فتاة لبنانية تحوّل محال بقالة إلى مكتبة يرتادها كل الأعمار ـ لانا حلبي ل"الغربة": هدفي التشجيع للقراءة في ظل التكنولوجيا ونجحت فيها

بيروت\غفران حداد ـ
لانا حلبي فتاة لبنانية حاصلة على بكالوريوس إدارة أعمال وتسويق وطالبة ماجستير حاليا،حوّلت محال البقالة الصغير الذي كان يعمل فيه والدها إلى مكتبة تحوي جميع الكتب ومن مختلف الروايات العالمية بل وخصصت يوماً من كل إسبوع لزوّار المكتبة ولعشاق القراءة مجاناً كنوع من التشجيع على القراءة فكيف بدء المشروع الصغير وكيف حوّلت الفكرة والحلم الى واقع وقصة نجاح كبيرة.
وكالة " الغربة" زارتها في المكتبة وأجرت الحوار السريع التالي.

كيف بدأت فكرة تأسيس المكتبة لديكِ؟
جدي حسين حلبي الملقب بأبو نظمي كان لديه "دكانة صغير" ورثها أبي ويعمل فيها لبيع مختلف انواع الخضار والفواكه في سنة 1958 تقريبا منذ ستين عام ولكن في بداية التسعينات من القرن الماضي وبحكم التطور العمراني في البلاد وانتشار بناء السوبر ماركت وأنواع التعاونيات التي تحتوي كل انواع المواد الإستهلاكية التي تحتاجها العائلة اللبنانية اصبح الاقبال على المحال البقالة الذي يعمل به ابي قليل فمنذ صغري جائتني فكرة بيع الصحف وبعض الكتب القديمة والاصدارات الجديدة في زاوية صغيرة من "الدكانة" وكان هناك اقبال على الشراء حتى قررت ان تحوّل بشكل جذري الى مكتبة .

هل كان لديكِ مساهمة مع المعارض لدور النشر التي تقام في بيروت؟
بالتأكيد فمن خلال علاقاتي ومن خلال انشائي صفحة "فيس بوك" اصبح هناك تواصل مع دور النشر لكي نشارك فيها وقد نجحنا بأن تكون لدينا مشاركة في كل عام.

برأيك هل التكنولوجيا والأنتريت والفيس بوك قد أكل من جرف الكتاب؟
لحد الآن هناك عشاق للكتاب فهذه العلاقة الحميمية بين القاريء ومسك الكتاب ورائحة الورق  اصبح الاستغناء عن قراءة الكتاب بالأمر المستحيل فالكتاب الورقي فيه متعة لا تعوضها قراءة الكتاب الألكتروني .

ما المعوقات المادية التي تواجهكِ؟
انا درست الخطوة بشكل جيد وخلال سنتين من الدراسة المشروع نجحت في تكوين راس المال وانشاء الديكور الخاص للتحويل البناء من داكنة بقالة الى مكتبة والحمد لله

سمعت عن تخصيصكِ يوماً في كل اسبوع للقراءة المجانية داخل المكتبة لعشاق القراءة ما هدف الفكرة؟
نعم لقد روّجت لهذه الفكرة عبر صفحة الفيس بوك للمكتبة  لقد خصصت غرفة في السطح العلوي للمكتبة بأن يخصص يوما للقراءة المجانية فيها كنوع من تشجيع للقراءة وقد لاقت الفكرة نجاح كبير وفي كل اسبوع تغص المكتبة بحضور عشاق الكتاب ومن مختلف الأعمار.

لمن تقرئين من الكتّاب اليوم؟
أقرأ باللغة الإنكليزية كتب  تطوير الذات ولدستوفيسكي وأيضا لغابريل غارسيا ماركيز ومولانا جلال الدين الرومي ونزار قباني.
ماهواياتكِ في وقت الفراغ؟
أعشق الطبيعة واحب زرع النباتات كثيراً وكذلك الرياضة .

