مجلة الشرق تحاور الشاعرة والاديبة امال عواد رضوان

أجرى الحوار: الشاعر جورج جريس فرح
آمال عوّاد رضوان؛ ظاهرةٌ مُميّزةٌ في أدبِنا المَحلّيّ، بل إنّها اقتحمَتْ حدودَهُ وتَجاوزتْ مَجالاتِهِ، لتنطلِقَ إلى العالمِ العربيِّ الواسع، وجوازُ سَفرِها الكلمة الّتي بَرَعَتْ آمال بتكييفِها وتَرويضِها، فانصاعَتْ لها مُطيعةً منقادَةً، تنسابُ بلطفِ انسيابِ الماءِ، لتعكسَ أبهى ألوانِ الأطيافِ الأدبيّةِ شِعرًا ونثرًا. تعالَ بنا أخي القارئ، في هذا اللقاء القصير، نستجلي بعضَ ملامح آمال عوّاد رضوان الإبداعيّة، مِن خلالِ رُدودِها على ما وجَّهنا إليها من أسئلة:      
ما الّذي يَدعو آمال عوّاد رضوان إلى الكتابة؟ 
هناكَ دوافع خفيّة تجتاحُني وتُحرّكُني، ولا أُدركُ كنهَها أو تفسيرَها، تقلقني ولا فَكاكَ لي منها، ودون إذنٍ منّي، تظلُّ تنكأ بجروحي حتّى تُدميها، ولا يهدأ لها بال، إلّا إذا خضعتُ لها واستسلمتُ لجموحِها. هكذا هو حالي، أظلُّ مسكونةً بعلةِ الحرفِ المُزمنة، ومتورّطةً أبدًا باقترافِ فِعل الكتابة، وكأنّي في حالةِ تنويم مغناطيسيّ، مُسيَّرةٌ شعريًّا ووجدانيًّا، ومُخيّرةٌ في التحاليل والتقارير والمقالة! 
الكتابةُ بالنسبةِ لي، هي ملاذي المُثقَلُ بأحمالِ خيولٍ تنزفُ حُرقتَها، وتتزاحمُ ظامئةً لرشفةِ كرامةٍ عارمةٍ بالعدالة الكونيّة. الكتابةُ صهيلُ روحٍ تترقّبُ سلامًا، وقد أتعبَها وأنهكَها امتهانُ الإنسانيّةِ، روحٍ غصّتْ بصورٍ ضبابيّةٍ، تعجُّ بغبارٍ طازج بالوحشيّة. الكتابةُ يقظةُ وجدانٍ، تستنهضُ الضمائرَ قبلَ أن تغطّ في سباتِ الدمويّة، وتطفحُ بروائحِ الحربِ والموْتِ! 
هل تفكّرين بتأثير كتابتك في القارئ أثناء الكتابة؟ 
عندَ كتابةِ التّقاريرِ والمقالةِ والحوارات، أُوجِّهُ بوصلةَ حرفي كيفما أرُيد وأينما أُريدُ ولمَن أُريد، وبكامل الإدراك والوعي، ولا بدّ لي أنْ أستحضرَ القارئ أوّلاً، لأنّي أوجّه حرفي لهُ مُباشرةً، بما تَحملُهُ الرّسالةُ مِن أبعادٍ قريبة بعيدةٍ وهادفة، تَصبُّ في قضايا حياتيّةٍ تَهُمُّ مُعظمَ النّسيج الاجتماعيِّ بشرائحِهِ وتشكيلاتِهِ، ولا بدّ مِن استخدامِ فنونِ اللّغةِ السّليمةِ، وأسلوبِ الإقناعِ، ودبلوماسيّةِ الطّرح.
لكن بالنّسبةِ لحرفي الشّعريِّ فمُوجّهٌ إلى روحي ومِن عالمي الوجدانيِّ الخاصّ بي، وقارئي حينَها يكونُ مُغيّبًا تمامًا، فإنّ بوصَلةَ حرفي الشِّعريِّ تتعطّلُ تمامًا في لجّة وجدانٍ غامضٍ يَتكتّمُ بالآهاتِ، ويَتخبّطُ بالقلقِ والشّكِّ واليَقين، فيَمتدُّ حرفي مارِدًا مُتمرّدًا في شساعةِ فضائِهِ المَجنونِ المُتلبّس بي، وأَنقادُ إليهِ مُستباحةً في سَكرتي، يَجرُفُني مسلوبةَ الوعي مَنهوبةَ الوقتِ، إلى أحضان سماواتٍ بعيدةٍ تعصِفُني، تُزوبعُني، لِتغسلَني مِن إثمي، ولألوذَ إلى صومعةِ اعترافي المُقدَّسِ المُتأنّق بالوجعِ المُعتمِ، حيثُ روحي تَتجلّى بشغفِها، وتُشرّعُ نوافذَها للنّورِ وللحبِّ والحياة، ولتُذيعَ صدى صمتي لنوارسَ تَتلقّفُ حروفي بمَناقيرِها، فتُحلّقُ بها عاليًا، وتُلقي بها في سماواتِ ومحيطاتِ الإبداع، حيث تتذوّقُها الأطيارُ والأسماكُ والحيتانُ، وقد يَعسُرُ هضمُها على الأسماكِ الصّغيرةِ، وقد تَغُصُّ بها، ولكن أبدًا، ما غاصَ أيُّ نصٍّ منها عميقًا دونَ اكتراثٍ. 
لمستُ ذلكَ مِن خلالِ النّشرِ، فرغمَ علاقاتي الصّامتةِ المَحدودةِ جدًّا، إلّا أنّ حرفيَ انتشرَ وبشكلٍ واسعٍ، ولقيَ رواجَهُ على غيرِ توقُّعي، واهتمَّ بهِ نقّادٌ مِنَ العالمِ العربيّ، فحَظيَ بالتّرجمةِ، وبجوائزَ عالميّةٍ مُتعدّدةٍ، وهذا هو إرثي الحقيقيِّ في دربِ آلامي، وأتمنّاهُ يكونُ خالدًا، كأيّ إرثٍ ثقافيٍّ حيٍّ يَستحقُّ الحياةَ والدّيمومةَ.
وإذ إنّي أومنُ بحرفِ المُبدع الّذي يحتكُّ بجراحِهِ، ويُشعلُ أوجاعَهُ، ويُلهبُ تأوُّهاتِهِ، فهذا التّأثيرُ المُكتنِزُ بنسيجِهِ الجَماليّ، والمُؤنَّقُ بثراءِ صمْتِهِ وإيحاءاتِهِ، حتمًا سينتقلُ للقارئِ وللمُتلقّي، وقد يُحرّكُ بعضَهُ، وقد يَهزُّهُ، وقد يُبهرُهُ، وقد.. وقد.. فالتّأثُّرُ والتذوُّقُ تتفاوتُ درجاتُهُ من قارئٍ لمُتلقٍّ، فالأمرُ مُتعلّقٌ بثقافةِ المُتلقّي، وإجادتِهِ لقراءةِ الإبداعِ بكلِّ أشكالِهِ وأبعادِهِ وتأويلاتِهِ! 
عرفتُ آمال عوّاد رضوان منذ حوالي أكثرَ مِن عقدٍ مِنَ الزّمنِ، مُستترةً  وراءَ "سحر الكلمات" في قوقعةٍ، سرعانَ ما انطلقتْ منها عبيرًا أدبيًا فوّاحًا يملأ الآفاق، فكيفَ كان ذلك؟ 
