حوار ولقاء مع العازفة شهد

أجرى الحوار حسين محمد العراقي
مجلة لقاء ـ الغربة ـ بغداد
صدح صوت هذه العازفة التي ولدت في محافظة بغداد وهي من مواليد 1992وعمرها الفني المتفوق  ثلاث أعوام  طالبة في معهد الدراسات النغمية المرحلة الثالثة وعضوة في الفرقة السينفونية وباتت مميزة ومتفوقة بالعزف وكانت تؤدي العزف على الأوراق الخُضر المبنية على شجرة الحياة  (آلة الجلو) وقدمت عدداً من أجمل العزوف في الأوكسترا السينفونية الوطنية العراقية  التابعة الى وزارة الثقافة والكائنة قرب ومقابل الفنون التشكيلية  وتألقها بأناقتها جذب أليها أنظار المعجبين أنغام عزفها تفاعل مع الجمهور بشكل لافت للنظر والذي قدمتهُ كان يحمل صورة جميلة وحقق لها الشهرة والنجاح وباتت واضحة للمشاهد الذي يراها وقد تحدثت معها من خلال هذا الحوارعن مسيرتها الفنية بالعزف على (آلة الجلو)

* فنانة شهد.. كيف بدأت وعلى يد من تتلمذت؟
ـ  نحنُ عائلة فنية، وعلى يد عازف الجوزة  الأستاذ أحمد سالم وتشجيع ومؤآزرة  مديري الأستاذ ستار ناجي تتلمذت والفضل الأكبر الذي يعود الى والدي جمال عبد العزيزالذي أهتم بي في بداياتي علماً أنه عازف على آلة القانون بأحتراف وعنده مشاركات عديدة داخل القطر وفي الدول العربية ومنها عمان وبلغاريا والكويت والمغرب علماً من خلال والدي حققت حضوراً جيداً على الساحة العراقية وبات والدي ملتزم بأهتمام جيل الشباب وأخيراً فضل والدي ووالدتي وتشجيعهم ودعمهم المعنوي لن ولم إنساه.

* والدك أين وُلد وكم مواليده ومن أين تخرج؟
ـ مواليد السماوة 1956 وتخرج من قسم الموسيفى معهد الفنون الجميلة 1979 وهو من مؤسسي فرقة الشباب 1980وعمل في فرقة الأذاعة والتلفزيون 1979 ومؤسس لفرقة زرياب مع الفنان جعفر الخفاف
* ما هي مشاركاتك الفنية وما أسم المهرجانات وهل ظهرت على  المقروء المرئي المسموع؟
ـ كانت لي عدة مشاركات ومنها  مهرجان الجواهري الذي نشر في صحيفة المدى ومهرجان المربد ومهرجان المسرح الوطني الذي بث على قناة الحرية قبل عامين أضف الى ذلك ظهرت أنا والأعلامية هبة باسم قناة الحرة ومقدمة برنامج (أبواب) وكان المخرج محمد غازي الأخرس وحاورتني على مدى ساعة كاملة  حول العزف الموسيقي ومنه على آلة الجلو.

* الى من كنت تميلين تأثراً من المطربين والعازفين؟
ـ قحطان العطار وفؤاد سالم أما من العازفين فهو الأستاذ محمد حسين كمر لأنهُ أشهر العازفين في وقتنا الحاضر وعزفه يحمل في طياته روح الأستايل الحديث وكان يحمل معان جميلة وعندما يقدم العزف بشكله الجميل والمتدفق تجديداً والذي لايُمل  ونحنُ كعازفين نريد ما هو جديد في الفن..

* ما هي العلاقة بين حياة يراد لها أن تموت وفن يراد له أن يحيا؟
ـ أنا في رأيي أن الفن هو الذي يرفد ويرفه ويسعد حياة الأنسان أضف الى  ذلك الفن تسلية وأنعاش الأذهان وأذا لا يوجد فن فلا توجد حياة فنحنُ كموسيقيين نريد أن تصبح الموسيقى هي لُغة الحياة والعالم.
* طموحاتك وتمنياتك؟
ـ أريد أكون عازفة مشهورة حتى احقق  شخصيتي وحلمي المنشود علماً أني قدمت جُهد دراسي  مضني ومتعب أخذ من عمري الكثير حين وصلت الى ما كنت أطمح أليه.

* حقاً كان دورك الفني على العزف صورة تدفق وجداني وأبداع.. ماذا أعطاك الفن؟
ـ الطموح الذي كان يراودني  وحقق أمنيتي وجعلني عازفة محترفة.

* ما هو أنطباعك ونظرتك للصحفي حسين محمد العراقي؟
ـ أنت أنسان مثقف وسعدت بالتعامل معك لأنك تمتلك القدر الكبير من الأحترام والتقدير وعلى المستوى الأنساني أنت هادىء بسيط جداً خفيف الظل ودمث الُخلق الى حد كبير.

* إني وجدتك دئوبة بارعة المنطق وذكاء خارق وتستحقين أن يطلق عليك المثل المصري الشائع (أبن الوز عوام) لأن والدك  الفنان العازف  عبد العزيز  وشاهدتك هادئة كالبحر الهادىء ومنظر يسر الناظرين وحقاً تحملين رسالة أنسانية هي العزف على آلة الجوزة (الجلو) التي تحمل في طياتها زهرة في موسم ربيع بحب وتفاني وطائر يُغرد وفيك وجه العراق الجميل الحضاري الثقافي الفني الأبداعي بالعزف على آلة الجلو.

* آنستي سيدتي الفاضلة مولاتي والكلمة عابرة الفنانة العازفة شهد جمال عبد العزيز.. في نهاية هذا اللقاء والحوار ومن خلال مجلة ((  لقاء ـ الغربة ))  ماذا لديك من قول؟
ـ أتمنى وبكل التمني أن تصل رسالتي ويستلمها الجيل الحالي والأجيال القادمة لكي ينهجوا نفس النهج والأسلوب والتطور الذي سلكناه نحن كعازفين وسلكتهُ أنا كعازفة.
 وأخيرا  سيدتي الكريمة سأقول لكي  الى اللقاء وللحديث بقية بالقادم الجديد وما يُنشر لي من حوارات ولقاءات تخصك ........

دلال شمالي لمجلة (لقاء): الاغنية اللبنانية جميلة ولكن يطغى عليها الفن الهابط

* أجمل أغنياتي كانت باللهجة العراقية

بيروت ـ الغربة ـ غفران حداد

دلال شمالي  مطربة لبنانية  من جيل السبعينات والثمانينات ولكن شهرتها كانت خارج لبنان حيث بدأت مشوارها الفني مبكرا في الإذاعة الأردنية والاذاعة السورية مع نهاية الستينات، امتازت بعذوبة الصوت، ومن أشهر أغانيها " شدولي الهودج يلا،قلي يا يا ولفي علامك، أحب فيك نظرتك،
يا مأمور اللي بالمطار أعطيني خط الإشارة، عالياني الياني،عينك عالنار شعلها يابو عباية ودامر، سلمتك قلبي، لهجر قصرك وارجع لبيت الشعر،يابو الخدود الزاهية ماني بغيرك راضية، يا بيت الشعر، يا مال الشام يمّا تعالي
توت على بيروت مابدي دهب وياقوت"
وخلال مدة وجودها في العراق اعجبت باغنية المطرب العراقي فاضل عواد لاخبر والتي اشتهرت في ذالك الوقت احبت ان تغنيها معه دوتيو واضافة الكلمات معا فاعطت لاغنيه رونقا جميلا.
مجلة "لقاء" اتصلت بالمطربة القديرة دلال شمالي وتناولت معها بعذ من مشوارها الفني وذكرياتها في بغداد واغنيتها مع المطرب الكبير فاضل عواد وحقيقة زواجها من اعلامي عراقي كل ذلك في سياق اللقاء الاتي.

*ماالجديد الفني للفنانة دلال شمالي؟
- حاليا شبه متوقفه والسبب الظروف الحالية التي نعيشها كلنا في العالم العربي وكما تعرفين عالمنا اغانيه طربية فمن الصعب ننتج على حسابنا ونعمل مهرجانات وحفلات.

*نحب تعرفين جمهورِك العراقي كيف كانت بداياتكِ الفنية؟
- أنا بداياتي الفنية الحقيقية كانت مع جمهوري العراقي ولي تاريخ فلكلورية عراقية جددتها بصوتي وصورت الكثير من الاغاني العراقية .

*ما ذكرياتك عن بغداد وانت عشت فيها وتزوجت عراقي؟
- لديّ الكثر من الذكريات الجميلة في بغداد وجلوسي على ضفاف نهرا العراق نهرا دجلة والفرات  وغنيت اجمل الاغاني "ماغيّر النهر يابغداد نهراه" ولكني لم اتزوج عراقي ياغفران كما قيل وقتها اني تزوجت من الاعلامي الكبير ابراهيم الزبيدي وأنما كان نشاط فني يجمعني به وانا احترمه واقدره وعملنا مسلسلات مع بعض وكتب لي اغاني كثيرة وكان مدير اذاعة بغداد سابقا.

*من يعجبك من المطربين العراقيين؟
- كثيرون ولكن أبرزهم  المطرب الكبير فاضل عواد الذي غنيت معه اغنية دويتو "لا خبر لا حامض حلو لا شربت" وانا ارد عليه باغنية من الحان الاستاذ طالب القره ولي حيث يغني مطلع اغنية لا خبر وأنا ارد عليه بحوار " سنتين اوديلك خبر وماعينك انت الكذبة النوبة جفية مهر   وتطلبها مني وشربت" وظهرت الاغنية بمسلسل من انتاجي واحب الفنانيين العراقيين جميعهم من انوار عبد الوهاب ونور الهدى  وهاشم قنوع من سوريا وعدة نجوم عرب شاركو ا في هذا المسلسل .

*هل لديك جديد على صعيد انتاج المسلسلات الدرامية؟
-لا افكر في انتاج سهرات بدوية واحيي من جديد حفلاتي واغنياتي البدوية وهي كثيرة جديدة على مستوى جيد.

* رأيك في الاغنية اللبنانية اليوم؟
- بعضها حلوة ولكن تفتقد الى الكلمة الحلوة والى اللحن الاصيل والاكثرية يطغي عليها الاغاني الهابطة للاسف.

*بعد هذا المشوار الفني الطويل هل ندمتِ على دخولكِ الوسط الفني؟
-بالعكس انا اعتز بمجالي وبعالمي الفني وانا غنيت للفنان الكبير محمد عبد الوهاب وغنيت لكبار الشعراء مثلا الشاعر الاردني عبد المنعم الرفاعي رئيس وزراء الاردني سابقا بعنوان" نجوى" ويخاطب فيها النهر وايضا للشاعر
 خليل الخوري  فأنا عشقت هذا المجال ولم اندم على دخوله ابدا
ً
*هل تفكرين بكتابة مذكراتك؟
نعم الان اكتب في مذكراتي وسيقرأ الجمهور حياتي ورحلاتي وكل التفاصيل الفنية والشخصية .

*كلمة اخيرة تحبين قولها لجمهورِك العراقي من خلال مجلة "لقاء" ؟
- انا أشتقت اليك كثيرا ياجمهوري العراقي ،وأنت حبيتني وانا مشتاقة اشوفكم من جيدد واتمنى ان يعود الخير والسلام للعراق وأتمنى لقراء مجلة" لقاء" كل التوفيق وأتمنى لكِ يا غفران وكل الصحافيين الذين يشتغلون الصحة والسلامة وياربي يحميكم ويحفظكم يارب .

