفّر لها مقوّمات الحياة، والمعاناة والألم لا تنسى.

عندما كتبت ” أشواك البراري” عن طفولتي المعذّبة وعن جوانب من الوضع الاجتماعي العام، تردّدت بنشرها، لكنّني في النهاية نشرتها ليعتبر منها جيل الأبناء والأحفاد، وإذا عاش جيلي من دون رعاية تماماً مثل الأشواك التي تنمو في البراري، فإنّ جيل أبنائي قد توفّرت لهم رعاية صحّيّة وغذائيّة وتعليميّة، لكنّهم يعانون أيضاً هم الآخرون من مظالم الاحتلال، وفقدان الأمن الشخصيّ والعامّ.


*قلم جريء دافع عن حقوق المرأة، وحارب الجهل والتخلف، هل احتلت المرأة الفلسطينية مكانتها التي تستحق في المشهد الثقافي؟

– الثقافة لا تخضع للتقسيم الجندري، فهناك نساء مثقّفات وهناك رجال مثقّفون، وعلى المستوى الأدبي مثلا تفوّقت الرّوائيّة الجزائريّة أحلام مستغانمي على أغلبية الرّوائيّين العرب من المحيط الذي كان هادراً إلى الخليج الذي صار مطبّعاً. ويجب الانتباه ورغم التّربية الذّكوريّة عند كل الشّعوب وإن بتفاوت، فإنّه ليست كل النّساء ملائكة ولا كل الرّجال شياطين، فكلاهما بشر، ولكلّ منهما دوره في الحياة.


*الخاصرة الرخوة والمطلقة رواية بجزءين، لاقتا صدًى واسعاً من النقاد، واهتماماً، انتصرت للمرأة بجرأة، هل سيكون هناك جزء ثالث لتكون سلسلة مناصرة لقضايا المرأة ومحاربة للجهل؟

– نعم أنا أكتب الآن رواية “اليتيمة”.


*الحفيدان لينا وكنان، هل دفعك حبُّهما للكتابة للأطفال؟ أم لكونك كاتباً قادتك الكتابة لتعبّر عن هذا الحب بكتابة القصص لهم؟

كنان هو سبطي ابن بنتي أمينة هو أوّل حفيد لي، ولينا بنت ابني قيس هي الحفيد الثّاني، وهناك ابن وبنت شقيقان لكنان، وشقيقة أخرى للينا، وباسل ابن بنتي لمى، هؤلاء الأطفال هم أحبّ النّاس إلى قلبي، وهم مَن أوحوا إليّ بالكتابة لهم ولغيرهم من الأحفاد، وأعتقد أنّني قد فتحت الباب لكتّاب آخرين ليكتبوا لأحفادهم. ولا يمكن لمن ليس جدّاً أن يكتب للأحفاد لأنّه لم يمرّ بهذه التّجربة، وبالتّالي فهو لا يعرفها على حقيقتها.


*كيف تصف المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ على مستوى العالم العربيّ؟

إن هُزمنا سياسيًا وعسكريًا كعرب، فلن نهزم ثقافيًا، فنحن ورثة ثقافة عريقة لا تموت ولن تموت.


*هل حققتَ مشروعك الأدبي الذي سعيتَ له، أم أنك تتطلّع للمزيد؟

طبعاً لا… ولا يستطيع أحد مهما كان أن ينهي مشروعاً أدبيّا، وبحكم العمر سأغادر الحياة وفي خاطري أن أطالع آلاف الكتب المشتهاة التي لم تتح لي الفرصة لمطالعتها، ولن يُمهلني العمر المحدود أن أكتب كلّ ما يجول في خاطري، رغم أنّ الأفكار تتوالد باستمرار.


*يُعرَف عنك دعمُك للمواهب الشابة، ما هي الرسالة التي تقدّمها للمواهب الشبابية في بداية طريقها؟

عليهم بالمطالعة والمطالعة والمطالعة والاعتناء بلغتهم العربيّة.


هالة هادي : تعجبني أغاني ناظم الغزالي وزهور حسين

 


بيروت ــــ غفران حدَّاد

صوتٌ مغسولٌ بالندى والموسيقى ، مبللٌ بالدمعِ والمياه العذراء ،صوت يوسّعُ المطارحُ الضيقة ،يلامسُ الروح ويحملنا إلى الأعالي على متنِ غيمةٍ ملونة ،من أشهر أغنياتها : " صباحك ورد"،" قهوة حمد"، " جاز الأمر"، " عقباوي واسمر"،" داره قبال داري"،،" منسية"،" أسمر"،" من العين دي مرحبا "، "طير ياحمام"،" صبرنا يابو صابر"، وعلى صعيد التمثيل شاركت ببطولة مسلسلات" حارة أبو عواد، الشائعة، معقول ياناس ،طرفة بن العبد ،جلوة راكان" وغيرها من الأعمال.

وكالة الغربة حاورت الفنانة العربية هالة هادي وسألناها عن آخر أعمالها الفنية على صعيد الغناء فقالت: آخر الأعمال اغنية للثورة في لبنان سجلت وتصورت من قلب الثورة".

وعن أكثر ملحن شعرت انه ألحانه أبرزت موهبتها الغنائية للجمهور العربي بعد تعاونها مع كبار الموسيقيين والملحنين العرب امثال: محمد الموجي ،بليغ حمدي أشارت:" اول من لحن لي الفنان الكبير طلال مداح، والموسيقار بليغ حمدي والفنان محمد الموجي ، عبدالفتاح سكر، ناظم نعيم، وكل ملحن له مدرسته الخاصة والمتميزة بأعماله ".

الفنانة هادي لديها تجربة مع ابنتها لانا التي أخرجت لها كليب "أنا بالأربعة" فعن فكرة بداية التعامل معا وكيف وجدت أصداء هذه العمل أكدت :" ابنتي لانا عندها موهبة الفن ولكن لا تعمل به لها نشاطات عديدة وانا أحببت ان تخرج لي اغنية" انا بالأربعة "وكانت الفكرة بسيطة تعبر عن المرأة في مجتمعنا والحمد لله الاغنية نالت إعجاب الجمهور".


الفنانة هالة مطربة أردنية و تقيم في بيروت منذ سنوات طويلة فماذا تعني لها بيروت على الصعيدين الفني والإنساني فقالت: "بيروت هي الحضارة والجمال والثقافة بيروت فيروز وصباح و وديع الصافي وزكي ناصيف والرحبانية، ابنتي لبنانية وانا أيضا لبنانية الجنسية اضافة لجنسيتي الاردنية".

وعن رأيها في الأغنية العربية اليوم أشارت:" الأغنية العربية بخير بوجود مطربين وفنانين يحافظون على قيمة الفن ولا يصح الا الصحيح".

وعن استماعها للأغنية العراقية وبمن يعجبها من نجومها وروّادها بيّنت:" الأغنية العراقية تجري في دمي وإحساسي وانا مستمعة للأغنية العراقية من صغري ،ودائما اذكر الفنانين المخضرمين وتعجبني أصواتهم مثل ناظم الغزالي . زهور حسين. وحيدة خليل. عفيفة إسكندر . رضا الخياط . سعدون جابر".

وعن امكانيتها الغناء على أرض بغداد في ظل وجود جمهور كبير من المتابعين العراقيين أكدت:" أتمنى ويزيدني شرف ان أغني في العراق البلد الحبيب، عراق المحبة والفن الأصيل بلد العلم والعلماء وانا في بدايتي الفنية وكنت ما زلت في الخامسة عشر من عمري غنيت في العراق وسجلت في الإذاعة العراقية يا رب تعيد للعراق الأمن والأمان".

ختاماً عن جديدها على صعيد الأعمال الدرامية خلال العام المقبل أو في موسم شهر رمضان قالت:" ان شاء الله هنالك عمل مسلسل أردني عربي حيث كلمني المنتج الأردني عصام حجاوي عن العمل لكن لحد الآن ليس لديّ التفاصيل الكاملة للعمل".

سهير عودة : الأصوات الغنائية النسائية في الأردن قليلة لكن لها بصمة

بيروت / غفران حداد


مطربة أردنية تركت أغنياتها بصمة جميلة بين جمهورها العربي بدأت مع فرقة ميراج عام 1988 وقدمت معهم أغنيتين

هما "تقول أهواك،صرخة" وانت شارة المسلسل الكارتوني سالي الذي تابعه الكبار قبل الصغار إلى جانب احتراقها التمثيل وقدمت البطولة في مسلسلات "جواهر ،عليوة والأيام، دعاة على أبواب جهنم،راس غليص " ودبلجة عدة أعمال كارتونية مثل كارتون" التوأمان، مغامرات باسل" وغيرها الكثيرمن الأعمال المميّزة.

وكالة "الغربة" حاورت الفنانة الأردنية سهير عودة وسألناها عن آخر مستجداتها الفنية فقالت:" آخر عمل فني درامي هو مسلسل "الحي الشرقي" وسيعرض في شهر رمضان العام المقبل ان شاء لله ،هذا بالنسبة للدراما اما الاعمال الغنائية فلا جديد الان انا بحالة بحث عن كلمه جميلة او موضوع غير مطروق او لحن جديد يعيد الأمجاد كما يقال.


وعن سر خلود أغنية تقول أهواك ومقدر أقولك وغيرهما من الاعمال التي لاقت صدى كبير لدى الجمهور العراقي والعربي أشارت :"سر خلود اي اغنية او اي عمل فني يأتي بوقت سابق لزمنه يأتي بحلة جديدة وجميلة ومميزة غير مستهلكة وربما هذا سبب رئيسي لتلك الأغاني. 

الفنانة عودة لديها تجربة في غناء شارة المسلسل الكارتوني( سالي) و تركت هذه الأغنية بصمة في قلوب الأطفال والكبار وعن ذكرياتها مع هذه الأغنية و كيف تم اختيارها لأداء هذا العمل أكدت: "لم يعرض عليَّ حتى أفكر بإعادة التجربة ام لا بكل صراحة واتذكر حينما عرض علي غناء الإشارة كنت موجودة في الاستوديو لعمل اخر وهو دوبلاج لمسلسل كرتوني وعندما انتهيت طلب مني الاستاذ المرحوم موسى عمار ان اسجل الأغنية بصوتي وبخمسه دقائق تم حفظها ودخلت الاستوديو وسجلتها.

وعن المعوقات التي تواجهها اليوم على الساحة الغنائية أكدت:" لاتقدير كما يجب وكما يستحق اي فنان يقدم اعمال غنائية ودراميه ناجحة لا في الحق المادي ولاتقدير في المكانة الفنية".

متابعة عن تقييمها للصوت النسائي في الساحة الغنائية الاردنية:" لدينا أصوات غنائية نسائية قليلة ولكن لها بصمة بجمالها".


وعن إمكانية سماع صوتها بأغنية باللهجة العراقية أكدت :"من أحب الشعوب الى قلبي وأكثر الصداقات لي هو الشعب العراقي وحصل ان تعاونت في بداياتي مع ملحنين وكتَّاب عراقيين وابرزهم كاتب الكلمات كريم العراقي والملحن جعفر الخفاف وقمت بإعادة توزيع بعض الأغاني القديمة مثل أغنية وين اهلنه".

وعن رأيها بمستوى انتشار الأغنية العراقية اليوم قالت:" الأغنية العراقية فرضت نفسها بقوة في ساحه تزدحم بالأغاني العربية وتميزت بالأداء الراقي والمتنوع ".

وبيّنت سهير عودة عن إعجابها بأصوات بعض المطربين العراقيين:" بالدرجة الاولى كاظم الساهر واسماعيل الفروه جي ، سعدون جابر ،علي العيساوي وحاتم العراقي وهناك الكثير الكثير بدّهم مجلّد.

وعن سبب إنحنائها للتمثيل بعد نجاحها كمطربة أكدت :"ولماذا تسمينها انحنيتي انا لم أنحني للتمثيل بل ارتقيت لأكون ايضا فنانة شاملة تجيد أصعب الأدوار وتؤدي الاعمال الاستعراضية المسرحية والتلفزيونية وهذه مقدره تميّزني عن كثير غيري من الفنانين وللعلم انا بدأت مشواري الفني بخطين متوازيين الغناء والتمثيل إضافة للدوبلاج وهذا يعطيني استمرارية على الساحة الفنية بحيث لايقف بوجهي الزمن".

وعن أيُّ المجالين أصعب لديها التمثيل أمام الكاميرا أم الدبلجة بالصوت فقط أشارت سهير :"البدايات كلها صعبة ولكن مع المراس والتدريب تصبح مهنة وبالمحبة وصدق الاداء والتقدير تصبح عشق".

ختاماً بيّنت عن جديدها بعالم الدوبلاج :"لا جديد بالدو بلاج لان انتاجه اصبح قليلٌ جدا ومكلف مادياً للمنتج وعلى الأغلب كانت موجة كبيرة في الأردن وتقلصت.

بيا علوش : معظم الأغاني في أيامنا هذه لا تعيش أكثر من 3 أشهر



بيروت ـ غفران حداد


بيا علوش فنانة لبنانية شاملة برعت في كتابة الشعر الغنائي الخفيف و ‏التلحين والتوزيع الموسيقي الغربي ذو الإيقاع ‏العصري ‏الحديث.‏ بداية عام 2013 إهتمت ”بيا“ بتنمية موهبتها بتعلم العزف على الغيتار والبيانو وإنتاج أغانيها الخاصة من خلال كتابتها وتلحينها ‏بنفسها وأدائها. إصدارها الأول في نيسان عام 2013 كان تقديم أغنية ”يا ستي ‏يا ختيارة“ بطريقة عصرية وشبابية مختلفة كلياً عن ‏سابقاتها ‏.‏

وكالة "الغربة" حاورت الفنانة بيا علوش وسألناها عن آخر مستجداتكِ الفنية على صعيد التلحين والتوزيع الموسيقي وكتابة الشعر الغنائي فقالت :بإذن الله أتحضر لمشاريع جديدة بعد توقف مؤقت دام عامين بسبب وفاة والدتي اول عام 2018 وبعد أن انطلقت باللهجة اللبنانية ثم الإنجليزية ومؤخراً باللهجة البيضاء مع أغنية " ويـا الروح" الجديد سيكون باللهجة المصرية.

وفي الساحة الفنية نادرا ما نجد ملحن وموزع موسيقي امرأة ، فكيف راهنت علوش على النجاح وأثبتت وجودها فأكدت: أنا مازلت في أول الطريق وأحتاج الوقت لإثبات وجودي لأن الساحة مزدحمة أولاً ومسيسة ثانياً لذلك أعمل من منطلق موهبتي الصرفة كوني من عائلة فنية وأمتلك الموهبة في الموسيقى فعلاً وليس قولاً الى جانب موهبة الرسم والموهبة هي بطاقة دخولي المجال الفني فأنا لست دخيلة على المجال وبمجهود فردي وبدون دعم من أي شركة حتى الآن.

كشفت عن سبب قلة وجود ملحنين وموزعين موسيقيين في الساحة الفنية اليوم:  الأمر كله يتعلق بالموهبة الحقيقية حيث لا يمكن لأي شخص أن يدعي شيئاً لا يملكه وهي هبة ربانية حيث لا يمكن تعلم الموسيقى فقط إذا لم تتوفر الموهبة ومقوماتها من حيث إحساس الفنان وأفكاره وقدرته الإبداعية لذلك هم قلة في مجال الموسيقى وأغلب الموجود على الساحة هم دخلاء للأسف و منهم من يعتمد فقط على صوته دون النظر الى أن عنصر شخصية الفنان أي الكاريزما لها دور كبير في نجاحه الى جانب الدعم المناسب و حسن اختيار الأعمال.


بيّنت تأثير والدها الفنان وضابط الإيقاع الراحل مصطفى علوش ، في حياتها :هناك بعض من أولاد الفنانين لا يتأثرون بأسرتهم الفنية ليسيروا على خطاهم فليس بالضرورة أن يمتلكوا الموهبة والكاريزما والبعض الآخر تكون حجة له لدخول المجال الفني على أنواعه حتى لو لم يكن موهوباً. بالنسبة لي تأثير والدي وحده ليس كاف إن لم أمتلك الموهبة وأكوٌن شخصيتي الفنية التي تميزني حيث أني أعتمد على الكلمة الخفيفة والتوزيع الغربي في أغلب إنتاجاتي.

مشيرة عن سبب إعادتها صياغة لحن وتوزيع وأداء أغنية يا ستي ياختيارة ومحاولتها إحياء الفلكلور التراثي للغناء اللبناني أكدت: أنا لم ألجأ لأحياء الفلكلور والأغاني القديمة كلها فقط أخترت " يا ستي يا ختيارة" لتكون صورة عما أريد أن أقدمه للجمهور و هي أغنية شعبية كلماتها خفيفة أحبها و أرددها كثيراُ عملت عليها و تناسبت مع التوزيع الغربي الذي أجيده و كانت التجربة ناجحة مهدت لتقديم أغاني جديدة كلياً.

وعن سبب تصريحاتها الفنية بانها ليست مغنية بل ملحنة وموزعة موسيقية وشاعرة فقط قالت: الغناء ليس سهلاً فهو يحتاج إمكانيات صوتية وتقنيات عند المغني حتى يتم اعتباره مطرباً وأنا لست كذلك. إذا كان الجمهور يرى صوتي جميلاً هذا رأيه ويسعدني كثيراً لكن أشدد على أني أضع صوتي على الأغاني التي أقوم أنا بتأليفها من الألف الى الياء مع استعدادي لتقديم أعمالي لمن يرغب من المغنين. ودخولي المجال في الأصل هو لتقديم أفكار وتجربة غنائية شبابية عصرية جديدة لا أن أكون مغنية زيادة عدد وأفضل لقب فنانة فهو ينصفني وليس مغنية ولا مطربة.

قيّمت علوش رؤيتها لمستوى انتشار الأغنية العراقية: تمتاز الأغنية العراقية عامة بغنى مقاماتها و إيقاعاتها و القوالب الغنائية مثل الموال والنايل و السويحلي وغيرها و بالكلمة و اللحن الحزين والشجن الذي يميل إليه المستمع العربي بخلاف الأغنية الإيقاعية الفرحة لذلك حافظت على شعبيتها و نجاحها من الانحدار الفني الذي نشهده منذ عام 2000 حتى اليوم مع التحفظ على بعض الأعمال التي تصنف في خانة الأغنية التجارية حيث معظم الأغاني في أيامنا هذه لا تعيش أكثر من 3 أشهر بينما أغاني التسعينات وما قبلها مسموعة و بقوة حتى بين أوساط الشباب. ومن مننا لا يزال يستمتع بـ " عبرت الشط" وأغاني الأستاذ ناظم الغزالي و أداء الأستاذ إلهام المدفعي و غيرهم من المبدعين فالأصيل يبقى أصيلا لو مهما جرى عليه الزمن.

عن إعجابها بأعمال ملحنين ومطربين عراقيين أشارت :ليس لدي ملحن أو مطرب مفضل محدد فأنا بشكل عام تجذبني كل أغنية جميلة وكل أداء بإحساس صادق بالإضافة أنني غالباً أستمع الى الأغنية الغربية معظم أوقاتي.

وردت عن إمكانية سماعها بعمل مشترك وتعامل فني مع مطربين عراقيين : يسعدني ذلك بالطبع فأنا لم أحدد نفسي بلهجة معينة شرط أن تكون ضمن إمكانياتي وأحاول مع كل إصدار جديد التنويع وتقديم الأفضل للجمهور.