حول جوائز مجمع اللّغة العربيّة: لقاء مع رئيس المجمع البروفسور محمود غنايم

أجرى اللقاء: سيمون عيلوطي ـ
للعام الثاني على التوالي، يعلن مجمع اللّغة العربيّة في النّاصرة عن منحه جائزة أدبيّة، أطلقها تحت عنوان: (جائزة المجمع للإبداع)، وهي جائزة تقدّم لمبدع في مجال الأدب أو النّقد الأدبيّ، وتمنح لأديبٍ واحدٍ له مساهمة مثبتة في مجال اللّغة العربيّة. يحصل الفائز بالجّائزة على درع تكريميّ، وعلى جائزة نقديّة بقيمة خمسةٍ وعشرين ألف شيكل جديد. وكان قد حصل عليها العام الماضي الأديب محمَّد نفَّاع. وأعلن المجمع أن تقديم الطلبات لنيل الجائزة لهذه السَّنة تُقبل حتى موعدٍ أقصاه: 30.10.2017.
كما أعلن المجمع أيضًا في وقت سابق، عن تقديم ثلاث جوائز تشجيعيّة عن مجموعات قصص قصيرة صدرت في طبعتها الأولى بين 2015 و2017، وذلك لكتَّاب محليّين شباب (مواليد 1977 فصاعدًا). وأوضح المجمع بأن تقديم الطّلبات لهذه الجوائز يستمر حتى تاريخ 2017/10/9.
  لاستيضاح هذه الأمور بشكل أوفى، توجَّهنا لرئيس مجمع اللغة العربيّة في الناصرة، البروفسور محمود غنايم، وأجرينا معه الحوار التالي:
*هل أصبحت "جائزة المجمع للإبداع" بمثابة تقليد سنويّ تمنح في كل سنة لأحد الأدباء أو النقَّاد المحليّين؟ 
نعم، ننوي أن نجعل ذلك تقليدًا سنويًا. السّنة الأولى كانت تجريبيّة وقد استفدنا من أخطائنا واكتسبنا تجربة. هذه السّنة هي مخصّصة لمبدع أديب له مساهمة بارزة في مجال الأدب الإبداعيّ مع الأخذ بالحسبان تاريخه الأدبيّ الطويل ومدى مساهمته في إغناء اللغة العربيّة.
طالما توفرت لدينا ميزانية سنبقى على العهد دعمًا لأدبائنا ومبدعينا.

*كيف تنظرون في المجمع إلى الأدب المكتوب باللّهجة المحكيّة.. وهل في رأيكم يستحق أصحاب هذا النّوع من الأدب جائزة المجمع للإبداع؟ 
لا فرق بين مبدع بالفصحى أو بالعاميّة. للعاميّة نكهة خاصة ورسالة وطنيّة من الدّرجة الأولى. ولعلّ نيل مبدعنا محمد نفّاع الجائزة في سنتها الأولى دليل على هذا الاهتمام والتّشجيع، فمحمد نفّاع حفظ تراثنا من خلال قصصه المفعمة بأجوائها التراثيّة الشعبيّة الحافلة بلهجتنا الفلسطينيّة.

*أذكر أنكم منحتم جائزة العام الماضي للأديب الذي نالها، خلال انعقاد مؤتمر المجمع السّنويّ.. لماذا لم تفعلوا ذلك أيضًا في المؤتمر الذي عقد في الناصرة مؤخّرًا.. هل تفكّرون بمنحها لهذه السّنة باحتفال خاص؟ 
في السّنة الماضية كذلك جعلناه احتفالاً خاصًا جمع الإبداع والتشجيع، إذ قمنا بتوزيع منح دراسيّة على طلبة اللقبين الثاني والثالث. وهذه السّنة ستوزّع جائزة الإبداع مع ثلاث جوائز تشجيعيّة للأدباء الشّباب. إضافة للمنح الدراسيّة للسنة الدراسيّة 2016-2017، المخصّصة لطلاب الماجستير والدكتوراة.