الشاعر الفلسطيني نمر سعدي: الكتابة غواية محفوفة بالمكر

انديرا مطر/ بيروت

يعدُّ الشاعر نمر سعدي واحداً من الأصوات الجديدة في الساحة الشعرية الفلسطينية.. صدرَت له الدواوين الشعرية التالية: عذابات وضَّاح آخر (2005)، الناصرة، موسيقى مرئية (2008) الناصرة، كأني سواي (2009)، حيفا، يوتوبيا أنثى (2010)، رام الله، ماء معذَّب (2011)، الناصرة، وقتٌ لأنسنةِ الذئب (2014) القاهرة، تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى،  القاهرة، وصايا العاشق (2014)القاهرة.
القصيدة المشتهاة
تنصتُ أشعارُ سعدي لهموم التجربة الحياتية وتزخمُ بالموسيقى الهادئة. يتميز شعره بقدرة على التعبير اللغوي، والتصوير الفني على حد سواء، متكئًا، في هذا وذاك، على خيال جامح منفتح على الاتجاهات كافة. موضوعات شعره إنسانية ووجودية  وعاطفية لكن قصيدته المشتهاة هي تلك التي تمزج هموم ذاتية وإنسانية وجمالية وفلسفية حتى قصيدة الحب التي يكتبها قد  تعبِّر عن عاطفة إنسانية أو مشكلة فلسفية في إطار جمالي معرفي ملبسة بلبوس الشغف الجسدي، "أعتقد كل شعر أكتبه يدور في فلك الشغف الجسدي كما تدور شمس في سماء حزيران الزرقاء. أوائل قصائدي كلها مرتبطة بشكل أو بآخر بأواخر الشغف الجسدي الذي أعنيه".
قصيدة التفعيلة والسياب
كتب سعدي قصيدة التفعلية ولم يتعصب لها، الى جانب العمودية وقصيدة النثر "بما أنني أعتبر نفسي كائن موسيقي أو بالأحرى إيقاعي لم أستطع التخلص من تحرش الأوزان والبحور الشعرية بناي في القلب.. وبذلك أراني مشدوداً إلى قصيدة التفعيلة أكثر من غيرها.. طبعا من غير انتقاص للقصيدة العمودية المكتوبة بروح جديدة وقلق حديث أو للقصيدة النثرية المكونة من جزئيات صغيرة متناهية الصغر والمفتوحة على احتمالات اليومي والعابر ودقائق الأشياء".
قصيدة التفعلية تستحضر تلقائياً معلمه الأول وأحد الآباء الشعريين العظام بدر شاكر السياب، "لا أظن أن شاعرا عربيا أثار الجدل خلال أكثر من نصف قرن كما فعل هذا الشاعر الفذ".
درويش والاعجاز
ماذا عن مواطنه الشاعر محمود درويش الذي قلما نجا شاعر فلسطيني من تأثيره؟
يعتبر نمر سعدي أن درويش على مستوى التفعيلة قدَّم معجزاً فذَّاً شكَّل سقفاً عاليةً للتجارب اللاحقة وكان صاحب طاقة شعرية هائلة واستثنائية. "طوَّر قصيدة التفعيلة وبثَّ فيها مياه جديدة وطاقة نورانية فيها طعم القلق الفلسفي الوجودي. ذلك لأنه يرتكز بقوة على التراث الموسيقي العربي ويدرك أخفى دقائق علم العروض والبحور الشعرية، أيضاً لأنهُ منفتحٌ على الشعريَّات العالمية المتنوعة والمختلفة. قصيدته أقرب إلى النفس من قصائد غيره لأنها تمتلك ثقافة واسعة وبُعداً مجازياً خاصاً وشحنةً عظيمةً من السلاسة والانسيابية والنبرة الجرسية وكأنها مارش عسكري، قصيدةُ درويش تحاورُ النفس وتسائلها بعمقٍ ثرٍّ وشغفٍ حقيقي".
أدونيس وازدحام الأفكار
المتعة التي يقرأ بها نمر سعدي درويش أو شوقي بزيع أو سعدي يوسف يقرأ بها أيضاً شاعراً إشكالياً ومختلفاً كأدونيس ولكن بذائقة أكثر حذراً "أجد أدونيس أحيانا يثقل القصيدة بالأفكار الذهنية وأحيانا أخرى بلغة فلسفية صعبة وبصور بعيدة عن الجمالية التي ينشدها المتلقي ويبحث عنها في لغة الشعر. ولكنهُ في بضعة دواوين لهُ كتبها في المرحلة الأخيرة يحلِّقُ عالياً مثل ديوانيهِ (أوَّلُ الجسد آخرُ البحر) و(تاريخ يتمزَّق في جسدِ امرأة)، وظيفةُ الشاعر أن يحوِّل لغة ومنطق الحديد والنحاس إلى ذهب كما يقول السياب في أحد حواراته وأن يخلقَ الشعري من اللا شعري ويبثَّ الروحَ في الجماد".
البداية مع الشعر الجاهلي
مجموعة من الشعراء العرب والأجانب تركوا بصماتهم في مسارهِ الشعري. وشكل الشعر اللبناني خصوصا الجنوبي منه رافدا جماليا. في الرابعة عشر من عمره  قرأ نمر سعدي الشعر الجاهلي الذي يعتبره أغنى ما أنجز العرب في مجال الشعر. فيما بعد تعرف على تجارب الشعراء العباسيين وأحب أبا نواس والبحتري وأبا تمام وبشار بن برد. لكنه تماهى حتى الثمالة مع أشعار أبي الطيب المتنبي. "من الصعب الإلمام بتأثير الشعراء العرب القدامى عليَّ. ربما لم أقرأ كل الذين ذكرتهم قراءة شاملة ولكن تأثرت بعدد قصائد لا بأس به لهم".
لسعدي نظرته الخاصة في ما يتعلق بالشعر المترجم،  لاسيما الترجمات التي تتم عن لغة وسيطة ولا تنقل النص الأصلي بأمانة،كأن يترجم شاعر لوركا عن الفرنسية فيبتعد عن النار الكامنة في النص الأصلي ويأتي النص ركيكا وفي أحيان كثيرة لا يؤدي الفكرة بأمانة." لم تترك  الكتب الكثيرة التي قرأها، شعراً عربياً وأجنبياً ودراسات ومسرح ونقد ورواية وغيرها، إلا ضباباً أبيضَ في ذهنه، يشبهُ حفيفَ القطن الغيمي بغضِّ النظر عن استفادتهِ منها أو نفورهِ المطلق من عوالمها".
صعوبة الكتابة
الانسيابية الشعرية ليست متاحة للشعراء على الدوام والكتابة تبلغ أحياناً ألم المخاض. يقول سعدي انها ممارسة صعبة، بل صعبة جداً، وغواية محفوفة بالمكر لم تخلِّصه ولو للحظة واحدة من فداحة شعوره بتفاهة ما يكتب. القراءة والكتابة ليستا سوى وسيلة لتزجية هذه الحياةِ بحلوها ومرِّها.  "منذ صيف 2008 وأنا أكتب بصعوبة بالغةٍ أحياناً وهذا ما لمسته خلال كتابتي مجموعتي الشعرية (كأني سواي).أقصد أنني أعجز عن لمس البرقِ الأخضَر الطالع من سديم الضباب  الأبيض. أشعرُ دائماً أنَّ كلّ قصيدة أتهيَّأُ لكتابتها هي الأولى لي."
لعلَّ هذا النص أبلغ تعبير عن حالة الصمت المدوي التي يعيشها: "عندما لا أجدُ ما أقولهُ أغلقُ فمي على زهرةِ صَوَّانٍ كبيرةٍ.. بيدَ أني لستُ جلجامشَ، أو أمارسُ طقوسَ المشيِ في الهواءٍ الصلبِ كالفلاسفةِ المشَّائينَ وأنا أصبُّ ماءَ قلبي على جمر الثرثرةِ المهتاجِ بفرحٍ، أعيشُ قليلاً في حضرةِ إغراءِ الصمتِ.. ليسَ صمتَ رمبو ، أكملُ أحلامَ غالب هلسا غير المدوَّنةِ أو أحيل بقايا قصيدة إلى شاعرٍ صُعلوكٍ غيري يحملُ مأساتهُ على كتفيهِ ويذرعُ شوارعَ مدنٍ على كواكبَ أخرى.."

الفيسبوك الفاضح
علاقة الشاعر نمر سعدي بالفيسبوك علاقة ملتبسة. يكتب ويحذف ويشعر أحيانا انه اقترف ذنبا كتابيا ما. ربما لأن القصيدة تتسع للمداراة والمراوغة  بخلاف النثر الفيسبوكي وليد اللحظة الممسوس بشغف الطفرة الوجدانية "كم من بوستات حذفتها بعدما استنزفت جهداً كبيراً في كتابتها لأنني وجدتها من صنف النثر الفاضح الذي لا يفصله خيط رفيع عن أعماق نفسي. أحيانا كثيرة أكتب هذيانات وأنشرها وكأنه لن يرى ما أكتب سواي. وانا أعرف جيدا أنني نشرتها توَّا على الملأ".

