الشاعرة السورية فاديه عريج : إحساسي يكتبني ولكني ما زلت عاجزة عن التعبير عما يجول في أعماقي بالصورة والمشهد الذي أحب

حاورها: شاكر فريد حسن ـ

فاديه عريج، ابنة جبل الريان ، سويداء الكرم، شاعرة مبدعة أنيقة الحرف والحضور، تتعربش كلماتها على قلب المتلقي وأفكاره، ولطالما خبأ حرفها في عمق الروح ليستحوذ قلمها على شفرة البوح، وحين تقرأ نصوصها تقف مندهشا أمام فعل الحلم والحس والتأمل والخيال.

كان لي الحوار التالي معها:

من هي فاديه عريج؟

-أنا ابنة الطبقة الكادحة المثقفة المتعلمة، مربية أجيال، نهمة للمطالعة متذوقة للفن والإبداع والجمال الروحي أينما وجد، يعتصر قلبي حزنا لمشهد طفل متسول وام ثكلى وكل أنواع المعاناة الإنسانية على وجه الأرض، لا فرق عندي بين عربي او غربي الإنسان هو الإنسان أينما كان.

أنا عضو في منتديات أدبية وثقافية في المحافظة، عضو في الرابطة العربية للآداب والثقافة، عضو في المركز العراقي للأدباء والفنانين الشباب وفي الكثير من المنتديات الثقافية والأدبية الالكترونية على مساحة الوطن العربي.

 لي مؤلفان مطبوعان صدرا هذا العام أحدهما بعنوان (قلبي يحدثني) ونصوصه تتغنى للإنسانية والوطن والسلام وغيرها من المواضيع الاجتماعية، والثاني

بعنوان (عارية الحواس) ونصوصه تتغنى للحب والمحبة لذاك الذي تصنعه المخيلة، وقد نشرت جريدة الدستور في العراق قراءة نقدية لمؤلفي عارية الحواس بقلم الناقد العراقي الأديب وجدان عبد العزيز بتاريخ 20/12/2017 وهي قراءة موثقة في ديواني المطبوع.

وهناك ديوان ثالث صدر الكترونيا بعنوان (يشبهك هذا المطر) مترجم في الجزائر الشقيق الى اللغة الأمازيغية وقد تمت ترجمته على يد الأديب الجزائري مازيغ يدار وموثق في دار كتابات جديدة الالكترونية ضمن سلسلة دواوين مترجمة شرق أوسطية وسيصدر قريبا ورقيا.

نشرت لي العديد من المجلات الأدبية والثقافية الورقية في سورية والعراق والأردن ومجلة السلام الدولية في السويد وغيرها.

كما أن معظم نصوصي موثقة الكترونيا في الكثير من المواقع الأدبية.

تم تكريمي من جهات ومنتديات كثيرة لا مجال لذكرها وأهمها مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب. وجمعية أصدقاء مرضى السرطان الذي كان ريع حفل توقيع ديوانيّ لصالح عملها الخيري في محافظتي.

هواياتي المطالعة والكتابة مذ كنت في المرحلة الإعدادية وأحب الرسم والموسيقى

ولي بعض التجارب القديمة في الرسم، يسمونني شاعرة ولا أجد نفسي استحق هذا اللقب بعد. إحساسي يكتبني ولكني مازلت عاجزة عن التعبير عما يجول في أعماقي بالصورة والمشهد الذي أحب.

ماذا يعني لك الشعر؟

- الشعر هو هذه المعجزة التي تسمح للناس بالمشاركة فيما يوحد بينهم رمزيا وينقذهم من الوحدة والتناهي أحيانا، هو ذاك الجمال الذي يتجلى ويؤثر فينا حيث يوّن سعادة دائمة للروح، يعبر عن أحزاننا أتراحنا وأفراحنا وما يعتري القلوب والأرواح، يعبر بنا حدود الخيال يأخذنا الى عوالم لا حدود لها يصور همومنا وهموم الوطن فالشعر والقصيدة ليسا غريبين عن أي فعل خلاّق، هو ضوء نقرا بفضله العالم ويقرأنا.البعض ينظر للشعراء على أنهم يمثلون الإنسانية.