كريستينا حدّاد :تعجبني أغاني كاظم الساهر

 


بيروت/ غفران حداد


مطربة لبنانية لها جمهورٌ يعرفها ويحبّها ويتبعها في حفلاتها، شهرتها لم تصل بعد إلى ما تستحق، ربما بسبب تتّبعها خطّ الغناء الغربي والجمهور العربي قد إعتاد على سماع الغناء الشرقي،ولا تريد أن تغيّر لونها الغنائي لأجل الشهرة السريعة . 


وكالة(الغربة ) حاورت المطربة كريستينا حدّاد وسألناها عن آخر مستجداتكِ الفنية على صعيد تقديم الأغانِ والحفلات:" لقد أطلقتُ أُغنيتي الأولى في صيف ٢٠١٩، "أُحبُّني" "ouhibbouni" وهي من كلمات الممثل بديع ابو شقرا وألحان كميل شمعون. كما إني مستمرة في تقديم حفلاتي الثابتة في لبنان، الاردن، دبي ومصر.


و كثير من الأصوات العربية غنت أغانٍ غريبة ولم تنجح مثلما قدمتها فعن سر نجاحها في غناء الاغاني الغربية تؤكد كريستينا:" يوجد مثابرة، حظوظ وجهود في كل مجال مهني. المواهب التي تغني الاغاني الغربية كثيرة ورائعة وبحاجة إلى دعم. لا يوجد وصفة ثابتة للنجاح، أنا اجتهد، أغني واعشق المسرح والناس وهذا الشعور يحسّه الناس بصدق.. الناس تشعر اني صادقة. انا لا استطيع ان أُقيّم نجاحاتي.



بيّنت حدّاد عن آلية عمل الإعلام العربي في عدم تسليط الضوء بالقدر الكافي حول نجوميتها مقارنة بالحديث حول مغنيات يعتمدن على اللوك والعري للوصول إلى الشهرة فهل هو تقصير منها بعدم التواصل مع الإعلام العربي ام منه فتقول : موضة التعرّي قديمة وكل شئ صادم يلفت أنظار الناس والإعلام. لم ولن تكون هذه سياستي ولست مهتمة إلى تسويقي بهذه الطريقة حتى لو الشهرة أسرع.. انا اقدم قناعاتي وشغفي في الغناء. التقصير بصراحة كانت من الإعلام الذي يظنّ أن الاغاني الغربية لا تجذب المستمع العربي.. لهذا السبب الاهتمام بهذه المواهب كان خجولا.. اليوم ومع البرامج المنقولة عن الغرب تحسن الوضع قليلا ولكن الدعم ما زال ضعيفا إلى حد ما.



وحدثتنا عن بداية دخولها عالم الغناء فقالت:" البداية كانت في حفلات الكاراوك "karaoke" حيث شعرت آنذاك أن الناس تحب صوتي وطريقة ادائي. فمن خلال إحدى المسابقات في الغناء حصلت على عقد عمل حدد مسيرتي الفنيّة.


وتتابع أصداء أغنيتها الجديدة “احبني” كلمات بديع ابو شقرا، الحان كميل شمعون بين الجمهور فتقول:"الأصداء رائعة وقدمتني إلى جمهور لا يعرفني ولكنه فهمني بسرعة فائقة.. خاصة النساء التي شعرت بأن الأغنية تحاكي داخلهن.


وعن رأيها بمستوى الأغنية اللبنانية اليوم:"أنا لا استطيع ان أقيم ولكن كمستمعة وككل الأزمان يوجد اغاني لذيذة جدا وأغاني لا طعم لها.. انا أختار ما يعجبني وأمسح ما لا أحب.. ولكني أستمع إلى كل شيء.


وعن إعجابها بنجوم الأغنية العراقية أكدت:"سأكون صريحة جدا.. طبعا اعرف كاظم الساهر واحب أغانيه القديمة ولكني لست على إطلاع على فنانون جدد من العراق.. انا احب الشجن في الأغاني الخليجية بالعموم ولكني لست مستمعة دائمة.. اعرف الأغاني التي اشتهرت في لبنان وكان لها أصداء رائعة.


مشيرة:"اني اغني الاغاني العربية في حفلاتي ليس فقط الغربي.. ويشرفني ان اغني باللهجة العراقية اذا كان العمل يليق بطبيعة صوتي".


وعن ما المعوقات التي تواجهها في الساحة الفنية أشارت :"أكبر المعوقات هو الإنتاج والدعم المادي.. لدي أفكار كثيرة ودسمة لكن تعذر المادة تبقي الأفكار والأحلام صغيرة وخجولة.. انفّذها ولكن بحجم صغير مع الدعم البسيط الذي استطيع الحصول عليه.. الان وقد وقعت مع شركة "ميوزك ساغا" "Music Saga" وهي شركة لإدارة أعمالي الفنية، ان شاء الله قريبا نحقق كل آمالنا مشاريعنا.


كارلا بطرس : الدراما اللبنانية لها مستقبل وجمهور عربي كبير

بيروت/ غفران حدَاد



كارلا بطرس ، ممثلة وعارضة أزياء لبنانية. شاركت ببطولة العديد من الأعمال العربية واللبنانية المميزة نذكر منها مسلسلات "الهيبة، ورد جوري، جريمة شغف، الإخوة" وعلى صعيد السينما قدمت أفلام "فيتامين"، "باباراتزي" و"ويلكم ليبانون"، خليك معي" وعلى صعيد المسرح بطولتها في مسرحية "شمس وقمر"..


وكالة الغربة اتصلت بالفنانة المبدعة كارلا للحديث عن آخر مستجداتها الفنية ...قائلة:" انتهيت من تصوير فيلم سينمائي كوميدي عائلي بعنوان "The Weekend" سوف يعرض في صالات السينما اللبنانية مع الممثلين الفنانة شيراز والممثل فؤاد يمين اخراج وكتابة سامي كوجان ومن انتاج "Day Two Production".ويعرض لي الان مسلسل }ميادة وولاد{ على قناة BN دراما ويشاركني البطولة الفنانة شكران مرتجى وفادي إبراهيم ، ونخبة من نجوم الفن السوري واللبناني، العمل يعرض كل يوم سبت وأحد وهو مسلسل كوميدي منفصل متصل ينتمي لفئة السيت كوم تأليف وإخراج مصطفى سليم ".، كما عرض لي مؤخراً عبر الفضائيات العربية مسلسل "ما فيّ" الذي شاركت به مع نخبة من النجوم ولاقى صدى طيبا بين الجمهور.

وكشفت عن سبب نجاح وخلود اعمالها الدرامية لدى الجمهور أكثر من أعمالها السينمائية :من الصعب المقارنة بين أفلام السينما بالمسلسلات حيث أفلام السينما لديها جمهور مختلف عن الأعمال الدرامية وبتكون ضئيلة أكثر وفي التلفزيون المسلسل يعرض بشكل يومي ويتعوّد المشاهد علينا ضمن كاريكتر معين لوقت طويل في ستين حلقة وتعرض على عدة قنوات فضائية ونسبة المشاهدة لها عالية وأنا أحب الدخول بأفلام سينمائية تصوّر لوقت قصير تناسب وضعي العائلي او الشخصي .


وعن تقِيمها لمستوى الدراما اللبنانية أجابت: الدراما اللبنانية تتحسن والانفتاح الذي تتحلى به جميل من حيث الصورة والقصص الإنسانة التي نعيشها على ارض الواقع تنبعث من يومياتنا ولها مستقبل جيد جدا ولديها جمهور عربي كبير ونعرف ذلك من خلال لقاءاتنا بالجمهور الذي نلتقيه أينما يكون عندما نسافر ومتابعينا بشكل جيد وحافظين حتى أسامينا في الشخصيات الدرامية التي نقدمها.

وبيّنت كارلا عن كيفية اعتمادها واختيارها لأدوارها الفنية: اختار شيء من كل شيء أولا حين أقرأ السيناريو ان اعشق القصة والدور الذي سأقدمه والنص يكون لذيذ ويغريني ان أقدم شيء جديد وان يكون العمل الذي تنتجه الشركة راقٍ ويكون فريق العمل متكامل من وجود ممثلين مميزين ومخرج مبدع.

وعن الشخصية الفنية التي تتمنى تقديمها أشارت: أحلم بأداء دور امرأة قوية في السلطة أو الثورة مثل زوجة رئيس جمهورية قالت شيء في التاريخ وأيضا لشخصيات فنية مثل الفنانة سامية جمال ونجوى فؤاد والفنانة العالمية داليدا وحبيبة نابليون ،أحب العب أدوار لها وقع في العالم العربي والسياسة العالمية أعشق هذه الأدوار المركبة والصعبة .


عن متابعتها للدراما العراقية عبر الفضائيات قالت: بصراحة لا اتابع كثيرا للدراما العراقية لكن أكيد أحب أكون موجودة بدور بإحداهن .

وبيّنت هل ستوافق في حالة عرض عليها دورا باللهجة العراقية رغم صعوبة اللهجة: أكيد الممثلة العراقية ستؤدي الشخصية باللهجة العراقية أفضل بكثير لكن يشرفني ولدينا الانفتاح والعمل في الدراما العراقية والجميع اخواتنا والدراما العراقية عندما يكون فيها عمل مشترك من أكثر من جنسية عربية لبناني ومصري وسورية وأردنية وحتى من المغرب العربي سوف تنتشر كثيراً على مستوى الوطن العربي.


وبعد هذا المشوار الفني الحافل بالنجاحات لا تعتقد أن جمالها كان من أهم أسباب اسناد الأدوار الفنية لها فتقول: لا أرى نفسي جميلة ولكن ربما لديّ حضور ومن دون شك التمثيل بأول دخول له يحتاج الى شكل يلفت للنظر خاصة بأدوار سيدات القصر والسيدات الجميلات وسيدات فاعلات وقويات ولا أحب ان أركز عن هذا الموضوع وأكيد من خلال متابعتكِ لأعمالي أنا لا أحب التركيز على الشكل بقدر على مضمون الشخصية وعلى أدائي وإحساسي.

وبعد وفاة زوجها المهندس جوني ربيز، ومسؤولية تربية بناتها وتأثيره على مستوى عطائها الفني أكدت : مثل كل سيدة سيكون لديها اضطرابات ومسؤوليات كبيرة وستربي أولادها وحدها وحتى الآن المسؤولية متواصلة حيث ابنتي طالبة مرحلة أولى في الجامعة وأنا على طول الوقت مشغولة معهم لكن في الآخر انا مسؤولة عن بناتي ويهمني إكمال حياتهن الجامعية والشق الفني يأتي بعدها وأهم شيء يكنّ نساء قويات ونقدم جيل راقٍ ومثقف وجميل وتحياتي لكِ ولأهل العراق ويارب السلام الدائم الذي نحلم به ونصلّي لكم ولكل بلدانا العربية.

رفقا الزير ل "وكالة الغربة" : يشرفني المشاركة بعمل درامي عراقي

 


بيروت ـــ غفران حدَّاد


هي من الوجوه المحبوبة على الشاشة اللبنانية شاركت بعدة اعمال مميزة مسلسل ” لأنك حبيبي” ، ” سكت الورق”،” أكابر”، "بالقلب"، "شوارع الذل " إنها الفنانة اللبنانية القديرة رفقا الزير التي تحدثت ل"وكالة الغربة "عن التجربة الأولى لدخولها عالم الفن قائلةً:" دخلت من باب الهواية التي كانت ترافقني منذ صغري وانا جدّ سعيدة بهذه التجربة من اجمل تجاربي وكانت ابنتي جوزيان الزير اول من شجعني. التمثيل عالم ثاني عندما يكون عندي مسلسل رغم التعب اكون سعيدة رغم العذاب اكون سعيدة انه يجري في دمي لم ولن اندم على شيء.


مبينة:" تجربتي الأولى كانت مضحكة بعض الشيء ..كنت في مسلسل من احلا بيوت براس بيروت للكاتب الكبير مروان نجار هو الذي اختارني لهذا الدور وكان بدايتي في التمثيل كنت زوجة الممثل العظيم الكبير غسان اسطفان وكنت اقدم له فنجان قهوة وعندما ابتداء التصوير اصبحت ارتجف مثل الورقة في مهب الريح كنت خائفة منه ولم أكن اصدق انني اقف امامه .. ولكن لشدة محبتي للتمثيل قررت ان اكون قويه وهكذا استمريت بهذا المجال".



وعن النجاح للأعمال التي شاركت ببطولتها مثل موجة غضب وحنين الدم ومشيت".

للأسف موجة غضب توقف عرضه حالياً بسبب ظروف الثورة في لبنان الحبيب كان يحكى عن قصص اجتماعية موجودة في عالمنا.. اما حنين الدم كان دوره قصير مع انه كنت أتمنى يكون اطول لأنه خطف انظار الجميع لأنه عرض على قناة الجديد والان يعرض على إل بي سي .

وأضافت ضاحكة :"كنت أتمنى لا أموت مبكرا وأشارت": اما مسلسل "ومشيت" كان دوره جميل ومركب احببته جداً لأني احب التغير في ادواري( على قد ما كرهتني الناس ) فيه عرفت انه كان والحمد لله حلو.



وترى الفنانة رفقا مستوى انتشار الدراما اللبنانية عربيا إنه :"رغم كل الظروف التي يمر بها لبنان ورغم ان دولتي لا تهتم (للفن) وهو مجهود شخصي أريد أهنأ كل شركات الإنتاج في لبنان فعلاً هم ابطال الذين يتحدون كل الظروف والحمد لله الانتشار اليوم افضل بكثير من ذي قبل.


وأكدت انها غير راضية على أجور الفنانين من شركات الانتاج.


وعن العمل درامي الذي تعتبره جواز مرور لقلوب جمهوركِ بيّنت:" مسلسل (قلبي دق) كان يحمل نكته ناعمة دخلت على قلوب كل الناس



وعن إمكانية مشاركتها بعمل درامي عراقي وباللهجة العراقية اكدت:" ممكن لمّ لا من خلال عمل مشترك عراقي لبناني ولي الشرف انه أشارك في مسلسل عراقي ولكن اتقان اللهجة العراقية اكيد يحتاج وقت وان شاء لله في الأيام القادمة يكون لي الحظ.

وعن ماذا تعني لها بغداد قالت الزير :" ما أجمل هذا السؤال .. بغداد كاظم الساهر .بغداد العظيمة لقد سافر زوجي سنه ١٩٨١ وأخبرني عن تراث بغداد الجميل وعن شعبها الطيب العظيم واتمنى ان يعود السلام لبغداد وكل دول العربية يا رب.


وعن امكانية زيارة العراق لو وجهت لها دعوة فنية فأكدت :"لي الشرف ان البي الدعوى لزيارة بغداد (قدّ ما اخبرني زوجي عنها ) اذا سنحت لي الظروف واتمنى السلام لبغداد العظيمة وكل الدول العربية.


سميرة خوري : الدراما الأردنية ليست في أحسن حالاتها

 


بيروت / غفران حداد

ممثلة أردنية قديرة عملت في بداية حياتها كمدرسّة لمدة 16 عاماً وكانت مغرمة بمتابعة البرامج الإذاعية، حتى طُلب منها تقديم دراما بسيطة في برنامج الأسرة، وحين لمس الشاعر الراحل (عبدالرحيم عمر) أدائها، طلب من (أحمد قوادري) منحها دوراً في عملاً مسرحياً بعنوان (الأستاذ)، لكن عائلتها رفضت فكرة عملها بالتمثيل، حتى أقنعهم الإعلامي (مروان دودين) بذلك. شاركت في عدة مسلسلات درامية، مثل: (قرية بلا سقوف) 1982، (القرار الصعب) 1992، (التغريبة الفلسطينية) 2004، (معاوية بن أبي سفيان) 2010، .. وغيرها الكثير.

انها الفنانة المبدعة القديرة سميرة خوري التي كانت في ضيافة وكالة الغربة، حاورناها عن بعض مشوارها الفني في سياق اللقاء التالي.

* لاحظنا في الفترات الأخيرة قلة تواجد الفنان الأردني على الشاشات العربية ما السبب؟

توقف الفنان الأردني عن العمل لأنه ما عاد هنالك سوق لتسويق الاعمال الأردنية ولا يوجد إنتاج، و المحطات العربية تضع شروط معينة لمواصفات العمل الذي تريد أن تشتريه فإذا ما كان العمل ضمن مواصفات عالية لشخص فرد لا يستطيع إنتاج هكذا أعمال فإن لم تنتج الدولة الأعمال فنحن سنبقى بلا عمل ونرى غيرنا بأعمال وأحنا قاعدين نتحسر .

* شاركتِ في العديد من المسلسلات التي تركت بصمة لدى الجمهور العربي والعراقي ولكن أدواركِ في مسلسلات (العزيمة، آخر أيام اليمامة،التغريبة الفلسطينية ) البصمة الأجمل فماسر تعلق الجمهور بهذه النوعية من الأعمال ؟

الجمهور يتعلق بالأعمال التي تدخل وجدانه فحين يكون العمل يحمل قضية وتلامس ظرف من ظروفه النفسية أو الاجتماعية فأكيد يتعلق بها خصوصا اذا كان إنتاجها قوي جدا والنص جيد والتمثيل قريب من القلب اكيد يتعلق به لكن لاحظت ان مسلسل التغريبة الفلسطينية والدرب الطويل هما أكثر عملين تعلق بهما المشاهد وقد دعيت للذهاب الى فلسطين لتكريمي وكانت اللجنة المكرمة وهي ملتقى المثقفين المقدسيين والتكريم تم في جامعة القدس تم عرض بعض المشاهد من مسلسل الدرب الطويل ثم قام الدكتور حسن عبد الله بتقديمي للمشاهد الفلسطيني وعند صعودي الى المسرح صدقيني مشهد لن لنساه طول عمري الزغاريد والتصفيق والبكاء كل هذا طبعا ردود فعل عمل فلسطيني دخل وجدانهم وعبّر عن أحاسيسهم، ومعاناتهم وكان هذا العمل هو الوسام الذي لخّص مسيرتي الفنية على مدار اربعين عاماً .


* أين أنتِ اليوم من المسلسلات البدوية؟ وما سر نجاحها وخلودها على أيدي الممثلين الاردنيين ؟

معظم الفنانين الأردنيين يتحدثون اللهجة البدوية فعندما يشاهدون مسلسل بدوي يشعرون بالسعادة انه الفن يتحدث بلسانهم ويتهافتوا على رؤية هكذا مسلسلات هذا أولا و ثانيا لأن الفنان الأردني الأكثر اتقانا بلهجة البدوية ويشعر المشاهد انه الممثل أصله بدوي يتحدث بلسان البدو ان كان ممثل أو ممثلة وثالثا لدينا في الأردن خبراء في الأعمال البدوية من حيث كتابة النص من حيث الملابس الخاصة بالبداوة من حيث البيئة التي يتم اختيارها للتصوير من حيث الاكسسوارات الخاصة التي يستخدمها الممثل أو الممثلة مثل الجدائل للشعر أو اليشماغ للرجل والأهم من كل ذلك ان يكون المخرج ملماً بحياة البداوة، حيث يجب أن يعرف كل صغيرة وكبيرة لا يعرفها إلا المختص بحياة البدو وان غفل عنها المخرج فورا يشعر المشاهد بالخلل مثلا كيفية استخدام البارودة وكيفية يحلبون الأغنام وطريقة الطبيخ على الحطب هذه التفاصيل جدا جدا مهمة ، وبالنسبة لي انا جدا اعشق الأعمال البدوية وبزمني مثلت أعمال بدوية كثيرة جدا ولكن بحكم العمر والأعمال البدوية جدا مرهقة في التصوير ان كان في الصيف او في الشتاء بحكم الديكورات تكون خارجية ولكن اذا عرض عليّ عمل بدوي ممكن اوافق عليه لكن ما يكون مرهق ومتعب .