حوار مع الكاتبة الكويتية الدكتورة هيفاء السنعوسي

حاورها: عبد القادر كعبان/الجزائر

 الدكتورة هيفاء السنعوسي  كاتبة ومبدعة متفردة في الوسطين الكويتي والعربي وهي  باحثة وأستاذة في الأدب والتحليل النفسي في جامعة الكويت، وكذلك كاتبة في العديد من المجالات الأدبية كالقصة والمسرح وبصفة خاصة مسرح المونودراما. قدمت الدكتورة هيفاء السنعوسي العديد من الندوات الأدبية والمحاضرات والورش العلاجية في البلدان العربية وفي أوربا وأمريكا حول كتاباتها الأدبية وحول أبحاثها العلمية في تطوير الشخصية والعلاج النفسي بالفنون الأدبية، وكانت آخر دراساتها العلمية في مجال المسرح الانعكاسي وفي المونودراما العلاجية بصفة خاصة، ومن هنا حاورتها عن حياتها الأدبية والأكاديمية في سياق الحوار التالي:
بعيدا عن الساحة الأدبية والأكاديمية: من هي هيفاء السنعوسي؟
في البدء اسمح لي أن أشكرك على تواصلك معي وطلبك الحوار، وإنه من دواعي سروري التواصل مع النقاد والمبدعين في وطننا العربي بشكل عام، وفي الجزائر بشكل خاص، ثم أقول جوابًا على سؤالك بأنني امرأة مسالمة محبة لله عز وجل، ومحبة للناس في الله ،تعشق الحروف التي تقدم قيمًا انسانية في هذا الكون الشاسع، وتعشق القراءة والكتابة منذ الطفولة، وتؤمن بأن لكل انسان رسالة انسانية ذات قيمة سامية ونبيلة ولابد أن يوصلها للناس. كبرت وكبر معي شغفي بالعلم والمعرفة، متصلة جدًا بالبحث العلمي المبتكر حتى هذه اللحظة، وبلا شك أعتز بكوني مسلمة، وفخورة بأنني إبنة رجل عظيم مسالم وطيب للغاية يرحمه الله، وابنة لأم كانت معجزة أخلاقية حافظة للقرآن وخلقها القرآن يرحمها الله، وأخيرا أعتز بأمومتي وبكياني الأسري كزوجة لرجل رائع يحفظه الله.
أي شيء دفعك لخوض تجربة كتابة القصة تحديدا؟
لأنني مؤمنة بأن الحياة قصة، والقصة حياة، وبالتالي فإنّ القصة هي عنصر مهم في مكونات تركيبتنا الاجتماعية والعقلية والإبداعية. والعمل الأدبي يفرض نفسه علي، فأنا لا أفتعل الكتابة ، إنها لحظات الإلهام التي تختطفني وأجدني أكتب فتخرج في صورة قصة أو مسرحية أو ربما ومضة قصصية. بدأت القصة معي منذ الطفولة حيث عشقتُ قراءة القصص لكبار الكتّاب العرب والغربيين، وبدأت كتابة القصة وأنا صغيرة، كنت بالسنة الرابعة في المرحلة الإبتدائية وكانت بالطبع كتابات بسيطة جدًا تتلائم وسني آنذاك. وينبغي أن أذكر هنا اسم المفكر الكبير الأديب الدكتور مصطفى محمود يرحمه الله. فهو أول من شجعني على نشر أولى مجموعة قصصية بالعربية بعنوان (ضجيج) ودعم ظهورها بكتابة تقديم لها قدمني به إلى القارىء العربي، وكم أنا فخورة بذلك التقديم. وقد تم نشر المجموعة ضمن سلسلة قطاع الثقافة بدار أخبار اليوم  بمصرعام2004. وأريد أن اوضح هنا أن ما يلفت انتباهي في الناس هو تحركاتهم بالحياة وفقا لأبعادهم النفسية التي تمثل ألوانا مختلفة، ولذلك يرى معظم النقاد أن كتاباتي القصصية لها بريق نفسي عميق.
بمن تأثرت من الأسماء الأدبية في بداياتك القصصية؟
أحببت كثيرًا من الكتاب في الوطن العربي وفي العالم الغربي، وقرأت لهم منذ الصغر ولكنني لم أتأثر بهم، كانت لي هويتي الخاصة في الكتابة، هويتي المبنية على قناعاتي الفكرية وأبعادي الشعورية والنفسية في علاقتي مع الناس في حياتي العامة. فنحن جميعا نعيش قصصا في حياتنا ونشاهد قصصًا من الواقع الذي نعيشه، وهؤلاء الناس هم الأبطال الذين أتأثر بهم، وأتفاعل معهم في كتاباتي.
لك العديد من المجاميع القصصية: "ضجيج"، "رحيل البحر"، "إنهم يرتدون الأقنعة!"، "فضاءات الحب"، " شهرزان" وكذلك الكتابات المسرحية: "نقوش على وجه امرأة"، وكتابك الأخير مسرحيات مونودرامية " وجوه لاتعرف الضوء" في العام 2015  كيف تقيمين هذه التجربة اليوم؟
سؤال جميل ولكنني لا أستطيع الإجابة عليه، فليس لي الحق في تقييم تجربتي الكتابية القصصية والمسرحية، أقدم كتاباتي للقارئ والناقد وهو من يقيمها، ولكنني أقول بأنني نشرتُ ما كان مقنعا بالنسبة لي على الوجهة الفكرية والإبداعية، و مازلت في طريق الكتابة، فهي نبع انساني إبداعي لايتوقف إلا بموت صاحبه. وهناك رسائل انسانية كثيرة تضمنتها كتاباتي القصصية والمسرحية، وأنا على قناعة بها وهي تعكس رؤيتي للعالم وللمشاهد الانسانية فيه، وماتزال بعض الرسائل مخبوءة في الكتابات الأخرى التي سأنشرها مستقبلا إن شاء الله. 
ما الحيز الذي تشغله المرأة في قصص هيفاء السنعوسي إجمالا؟
المرأة والرجل هما عنصران مكملان لبعضهما البعض في الحياة، وبالتالي فهما متواجدان في كتاباتي بشكل عادل، وبالمناسبة أنا لست ضد الرجل كما جرى العُرف في معظم كتابات الأديبات العربيات شعرا ونثرا، وإنما أرى وجود علاقة تناغمية جميلة بين الرجل والمرأة في وطننا العربي، والحالات الشاذة الواقعة في اضطهاد الرجل للمرأة هي حالات محدودة وموجودة في كل بقاع العالم، وبالتالي ليس من المنطقي تشويه صورة الرجل العربي والتي صدّرتها بعض الكتابات العربية النسوية للغرب بطريقة جائرة. فأنا على قناعة بأن الانسان قد يكون سويا نفسيا أو قد يكون مختلا نفسيا ممت ينعكس على حياته الاجتماعية ، بغض النظر عن كونه رجلا أو امرأة. نحن نحتاج لإعادة تقييم لهذه النظرة القديمة القائمة على صراع المرأة والرجل، فهذه الاشكالية انتهى عصرها وأصبحت مفتعلة في وقتنا الحالي، ولكنها للأسف ما تزال تتردد في كتابات بعض الأديبات.
ماذا عن تجربتك في كتابة قصص الأطفال؟
كانت تجربة واحدة فقط منذ سنوات، ولا أخفي بأنني كتبتها في لحظة إلهام وحب لابنتي الشاعرة والفنانة التشكيلية رزان  أحمد العوده ، التي قالت لي وهي طفلة بالابتدائية: "كم أتمنى أن تكتبي قصة للأطفال". وهي عاشقة للقراءة والكتابة مثلي، وبالتالي جاءتني لحظة الالهام وكتبت قصة للأطفال تحمل عنوان: "الآنسة رزان وطبيب الأسنان". وكانت المحاولة الأولى والأخيرة.
أنت قريبة من المشهد الإبداعي الكويتي كونك أديبة. ما رأيك بهذا المشهد لاسيما النسوي منه؟
الكتابة في العالم العربي وليس الكويت فقط ، أخذت في الآونة الأخيرة طابع الموضة تحت هوس الشهرة، فمثلما انتشرت عندنا في وسائل التواصل الاجتماعي كالانستغرام بصفة خاصة موجات مصممات الأزياء وفنانات التجميل ومسوقات الدعاية التجارية، انتشرت أيضا موجة الكاتبات والبعض منهم نشر كتابات رديئة للغاية بهدف الشهرة التي أصبحت مرضا يفتك بعالمنا العربي، ولكن هذا لا يعني عدم وجود كاتبات كويتيات متميزات على المستوى الانساني والابداعي، مع وجود نساء تيار"عدائية الرجل" اللاتي مازلن يكتبن في نفس الاشكالية المستهلكة! وهذا ما يجعلني أتساءل عن مصداقية اضطهاد الرجل للمرأة في عالمنا العربي، في ظل ظهور المرأة بمواقع حساسة جدا في الدولة.. فعندنا في الكويت على سبيل المثال نساء في البرلمان تم انتخابهن من المجتمع الكويتي، ولدينا وزيرات لحقائب وزارية مهمة كوزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وغيرها من وزارات ومؤسسات الدولة، وهن أستاذات في الجامعة تقلدن منصب عميدات كليات، ووصلت المرأة  لمرحلة إدارة جامعة الكويت، وكذلك دخلن سلك الشرطة، وإدارة التحقيقات ومباحث الدولة، وحماية الشخصيات والاطفاء، وأصبحن وكيلات نيابة وغيرها من المهن التي كانت في يد الرجل، فأين الاشكالية مع الرجل هنا؟ في ظل موجة انفتاح قيادي ومهني مبهر للمرأة على مستوى كبير ولافت للانتباه منذ عشرات السنين.
استعنت بالمسرح كجنس أدبي لممارسة العلاج النفسي، فكيف تم ذلك؟
نعم لي نظريتي العلمية الخاصة في مسار المسرح العلاجي وأسميتها "المسرح الانعكاسي العلاجي" وطبقتها بصفة خاصة في مسرح المونودراما وهو البحث الأول على مستوى العالم أجمع في مجال العلاج النفسي في مسرح البطل الواحد ما يمسى مسرح المونودراما، لأنه أساسا مسرح ثقافي نخبوي، ولكنني طورته في مسار البحث العلمي ليكون مسرحا علاجيا ، وكذلك في مجال تطوير الشخصية وتأهيلها.
لك تجربة فريدة في كتابة النص المسرحي المونودرامي، فما هي خصائصه وآلياته من وجهة نظرك؟
نعم فخورة بتجربتي هذه على المستوين الإبداعي ككتابة أدبية وعلى المستوى العلمي كدراسة في الأدب العلاجي، فأنت كما تعرف أن مسرح المونودراما من أصعب وأعقد الفنون كتابة، وكذلك أصعبها أداءً، وهذه ليست مقولتي وإنما مقولة كبار النقاد في العالمين الغربي والعربي حول مسرح المونودراما، وهو كما يراه الجميع مسرح النخبة حيث البطل الواحد. وقد بدأتُ الكتابة فيه في العام 2009 ثم نشرت مجموعتي الأخيرة "وجوه لا تعرف الضوء" وهو عبارة عن مسرحيات مونودرامية، وتم إصدار الكتاب في احتفالية توقيع كبيرة بجامعة الكويت، وقدمتُ عرضا لمسرحية مونودرامية من الكتاب تحمل عنوان: "ضباب لا يحجب الرؤية" وكانت  أداء وإخراج الممثل المسرحي المصري المبدع عمرو قابيل، ولاقى العرض نجاحا كبيرا جدا. وهناك بالمناسبة عرض لثلاث نصوص من الكتاب بإذن الله تعالى ستكون في منتصف شهر ديسمبر إن شاء الله على مسرح مكتبة الاسكندرية بمدينة الاسكندرية مقدمة من فنانين مسرحين محترفين من مؤسسة فنانين مصريين بمصر.
ماذا عن جائزة الدكتورة هيفاء السنعوسي في مجال كتابة النص المونودرامي؟
جاءت الجائزة في دورتها الأولى في العام 2011 وانطلقت من باب تشجيعي للكتابة في مسرح المونودراما. أردت أن يشق المبدعون معي طريق عالم المونودراما الجميل، وألا يستصعبوا كتابته، والجائزة الآن في دورتها الخامسة ، ويرأس لجنة التحكيم لهذا العام  أستاذ أكاديمي معروف ومتخصص بالمسرح وناقد محترف ومبدع من أحد الأقطار العربية. وهو من سيعلن أسماء الفائزين في الدورة الحالية خلال الشهور القادمة إن شاء الله،  وكانت الجائزة في السنوات السابقة مقصورة على المبدعين الكويتيين، وقد فتحتها هذا العام  في خطوة تطويرية جديدة لتشمل كل المبدعين العرب بناء على عشرات الرسائل الواردة من مبدعي وطننا العربي، واستجبت لطلبهم دعما للإبداع المونودرامي العربي ، وقد تقدم لها حتى هذه اللحظة مبدعون من الكويت ومصر والأردن وسوريا والجزائر والمغرب والعراق وغيرها من الدول.
كونك أكاديمية كيف استطعت المزج بين الأدب والعلاج النفسي وتطوير الشخصية في آن واحد؟ وهل يمكن أن تحدثينا عن دراستك العلمية في مجال المسرح الانعكاسي ؟
سؤال مهم وجوهري والجواب هو أنه اجتمعت عندي نقطتان هما أولا :عشقي للحروف الأدبية وبالتالي عشق الكتابة القصصية والمسرحية، ثانيا: عشقي للبحث العلمي المبتكر وشغفي بالمعرفة، وهذا يتغذى من كوني أستاذة في جامعة الكويت، وعملى الأكاديمي مرتبط بالبحث العلمي، وللأسف الجمع بين الأدب والعلاج النفسي يكاد يكون نادرًا في وطننا العربي، فلا توجد مؤتمرات أو ندوات علمية تقدم هذا النوع من المواضيع ، ولذلك أتجه لأمريكا وأوربا، وهم يهتمون جدًا بعلاقة الفنون والأدب بالطب النفسي. أما فيما يتعلق بمصطلح المسرح الانعكاسي العلاجي فهو دراسة علمية خاصة بي ومسمى جديد في حقل الأدب العلاجي ومنطلق من تجربتي لمسرح المونودراما ليس كفن إبداعي فقط وإنما أيضا كفن علاجي، وهو تجربة جديدة في الحقل العلمي في العلاقة بين الأدب والطب.
هل سنقرأ للدكتورة هيفاء السنعوسي رواية في التجريب الأدبي العلاجي مستقبلا؟
ربما.. فكما وضحتُ سابقا لحظة الإلهام هي التي تختطف الكاتب لعالم الكتابة الجميل، ولأنني لا أفتعل الكتابة، وإنما هي تفرض نفسها علي فأكتب، فأنا لا أحدد مساري في الكتابة. ولكنني لا أنكر أنني مازلت منسجمة في عالم المونودراما ومنجذبة له لكونه عالمًا ساحرًا يغوص في أعماق نفسية الأبطال ، ولكونه يغذي عقليتي العلمية المرتبطة بأبحاثي ودراساتي العلمية في مجال الفنون الأدبية العلاجية.
ما هو جديدك حاليا؟
ستنطلق في الشهور القادمة إن شاء الله أنشطة ثقافية وعلمية في الكويت من منطلق كوني كاتبة وباحثة أكاديمية، وستكون الأنشطة في مجال الفنون الأدبية العلاجية، وفي علاقة الأدب بالطب. وستكون في صورة ندوات وعروض مونودرامية داخل وخارج الكويت. تلقيت بعض الدعوات الرسمية لإلقاء محاضرات حول أبحاثي وكذلك لتقديم تجاربي الأدبية، وسألبي بعضها على مستوى الوطن العربي وعلى مستوى المؤتمرات العالمية في أمريكا وأوربا إن شاء الله تعالى.

مقابلة مع الاب الدكتور بطرس يوسف راعي كنيسة سيدة كلدو الكلدانية في باريس



اجرى المقابلة يوحنا بيداويد 
و سلام مرقس

29 تموز 2013 باريس/ فرنسا

الاب الدكتور بطرس يوسف هو راعي كنيسة كلدو الكلدانية في باريس، يحمل شهادتين دكتوراه الاولى  عن " القربان المقدس في الطقس الكلداني" و الثانية  عن "تاريخ الاباء/ مار افرام " . استاذ بدرجة بروفيسور في معهد الدراسات الشرقية في روما / الجامعة الاوربانية واستاذ سابق في المعهد الكاثوليكي في فرنسا.

 الاب بطرس يوسف اشرف على عديد من الاطروحات الطلبة لنيل شهادة الدكتوراه والماجستير في الجامعة الاوربانية- نشر الايمان  المعروف عنه رجل ايمان، يعمل في سكوت وخفاء. وافق على  إجراء هذه المقابلة مشكوراً على الرغم من التزاماته الكثيرة وصعوبة اوضاعه الصحية .

ابونا بطرس هل لنا نعرف شيئاً عن سيرتك الذاتية؟ مثلاً محل الولادة والتحصيل الدراسي الاولي والدراسات العليا؟ اعني الشهادات التي تحملها واماكن خدمتك ككاهن؟

الجواب:
حسب شهادة العماذ التي احملها، ولدتُ في 4 تموز سنة 1936م، في قرية كرمليس، دخلتُ مدرسة الراهبات الابتدائية للتنشئة وتعليم الصلوات ،حينما اصبح عمري سبع سنوات اُدخِلتُ مرحلة الابتدائية، سبع سنوات على اساس سيكون عمر كافي للاستفادة اوالاستعاب اكثر، كنتُ دائما  متوفق بين زملائي في المدرسة . 
في ايلول 1949 دخلت السيمنير، بعدما نجحت بتفوق في بكلوريا الابتدائية، قدمني الى السينمير المرحوم الخوري يوسف بابكا راعي كنيستنا في كرمليس، حينها كان المثلث الرحمة مطران كوركيس كرمو رئيس المعهد الكهنوتي في الموصل. 
في السنوات الاربعة الاولى والتي تقابل الثانوية العامة، تطورت عندي العلوم واللغات لا سيما العربية والكلدانية. في بداية السنة الرابعة اخبرنا رئيس السيمنير المثلث الرحمة المطران كرمو بأن الثلاثة الاوائل من طلبة السينمير سوف يتم ارسالهم الى روما لتكملة الدراسات العليا بكالوريوس وماجستير ودكتوراه 
وضعت كل جهدي في الدراسة في هذه السنة ، كنت الثاني من حيث الترتيب  بعد امتحانات نصف السنة وقريب جداً من الاول على المرحلة، لكن اعطاء بعض المدرسين درجات لطلاب اخرين في دروس غير اساسية  مثل الرياضة، تراجع ترتيبي و اصبحت الرابع على المرحلة في نهاية السنة ، فلم يكن لي امل في الدراسات العليا في حينها، لكنني لم افقد الامل ابدا، فقلت في نفسي سأعتمد على ذاتي كما فعل المثلث الرحمة المطران موسيس.

هل لك تذكر لنا بعض اهم محطات حياتك في الدير؟.

الجواب:
كنت مولعاً بالتراتيل ولما سافر الاب بولص بشي  الذي يعيش الان في مرسيليا- فرنسا ، الذي كان مشرف على الجوقة في السينمير، كلفني سيدنا كرمو للاشراف على الالحان والتراتيل والمقامات اي الاهتمام بالجوقة لكن طلب مني ان لا احمل رئيس لقب الجوقة لصغر عمري مقارنة لاقراني واحتراما لهم. كنت اكتب الشعر ولا زالت اذكر بعض الابيات من قصائدي.

اتذكر ايضا على اثر حادثة معينة  حصلت مع المطران اسطيفان كجو (الاول) (يطول الحديث عن الحادثة) اختارني المثلث الرحمة اسطيفان كجو راعي ابرشية مدينة الموصل من بعدها ان اقوم بخدمة قداسه كل يوم احد طول ايام السنة، لان احبني من بعد ذلك الموقف كثيرا

قلت كنت غير مرشح للدراسة في روما، كيف انتهى المطاف بك ان تحمل شهادتين دكتوراه اليوم؟

 نعم لم اكن من المختارين لارسالهم الى روما في حينها كما اشرت قبل قلي، لانني لم اعد من الاوائل بعدما حدث ما حدث!، لكن ارادة الله احيانا  تأتي بما لا يتوقعه الانسان لخيره،  فأصبحتُ احد المرشحين انذاك باشهر، بعد ان تغير مجرى حياة احد المرشحين الثلاثة فأصبحت المرشح الثالث للذهاب، لهذا انا ارى ارادة الله تظهر في حياتنا احيانا رغماً عن رغبة الانسان نفسه. سنة 1954م دخلت المعهد الشرقي لنشر الايمان (معهد الاربانية) في  روما، كان المرشحون معي في حينها الاب يعقوب يسو الموجود الان في امريكا الان، والمثلث الرحمة يوسف توماس. 