كيف ترين قصيدتك عند كتابتها، بعد كتابتها، وبعد مرور فترة عليها؟

- أرى قصيدتي عند كتابتها كمن تنتظر مولودا جديد وبعد كتابتها ينتابني شعور بالارتياح كوني سكبتُ ما يخالجني من شعور فوق الورق ولكني لا البث أن أعود إليها بعد فترة من الزمن وأراني أعدل فيها الكثير من التعبير والصور، مع بقاء ذاك المعنى الموجود فيها سابقا، ولو سألتني عن قصائدي المطبوعة في الديوانين خاصتي لقلت لك ربما لو تركتها الى اليوم لعدلت على بعضها الكثير، لكني أحبها جدا.

كيف ترين الوطن من خلال فاديه عريج؟

-الوطن هو الأم انتمائي له كانتمائي لأمي، نحيا فوق ترابه ونحمله في القلب أينما حللنا ورحلنا، هو الشجرة المعطاء التي تثمر بتضحيات شعبه، لا أجمل من أن يجاهد المرء في سبيل الوطن ويعمل على بنائه وتطوره فكريا وحضاريا وماديا والأجمل أن يدافع عنه بكل ما أوتي من وسيلة والقلم هو وسيلتي.

وقد كتبت عدة نصوص للوطن وأنا التي قلتُ فيه:

أنينك هويتي

انتصارك أنشودتي

ياسمينك يزهر بدمي أنجما

لا وطن غيرك يعمر ذاكرتي

وقلتُ في نص آخر:

وطني..

يا طعم السّواقي الحزينة

وغربة الأيام

كم عَذبَتْ شجونك دمي

ورقصَ فوق جراحك

الخونة واللئام

دروبك مقفرةٌ عتيقة

تموت فيها الأماني

وتغرق الأحلام

هل لي من نبيذ شمسك

رشفةٌ أصحو بها

تبددُ عتمةَ الأيام

ومن ضجيج قهرك بلسما

يبردُ الجراح والآلام

انهض

انفض عنك غبار الظلم

إن تجرأ عليك كائن من كان

علّم الغزاة أنّا متجذرون في الأرض

ونحن أسياد الزمان والمكان

لله درك ...كلنا أملٌ

سيورق فيك العود الأخضر

ويعود الحمام ينشد أهازيج السلام

فوق سطوح الشام

هل تملكين السيطرة على قصيدتك؟

-عندما تعتلي صهوة الجواد يجب أن تحكم سيطرتك عليه، لكن عندما تشعرانك وهو روحا واحدة ستترك له العنان بأن يأخذك حيث يشاء وتستمتع برحلته، هي القصيدة في كثير من الأحيان لا تمتلك القدرة على السيطرة عليها تكتبك ترسمك تأخذك الى عوالم ليس لها حدود بلا إذن منك وتحلق معها بلا إجنحة.

ما هي مصادر الإلهام  لفاديه عريج؟

- مصادر إلهامي وبوحي متعددة يُبكي قلمي مشهد طفل متشرد أو متسول وتنزف حروفي ألما لمآسي شعبي والوطن ومعاناة الإنسانية المصلوبة على أبواب الريح، وتزغرد كرامة وكبرياء وشمم لانتصار الحق ويرقص الحرف نشوانا ينثر العبير للمحبة والسلام والطفولة كما أن الطبيعة هي الملهم الأجمل للبوح...البحر والسماء والنجوم والقمر...المطر...والطبيعة صديقة بوحي تتغلغل في ثنايا حرفي فأنا كتبتُ وهذا مقطع من نص أنتظر:

أنتظرُ

كعصفورٍ مبللِ بالمطر

الدفء من عينيك

أنتظرُ...طلوع شمسك

كي تتلاشى غيوم أحزاني

وقلت في نص آخر:

أنا والبحر

وصوت فيروز.. وطيفك

لا صوت الا صوتك

كل الغيم يرقص حالما بالمطر

يغار البحر من طيفك يا حبيبي!