*على ماذا تعتمد الفنانة سميرة خوري في اختيار أدوارها؟

بالنسبة لي أنا أهم شيء عندي النص ، ان يكون النص جيدا بمعنى هل سيرتقي هذا النص بذائقة المشاهد ويزيد من ثقافتهِ ومعرفتهِ الحياتية وثاني شيء دوري في هذا النص هل سيكون هذا الدورة مناسبا لي وهل يضيف لي على خارطة اعمالي التي عاشت تاريخي الفني على مدى كل هذه السنين ، وثالث شيء المخرج يجب أن يكون صاحب خبرة فنية يحول الأحداث إلى واقع يعيشه المشاهد وسماعه ويقربه من الحدث كأنه جزء منه

*كيف ترين واقع الدراما الأردنية اليوم؟

الدراما الأردنية اليوم ليست في أحسن حالاتها، وهي كذلك منذ مدة طويلة، منذ مرحلة الثمانينات بعد أن كانت تتصدر اعمالنا تتصدر التلفزيونات العربية

تحلق في سمائها وتدخل كل بيتٍ فيها وبعد حرب الخليج وما حصل من مواقف معروفة لا داعي اذكرها الآن ،توقفت تلك الدول عن شراء أعمالنا وبالتالي توقف إنتاج الدراما وشلّت حركة الفنان بشكل عام علما ان علاقاتنا مع تلك الدول عادت إلى طبيعتها بعد فترة وجيزة ولكن أصحاب القرار لم يفكروا بإعادة الانتاج ،وبنفس الوقت المنتج الخاص لم يعد بقدرته ذلك لان السوشيال ميديا وضع حدا لمعايير ومواصفات الأعمال المنوي شراءها مما جعل التكلفة عالية جدا حرمت المنتج الخاص من القيام بأعمال تُغني عن اهتمام الدولة لهذا الأمر .

* أين أنتِ من السينما اليوم؟ وكيف تقيمين مستوى السينما الأردنية؟

لم تكن السينما مطروحة في حسابات المنتج الأردني لكن كان هناك بعض الأعمال الفردية والمتواضعة شاركت في إحداها للمخرج وجدت إنزور وهو فيلم تلفزيوني وليس سينمائي بعنوان زيارة غير عادية وبقي الحال هكذا حتى عام2018 , وفي هذا العام لما مؤسسة (فجرنا ) بإنتاج فيلم روائي طويل من نوع الأكشن دراما بعنوان "صباح الليل " تأليف عايدة الأمريكاني وإخراج ناجي سلامة شاركت به مع مجموعة كبيرة من الفنانين الاردنيين وتم افتتاحه تحت رعاية سمو الأميرة ريم علي عام 2019 وارجو ان يكون بداية ناجحة وحقيقية للسينما في الأردن

*التلفزيون لم يدعم الفنانين الأردنيين الروَّاد بشكل يليق بتاريخهم الفني فتوجهوا للعمل في الدراما العربية فكيف تقيمين هذه الانطلاقة؟

طبعا توجه المبدعين والروّاد إلى الخارج خطوة إيجابية يواصلوا العمل الفني في الخارج وليظهروا للقاصي والداني انه يوجد فنان اردني مهم ترفع له القبعة و ثانيا ليظهروا لأصحاب القرار في الأردن ان الفنان مطلوب خارج الأردن مثله مثل أي فنان عربي ، ومع ذلك لا حياة لمن تنادي ولا يعترفون و لا يعرفون أن الفنان الحقيقي في اي بلد هو الصورة الحقيقية لمستوى حضارة وثقافة ذلك البلد وحتى الآن لا تغيب عن بالي اليافطات الكبيرة التي كانت تزيّن شوارع بغداد أيام ما كنا نذهب لحضور مهرجانات بغداد ،لتقديم عروض المسرحية ومكتوب عليها البلد الذي ليس به فنانون كبار ليس به سياسيون كبار ، نعم ..نعم تحية اليكِ يا بغداد .

*ما زالتِ تحملين لقب فتاة الشاشة الأردنية رغم السنين التي مرت فماذا تعني لكِ الألقاب؟

الفنان الحقيقي عندنا يطلق عليه الجمهور الذي يحبه ويقدره شيء رائع يعطي للفنان الاعتزاز بالنفس والمزيد من العطاء باللقب مثلت الذي أطلق على فاتن حمامة

سيدة الشاشة العربية وعلى منى واصف سنديانة سوريا وعلى عبد الحليم حافظ العندليب الاسمر، يموت الفنان ويبقى حاملا للقب انه لقب حقيقي وليس منتزعاً لمصالح شخصية.


د. غادة شبير : نبشَت كنوز الألحان في بلاد ما بين النهرين

 


بيروت / غفران حداد

غادة شبير مطربة وموسيقية مبدعة وتعد من أبرز الأصوات  على الساحة الغنائية اللبنانية حاصلة على  شهادة  الدكتوراه في العلوم الموسيقية، منحت غادة   جائزة بي بي سي العالمية للموسيقى لكل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لألبوم "موشحات" ، ومن البوماتها أيضا ألبوم بعنوان" قوالب" و آل قصيدة"

وغيرها عشرات الأغاني والأعمال المميزة الأخرى .

وكالة الغربة  في استراليا اتصلت بالفنانة الدكتورة غادة شبير وحدثتنا عن بعض من مشوارها الفني في سياق اللقاء التالي.

*د غادة. صرحت مرة أنكِ لو خيّرت بين الغناء والبحث الموسيقي، لاخترتِ الثاني دون تردد  ، لماذا رغم ان الغناء هو من ادخلكِ لقلوب الجماهير العربية؟

نعم إنّي أعشق البحث العلمي والتحليل الموسيقي المقامي. وأحبّ أن أكتشف الجديد في النغم والإيقاع والجمل المبتكرة التي أضافَت الجديد على العصر التي هي فيه. إنّما الغناء أيضاً يعني لي الكثير خاصّةً أنّي ألحّن وأعشق أن أعني ما أقوم بتلحينه اليوم.

*تنتهجين في غنائكِ الأصالة وتسعين للمحافظة على التراث و الهوية الموسيقية، كيف راهنتِ على النجاح وانتِ تغردين خارج السرب والساحة الفنية مليئة بأشباه الفنانين؟

نحن نعيش في زمن السوشيال ميديا وكل ما نقوم به يعرض للناس علناً. وهذا شيء جميل ومهمّ لانتشار الفكر الموسيقي والعلمي وانتشار الصوت على أوسع نطاق. أمّا بخصوص السعي للحفاظ على التراث، فهذا يعود إلى إمكانياتي العلميّة ومعرفتي بالتاريخ، تاريخ الغناء القديم بأشكاله. وأشعر أنّي مسؤولة عن الحفاظ على هويّة الأشكال المغنّاة، وأنّ التقليد لن يؤدّي بنا إلاّ إلى خسارة الطابع النغمي والمقامي والموسيقي واللّحني... إلى جانب أنّني أحب وأتمتّع بالحفاظ على هذا الموروث الغنائي.

*كيف تشاهدين الوضع الراهن في العالم العربي وأثره في الموسيقى والأغنية العربية؟


الوضع الراهن من الناحية السياسيّة أو الفنيّة؟

أعتقد أنّنا أمام هلاك كبير بما يخصّ السياسة وتأثيرها على العالم بأكمله. فنحن نغوص في حروب ودمار وسياسات تعرقل مشاريع علميّة وطنيّة وفنيّة ودراسيّة مهمّة. وبات الفنان العربي يبحث عن سبيلٍ للبقاء على أن يبتكر الجديد في الفنّ. فإنّنا اليوم نعير الأهميّة إلى معاناة المجتمع والناس، فتصبح بذلك الموسيقى ثانويّة ربّما. فالغناء والموسيقى للفرح مبتورٌ إلى حدٍّ ما. وإنّي شخصيّاً أرى نفسي حزينة وخجولة من الّذين يعانون في بلدي وخارجه، من كلّ الأزمات وخاصّةً المرضيّة منها والجوع والتشرّد والقتل الذي أصبح منتشراً إلى حدٍّ كبير اليوم إلى جانب الهجرة.

*من مدة نلتِ شهادة الدكتوراه في علوم الموسيقى، وكان عنوان بحثكِ: «تقنية الغناء العربية بين التجويد القرآني والترتيل السرياني»، الدراسة و البحث والتبحّر في كنوز الموسيقى العربية ماذا أضافوا لموهبتكِ؟

البحث والتبحّر في كنوز الموسيقى العربيّة أضافوا إلى موهبتي التمكّن والقوّة والإرادة في إعطاء الرأي بأيّة معلومة أريدها. أضافوا لي الثقة في النّفس والمعرفة الكبيرة في التاريخ والغناء والمقام والصوت وغيرها. وأرى نفسي قادرة على تحقيق ما أريد في العلم الموسيقي طالما أنّ الأساس ثابت. وفي موهبتي شعرتُ أنّ النضوج في الأداء أصبح ظاهراً وأنّ القدرة والتمكّن في امتلاك الذات عند تناول جملةٍ غنائيّة أصبح أكثر وعياً ودرايةً. من هنا أعتبر انّ العلم هو أساس كل موهبة صوتيّة.

* رأيكِ بإعتقاد البعض ان تراجع الأغنية العربية بسبب تجّار الموسيقى والإعلام ؟

تراجع الأغنية العربية اليوم سببه عامل السرعة في كلّ ما نقوم به وكل ما نريد الوصول إليه. ففي الماضي، كانوا يؤلّفون لحناً وينتظرون أشهر وسنين ليصل إلى العامّة من الناس ويحلّلون هذا العمل، فإن أخذ حقّه، اعتبر العمل ناجحاً وانتقلنا إلى آخر. وإن فشل هذا العمل، بحث المؤلّف عن طريقة أو نمط جديد في اللّحن ليعود به إلى مستمعيه. أمّا اليوم فهذا الموضوع أصبح خارج الحسبان. فإنّنا أمام الكمّ الهائل من الفنّانين ومن الأعمال السريعة البسيطة والصغيرة التي تموت بسرعة لتلد أغنية أخرى. نعم الإعلام وتجّار الموسيقى لهم اليد في تحوّل الأذن العربيّة السامعة والناقدة المرهفة والمثقّفة إلى أُذُنٍ تهوى الموسيقى للترف والتسلية فقط. إنّما أيضاً نحن مسؤولون أمام الناس والمجتمع الفنيّ الكبير عمّا نقوم بتقديمه. فعندما نرفض تقديم الرخيص من الألحان، ستتغيّر نظرة وطلب الشركات والإعلام تجاه هذا الفن فيتعاملون معنا بشكلٍ مختلف خاصّةً وأنّ الأصوات العربيّة اليوم غنيّة جدّاً ولدينا مواهب كبيرة تعدُ بمستقبلٍ كبير. إنّما الملحنّون يحتاجون إلى التعمّق بتاريخنا العربي المقاميّ والاقتناع منهم بالعمل على هوية تردّ لنا خصوصيّتنا.

*هل تستمعين للمقام العراقي القديم والأغنية العراقية اليوم؟ من يعجبكِ من نجومها؟

أنا صراحةً وبكلّ شفافيّة أحبّ ناظم الغزالي وأعشق الطريقة التي يغنّي فيها. كما تبهرني ارتجالاته للمواويل ومعرفته الكبيرة بالمقامات العربيّة وأعتبره كنز من كنوز الفكر والعلم الفنيّ في العالم العربي اليوم. اليوم هناك أعمال جميلة مهمّة أيضاً ، إنّما تختلف في بساطتها عمّا أسمعه وأحبّه عادةً. فأنا لا أعشق الجميل من حيث اللّحن فقط، ولا أنغرّ بالكلمة العذبة، لأنّي أهوى الصعب في استعمال الصوت والمقام والنغم، وهذا لا يتحقّق إلاّ بتأليفٍ صادق متَّزِن ورصين، فيه العلم والمعرقة في آنٍ معاً.

* لو وجهت لكِ دعوة للغناء لجمهوركِ العراقي هل ستلبين الدعوة ؟

طبعاً ولما لا ألبّي دعوةً كهذه وأنا الباحثة والمطربة التي نبشَت كنوز الألحان في تكريت والموصل وبلاد ما بين النهرين، وأعرف ألحانها وقيمتها، وأعرف أنّ الشعب العراقي بنى سمعه على هذا المخزون الكبير وهو شعباً أصيلاً وله أذن ذوّاقة.

*من أغنياتكِ (لي حبيب،روحان،ايها المولع،يا شقيق الروح، هجرني) أيّ أغنية الأقرب لروحكِ؟

أحبّ أغنية لي حبيبُ للملحّن وجدي شيّا وكلمات الأستاذ عبد العزيز سعود البابطين، كما أحبّ أغنية روحان للملحّن جاد غانم وللشاعر نفسه. ولكنّي أتمتّع بغناء كلّ أعمالي التراثيّة منها والحديثة.

*ما جديد الفنانة د.غادة شبير؟

جديدي أغنية ستصدر قريباً على مواقع التواصل الاجتماعي من شعر فتاة العرب ولحني وأدائي، فانتظروها. إلى جانب أعمالٍ أخرى أقوم بتحضير بعض الفيديوهات لها لإصدارها عمّا قريب.

شكراً لكِ على هذه المقابلة والأسئلة القيّمة، على أمل أن نعود إلى الحياة الطبيعيّة بإذن اللّه وأن تنتهي معاناة شرقنا الحبيب والناس من الحروب والأمراض.

لقاء مع الشاعر والأديب الكبير المناضل حنا إبراهيم


أجرى اللقاء : الشاعر حاتم جوعيه -

 ملاحظة: أجريَ هذا اللقاء المطول قبل وفاة الشاعر والكاتب الكبير خالد الذكر حنا إبراهيم  بعدة سنوات ، ولقد رحل شاعرنا الوطني والمناضل عن  هذه الدنيا صباح يوم الخميس 15 / 10 / 2020 - بعد تاريخ  حافل بالكفاح والنضال لأجل خدمة قضايا شعبه الفلسطيني                              

مقدمة وتعريف:الأديبُ والشاعرُ الوطني الكبير المناضل "حنا إبراهيم " من  سكان قرية  "البعنة " الجليليَّة  .      يعتبرُ  من أوائل الشعراء والكتاب الفلسطينيِّين المحليِّين المبدعين ويقفُ في طليعة شعراء المقاومة الذين كتبوا  الشعر الوطني السياسي  والحماسي الملتهب بعد عام 1948 مُندِّدين بسياسة السلطة وجبروتها  وظلمها  للأقلية  العربيَّة  داخل  الوطن المحتلّ .. ناضلَ بالقول  والفعل  من أجل  قضايا  شعبه  الفلسطيني  وعانى  كثيرا  وواجهته الصعوبات  والعراقيل والملاحقات من  قبل السلطة  بسبب  مواقفه الوطنيَّة الشريفة  في سنوات الخمسينيّات  والستّينيَّات .   سدُّوا أمامَه  أبواب الرزق والعمل  وفرضت عليه  الإقامة الجبريَّة  فترة  طويلة حتى بعد انتهاء الحكم العسكري البغيض في أواسط الستينيَّات من القرن الماضي، وقد صمدَ وظلَّ منتصبَ القامةِ مرفوعَ الرأس شامخا كالطود لا يأبهُ  بالرياح  والعواصف .  

     يعتبرُ الشاعرُ حنا  ابراهيم مدرسة مُثلى  في الكفاح  والنضال والوطنيَّة  منها تتعلّمُ الأجيال الواعدة على مدى  الأيام الدهور . وهو من روَّاد القصَّة والرواية على الصعيد المحلي،ورواياته وقصصة مستواها يضاهي مستوى الروايات  والقصص العالميَّة  للكتاب الكبار العالميِّين، وفيها  نلمسُ الجانب الإنساني والأممي أولا وبعدها الجانب الوطني والبعد السياسي ..وهو عكس الكثيرين  من  الكتاب  والشعراء  الفلسطينيِّين  المُتسلقين والوصوليِّين الذين استغلوا الظروف والاوضاع والقضية الفلسطينيَّة ليصلوا للشهرة والإنتشار الواسع محليَّا وخارج البلاد ، والبعض منهم بعيد كليا عن الوطنية والنضال ،وكان ذلك بفضل وسائل الإعلام الصفراء - الحزبيّة والسلطويَّة وغيرها ..   إنَّ  شاعرنا  وأديبنا الكبير المناضل حنا إبراهيم  ظلمَ  بكلِّ معنى الكلمة ولم يأخذ حقهُ من الشهرة والإنتشار الواسع (عربيًّا وعالميًّا )- : نضاليًّا  ووطنيًّا وأدبيًّا -  وكشاعر  شعب  وقضيَّة  وشاعر أممي  من الدرجة  الأولى  أسوة بالشعراء العالميّين المناضلين ، مثل :  ناظم حكمت  ولوركا   وبابلو نيرودا وغيرهم .

            لقد  زرته في بيته في قرية البعنة وأجريتُ معه هذا اللقاء المطول وفيه يُطلعنا على أهم المحطات والجوانب من حياته السياسيّة  والأدبيَّة التي ما زالت مجهولة  للكثيرين  خارج الوطن -  في البلدان العربيَّة -  ولشريحة كبيرة من المجتمع ولجيل الشباب من عرب الداخل .

*  سؤال 1 ) الإسم  والمنشأ  - ؟؟

-  جواب 1 -     في أيام الدراسةِ  كنتُ  أكتبُ اسمي هكذا : حنا إبراهيم حنا  ولم يكن لزاما كتابة اسم العائلة إلا لدى العائلات المشهورة . ولدتُ في قرية البعنة في  الجليل  الغربي في  1 / 11 /  1927  لأب  فقير تيتَّمَ   وهو  في العاشرة من العمر ليصبحَ مسؤولا عن عائلة مكونة من أمٍّ  وأخوين وأخت .  إلتحق بثورة  الستة وثلاثين ( سنة 1936 )  ضد  حكم  الإنتداب البريطاني   التي  توقفت  مع  بداية  الحرب  العالميَّة الثانية .  تعلّمتُ  في مدرسة البعنة  الإبتذائيَّة وأنهيت الصف الرابع ، ثمَّ  انتقلتُ إلى مدرسة الرامة  حيث انهيتُ الصف السابع، والتحقتُ  بمدرسة عكا  الثانويّة لأنَّ  أبي وجدَ عملا  وسكنَ  في عكا ، وكنتُ الأول في  كلِّ الصفوف  والمواضيع .  ولم  تكن حالة  أبي الماديَّة  تسمح  بإتمام  دراستي الثانويَّة  في القدس ، فأخذت  أبحثُ عن  أيِّ عمل   . وساعدني طولُ قامتي على  قبولي  في مدرسة  البوليس الفلسطيني   دون التحقق من عمري الحقيقي      .


* سؤال 2 ) كيف تقدِّمُ  نفسَكَ  إلى القراء ؟                                                      - جواب 2 -   لستُ  بحاجةٍ إلى تقديم نفسي  . المهمّ  ليست شخصيّتي بل ما أكتتب .. فأنا  أكتبُ  لشعبي  وعن قضاياه لا عن  شخصي   .