*ما هي المعايير أو الاعتبارات التي تقرّرون وفقها من هو الفائز بجائزة المجمع للإبداع؟
الجائزة تعطى كمكافأة على مشروع حياة. والمفروض في المتقدّم أن يكون أديبًا ذا باع طويلة في الأدب، وشخصيّة مؤثرة في الحياة الثقافيّة، وله مساهمة بارزة في مجال اللغة العربيّة.

*أعلنتم عن جائزة تشجيعيّة للأدباء الشّباب، وقد خصّصت للقصّة القصيرة دون غيرها من الأنواع الأدبيّة، لماذا...؟     
نعم الجائزة للأدباء الشباب. وفي كل سنة سنختار نوعًا أدبيًا معينًا، أو نشاطًا ثقافيًا ما. كان لا بدّ من بداية، وهذه السّنة اخترنا القصّة القصيرة. ربما كنوع من التّشجيع والتّأكيد على أهميّة هذا النّوع الأدبيّ في حياتنا الثقافيّة. ليس كتفضيل على أنواع أخرى.

*لو طلبتُ منك أن تحدّثنا عن هدف المجمع من هذه الجائزة التشجيعيّة، ماذا تقول؟
هدفنا تشجيع الأقلام الشّابة لتمسك بزمام الأمور، وتهتم بأدبنا ولغتنا. نحن بحاجة لتأكيد علاقتنا بجيل الشّباب، جيل المستقبل الذي سيحمل الشّعلة ويكمل المسيرة، مسيرتنا الثقافيّة وهويّتنا الأدبيّة والوطنيّة.

*كم تبلغ القيمة الماديّة المخصًّصة للجائزة التشجيعيّة للأدباء الشّباب؟ 
كل جائزة في حدود عشرة آلاف شيكل. لن تمنح الجوائز إلا لمن يستحقّها. إذا لم يتوفّر في المتقدّمين من هو ملائم ستحجب الجائزة. وليس المفروض توزيع الجوائز الثلاث.
وهذا ينطبق كذلك على جائزة الإبداع.
وهذه مناسبة لأهيب بالأدباء الكبار والشّباب أن يتقدّموا لهذه الجوائز، فالجائزة تمنح لمن يتقدّم لها وهذا شرط أساسي.

*بودّك أن تضيف شيئًا؟
أقول الجائزة ستمنح لمن يستحقّها ودون أية محاباة أو تمييز أو واسطة. الواسطة الوحيدة هي إبداع الأديب وتأثيره على الثّقافة العربيّة ومكانته في هذا الوسط الثقافيّ. ومن يمنح الجائزة هم من خيرة الأساتذة والنّقاد والأدباء، بعضهم من أعضاء المجمع والبعض الآخر من خارج المجمع. 

حوار مع الشاعرة والكاتبة الفلسطينية ابتسام أبو واصل محاميد

حاورها : شاكر فريد حسن ـ
ابتسام ابو واصل محاميد شاعرة فلسطينية مضيئة ، تصطاد الكلمات وتعزف على الحان الحروف سمفونية عشق لا تنتهي للوطن والطبيعة والانسان ، جمعت بين نصوصها الابداعية قطوفاً دانية من الرقة والحلم والرومانسية والواقعية والوطنية والدفء والجرأة ، واستطاعت التعبير عن مشاعر المرأة وأحلامها وأفكارها بمقدرة فائقة .
تكتب بجمالية وفنية واسلوبية ذات بصمة خاصة بالوان قزحية زاهية متنوعة ، في الشعر الموزون والمقفى والمنثور والحر ، وفي القصة القصيرة  والمقال والدراسة الادبية ، وهي الشاعرة والكاتبة الأنثى في قرية معاوية ، والناشطة القيادية متذ الصغر  . وقد تم اختيارها كشخصية العام ٢٠١٦ قصة" نجاح "من قبل " سيدة الارض "  ، وكانت قد شاركت في العديد من المهرجانات والمؤتمرات نذكر منها مؤتمر بيت لحم مدينة الثقافة للعام ٢٠٢٠  ، ومهرجان زي بالاردن العام ٢٠١٦ ، ومهرجان العنب في الخليل عام ٢٠١٦ ، وعادت مؤخراً من مؤتمر القصة الشاعرة بالعاصمة الاردنية عمان ، حيث قدمت ورقة عمل ومداخلة قيمة ، وفي مهرجان همسه سماء الثقافة الثالث بالتعاون مع شبكة الاعلام بالدانمارك في العاصمة كوبنهاجن ، وذلك للمرة الثالثة  ، وكانت عريفة المهرجان والقت كلمة ترحيبية ، فارتيأت اجراء هذا الحوار مع ابتسام ، لتحدثنا عن مسيرتها وتجربتها الشعرية والادبية الثرية وعن المشهد الثقافي الراهن .
 بطاقتك الشخصية ..!!
ابتسام ابو واصل محاميد ، من مواليد كفر قرع بالمثلث الشمالي الفلسطيني العام ١٩٦٣، درست في مدارس كفر قرع حتى انهيت الثانوية في مدرستها ، خريجة كلية بيت بيرل تربية لا منهجية ، ناشطه اجتماعية وثقافية متطوعة ، مديرة جمعية همسة سماء الثقافة ، اقيم في قرية معاوية النائية في بسمة عارة .