يطوف الشاطئ.. يعانقه

يمسح مرور العابرين

وكأنه يقول: الشاطئ لي وحدي

ويشرب قهوته على نوافذ

ذكرياتي المعتقة بالرحيق

هل تعتمدين شكلا شعريا واحدا؟

كي تسكب عواطفك ومشاعرك وما يخالج الوجدان بصور أكثر تنوعا وبه تكون أقرب لروح القارىء، بما تحققه من مداعبة فكرية للأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وهو ما يتماشى مع روح العصر والتفكير الإنساني اليوم، فانا لا أستطيع متابعة القصائد الموزونة دائما لأني اشعر أحيانا انها تقيد روحي، عن نفسي اتحدث وربما يخالفني الراي كثيرون، وأحترم ذائقة القارىء ورأيه أبدا.

مع إيماني العميق أن القصائد الموزونة تمتلك المقومات الإبداعية بما يكفي كي ترسو بالقارىء على شواطئ الألق.

أول قصيدة كتبتها كنت في المرحلة الإعدادية وكانت محاولة جميلة في التعبير عن الخداع والظلم بين البشر، حيث كان الثعلب والحمل شخوصا في قصيدتي، وكنت سعيدة عندما أثنى عليها مدرسي في اللغة العربية آنذاك، مع أنها كانت محاولة خجولة ولكني كنت سعيدة بها. وأول قصيدة غزلية كانت وأنا في مرحلة التعليم الثانوي، ولم أنشر ما أكتب لأني كنت ومازلت أكتب لنفسي واحتفظ بكتاباتي في مدونات قديمة حديثة، لكن وسائل التواصل الاجتماعي هي التي ساهمت بنشر كتاباتنا وتشجيع ممن هم حولنا، وتشجيع الأصدقاء المتذوقين للشعر والكثير ممن هم نخب أدبية وثقافية في محيطنا وفي هذا العالم الالكتروني كأمثالك أستاذ شاكر فريد حسن إغبارية مشكورا.

وعن سؤالك أي قصيدة أحببت أكثر.. أنا يا سيدي أعتبر نصوصي أبناء لي ولا يمكن لأم أن تحب ولد أكثر من الآخر، لأن كل قصيدة لها مضمون خاص بها ولها حالة وجدانية في روحي ساهمت بولادتها، ولكل قصيدة وقعها الخاص في قلبي، ولكن لو سألتني أي القصائد أقرب للقلب أقول هي تلك التي تتحدث عن الحب والمحبة، نعم لأن المحبة وحدها قادرة على خلق الإبداع والتعبير عن كل القضايا البشرية وأجدها الأقرب لروحي، ولأنها تجعلني أحلق بلا أجنحة.

هل هنالك  طقوس معينة للكتابة لديك ؟

- طقوس الكتابة التي تساهم في انهمار حرفي متعددة ولا مكان أو زمان محدد لها، أحيانا الوحدة والتأمل وأحيانا الطبيعة بجمالها وثورتها، وربما وأنا أحتسي قهوتي وأتصفح في كتاب، ولن تصدق إن قلت لك أنني أكثر مرة وأنا أقود سيارتي تعصف بمخيلتي ذكريات فيبدأ الحرف ينهمر انهمار الضوء أركن سيارتي جانبا وأقوم بتدوين حروفي في مذكرة جوالي لأنني أنساها إن لم أدونها ،وأحيانا عندما أخلد للنوم ليلا...أتقلب على هسيس الحرف أنهض وتراني أكتب ما يجول في خاطري وأشعر وكأني مسلوبة الإرادة بلا شعور مني أدون على الورق وربما تكون خاطرة أو غيرها وفي أحيان كثيرة سماعي لأغنية يثير بي الشجن ينهمر بوحي وأسافر معه حدود الخيال .

ما هو طموحك على المستوى العام؟

- طموحي على المستوى العام الأمن والأمان والسلام لوطني وأبناء وطني سوريا أولا، وللعالم والإنسانية كافة، والتحرر من كافة أشكال التخلف والجهل التي تقيد الفكر الإنساني والسمو بأفعالنا وأقوالنا وتعاملنا مع ذواتنا ومع الآخرين بما يليق بنا كبشر، وعدم التفريق بين إنسان وآخر الا بالعلم والعمل.