* سؤال 3 )   حدّثنا عن  بداياتكَ الأدبيَّة ؟ 

-  جواب - كنتُ منذ الصغر مولعا بالقراءةِ  لدرجةٍ لا تصدَّق .عشقتُ  كتبَ عنترة  وحفظتُ أشعارَهُ . وإذا لم  يكن في مقدوري  شراء الكتب كنتُ  ألجأ إلى اقتراضها وخاصة من مختار الحارة الذي   كنَّا  نمتّ لهُ بصلة  قربى  .    قلتُ ذات  يوم لصديق أبي  سأصبحُ  شاعرًا  فسخرَ منِّي . ولكن همِّي الأول  بعدَ  التخرُّج  من ثانويَّة عكا كان  إيجاد عمل أعتاش  منه. ولم  يكن  بالأمر الهيِّن والحرب  توشكُ على الإنتهاء .  وبعد   نحو عام  من البطالة  تقدَّمتُ بطلب إلى مدرسة البوليس الفلسطيني وساعدني احدهم مقابل رشوة فقبلت . تخرَّجتُ من مدرسة البوليس  بجائزة المفتش العام  وبشهرة  واسعة ،عملتُ  في مركز بوليس  بيت لحم  نحو أربعة  أشهر أستدعيتُ  بعدها  لأعملَ  في المدرسة  كمعلم  للقانون مع رتبة  وزيادة راتب .عملتُ في التعليم  بمدرسة البوليس حتى صدور قرار  تقسيم فلسطين  إلى دولتين : إسرائيليَّة  وعربيَّة   من مجلس الأمن .أما اليهود فاستقبلوا القرار بالسرور والفرح  والإحتفالات  بينما أعلنَ  العربُ رفضَهم القاطع  وأنهم لن يسمحوا  بقيام دولة إسرائيل  .   أذكر انني فرحتُ لقرار للتقسيم  على اعتبار  أنه  ستصبح  لنا دولة  مستقلة    ونتخلص من عجرفة الإنجليز .   أعلنت  بريطانيا انها  ستنهي انتدابها على فلسطين  قريبا  لتنفيذ  قرار الأمم المتحدة  بتقسيمها إلى  دولتين .    وأقفلت مدرسة البوليس أبوابها نهائيًّا في أواخر شهر كانون الثاني من عام1948  .   أعلنَ اليهود  قيام دولة إسرائيل  في الرابع عشر من  أيار العام  نفسه .   أما العرب  فأعلنوا  الحربَ ،  وألفوا  ما  يسمَّى  بجيش  الإنقاذ  برئاسة  فوزي القاوقجي، على أن  يبدأ عملهُ  بعد  إنتهاء الإنتداب البريطاني على  فلسطين ، في  منتصف  أيار .    ولكن  المناوشات ابتدأت  في وقت  مبكر، وحدثت اصطدامات ومجازر من  نوع دير ياسين. ودخلت بعضُ الجيوش  العريبيَّة فلسطين  بشكل  تظاهري    وقامت الإذاعات  العربيَّة  بدور مخز  وخاصة  المصريَّة   وطبَّلت وزمَّرت لمعارك وبطولات  لم  تحدث . واشتهرَ البعض بخطاباتهم الناريّة الفارغة. توقفَ الجيش المصري بعد معركة صغيرة فاشلة ،وتذرع  الجيش العراقي  بأنه : "ماكو أوامر" بالهجوم . ولم  يكن ما يسمَّى بجيش الإنقاذ  أوفر حظا .   أما اليهود  فلم  يتوقفوا  .    إستولوا على  صفد وحيفا وعكا وطبرية واللد  والرملة ويافا، وأخذ الفلسطينيون  يرحلون  قبل أن  ترحّلهم   القوَّات الإسرائيليَّة  بالقوَّة .   

          وفي هذه الأثناء أصدرت  الأحزاب الشيوعيَّة   في العراق وسوريا ولبنان  وفلسطين  منشورا سريَّا  يطالب  بقبول قرار الأمم المتحدة  بالتقسيم  وكان لي شرف المشاركة مع  كمال غطاس  ونديم موسى بنقل آلاف النسخ  من هذا المنشور ليلا من  كفر ياسيف لتوزيعها في الجليل .أوصلنا المنشور إلى الرفيقين جبرائيل بشارة وأخيه أنطون أبي عزمي  بشارة  حيث وزّعاهُ  في شمال الجليل . ووزعَ المنشور في عيلبون  الرفيق حبيب زريق وأقاربه  وفي الرامة  قام بالمهمَّة الرفيق  كمال غطاس  وأخوه جميل .   وكان  ذلك  ليلا وسرًّا .   

    تطوَّع  خائنٌ من حارتنا  كان يسكنُ  في حيِّنا  ويعرف الشيوعيِّين حيث كان الحزبُ علنا  منذ  العام 1943  وأرسلَ وشاية إلى  قيادة  جيش الانقاذ  في مركز بوليس مجد الكروم محدِّدا أنَّ  من وزَّعَ المنشور في الشاغور هم  رمزي خوري  وجمال موسى  وحنا إبراهيم  .   وكان الضابط  الذي  تلقى  الوشاية  أردنيًّا  يُدعى  ضيف الله  الروسان .  رفضَ اتخاذ  أي إجراء على اعتبار أنَّ المنشور يقولُ الحقيقة ، وقامَ ضابط  أصلهُ من الناصرة  بإعلامِنا بطريقة  ذكيَّة بالأمر فأخذنا الإحتياط، إذ انتقلَ الرفاق رمزي وجمال  ونديم إلى أبو سنان وطلب منّي إذ  كنتُ  في سلك  الشرطة  وغيابي  يثبت التهمة  على الجميع  أن أنكر كلَّ شيىء إذا حدثَ واعتقلتُ . وكنَّا نعرف أنَّ الواشي  لا يستطيعُ الظهور ليشهدَ ضدَّنا  لأنَّ ذلك  معناه الموت ولما لم  يتم  اعتقالنا   قامَ  الواشي بإرسال الوشاية من دون التوقيع  إلى قيادة الجيش  في فراده .   فجاءَ أمر بنقل الروسان  وجيىءَ بضابط  عراقي ليحلَّ مكانه .  وكانَ  أول  ما فعلهُ أن أرسلَ قوَّة لتعتقلني.وهكذا اعتقلتُ وحدي .وبالطبع أنكرتُ التهمة ،  ولم  يجرؤ الواشي على الظهور.  وسجلت في ذاكرتي " ليس كلّ العرب شرفاء ". وكنتُ قرأتُ عن قيام الجيش السوفيتي بإبطال مفعول قنبلة مدفعيَّة  ألمانيَّة من العيار الثقيل، ليجد فيها بدلا من البارود، قصاصة  ورق  مكتوب عليها  ما معناه "ليس كل الألمان  نازيين " .  

      وكما توقعنا  وصلت الوشايةُ  إلى القيادة  في فراده  وصدرَ أمر فوري باعتقالنا . ولما كان الرفاق  قد غادروا قرية البعنة إلى أبو سنان  فاعتقلوني فقط .وبالطبع أنكرتُ محتجًّا . ولم  يكن أمامهم  إلا إطلاق سراحي في اليوم  التالي .   

  في مساءالثلاثين من أكتوبر من العام 1948 سمعنا الناطور يعلن من على سطح أعلى بناء في القرية :  يا فلاحين  يا أهل البلد .. الليلة ممنوع  التجوُّل  وممنوع الضوء. الليلة هجوم . هذي أوامر الجيش . 

   إعتكرَ الجوُّ . وجاءتني عمَّتي  فقد كان ابنها  في خطّ الجبهة  ، لا كجندي بل كحارس  يذهب يوميًّا  تقريبا بالنيابة عن  مواطن آخر  مقابل ربع  جنيه ، حيث كانت الحراسة  على خط الجبهة  الزاما على الأهالي  وبالتناوب .     طمأنتُ العمَّة ، إذ لم يكن يركب على عقلي  أن يعلن  أهمّ سرّ عسكري  من على سطوح  القرى .    وبالفعل  لم  يحدث  الهجوم ، بل  الإنسحاب الأشبه بالهزيمة .   إذ بدأ الجيش العربي  ينسحب  نحو  الشمال  في  حدود الساعة التاسعة ليلا .

    إجتمعت الخليَّةُ  الحزبيَّة فورًا . كنَّا أربعة : رمزي وجمال  ونديم  وأنا .  قرَّرنا  أن نحاولَ  منع  الناس من الرحيل  بقدر ما نستطيع  . وكانت الخطة البدء  فورًا بكتابة منشور  يحذر الأهلين من مغبة ترك البلاد  والطلب إليهم بالبقاء . وطلبوا منِّي كتابة المنشور . قرأوهُ  ووافقوا عليه  وطبعنا منه  نحو ألف نسخة  حيث كنا نملك  آلة ستانسل  وخرجنا إلى  شوارع القرى الأربع  نوزِّعُ المنشور ونشرح  لمن لا  يقرأ ويفهم  فحواه .  وكان أكبر مساعد  لنا عدم  وجود أكثر من سيَّارة أو اثنتين في كلِّ قرية .

          وفي  اليوم التالي  دخلت القرية سيَّارة عسكريَّة  إسرائيليَّة . تجمَّعنا  حولها  لنعلنَ  أننا  مسالمون  .    طلبَ الضابط  أن  يجتمع  أهالي  القريتين ( البعنة ودير الأسد )  في مكان  متوسط  بين الببعنة  ودير الأسد .  وهنالك جعلوا الناس  يقعدون على الأرض  بشكل  تكون النساء  في ناحية  والشبَّان في ناحية أخرى  وكبار السنّ في ناحية ثالثة . أطلقوا النارَ على أربعة شبَّان  فأردوهم قتلى، واستاقوا الرجال في طابور كأسرى وأمروا من بقي بمغادرة  البلاد  فورًا .  والجديرُ بالذكر أنهم جعلوا طابور الأسرى  يمرُّ بجانب جثث القتلى  ليلقوا الرعبَ في القلوب .  

      أعطى القائد الإسرائيلي  وبعد  توسُّل رجال الدين من القريتين  السكان  نصف ساعة ليأخذوا ما  يستطيعون حملهُ  من البيوت  وهدَّدَ  من  يبقى  بعد  نصف ساعة بالقتل . وهكذا وجدنا  أنفسنا نسير على غيرهدى نحو الشرق .  وهنا  يجبُ توجيه الشكر إلى أهالي قرية  ساجور الدرزيَّة الذين  استضافوا وأكرموا المئات من أهالي الشاغور المُرَحَّلين . 

      وفي اليوم  التالي عاد الضابط  الإسرائيلي إلى القرية والتقى  بالمختار  وعددًا  من شيوخ القرية  ووبَّخهم  لأنهم لم  ينفذوا  أمرَ الجلاء .  وطلبَ أن  يدفعوا لهُ مبلغا من المال  لقاء تأجيل الرحيل ، أبلغهُ المختار بأنَّ هذا  المبلغ غير متوفر وليس مع الناس بالكاد ما  يقيتهم  .  فهدَّدَ  بأنهُ  سيعودُ  في اليوم التالي  ليرغمَ الناس على الرحيل إذا لم يقبض المبلغ المطلوب . 

  وفي آخر النهار جمعَ المختارُعددا من شيوخ العائلات للتباحثِ في المأزق الطارىء. إقتراحُ البعض طلب النجدة من مشايخ الدروز الذين كان معروفا  أمر علاقتهم الحسنة باليهود. وهكذا كتبَ المختار رسالة إلى الشيخ  مرزوق معدّي  من يركا . ولما كان معظم  شبَّان القرية  تطوَّعت  بنقل الرسالة . ويذكر  أنني لم أعتقل لأنَّ الضابط الإسرائيلي  قالَ بعدما جمعَ الناس إنَّ من يسلّم سلاحَه لا  يُؤخذ إلى المعتقل ، وهكذا سلمتُ بندقيَّتي البوليسيَّة .     أخذتُ رسالة المختار وتوجَّهتُ  فورا إلى يركا رافضا النصيحة بتأجيل ذلك إلى الصباح .  سألتُ عن دار الشيخ مرزوق معدي أحدَ  أبناء يركا  فدلَّني ،  وهنالك  وجدتُ عددا  كبيرا من  المشايخ  يسهرون  .  ولمَّا  لم  أكن أعرف الشيخ  تقدَّمتُ من  شيخ  مهيب الطلعة  وسألتهُ  إن كان هو الشيخ مرزوق. إبتسمَ  وطلبَ إليّ الجلوس والإنتظار .  

       وجاءَ الشيخ وإذا به  يبدو كمعلم جامعي وبدون لحية . أعطيته الرسالة فقرأها . وقالَ لي :  قول للمختار لا يهتم . غدا نحلّ القضيَّة . تكرموا .  وبالفعل توقفت المطاردة وشعرنا بالأمان مؤقتا . 

     قامت السلطةُ الجديدة بفتح  المدارس وتعيين معلمين  حرصت على  ألا يكون  بينهم شيوعيُّون .   وبعد خروج السجناء من المعتقلات في 24/ 3 / 1949  أقمنا فرعا للحزب الشيوعي وافتتحناه  باجتماع شعبي رائع  ألقيتُ فيه قصيدة . ومن ذلك اليوم عُرفتُ كشاعر .

        لم أجد وظيفة فعملتُ حجَّارًا  ثمَّ كعامل بناء وفي المهن  ذات  العلاقة بالبناء  ثلاثين عاما تعرَّضتُ خلالها لفترات من البطالة . لكنَّ البطالة أفادت عملي الحزبي .  بنينا فرعا كان لهُ شأن كبير في حياة قرى المنطقة . 

       أجرت السلطةُ الإسرائيليَّة  إحصاءً  للسكان  تبيَّن منه أنَّ عدد  السكان العرب الجدد من منطقة الجليل  نحو 155 ألفا.ولم  يكن في حساب الحكومة الجديدة  استيعاب  هذا العدد  الكبير، حتى بعد  طرد الألوف .   واستصعبَ المسؤولون إعطاء الجنسيَّة الإسرائيليَّة  لهذا العدد الكبيرمن العرب.ولم يكن  في الإمكان  التعامل معنا  بالطريقة النازيَّة .  ولكن  بن غوريون وجدَ الحلَّ المناسب ، وذلك بإعطاء  80  بالمئة من  السكان العرب  تصاريح  بالإقامة المؤقتة لمدة ستة أشهر بدلا من الإعتراف بهم كمواطنين أصليين .ولما كان  لون بطاقات تلك التصاريح أحمر سميت بالهويَّة  الحمراء . ونجحت الخظة في قرى المكر والجديدة ومجد الكروم .  

   إنتبهنا للخطر، وحاولنا إقناع  أصحاب الهويَّات الحمراء برفع شكوى إلى محكمة العدل العليا، تعهد المحام  حنا نقارة  بها  وبدون  أتعاب  .   وافق   الأخوة  من مجد الكروم  في البدايةِ ، ولكنهم رفضوا التوقيع على الوكالات  للمحامي .  يبدو  أنهم  عرَّضوا للتخويف .  وكان  من نصيب أهل البعنة أن  يخوضوا المعركة  بقيادة  فرع الحزب ووقفوا وقفة رجل واحد  وأعلنوا أن أحدا منهم  لن  يتسلم هوية إلا إذا كانت الهويَّات  المدنيَّة  من نصيب الجميع  على الإطلاق .  ونجحت القضيَّة في محكمة العدل العليا ، وفشلت المؤامرة  على الجليل .  وأطلق على البعنة  لقب "البعنة الحمراء " . 

     صحيح اننا كسبنا معركة واحدة ، لكن بدا أنَّ معارك كثيرة غير متكافئة  لا تزال أمامنا .  كانت قيود الحكم العسكري  صارمة جدًّا ، ولم  يكن يسمح  لأحد  بالسفر  إلا  بتصريح  من الحاكم العسكري ، وكان  مقرَّه  في  مركز بوليس مجد الكروم .وكان صف  المنتظرين للتصاريح  يبلغ أحيانا مئة متر وأكثر .   وبينما كان  يعطى معظم الناس  شهرا   شهرا في التصريح  كنتُ أعطى خمسة أيام .إحتججت  فأنزلها الحاكم العسكري إلى "الساعة السادسة من مساء اليوم  نفسه " .  

   لم  أهتم  للأمر كثيرا. فقد  كنتُ أعملُ ومعظم عمال القريتين في المحاجر أيّ فيما يُسمَّى اليوم  مدينة كرمئيل .    وفي العام 1952 سمعنا  عمَّا  سمي بمشروع  تهويد  الجليل الذي  أمر بن غوريون  بالإسراع  به  لأنه  مرَّ في الطريق من عكا إلى صفد  فحسب نفسه في سوريا حسب قوله . 

      عقدنا اجتماعات وأقمنا لجانا للدفاع عن الاراضي فلجأت الحكومةُ إلى ما  يتيحهُ لها الحاكم العسكري  من بطش وإرهاب ...  إعتبرونا خطرا على أمن الدولة وحكم على خمسة من أعضاء اللجنة  بالإقامات الجبريَّة  وإثبات  الوجود. وكان أربعة  قد اعلنوا انسحابَهم  ثمَّ انسحبَ آخران . وأخيرا لم يبق  إلا عضوان شيوعيَّان : حسن بكري  وأنا  .  حكمَ علينا  بإثبات الوجود  في مركز بوليس مجد الكروم ثلاث مرَّات يوميًّا ،  وهكذا كان عليَّ ، بالإضافةِ إلى عملي الشاق في المحجر ، أن أسير نحو 24  كيلومتر كل يوم .  

     ومن جهة ثانية  أعلنت المنطقة المنوي الإستيلاء عليها منطقة عسكريَّة  يحظر دخولها  إلا  في  أوقات  معيَّنة ، وهكذا أخذ  الحجَّارون  يبحثون عن أعمال في المدن .وتعرَّضتُ لنوع من البطالة بسبب صعوبة نيل التصريح . 

 وفي العاشرمن تشرين الثاني من العام 1961 أعلنَ رئيس حكومة إسرائيل  مصادرة 20 ألف دونم من أراضي الشاغور  أي المنطقة المنوي بناء مدينة كرميئيل عليها . قمنا بمظاهرات واحتجاجات ولكنها لم تجدنا نفعا . وعرضت الحكومة  ثمنا هزيلا لمن يريد التنازل عن ملكيَّة أرضه وبسرعة  فائقة  قامت مدينة  كرمئيل اليهوديَّة في قلب الشاغور . 


سؤال 4 ) كان في فلسطين العديدُ من الأحزاب والتنظيمات قبل قيام دولة إسرائيل . لماذا اختفت بعد قيام الدولة  ولم يبق إلا الحزب الشيوعي !!؟؟

-  جواب 4 -    كان  مجالُ عمل هذه الأحزاب التي أشرتَ إليها  في المدن ،ولم يكن لها وجود أو تأثير يذكر في الرّيف.كان عددُ الشيوعيِّين في الجليل قبل سقوطهِ تحت السيطرة الإسرائيليَّة إثني عشر ضوا : 4 في البعنة ، 4  في الرامة ،  و 2 في ترشيحا   و 2 في عيلبون  .   وهؤلاء  قاوموا الرحيل  والترحيل ، ولم يكونوا بحاجة إلى ترخيص للبقاء في الوطن، وكان معروفا  أنَّ الحزبَ الشيوعي وافقَ على  قرارالتقسيم بمعنى أنهُ اعترفَ  بحق اليهود بدولة لهم على أكثر من نصف مساحة فلسطين . 