أكذوبتي الجميلةُ كانت "سحرُ الكلمات"، حينَ لبستُ قبّعةَ الإخفاءِ منذُ أواخرِ التّسعيناتِ، وكتبتُ بثقةٍ عارمةٍ، ولكن على استحياءٍ ووجلٍ، إذ كنتُ أرهبُ أنْ أجترحَ الحرفَ بهمْسي، وأخشى أنْ أمسُسَ أوردةَ الكلمةِ بخيالي الطّافحِ بالجُنونِ، وما خطرَ ببالي يومًا أنّي قد أتجرّعُ مَرارةَ هذهِ الكأسِ وحَلاوتِها في آنٍ. 
كنتُ في "منتدى الكلمة نغم" مَسؤولةً رئيسةً عن كلِّ الصّوامعِ الأدبيِّة بأصْنافِها والفنّيّةِ والتّراثيّةِ، وقد صمّمتُهُ معَ الشّاعرِ المِصريِّ يحيى معوّض المُكنّى بـ (الأرز)، وذلكَ بَعدَما سمِعَني لأكثر مِن مرّةٍ أُلقي نصوصي الشّعريّةِ في إحدى غُرَفِ البالتوك الشّعريّةِ المُكنّاة "الكلمة نغم"، والّتي لاقتْ اهتمامَ الشّعراءِ وسامِعيها وإقبالِهم عليها، فكتبَ لي رسائلَ كي نُوثّقَ الكلمةَ الصّوتيّةَ المسموعةَ بالكلمةِ المَكتوبةِ، وأقمْنا معًا "منتدى الكلمة نغم"، حيثُ وفدَ إليهِ كبارُ الشّعراءِ والنّقّادِ مِنَ العالمِ العربيِّ والمَهجَرِ، وحَظِيَ برَواجٍ عالٍ، وكنتُ أُصِرُّ على الرّدودِ الشّعريّةِ ودونَ مُجاملةٍ، وقد اهتمّ النُّقّاد د. جمال قبّاني بحرْفي (مِن سوريا)، ود. إبراهيم الدّين (مِن مصر) وآخرون، مُنبئينَ بمِيلاد شاعرة.
كانَ لبيتِ الشّعرِ الفلسطينيّ دوْرٌ في إقناعي بوُجوبِ البَوْحِ باسمي الحقيقيّ، وأنّي لا أُمثّلُ نفسي فقط، وإنّما أُمثِّلُ بلدي، وكانَ إصدارُ مجموعتي الشّعريّةِ الأولى عامَ 2005 "بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّجُ"، وقد كانَ للمجموعةِ صدًى كبيرًا في العالمِ العربيِّ، ففازَ الشّاعرُ النّاقدُ اللّبنانيُّ سامح كعوش بالجائزةِ الأولى في نقدِهِ لمجموعتي الشعريّةِ عام 2006، وتوالت الدّراساتُ النّقديّةُ مِنَ الأردن، والعراق، وسوريا، ومصر، وفلسطين، لتُرسِّخَ خطوتي الشّعريّةَ الأولى على صخرةِ تاريخي الأدبيِّ، ولِتتّسعَ حلقةُ علاقاتي الثّقافيّةِ، وتتوالى نتاجاتي الأدبيّةُ بأصنافِها، ولكن بحِرصي الشّديدِ على التّأنّي والتواضع ورفضِ الألقاب، والبُعدِ عن الأضواءِ.  
ما هي القضايا الّتي تُحاولُ آمال عوّاد رضوان مُعالجتَها في كتاباتِها دونَ سِواها؟ 
قضايا العدالةِ الإنسانيّةِ معَ الإنسانِ والبَشرِ هي ما تَشغَلُ فِكري وهَواجسي، قضايا تبدأُ مِنَ الفرْدِ ككَيانٍ كاملٍ مُتكامِلٍ روحًا وجسَدًا، دونَ فوارقَ جنسويّةٍ أو عِرْقيّةٍ أو قوميّةٍ وغيرها، ودونَ أنْ نتخطّى أيّةَ مَرحلةٍ مِن مَراحلِ عُمرِهِ، مَهْما كانتْ خافتةً، كي يَكونَ مُؤهّلًا بالمُساهمةِ السّليمةِ البنّاءةِ، في تكوينِ وخِدمةِ مُجتمَعِهِ الصّغيرِ والأكبرِ والأَعمِّ؛ فقضايا الطفولةِ وقضايا المَرأةِ، هي أكثرُ القضايا والجَوانبِ المُعتمةِ في مُجتمعاتِنا على مرِّ العُصورِ، وإصلاحُها حتمًا يقودُ إلى رِفعةِ ورِقيِّ المُجتمعِ الصّالحِ بأَسْرِهِ!
اللُّغةُ الشّعريّةُ هي إحدى وسائلِ الإبداعِ المُتعدّدةِ، والّتي لها أَواصِرُ مَتينةٌ معَ الرّوح ِالرّقيقةِ، والّتي قد تَخدشُها أيّةُ همسةٍ أو لمسةٍ، لذا أُحاولُ أنْ أنحَتَ مَعالمَ روحي بمُنتهى الحذَرِ الشّديدِ، وأُبرِزَ جَماليّاتِها، وأُلامِسَ شفافيّتَها، لأنّها نعمةٌ إنْ أتْـقــنّـا استخدامَها، وأَجَدْنا التّعامُلَ معَها، هذهِ النّعمةُ الّتي خصَّنا بها الباري، وفَجَّرَها في كلِّ إنسانٍ، لكن، مِنّا مَن يَغفلُ عنِ اكتشافِها ولا يَكترِثُ بها،  ومِنّا مَن يَقمَعُها أو يُهمِلُها، وباعتقادي المُتواضعِ، أنّ روحَ الإبداعِ هي أكبَرُ مُقوِّماتِ التّهذيبِ لكلّ إنسانٍ ومُفكّرٍ وسياسيٍّ وتاجرٍ وإلخ، تدعوهُ إلى التأمُّلِ والتّروّي وضبْطِ النّفسِ، لتَسْمُوَ بأفكارِهِ إلى درجاتِ الحِكمةِ، والإنسانيّةِ، والعطفِ، والمُصالحةِ معَ الذّاتِ ومعَ الآخَرينَ.
هل يجبُ أنْ يَكونَ الأدبُ هادِفًا ومُلتزمًا، أم أنَّ الالتزامَ يُفقِدُ الأدبَ الفنّيَّةَ والإبداعَ؟
كلمةُ "أَدَب" تحمِلُ مَعناها، فلا بُدَّ للأدبِ أنْ يكونَ هادفًا، يَهدفُ إلى الإبداعِ في الدّرجةِ الأولى، وإلى الإصلاحِ والبِناءِ الجَميلِ، وأنْ يَكونَ مُلتزمًا بقواعدَ أساسيّةٍ لا تَخدشُ الحَياءَ الإنسانيّ، وأنْ يَترفّعَ عمّا يُسيءُ للبَشريّةِ وللإنسانيّةِ. ولكن، وبما أنّ القِيمَ تتراوحُ على سُلّمِ النّسبيّةِ والتّفاوُتِ بينَ مُجتمَعٍ وآخَرَ، فلا بُدَّ أنْ يَتوخّى المُبدعُ كاملَ المَسؤوليّةِ البنّاءةِ، في إخراجِ إبداعِهِ سِلمِيًّا، بشكلٍ يَليقُ بالإنسانيّةِ كافّةً وليسَ لفئةٍ دونَ سِواها، كي يُخاطِبَ العالَمَ والكوْنَ، ويُؤثّرَ في طرْحِهِ وحِوارِهِ السِّلميِّ بلغةٍ مُقنِعةٍ ودبلوماسيّة.