حيث قلت في هذا:

أحلمُ بالإنسانية ينصهرُ

في داخلها الإنسان

ويولدُ من جديدٍ

إنساناً يحبُ أخاه الإنسان

وتهدلُ أنفاسه هديل الحمام واليمام

سجعاً من أجلِ المحبة السلام

كما أتمنى من كل المنظمات العالمية لحقوق الإنسان تبني الأطفال الموهوبين في كل المجالات لأنهم الأجدر بالعناية والاهتمام، لأنهم غد الإنسانية الواعد وخاصة الأطفال المتواجدين في مسرح الصراع والحروب.

ما هي مشاريعك الأدبية الحالية؟

- مشاريعي الأدبية بسيطة خجولة، لي محاولة في كتابة القصص القصيرة الموجهة للأطفال، وأتمنى أن تجد النور بطباعتها ولو بعد حين، أرغب بإنشاء منتدى ثقافي صغير يساهم فيه عدد من الأقلام الواعدة وخاصة جيل الشباب.

هل حقا حقل الأدب يتسع لجميع الأزهار؟

- الأدب يتسع لجميع الأزهار ولكن الأزهار تفنى ولن يبقى في الذاكرة إلا الأزهار التي تحمل العطر الذي يترك بصمته في القلوب والعقول والأرواح، وبعض الأزهار في الطبيعة كما الأدب لا تمتلك عطرا.

كيف ترين حركة الإبداع والنشر في سورية حاليا؟

- لست في موقع يخولني تقييم حركة النشر والحركة الإبداعية في سوريا، لكني أقول إن سوريا مهد الحضارة وموطن الإبداع والمبدعين كانت وما زالت وستبقى مدرسة لكل شعوب الأرض.

هل كتابتك التزام إبداعي أم طرح سياسي؟

- الكتابة التزام إبداعي، ويجب أن لا تخلو من الطرح السياسي لأن الكتابة وليدة الواقع الذي يحياه الكاتب ولا يمكن أن ينفصل عن واقعه ابدا، ولكني لم أكتب في السياسة أبدا، كتبت للوطن وصورت همومه ومعاناته وهموم المواطن، لإيماني بأن السياسة ذات معطيات متغيرة أبدا.

هل تناولك النقاد بالنقد؟وهل أنصفوك؟

- تناول نصوصي بعض النقاد وأظنهم أغدقوا الكثير مما أفخر وأعتز به، منهم الناقد العراقي الأديب وجدان عبد العزيز والناقد الفلسطيني الشاعر وليد دويكات وصديقتي الناقدة الكردية المقيمة في باريس نجاح هوفاك وغيرهم لا مجال لذكر أسماء. وأنت أستاذ شاكر فريد حسن إغبارية كان لك اضاءة نقدية أفخر بها جدا، وأعتبر كل الإضاءات النقدية التي تناولت نتاجي الأدبي وساما على صدري. وإذ سألتني هل أنصفوني بالنقد أقول: أغدقوا الكثير مما أعتز به، مع إيماني أنني مازلت طفلة أحبو في ميدان الشعر والشعراء.

الكلمة الأخيرة التي توجهيها للقراء؟

- كلمتي الأخيرة للقارىء: أتمنى أن أكون عند حسن ظنك وترقى كتاباتي لمستوى الذائقة الأدبية لك، كما أتمنى من كل قارىء أن يوجه النقد البناء لكل عمل أدبي مما يساهم في تطوير النتاج الفكري أدبيا وصقل موهبة الكاتب بطرق وأساليب حضارية بنّاءة تعزز ثقته بنفسه ومحيطه ونتاجه لا أساليب هدامة الهدف من خلفها التحطيم والتجريح لأن كل منا يمتلك الروح الخلاقة التي تسمو بالتعزيز الإيجابي والعمل الإنساني الخير.

أخيرا: كل التقدير والاحترام الأديب الصديق شاكر فريد حسن إغبارية هل هذا اللقاء الممتع.. دمتم بكل الألق.