 متى بدأت مشوارك مع الكلمة ، وكيف تولد القصيدة لديك ؟ 
عشقت سماع الشعر منذ صغري ، وكان والدي رحمه الله غرس في حب القصيدة الشعرية ، حيث كان في ايام الشتاء يشغلنا في مسابقات في الشعر ما جعلنا نحفظ الكثير من الابيات الشعرية .
واول محاولة لي في الكتابة في جيل الثالثة عشرة من عمري ، حين كنت في الصف السابع ، وقد قرأها في حينه مدرسي للغة العربية الاستاذ احمد عبادي ، فاعجب بما كتبت فشجعني على الاستمرار بعد والدي رحمه الله .
واذكر انني كتبتها على نمط قصيدة الشاعر ايليا ابو ماضي " لست ادري " . 
وكوني تربيت في اسرة وبيت يحمل معنى الانتماء للوطن ، كتبت الكثير عن الارض والوطن وفلسطين ، رغم حداثة سني .
والقصيدة بالنسبة الي تعايش مع حدث ما خاص او عام ، وتولد القصيدة عندي من رحم معاناة او فرح او مناسبة وطنية .
وهذا يتجلى في كتاباتي المتنوعة ، حيث انني اكتب الخاطرة والقصة القصيرة والمقالة والشعر والزجل وللاطفال ، ولي ايضاً محاولة بالنبطي اي البدوي .

ماذا يعني الشعر لك ؟ 
الشعر بالنسبة لي تعايش وتناغم وخيال وكلمة جميلة ، وتعبير جمالي قوي وصاف ، وهروب من الواقع  في احيان كثيرة .

 ما هي اكثر الموضوعات التي التي تتناولها  نصوصك الشعرية والنثرية ؟ 
تتراوح كتاباتي بين الوطنية والرومانسية الملتزمة ، والغالبية منها وطنية ، تواكب الحدث وتتركز على الهم الوطني ، وتحاكي الارض وتدعو للانغراس فيها والدفاع عنها ، وبعضها عن الاسرى والشهداء والانتفاضات الشعبية الفلسطينية ، وعن القدس والاقصى .

 هل تأثرت في بداياتك بأحد من الشعراء والمبدعين ؟ 
صدقاً تأثرت بالمرحوم راشد حسين فلسطينياً ، وبالشاعر التونسي ابو القاسم الشابي عربياً ، الى درجة انني اقتبست من قصيدته " ارادة الحياة " " اما آن لليل أن ينجلي " وضمنتها في قصيدة لي .