أمّا القوالبُ الأدبيّةُ المَرسومةُ الّتي عهِدْناها، والّتي يَلتزِمُ بها كثيرونَ، فباعتقادي أنّها قد تُفقِدُ الأدبَ فنّيّتَهُ وإبداعَهُ في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ، فنرى كثيرينَ يَلتزمونَ بالقوافي ويَلْحَنون، أو بالعَروضِ فيَكسرونَ، أو يَبدو بناؤُهُم مَصفوفًا مَنظومًا خاليًا مِنَ الشّعرِ. ويَتدرَّجُ هذا في جَميعِ تَصنيفاتِ الأدبِ، فالمُبدعونَ الحقيقيّونَ لهُم أساليب تُميِّزُهم، وقواميس لغويّةٌ خاصّة بهم، لا يَخضعونَ للتّقليدِ أو الرّوتينِ والتّكرارِ، إنّما يأتونَ بإبداعٍ جديدٍ وتجديدٍ في كلِّ جديد. هذا الخَلْقُ هو ما أعتبرُهُ إبداعًا غيرَ مَكرورٍ. مُهمٌّ جدًّا للمُبدعِ أنْ تَتمتّعَ روحُهُ بالمَوهبةِ والإبداعِ أوَّلًا، وأنْ يَمتلِكَ أدواتِهِ اللّغويّةَ والنّحويّةَ، ويُجيدَ استخدامَها بلباقةٍ وليونةٍ ومُرونةٍ.       
هل تُؤمِنُ آمال عوّاد رضوان أنَّ ثمّةَ ما يُمكِنُ أنْ يُسَمّى "الأدبُ النّسائيّ"؟
لا أومِنُ أنّ هناكَ ما يُسمّى بالأدبِ النّسويِّ أو الذّكوريِّ، رغمَ ما يَدورُ مِن جدَلٍ يَحتدِمُ ويَتوَعَّرُ منذ الخمسيناتِ، لأنَّ المَرأةَ إنسانٌ وكيانٌ لها حضورٌ كبيرٌ، رغمَ أنّها هُمِّشتْ في شِبهِ سُباتٍ خلالَ عصورٍ طويلةٍ. هذا المُصطلَحُ أُطلِقَ حينَ تمرّدَتِ المَرأةُ المُضطهَدَةُ في الخمسينات، وثارتْ على عاداتِ المُجتمعِ الذّكوريِّ وعلى المَفاهيمِ الذُّكوريّةِ، فاسترْعَتِ انتباهَ النُّقّادِ والإعلامِ، وصَوّرَتِ الواقعَ السّائدَ، فانتشَرَ مُصطلَحُ الأدبِ النّسويِّ ما بعدَ الحداثة، وظهرَتِ المَرأةُ في المَركزِ مُناضِلةً مُناهِضةً مُبدِعةً، تَعتني بذاتِها الأُنثويّةِ وبجَسدِها، وترفضُ التّبعيّةَ، وتخترقُ الثّالوثَ المُحَرَّمَ: الجنسَ والدّينَ والسّياسةَ، واستخدَمتْ حبكةً غيرَ تقليديّةٍ، بتداخُلِ أجناسٍ وآليّاتٍ فنّيّةٍ كثيرةٍ كمثل؛ التّصويرِ، والرّسمِ، والسّينما، والصّحافةِ، والأخبارِ، وإلخ.. والمرأةُ أظهَرَتِ الرّجُلَ قاسيًا مُهشّمًا وضعيفًا، مُستغِلًّا لها مغتصِبًا وعاجزًا جنسيًّا. كانتْ فترةٌ انتقاليّةٌ وانتهَتْ، واليومَ هناكَ كاتباتٌ مَشهوراتٌ يَستأهِلْنَ تخليدَ أدَبِهِنَّ، فلا ينبغي إصدارَ أحكامٍ تَعسُّفيَّةٍ سَطحيَّةٍ مُعمَّمةٍ، بل علينا إنصافُهُنّ في المَيادينِ المُختلفةِ، فالإبداعُ يَحتاجُ إلى لغةٍ سليمةٍ، وأفكارٍ خلّاقةٍ ومُبدِعةٍ، تُجاري العصرَ وتَخدمَ المجتمعَ، فهل نَزُجُّ أدبَ رجالٍ كتبوا عنِ المرأةِ وبلسانِ المرأةِ، في خانةِ الأدبِ النّسائيّ؟ 
هل المرأةُ قاصرةٌ على الإبداع؟ فلنطّلِعْ على آخِرِ الأبحاثِ العِلميّةِ إذن؛
سيكولوجيًّا: هل للكتابةِ خصوصيّةٌ تنبُعُ مِن الجنسويّة؟ 
ثقافيًّا، هل للمَرأةِ أساليبٌ وطُرُقُ تعبيرٍ تُميّزُها، ولها علاقةٌ ببيئتِها الثّقافيّةِ؟ 
لُغويًّا: هل للمرأةِ لغةٌ أنثويّةٌ وخطابٌ، وضميرٌ، وسردٌ أنثويٌ رومانسيّ خاصٌّ مُختلفٌ عن الرّجل؟ 
وهل الفرْقُ التّكوينيُّ بينَ الجنسيْنِ مِن حيث تكوين المُخ، يَنعكسُ في إبداعاتِهما؟ 
تُبيِّنُ الأبحاثُ وتُؤكِّدُ بأنَّ المُخَّ يَنقسِمُ إلى قسمَيْنِ، القسمُ الأيْسَرُ عندَ المرأةِ أكبَرُ حجمًا، وأقوى فاعليّةً ممّا لدى الرَّجُلِ، يَشمَلُ مَراكِزَ اللّغةِ، وظائفُهُ الأساسيَّةُ لفظيَّةٌ ومَنطقيّةٌ ومُلتصِقةٌ بالحقائقِ، بينما القِسمُ الأيمنُ الّذي يَتعلّقُ بالمَجالِ البَصريِّ والخَيالِ والأحلامِ، هو أكبَرُ حجْمًا عندَ الذُّكورِ، مَسؤولٌ عنِ الخَيالِ والأساطيرِ والتّفكيرِ الاستعاريِّ والرّمزيِّ، فهل حقًّا الرّجُلُ أكثرَ ميْلًا للأساطيرِ والخيالِ، والمَرأةُ أكثرُ واقعيّةً ومنطقًا ووُضوحًا؟ عِلميًّا، القنطرةُ الّتي تربطُ بين القِسميْنِ، تُحدِثُ التّزاوجَ بين النصفيْنِ، فرَسائلُها أكبرُ حجمًا عندَ الإناثِ، ممّا يُسَهِّلُ عمليّةَ نقْلِ الصُّوَرِ، ويَجعَلُ المَجالَ الإبداعيَّ مَفتوحًا أمامَ النّساءِ بشكلٍ أكبر! 
إذن؛ لماذا عددُ المُبدِعاتِ عبْرَ التّاريخِ أقلُّ عدَدًا مِنَ الذُّكورِ، رغمَ انطلاقتِها منذُ القرنِ التّاسع عشر، وانفتاحِها الثّقافيِّ والاجتماعيِّ التّحرُّريِّ، ونيْلِها الكثيرَ مِنَ الحُقوق؟ هل يَتدخّلُ المُجتمعُ ويَمنعُها ويَقمَعُ حُرّيّتَها؟ وهل الزّواجُ مَقبرةُ المرأةِ المُبدعةِ؟ وهل هناكَ فروقٌ في الإنتاج بينَ الجنسيْنِ معَ وُجودِ الحُرّيّة؟ 
كلمتي تقولُ: إنَّ المُجتمَعَ يَحتاجُ إلى إعادةِ حِساباتِهِ معَ نفسِهِ، ومعَ المرأةِ في كافّةِ المَجالاتِ.