حوار مع الكاتبة والشاعرة جميلة شحادة


الشعر بالنسبة لي هو بوح وتعبير عن مكنونات، وعن مشاعر وأحاسيس، وعن صياغة فكرية بصورة فنية وجمالية 
 أجرى الحوار : شاكر فريد حسن   
التربوبة جميلة شحادة كاتبة وشاعرة مرهفة من مدينة الناصرة، تتصف بأسلوبها الواضح ومستواها الراقي المميز، نصوصها أخاذة  وصورها الشعرية باذخة، قصيدتها مكثفة، مليئة بالمعاني والكلمات الشفافة المترعة بالتعابير  اللغوية، تعرف كيف تطوع المعنى لألفاظها، فلا تجنح عن المرمى. في العام الماضي صدر مجمعها الشعري الأول بعنوان" عبق الحنين "، فارتيأت إجراء هذا الحوار معها:طل
أولا، حدثينا عن مسيرتكِ في الكتابة، متى بدأتِ الكتابة؟ وكيف كانت البدايات؟ 
بدأتُ الكتابة منذ كنتُ في المرحلة الابتدائية، وقد لفتت كتاباتي انتباه المدرسين الذين علموني، فأثنوا عليها وشجعوني لأشترك في المسابقات التي كانت تخصص للكتابة الإبداعية من قبل مجلة للصغار ( لا أذكر اسمها الآن). وعندما كنت في الصف السادس الابتدائي فزتُ بالمرتبة الأولى عن كتابة نص: "الربيع في بلادنا". أما  أول نص نشرته، فقد كان في صحيفة كل العرب، وباسم مستعار، وكنت وقتها في الصف السابع الابتدائي. بعدها،  تابعتُ الكتابة، لكن بدون أن أنشر أياً مما كنت أكتبه، بل كنت احتفظت بما أكتبه في درج مكتبتي، وفي الصف التاسع نظمتُ أول قصيدة لي، متأثرة بمعلقة امرؤ ألقيس، وقد قرأتها لصديقاتي ولأفراد العائلة ونالت الاستحسان. بعد ذلك لم أعطِ الكتابة حقها (ولو أني كنت أكتب بين الحين والآخر)، وذلك لأني وضعت كل طاقاتي ووقتي في الدراسة، ثم في عملي، الذي تطلب بطبيعة الحال، الكثير من الجهد والتضحيات. إذ اعتبرت عملي رسالة أؤديها، وليس مجرد مهنة.   
وهل تأثرت بأحد؟
لا أعرف اذا تأثرتُ بأحد أم لا ممن كنتُ أُكثرُ القراءة لهم. لقد كنتُ في المرحلة الإعدادية والثانوية من دراستي، أحب القراءة لجبران وتوفيق الحكيم، وقرأت لهما كل ما كتبا، تقريبا. لكن بالطبع قرأتُ لغيرهما من أدباء عرب وعالميين، مثل الطيب صالح، نجيب محفوظ، طه حسين ، محمد عبد الحليم عبدالله، يوسف إدريس، تولستوي، بيرل باك  وألبير كامو، ماركيز وغيرهم. أما بالنسبة للشعر، فكنت أحب أن أقرأ لنزار قباني ومحمود درويش وبدر شاكر السياب.

وممن لقيت التشجيع؟
كما قلت لكَ سابقا، المدرسون هم أول من شجعني على الكتابة، ثم والدي رحمه الله. حيث كان والدي يطلب مني عادة، أن أقرأ على مسامعه شيئا مما كتبتْ، وليس هذا فحسب، بل كان يفخر بذلك ويدعوني في كثير من الأحيان لأقرأ شيئا مما أكتبه أمام ضيوفه.