 كم سنة بقيت في روما ؟ ماذا درستم خلال هذه السنوات؟ هل درستم مثلا الفلسفة؟ ماذا كانت المواضيع التي كنتم تدرسونها قبل خمسين سنة او اكثر في الجامعة الاوربانية؟

الجواب:
انا بقيت ثمان سنوات في روما ، لان السنة الاولى كانت تمهيدية وتعلم اللغات، ثم ثلاث سنوات في الليسانس في الفلسفة حيث تخرجت الاول على المرحلة بتفوق بمعدل 49/50 وهذا نادرا ما يحصل، كان بحثي او رسالتي في الليسانس عن كيفية تطابق الحقيقة مع الواقعية او " واقعية الحقيقة"، نعم درسنا مواضيع اخرى كثيرة .  
ثم دخلت مرحلة الدراسات العليا فقضيت اربع سنوات في دراسة اللاهوت، وكان الموضوع الذي تناولته في اطروحتي هو عن "القربان المقدس في الطقس الكلداني". لا انسى ان اقدم شكري للابوين بولص بشي والاب بطرس ججو اللذين ساعدونا كثيرا في حينها في نهاية سنة 1962 تخرجنا.

متى رسمت كاهناً و اين كان اول تعين لك؟

الجواب:
رسامتي كانت في نهاية21 كانون الاول سنة 1962 في روما نحن الثلاثة الذين ذهبنا الى روما. اول تعين  لي كان في ابرشية الموصل في عهد المثلث الرحمة المطران عمانوئيل ددي في كنيسة المسكنتة  في سنة 21/ كانون الثاني 1963 ، كذلك كنت ادرس التعليم المسيحي في مدرسة الراهبات الكلدان في الموصل. لان السينمير كان انتقل الى بغداد، فلم يكن مجال لي ان ادرس فيه وانا في الموصل. 
لكن بعد سنيتن اي في  سنة 1965 كلفوني الاباء الدمنيكان تدريس اللاهوت الليتروجي واللاهوت العقائدي  في معهد مار يوحنا الحبيب للاباء الدمنيكان.
سنة 1973 دعاني المطران عمانوئيل ددي الى تأسيس خورنة جديدة في وادي العين كنيسة مار افرام.

ماذا حدث بعد سنة 1973؟

الجواب:
كان المثلث الرحمة المطران ددي كان متسامحاَ معي لانني كنت مشغول في التدريس ايضاَ، فكانت دائما تأتيه الشكاوي من المطارنة و الاكليروس الاخرين لماذا "لا تعينه في الخورنة معينة؟!".  في ايار سنة 1973م فاتحني  المثلث الرحمة عمانوئيل ددي لتاسيس خورنة جديدة في وادي العين بإسم كنيسة مار افرام ، فعلا حينما كان سيدنا ددي في سفرة الى روما وجدنا ارض اشترينا قطعة ارض هناك، الحقيقة الناس الذين كانوا حاضرين المزاد  من المسحيين و المسلمين و من اغوات المنطقة كلهم تراجعوا عن المزائدة لصالح الكنيسة وهم فرحين لاقامة هذا المشروع في المنطقة!! .خلال ثلاث ايام تم تسجيل قطعة الارض المخصصة لبناء الكنيسة بإسمي،  لما رجع سيدنا ددي من روما كان قد جلب بعض النقود استطعنا بدء المشروع فوراً.

متى اكتمل المشروع؟

الجواب: 
الحقيقة انا تركت الموصل بعدما جاءتني بعثة من السفارة الفرنسية سنة 1974م. ذهبت الى السفارة الفرنسية كان هناك رجل اسمه شمار (اذا ما كنت نيست اسمه)  والسيد يعقوب اوغانا الذي كان تلميذ سابق في معهد ما يوحنا الحبيب،هو من عنكاوا كان يعمل كمترجم في السفارة، ابلغوني بوجود بعثة لي الى فرنسا ، سألته عن الخيارات المتاحة . اجابوني : " تستطيع تاخذها وتستطيع ترفضها).
 قبلتها بعدما اخذت موافقة المطران عمانوئيل ددي، قلت له انا لم ارى فرنسا ، على اساس ان البعثة هي لفترة قصيرة وارجع وان الكنيسة ( التي كنا نقوم ببنائها)  كانت على وشك انتهاء وحينها كان الاب يوسف حبي معي واخذ محلي فوافق المطران ددي. 
لما وصلت باريس دخلت الى كورس تعلم اللغة الفرنسية،لانه كان ضروريا لاكمال دراسة البعثة، لان دراستي كانت في نطاق جامعة جامعة السوبرون ، لما وجدت المشرفة الخاصة على الكورس من ناحية اللغة، بان  لدي معلومات كثيرة عن اللغة الفرنسية فعملت لي استثناء  كثيرا، فأصبح لي وقت فراغ  كثير، لكن المشكلة التي وقعت فيها كانت المكان، لما جئت الى البعثة ، على اساس المؤسسة المسؤولة عن البعثة ستوفر المكان لي ، لكن ذلك لم يحدث فإضطرت ان ابقى عند الاباء الدومنيكان في باريس. لكن فيما بعد وجدنا انا وكاهن اخر كنيسة كنا نساعدهم في الخدمة يومم الاحاد و كذلك توفر لنا المكان وفي نفس الوقت تعطينا الفرصة لاكمال الدراسات العليا.  

الان عرفنا من خلال سردك لسيرتك انت حاصل على دكتوراه في القربان المقدس في الطقس الكلداني سنة 1962 ودكتوراه اخرى بعد اكثر من اربع وثلاثين سنة في تاريخ الاباء- الملفان مار افرام. هل لديك مؤهلات اخرى او شهادات خرى؟ 

الجواب:
عندي شهادة  اخرى في الكتاب المقدس تعادل الليسانس، لان الحصول على هذه الشهادة كان يتوجب ان يكون لي شهادة في العبراني التي درستها لمدة ثلاث سنوات فحصلت على دبلوم في العبراني، وحصلت  ايضا َعلى دبلوم في اليوناني ودرست سنة اللغة الارامية لكن هذه الاخيرة كانت سهلة لي . يعني جعلتني ان احصل على دبلومين في العبراني واليوناني ومن ثم حصلت على شهادة في الكتاب المقدس التي اهلتني للتدريس في المعهد الكاثوليكي في باريس.

انت احد رعاة كنيسة الكلدان في باريس منذ زمن لا باس فيها. هل تستطيع ان تعطينا نبذة عن تاريخ هذه الرعية او الرعايا؟

الجواب:
ان تاريخ تاسيس هذه الرعية  يرجع الى سنة 1934م وكان الخوري دومنيك دهان راعي الاول لرسالة الكلدان في فرنسا لها لحد 1974. ومن بعده جاء سنة1974 م الاب فرنسيس يوسف اليشوران الذي توفي سنة 1987م  الله يرحمه  . حينها دعاني البطريرك المتقاعد مارعمانوئيل دلي الذي كان معاوناً لبطريرك مار شيخو للقيام بمهمة راعي الخورنة ، قبلت على الرغم من عدم وجود لي طلب في ذلك بسبب انشغالي في التدريس في جامعتين كبيرتين روما وباريس   فمنذ سنة 1987م ولحد الان اعمل في خدمة هذه الرعية (كنيسة سيدة كلدو)،  لا انسى ايضا تم تعين الاب صبري انار في سنة 1981م للخدمة هنا في باريس وقدم فيما بعد  بعض الاباء الكهنة المتزوجين من تركيا بعد هجرة اهالينا الكلدان من مناطقها الحدودية مع العراق مثل هربول واشي وباز وكزنخ و هوز و مير وغيرها الى باريس.

ماذا عن المشاريع التي قمتم بها  للكلدان في فرنسا؟

الجواب:
ارادت جماعة  الكنيسة ، وانا معهم  شراء كنيسة وتاسيس مركز للكلدان في باريس،  كان هناك احد الشباب يعمل في مجال بيع العقارات اسمه على ما اتذكر لوسيان من كرمليس. يعمل في مجال العقارات.  الحقيقة هذا الشاب ساعدنا في ايجاد المكان الجديد الذي هو هذا الموقع بسعر مناسب، عندما عرضت الامر على مطرانية باريس، قبلت بالفكرة ، فبعد مشاورات أتخِذ القرار في اختيار هذا الموقع الحالي لاسباب كثيرة ، من اهمها  قربه من محطات القطار في باريس ، خاصة خط الشمال حيث تعيش اغلبية جماعتنا الكلدان وكذلك للذين يعيشون في المركز .
في النهاية كما قلت ، وافقت المطرانية على خطة بيع البناية القديمة  التي كانت تمتلكها الكنيسة في مركز المدينة وشراء هذه الارض . بدأنا نبني لكن انا بقيت مع الراهبات اثناء فترة شراء واكمال مشروع بناء الارض. بعد ان اكمل المشروع تم افتتاحه من قبل المثلث الرحمات البطريرك روفائيل بيداويد سنة 1991. 

هل كلدان باريس هم سخيون بدعم الكنيسة؟
الجواب:
نعم بالعموم، في حينها كان معظمهم يشتغل  الذي كان يحتاج الى جهد كبير في معامل الخياطة . لكنهم كانوا يقومون بالواجب المطلوب ولحد الان، لكن جاءتنا مساعدات من محسنيين اخرين وعن طريق علاقاتي الشخصية مع اناس متمكنين، كذلك استخدمت الاموال التي جاءت من البيت القديم (البناية القديمة) الذي تم بيعه في دعم بناء كنيستنا سيدة كلدو التي نحن الان فيها. ثم زادت بعض النقود التي استخدمناها في شراء وبناء كنيسة مار توما في منطقة ساغسيل في شمال باريس التي لها قصة طويلة اخرى نتركها الان.

دكتور بطرس يوسف،انت استاذ في الجامعة الاوربانية المعهد الشرقي - الدراسات الشرقية في روما واشرفت على العديد من شهادات الدكتوراه والماجستير. واستاذ في معهد الكاثوليكي في باريس وكاهن رعية خورنة كلدوا في باريس.  يعني كان لديك ثلاث وظائف كيف كنت او لازلت توفق بينهم؟ هل تستطيع ان تعطينا المزيد من المعلومات عن طبيعة عملك؟ وكيف توفق بين العملين الاشراف على الشهادات العليا وخدمتك؟

الجواب:
الجماعة  هنا في باريس تفهمت الوضعية، حيث كنتُ اذهب الى روما اربعة اسابيع قبل وقت الميلاد ومن بعد ذلك  اسبوعين بعد الميلاد. فاعطي محاضرات مكثفة في الاسبوع الواحد ضعف المحاضرات التي تعطى في الوقت العادي، يعني اعطي محاضراتي بصورة مكثفة  واخلص مادتي وارجع الى مهمتي في خدمة الرعية ، والجماعة ابدا لم تتشكك او تتذمر، بالعكس تفهمت الوضعية بصورة عادية ، بل كان فخر لهم كاهن كلداني يقوم بهذا العمل. مشى الحال على هذا التنظيم الى سنين اخيرة. لا انسى ان اذكر إن اخواني الكهنة ايضا لم يقصروا معي في تغطية واجباتي اثناء فترة غيابي.

السؤال التالي هو عن ثروتك ، اعني مكتبتك، حقيقة انا معجب بها كثيرا ، لانها مكتبة كبيرة، فيها كتب قديمة معاجم اللغات، انسكلوبيديا، اطروحات جامعية، حقيقة تضاهي مكتبة جامعة كاملة لان فيها مصادر كثيرة.
السؤال هو كيف جمعت هذا العدد من الكتب من المصادر.  وهل لديك رؤية او فكرة ماذا ستفعل بها في المستقبل؟، لا نريد احراجك الان بقدر ما هي دعوة للتفكير بها ؟ كيف سوف يتم استثمارها؟ لانها تحمل اسمك وجهودك وسنين تعبك ؟ 

الجواب:
المكتبة مفتوحة لكل الناس الذين يريدون  يأتون يراجعون او يبحثون عن المصادر. هذه المكتبة قسم كبير من كتبها انا اشتريتها من حسابي الخاص ، وقسم اخر من الكنيسة وقسم اخر كانت هدايا لي يعني خاطر ابو خواطر يعني تعود له. انا مرتب الامر  بحيث تصان المكتبة ، لا شك المكتبة ستبقى في خدمة الجماعة،  ولكن لا اريد اعطي معلومات اضافية اكثر الان والجواب سيكون في حينه.
  
عرفنا من خلال حديثك انك متذوق للموسيقى،  تعزف وتلحن وتكتب الشعر وتؤلف التراتيل.  تحدث لنا عن ابداعك في هذا المجال؟.

الجواب:
نعم  كنت مولع بالموسيقى من صغري كان الاب بولص بشي هو معلمي وهو يقول لحد الان انا علمت القس بطرس، حقيقة انا استفدت من الاب بشي. انا لحنت كثير من التراتيل بألحان شرقية و اخرى بألحان غربية و تعزف وترتل هذه التراتيل الان في الكنيسة حسب مناسباتها.


عن الطقس الكلداني ، ابونا تحدث لنا شيئا عن تاريخ هذا الطقس؟ كذلك نعرف انت احد اعضاء اللجنة المكلف في اعادة كتابة الطقس الكلداني. الى اي درجة وصل عمل بهذه اللجنة؟ هل سيحصل تطور في طريقة التعبير واداء الصلوات مثلا؟ الى اي مرحلة وصلتم في المشروع؟

الجواب:
منذ البداية بإعتباري حامل دكتوراه في القربان المقدس في الطقس الكلداني، و كمدرس للطقس، تعينت في اللجنة المكلفة لاعادة كتابة الطقس التي تألفت منذ السبعينات برئاسة المطران عمانوئيل دلي (البطريرك فيما بعد) في حينها و المطران سرهد جمو والمطران جاك اسحق. وقد جاؤوا الى هنا مرتين وعملنا نسخة جديدة من الطقس اعتقد كانت جيدة، كانت تحتاج فقط الرتوشات والاضافات الاخيرة،إلا ان المشروع لم يكتمل. 
المشكلة التي نواجهها في هذه الموضوع ، اعني تواجها اللجنة هي ان الشعب لا يقبل بفكرة التغير بصورة سريعة على الرغم من تناقضها من خط التوحيد الليتورجي لدى الكاثوليك.، حيث البطريرك (السابق) لم يرى  قبول تام من قبل الشعب او استجابة للتغير تامة الذي اجريناه، اعني لم يكن هناك تقبل من جميع الكنائس الكلدانية في العالم لهذه التغيرات، التي كانت مساوية في جوهرها الصيغة القديمة، طبعا بسبب الثقافة والحياة الاجتماعية واللهجة وغيرها.