كيفَ تَنظُرُ آمال عوّاد رضوان إلى المشهدِ الأدبيِّ الفِلسطينيِّ بشكلٍ عامّ، وإلى أدبِ الدّاخلِ بشكلٍ خاصٍّ؟
إنّ الأدبَ الفلسطينيَّ في الدّاخلِ راسخُ الجذورِ منذُ الجيلِ الأوّلِ، وقد اتّجهَ مؤشّرُ بوصلتِهِ صوْبَ مكانةٍ مرموقةٍ في الشعرِ العربيّ والعالميِّ! فالأديب الفلسطينيّ امتطى صهوةَ ثقافتِهِ وما ترجّلَ عنها، رغمَ الاختناقِ وضيقِ التنفّسِ، بل شنّ وعيَهُ وأدواتِهِ اللغويّةَ اللاهبةَ ضدَّ مذابحِ الغزوِ، وضِدَّ حَصْرِهِ في قواقعِ الطائفيّةِ والأقليّةِ العربيّةِ في دولةٍ يَهوديّةٍ، فعايشَ البيئةَ الجديدةَ وواكبَها بالمُواجهةِ، وتَصدّى لمَحْوِ ذاكرتِهِ التراثيّةِ وتاريخِ حضارتِهِ! كما تفاعَلَ معَ العالم الخارجيِّ، ولم يَكْنْ رَهينَ شِعرِ المقاومةِ، ورغمَ المآسي الّتي يُكابدُها، ما تَنازلَ عن ثوابتِ وكواشينِ حَواكيرِهِ، ولم يَقتصِرْ أدبُهُ على النّدبِ والشّجبِ فحسْب، إنّما أثمَرَتِ الحَواكيرُ الفلسطينيّةُ ما لذَّ وطابَ مِن شعرٍ شعبيٍّ وفصيحٍ بليغٍ، يتحدّثُ فيهِ عن الحنينِ والغربةِ والمقاومةِ والتحدّي، والحُبِّ والعِشقِ وجَمالِيّاتِ الحياةِ والمشاعرِ الإنسانيّةِ، وتعميقِ الحياةِ وتجميلِ الوجودِ وبناءِ المُستقبلِ، مِن خلالِ مساحاتٍ فكريّةٍ شاسعةٍ، وانتماءاتٍ ثقافيّةٍ مختلفةٍ وبشتّى الرُّؤى.
الأديبُ الفلسطينيُّ إنسانٌ اعترَكتْهُ الظّروفُ، فعايَشَ القهرَ، وتدرّبَ كيفَ يَعتلي سُحُبَ الخيالِ والتّصوُّرِ، ليُحلّقَ بأجنحةِ التّصويرِ والإبداعِ، كي يَخلقَ عالمًا أجمَلَ مِنَ الحقيقةِ، لذا تفاعلَ معَ البيئةِ والحياةِ وظروفِها وتفاصيلِها اليوميّةِ، بمُنتهى الحساسيّةِ الإبداعيّة، وكانَ لِشعرِ المقاومةِ أن يتصدّرَ المَشهدَ الشّعريَّ، مِن أجلِ التحريرِ والحُرّيّةِ المَنشودَيْن، ففرَضَ نفسَهُ إعلاميًّا، وتجلّى بشكلٍ بارزٍ بما يَتوافقُ والحالة الراهنة الّتي استمرّتْ واستدامتْ، وقد تُرجمَ الكثيرُ مِنَ الأشعارِ للعبريّةِ ولغاتٍ أخرى، ولوحِقَ بعضُ أصحابِها، لِما تَحمِلُهُ مِن فِكرٍ وتحريضٍ يُعارضُ سياسةَ التّهويدِ المَفروضة، وبسببِ الانتماءاتِ الحزبيّةِ، في ظلِّ غيابِ الوطنِ وسيادتِهِ الفلسطينيّة.
مِن شعرائِنا وأدبائِنا مَن سطعَتْ نُجومُهُم وحضورُهُم في وسائلِ الإعلامِ الحِزبيّة، وتركَ بصمةً زيتيّةً في الذاكرةِ الثقافيّة، وأثرًا محفورًا في سنديانِ المَهرجاناتِ الثوريّةِ والاحتفالاتِ الشعريّةِ التّحميسيّةِ، ومنهم مَن خفَتَ نجمُهُم حدَّ البصيص، وما عُرف قدْرُهم وما نالوا حقّهم، فقد توهّجَ بينَ سُحُبِ السماءِ مَن توهّج، وناسَ بينَ الغيومِ مَن وشّحتْهُ بضبابِها، وقد حوكِم الإبداعُ الأدبيُّ حزبيًّا وسياسيًّا، وبكلِّ أسفٍ ظلّتْ تخضعُ ثقافتُنا للامتحانِ وإثباتِ الوجودِ والحضورِ، وبقيتْ رهينةً تستعطفُ الودَّ العربيَّ حتّى اليوم، ويُحاولُ فلسطينيّو (إسرائيل) العربُ أنْ يَنفوا التُّهمةَ المُوجَّهةَ إليهم، كي يُثبتوا أنّهم أبرياءٌ مِن دمِ المُبايعةِ أو التسليمِ والاستسلامِ، وأنّهم عربٌ أقحاحٌ ما تَهوَّدوا ولا تَطبَّعوا ولا تأسْرَلوا!
وفي ظِلِّ التّهميشِ العربيِّ لِلمأساةِ المُستديمةِ العَليلةِ، غدا فلسطينيّو (إسرائيل) ضحيّةً مُفخّخةً موْقوتةً، ومُعلّقةً خارجَ الأحداثِ التاريخيّةِ والخرائطِ الجغرافيّةِ، فهُمُ الضّحيّةُ المَوْصومةُ بخَتْمٍ إسرائيليٍّ يَنبغي التّخلُّصَ مِنه أو تذويبَهُ، وهكذا؛ بُتِرَ شعبُنا عن شقيقِهِ الآخَرِ في الضّفّةِ وغزّة، واستُبعِدَ عن الأُمّةِ العربيّةِ وسياساتِها في صُنعِ القَرار، كأنّما توقّفتْ عجَلةُ التاريخِ عندَ شرْخِ النّكْبةِ دونَ حَراكٍ عربيٍّ مُسانِدٍ!
وكانَ للجيلِ الأوّلِ مُهمّةٌ شاقّةٌ مِن خلالِ الإبداعِ الفلسطينيِّ، هو خلْقُ نموذجِ مُقاوَمةٍ، مِن خلالِ الكلمةِ الحادّةِ اللّاهبةِ، والنّاقرةِ على شريانِ وجعِ المنكوبِ ونبْضِ مُعاناةِ الشّعبِ، إلّا أنّ البعضَ دخلوا في مرحلةِ الاجترارِ والتقليدِ للنّموذجِ السّابقِ، والبعضَ لا زالَ قادرًا على تشكيلِ رؤًى فكريّةً ناضجةً مُستحدَثةً، وإبداعيّةً مُتميّزةً بفنّيّتِها، وبمستوًى عربيٍّ عالميٍّ، وتستمرُّ حربُ الحَرْف!
أيَجهلُ المُحتلُّ ما للإعلام الوطنيّ بشتّى وسائلِهِ وتقنيّاتِهِ من دوْرٍ هامٍّ في دعْمِ الهُويّةِ الوطنيّةِ، ومحاربةِ النّزعاتِ الطّائفيّةِ، ونَشْرِ الثقافةِ المستقِلّةِ وتعزيزِ الثقةِ والانتماءِ الوطنيِّ والقوميّ؟ 