كيف تكتبين القصيدة؟ وما هو تصورك للشعر وطرائق تعبيره؟
بدايةً، أنا لا أعتبر نفسي شاعرة. صحيح أنني كتبت القصيدة وأصدرتُ ديوانا وما زلتُ (أنظم/ أكتب) القصائد أو النصوص الشعرية، لكني لستُ بشاعرة. أما عن سؤالك: كيف أكتب القصيدة؟ فأصدقك القول  بأنه لا يمكنني أن أجلس وأقول لنفسي: الآن سأكتب قصيدة، بمعنى لا أتعمَّد كتابة القصيدة أصلا، لا يمكنني ذلك.  انا أكتب ( أنظم) النص الشعري، عندما يكون هناك حدث، أو مشهد، أو أمر ما، أثر ويؤثر بي، وحرك إحساسي وأثار مشاعري، فقط عندها أكتب القصيدة، قد يكون ذلك صباحا، وقد يكون ليلا، أو في أي وقتٍ من النهار. قد يلفت إنتباهي جمال وردة أو سقسقة عصفور أو حنوُّ أم على ابنها على سبيل المثال، فأكتب. الشعر بالنسبة لي هو بوح وتعبير عن مكنونات، وعن مشاعر وأحاسيس، وعن صياغة فكرة بصورة فنية وجمالية. وقد يكون هذا التعبير مباشرا وواضحا للقارئ، وقد يكون غير ذلك. أنا يعجبني الشعر الغني بالتعابير المجازية والعبارات الرقيقة، والذي يُشعر الفرد بمتعة وبموسيقى عند قراءته أو سماعه، ويعالج فكرة بصورة فنية، ولا تهمني الطريقة  أو الأسلوب، إذا كان عاموديا أو نثريا أو غير ذلك.  برأيي لا  يمكن أن نحدد للشاعر بأي طريقة عليه أن يبوح ويعبر عن مشاعره أو أفكاره. 

ما هي الموضوعات التي تتناولينها في كتابة نصوصك الشعرية؟ 
للأسف إن الأحداث اليومية التي نشهدها، تأرق نومي مثل كثيرين غيري، ولهذا فقد تناولتُ في كتابة نصوصي الشعرية، موضوعات تحدثت عن همّ الإنسان أولا. ففي ديواني الأول "عبق الحنين"، طرحت مواضيع اجتماعية، ومواضيع الساعة محليا وقطريا وربما عالميا، وكلها بالطبع، مُطعّمة بالسياسة. فقد طرحتُ موضوع هدم البيوت، كما في قصيدة "عبق الحنين" التي تحكي عن هدم بيوت قرية أم الحيران بتأريخ 18.1.2017،  وقصيدة "غيداء" التي تحكي عن هدم البيوت في مدينة قلنسوة  بتأريخ 10.1.17 . أيضا طرحت موضوع هجرة اللاجئين من الدول العربية الى الغرب بسبب الحروب، أو  بسبب البحث عن لقمة العيش في قصيدة، "حديث طيور مهاجرة". ثم تناولت  ظاهرة زواج الطفلات في النص الشعري: "زفاف قاصر"، حيث كتبتُ هذا النص عقِب مقتل إحدى فتيات النقب وتدعى حنان، وهي لم تبلغ التاسع عشرة سنة من عمرها، تاركة وراءها طفلين.كما تناولت أيضا موضوع اللجوء والغربة،  الى التآخي والتسامح، ونبذ العنف والتحلي بالإنسانية، وهذه المواضيع برزت في الكثير من نصوصي الشعرية. أيضا تناولت موضوع ذوي الاحتجاجات الخاصة،  الضوء على هذه الشريحة من خلال قصيدة: "طفل التوحد".هذا بالإضافة الى موضوعات أخرى.

ما الشروط التي ينبغي أن تتوفر للشاعرة الناجحة؟
أن تتوفر للشاعرة والشاعر أيضا. برأيي أن تكون قارئة ومثقفة، مرهفة الحس، تملك الأدوات الفنية التي تعينها على التعبير عن مشاعرها وأفكارها، متواضعة، تتقبل النقد، ان يكون مبدأها، الكيف لا الكم. 
هذا ما خطر ببالي الآن، لكن بالطبع هناك أمور أخرى.