سيدنا البطريرك الجديد مار لويس ساكو من خلال شعاراته ( الاصالة والوحدة والتجدد) اعتقد هذا التجدد سيشمل الطقس الكلداني والصلوات ايضاً؟

الجواب:
بالنسبة لي شخصيا هناك تواصل لي مع غبطة البطريرك ساكو منذ ايام دراسته كطالب في الدير مار يوحنا الحبيب الى اليوم. اذا قدم اشياء عملي في هذا الصدد سوف يكون لنا راي اذا طلب منا، من ناحية القانون نحن نلتزم بالقانون الكنسي اذا كان الامر ضمن القانون.

الان يعيش حوال عشرين الف كلداني في كنيستكم في فرنسا حسب ما سمعت هنا ، تحدث لنا قليلاً عن مستقبل الكنيسة الكلدانية في فرنسا واللغة والهوية والشبيبة كيف سيتم ربطهم بجذورهم التي تعود الى الكنيسة الشرقية؟

الجواب:
مسألة اللغة، نظريا هناك مشكلة، لكن عمليا لا توجد مشكلة.  نحن اثناء القداس نحاول نسهل ايصال الايمان للمؤمن، فإذا كان المؤمنون الحاضرون هم فرنسيون  نقيم القداس  بالفرنسي واذا كان هناك حاجة الى ادخال اللغة العربية ندخلها حسب الوقت والضرورة. لكن حقيقة معظم الاوقات يكون القداس باللغة الكلدانية في كنيسة مار توما التي يحضرها اغلب الناس. 

لكن ابونا الا تلاحظون اجلاً ام عاجلاً ستظهر مشكلة كبيرة للكنيسة هي ان الشبيبة ان لم يتعلموا اللغة الكلدانية او السورث سوف لا يفهمون مفردات او عبارات التي تستخدم في القداس الالهي ، اعني لن يفهموا معانيها، لذلك سوف يبتعدون من الكنيسة، وان عملية الاندماج في الكنيسة اللاتينية فيها صعوبات، لان اصلا حضور الشبيبة فيها قليل جدا. أليس من المفروض ان تفكر الكنيسة  او تعطي القليل من الاهتمام لهذه اللغة كي تحافظ على استمرارها على الاقل؟

الجواب:
نعم  هذا صحيح ، ونحن ندرس اللغة الكلدانية هنا في كنيسة مار توما ، فرقة التراتيل ترتل بالكلداني، معظم نشاطاتنا بالكلدانية ، هنا في المركز معظم الذين  يحضرون يتحدثون بالعربي لا يعرفون السورث ونحن لا نحرمهم من القداس لهذا هناك بعض القراءات بالعربي او فرنسي. 

مونسيور بطرس متى ستبدأون ببناء الكنيسة الثالثة التي تحمل اسم ما يوحنا الحبيب في شمال باريس- ساغسيل؟ ماذا عن دار العجزة ؟ عن المكتبة؟ وماذا عن المدرسة؟ هل انتم مفكرون بها؟

الجواب:
نعم نحن مفكرون بهذه المشاريع، هذه المشاريع الثلاثة مهمة لكن مشروع المدرسة معقد واصعب من دار العجزة. لانه يفترض ان يكون لنا الامكانيات للإدارة و التدريس اي يكون لنا مدرسين يحملون مؤهلات والوثائق والايجازات.

 ابونا انت احد الخبراء المتمكنين في مجال اللغة والتاريخ هل تستطيع 
تسمعنا رؤيتك التي من خلالها ربما نجد مخرجاً لوحدة هذا الشعب؟ ما هو رائيك كيف نتوحد؟ كيف ننقذ انفسنا من الزوال ؟ ما هو الطريق الامثل اوالاصح الذي يجب نتبعه كي نتخلص من المشكلة؟ كيف نتوحد؟

الجواب:      
تحدثنا في اللقاء السابق بعض الشيء عن هذا الموضوع. الهوية هو الشيء الذي يربطنا بالماضي، مبدئيا لدينا اسماء كثيرة ، لا نستطيع الغائها، فلم يبقى امامنا اذا اردنا ايجاد حل، الا ايجاد تسمية مركبة تحتوينا كلنا اذا كنا مخلصون ومؤمنون نحن واحد. مثلا كلدو اثورية Assyro- Chldeadn مستخدمة هنا في الدولة الفرنسية منذ البداية، لانه من الصعب الاتفاق على تسمية واحدة وترك بقية التسميات.

يعني انت تفضل التسمية المركبة كي تحوي كل الاطراف كي تحل المشكلة؟

الجواب:
 اظن الشيء هذا كان موجوداً منذ البداية ، منذ السبعينات حينما كنت هناك يعني كان هناك تفكير بهذا الاتجاه ، بما ان نحن تاريخيا مكونين من شعوب مختلفة او على الاقل حاليا نحن لدينا ذاتية مركبة اي هوية مركبة من كلدان واشورين او من بقايا تلك الشعوب، لا اشوري يتنازل من اسمه ولا الكلداني يريد ان يتنازل عن اسمه، مع العلم نحن شعب مختلط معا الان ، الخطا الاكبر الذي قد نقع فيه، هو اذا ظن البعض منا نحن شعبين  منفصلين تماما، لكن حقيقة نحن مختلطين منذ زمن طويل. وعبر تاريخ حدث ان مجموعة معينة رأت نفسها قريبة من الاشورية فإدعت انها اشورية ونفس الشيء حدث للكلدان، وجود انهم قريبين من الكلدان فاصبحوا كلداناً، لكن حقيقة نحن شعب واحد مختلط ممتزجا امتزاج تام ولا يمكن لاي شخص ان يميز بعضنا عن بعض الاخر ولا لايستطيع اي واحد منا يثبت انه كلداني ام اشوري او سرياني، لكن انا شخصيا افضل كلدواشوريةAssyro-chaldean  ( كما هو الاسم المستخدم من قبل الدولة الفرنسية رسميا من زمن طويل)  لانه يجمع ويحل المشكلة.

هناك صراع فكري قديم ومرير مستمرعبر عصور طويلة  الى حد اليوم بين الفكر الميتافيريكي اللاهوتي وبين الفكر المادي، و اصبحت المشكلة اكثر واضحة بعد ظهور العلوم التكنولوجية والازمة الاخلاقية؟ فالمسيحة وبقية الاديان تعاني من هذه المفاهيم، خاصة قضية ازمة الايمان وازمة في الاخلاق. فما هو مطلوب من رجال الاكليروس، منكم ابونا، من ابنائنا الكهنة؟ ما هو السلاح الجديد الذي يجب ان يتسلحوا به، او ما هي الطريقة الجديدة التي يجب ان يخاطبوا بها المؤمنيين لاسيما الجيل الجديد حتى تجذب انظارهم كي يتم ارجاعهم الى الايمان المسيحي مرة اخرى؟.

الجواب:
انت تقول هناك صراع بين الميتافيرقيك وعالم المادي، نحن درسنا هذا الموضوع طويلا اكثر من سنتين. بإختصار هناك افكار او مباديء ميتافيزيكية عالية وهناك عالم الواقع الذي نعيش فيه، الذي يجب ان نأخذه دائما في الحساب دائما ، ان نُقيمَه، يجب ان يكون هناك تناغم وتناسق بين الاثنين، او  تكون هذه المباديء  المثالية متجسدة على الواقع.
اما الازمة الاخلاقية فهي موجودة فعلا ، وعلى الكنيسة ان تكون تدرك خطورة هذا الموضوع وايجاد الحلول المطلوبة لها.
مع الاسف ان المسيحية في هذا الزمن  اصبحت مضطهدة جداً، المثالية العالية الموجودة في المسيحية التي هي غير موجودة في اي من الديانات او الفلسفات اصبحت مضطهدة في العالم، هناك اعداء ولوبيات كثيرة ضدها في العالم. توجه العالم يسير بإتجاه عالم الماديات، فلوس و فلوس ، فلوس في النهاية ضد من ستكون هذه الفكرة؟ هي ضد المسيح والمسيحية التي بعكسها لان تماماً من اولويات المسيحية هي نشر المحبة وازالة الفوارق المادية.

 لكن ابونا انتم الاكليروس او اي كاهن حينما يقف على منبر وعظ ويريد جلب انظار الف شخص حاضرون في القداس مثلا ، أليس من الضروري ان يكون لهذا الكاهن الكارزما والامكانية  في الخطابة مثلما كان مار بولص يخطب؟ ما هي الخبرة و النصيحة التي تريد نقلها للجيل الجديد من الكهنة؟

الجواب:
يجب على الكاروز يؤمن بما يقوله اولاً ، لان عندما يتكلم هو يزرع ،خطأنا هو نظن كأننا نحن الذين نقوم بكل عمليات انبات البذرة، وننىسى من  نحن؟  نحن فقط نضع البذرة لا غير، الروح القدس او الكنيسة هي الزارع الحقيقي للنبتة، يعني نحن نركز على انفسنا كثيرا، المفروض ان نكون مثالين في حياتنا في تطبيق التعاليم المسيحية واولهم انا، نعم انا شخصيا احيانا اشعر ما هو ذلك المثال الذي كنت اتمنى ان اكون، يجب عدم الانشغاف او الانجراف وراء  الايدلوجيات الاخرى كنتيجة لقلة الثقافة او البحث او تطويرها. مثلا حينما قام الرئيس الصيني السابق ماو تيسنوك  بالثورة الثقافية التي ادت الى قتل 20 مليون نسمة ثم يأتي بعض كهنة يمدحونه  كيف لا يدخل الخراب الى الكنيسة؟! . المشكلة  التي تحصل هي حينما يتم البحث عن الحل او التقارب في افكار او الفلسفات الاخرى مثل النظرية الاقتصادية او نظرية تايلر  دائما النتيجة تكون ابتعادهم عن الانجيل و رسالتهم الاصلية.

ابونا احد الاشخاص المهتم بهذه القضية، اعني مصير الكنيسة، انا اشعر الكنيسة متأخرة، لا تقوم بتهئية كوادر و لا علماء لمحاججة افكار الفلسفات الجديدة مثلا حينما تظهر فلسفة مثل الشيوعية، يجب ان يكون للكنيسة المقدرة والامكانية صد هذا الفكر بنفس المستوي، اي تعطي الجواب اللازم للمؤمن لحل هذه المشكلة وتنشر هذه الافكار بين مؤمنيينها، بينما حقيقة كهنتنا لا يمتلكون الثقافة الكافية في هذا المجال او بهذا المستوى  لهذا يكون من السهل سقوط او تغير المؤمن المسيحي ويصبح من اتباع هذه الايدلوجيات كما الحال في المدنية الغربية؟

منذ سنة 1962، كان هناك كاهن اعتقد اسمه (فضل) يرحمه  في الجامعة الاوربانية، اسس معهد عن دراسة الالحاد فقال: " اذا نريد نوصل المسيحية للاخرين، يجب نعرف مع من نتكلم!" . لكن الخطر  هو حينما يتوجه شخص ما لدراسة هذه المواضيع شيئا فشيئا تراه  ينطمس ويضيع او يتيه في هذه الايدلوجيات مع الاسف عوض عن يتعلمها ويكتشف عيوبها .

ابونا ارجو هذه مجموعة اسئلة قصيرة قد تحتاج الى كلمة او سطر او جملة منك.

•   ما هو الشيء الذي كنت تتمنى ان يحصل ولم يحصل؟

الجواب:    
لم اطلب شيء من الرب ولم يعطيني اياه ، وان كان هناك شيء لم اناله لحد الان، لي الرجاء بأنه سيعطيه فيما بعد لان لدي ثقة مطلقة بالله، لان في الظروف الصعبة التي مريت والتي احتجت اليه فيها كان الرب دائما هناك.  حدثت اشياء كثيرة احزنتني، لكن الله عوضني عنها بكثير لو كنتَ هنا في قداس يوم الامس لَرأيت الناس الذين في الكنيسة، انهم جميعا قطعة مني وهذا ما يفرحني.

•   ما هي الاطروحة عجبتك والتي كتبها احد تلاميذتك وانت كنت مشرف عليها؟
الجواب:
لقد تخرج من تحت يدي حوالي اربعين او خمس اربعين  دكتوراه وستين شهادة ماجستير. اما الرسالة او الاطروحة التي عجبتني هي للاخت سناء حنا تحت عنوان : " لاهوت وروحية واصالة الصلاة في الطقس الكلداني سنة 2003م"

•   اللون الذي يعجبك؟
الجواب:
ليس لدي لون معين "لكن بعد توقف وتامل" قال: " ابيض مذهب".
•   الكتاب الذي لن تنساه ما عدى كتاب المقدس؟
الجواب:
شرح الانجيل المقدس لمار افرام.

•   الانشودة الترتيلة التي تعجبك؟
الجواب:
ترتيلة كتبتها ولحنتها تبدا : " ادي تيي بين ايداتخ يا ماري......الخ"

•   مثالك من القديسيين والفلاسفة واباء  الكنيسة؟
الجواب:
بالنسبة للقديس فهي مريم العذراء، مار افرام ، لويس غونزارا
بالنسبة للفلاسفة هما ارسطو، وتوما الاكويني.
من اباء الكنيسة مار نرسايي و عبديشوع الصوباوي الذي كان شاعرا وفيلسوفاً 
•   -امنية تتمنى ان تحصل؟
الجواب:
اكمال مشروع كنيسة مار يوحنا الحبيب في باريس

•   احدى الشخصيات التي لها الفضل عليك؟
الجواب:
اشكر كل من قدم لي اي خدمة بغض النظر عن كبرها او صغرها ولا اود ذكر اسم احد كلا لا اظلم احد.