وهل يَخفى على المُثقَّفِ الواعي تأثيرُ الإعلام، وحضورُهُ الفعّالُ المُباشرُ مَحلّيًّا وعربيًّا وعالميًّا، وفي إعطاءِ المبدعُ فرصَ تطويرِ إمكاناتِهِ الأدبيّةِ والإبداعيّةِ، دونَ الولاءِ لجهةٍ ما أو حزبٍ داعمٍ؟
طبعًا لا، إنّما حُكْمُ القويِّ السائدُ الجائرُ حجَّمَ وقلّصَ للشعبِ الأعزل إمكاناتَهُ التّقنيّةَ التَثقيفيّةَ، لكنّهُ ما استطاعَ أنْ يُثبطَ العزيمةَ والهِمّةَ في النّضالِ الواعي، أو يُحبطَ التّصدّي العنيدَ، مِن أجلِ الحفاظِ على الكيانِ الفلسطينيِّ العربيِّ لغةً وحسًّا وانتماءً، دونَ تهجينٍ أو تذويب.
لكن؛ وبسببِ توقُّفِ الاهتمامِ والإعلامِ العربيِّ فقط عندَ أسماء مَحدودة مِن أدبائِنا، وعند نماذجَ قليلةٍ مِن شعرائِنا، مَن بيعتْ وسُوِّقتْ وتُرجمَتْ وانتشرتْ كتبُهُم في المكتباتِ العربيّة، نالَ أصحابُها حصّةَ الأسدِ في تلقّي الدّعواتِ والمُشاركاتِ والانتشارِ عربيّا وعالميّا. وبسببِ غيابِ التّنظيماتِ الثّقافيّةِ والأدبيّةِ الوطنيّةِ المحَلّيّة المُحارَبة صهيونيًّا، فقد تولّدتْ أزمةُ غيابِ النّقدِ الحقيقيِّ الموضوعيِّ المَحلّيِّ والعربيّ، فهيّأتْ مناخًا تسودُهُ الشلليّةُ المُتسلّقةُ البارزةُ، والّتي أركنتِ المواهبَ والتّجاربَ الأدبيّةَ المُتميّزةَ في هوامشِ الإبداعِ، فكساها غبارُ الإهمالِ والإحباطِ دونَ تسويقٍ، بل عمدتْ على ترويجِ الرّديءِ بدلًا مِنَ الأجوَد.
وها هي واحةُ الأدبِ الفلسطينيّةِ الزّاهيةِ لا زالتْ تُزهرُ وتُثمرُ وتُظلّلُ، وتفوحُ أزاهيرُها في صحراءَ تكثرُ فيها الرّمالُ المُتحرّكةُ لتبتلَعَها، حيثُ تنعقُ فيها الأبواقُ المَشبوهةُ والهِمَمُ الوُصوليّةُ، الّتي تنعفُ الرّمالَ الحارّةَ في عيونِ المُبدعينَ والمثقّفينَ والقرّاءِ والبُسطاء.
إضافةً إلى الشبكةِ العنكبوتيّةِ التي لعبتِ دوْرًا هامًّا في كسْرِ الحواجزِ الجغرافيّةِ والحدودِ السياسيّةِ المفروضةِ في السّنواتِ العشرِ الأخيرةِ، كما وساعدتْ في انتشارِ الثّقافةِ الرّديئةِ والجيّدة، ولكن على مستوى فرديٍّ وليس جماعيٍّ ووطنيٍّ، وهذا شقٌّ آخَرُ مِنَ المأساةِ التي توالتْ أكثرَ من ستّة عقود!
ما هو تقييمُ آمال عوّاد رضوان  لأدبِ الإنترنت؟ وهل تأثّرَ إبداعُ آمال عوّاد رضوان بوسائلِ التّواصُلِ الاجتماعيِّ الحديثةِ وعالمِ الإنترنت؟
عالمُ الإنترنت هو وسيلةٌ تكنولوجيّةٌ مُستحدَثةٌ، لها إيجابيّاتُها ولها سلبيّاتُها، كأيّةِ وسيلةٍ تكنولوجيّةٍ أخرى، قد نُسيءُ أو نُجيدُ استخدامَها، فتُقدّمُ الفُرَصَ لمَنْ يَستأهِلُها ولا يَستأهِلُها، مِن هُواةٍ ومُتمرِسينَ، ولصوصِ أدبٍ أيضًا، لكن لا بُدَّ مِن غربلةٍ إبداعيّةٍ موضوعيَّةٍ، تأخذُ حَقَّها ودَوْرَها، فليسَ كُلُّ ما يَلمَعُ على صفحاتِ النتّ ذهبًا.
شخصيًّا، وبحُكْمِ حُدودِ حركتي المَفروضةِ جغرافيًّا وأُسَرِيًّا وبحُكْمِ وظيفتي، إلّا أنّ فِكري وحَرفي الصّامتَ المُؤمنَ بدَرْبِهِ، عبْرَ الشّاشةِ الصّغيرةِ، وبهدوءِ المياةِ المُنسابةِ بينَ شُقوقِ الصّخرِ، استطاعَ أنْ يتخطّى الحُدودَ إلى العالَمِ الخارجيّ، ويَلقى صداهُ عربيًّا وعالميًّا.    
توصياتٌ ونصائحُ يُمكنُ أنْ تُسدِيَها آمال عوّاد رضوان للنّاشئينَ مِنَ الشّعراءِ والكُتّاب؟
التأنّي في الكِتابةِ وعدمِ التّسرُّعِ في النّشر، فزوّادةُ الكاتبِ هي المُطالعةُ المُتنوّعةُ الرّاقية، مِن أجلِ تثقيفِ الذّاتِ أوّلًا، والتّعرُّفِ إلى تشكيلةٍ واسعةٍ مِن أصنافِ الأدبِ الرّاقي. يَحتاجُ الكاتبُ إلى الكثيرِ مِن ضبطِ النّفسِ والتّأمُّلِ والابتعادِ عن الكتابةِ الانفعاليّةِ، ولو كَتَبَ، فعليهِ أنْ يَترُكَ النّصَّ جانبًا فترةً زمنيّةً ليُراجعَهَ بعد حينٍ، بعدَما تختمرُ الفكرةُ وتتعتّقُ، ومن ثمّ يعودُ إلى النّصّ المَكتوبِ، ليتأكّدَ مِن مَدى جَدوى صلاحيّتِهِ. ليسَ كمُّ الإصداراتِ هو المُهِمُّ، ولكنّ الأهمَّ هو النّصُّ الإبداعيُّ الحقيقيّ. لذا؛ على الكاتبِ الناشئ وغير الناشئ أيضًا، ألّا يتراكضَ وراءَ الألقابِ البرّاقةِ، ووراءَ ردودِ الاستحسانِ المُجامِلة. عليهِ أنْ يَتّخِذَ العزلةَ صومعةً تَعُجُّ بالصّمتِ، بعيدًا عنِ الأضواءِ والضّوضاءِ، وصخبِ المديحِ والإطراءِ.  
ماذا تُخبئ لنا آمال في جعبتها؟ 
آمال تخبئ لكم آمالها المُتجدّدة التي لا تكِنُّ ولا تستكينُ، وتظلُّ تُلاحقُها فراشاتُ الحروف المُحلّقةِ بعشوائيّتِها إلى مجهولٍ لا يهدأ. كتبُها الأدبيّةُ الثلاثة ما زالت رهينةَ عتمةِ الانتظار، لتقشعَ نورَ الإصدار: أوّلًا: كتابُ حواراتٍ، وثانيًا: كتابٌ خاصٌّ بالتقاريرِ الثقافيّة، وثالثًا: كتابٌ شعريٌّ. 