أين تنشرين نصوصك الشعرية، في أي وسائل إعلام؟
أنشر بالأساس على صفحتي في الفيس بوك.  وفي بعض الأحيان، أفاجأ بأن ما أكتبه يُأخذ وينشر في مجلةٍ ما أو موقع إلكتروني معين، من قبل أصحاب هذه الوسائل وأوافق على ذلك. أيضا أنشر في الصحف والمجلات المحلية مثل: الاتحاد، شذى الكرمل وغيرهما. وصحف ومجلات في الدول العربية مثل مجلة: " مبدعون" الورقية والصادرة عن المركز العراقي للأدباء والفنانين ، وجريدة  أنوال ، ودعوة للتفكير، المغربيتين، كذلك أنشر في مواقع الكترونية، مثل: الحوار المتمدن، موقع صحيفة العربي اليوم، كنوز نت، ذي المجاز، دنيا الوطن، صحيفة المنارة الدولية، بانيت وغيرهم.

أجمل قصيدة كتبتيها وتعتزين بها، وماذا تقولين فيها؟
أعتز بكل قصيدة كتبتها . فالشاعر يعتبر قصيدته مثل ابن له. لكن قصيدتي الأخيرة "سَقام" لها وقع خاص في نفسي، فقد كتبتها بتاريخ 12.4.2018، بعد تعرضي لحادث، مما اضطرني لإجراء عملية جراحية في يدي، وكانت هذه المرة الأولى التي أبيت فيها في مشفى. وفي نفس الوقت كان الحال في الشام الحبيب يزداد سوءا، فدمجتُ بنظمها بين العام والخاص. وهذا جزء منها: 
كنتُ أرى أمي تبكي ياسمينَ الشامْ
وماءَ الفراتِ، وقهوةَ اليمنِ، وبرتقالَ يافا وشمسَ بيسانْ
 ثم على عجلٍ، تكفكفُ الدمعَ 
وتنهضُ لتردَّ عني  مَلكَ الموتِ الى السماءْ

رأيك بمصطلح أدب ذكوري، وأدب نسائي؟
لا أوافق على هذا المصطلح بتاتا. هذا المصطلح إن دل، إنما  يدل برأيي، على التمييز الذي نعاني منه في مجتمعنا الأبوي، الذكوري. برأيي الأدب والإبداع، هما أدب وإبداع. فالمرأة تستطيع أن تطرق جميع المواضيع  وتبدع، كما الرجل.

ما رأيك بمستوى الحركة الأدبية الراهنة في البلاد؟
سؤال صعب، لأن الإجابة عليه تحتاج الى التطرق للكثير من الأمور، والى تناول جوانب عدة بالشرح والتحليل.  ولكن باختصار، أقول: أننا نشهد في مجتمعنا العربي الفلسطيني حركة أدبية ملحوظة، ومباركة.  فالذين يكتبون في الشعر والنثر، كثيرون. جيد أن يتجه الأفراد للتعبير عن مكنوناتهم بكتابة النثر والشعر، وهذا بالطبع أفضل من اللجوء الى العنف. لكن هذا لا يعني أن كل ما يُكتب جدير بأن يُقرأ. برأيي، الوقت والزمن كفيلان  بأن يقوما بالغربلة. 

ما رأيك بالنقد المحلي، وهل أنصفك؟
بداية، أنا لا أحب تصنيف العمل الإبداعي في أي مجال كان بحسب جغرافية المكان، وبالطبع، هذا ينطبق على النقد الأدبي. فبرأيي أن المبدع اليوم، قد اخترق الحدود بوجود مختلف وسائل الاتصال الالكترونية، فالعالم، كما يقولون، أصبح قرية صغيرة. كل ما أرغب بقوله عن النقد، هو أنه عملية مهمة لاستجلاء مكامن النص. وأضيف، أن على الناقد أن تتوفر لديه الأدوات لينقد العمل الأدبي دون مراعاة صاحب العمل، أي أن يكون مهنيا، وموضوعيا قدر الإمكان، وأقول قدر الإمكان، لأنه كما تعرف حضرتك، لا شيء موضوعي في هذه الدنيا. أما بالنسبة لسؤالك فيما إذا أنصفت من ناحية نقد لأعمالي، فجوابي بالقطع، لا. فلم يتناول أي ناقد أدبي أعمالي بالنقد، عدا حضرتكَ، ومشكور على ذلك، وناقد أدبي آخر، هو القدير، الدكتور طلال الغساني الحديثي وهو عراقي الجنسية. أظن أن سبب عدم نقد أعمالي يعود الى أني لا أطلب ذلك، كما يفعل غيري، او لربما لسبب متعلق بالنقاد أنفسهم.
هناك كثيرون يثنون ويطرون على ما أكتب، ولكني لا أعتبر هذا نقدا.