•   شخصية سواء كانت حية ام ميتة كنت  تتمنى اللقاء بها ؟
الجواب:
توما الاكويني

ان كنت تريد ان تفتخر بشيء او بإنجاز ما من اعمالك ، فما هو هذا الانجاز او هذا الشيء؟
افتخر بمؤلفاتي التي تتجاوز 150 عنوان ومشاركتي في بناء الكنائس ولكن يريد يفتخر ليفتخر بالرب كما قال القديس بولص.

ابونا الان هل من كلمة اخيرة لقراء موقع عنكاوا كوم.؟

فقط اود ان اذكر القراء الاعزاء ، ان الانسانية والمسيحية لا تتناقضان، ولتحقيقهما نحتاج الى بذل الجهود من قبل الكل ، بالتفاني والتسامح . ولكن اخر كلمتي  هي محبتي وصلاتي  لكم ومن اجلكم  وشكرا.

لقاءٌ مع الفنان ِالتشكيلي الكبير زياد أبو السعود الظاهر

  أجرى اللقاء :  حاتم جوعيه   -  المغار -  الجليل -  فلسطين  
مُقدِّمة ٌ وتعريف ( البطاقة الشَّخصيَّة ) :   
   الفنانُ التشكيلي الكبير (الرسَّام ) والمخضرم "زياد أبو السعود الظاهر "  من  سكان  مدينةِ  الناصرة  ،  متزوِّجُ  ولهُ  ولدٌ  وبنتان ،  أنهى  دراستهُ  الإبتذائيَّة والثانويَّة في مدينتهِ الناصره  ودرسَ  بعد  ذلك  موضوع هندسة  معمارية في جامعة حيفا ، ودرسَ أيضًا لمدَّةِ  ثلاث  سنوات ثلاث  دورات رسم  .  دورة أولى  في  المركز الثقافي البلدي - الناصرة  سنة 1970  .   والدورة الثانية  في كليَّة  المزرعة سنة 1992  .  ودورة ثالثة  في جامعة  حيفا  سنة  1993   . 
  يعملُ زياد مهندسًا معماريًّا  في مكتبهِ  الخاص  في الناصرة ، ولهُ العديدُ من  الهواياتِ والمواهب وأهمّها الرسم ولعبة الشطرنج  .  لقد  أبدعَ الفنانُ  زياد بريشتهِ الكثيرَ من الأعمال واللوحاتِ الفنيَّةِ  المميَّزةِ والخالدة  وشاركَ  في الكثير من  المهرجاناتِ والمعارض التي التي أقيمت للفنِّ  التشكيلي   -  محليًّا  وخارج البلاد - وقد  تميَّزَ  بشكلٍ خاص  في الرسومات  التاريخيَّة والتراثيَّة التي تتحدَّثُ عن تاريخ  بلادنا  فلسطين ، وقد حققَ شهرة ً كبيرة ً  محليًّا وعربيًّا وحتى عالميًّا  وكانَ لنا معهُ هذا اللقاء الخاص  والمطول  .   

* منذ ُ متى  بدأتَ  تمارسُ  هواية َ الرَّسم؟                      
- بدأتُ بممارسةِ هواية الرَّسم  وأنا في المدرسة الإبتذائيَّة  وحين كنتُ أرسمُ رسومات إيضاح  حسب  طلب الأساتذة  في المدرسة   .  
* من  شجَّعُكَ في  بدايتِكَ  وخطواتكَ الأولى  ؟؟  
- إخوتي واخواتي  وأساتذتي في المدرسة  .   

* العراقيلُ والصُّعوبات التي واجهتكَ ؟؟                          
 - عدم  وجود  الوقت  الكافي للرَّسم مع  ملائمةِ  أيَّام الدراسة  والعمل  .  

* كيفَ  وصلتَ  إلى  ما  وصلتَ  إليهِ  من  الشُّهرةِ  والإنتشار الواسع ؟؟                                                                       -  - لوحاتي  متنوِّعة ٌ  تعالجُ   عدَّة َ  مواضيع  لكن  المواضيع المفضَّلة عندي  هي رسم  شحصيَّات  تاريخيَّة من  أدباء وشعراء  وعلماء وأبطال  من  تاريخ  العرب  إبتداءً   بخالد  بن  الوليد   وطارق  بن  زياد و صلاح  الدين  الأيوبي  وظاهر العمر الزيداني ، وذلك  الحنين  للرجوع  إلى  التراث  وأمجاد العرب الماضية  كتعويض للذات  في الإندثار وفقدان الثقة   بالنفس  بعدم الإنتماء والضياع  في وقتنا  هذا  .  وقد  رسمتُ  تلكَ اللوحات بعضها بالفحم  وبعضها  بألوان الزيت   والأكريلاك   وعُرضَت في  معارض  فرديَّة  وجماعيَّة   وقد  عُرفتُ  برسَّام ٍ من  خلال  لوحاتي   وخصوصًا  اللوحات  التاريخيَّة   .    

* هنالك  عدَّة ُ مدارس  في الرَّسم ، مثل :  الكلاسيكي والتكعيبي  والواقعي   والسّريالي   والتجريدي    إلخ ...  لأيِّ   مدرسةٍ  أنتَ  تنتمي  ولماذا؟؟                                                                          
- أمارسُ الأسلوبَ الواقعي ورسم الوجوه في بعض رسوماتي  والأسلوب  الكلاسيكي  في  رسوماتي  التاريخية   وهو  الأسلوب المفضل  عندي  لأنَّ  في اعتقادي  بأنَّ هذا الأسلوب  من الرسم  من  أرقى  وأعظم   المدارس  الفنيَّة  من إبداع  وجمال  لأنهُ  أصبحَ قليلا ً  لدى  فناني اليوم ،  واصبحَ الإبداع ذهنيًّا غارقا  بالذاتيَّة والفلسفة والعبثة والرَّمز فافتقدَ عنصرَ  الجمال الشكلي والواقعية  وأحيانا يشبهُ الأحاجي ممَّا  يصعبُ  على الشاهد  فهمه  متأثرًا في عصر السرعة الذي نعيشُ  بهِ  الذي تشابكت  فيه الأمورُ وتعقدت المفاهيمُ  واكتضَّت  الأذهانُ  بالعقدِ  والأزرار  السِّحريَّة .

* هل  الموهبة ُ والإستعدادُ  الفطري  هما  الشيءُ الأساسي الهام لتطوُّر ِ مستوى الرسام  أو الفنان  ومدى  إبداعه  ؟  وهل  بدون  الموهبة الأساسيَّة  لا  يستطيعُ الفنانُ أن  يتقدَّمَ  ويُبدِعَ  مهما  تعلَّمَ  أو درسَ أصولَ الرسم  في المعاهد  والجامعات  لدى  كبار الأساتذة ؟ أم الموهبة ُ حسب  رأيكَ هي  ليست  كلَّ  شيىء  وبإمكان أي  شخص  أن  يدرسَ الرسمَ  في  المعاهد  والجامعاتِ   ويبدعَ  في  هذا المجال ؟؟                          
- حسب  إعتقادي بأنَّ  الموهبة َ هي أساسُ كلِّ  فنٍّ  إذا  كان  رسمًا أو موسيقى أو غناء  أو  مسرح  أو  شعر أو  أدب  أو أي  فنّ  آخر ،  وبدون  الموهبة  لا  يمكنُ  ممارسة الفنّ مهما  درسَ أو  تعلَّمَ  الشَّخص في المعاهد والجامعات  .         وأما  الفنان الذي  يملكُ  الموهبة َ  فيمكنُ  أن   يُنمِّي  موهبتهُ   ويطوِّرهَا  عن  طريق ِ الدراسةِ  الفنيَّة   في  المعاهد والجامعات  .   

*  الرَّسَّامون  المفضلون لديك : محليًّا ...عربيًّا ... عالميًّا  ؟؟  
-  الرسامون المفضلون لديّ محليًّا هم  الرسامون الفلسطينيون :  ( كامل المغني ،  فتحي غبن  ، إسماعيل  شموط ،  عبد عابدي ،  سليمان منصور )  الذين   صوَّروا  الفلكلور الفلسطيني   .      وعربيًّا  :  الرَّسَّام الجزائري ( محمد  راسم  ) والرَّسَّامان المصريَّان ( أحمد  صبري وجمال  قطب ). وعالميًّا الرسام " رفائيل "( أحد أقطاب عصر النهضة الإيطالي )    ورسَّامُو  نابليون   بونبارت  :   الرسَّام  "  جاك  ديفد  "   (  زعيم الفن  الكلاسيكي  في  فرنسا )   وتلميذه  الرسام  الرومانتيكي " جرو "   .    وأخيرًا الرسام  الإنجليزي  " ديفد روبرت " الذي  قدمَ  إلى شرقنا العربي سنة  1839   وقد رسمَ  معظمَ   مدن  فلسطين  والأردن  ولبنان  وسوريا   ومصر   .     

* المعارضُ التي أقمتهَا  أو اشتركتَ   فيها  وكيفَ  كانَت  ردودُ  الفعل  عند الناس؟                                               
- لقد  اشتركتُ  في  ثلاثة  معارض جماعيَّة وهي : وفي  المعرضُ  الأول  في  جاليري المركز الثقافي  البلدي - الناصرة  -  سنة  1970   . والمعرضُ  الثاني  في  جاليري  بيت  الكرمة  - حيفا  -  سنة  1972  . والمعرض الثالث في جاليري كليَّة المزرعة سنة 1992 . ومعرض  فردي  في  المعهد العالي  للفنون  وبيت الكاتب  سنة  1996 .    وقد  شعرتُ  بأنَّ  لوحاتي  جذبت  أنظارَ  وإعجابَ جمهور  المشاهدين .  ومن المعارض التي  شاركتُ  فيها أيصًا : معرض  في  جاليري  ضاحية الرشيد – عمان – سنة  1997  ، وفي مركز الشباب العربي - الناصرة – بتاريخ ( 5 /  10 /  1999 )  .     وفي  مركز  جماهيري  شفاعمرو بتاريخ  ( 26  /  11 /  1999 )    .      ومعرض في  مجلس  كفر  كنا  (  1 /  9 / 2000     .             وفي   المركز  الجماهير  عكا  القديمة ( 26 / 1 / 2001 ) .    
وفي  بيت  السيباط  - الناصرة  -  بتاريخ ( 10 / 9 / 2004  )  .   وفي  مدرسة جبور جبور – شفاعمرو – ( 10 / 2004 )   .    وفي   مدرسة الحرش الناصرة ( 8 / 4 /  2005 .  ومعرض  في  مسرح  "  اللاز  "  -  عكا  -  سنة  2010    .  

* ما رأيُكَ  بمكانةِ الفنان  محليًّا (  ماديًّا ومعنويًّا )  سواء  كان   رسَّامًا  أو ممثلا ً أو  مطربا ً  أو كاتبًا  أو أديبًا ... إلخ؟ 
- لا شكّ  أنهُ  يوجدُ  نهضة ٌ  فنيَّة ٌ  في الوسط  العربي  من  رسم وموسيقى  ومسرح  وهذا  يدلُّ  على   تقدير  الجمهور العربي  للفنِّ  ممَّا  يُشجِّعُ الفنانَ  من الناحيةِ  المعنويَّةِ  ويزيدُ  في  إبداعهِ الفني  .  ولكن  من الناحيةِ الماديَّةِ  فالغالبيَّة ُ الساحقة من الفنانين  لا  تعتاشُ  من الفنّ  بل  يمارسونهُ  كهوايةٍ  ويتحمَّلونَ  تكاليفَ  باهضة   ويضطرُّ  بعض  الفنانين  إلى الإعتزال .  ومن خلال ( هذا المنبر) أوَجِّهُ  نداءً إلى جميع المؤسَّسات الثقافيَّة  وغيرها ،  وخاصَّة  المجالس  المحليَّة  والبلديَّات  أن  تبادرَ بدعم  الفنان ماديًّا ومعنويًّا بشراء إنتاجه الفني لتشجِّعَهُ على الإستمرار  في العمل  والإبداع  الفني  في جميع  مجالاتهِ .  كما أنهُ من  واجبِ  وزارةِ المعارف  أن  ُتشَجِّعَ  الفنونَ على مختلفِ  أنواعِها  وفن  الرَّسم   بشكل ٍ خاص  لأنهُ  بحاجةٍ  ماسَّةٍ  إلى  هذا الدعم   .   

* من  أينَ  أنتَ  تستوحي  رسوماتكَ؟                          
-  إستوحيتُ رسوماتي من التاريخ .. من عبق ِ الماضي التليد  يومَ  وصلت الأمَّة ُ العريبيَّة ُ إلى أوج ِ حضارتها  وأغنت حضارات العالم  بعلمِها وفلسفتِها  وفنونها وأسلوبِ حياتِها ، كما رسمتُ  شخصيَّات تاريخيَّة كانَ  لها  أثرٌ كبيرٌ في تاريخ أمَّتِنا ، وأبنية  تاريخيَّة عامَّة ، كما استوحيتُ الطبيعة َ في  بعض ِ رسوماتي  . 

* يُقالُ :  وراء  كلِّ عظيم ٍ وفنان ٍ مُبدع ٍ  امرأة ...  ما  رأيُكَ  في هذا  القول؟                                                  
 -   نعم  إنني أوافققُ هذا  القول ...    
  إنَّ  زوجتي  كثيرًا  ما  تشجَّعتنِي  على  مواصلةِ  الرَّسم   وتابعتني  في  أعمالي الفنيَّة  .   