 يحتل الوطن مساحة في كتاباتك ، كما تحتل الذات مساحتها ايضاً ، والسؤال : ما هو مفهومك للالتزام ؟ 
الالتزام كان وسيبقى رافعة للسير نحو الابداع الراقي والأجمل ، وبالنسبة لي الالتزام احترام للنفس،  واحترام للمجتمع ، واحترام للوقت والوعد ، واذا احترمنا كل ذلك بات الالتزام سهلاً لا مقيداً .
ولكوني فلسطينية توجب علي الالتزام بانتمائي الوطني وبفلسطينيتي  ، واقل واجب نقدمه لهذا الوطن الجريح هو الالتصاق بقضاياه  والتعبير عن هموم ومعاناة شعبنا المضطهد وحلمه بالحرية والاستقلال .

 ما هي القصيدة التي تعتزين بها من قصائدك ؟ 
كل قصيدة كتبتها هي اعتزاز بالنسبة لي وانجاز عظيم ، وهي كأبنائي ، ولكن هنالك عدة قصائد قريبة ومحببة الى قلبي ونفسي ، مثلاً قصيدة " أمي " التي اصف فيها حالة وفاتها ومراسيم مواراتها الثرى ، والمشاعر الحزينة التي انتابتني حينها  ، وايضاً قصيدة " والدي " التي كان فيها حنيناً جارفاً اجتاحني للمرحوم والدي الذي اعتز به والداً عطوفاً وحنوناً ، وصورت فيها مدى الحنين والشوق اللاهب له .
اما القصيدة الثالثة فهي " فلسطينية أنا "ولها قصة ، حيث سألني احدهم من دولة عربية : من اين انت ؟ فقلت من الداخل عرب ٤٨، فقال : آها ، يهودية وبالعربية تنطقين ، فأجبته بقصيدة " فلسطينية أنا " تحدثت فيها عن انتمائي لفلسطين وقضيتها ، والتهجير ، واغتصاب الارض واحتلالها والتمسك بالوطن والهوية ، وعن الاسر وغير ذلك .

هل باعتقادك ان الادب بجميع الوانه واجناسه قادر على التأثير في مجريات الاحداث على الساحة العربية ، في ظل تفاقم الأمية ، وعزوف الناس عن القراءة وعدم اهتمامهم بالثقافة ؟ 
هناك أقلام كحد السيف ذو حدين ، وبالنسبة للاحداث التي تجري في المنطقة التي يمكن ان تنتقد وتشجب وتشجع ايضاً ، ولكن هذا يتعلق بضمير الكاتب او الشاعر طبعاً وميوله السياسية والاجتماعية على حد سواء ، وكل الألوان والاصناف الأدبية والابداعية يمكن أن تؤثر ايجاباً او سلباً ، وهذا يعود كما ذكرت الى الضمير والانتماء السياسي والموقف الايديولوجي .
وللاسف الشديد ففي ظل التطور التكنولوجي والانترنت الذي دخل كل بيت اصبحنا نعد من الاميين من ناحية القراءة ، فقد عزفنا عن الكتاب والجريدة والمجلة واكتفينا بما هو مستجد من النت ، لذلك نرى الكتب مركونة في المكتبات العامة والخاصة ويتطاير منها الغبار وباتت ارراقها صفراء ، فلا قارىء ينال منها الا من رحم ربي ، بينما في الماضي البعيد كانت مكتبات بيتية عند عدد من المثقفين والمتعلمين 
 ، وكانت زاخرة بالعناوين ومنتعشة ، وكان الكتاب رفيق الكثير منا ، خصوصاً الروايات التي كانت تجتاح كل القلوب ، وكنا نلتهمها التهاماً لزيادة المعرفة واثراء العقل ، اما اليوم فالكتاب بات في حالة احتضار ، واقول ذلك بألم وحسرة وأسف .