سؤال 5 )  معروفٌ انَّكَ عانيتَ الكثير بعد قيام الدولة  وحُرمتَ من التجوُّل بسبب الحكم  العسكري  ولم  تضفر بأيَّة  وظيفة  وحتى الحزب الشيوعي لم يعرض عليكَ أيَّةَ وظيفة ..كيفَ  تدبَّرتَ أمرَكَ !!؟؟ 

 جواب 5 -    صحيح أني عانيتُ الكثير .  عرضت عليّ السلطة  أن أعطى ما  أطلب  بشرط  انسحابي من الحزب  الشيوعي  فرفضتُ رفضا باتا . أما الحزبُ الشيوعي فكان يدَّعي  أنهُ لا يستطيعُ البقاء  والتقدُّم  بدون دعم مالي من أعضائهِ، وهكذا أصبحَ الحزبُ كأنهُ  من أفراد العائلة  يستحقُّ حصَّة من  الدَّخل الضئيل. وكبرت العائلةُ وذقتُ الأمرَّين . وبقينا قيد الحياة  بفضل أبي الذي كان مزارعا  يوفرُ  لنا  الخبز  والزيت . لم أجد عملا  إلا في المحاجر في الأرض التي تقومُ عليها اليوم مدينة كرمئيل . 

 ولكن سرعان ما أعلنها الحاكم العسكري منطقة عسكريَّة مغلقة  وصادرها تماما عام 1961 . 


سؤال 6 )  لماذا عُوملتَ أنتَ بالذات بهذه القسوة مع أنكَ كنت من أوائل من اعترفوا بدولة إسرائيل ؟؟ 

-  جواب -    كان لي دور أمامي  في الكفاح ضد الحكم العسكري  وسياسة الإضطهاد القومي . ولا أحبُّ أن  اتكلّم عن نفسي مفتخرا بما فعلت، بل كان قادة  الحزب  الشيوعي  في المنطقة  يشعرونني  بأني  مقصر في  مجالات عديدة .   لم أشعر ولو مرَّة واحدة  وأنا في الحزب أني في بيت دافىء . وحبَّذا  لو عاملونا  كعبيد ، حيث كان ملاكو العبيد  يطعمون عبيدَهم  وليس العكس .  

    وزادَ الطين بلّة أني قرأتُ مئات الكتب الحزبيَّة  والماركسيَّة والسياسيَّة ، واكتشفتُ أخطاء كثيرة في العمل اليومي .  ولم  أتردَّد  في الإشارة  إلى تلك الأخطاء بحسن نيَّة قصد معالجتها فاعتُبرتُ من المتمرِّدين والخارجين  عن الطاعة الحزبيَّة العمياء .    وكانت الطامةُ  الكبرى  حين أعلنتُ في اجتماع شعبيٍّ حاشد في عرابة  انَّ الأنظمة  الإشتراكيَّة  في طريقها  للزوال إلا  إذا اجتمعَ  زعماؤُها  في تلك  الليلة  من العام  1984  ووضعوا   خطة  لإتقاء السقوط  وإلا  فإنَّ الأنظمة الإشتراكيَّة  ستصبحُ  عمَّا  قريب في خبر كان .   والله لا يحطك مطرحي .اتخذ الزعماءُ قرارا بفصلي على أن ينفذ بعد مرور الإنتخابات البرلمانيَّة  والبلديَّة . وهكذا  كان . ولستُ آسفا على فراقهم .   

   أمَّا أهل البعنة فعرفوا قيمتي  وانتخبوني رئيسا  للمجلس المحلي في العام 1978 .     وفي الفترة  نفسها  كانت هناك  في البلاد  18 سلطة محليّة  بيد الشيوعيِّين . أما اليوم  فليس  لهم  مكان في إدارة أيَّة سلطة  حتى الناصرة ، وفي البعنة الحمراء، ليس لهم حتى عضو  واحد .


سؤال7)  أليس غريبا أن يلقى أمثالك مثل هذه المعاملة من القادة !!؟؟ 

-  جواب 7 - كان قادة حزبنا بالذات في تلك الأيام  يتمتعون بسلطة مطلقة . وكان المعارض  كمن  يرتكب الخيانة العظمى .  وفي الإجتماعات الحزبيَّة  كان الزعيمُ يلقي خطابا مطولا يمتدُّ على نحو ساعة ونصف، سبق أن  نُشرَ كمقال في الصحف الحزبيَّة . وكان  طالب النقاش يعطى خمس دقائق فقط .  

     أمَّا بيان اللجنة المركزيَّة  أو الأصح رئيسها  فكان  يقرأ  في اجتماعات   الفروع  ويناقش  وينشر في الصحف  وتعاد  قراءتهُ  في المؤتمر وبذلك  لا يتبفى وقت للنقاش إلا بما يسمحون .  

   وبالتالي كان الزعيمُ يقدمُ لائحة  بأسماء الذين  سينتخبون للهيئات الحزبيَّة ،فإذا لم تكن من المرضي عنهم فلن ترتفع إلى درجة عضو  بسيط .  وهكذا  بقيت نفرا  بعد 41  سنة  في الخدمة  الحزبيَّة .. وحتى  بعد  انتخابي  رئيسا  لمجلس  البعنة  المحلي  .     رفض  الزعماء  مجرَّد  ترشيحي كعضو  في سكرتاريَّة  لجنة  منطقة  عكا ، مع أنه عمل  تطوعي  لا يكلفهم  حتى أجرة الطريق .   

   هنالك في الأحزاب الشيوعيَّة مبدأ  "الإنتقاد والإنتقاد الذاتي"  والمقصود به  هو أنَّ الأمورَ  في حركة  دائمة  مما  يقضي  تغيير ما  لم   يعد  ملائما واكتشاف الأخطاء وتصحيحها  قبل أن  تستفحل .  ولكن النتيجة كانت  هي ان الإنتقاد هو واجب الزعيم  لمن هم  دونه وأن  يقومَ  الرفاق العاديُّون ، لا الزعماء ، بالإعتراف بالأخطاء . 

    كنَّا  شهودا على  انهيار الانظمة الإشتراكيَّة  وفشل الأحزاب الشيوعيَّة .  أليس في هذا دليل  كاف على انهم  لم  يكونوا على الطريق الصحيح  . كان خروتشوف الزعيم الوحيد  الذي اكتشفَ الأخطاءَ  وحاول ادخال إصلاحات  جذريَّة فأنزلوهُ  بالقوَّة . وجاءَ  بعده  برجينيف الذي  حكم  حتى مماتهِ  على كرسيّ الزعامة المطلقة،مع أنهُ أصيبَ بالخرف في آخر أيامه ولم يعد قادرا على كتابة حطاباته، فجاؤوا بمن يكتبها  له  ويتجنب ادخال الكلمات الطويلة مما يصعب النطق بها .   


سؤال 8 )    كان  في الحزب الشيوعي الكثيرون من  الوطنيِّين والمناضلين الشرفاء  والمبدعين ، ولكنهم لم يعطوا المجالَ وأهملوا، لماذا ؟؟..هل ( كما قلتَ سابقا )  كان زعماء الحزب يضعون العراقيل أمامهم ؟؟ 

-  جواب 8-    في البداية كنا نضعُ اللومَ كله على الحكومة  ونرى في قادة الحزب مثالا للتضحية  والنضال  لدرجة التقديس وأنشأتُ أنا بعض الأغاني  تمجيدا لهم في المناسبات .  كانت حياتنا صعبة جدا .   فأنا مثلا حرمت  من حرية  السفر  والتنقل  ثلاثين عاما  انتهت  بانتخابي  رئيسا  لمجلس  البعنة المحلي   .    وفقط في وقت متاخر اكتشفنا أننا  نعاملُ كما عاملت بنو عبس عبدها عنترة فقال : 

( ينادونني  في السّلم  يا ابن زبيبةٍ    وعندَ اصطدام الخيل يا ابن الأطايبِ ) 

  كان همُّنا الأكبر مقاومة سياسة الحكومة . ولم يخطر ببال  أحد منّا  توجيه  أيّ انتقاد، بل ذات مرَّة  طلبتُ وبشكل  رسمي أن  يقدم الحزب  تقريرا ماليًّا  بقصد أن نجد طريقة  لزيادة  رواتب المحترفين .  وبدا  لنا أنَّ همَّ  الزعماء هو البقاء على  مقاعد الزعامة  وكانت لهم أساليب  في  تحقيق  ذلك .  فكان الزعيم  يبقى زعيما إلى آخر حياته ، ولكننا  لم نجعل منها مشكلة ، إذ كانت سياسة الحكومة عدوّنا الأساسي . 


سؤال  9 )  لماذا انسحبتَ من الحزب الشيوعي !!؟؟  

-  جواب 9  -   أنا لم أنسحب من الحزب الشيوعي  بل فصلتُ بإعلان من لجنة الفرع في البعنة  في 18 / 4 / 1989 ) كما بدا . ولكن القرار اتخذ في منتصف الثمانينات إثر خطاب لي  في مهرجان حزبي في عرابة ، قلتُ فيه إن الأنظمة الإشتراكيَّة مهددة  بالسقوط  إن  لم  تتدارك  الأحزاب الشيوعيَّة الحاكمة الأمر بسرعة . لم يناقشني أحدٌ  ولم يحاكموني  بل سارعوا بفصلي من الحزب كما يُحاكم جندي ميدانيًّا ويطلق عليه النار . 

  وفي الواقع  كنتُ توصلتُ في الحكم على الأنظمةِ الإشتراكيّة  بعد  دراسة  طويلة ومعمَّقة وقضاء سبعة اشهر على دفعتين  في موسكو  وليننغراد .

  ولكن فصلي من الحزب لم  ينقذ العالمَ الإشتراكي من الإنهيار .  


سؤال 10 )   بعد هذا انتسبت إلى الحزب الديمقراطي العربي ولكنك تركته بعد أربع سنوات مع أنك كنت في مركز مرموق ..لماذا !!؟؟

-  جواب 10 -  لم يكن انسحابي من الحزب الشيوعي سرًّا، وفي ذات مساء زارني رئيس الحزب الديمقراطي العربي السيد عبد الوهاب دراوشه  ومعه ثلاثة من قادة الحزب، طلبَ إليّ الإنضمام  إلى الحزب بشكل  لطيف ، قلتُ سأفكّرُ في الأمر. وهكذا وجدتني عضوا في الحزب.عملتُ كسكرتير تحرير صحيفة " الديار " . وعرضوا  عليّ مركز  سكرتير الحزب العام . رفضت بأدب، لأنّي لم اكن أملك رخصة قيادة سيارة  ولا ثمن سيارة. على كلِّ حال  أعطيت مركزا مرموقا . وبعد عام  كان بلغ عددُ أعضاءِ الحزب 14 ألفا .  وأعطتنا الإستطلاعات 3 أعضاء في الكنيست . ولكن طلب الصانع  أصدر منشورا في النقب باسم الحزب جاء فيه جملة :"لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ".  وسارعت الحركة التقدميَّة  بعد أن رفضت النزول معنا  في قائمة واحدة  للكنيست  بتصوير أكثر من 20 ألف نسخة من هذا المنشور وزعتها على  الناخبين  المسيحيِّين .      وفي الأسبوع  نفسه  أعطتنا  الإستطلاعات   عضوين في الكنيست وهكذا كان  .   ولكن مشكلتنا كانت مع رئيس الحزب  الذي أخذ  يتصرَّف بشكل  دكتاتوري ، مما جعلَ تسعة من قادتهِ ، ومنهم أنا ، ينسحبون من الحزب  ويفارقون بإحسان . وكانت  حجَّتي هي أنه لا يصحُّ  أن يستغلَّ الحزبُ مثل هذه المواقف  لمصالح حزبيَّة  لا تهمُّ الجمهور .  


سؤال 11 ) ما رأيُكَ في الأحزاب  العربيَّة بشكل عام .. هنالك من يمتدحها  وهنالك من ينتقدُها ويحسب قادتها من من عملاء السلطة ..ما هو تعقيبُكَ ؟؟ 

-  جواب 11 -  بعد قيام دولة إسرائيل كانت هنالك تشكيلات سياسيَّة عربيَّة أوصلت للكنيست خمسة نوَّاب مرتبطين  كليًّا  بالحزب الحاكم ، ولكن الحال تغيَّر  اليوم  ويمكن  القول  انه  ليس  هنالك  حزب  عربي  عميل  للحكومة الإسرائيليَّة، ومشكلة هذه الأحزاب أنها لم  تجد حتى الآن  للتوحد .  في عام 1989 كانت هنالك انتحابات للهستدروت، إستطعنا  في  الحزب في الحزب الديمقراطي إقناع  حزب ميعاري ( الحركة التقدُّميَّة )  بأن ننزل  في  قائمة مشتركة.إقترحتُ أن نعرض على الحزب الشيوعي أن ننزل معا.. وعرضنا عليه  أن  يكون  رئيس  القائمة  شيوعيًّا  وأن  يأخذوا  التمويل  الذي  تدفعهُ الهستدروت من نصيب الحزب وحده . وافقوا . وكتبتُ يومها مقالا بعنوان : " إتفق العربُ على أن لا يتفقوا ". واقتربت إنتخابات الكنيست  فاقترحنا أن  نستمرَّ  في المشاركة  بحيث   يكون الحزبُ الشيوعي  60 بالمئة  ولكل من  حزبينا 20 بالمئة..أي ستة أعضاء كنيست للحزب الشيوعي وإثنان لكلٍّ من الحزب العربي  الديمقراطي  والحركة  التقدميَّة ، هذا  إذا حصلنا  معا على عشرة أعضاء وهو  أمر ممكن  بدون صعوبة، ولكن  الحزب  الشيوعي  لم  يقبل مجرّد  نقاش الفكرة  . وأما محمد ميعاري  فتركَ  الشراكة مع  الحزب الديمقراطي  ونزل  في  قائمة  مشتركة  مع رئيس مجلس  فسوطة  المحلي  وكانت  النتيجة 3  أعضاء  للحزب  الشيوعي  واثنان  للحزب  الديمقراطي  العربي ولم تجتز القائمة الثالثة ( الحركة التقدميَّة )  نسبة الحسم .  وتبيَّن أنَّ المثلَ القائل " إتفق العربُ على أن لا يتفقوا " لا يزال ساري المفعول .  

 ومشكلتنا في رأيي ليست الخيانة بل الأنانيَّة وانعدام روح الوفاق والوحدة . وبعد أن كان المثل يقول " صار العرب عربين" صار العرب ألف عرب .  


سؤال 12 )    ألم   تفكّر  مرَّة   في  تأسيس  حزب  جديد  تكون  أنتَ  قائدَه  والمشرف على جميع نشاطاتهِ ؟؟ 

-  جواب 12 -  لا يستطيعُ فردٌ  كائنا من كان  أن يقيمَ حزبا من العدم . ولا  يستطيع أي أن يعيش إن لم يكن له أعضاء في الكنيست وتمويل من الدولة . 


سؤال 13 ) حين كنتَ في الحزب الشيوعي ترشَّحتَ  لرئاسة  مجلس البعنة المحلِّي وفزتَ  بالرئاسة.. أكان  ذلك  بجهدكَ  الخاص  وثقة  الجمهور  بك وتقديرا لمواقفكَ الوطنيَّة ؟ أم ساعدكَ الحزُب  في ذلك ؟؟

-  جواب 13 -    في  ذلك الوقت  لم  يكن ممكنا التفريق  بيني وين الحزب  وبالطبع  ساعدني كلّ الرفاق  وعملنا   كأسرة  واحدة ، ورفضتُ أن أسمّيها معركة  انتخابات  ولم نهاجم  منافسينا  ولو بكلمة واحدة .   ومع  أنَّ عائلتي قاطعتني  ولم  يصوِّت  لي منها  إلاّ الخوري  وأهل بيته ، وذلك لأني  كنتُ زوَّجتُ إحدى بناتي لرفيق  مُسلم .. وحتى  أبي  وأمّي  غادرا القرية  وسكنا عند  أخي في  كفر ياسيف  .  ونقصني  صوتان  فقط  لأحصلَ  على المقعد الخامس  في المجلس أي الاكثريَّة المطلقة .  وفي اليوم التالي بالضبط  كان عندي ائتلاف من سبعة أعضاء  وأصبح  نائبي الزميل المنافس  نمر بدران  وهو إنسان  مستقيم عديم المثال  .  وفي العام التالي  صار يستحق راتبا من وزارة الداخليَّة ، أعلمتهُ بذلك  وقلتُ  الراتب مرتبط بعمل  يومي  دائم  ستة ايام في الأسبوع ..قالَ  إنَّ لديه شركة لا  يستطيع تركها . وهكذا كنا نحصل على راتبه في الميزانيَّة وأخذتُ أنا أتخلى عن 20 بالمئة من راتبي لمصلحة البيلد . إشتريتنا بما  توفر أربعة  دونمات من الارض  بنينا عليها مدرسة .  


سؤال 14 )  حبَّذا لو تحدِّثنا عن الفترة التي كنتَ فيها  رئيسا لمجلس البعنة ...ما هي إنجازاتكَ ، وكيف  كانت علاقاتكَ  مع الحزب  الشيوعي في تلك الفترة ؟؟ 

-  جواب 14 -     تسلمتُ المجلس في كانون الأول من العام  1978  كانت القرية أشبه بالقرى العربيَّة  أيام الإنتداب البريطاني . كان  موسم الشتاء في أوَّلهِ  والشوارع غير معبَّدة . وكنا  في سباق  مع  الزفتة  . اتصلتُ  بمقاول  مختص من كفر ياسيف هوعديل أخي .تعهّدَ  بتزفيت شوارع شوارع القرية  بدون مقابل . كان هو أيضا عضوا  في الحزب الشيوعي .  وكان عليّ  فقط إحضار الزفتة .ذهبتُ إلى السوليل بونيه في حيفا لأتدبَّر أمر الحصول على الزفتة ، فوجدتُ أنَّ المهندس المسؤول أعرفهُ  ويعرفني،  فقد سبق  وعملتُ كعامل  بناء في الشركة . وافقَ على إعطائي الكميَّة المطلوبة  مقابل شيكات بعد أن تعهَّدَ  لهُ مدير البنك  أنَّ  كلَّ  شك  يُعطى من مجلس البعنة  يصرف بالتاكيد .    وخلال أيام معدودة  كانت شوارع البلدة على أحسن ما يكون .  

  قمنا  بحملة تسديد ديون الضرائب على أبنية القرية . ولم تمض سنة  حتى كانت نسبة الجباية مئة بالمئة .  ومع أنَّ حاكم اللواء  لم  يكن محبًّا للشيوعيّة  والشيوعيِّين ، إلا انني اجتزتُ المرحلة بسلام ، وكان أن  جهة  ما حرَّضت  سكرتير المجليس على القيام بأعمال تخريبيَّة  فأخذ  يزيِّفُ توقيعي  ويسرق بشيكات  المجلس .  والغريب  انهُ  وبعد  اعترافهِ  وتقديم   شكوى  للبوليس  واستصدار أمر  حكم  من  محكمة  صلح   عكا   يحكم  عليه   بدفع  المبالغ المسروقة  وقيمتها  نحو  مئة ألف  ليرة ،  إلا أنهُ  لم يسجن  ولم  يدفع  ليرة واحدة حتى اليوم .  