نُشرَ في مجلة الشرق الصادرة عن دار المشرق في شفاعمرو
العدد الختامي الموسّع- كانون ثانٍ/نيسان 2014، ص 93 -99

لقاء مع الشاعر الزجلي المتألق رفيق شباط

( أجرى اللقاء : حاتم  جوعيه -  المغار -  الجليل )  

مقدِّمة ٌ وتعريف ( البطاقة الشّخصيَّة ): الشَّاعرُ الزّجلي المعروف  والمتألِّق "رفيق شفيق شباط  " من  سكان قريةِ المغار الجليليَّة  (مواليد عام 1961 ) .. أنهى دراستَهُ الإبتذائيَّة في قريتِهِ المغار والثانوية في قرية الرامة الجليليَّة .. تابعَ دراستَهُ في الجامعةِ المفتوحةِ وحصلَ منها على اللقبِ الأول ( b.a ) في موضوع  إدارةِ الأعمال . وهو متزوَّجٌ  ولهُ  خمسةُ أولاد ( ثلاثة  ذكور وبنتان )  ولهُ  ثلاث  أحفاد .   ولقد عملَ رفيق  في عدَّةِ  مجالات .
    يكتبُ  رفيق الشعرَ الزَّجلي منذ نعومةِ أظفارِهِ  وقد  شاركَ في الكثير من المهرجاناتِ والحفلاتِ وسهراتِ الزجل المحليَّةِ  وحقَّقَ شهرةً  واسعة ً على الصَّعيدِ  المحلِّي، وهو أوَّلُ من أسَّسَ منبرًا زجليًّا  في الداخل  ( داخل الخط الأخضر-عرب ال48)  سنة 1994 ويعتيرُ هذا سابقة وإنجازًا على الصعيدِ  الزَّجلي والثقافي  المحلِّي . 
     وكان  لنا مع هذا الشَّاعر القدير والمُمَيَّز هذا اللقاء الخاصّ  والمطوَّل  .

سؤال 1 ) حَدَّثنا عن مسيرتِكَ  الطويلة في عالم الزّجل وأهم  المحطّات  في هذه  المسيرةِ ؟؟ 
- جواب 1 - بدأتُ أكتبُ الزَّجلَ في جيل صغير ( 12 سنة  تقريبا ) والزَّجلُ  موهبة ٌ فطريَّة نشأت معي،وكنتُ في البدايةِ  أكتبُ بشكل عشوائي حسب ما  أحسُّ وأشعرُ وحسب الظرف ..ومع مرور السنين  بدأتُ أطوِّرُ هذه الموهبة  واكتسبتُ خبرة ً واسعةً بتأثُّري من عمالقةِ الزَّجل اللبنانيِّين ، أمثال : موسى زغيب ، طليع حمدان ،  مصطفى السيِّد ، زين شعيب  وزغلول الدامور  .. وغيرهم..واستفدتُ  كثيرا من تجاربِهم  وإبداعاتِهم لأنَّ كلَّ  واحدٍ من هؤلاء المذكورين يعتبرُ مدرسةً في الزجل.. وأنا تتلمذتُ على أشعارِهِم  وروائعِهم الخالدة ..  وبشكل  تدريجي  بدأتُ أشاركُ في  فعاليَّاتٍ  ونشاطات وأمسيات  للزَّجل في  بلدتي  المغار  وخارجها  وفي  مهرجاناتٍ  كبيرة محليًّا ... وبدأ اسمي  يلمعُ  ويتألَّق  وحقَّقتُ شهرة ً لا  بأس بها  على الصعيد  المحلي  في فترةٍ زمنيَّة قصيرةٍ  نسبيًّا .  وأحبُّ أن أضيفَ بأنَّني جعلتُ الناسَ  وجمهورَ المستمعين  محليًّا  يهتمُّونَ بموضوع ِ الزَّجل  ويستمعونَ إليهِ  بحبٍّ وشغفٍ .. وأنا أدخلتُ ركنَ الزَّجل  في مهرجان  نيسان  حيث لم  يكن  هذا المجال مُدرجا ضمن فعاليَّاتِهِ  وبرامجِهِ... وكما انَّني أسَّستُ  جوقة للزجل  " جوقة  حَزُّور" وتضمُّ مجموعةً من الزجالين، مثل : كريم  معدِّي ، بلال أبو غوش  وصالح  حمود  وذلك  سنة  2006  . 
سؤال 2 ) هل كانت هنالك عراقيل وصعوبات في بداياتِكَ الأولى ؟؟
- جواب 2 -    طبعا كلّ  فنان  وكل كاتب وشاعر ومبدع  لا  بد أن  يواجِهَ صعوباتٍ  في البداية  وهذا  شيىء  بديهي ...وشاعر الزَّجل  خاصَّة  يُواجهُ صعوبات عديدة  أهَمّها: إنَّ مفهومَ أو بالأحرى  تعريف الزجل يفهم  ويفسَّر بشكل خاطىء لدى معظم  شرائح المجتمع، فمثلا يُعتقدُ أنَّ الزَّجلَ هو مجرَّدُ  كلام  سطحي  وبالهجةِ العاميَّة  ولا  يعرفونَ  انَّ  الزّجلَ  هو شعرٌ  باللهجةِ   العاميَّةِ القريبة  جدًّا  للفصحى  ولهُ  أسُسُهُ  وقواعِدُهُ  وقوانينهُ  وأوزانهُ  كما للشعر الفصيح ..والزَّجل  يتميَّزُ أيضا عن الشعر  بشكل عام  أنَّه يحتاجُ إلى موهبَةٍ فذّة وثقافةٍ عالية، وأنَّ الشعرَ الزجلي غنيٌّ  بالصور الشعريَّة المشعَّة  وبالإستعاراتِ  البلاغيَّة  المبتكرة  والحديثة  التي  يفتقرُ  إليها  كمٌّ  كبيرٌ من الشعر الفصيح وحتى  الموزون في جميع  البلدان والأقطار العربيَّة  . 