 كيف ترين واقع حركتنا الثقافية في البلاد ؟ 
في الماضي كان الاهتمام بالكتاب والمؤلف كبير جداً ، وعندما تكون أمسية لشاعر في مكان ما كان يحضرها الكثير من الناس ، ربما لشغفهم بالاستماع والاصغاء ، وربما للتنفيس وتغيير نفسياتهم هروباً من الاوضاع السياسية والاقتصادية ، وربما حباً بشعرائنا المعروفين والمشهورين بقصائدهم الخطابية ، ومن جهة اخرى كان الكتاب رفيق المثقف ، اما في ايامنا هذه فرغم الظروف التي تسهل على الجمهور من التعرف على شعرائنا ومبدعينا ومواكبة نشاطهم ونتاجاتهم ، الا انني أرى في الامسيات والندوات الثقافية والادبية ان الحضور شحيح جداً ، وعدد المتحدثين اكثر من المستمعين ، والكتاب يتيم ويحتضر في هذه الأيام ، وطبعا سببه التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي التي باتت تأخذ وتسرق الوقت منا نحن القراء والمهتمين بالادب ، وعليه فان ثقافتنا تحتاج لانعاش لتعود الى سابق عهدها رغم المصاعب والعراقيل التي تواجهها لعوامل موضوعية وذاتية .

 ما رأيك بالنقد لدينا ، وهل يوجد حركة نقد تواكب الاصدارات المحلية ، ام هي حركة مأزومة كغيرها من الحركات النقدية في العالم العربي ؟ 
لدينا نقاد والحمد لله ، ولكن لا اعرف الا العدد القليل منهم ، وهم يعدون على الاصابع ، وقد قرأت بعض المتابعات والاضاءات النقدية حول اعمال شعرية وقصصية وروائية راقت لي ، وفي المقابل شعرت وكأنه مجاملة لهذا الكاتب او ذاك الشاعر ، وهذه حالة متفشية في وسطنا الثقافي .
والنقد يكون اكثر لمعرفة الناقد بشخصية الكاتب او الشاعر وليس اعماله وكتاباته ، وكم افرح حين اقرأ نقداً يظهر السلبيات قبل الايجابات في العمل الادبي .
وعن نفسي للآن لم يكتب اي ناقد محلي عن اي عمل من اعمالي الابداعية ان كان في الشعر او النثر ، رغم ان بعض النقاد من الدول العربية كتبوا عدداً من التعليقات عن قصائدي كنت نشرتها على المواقع الالكترونية ، وقد سبق وكتبت قصيدة عن اللغة والنحو والنقد بعنوان " انين اللغة والنحو " وكم كنت آمل أن يكتب عنها احد نقادنا ولكن ..!!!!

هل لك ان تسمعينا كلمات هذه القصيدة المميزة برأيك ؟ 
بكل فرح وسرور وترحاب ، قلت فيها :

تَشكُو جُمُوعٌ وَالكَلامُ  لَمُثقَلُ  ****  بَاتَت حُرُوفُُ الضَّاد فِينَا تُقتَلُ 

شَيئٌ يَئِنُ مِنَ  القَوَاعِدِ  إِنَهُ   ****  الإِعرَابُ  فِيهِ  لَغاَئِبٌ وََمُزَلزَلُ 

أَمرٌ مَرِيرٌ قَد شَكَوتُ أَمرَهُ  ***** الأِملاءُ بَاتَ بَلا رَقِيبٍ  يَعدِلُ 

لَهفِي على لُغَةٍ   تَمُوتُ  بِفِكرِنَا ****  فَالشِّعر بَاتَ بِلا قَوَافٍِ يُخذَلُ

سَافَرتُ في كُلِّ الدُّرُوبِ وَلَم أَجِد ****  إِلا كَلامَ الله فَهوَ المُذهِلُ

فهي َ البِحَارُ نَغُوصُ  فِي أَعمَاقِهَا  **** لِيَمِدَّنَا مِنهُ الفَصِيحُ المنزَل ُ 

يَا مَن قَصَدّتُم رَوضَ حَرفٍ مُسهِبٍ   ****  حُبُّ القَرُيض ِإِذَا طَلَبتُم يُقبِلُ   

لا زِلتُ أَرنُو للسّمَاءِ لَعَلَّنِي  **** أَروي حُرُوفِي بَهجَةً وَأُعَلِلُ

إِنَ  الجَمِيلَ مِنَ القَصَائِد ِيُصقَلُ  **** وَعَلى المَوَائِدِ فِي اشتِيَاقٍ  يُنهَلُ   