سؤال 15 )   سمعتُ انَّكَ زرتَ الإتحاد السوفياتي في العام 1983  وحظيت بمقابلة رئيس بلديّة ليننغراد،وأنكَ انتقدتَ عمل الدولة السوفيتيَّة  بشكل جعلَ رئيس البلدية يقف محتجًّا ويشيرُ إليكَ أن تخرج .. هل هذا صحيح ؟؟ 

 - جواب 15 - هذا صحيح  وقد استنتجتُ  أنهُ اتصلَ بقيادة حزبنا الشيوعي  منتقدا إياي بشدَّة  وأن قيادة  الحزب  قرَّرت طردي من الحزب  على أن يتمَّ ذلك  بعد  الإنتخابات التالية  .   سمعتُ عن  هذا  من أحد  الرفاق .  واخذوا يعاملونني  كعدو .   وأوصوا فروع الحزب  بألا  يدعوني  لإلقاء  قصائد .  وَعيَّرني  أحدهُم  بقولهِ : علمنا لكَ  أولادَكَ  في الدول الإشتراكيَّةِ  وعملناك رئيس مجلس قلتُ لهُ إنَّ من عملني رئيس مجلس هم أهل  بلدي لا أنتَ وأما بالنسبة لتعليم أولادي  فأنا مديون  للإتحاد السوفياتي لا  لكم  .  أنتم  قبضتم  عشرة آلاف دولار، إبني الكبير تخرَّجَ طبيبا .  أما الثاني  فهو  يتعلم  للسنة الثالثة ، يوم الجمعة يعود إلى البلد  ولا جميلتكم .  تلفنتُ  لإبني هشام  فقطع دراسته  وعاد .  


سؤال 16 ) هناك جملة كنت تردّدها تقول : إنَّ جهاز المخابرات الإسرائيلي  لم يسىء إليكَ  كما أساءَ  إليكَ  بعض المسؤولين  في الحزب الشيوعي، هل هذا صحيح ؟؟ 

-  جواب16 -    لا أذكر اني قلت  بالضبط هذا ، ولكني لا  أخفي أني  كنتُ  أتوقعُ  إساءة  جهاز المخابرات  فهذه  وظيفته ، أما أن يعاملني  قادة  حزبي الذين كنتُ أخدمهم  وأرفع من شأنهم فهذا أمر غير معقول .  على  كلِّ حال  سامحهم الله .  فحتى بعد فصلي  من الحزب وقبل كلِّ انتخابات محليَّة  حتى الأخيرة  كان أهل  القرية  بما  فيهم  رئيس المجلي  ونائبه   يعرضون عليّ  الترشيح  فأشكرهم وأرفض بأدب .  والواقع ان جميع الرؤساء الذين عرفهم مجلس البعنه المحلي  قاموا  بواجبهم  خير قيام  باستثناء الرئيس  الشيوعي وهو دكتور .. 



سؤال 17 )  كيف تقضي أوقاتكَ في هذا السنِّ المتقدّم ؟؟

-  جواب 17 -  بعد تركي للعمل في المجلس المحلي أتقاضى تقاعدا مقبولا ، قلتُ : انا صرتُ رئيسا  بفضل الحزب، إذا  فلأخدم  الحزب  .    توجَّهتُ مباشرة إلى رئيس تحرير الإتحاد إميل حبيب قلتُ لهُ إنّي آخذ راتبا  تقاعديًّا بفضل الحزب، إذا أريد أن أعمل  أسبوعيًّا  يومين  في الإتحاد  ويومين في الجديد ويومين في  الفرع  في العمل الحزبي  واستريح  في اليوم السابع . قال : كنتَ تعمل في الإتحاد  . نرجِّب  بعودتك .   لكن   نريدكَ موظفا  ولو  بنصف وظيفة  فنحنُ بحاجة إليك .  قلتُ  ولكن وزارة  الداخليَّة  ستدفع  لي راتبا  تفاعديًّا مدى الحياة .  أعطاني غرفة وطاولة  واتفقنا .  وهكذا كان مع إميل توما رئيس تحرير مجلة الجديد . 

     وفي ذات اليوم اخبرني الرفيق صليبا خميس أنه قامت طوشة في اللجنة المركزيَّة  بسببي  بين رمزي خوري وجمال موسى من ناحية وإميل حبيبي  الذي اتهماه  بأنه يوظف محررين في الإتحاد بدون قرار اللجنة  المركزيَّة .  تصوَّر مدى اللؤم  إذا استطعتَ إلى ذلك سبيلا. وهكذا عدتُ إلى البيت  وفي نيَّتي أن أتفرَّغ  للعمل الأدبي  .


سؤال 18 )  كيف سارت أمور المجلس  المحلي  بعد امتناعِكَ عن ترشيح نفسك ؟؟ 

-  جواب 18 -  رشَّحت  د. محمد بكري  لرئاسة المجلس  فووفق على ذلك بالإجماع  .كنتُ اعتبرهُ بمقام ابن أخ  ووعدتُ بأن أتطوَّع للعمل معه خمسة أيام  في  الأسبوع ، وكنتُ  قد  اكتسبتُ  خبرة  في  إدارة  الأمور، عززتها بالإلتحاق   بدورة   تعليم  في جامعة  حيفا  لمدة  عام  على  حساب  وزارة الداخليَّة .                                                                               ولكنهم رفضوا خطة العمل الانتخابي التي اقترحتها وأداروا ظهورَهم لكثير من الأصدقاء فخسرنا الإنتخابات . ولكنا استعدنا الرئاسة  بعد خمس سنوات ، وفي اليوم  الذي تسلَّم  الرفيق  المنتخب الرئاسة  سمعتُ أنّي  مفصول من الحزب ، لم  أصدِّق في البداية، لأنَّ أحدا لم يوجه  لي أي انتقاد  ولم أحاكم .  لكن بدا لي أنَّ الآلهة لا تجري محاكمات بل تحكم فقط . 

          أما الرئيس الشيوعي في البعنة الحمراء، فتركَ المجلس بعد دورتين  مسجِّلا عجزا مقداره 59  مليون شيكل فقط .   


سؤال 19 ) سمعنا انَّكَ اختلفت مرَّة مع الشَّاعر المرحوم سميح القاسم  رغم الصداقة المتينة التي كانت بينكما .. ما هي القصَّة ؟؟ 

-  جواب 19 -    المسألة أشبه بنكتة  منها بخلاف .  وأعتقدُ أنَّ الأخ  سميح القاسم استفاد منها .   ذلك أني كنتُ أعملُ كمدير لمطبعة  الإتحاد  في مطلع السبعيننيَّات  من القرن الماضي ،  في ذات يوم  كنتُ عائدا من المكتب إلى المطبعة ، سمعتُ صراخا ينبعثُ من داخل المطبعة ، وقبل أن أدخل  التقيتُ بسميح القاسم خارجا غاضبا .   وفي المدخل التقيتُ  بنصوحي درويش  أخ الشاعر محمود درويش  وكان أحد عمَّال المطبعة ، كان يبتسم .  سألتُ عن سبب الصراخ .. هكذا كانت الحكاية  :  

     كانت مهمَّةُ سميح القاسم  تصحيح الأخطاء اللغويَّة  وغيرها في صحيفة الإتحاد، وبعد ذلك تبدأ عملية الطبع . ولكنه طلبَ منِّي في ذلك اليوم أن أقوم بالعمل نيابة عنه  إذ كان مضطرًّا للتغيُّب.  وكان في الجريدة خبرعن أمسية شعريّة  أحياها سميح القاسم في البعنة قبل أسبوع، وشاركتهُ بناء على طلب منه  .  كتبَ سكرتير الشبيبة خبرا  للإتحاد  ووضع اسمي قبل اسم  سميح ، وحين عاد  سميح  من مهمَّتهِ جاءَ إلى المطبعة  وكانت الجريدة  قيد الطبع .  تناول  نسخة  ونظر  إلى الخبر  الذي  يتوقع  صدوره عن  الندوة  الشعريَّة فوجدَ أن اسمي وردَ  قبلَ اسمهِ  فأصرَّ على إيقاف العمل  ووضع اسمهُ أوَّلا .  وكان هذا  سيستغرقُ وقتا طويلا مما يؤخّر نهاية يوم العمل.وهكذا رفض العمّال وكان الصراخ .    


سؤال 20 ) أعرفكَ كشاعر  كبير وأديب  ومناضل معروف ولكنكَ لم تظفر بالشهرة التي تستحقها،بينما أشتهرَ كثيرون لم يصلوا إلى مستوى خاصرتِكَ  ما السَّبب  !!؟؟ 

-  جواب 20 -  أنا لم أكتب الشعر والأدب من  أجل  أن يقال عنِّي شاعر أو أديب  بل لأساهم في النضال  ضدّ الظلم الذي  تعرّضَ  لهُ  شعبي  .  وكدتُ أشنق  في زمن  ما سمّيَ بجيش الأنقاذ . . كان همِّي الأكبر هو ماذا  أنجزنا في تلك المعركة .  إعتبرتُ نفسي  جنديًّا في جيش  في معركة غير متكافئة ، وكنتُ حريصا على ألا يرتكب أحد القادة خطأ يعود على كفاحنا بالضرر.  لذلك لم أتردَّد في توجيه النصح  أو الإنتقاد الذي أراه  مناسبا  وبدون غايات شخصيَّة .  ولكن  عهد  تقديس  شخصيَّة الزعيم  رأى في تصرُّفي  خروجا عن الطاعة العمياء .   ومن هنا كان  مصدر التعتيم  عليّ  وعلى  انتاجي .     مثلا  في حفل أول أيارالعام 1978 ، وقبل انتخابات  المجلس المحلي الأول في البعنة   قدّمني العريف  بعد  21 خطيبا  وكان معظم الجمهور  قد غادرَ المكان.  فاعتذرت  ووعدتُ  بإلقاء  القصيدة في العام القادم . ومعروف أني قرأتُ مئات الكتب ودرستُ الإقتصاد السياسي والماركسيَّة في معهد روسي  في موسكو. ومعروف أيضا  أني كنتُ الأول في جميع الصفوف  والمواضيع  الدراسيَّة  وحظيتُ بلقب طالب فلسطين الأول .  وحين قال لي أحد الزعماء  إنَّ  ابراهيم النمر  رئيس لجنة  رؤساء  السلطات المحليَّة  العربيَّة  يفعل  ما  يطلبه  منه  بينما لا  يستجيب  حنا  ابراهيم  رئيس مجلس أصغر  قرية  في الشاغور لتعليماته، قلتُ لهُ : أنا اتعلّم  ممَّن هو أشطر مني  وأعلم وأشكره . لكني لا أقبل  بأن يكون أمثالك  طلابا  في صف أعلّمهُ  لأنك  لم  تصل بعد  مستوى التلميذ عندي . وقامت القيامة . 


سؤال 21 ) ما رأيكَ  في الحركة الأدبيَّة المحليَّة اليوم  وسابقا كيف تقيِّمُهَا ؟

-  جواب 21 -      قالَ  أحدُ المشاهير :  الأدبُ هو مهندس النفس البشريَّة . وأنا أقول أنَّ الأدبَ نوعان . فالأدبُ الصهيوني الذي يعتبرُ الإحتلال  إنجازا وطنيًّا هو نقيض أدب المقاومة .عندنا أدباء نعتز ونفتخرُ بهم . لكن  القصيدة  لا تعيدُ الأندلس  ولا تنهي الإحتلال . لكن على الأدباء أن يعرفوا أنَّ مهمَّتهم لا  تنحصرُ في  الكتابةِ  فقط  بل في توحيد  صفوف المقاومة  والتغلب على الخلافات الداخليَّة  أيضا .  والمؤسف انَّ الإهتمام بالشهرةِ  الذاتيَّة  تأتي في المقدّمة، وصرنا  نقرأ شعرا لا يحملُ اسم الشعر . لا نجدُ الوزنَ  ولا القافية  ولا  حتى المعنى  في أكثر  الأحيان .   نعرفُ أنَّ كلّ  صاحب مهنة  يعتاش عادة منها  إلا مهنة الكتابة  إلا إذا وجدَ الكاتبُ  مكانا في الصَّحافة .  

   عندنا اتحاد كتَّاب أكنُّ لرئيسهِ كلَّ الإحترام  ولكن "ماذا تستطيعُ الماشطة أن تفعل مع الشّعر العفش "  .   كم  سمعنا هذه  الجملة البائسة : شعب  اقرأ  لا  يقرأ .  لم  يعد عندنا أيَّةُ دار نشر ولولا الحاجة للكتب المدرسيَّة  لما كان  عندنا مكتبات. لكن ليس هناك داع  لليأس  ما دام  يوجد الإهتمام . وبدلا من التركيز  على الأمور السلبيَّة  دعونا  نركّزُ  اهتمامَنا  على الأمور الإيجابيَّة   عارفين أننا  شركاء  في مصير واحد  متذكرين  قول أبي العلاء المعرّي : " كذبَ الظنُّ  لا إمامَ سوى العقل   مُشيرا في صبحِهِ  والمساء " .  

    والذي لا يعجبُه مقالٌ في صحيفة  يستطيعُ  أن  يناقشهُ  أو أن  يمتنع عن  قراءته .   


سؤال 23  ) ما رأيُكَ في ظاهرة التكريم  من قبل بعض الجمعيَّات الثقافيَّة حث يكرمون كلَّ من هبَّ ودبّ  بينما  يتمُّ  تجاهل الكتاب والشعراء الكبار وخاصَّة الوطنيين منهم ؟؟

- جواب 23 - أعتقدُ أن الشعراء والكتاب ليسوا بحاجةٍ إلى حفلات التكريم .   وإذا جرى تكريم  كاتب أو شاعر مبتدىء  فهذا من قبيل التشجيع  ولا عيب في ذلك .  وبالتالي فإنَّ المدعوّين  لا يفرض عليهم الحضور والتصفيق .  والمثل قال :  إعط المركب السائر دفشة . 


سؤال 24 ) هل كُرِّمتَ أنتَ من قبل مؤسَّسات ومنتديات ثقافيَّة وأدبيَّة محليَّة  أو خارج  البلاد ؟؟  

-  جواب24  -     أجل  ولدرجة لا أستطيعُ  تذكُّر كلّ الهيئات التي شرَّفتني  بذلك .   وأعتزُّ بوسام القدس  للثقافة والفنون الذي  قلَّدني  إيَّاه الشاعر أحمد دحبور باسم الرئيس عرفات  وتمَّ الإحتفال في مؤسَّسة الأسوار بشكل سألتُ نفسي : ترى أستحقُّ كلَّ هذا ؟! . وآخرُ تكريم لي كان من قبل اتحاد  الكتاب العرب في اسرائيل  ورئيسة  الأستاذ  المحامي سامي مهنا ، وكان  شريكي المرحوم سلمان  ناطور الذي  توفي بعد الإختفال بثلاثة أسابيع   .   والجديرُ  بالذكر انَّ  الرئيس الفلسطيني  ياسر عرفات  قلَّدني  وسام  القدس  للثقافة والفنون بعد عودتهِ إلى فلسطين  وذلك في  ( 1 / 12/ 1995   )  . 


سؤال  25 )  كنتَ عضوا  فعَّالا في مؤسَّسة  الأسوار  التي قامت بدور هام  على السَّاحةِ الأدبيَّة  المحليَّة  وأصدرتَ الكثيرَ من الكتب ، ماذا كان  دورُكَ فيها ؟؟ 

-  جواب 25 -      تعرَّف على السيّد  يعقوب حجازي  قبل انشائهِ  موسَّسة الأسوار ، حيث  كانت له دكان صغيرة  في  سوق عكا  العتيقة  لبيع  الكتب   ، وكنتُ أتردَّدُ  كثيرا على دكانهِ لشراء الكتب . وتوثقت بيننا صداقة متينة .  وما لبث أن  أقامَ  مؤسَّسة الأسوار التي قامت بدور هام على السَّاحة الأدبيَّة  ونشرت أكثر من 200 كتاب لمختلف الكتاب من الداخل والخارج .  

  في البداية عملَ  الرفيق صليبا خميس  كمدير للمؤسَّسة  ولكنه  اختلف مع زعماء الحزب الشيوعي .  ومن  بعض أسباب  النزاع  أنهُ  أشعلَ  سيجارة   للنائب  محمد ميعاري على منصَّة  اجتماع  شعبي ...وتمَّ  فصلهُ من الحزب وانتقلَ من حيفا، وبسب بعد المسافة  تركَ العملَ  في الأسوار. وما لبثتُ  أن أخذتُ مكانهُ  حيث عملتُ كمتطوِّع . وكما  ذكرتُ  بلغَ  مجموع ما أصدرتهُ مؤسَّسة الأسوار  من كتب 204 .  وبالطبع  كان الدور الأساسي  من العمل  للأخ  يعقوب حجازي  وزوجته  حنان .  

  واخيرا  ولأسباب  صحيَّة  تركتُ العملَ في الاسوار  ولكني  أعترفُ  بما كان  لهذه المؤسَّسة من فضل على الحركةِ الأدبيَّة والثقافيَّة في البلاد  وربَّما في الخارج أيضا .  


سؤال 26 )  سمعتُ عن حادثةٍ أشبه  بنكتة فحواها أنَّكَ كنتَ مديرا  لمطبعة صحيفة الإتحاد الشيوعيَّة  وكان الشاعر سميح القاسم  يعملُ كمصلح  لغوي  في الصحيفة  وكان يتغيَّبُ أحيانا  ويطلبُ منكَ  إلقاء نظرة  أخيرة على  دقة التصليحات ، وذات مرَّة  صدرَ خبرٌ وردَ  فيه اسمُكَ  قبل اسم  سميح القاسم  فجاء غاضبا  يطلبُ إيقافَ الطباعة  وتصحيح الخبر  بحيث يرد اسمهُ  أوَّلا ، لم يوافق  عمَّال المطبعة  لانَّ  ذلك يكلفهُم  وقتا طويلا كما لم  يقتنعوا أنَّ الدنيا  ستخرب إذا وردَ  اسمُ  سميح  القاسم  ثانيا ، وعندها جئتَ أنتَ .. ما هي القصَّة !!؟؟ 

-  جواب 26 -  لا ادري إن كانت كانت الحكايةُ  تستحقُّ النبش . فأنا أحترم الشاعر سميح القاسم والقصَّة  كما قلتَ أنتَ أشبه بنكتة . ذلك انَّ سميح  كان  ضيفا  على  فرع  الشبيبة  الشيوعيَّة  في البعنة  وألقى  عدَّة  قصائد  وكنتُ حاضرا  فطلب  منِّي أن أريحهُ  بإلقاء  قصيدة  أو  اثنتين  ففعلت  .  وأرسلَ  سكرتير الشبيبة  خبرا إلى  صحيفة الإتحاد عن الندوة  .   وحيث كنتُ أكبر الزميل  سميح  سنّا  بأكثر من 12 عاما  جاء اسمي قبل اسمه في الخبر .  وفي ذلك العدد طلبَ إليّ أن أصحِّحَ الأخطاء اللغويَّة الواردة  ففعلت . ولكنه عاد  والجريدة  تحت الطبع ، تناولَ  نسخة  واكتشف الخطأ الفاضح  بورود اسمي قبل  اسمه،غضبَ  وطلبَ ايقاف الطباعة  ريثما يتم التصحيح  حسب رغبته .  رفض عمَّال المطبعة  لأنهم  لم  يقتنعوا أنَّ  الأمر يستحق التعب . وعلا الصراخ  .  وفي هذا  الوقت  عُدتُ  إلى المطبعة  فانسحبَ  غاضب .  سمعتُ الصراخ  ولكني لم  أعرف السبب . حكى لي أحد العمال  ما جرى ، وكيف قال  لهم  إنَّ  الترتيب  الصحيح القول : ماركس أنجلس لينين وليس العكس .   ولم  أعر القضية  كبير اهتمام، على اعتبار  أنَّ  الشهرةَ  تصيبُ بعضَ الشبَّان بالغرور .  