سؤال  3 )  هل لقيت التشجيعَ  ومن الذي شَجَّعَكَ في البدايةِ ؟؟
- جواب 3 -   لقد  شجَّعني أصدقائي المقرَّبون  والمرحوم  والدي الذي كانَ يعشقُ الزّجلَ ثمَّ الأقرباء..وكان لهم دور كبير في نجاحي وتألقي  ووصولي إلى ما وصلتُ إليهِ  من  شهرةٍ وانتشار .  
 والشَّاعرُ قبل كلِّ شيىء يجب أن يتحلَّى بصفةِ التواضع  وعدم إعطاء نفسه  لقب  شاعر...فليترك  القرار والحكم  للآخرين...ولكن  وللأسف  نرى اليوم  وعلى شبكاتِ التواصل الإجتماعي المختلفةِ في الأنترنيت أنَّ  كلَّ من  كتبَ جملة ً وضعَ  عنوانها  بقلم  الشاعر الفلاني...وهذا شيىءٌ خاطىءٌ  وَيُسيىءُ  إلى الشعر والأدب والثقافة بشكل عام . 
       وأنا أناشدُ  زملائي الشعراء ولكي  يُغيِّروا نظرة المجتمع ولنرفع  من  مكانةِ  الكلمة علينا  الخوض  بأعماق  البحار حتى  نخرجَ  الؤلؤة  الطاهرة والصافية واللامعة  لكي نضعها على مسمع ومرأى الجمهور والمجتمع  . 

سؤال 4)  رأيُكَ  في مستوى  الزَّجل  المحلِّي  ومقارنة  مع  مستوى الزَّجل  خارج البلاد ، وخاصَّة  في لبنان موطن الزَّجل ؟؟
- جواب 4 - لا شكَّ  بأنَّنا  قطعنا  منذ أن  وُضِعَت النواةُ الأولى  للزجل في بلادِنا شوطا طويلا ومُهمًّا .. ولدينا القدراتُ الكافية  لكي تؤَهِّلنا  لأن  نكونَ  على حسنِ  ظنِّ أنصار الزجلِ  في العالم  ولبنان خاصَّة  .    ما  يُمَيِّزُنا عن لبنان  فإنَّ الدولة اللبنانيَّة وبصدقٍ اعتبرَت الزّجلَ  تراثا  لبنانيًّا بحتا  ويجبُ  المحافظة عليهِ وتنميته  ورصدَت لهذا الغرض  الميزانيَّات...بينما في بلادِنا  نفتقرُ لهذا الدَّعم  والإهتمام فنرى الشَّاعرَ بمحهودِهِ الشَّخصي يُعاني  ويسهرُ  كي يصعدَ  درجةً واحدةً  مقابلَ درجاتٍ  عدّة  في غير هذه البلاد .  

سؤال 5 ) شعراءُ الزَّجلِ المفضون لديكَ : محليًّا  وخارج البلاد ؟؟  
-  جواب 5 - محلِّيًّا  هنالك  العديد .. وأمَّا خارج  البلاد  فلقد  ذكرتُ  بعضا منهم في بدايةِ هذا اللقاء، وكلٌّ منهم  يتمتَّعُ بطابعِهِ ولونِهِ الخاصّ . 

سؤال 6 ) المهرجاناتُ والحفلاتُ  التي شاركتَ  فيها لإحياءِ الزَّجل ؟؟
-  جواب 6 - لقد  شاركتُ في كثير من أمسيات وسهرات وأفراح ومهرجانات زجليَّة ، مثل : مهرجان نيسان  وأمسيات  شعريَّة خارج القرية  وفي قريتي المغار ..وفي فعاليَّات مدرسيَّة  وثقافيَّة.. وكما  أنَّني ألبِّي  طلبات  الأصدقاء   والمطربين والفنانين  في  كتابةِ الأغاني والمواويل لهم  للتلحين والغناء . 

سؤال 7 )  أنتَ في السابق كنتَ تشاركُ في  مهرجان نيسان ...لماذا قاطعتَ هذا المهرجان ولم  تعد تشارك  فيهِ  كالكثيرين من الشعراء من قرية المغار وخارجها .. ما هو السَّبب؟؟  
-  جواب  7 -   أوَّلا  لأسباب  شخصيَّة  ولضيق الوقت  مع  أنَّني  كنتُ من المؤسِّسِين والفعَّالين في هذا المهرجان وعملتُ لمدَّة ثلاث  سنوات سكرتيرا للجمعيَّةِ التي  تقومُ  بتنظيم  هذا المهرجان . 

سؤال 8 )  كم  ديوان  شعر زجلي  أصدرتَ  حتى الآن ؟؟
-  جواب 8 -  أنا أصدرتُ ديوانا زجليًّا  واحدًا  بعنوان ( زهرة  من بساتين  الخيال )  سنة  2002  .  وطُبعَ على  نفقةِ  دائرةِ  الثقافةِ  العربيَّة  التي كان يترأسها  المرحوم الاستاذ " موفق خوري "  الذي كانَ لهُ دورٌ وفضلٌ كبير في  إصدار مئات  وآلاف  الكتب الأدبيَّة  والثقافيَّة  لكتَّابنا  وأدبائِنا المحليِّين   وبفضلِهِ وفضل دائرتهِ وصلت كتابات وإبداعات  هؤلاء المبدعين إلى النور .. وقد كتبَ لي مقدَّمة هذا الديوان  أنت  يا صديقي " حاتم ".. وأمَّا الآن فلا توجدُ كما  نرى أيَّةُ  مؤَسَّسة أو جمعيَّة  تقومُ  بطباعةِ كتبٍ لكتابنا ولمبدعينا المحليِّين على نفقتِهَا الخاصَّة . 