كَم مِن جَدِيدٍ ضَاقَ صَدرِي سَردَه ****  وَالنَّقدُ فِيهَ لَبَائِسٌ وَمُطَوَّلُ 

كَم مِن قَصِيدٍ قَد جَهِدّتُ بِنَظمِهِ **** وَالنَّقدُ فِيهِ مَا عَليهِ مُعَوَّلُ 

فَالشِعرُ حِسٌ بَل شُعُورٌ مُرهَفٌ ****  بَالنَحوِ وَالصَّرفِ الجَمِيلِ يُكَلَّلُ 

هل هناك صعوبات خاصة تعيشها المرأة المبدعة في بلادنا ؟ 
قبل سنوات كان بالامكان القول انها تواجه صعوبات ، حيث لم يكن العالم منفتحاً على المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، الامر الذي سهل على الكثير من مبدعاتنا نشر كتاباتهن والتحليق في سماء الابداع ..! 
عن نفسي اقول بدأت انشر كتاباتي قبل ثلاث سنوات تقريباً ، ربما لأني أسكن في قرية صغيرة نائية ومحافظة تتمسك بالعادات والتقاليد ، حيث انني واجهت انتقادات كثيرة لخوضي في هذا المجال والفضاء الابداعي ، من بعض الاشخاص في القرية الذين لم يرق لهم وجودي على صفحات المواقع الكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، ولكن الحمد لله عائلتي وقفت الى جانبي وساعدتني وشجعتجني ودعمتني معنوياً ونفسياً ، ومادياً في مشاركاتي بالمهرجانات والمؤتمرات في البلاد وخارجها .
ويمكن القول ان المجال اليوم مفتوح وواسع امام المبدعات والكاتبات في عملية النشر الالكتروني ، فمفاهيم المجتمع تجاه هذا الموضوع تغيرت للافضل عن ذي قبل .

ما رأيك بما يسمى " الأدب النسوي " الفلسطيني ؟ 
في السابق كانت اعداد من يتعاطين الكتابة قليلة بين اطراف  شقي البرتقالة الفلسطينية ، اذكر منهن فدوى طوقان ونجوى قعوار فرح وفتحية صرصور ، والكثيرات سواهن ، فلهن كل الاحترام والتقدير لخوضهن مجالات الأدب والثقافة والكتابة والنشر، رغم الصعوبات وشح الامكانيات ، وكنا في الماضي ننتظر  صدور الجريدة الاسبوعية او اليومية والمجلة الشهرية لنتابع ونواكب كتابات وابداعات الشاعرات والمبدعات الفلسطينيات ونقرأ ما تجود به اقلامهن ، وكنا نبحث في المكتبات عن منجزاتهن ونشتريها بمبالغ كبيرة في تلك الايام ، اما في ايامنا هذه فالحمد لله هنالك حركة ادبية نهضوية نسائية فلسطينية بشقيها ، وثمة من اصدرن اعمالهن مطبوعة واكثر من عمل ادبي .
وفي يومنا هذا بات اصحاب وصاحبات الاصدارات يوزعون كتبهم مجاناً ، ولكثرة من يكتبن لم نعد نعرفهن . 

 ما هي برامجك ومشاريعك المستقبلية ؟ 
الاستمرار في الفعاليات التطوعية الثقافية والاجتماعية والخيرية في البلاد وخارجها ، وعندي طموح بان انهي بحثي المطول الذي بدأته قبل عدة شهور عن الشاعر الوطني الكبير الذي لم ينل حقه ، ابن قرية مصمص راشد حسين .

 في المجال الثقافي والادبي ، الا تفكرين بجمع قصائدك واصدارها في ديوان شعري ؟ 
في الحقيقة جمعت قصائدي وكتاباتي النثرية في اصدارين ، الاول يضم ديوان مقفى وموزون وتفعيلة ، واخر نثري يضم ما كتبته من نثر وعامي وزجلي وغنائي ، وحين تسنح لي الفرصة للطباعة سيريا النور باذن الله .