* ما  هي  طموحاتُكَ ومشاريعُكَ  للمستقبل؟                            
- أن أستمرَّ  في  رسم المزيدِ  من اللوحاتِ  ذات  مواضيع لها أهميَّتها  التي  تعالجُ   قضايا  شعبنا العربي  عامَّة ً والشَّعبَ الفلسطيني  خاصَّة ً  ولعرضها  على  جمهور المشاهد  ، وأن  أحضرَ مؤتمراتٍ  فنيّة   وأن أقومَ بزيارةِ متاحف ومعارض رسم  لرسَّامي عهد النهضةِ  والباروك  حتى الواقعيَّة  والأرابيسك  وغيرها ومتابعة الإطلاع  على  النشاط  الفني  العربي  والعالمي  لزيادةِ  ثقافتي  الفنيَّة  .     
* كلمة ٌ  أخيرة تحبُّ  أن  تقولها؟                          
- عندنا  في  الوسط  العربي  عندما  ينهي الطالبُ  تعليمهُ  الثانوي  ويرغب  في  تكملةِ  علمهِ  الجامعي ،  يوجِّهُ  الأهلُ  أبناءَهم  أن  يتعلَّموا  الهندسة َ  أو الطب  أو الحقوق  وقليل  جدًّا  ما  يوجِّهونَ  أبناءَهم إلى المواضيع الفنيَّة  كالرسم  والموسقى  والمسرح  .  
 فمن  خلال  هذا المنبر  أرغبُ  أن أوجِّهَ  إلى الجمهور العربي  أن  يُشجِّعَ أبناءَهُ  لمَن لديهِ الموهبة  بتكملة علمهِ الفني  في المعاهد والجامعات  المختصَّة ، كما اتوجَّهُ  أيضًا  إلى المؤسَّسات والصحافةِ  والجمهور لدعم ِ وتجيع  الفنّ  فكلما  َلقِيَ الفنان تقديرًا لفنهِ  كلما  زادَ  إبداعُهُ ... وأن  تقومُ  المجالسُ المحليَّة والبلديَّات بببناء  قاعاتِ عرض  فنيَّة ذات شروط  ملائمة لمعارض الرسم وليسَ استعمال قاعة في  معهد أو نادي  أو مدرسة  معدَّة  لأغراض وأمور ثانية ، كما اطالبُ دور المعلمين  في البلاد أن تهتمَّ  أكثر  بتنخريج  عدد  كاف  من  معلِّمي الفنون  عامَّة والفن التشكيلي ( الرَّسم  )  بشكل ٍ  خاص لقلَّة عدد  المعلِّمين المؤهَّلين  لتعليم  فن الرَّسم ، وفي الكثير من المدارس يعتبرون  حصَّة َ الرسم  غير ذات أهميَّة   ويسندونَ تدريسَها  لمعلّمين غير مؤهَّلين  أو  مختصِّين  وفاقد  الشيىء  لا يعطيه  .
  وكلمة ٌ  أخيرة  :  في  نهايةِ  اللقاء  أنا  أحيِّي  الشَّاعر  والأديب  الشاب  المتألِّق والمبدع  " حاتم جوعيه " على تقاريرهِ  ولقاءاتهِ الصحفيَّة  المميَّزة والرَّائعة مع الأدباء والشعراء والفنانين الملتزمين والمبدعين وهو  مشكورٌ  على ما يقومُ  به  لإحياء التراث الفن  والأدبي في الوسط  العربي  وأتمنى   لهُ  دوام  التقدم  والنجاح  .   
للمراجعة أو الإستفسار : 
 زياد أبو السعود الناصره -  ص . ب 252  -  ميكود  1600   
تلفون :   6572040-04   -  فاكس     6452689 - 04
- مكتب  هندسة  معماريَّة  -    

                  

حوار مع القاصة والروائية حوا بطواش

 حاورها : شاكر فريد حسن
* منذ الصغر كنت أحب الجلوس الى طاولتي وممارسة الكتابة عن أمور كثيرة تشغل فكري ، وبالمقابل نشأ في نفسي حب المطالعة وقراءة الكتب التي كنت أجدها في مكتبة جدي الذي كان انساناً مثقفاً ، عاشقاً للقراءة 
*الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر 
* كتبت عن المرأة ، عن همومها وطرحت بعض مشاكلها في المجتمع 
* لا أحصر نفسي ضمن اطار بعينه بل أكتب من خلال تجاربي وتجارب الآخرين كما أراها 
* هناك ابطال عشت معهم ، تحدثت اليهم ، شاركتهم آلامهم وافراحهم ، مثل شخصية حسام في رواية "اختفاء رباب ماردين "
* في الآونة الاخيرة اتجهت لكتابة مقالات قصصية اجتماعية ، وقد أحببت هذا الأسلوب لانه يمكنني من التعبير عن ظواهر اجتماعية 
* للأسف ، الأدب المحلي لا يحظى باهتمام كبير من قبل القراء ، والدليل على ذلك هو عدم توفر كتب الأدباء المحليين في المكتبات 
* بعض النقاد يبالغون في ثنائهم لدرجة توحي بأن نقدهم هو مجرد مجاملة لا غير فيفقدون المصداقية 
* المرأة العربية في كثير من المناطق في بلادنا وفي العالم العربي ما زالت تعاني الى اليوم من ظلم المجتمع لها 
* المبدع احياناً كثيرة ، بحق وبغير حق ، لا يخلو من الأنانية والافتخار و"شوفة الحال" 
*للأسف ، بعض الكتاب يكتبون عن الجنس بطريقة تهدف الى دغدغة الغرائز ليحظوا بانتشار اعمالهم 
*بداية هل لك انت تعرفي القراء على نفسك ؟  
حوا بطواش، بدأت أنشر باسم حوا سكاس وغيرته منذ أشهر قليلة لأعود الى اسم عائلتي الأصلي الذي أعتز به، ولدت وأسكن في قرية كفر كما في الجليل الأسفل، تلقيت دراستي الابتدائية في مدرسة كفر كما ثم انتقلت الى المدرسة الأكليريكية "المطران" في الناصرة لإكمال دراستي الثانوية، وكان ذلك باختياري الشخصي، حيث أحببت تعلم اللغة العربية، فيما كان معظم الطلاب والطالبات من قريتي يكملون دراستهم الثانوية آنذاك في المدارس اليهودية في العفولة أو كدوري. اهتمامي باللغة العربية بدأ من خلال مشاهدتي لمسلسلات الكرتون في محطات التلفزيون العربية في طفولتي ثم الأفلام والمسلسلات العربية واستماعي للأغاني العربية وانكشافي لكتب جدي، رحمة الله عليه.
أكملت دراستي في جامعة حيفا في موضوع علم الاجتماع والتربية وأعمل الآن موظفة وأما لثلاثة أولاد.
بدأت أنشر قصصي القصيرة في صحيفة "كل العرب" ثم في المواقع الإلكترونية. صدر كتابي الأول "الرجل الخطأ" عن دار الغاوون في بيروت عام 2013 وهو يضم مجموعة من القصص القصيرة التي كتبتها في السنوات الأخيرة مثل:
"بنت من هذا العالم"، "تساؤلات بريئة"، "لن أعود"، "مذكرات عاملة في سوبر ماركت"، "الحب العتيق"، "المقهى" وغيرها... وقصتين طويلتين هما "الرجل الخطأ" و"أحلام كبيرة"
 *هل لك ان تعطينا صورة عن نشأتك الثقافية والأدبية وصولاً الى موقعك الحالي في حركة الابداع المحلي ؟

نشأت في بيئة تأتي فيها اللغة العربية بدرجة ثالثة أو حتى رابعة. ففي قريتي كفر كما لغتنا الأم هي اللغة الشركسية التي نتحدث بها بين بعضنا البعض، ثم اللغة العبرية، لغة التدريس في المدرسة، ثم تأتي اللغة العربية، لغة ديننا وجيراننا العرب، وبعدها اللغة الإنكليزية، اللغة العالمية. ولكنني وجدت في نفسي ميلا واهتماما خاصا منذ الصغر باللغة العربية والثقافة العربية بشكل عام. 
منذ الصغر كنت أنشغل كثيرا في الكتابة. ليس في كتابة القصص فحسب ولكن كنت أحب الجلوس الى طاولتي وممارسة الكتابة عن أمور كثيرة تشغل فكري. وبالمقابل نشأ في نفسي حب المطالعة وقراءة الكتب التي كنت أجدها في مكتبة جدي الذي كان إنسانا مثقفا، عاشقا للقراءة، وإذ رآني مهتمة بكتبه فرح جدا وأخذ يشجعني على القراءة فكان يختار لي من كتبه ما يناسب سني. القراءة كانت تحثني على الكتابة. 
كلما قرأت أكثر كنت أجد شيئا ما بداخلي يلح عليّ ويدفعني للكتابة. كان لدي ما أقوله بطريقتي الخاصة. كما كنت أحب كتابة يومياتي التي كنت أعبّر فيها عن أفكاري ومشاعري وأكتب عن المواقف التي تحدث معي أو المواضيع التي تشغلني. 
محاولاتي الأولى لكتابة القصة كانت في الرواية. ففي فترة المراهقة بدأت أكثر من قراءة الروايات المترجمة الى العبرية، والتي كنت أجدها في مكتبة قريتي، وذلك كان يدفعني لمحاولة كتابة الرواية ولكنني لم أكمل أي من رواياتي التي بدأت بكتابتها. وكنت آنذاك أكتب بالعبرية. ثم اتجهت الى الكتابة باللغة العربية، التي ظلت تلازمني رغم كل شيء بفضل محبتي لها وبفضل وجود كتب جدي بقربي، ولا أخفي فضل روايات إحسان عبد القدوس على ذلك أيضا فقد اكتشفت أنها محببة على قلبي لبساطة وسلاسة لغتها وللمتعة التي وجدتها في قراءتها. بعد ذلك اتجهت لكتابة القصص القصيرة لسهولة نشرها، فقد بدأت النشر في صحيفة "كل العرب" ثم في مواقع الانترنت وبدأت أتلقى ملاحظات وتعقيبات على كتاباتي والتي أفادتني جدا وشجعتني على الاستمرار في كتابة القصص القصيرة.

 • ما هو منهجك الخاص في الكتابة؟

الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبّر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر . أحيانا أصادف موقفا معينا أو أسمع خبرا أو أشاهد مشهدا يحرك مشاعري ويحفزني على الكتابة. كتاباتي تمثل الحياة بكل ما فيها من حب وفرح وألم وحلم وحزن وظلم... ألقي الضوء عليها ولا أحاول إيجاد الحلول أو فرض آرائي بل أدع النهاية مفتوحة ليكملها القارئ كما يشاء ويتخيل، وأستفزه ليبحث عن حل لائق بنفسه.
منذ البداية أحب الكتابة بأسلوب الذات، أي بضمير المتكلم، ربما تأثرا بقراءاتي وبكتابة يومياتي. فهذا الأسلوب يجعلني أتماهى مع شخصياتي، أغور في أعماق نفوسهم وأعيش حالاتهم. أحب استخدام لغة بسيطة، واضحة، سلسة وقريبة من اللغة الدارجة، خاصة خلال الحوارات بين الشخصيات. أحب توظيف الحوار في كتاباتي، خاصة في قصصي الطويلة، وكنت في بداياتي أستخدمه كثيرا حتى في قصصي القصيرة ولكنني الآن بت أختزله  قدر الإمكان. فالحوار أداة تمكنني من التعريف بالشخصيات، تصوير مواقفهم ومشاعرهم وإثارة التعاطف معهم.

 • ما هي الموضوعات التي تتناولينها في كتاباتك القصصية والروائية ؟

كتاباتي تتناول المواضيع الاجتماعية، والإنسانية بالدرجة الأولى. أكتب عما يختلج في صدري ويعتري ذهني مما أراه في الواقع المعاش والبيئة المحيطة بي، عن التناقضات الرهيبة في المجتمع. 
كتبت عن المرأة، عن همومها وطرحت بعض مشاكلها في المجتمع، كما كتبت أيضا عن الرجل وبعض ما يعاني من مشاكل، وخاصة في علاقته مع المرأة، ففي قصة "انتقام امرأة" كتبت عن ظلم المرأة للرجل بسبب شعورها بالإهانة والمس بكرامتها لمجرد رفضه للتقرب منها، وتطرقت لبعض ما يمكن للمرأة فعله بدافع الحقد والبغضاء. ولدي قصص أخرى عن الرجل مثل "مهمة في الزواج" و"أحلام كبيرة". وكتبت عن تغيّر الحب بعد الزواج في "الرجل الآخر" وما يعتري المرأة من أحاسيس ورغبات في روتين الحياة. كما كتبت عن موضوع الطلاق في قصة "تساؤلات بريئة"، هذه الظاهرة التي تزداد انتشارا في مجتمعنا، كتبت عن تأثيره على الأبناء من خلال التساؤلات التي تنتابهم. 

 • هل تسيرين في نتاجك القصصي والروائي ضمن اطار اجتماعي أو فكري ، أم إنك تتفاعلين مع التجربة الآنية ؟

لا أحصر نفسي ضمن إطار معين بل أكتب من خلال تجاربي وتجارب الآخرين كما أراها، أسمع عنها وأحس بها، فالتجارب الذاتية لها أهمية كبيرة برأيي في إثراء العمل الإبداعي. أتفاعل مع كل ما يحدث من حولي وأطرح التساؤلات لأسلط الضوء على بعض الأمور التي قد لا ينتبه إليها البعض، وأحاول ألا أفرض رأيي ولا أطرح الحلول، بل هدفي أن أدع القارئ يفكر بنفسه، يتساءل ويجيب بنفسه لنفسه، وقد يتغيّر مسار تفكيري من نتاج الى آخر، مثلما يغير أي إنسان آراءه ومواقفه متأثرا بتجاربه الحياتية، فذلك شيء طبيعي وجيد برأيي، لأنه أفضل من أن يبقى الإنسان أسيرا لفكر خاطئ أو ناقص طوال حياته.