حفلات إشهار الكتب أصبحت موضة العصر، ما رأيك بهذه الظاهرة؟
في غياب جهات ثقافية منظِّمة لندوات أدبية، وفي ظل تناقص عدد القراء للمنشورات الورقية، أبارك هذه الحفلات، بشرط أن لا يقيم الكاتب أو الشاعر حفل إشهار لأول إصدار له، وأن لا يقيم لنفس الكتاب حفل إشهار في كل بلد. فقد أصبحنا اليوم، نرى الكاتب أو الشاعر، يقيم في كل بلد حفل إشهار لذات الكتاب الذي أصدره، حتى أصبح الأمر مبالغا فيه، كما ذكرتَ حضرتك: "موضة العصر". كما أنه ليس من العدل والإنصاف أن تكون هناك جهات داعمة (حزب معين، وسيلة إعلام لها صلة بالكاتب،أصدقاء...) لكاتب معين، فتسوِّقه إعلاميا، وتُقيم له الندوات وحفلات إشهار لإصداراته في كل بلد، وليس هذا لقيمته الأدبية، وإنما فقط لإنتمائه للحزب او لمدى قربه وصلته من أصحاب النفوذ والمنابر. فأناعلى سبيل المثال، لي إصدارات، لكني لم أقم بعد، بأي حفل لإشهار إيٍ من إصداراتي. 

ما رأيك بمكانة المرأة العربية، هل نالت حقوقها، ام أنها ما زالت تعاني وينقصها الكثير؟
بالرغم من أن النساء في مجتمعنا العربي الفلسطيني ما زِلن يعانين من التمييز النوعي بين المرأة والرجل، ولأسباب تتعلق بالموروث الثقافي والديني، الا أنهنّ أحرزن تغييرا لا بأس به في مكانتهن. وهذا التغيير، يعود الى أكثر من عامل، غير أن العامل الأهم والأقوى، هو إيمان المرأة بقدراتها الذاتية، ومطالبتها الحثيثة لنيل حقوقها. مع هذا، لا يمكننا أن نصف، اليوم، وضع النساء في المجتمع العربي الفلسطيني بجيد، فرغم التغيير الذي حدث، وما زال يحدث، هناك قضايا ما زالت تناضل النساء من أجل إيجاد الحلول لها. ومن بين هذه القضايا ، قضية تشغيل النساء وتحسين ظروف عملهن في أماكن العمل.

حدثينا عن اصداراتك وما مشاريعك الأدبية المستقبلية؟
صدر لي في سنة 2017  3 قصص لجيل الطفولة ( 9-12 سنة) وهي: 
 قصة الكوكب الأزرق، وقد فازت بمصادقة وزارة التربية والتعليم، لتكون  قصة مشاركة بمسيرة الكتاب لطلاب المدارس. ثم قصة" ضوء ملون"، وقصة  " ابو سليم وأصدقاؤه"، وقد أصدرت ايضا في ذات السنة ديوان "عبق الحنين"، الصادر عن دار النشر، نجيب محفوظ. 
وبعد أقل من شهر من تاريخ اليوم، سيصدر لي قصة سكر.
أما عن مشاريعي الأدبية المستقبلية، فجاهز عندي للطباعة،مجموعة قصصية بعنوان" عروس في زمن الحرب"، هذا بالإضافة الى  أنني أجمع المعلومات وأقوم بالبحث عنها، استعدادا لكتابة رواية، قد وضعت رؤوس أقلام لكتابتها، وسأعلن عن اسمها لاحقا.

كلمة أخيرة توجهيها للقراء؟
أقول للقراء:إقرأوا. ففي القراءة تبحرون الى عوالم ساحرة، تمدكم بالمتعة، والمعرفة.والمعرفة قوة.