سؤال 27 ) كم  كتاب  أصدرت وما هي المواضيع  التي تناولتها ؟؟ 

-  جواب 27 -      أصدرتُ 12 كتابا .. أربعةٌ منها قصص  قصيرة تصوّر واقعنا بشكل الحكايات ، هي : 

1 - أزهار بريَّة 

2 - الغربة في الوطن 

3 - ريحة الوطن 

4 - هواجس يوميَّة  

- السيرة الذاتيَّة في كتابين  :

1 - ذكريات شاب لم يتغرَّب   

2 - شجرة المعرفة  

- وثلاث روايات طويلة  هي : 

موسى الفلسطيني 

أوجاع البلاد المقدَّسة   

عصفورة من المغرب . 

- وثلاثة دواوين شعريَّة هي : 

نشيد الناس 

صوت من الشاغور 

صرخة في واد 

    وهنالك كتابان في الدرج  ربَّما يصدران  بعد  موتي  .

    إهتمَّت  منظمة التحرير الفلسطينيَّة  بكتبي  واقترحت  أن تعيدَ  طباعتهم  فأرسلت لهم نسختين من كلِّ كتاب  ولكن لم يفعلوا شيئا . 

    أظنُّ أنَّ السّبب  هو أنني سواء  في ذكرياتي أو رواياتي  كتبتُ  بوضوح  عن دور جامعة الجول العربيَّة  المخزي  في  نكبة  فلسطين  وعن انسحاب  ما سمي بجيش الانقاذ المهين من الجليل وتسليمه  لقمة  سائغة  لاسرائيل .   وكان فضح  هذا من شانه  أن  يسيىء  العلاقة  مع  الدول العربيَّة  وخاصة الأردن  ومصر .  

         أما أشعاري  فقد ألقيت  كلها  وبدون استثناء  في  اجتماعات  شعبيَّة ومهرجانات كفاحيَّة ضدّ الحكم العسكري والإضطهاد  العنصري .  


سؤال28 )  النقاد والأدباء الذين كتبوا عنكَ  ؟؟

-  جواب 28  -

1 – إبراهيم خليل في كتابه القصة والرواية الفلسطينيَّة  . 

2 - أحمد دحبور : البرق المبارك 

3 -  أحمد عمر شاهين : موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين . 

4 - د. جمال أسدي : القاص حنا إبراهيم ( قصص مترجمة للإنجليزيَّة - نيويورك بيترلاند 2009  )  .

5 – د. جمال قعوار – مجلة المواكب العدد 3/ 4   .

6 – د. حبيب بولس : حنا إبراهيم  والهاجس الفلسطيني . 

7 – د. حبيب بولس:  مجلة الجديد  عدد 9 ، ، عام 1987  .

8 – د. حبيب بولس : هواجس يوميَّة  لحنا ابراهيم . 

9 -  د. حبيب بولس : ذاكرو  حنا ابراهيم  ذاكرة شعب بأكمله . 

10 – د. حبيب بولس : أنطولوجيا القصة العربيّة في اسرائيل .

11-  د.  حسين حمزة  : توتر اللغة العربيَّة  في أدب حنا ابراهيم  .

12 – حنا ابراهيم :  من ذكرياتي مع صديقي محمود درويش . 

13 – خميس فرح : شخصيّة الآخر في الأدب اليهودي  والعربي . 

14 -  فيصل قرقطي :  حنا ابراهيم وذكريات شاب لم يتغرب .  

15 -  رفيق بكري : لقاء مع الأديب حنا ابراهيم - صحيفة الحقيقة - كفر ياسيف . 

16 - سهيل عيساوي : حنا ابراهيم شاعر ومناضل .  

17 - د. سيف الدين ابو صالح (ملحق الإتحاد الثقافي) مجمع اللغة العربيَّة .  

18 -  د. شموئيل موريه   و  د.  محمود عباسي ،  إصدار  معهد  هاري ترومان في الجامعة العبرية .  

19 - عامر جنداوي : القصَّة القصيرة عند حنا ابراهيم  ( رسالة ماجستير . 

20 – عرفان أبو حمد : أعلام من أرض السلام .

21 -  عيريت جسروير : المبنى  والمضمون في قصص حنا ابراهيم . 

22 - غسان كنفاني : الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الإحتلال .  

23 -  كمال قاسم فرهود : أعلام  الأدب العربي في العصر الحديث .  

24 – متى سمعان   و  د. يوسف  أحمد شبل :/ عكا تراث وذكريات . 

25 – محمد علي سعيد : قراءة سيميائيَّة في قصص حنا ابراهيم . 

26 - محمد علي طه : حنا ابراهيم بين القصة والتاريخ .

27 – د. محمد جبارين : لقاء مع الشاعر حنا إبراهيم . 

28 -  محمد علوش : مع حنا ابراهيم في أزهار برية .  

29 - د. محمود عباسي : العلاقات العربيّة  اليهوديّة في القصة العربية . 

30 -  د. محمود عباسي: تطور الرواية والقصَّة القصيرة في الأدب العربي في اسرائيل .  

31 - د. محمود غنايم  :  المدار الصعب .  رحلة القصة الفلسطينية  في اسرائيل . 

32 – د. محمود غنايم :  ماذا بعد التعليمية والترفيه . مجلة الشرق . 

33 - مجلة الشرق :  لقاء مع الكاتب حنا ابراهيم  . 

34 - د. نبيه القاسم :  حنا ابراهيم الجوال الذي لا يهدأ . 

35-  د. نبيه القاسم : في الرواية الفلسطينيَّة -  دار الهدى .  

36 - أحمد حسن محمود أبو بكر : حنا ابراهيم  أديبا ( أطروحة دكتوراة) .  

37 - شمعون بلاس:الأدب العربي في ظل الحرب - دار الشرق شفاعمرو .  

38 - فيصل قرقطي :  حنا ابراهيم :  ذكريات  شاب لم  يتغرب  -  مجلة الأسوار .  


سؤال 29 ) أنتَ انسانٌ مناضل  وشاعر وأديب  وكاتب  كبير بل وعملاق ،  ولكنك  لم  تنل  الشهرة المناسبة  والكافية  بينما أشتهر أدباء  أقل منكَ  شأنا  ولم يصلوا لخاصرتِكَ  ثقافة وإبداعا ونضالا .. ما هو السَّبب!!؟؟ 

- جواب 29  -   هناك  سببان : الأول هو انني كنتُ  أعرف  المثل القائل : "مادح نفسه كذاب لا يُصدَّق ولا يُعتمد عليهِ" . بينما كان همَّي الأول  خدمة قضايا شعبي ومقاومة سياسة الإضطهاد  القومي وسلب الأراضي .  وأذكر أنَّ قصائدي  كلها  وبدون استثناء  لم  تكتب  للنشر بل  لتلقى في اجتماعات شعبيَّة . ومن الناحية الثانية  كنتُ من المغضوب عليهم  لدى زعماء الحزب الشيوعي لأني  كنتُ أنتقدُ الكثير من الاحكام التي عفا عليها الزمن .  ولعلّي كنتُ الأولَ  وربَّما الوحيد  من الرفاق  حين أعلنتُ أمامَ حشدٍ شعبي كبير انَّ الأنظمة الإشتراكيَّة  آيلة  للسقوط  إذا لم  تنتبه لعيوبها .. فغضبت عليَّ  بنو تميم . ولكن غضبهم لم  يحل دون سقوط  الأنظمة الإشتراكيَّة  كما حذرت . 


سؤال 30 )  إسمح لي هنا بالسؤال : كيف توصَّلتَ إلى هذه النتيجة في حين كان هناك عالمٌ  اشتراكي  وعلى رأسهِ الإتحاد السوفياتي الجبار !!؟؟ 

 - جواب 30 -     كنتُ  أكن للإتحاد السوفياتي احترام الوالد ومحبَّة الأبناء والاحفاد، وأعتبرُ  أنَّ  مصيرَ  البشريَّة  ومها  العالم  العربي  منوط  بنجاح الإشتراكيَّة .   لذلك  كنتُ أتابع مسيرته باهتمام  كبير .    وجدير بالذكر اني درستُ الماركسيَّة في معهد سوفياتي وقرأتُ كتب ماركس وأنجلس ولينين.. هذا إلى جانب  مكوثي  سبعة  اشهر في  موسكو  وليننغراد ، وقراءة  مئات الكتب والمجلات التي تهتمُّ  بالإشتراكيَّة، وكما شاهدتُ  بأمّ  عينيّ أنَّ الواقع ليس كما يدعون . ومعروف اني كنتُ  تلميذا  نجيبا، حصلتُ في ثانويّة عكا  على لقب  طالب فلسطين الأول .  وهل إذا حذرَ  طبيبٌ مريضا  وطلبَ إليه الذهابَ  إلى المستشفى  للعلاج  ولم  يمتثل ومات يكون هو الذي قتله .؟؟ .     وبدلا من أن يناقشوني أصدروا  قرارا بفصلي من الحزب  بدون محاكمة . ومع ذلك سقطت النظم الإشتراكيَّة .  

 والجدير بالذكر اني انتقدتُ الكثيرَ من أنظمةِ الحزب الداخليّة  ومنها تقديس الشخصيَّة والطاعة العمياء . 


سؤال 31 )  ما رأيُكَ في الحركةِ الأدبيَّة والثقافيَّة المحليَّة سابقا والآن؟؟ 

-  جواب 31 -   إذا  كان لي أن أقيِّمها  فإني أعطيها علامة جيد جدا  .  فقد  أنجبت  شعراءً  وأدباء على مستوى عالمي على الرّغم  من  سوء الظروف التي جعلت تقدمهَا من الصعوبة بمكان . 

  لكن يجب أن نعلم أنَّ الحركة الأدبيَّة أشبه بالخارطة وأنَّ الذي  يقوم بالبناء هو العمل التنفيذي .    واعترفَ غوَّار بأنَّ القصيدة لا تعيدُ الأندلس، كما أنَّ قصائد محمود درويش على عظمها  لم تعد شبرا من أراضي البروة .  على كلِّ حال أنا أفتخر بعدد  كبير من أدبائنا المبدعين . 


سؤال 32 )  ما رايُكَ في مستوى الصَّحافة المحليَّة ومصداقيَّتها ؟؟ 

-  جواب 32 -     الصَّحافة  نوعان ..هناك الصحف الحزبيَّة ومنها المُمَالئة للحكوماتِ المتعاقبة  وهنالك الصحف صحف المعارضة ..وهنالك الصحف التي تهتمُّ بجني الأرباح .ومعروف أنَّ لا مستقبل لصحيفة لا تراعي مصالح الشعب . 

   ليس لديّ ما أقولهُ لأصحاب الصحف العربيَّة سوى :الله يعطيكو العافية .  


سؤال 33 )  كنتَ أنتَ مرَّة  في لجنة التحكيم  لجائزة التفرُّغ  للأدباء العرب المقدمة من وزارة المعارف  ومقدارها نحو 17 ألف دولار  تدفع  على 12 قسطا . سمعتُ أنّكَ رشَّحتَ أدباء مبدعين ولم  يأخذوا الجائزة.. كيف هذا مع أنكَ كنتَ رئيس لجنة التحكيم !!؟؟   

-  جواب 33 - ليس لهذا نصيب من الصحَّة،رشَّحت لجنة التحكيم بالإجماع  ستة أدباء ونالوا الجائزة في حفل أقامهُ وزيرالثقافة والمعارف غالب مجادلة في الناصرة في الناصرة وكان عددُ المرشَّحين نحو 85 أديبا.ولم تكن هنالك أية مشكلة . 


سؤال 34 ) ربَّما كنتَ أوَّل من انتقدَ الاوضاع في الإتحاد السوفياتي ، ولكن مئات الطلاب  درسوا وتخرَّجوا من المعاهد العلميَّة كانت لهم آراء أخرى؟

-  جواب 34 -  لم أسمع من أولئك الطلاب ولكني  أصرُّ على موقفي . وما جرى أكبر إثبات على صحَّة رأيي .  


سؤال 35 ) لماذا فصلتَ من الحزب ؟؟ 

-  جواب 35 - في العام 1983 قضيتُ شهرا في موسكو وليننغراد كضيف من الحزب الشيوعي الإسرائيلي  .  وهنالك رتّبوا لي لقاء  مع  رئيس  بلدية ليننغراد حيث  كنت رئيس مجلي البعنة المحلي.ألقى محاضرة عن إنجازات  لم أرَها في الواقع . في ردِّي قلتُ  إنني خلال الأسابيع الثلاثة  التي  قضيتها في موسكو وليننغراد لم أرَ إنجازا  يسرُّ الصديق بالنسبة للعام 1968  حيث كنت قبل 15 سنة . وتساءلتُ عن وعد خروتشوف الذي  قال إنَّ الإشتراكية السعيدة  سيتمُّ بناءَها في العام 1984. وقلتُ: أعطيتم مصر مليارات  وبنيتم السدَّ العالي ولم تأخذوا  إلا شتائم  من السادات فقط . قاطعني وأشارَ لي بيدهِ أخرج علامة الطرد . 

  ويبدو أنه اتصلَ بقيادة حزبي الذين رأو في ذلك  سببا آخر لإتمام الطرد . وهكذا  كان . 


سؤال 36 )   حين كنتَ في الحزب الديمقراطي العربي  سمعنا عن رحلتكم إلى تونس واجتماعكم مع  عرفات  وصحبه، هلاّ حكيتَ لنا بالتفصيل ؟؟

  جواب 36 -   ترجع الحكايةُ  الى انتخابات الكنيست في العام 1992 حيث فاز رابين وحلفاؤُهُ ب 56 مقعدا في الكنيست وكان بحاجة إلى خمسة مقاعد   فقط  لضمان الأكثريَّة ، وهذه المقاعد لدى الحزب الشيوعي ( 3 )  و ( 2 ) لدى الحزب الديمقراطي .   وهنا اسمح لي لأن أعود بالذاكرة إلى ماقبل تلك الإنتخابات .  ذلك أنه تمَّ الإتفاق  بين الحزب الديمقراطي  والحركة التقدميّة برئاسة محمد ميعاري على النزول بقائمة موحَّدة  بمبادرة منّي، وقبل توقيع الاتفاقيَّة عرضت على النائب ميعاري أن  نحاولَ  ضمّ  الجبهة الديمقراطيَّة  وننزل معا. وافق بدون تردّد. طلبنا عقد جلسة مع قيادة الجبهة فوافقوا أيضا ،وكان ذلك في مكتب الحزب الشيوعي في حيفا.عرضنا عليهم أن ننزل معا وان تكون لهم رئاسة القائمة  وستة مقاعد من العشرة الأوائل، رفضَ توفيق زياد  بشكل لا  يقبل الجدل  .  ثمَّ  نقض ميعاري الاتفاق معنا  وفاجأنا  بضمِّ  رئيس مجلس  فسوطة المحلي كرقم اثنين  متخليًّا عن  الشراكة معنا .  وفي الانتخابات  لم يتجاوزوا نسبة الحسم  وحرقوا نحو 37 ألف صوت .   وبدلا من عشرة مقاعد  كنا سنحصل عليها  لو نزلنا معا ، نلنا خمسة  وانتهى أمر الحركة  التقدميَّة . قلتُ  لاحمد سعد  رئيس تحرير صحيفة الاتحاد : خسرتم ثلاثة مقاعد  برفضكم الشراكة . قال يكفينا مقعد واحد  على أن  تختفوا  أنتم والتقدميَّة من الكنيست  ولكن المقاعد  ظلت كافية  للمناورة .  ألفنا  لجنة من سبعة أعضاء من مركز الحزب الديمقراطي للتفاوض  مع رابين  وجماعته برئاسة عبد الوهاب دراوشة  ، لكن لاحظنا  أنَّ  عبد الوهاب  دراوشة  أخذ يسعى للحصول على  وزارة  بدلا من الحصول على شروط  أفضل للأقليَّةِ  العربيَّة . طلبنا عقد اجتماع  مع رابين فكان لنا ذلك . أفهمنا بصريح العبارة  أنَّ سياسته هي عقد صلح  وسلام مع الدول العربيَّة وتحقيق المساواة للعرب في اسرائيل ، ولكن هذا لن يتم بين عشيَّة وضحاها، إنما هذه هي خطته وأن احدا لا يستطيع من العرب ابتزازه، لأنَّ اسقاطه يعني عودة شمير الليكودي إلى الحكم . قال : تريدون شمير ؟ تفضلوا .   

  قلنا أين المساواة وهناك قانون يقضي بسجن كلّ من يقابل أحدا من منظمة التحرير. قال هذا القانون سيتمُّ الغاؤُهُ قريبا . 

  سأل عبد الوهاب دراوشه هل تعني أننا نستطيعُ الإتصالَ  بياسرعرفات ؟ .قال :من الغد . وهكذا  قرَّرنا إرسال  وفد إلى تونس يضمُّ عضوي الكنيست دراوشه  والصانع  ومحاميا من  دبورية  وأنا . مكثنا في  تونس  خمسة أيام قابلنا خلالها معظم قادة المنظمة إن لم يكن كلهم . وأجرينا محادثات مطولة. ويبدو أنهم اقتنعوا بأنَّ البندقيَّة  ليست السبيل الصحيح والوحيد  لحلِّ القضيَّة الفلسطينيَّة . ومن هنا كان الأساس لمفاوضات أسلو . وأعتقدُ أنَّ الخطأ الذي حال دون الوصول إلى الحلّ المرضي هو التسرّع بقبول مبدأ غزة  أولا أو أريحا أولا  بدلا من وضع حل مقبول ونهائي . وما جرى بعد ذلك معروف للجميع . 


سؤال 37 )   سمعنا  أنكَ ساعدتَ  الكثيرين من الشعراء  والأدباء المبتدئين  وخاصة الشاعرالكبير محمود درويش هلا حدثتنا عن هذا المجال ؟؟

-  جواب 37 -   محمود درويش هو أصلا  من قرية  البروة التي زالت من الوجود . لجأت  أسرتهُ إلى  قرية  ( دير الأسد )   وتعلم  في مدرسة البعنة الإبتدائيَّة  . تعرَّفتُ إلى جدِّه المحروم يوسف درويش  الذي كنتُ أوصلُ  له صحيفة الإتحاد  الشيوعيَّة  صبيبحة كل  يوم أحد  .   وكان أحيانا  يستبقيني   لشرب القهوة  والحديث في السياسة .. وعرف اني شاعر .   وفي ذات  يوم قال لي:عندنا ولد يكتبُ الشعرَ..رفعَ صوته ونادى: يا محمود هات أشعارك فرجيهن لعمك حنا . جاءَ فتى صغير يحملُ  دفترا أنيقا أعطاني  إيَّاه . قرأتُ فدُهشت. سألتهُ  في أيِّ صف أنت قال :في الصف السادس  .  قلتُ للجد : لا أجاملكَ حين أقول  لك إنَّ هذا الولد  سيصبحُ  شاعرا كبيرا  .  فأنا لا أعرفُ  شاعرا  كتب وهو في مثل هذا السنّ شعرا  بهذا  المستوى .  وحالا خطرت لي  فكرة  استمالته  ليصبحَ  يوما  ما  شاعرَ الحزب الشيوعي  .    ودعوتهُ  لزيارتي كلما سنحت له فرصةٌ . وكبرَ محمود  واشتهر ورحَّبت به  صحفُ  الحزب الشيوعي . ولأن أشعارَه لم تعجب السلطة لم يجد الوظيفة. وفي ذات مساء زارني برفقة أستاذ  صديق من دير الأسد . قال لي  إنه عاد  قبل قليل  من  تل أبيب  حيث  زار حزب  مبام  بدعوة  منه، وانهم  عرضوا عليه  أن  يكتب في صحيفتهم بالعربيَّة ( المرصاد)  مقالا  أو قصيدة  كلَّ أسبوع  لقاء  راتب يوازي راتب معلم  . وعدَ  بدراسة  الأمر  والردّ  فيما  بعد  .  وطلبَ نصيحتي . قلتُ لهُ :  ذكّرتني بالشاعر راشد حسين  الذي استشارَ إميل توما   في قضيَّة مشابهة  تماما .   والمثلُ الشعبي يقول :  ( إشتغل بال" كذا "  ولا تحتاج ال" كذا " ) .   أنا أعرفكَ وأعرف انكَ  لا تقف إلا مع شعبك  .  إقبل العرض  ما دامَ انهم لم يضعوا شروطا مهينة . أنا كنتُ سأقبل العمل في أيِّ مكان  لولا أنهم اشترطوا انسحابي من الحزب . 