 • ما هي العلاقة التي تربط بينك وبين أبطال قصصك ورواياتك ؟

أدع أبطالي يتحدثون بأصوات من يمثلون في المجتمع وما يمثلون من حالات. أحيانا كثيرة أسمع صوتي في أصواتهم، أدع أبطالي يتحدثون بأصواتهم عن أفكارهم وأحاسيسهم، صراعاتهم وانفعالاتهم، ويعبرون عن الهواجس التي تعتريهم وتتلبسهم وعما يجيش في دواخلهم، عما يقلقهم ويؤلمهم، يفرحهم ويحزنهم. أحاول أن أتقمص كل حالة من حالاتهم، أحسّ بها وأعيشها بخيالي. هناك أبطال عشت معهم، تحدثت إليهم، شاركتهم آلامهم وأفراحهم، مثل شخصية حسام في رواية "اختفاء رباب ماردين"، وهي أول رواية كتبتها (وأنشرها في حلقات في موقع الحوار المتمدن)، عشت أحداثها وتفاصيلها بكل كياني، وكتبت الكثير من الحوارات والأحداث فيها بعد أن مثلتها بيني وبين نفسي. كل أبطال قصصي أحبهم وأتعاطف معهم، ولولا ذلك لما كتبت عنهم، حتى بطلة قصة "شيء من دفء" التي خانت أختها مع زوجها عن سابق إصرار تعاطفت معها بسبب الظروف القاسية التي عاشتها.

 •ما هي أكثر الأنساق الادبية الأقرب الى نفسك وعقلك ؟

بدأت كتابتي، كما ذكرت سابقا، بكتابة الرواية، وقد كتبت روايتين هما "اختفاء رباب ماردين" و"الحب والعاصفة"، كما كتبت قصتين طويلتين هما "أحلام كبيرة" و"الرجل الخطأ"، وكان ذلك منذ سنوات، قبل أن أصبح أمّا لثلاثة وتتفاقم مسؤولياتي. في السنوات الأخيرة اتجهت لكتابة القصص القصيرة لسهولة كتابتها ونشرها أكثر من الرواية ولعدم تفرغي لكتابة رواية. فكتابة الرواية تحتاج لمجهود كبير، تفرغ وهدوء بال لترتيب أفكارها وتأليف أحداثها والتمكن من معايشة تفاصيلها، وهي مهمة صعبة جدا. وجدت متعة في كتابة القصص القصيرة وفسحة أتمكن من خلالها قول بعض الأمور الملحة بشكل سريع، ولكنني أتمنى أن أعود لكتابة الرواية عن قريب فهي المفضلة لدي.
في الآونة الأخيرة اتجهت لكتابة مقالات قصصية اجتماعية، وقد أحببت هذا الأسلوب لأنه يمكنّني من التعبير عن ظواهر اجتماعية، هموم وقضايا مما نعيشها في حياتنا اليومية بطريقة عفوية وبسيطة، فيها شيء من السخرية، وهو أسلوب أجده قريبا من كتابة اليوميات. 

 • ما هو رأيك بالادب المحلي الراهن ؟ ومن يعجبك من المبدعين المحليين؟

للأسف، الأدب المحلي لا يحظى باهتمام كبير من قبل القراء، والدليل على ذلك هو عدم توفر كتب الأدباء المحليين في المكتبات التي تبيع الكتب، فحين أدخل اليها لا أجد الكثير منها، فأسأل البائع: لماذا؟ فيرد: لأن الأدباء المحليين ليسوا معروفين وكتبهم ليست مطلوبة مقارنة بالأدباء العرب الآخرين المشهورين. الناس في بلادنا عموما لا يقرأون الا قليلا، ولو قرأوا فلا يقرأون للأدباء المحليين كثيرا. ولكن ذلك لا يعني أن الأدب المحلي ليس جيدا، فمعروف أنه حتى في الأدب العبري، وفي كل العالم كذلك، أفضل الكتب ليست الكتب الأكثر مبيعا. القارئ الحقيقي يستطيع أن يميّز الكتابة الجيدة من الكتابة الرديئة. ولكن المشكلة أن هناك أزمة كبيرة في القراءة. ومن يخرج الى خارج البلاد، الى أوروبا مثلا، يرى كيف يقرأ الآخرون ويستغلون الوقت الذي نهدره نحن بالانشغال بأمور أخرى، أو عدم الانشغال بشيء، يستغلونه للقراءة حتى ولو كانت لدقائق معدودة فقط. وقد كتبت عن ذلك مقالة بعنوان "لماذا لا نقرأ مثلهم؟". من جهة أخرى، لا يخلو الأمر من تقصير من الأدباء المحليين، فالمبدع الحقيقي يصل الى قلوب القراء مهما طال المشوار وتعذر.
 شخصيا أتابع الأدب المحلي في مواقع الإنترنت بشكل خاص وأقرأ بإعجاب وتقدير قصائد الشاعر الكبير سعود الأسدي، الذي أعتبره قمة لا تضاهى في الثقافة والفكر والفلسفة. كما أنظر بإعجاب الى أدب أنوار أيوب سرحان، فقصصها ترسم وجع الإنسان العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص بكل حالاته بمصداقية عالية ولغة جميلة ومدروسة بعناية. وتعجبني كتابات هيام مصطفى قبلان بتعابيرها الشعرية الساحرة التي تشدني الى أجواء القصة وتلامس أوتار القلب. وأحب قصص سهيل كيوان بسخريتها الطافحة فهي شيقة للقراءة وتحمل معانٍ عميقة.  كما أحب قصص علاء حليحل وناجي ظاهر وميسون أسدي ونسب أديب حسين وعناق مواسي وهناء شوقي وغيرهم... وأتمنى أن أقرأ للآخرين ممن لم يتسن لي بعد قراءة كتاباتهم   .

 *كيف ترين الواقع النقدي في بلادنا والعالم العربي ، وهل برأيك يقوم النقد في المرحلة الراهنة بالدور المنوط به بشكل مرضٍ؟

لا أستطيع الحكم على الواقع النقدي لأنني لست متابعة له بشكل يخولني لإبداء رأيي فيه، لكنني لاحظت بعض الأمور فيما يخص هذا الموضوع:
- بعض النقاد يبالغون في ثنائهم لدرجة توحي بأن نقدهم هو مجرد مجاملة لا غير فيفقدون المصداقية.
- بعض الكتاب، وربما كثيرون منهم، لا يتقبلون غير هذا النقد "المجاملة" والثناء والإطراء وليست لديهم القدرة على إدراك معنى النقد وهدفه السامي في الارتقاء.
- أحيانا يكون النقد مجرد قراءة انطباعية تركز على جماليات النص وليس نقدا حقيقيا يكشف عيوب النص أو نواقصه حتى يدرك الكاتب أين أخطأ أو أين يمكنه أن يحسّن ويطوّر ويرتقي بأدبه.
عموما أرى للنقد دورا هاما في الارتقاء بالأدب من خلال التقييم والتوجيه، التصفية والغربلة. مهم على الناقد أن لا يكون أسيرا لنمط معين من الكتابة بل عليه مواكبة التجارب الجديدة أيضا.

 • ماذا تمثل المرأة في أدبك ، وكيف ترين وضعية المرأة العربية الأكثر ملاءمة للحضارة وروح العصر ؟

المرأة العربية في كثير من المناطق في بلادنا وفي العالم العربي ما زالت تعاني الى اليوم من ظلم المجتمع لها، من التمييز ضدها، من اضطهادها وقمعها وذلك بسبب القوانين الاجتماعية المعتقة التي تقيد حريتها التي تستحقها كإمرأة، كإبنة، كزوجة وكأم. على المرأة أن تتمرد على هذه القوانين وتبادر لكسرها والتحرر من سلاسل قيود مجتمعها لتبنى نفسها بنفسها، تحقق طموحاتها وأحلامها وتشارك في بناء المجتمع. عليها أن تطالب بحقوقها لتنال حريتها ولا تخضع للظلم والقهر.
تحتل المرأة مساحة كبيرة من كتاباتي، أعيرها اهتماما خاصا، أطرح قضاياها، أحاول التعمق في همومها وما يشغل بالها والتوغل في أعماق نفسها. أحاول التقاط تفاصيل آلامها وأحلامها، أفراحها وأحزانها، وأحب تحفيزها على التحرر من قيودها لإحداث التغيير في حياتها الى الأحسن وحثها لعدم الخضوع للظلم الممارس عليها من كل الجهات. فمثلا، في قصة "وردة تستحق الحياة" طرحت قضية قتل المرأة بحجة شرف العائلة، تلك الفتاة البريئة، الساذجة، بطلة القصة، تورّطت في علاقة غير شرعية مع رجل غريب، علاقة لا تفهمها ولا حتى سمعت عنها في حياتها، تحمل ولا يقدم الرجل على الزواج منها، فيقرر والدها وإخوانها قتلها لمسح العار الذي لحق بهم للمحافظة على شرف العائلة، ولكن النهاية كانت غير مألوفة، وربما لا تحدث كثيرا في الواقع، ولكنني اخترتها لتمثل رفضي لهذا الواقع وهذا الظلم.
وفي قصة "بنت من هذا العالم" طرحت مشكلة الفتاة المتفوقة، الطموحة، والتي حاول أهلها البسطاء، المحكومون بقوانين المجتمع، على إرغامها على الزواج وسلب حقها في تحقيق طموحاتها وتحقيق ذاتها، ناكرين رغبتها ووجودها، كأنها همّ يجب التخلص منه لمجرد أنها... بنت. وهنا أيضا كانت النهاية غير مألوفة، تمثل الرفض والتمرد على الظلم والاضطهاد.

 • ما رأيك باتحادات وروابط الكتاب والادباء في بلادنا ، هل هي روابط واتحادات تساهم بدورها في تطوير وتنشيط الحياة الثقافية والادبية أم انها مجرد روابط واتحادات اسمية وموسمية ؟

انضممت لاتحاد الكتاب العرب الفلسطينيين في الداخل منذ فترة وجيزة ولمست فيه رغبة في تغيير واقع الأدب والثقافة الفلسطينية بشكل عام والارتقاء بها. هناك رغبة وجهود تبذل وأتمنى أن نرى بصيصا من الأمل عن قريب. 

 • العلاقات بين الادباء والكتاب ، هل هي علاقات محبة أم علاقات خصام وتنافس وتنافر ؟

من المعروف في المجتمع العربي بشكل عام أن العلاقات بين الناس تتسم بكثير من المجاملة والملاطفة التي توحي بالمحبة والمودة، ولكننا نتفاجأ أحيانا بأحقاد خفية ونفور يستل الى القلوب، وبين المبدعين خاصة لا يخلو الأمر من التنافس. فالمبدع أحيانا كثيرة، بحق وبغير حق، لا يخلو من الأنانية والافتخار و"شوفة الحال"، وهذه صفة لا يستلطفها الآخرون، وأحيانا الاختلاف في الآراء والمواقف يخلق شعورا بالتوتر وربما النفور بين المبدعين. برأيي الأديب الحقيقي هو الآخذ بمحاسن الأخلاق أولا وأخيرا، فلا يمكن للأديب أن يصل الى قلوب القراء بشكل حقيقي الا بأدب يمتاز بالأخلاق العالية. 

 • الجنس في الرواية والقصة العربية ، هل تعتقدين انه من الضروري تناوله في الاعمال القصصية والروائية والى أي حد، وهل توظيفه بشكل واسع له اثر في انتشار هذه الاعمال بين أوساط الشعب وخاصة الشبابية؟

اذا كانت للجنس قضية إجتماعية وإنسانية ملحة فيجب تناولها في الأدب مثله ومثل كل المواضيع الأخرى التي تشغل العقل البشري ولكن بطريقة تحترم أحاسيس المتلقي وذهنيته مع مراعاة الذوق العام والابتعاد عن استعمال الألفاظ الخادشة للحياء والعبارات الفاحشة. على الكاتب أن يلتزم بما يخدم الفكرة والابتعاد عن الابتذال. للأسف بعض الكتاب يكتبون عن الجنس بطريقة تهدف الى دغدغة الغرائز ليحظوا بانتشار أعمالهم. أنا ضد التدقيق في وصف الجسد والعلاقة الحميمة ووجود المشاهد الخادشة الصارخة والصادمة لحياء القارئ ومع الاكتفاء بالإشارة الى فعل الجنس دون الاعتماد الى وصفه وصفا دقيقا.

 • ما هو أجمل عمل ابداعي تعتزين به وتشعرين بالرضى عنه ؟

لا يخطر في بالي عمل ما له اعتزاز خاص به دون غيره ولكن روايتي الأولى "اختفاء رباب ماردين" تحتل مكانة خاصة في قلبي، ربما لكونها باكورة أعمالي الأدبية التي جاءت بعد سنوات من المحاولات الكثيرة لكتابة الرواية، فكانت بالنسبة لي إنجازا زودني بثقة وشحنني بطاقة لإكمال طريقي في كتابة القصص، وربما يعود السبب لكون أحداثها قد سكنت روحي وعشت تفاصيلها أكثر من أي قصة أخرى كتبتها.

 • بمن تأثرت في بداياتك وبواكيرك الادبية ؟

لا شك أن أكثر رواية أثرت في نفسي هي رواية "الرمال الهالكة" للكاتبة البريطانية فيكتورا هولت والتي قرأتها في عمر 14 بترجمتها العبرية وأثارت إعجابي الشديد. ثم أعدت قراءتها عدة مرات خلال سنوات مراهقتي وكنت أتفاجأ في كل مرة بتفاصيل جديدة لم أنتبه اليها في قراءاتي السابقة. هذه الرواية لازمت تفكيري طوال سنوات مراهقتي، وكنت معجبة بشخصية البطلة الى حد اعتبرتها قدوة لي وكانت تصرفاتها في الرواية تخطر في بالي في مواقف كثيرة من حياتي وأحسست كأني أعرفها في واقع الحياة. بعد ذلك، حين بدأت الكتابة باللغة العربية أعجبتني روايات وقصص إحسان عبد القدوس التي وجدت فيها بساطة في اللغة مثلما أحب وعمقا في المضمون، وكذلك أعجبتني غادة السمان بقصصها القصيرة التي رأيت فيها جمالا في اللغة وتميزا في الأسلوب، وأعجبتني أحلام مستغانمي بروايتيها "ذاكرة الجسد" و"فوضى الحواس" حيث أنها سحرتني بتعابيرها اللغوية الجميلة وأفكارها الفلسفية.