    وهكذا اصبحَ صاحبنا محرِّرا في المرصاد .وبهذه الصِّفة  حضرَ مؤتمرا  عقدتهُ الأحزاب والمنظمات العربيَّة في عكا تحت عنوان "من أجل السكن "  احتجاجا على  سياسة الحكومة  الإسرائيليَّة  التي أصبح  في  ظلها  حصول العربي على مسكن  معجزة  . كتبَ محمود  مقالا جريئا وصادقا  لم  يعجب أصحاب  العمل  لأنهم كانوا  شركاء  في الحكومة ، فمنعوا  نشرَهُ  ونشروا  ملخصا لما  كتبتهُ  صحيفة "اليوم" الحكوميَّة  ونسبتهُ إلى  "مراسلنا "  وفي هذا إشارة أنَّ كاتب الخبر هو محمود درويش . غضبَ محمود وتركَ العملَ فورا . عرفَ إميل حبيبي بالأمر فاستدعاهُ  ليعملَ في صحيفةِ الإتحاد  .    

وفي اجتماع حزبي بعد ذلك  انتقدَ توفيق زياد بشدَّة إميل حبيبي حيث خالفَ دستورَ الحزب  ووظف  في  صحيفتهِ  المركزيَّة  محرِّرا  ليس  عضوا  في الحزب  بينما كان عضوا في الحزب ( أي انا ) ينتظرُ وظيفة لعدة سنوات .  

   تضايقَ إميل حبيبي وطلبَ منِّي أن أنجدَهُ . قلتُ: يا رفاق صحيح ان إميل حبيبي خالف الدستور ولكنه خدمَ الحزب خدمة لا تنسى باكتساب شاعر من وزن محمود درويش .  صحيح أنني  كنتُ انتظرُ وظيفة ، ولكني مستعدٌّ أن أباركَ بها لمحمود . أما قضية العضويَّة في الحزب فليست مشكلة . 

   وهكذا أصبحَ  محمود درويش  محرَّرا في صحيقة  الإتحاد  وانتسبَ  إلى الحزب .  وكنتُ أنا من زكَّى طلبَهُ للإنتساب حسب النظام المتبع .  

   وعملَ محمود في صحافةِ الحزب أكثرَ من عشر سنوات . أرسلوهُ  ليتعلَّمَ الماركسيَّة  في موسكو  في المعهد الذي  تعلَّمتُ  فيهِ، ولم  يعد ... ولا يجهلُ  بقيَّة الحكاية .   وأرجو أن يُسمحَ لي هنا بذكر حقيقة هي أنَّ  قصيدة  محمود درويش "سجِّل أنا عربي" كتبَها عنِّي وكنتُ أنا المقصود بذلك العربي الذي قادَ كفاحا مريرا ضدَّ سياسة  حكومة اسرائيل  آنذاك  بحرمان  ثلاثة  أرباع عرب الجليل من الهويَّات المدنيَّة وإعطائهم تصاريح مؤقتة بالإقامة  تمهيدا  لحرمانهم  من  الجنسيَّة  وطردهم   حين  تشاء  الحكومة الجديدة .  فأنا ذلك العربي الحجَّار أبو الأبناء  الثمانية الذي " يقدُّ  لهم  رغيف الخبز  والأثواب  والدفتر من الصَّخر " ، ابن القرية التي شوارعها  بلا أسماء ، وكلُّ  رجالها  في الحقل  والمحجر  يحبُّون الشيوعيَّة " .   ولكن الذين لا يحبُّون الشيوعيَّة  قد استبدلوا الجملة الاخيرة بجملة " يحبُّون العبوديَّة "  ثمّ  ألفوها بالمرة  .  


سؤال 38 )   كنتَ  أنتَ عضوا في اتحاد الكتاب  العرب الذي  كان  يرأسه الشاعر المرحوم  سميح  القاسم  .    ثمَّ  انسحبتَ  والتحقتَ  برابطة  الكتاب الفلسطينيِّين  برئاسة  الدكتور جمال قعوار .  وما لبث  هذان  الإتحادان  أن اصبحا في خبر كان .. هل لك ما يقال في هذا ؟؟  

-  جواب 38 -    اكتشفتُ بعد طول معاناة أنَّ تلك الإتحادات مجرَّد عناوين لا تضرُّ ولا تنفع  . يستغلّها البعضُ للشهرة ليس إلا . ولا أعتقدُ أنَّ أيَّ أديب  بحاجة إلى نقابة  شأن عمَّال الصناعة،  يستطيعُ الأديبُ أن يبدع  سواء كان  منطما أو غير منظم  .  مشكلة الأدباء  تكمن  في بيع انتاجهم .  أنظر ترَ أنَّ كلَّ صاحب  مهنة  يعتاش من عملهِ  إلا الأدباء  ما عدا من  يعمل منهم  في الصَّحافة . 

    مرَّت فترة أن كان عندنا أكثر من اتحاد  كتاب . يميلُ كلُّ  واحد منها إلى تنظيم  سياسي معيَّن .  وبدل أن  يتحدوا  كانوا  يتفرَّقون  ويختلفون  .  لذلك انسحبتُ وبقيت على علاقىة طيّبة  مع الجميع  . 


سؤال 39 )  لدينا  الآن إتحاد الكتاب العرب  الذي  يرأسهُ الشاعر المحامي سامي مهنا ... وهنالك  أيضا عدّة  منتديات أدبيَّة ، لماذا  أنتَ لم  تنتسب إلى إحداها !!؟؟  

-  جواب 39 -      لم  أقتنع أنَّ هذه التنظيمات  تفيد الحركة الأدبيَّة  مع أني احترمُهَا  جميعا .  يكفي انها  تخلق جوًّا  يختلفُ عن  ذلك الذي كان  الكتاب فيه كالأحزاب في خصام .  وأنا أكنُّ احتراما للشاعر سامي مهنا ..ولو كنتُ أستطيع أن  أقدّمَ خدمة بانتسابي لهذا الإتحاد لفعلتُ . 


سؤال 40 )  بعد  خروجكَ  من الحزب  الديمقراطي كنتُ  تردِّدُ  بيت  شعر لامرىء القيس مع بعض التحريف  فتقول :

( لقد  طوفتُ  في الأحزابِ  حتى    رضيتُ   من   الغنيمةِ    بالإيابِ )  

  وهذا يدلُّ  على خيبة  أمل  من الأحزاب العربيَّة .. ما قولكَ ؟؟

-  جواب 40 -   الحزبُ هو تنظيم  سياسي  يقصدُ  منه الوصول إلى الحكم  

 أو منع الحزب الحاكم من التمادي في الظلم  .  ومعروف أنَّ مشاكل الأقليَّة العربيِّة في اسرائيل متشابهة إلى حدٍّ بعيد، لذلك  فهي بحاجة إلى تنظيم أشبه بالوكالة اليهوديَّة قبل قيام دولة اسرائيل . ولكنها كانت من  بداياتها مختلفة ، يتمُّ  فيها  الإهتمام  بالمصالح  الضيِّقة  سواء  الشخصييَّة  أو  الحزبيَّة  على المصلحة العامَّة .  ولنتذكر، أنَّ عرب اسرائيل  مجتمعين هم أقليَّة فما تراهم فاعلين  وهم  متفرقون  أيدي سبأ ؟ .  وحتى في  داخل  كلِّ حزب على حدة  كانت المصلحة الشخصيَّة أو التكتليَّة والفئويَّة هي السائدة .  فبالك  ما معنى  أن يقضي توفيق طوبي  زعيما للحزب الشيوعي 43 عاما ؟؟   وأن  يموتَ بريجنيف في مكتبه  وهو في أرذل العمر ؟؟ .  

     ولكني آملُ  أن يصدق عليهم المثل الشعبي القائل : " إبنك  إن ما علمتهُ الدَّهر يعلمهُ .  وأتمنّى لهم أن يظلوا  كالأخوة  الذين يعيشون كل واحد منهم في بيته .  


سؤال 41 )   بعد انسحابك من الحزب الديمقراطي العربي  لماذا لم  تنتسب إلى حزب عربي آخر . ألم  يطلب منكَ أحدٌ  منهم الإنضمام ؟؟

  جواب 41 - ربَّما كان شعوري كشعور المرأة التي تزوَّجت مرَّتين  وكان زواجُها فاشلا ، فالأجدر بها أن تمكثَ في البيت . سيما  وأن انضمامي لأي حزب لن يحلَّ  قضية فلسطين .   


سؤال 42 ) ما رأيُكَ في حزب التجمُّع  وحزب أحمد الطيبي  وما  رأيُكَ في شخصيَّة عزمي بشارة  بشكل خاص ؟ ؟ 

-  جواب 42 -       لا أحبُّ أن أبدو كالأستاذ الذي  يوزِّعُ  العلامات .   لي أصدقاء أحترمُهُم  في كلِّ  الأحزاب بما فيها الحركة الإسلاميَّة .وإذا كان لي أن أخاطبهم  كصديق أقول : تصرَّفوا كأخوة متكاتفين لا  كأخوة  يتنازعون  على  الميراث .     والحقيقة  أنني  بنيتُ  آمالا عريضة على عزمي  بشارة واجتمعتُ  به  مرَّة في مكتبه  وقلتُ  لهُ  إنهُ  يملكُ  قوَّة  كبيرة  على الإقناع   وحتى لا يقنع الآخرين بشيىء خطأ  يجبُ عليه أن  يفكرَ  كثيرا وألا يتعجَّل  في اتخاذ  أيِّ  قرار هام  .   لم يطلب  إليَّ الإنضمامَ  إلى حزبهِ  ويبدو  أنهُ تصرَّفَ  كأصحاب دريد بن الصمَّة  الذي قال فيهم :                            ( أمرتهُمُ  أمري   بمنعرج  اللوى     فلم يستبينوا النصحَ إلا ضحى الغدِ ) 

    واعتقدُ انَّ رجالا  ذوي  شخصيَّات متميِّزة  كعزمي  بشارة  نالوا  شهرة واسعة  معرَّضون  للإصابة  بالغرور، والشعور بالعظمة  ومن  ثمَّ  الوقوع بالخطأ ،  لعلَّ هذا ما أصابَ صاحبنا  .    وأنا أفضّلُ أن  يقومَ رفاقُ عزمي بتحليل  مسيرتهِ للتوصُّل  إلى العبر .   ربَّما يكونُ الإنتقاد من الخارج  غير مفيد إن لم يكن ضارًّا .  وقديما قيل : أهل مكة أدرى بشعابها . وثقتي برفاق عزمي كبيرة جدا .  

        وعلى كلِّ حال  فإنَ ما  فات قد مات  .   والمثل  قال : إدفنوا امواتكم وانهضوا .   


سؤال 43 )   نلاحظُ انَّ معظم وسائل الإعلام المحليَّة على أنواعها المستقلة شكليًّا أو التابعة  للسلطة  لا توظفُ الوطنيِّين الشرفاء  مهما كانت شهاداتهم وكفاءاتهم ومستواهم الثقافي والإبداعي وتهتمُّ بمن هم أقرب إلى خط السلطة حتى لو كانوا  أقلَّ كفاءة .. لماذا !!؟؟

-  جواب 43 -  وسائل الإعلام هذه  توزِّعُ صحفها بالمجَّان ، لذلك ليس لنا الحقّ في التدخُّل بمن توظف . ومعروف  انَّ معظم  وسائل الإعلام  إن  لم تكن جميعها ، لها خطوطها السياسيَّة . نستطيع أن ننتقدَ  أو نوجِّهَ النصيحة ، لكن لا حكم لنا عليها .  


سؤال 44 )   سمعنا  أنَّكَ ربَّما أول من خرجَ على عادات التعصُّب الطائفي  فزوَّجتَ ابنتكَ لشاب مسلم  وهذا  أدَّى  إلى خسارتكَ أصوات  معظم اقاربكَ في الإنتخابات  التي  رُشِّحتَ  فيها  لرئاسةِ  مجلس  بلدك  المحلي ... ما هو تعقيبُكَ ؟ 

-  جواب 44 -  أنا أقسِّمُ الناس لاحسب طوائفهم ودياناتهم بل حسب مواقفهم السياسيَّة . أنا مسيحي  وجوج بوش مسيحي  وهتلر كان  أيضا مسيحيًّا . ما الذي  يجمعني بهم  .   وحتى العروبة لا  تجمعني مع  كلِّ عربي  .  داعش عرب  وبيني وبينهم  ما صنع الحداد .   يحقُّ لي مصاهرة أيّ كان  لأسباب موضوعيّة، أما  أن أرفض لأنه مسلم  فتلك إهانة لا  تغتفر لأكثر من  مليار مسلم . ثمَّ من قال أني أقسمتُ يمين الولاء للطائفيَّة ؟ . 


سؤال 45 ) لم ترشِّح نفسَك مرَّة ثانية لرئاسة المجلس المحلي  مع أَّنك كنتَ  تحظى بدعم الأكثريَّة .. لماذا ؟.. وهل من خلفوك كانوا أكفاء  وأهلا للمهمَّة !!؟؟ 

-  جواب 45 -     بعد أن تسلّمتُ رئاسة  مجلس  بلدي المحلي أخذ  زعماءُ المنطقة  الحزبيَّة  يصدرون  إلي  شتى   الأوامر .     ومنها  غير  المعقولة   كمضاعفة عدد موظفي المجلس ثلاث  مرَّات . وبالطبع لم  يكن  في إمكاني  تلبية كلّ تلك الأوامر فطلبتُ منهم تركي  وشأني .قالَ احدُهم : إبراهيم النمر رئيس لجنة رؤساء السلطات المحليَّة  يفعلُ دائما  ما  نطلبُ منهُ، أما الرفيق حنا ابراهيم  فلا  يردُّ علينا .  قلتُ لهُ  أنا  أطيع من هو أشطر منِّي  وأشكرهُ وأتعلَّم منه، أما  أنتَ فلا تصلحُ  لتكون  تلميذا عندي  .   وغضبت عليَّ  بنو تميم . وقالوا لي عملناك رئيس وعلَّمنا أولادك  في البلاد  الإشتراكيَّة ، قلتُ إنَّ أهل البعنة هم من انتخبوني لا أنتم ، وأنا مدين  لمن  علَّموا ابني وأصبحَ طبيبا  أما أنتم  فأخذتم مني  لقاء ذلك عشرة آلاف دولار عدًّا ونقدا .        أمَّا ابني الثاني  فهو في سنته الثالثة  في تشيكوسلوفاكيا  وسأعيدُه في نهاية الأسبوع . وهكذا كان .  

  وفي الإنتخابات  التالية لم أرشّح نفسي  ورفضوا أن يكون لي دور قيادي،  رفضوا بعضَ الحلفاءِ  وخسروا الإنتخابات . ولحسن  حظ القرية  فاز ممثل الحزب الحاكم  (الليكود) وأغدقت الحكومةُ عليه المساعدات وزارَهُ شارون وشمير في بيته  بشكل تظاهري وعمل للقرية أشياء تذكر . 

 

سؤال 46 )  حبَّذا  لو تحدِّثنا عن بعض الطرائف التي مرَّت  بكَ  أو مررتَ بها ؟؟ 

-  جواب 46 -  زارني قبل أكثر من أربعين عاما شابٌّ قال إنهُ سيستشيرني بموضوع سرِّي وهام . قال : إنَّهُ  فلسطيني يسكنُ  في الأردن  وينتسبُ إلى منظمة المقاومة  .  وأنهم  قرَّروا الردَّ على الإعتداءات  الإسرائيليَّة بأعمال انتقاميَّة  يقوم بها انتحاريُّون، وطلبَ إليه أن يبدأ. ولكن أحد المسؤولين  قال لهُ: قبل أن نقوم بأيِّ عمل  إذهب إلى قرية البعنة في الجليل واستشر شخصا اسمه حنا ابراهيم  وافعل ما يشيرُ عليكَ  به . وأنا  أريدُ أن أقتل من أستطيع قتله من اليهود . 

    أذكرُ اني صرختُ به قائلا الله يخرّب بيتك ،  تريد أن تموتَ وتورطني . هل  تظنُّ  أنكَ بذلك  تحلُّ  قضية فلسطين ؟  بل على العكس  .  هذه الأمور تستغلّها اسرائيل لتظهركم  كإرهابيِّين  بينما هي دولة معتدى عليها . إرجع حيًّا  إلى أهلك  وقل لجماعتكَ ليست هذه هي الطريق لحلِّ مشكلة فلسطين . 

   وفي ذات يوم  كنتُ عائدا من الأردن في حافلة  ركاب . صعدَ إليها رجل  واختارَ أن يجلس إلى  جانبي  .   خاطبني  بكنيتي  كأنه  يعرفني ، وعرَّفني بنفسهِ . قال إنَّهُ ذلك الشاب الذي قلتُ لهُ " الله يخرّب بيتك" بعدما استشاركَ بأمر لعلك  تتذكرهُ . وتذكرت .   قال أنا اليوم عضو في  البرلمان  الأردني  واسمي حماد الفراعنة .  


سؤال 47 )  ما رأيُكَ بمصطلح  أدب ذكوري وأدب نسائي ؟؟ 

 - جواب 47 -      لا فرق  سوى انَّ المرأة  في عالمنا العربي لم  تبلغ  بعد المساواة، وطبيعة عملها  لا تتيحُ  لها الوقت المتاح  للرجل  لتنتج  كما  ينتج الرجل إن لم يكن أفضل . 

       والأدبُ  لا يُعرَّفُ بذكوري أو نسائي بل بالصفة الطبقيَّة ، فهنالك أدب برجوازي  أو استعماري وهنالك أدب مقاومة  أو  بروليتاري . هناك شاعر بلاط  وهناك شاعر شعب.هناك أدب يمجِّدُ الملوك  وهناك أدب يرى الملوكَ  إذا دخلوا قرية أفسدوها . 


سؤال 48 ) أسئلة شخصيَّة :

*  البرج ؟؟      .      * اليوم المفضل ؟؟  .                                               * الطعام المفضل  ؟؟     .    * الشراب المفضل ؟؟ 

-  جواب 48 -   هذه أسئلة  لا تهمُّ  أجوبتها الجمهور . أعذرني . يمكن أن توجِّهُها للمثلات وليس للجنود ، لذلك لن أجيب عليها 


سؤال 49 ) كامة أخيرة تحبُّ ان تقولها في نهاية اللقاء ؟؟ 

-  جواب 49 -  أشكركَ جزيل الشكر يا أستاذ حاتم  على هذا اللقاء المطول  وعلى  أسئلتكَ الجريئة  والهامَّة، وأتمنى لك  المزيدَ من التقدم  والنجاح  في جميع المجالات : الثقافيَّة والأدبيَّة  والحياتيَّة  .