سؤال 9 )  أنت منذ سنوات طويلة  تكتبُ الزَّجل  ولكَ رصيدٌ وكمٌّ  كبير من القصائد الزّجليَّة  المتراكمة تكفي لطباعةِ عشرات  الدواوين الضَّخمة..لماذا  حتى الآن لم تطبع سوى ديوان واحد  فقط !!؟؟
-  جواب 9  -  أنتَ  تعلمُ  يا  أخي حاتم  أنَّ الزَّجلَ هو لغةٌ محكيَّة  وطباعة الديوان تستوجبُ  منِّي مرافقة  المطبعة  ودار النشر  كلمة  بكلمة  حيث  لم يتعوَّدُواعلى كتابة وطباعة مثل هذه النصوص،وهذا يضطرَّني إلى المُكوث  كثيرا  أثناء الطباعة  في المطبعة لمراجعةِ كل  جملة  وكلّ  كلمة   مطبوعة  ويتطلبُ مني الوقت الطويل..هذا بالإضافةِ الى التكلفة الباهضة لطباعةِ  أيّ  ديوان ضخم  وعدم المساعدة  من الناحية الماديَّة  من قبل الجهات المسؤولة  ثقافيًّا وغيرها .   

سؤال 10  )  للزّجلِ  أوزانٌ عديدةٌ ، مثل : الشروقي ،  المعنّى ، القرادي ، الموشَّح، الإسواني ..إلخ...هل أنت تكتب على جميع الأوزان أم  أنَّكِ  تكتفي  ببعضٍ  منها ؟؟   
-  جواب 10 -  أنا اكتبُ على جميع الأوزان الزَّجليَّة  .. وأنا أحَبِّذُ  القرَّادي   والموشَّح والعتابا .. وطبعا  لكلّ  شاعر  ذوقه الخاص  والوزن  أو الأوزان  المُحَبَّذة  لديهِ..وفي الشعر الفصيح  نجدُ أيضا  نفس الشَّيىء..فهنالكَ  شعراءٌ يُرَكّزونَ على وزنين أو ثلاثة فقط بالرغم من كونِهم يعرفون جميع الأوزان  وبإمكانهم الكتابة عليها بسهولة وبإبداع .

سؤال 11) هل جميعُ شعراء الزجل المحليِّين وفي لبنان يكتبون الزَّجل على أصولهِ وقواعدِهِ  السليمة  ويلتزمون  بالوزن  ..أم  أنَّ  هنالك من  يُكسِّرُ في الأوزان ..  ماذا تقول ؟؟  
-  جواب 11 -   الكثيرون  يكتبون  شعرا  موزونا  وحسب أصول  وأسس وقواعد  الزَّجل الأصيل، ولكن قد  نجدُ البعضَ يخرجون أحيانا عن  الوزن   بسبب عدم اكتمال نضوجهم  وتجربتهم  وخبرتِهم الكافية في هذا المضمار. وأنا أقولُ:عندما توجدُ الكلمة ُالتي تعطي الصورة الجميلة والملوَّنة والمُشِعَّة  فتكون القالبَ والهيكلَ وعليهِ توضعُ حلَّة  تُسَمَّى القافية..أي بمعنى آخر ليس المهمّ  بأيَّةِ  لهجةٍ  نكتبُ  الكلمة  الجميلة   والمهمّ  هو   الفكرة  والموضوع   والصورة الجميلة والإستعارات البلاغيَّة الحديثة والمبتكرة التي تخلبُ الفكرَ والعقلَ وتأسرُ القلبَ والروحَ  والوجدان..وهذا هو الشعر الحقيقي  الإبداعي  بغضّ النضر  في أيِّ  لهجةٍ  أو طابع  ولون  يُكتب أو ينظم ...أي أنَّ الشعر  الزَّجلي وغيره  ليس  مجرد  قواف  وترتيب  كلام  فقط   كما  يظنّ  ويعتقدُ البعضُ، وخاصَّة الذين يلجئون إلى هذه  الطريقة  والشكل  في  الكتابةِ  وهم  ليسوا  شعراء  بالمقياس  والمفهوم  الحقيقي  للشعر، بل الشعر هو أحاسيس ومشاعر وصور خلابة  وعوالم  مليئة  بالسحر  والروعة  والجمال .  ولغةُ الشعر هي لغة الروح والوجدان  وتختلفُ كليًّا عن الكلام  العادي .

سؤال 12 )  لماذا أنتَ  تكتبُ الزَّجل ...ما  هو السَّببُ الذي  يحفِّزكَ ويدفعُكَ  للكتابةِ  ولمَن  تكتب ولأجل مَن  تكتب  وما  هو الهدف  أولا وآخيرا من كلِّ هذا ؟؟ 
-  جواب 12 -    الشَّاعرُ  يكتبُ  بتأثّرهِ  من  كلِّ  موقفٍ  أو  حدثٍ   يستفزُّ مشاعرَهُ  وأحاسيسَهُ  وَيُؤثرُ فيها  سلبيا  أو  إيجابيًّا .. وأنا أكتبُ  لأنّي أعتبرُ   الشعرَ حاسَّة  سابعة  مثلما  أرى  وأسمع  وأشمّ  وألمس .. فأنا  أكتبُ الشعرَ ..وأحيانا يأتي الشعر بشكل  تلقائي  ورغما عنِّي  دون أن أشعر..فهو  ينبثقُ من أعماقِ أعماقي  ولا أستطيعُ  أن أحجزَهُ  وأمنعَهُ  من الخروج .
        وأما  بالنسبةِ  لسؤالِكَ  لِمَن أكتب  فأنا  أكتبُ  لنفسي  أوَّلا  ولإرضاءِ غريزتي الشعريَّة .. وثانيا  لكلِّ من  يقدِّرُ الكلمة الهادفة والصادقة  والجميلة  والمؤثرة، وثالثا أنا أكتبُ عندما  أفرحُ  لفرح الآخرين وأيضا عندما  يحزنُ الآخرون ..فأنا  في شعري وزجلي أعالجُ القضايا  والأمور التي تعني وتهمُّ الناس والمجتمع  كالقضايا  الإنسانيَّة  والإجتماعيَّة، الحياتيَّة  والحاليَّة بشكل عام .. وشعري الزحلي  يتضمَّنُ  تصويرَ وتجسيدَ  الطبيعة : أرضا  وبحرا  وجوًّا...قفارا وجبالا  ومروجا .. إلخ .  وأعشقُ اللونَ الغزلي  والوصف ... ولكنَّني  أيضا أكتبُ بكثرةٍ في مواضيع الرثاء . 

سؤال 13 )  الأوقاتُ المفضّلة ُ لديكَ  لكتابةِ  الشعر ؟؟
- جواب 13 -  أنا أكتبُ عندما أكون وحيدًا ومختليا  مع  نفسي وقلبي  وفي حالة  تأثّر .  ولا  توجدُ  أوقاتٌ مُحدَّدَة  زمنيًّا  للكتابةِ ، فالشِّعرُ هو  كالوحي يأتي في ساعاتٍ ولحظاتٍ  لا أحد  يتوقَّعُهَا  .

سؤال 14 )  هل  شعراء الزَّجل  يرتجلونَ  الشعرَ الزَّجلي على المنابر في الحفلات أم  أنَّ  القصائد  الزجليَّة  تكون  جاهزةً  وَمُحضَّرة  مسبقا ؟؟ 
- جواب 14-      جميع  الشعراء  وبدون  استثناء  وأنا  أتكلَّمُ  عن الحفلات والمهرجانات الكبيرة  التي  يحضرُها  ويُدعى  إليها آلاف  الأشخاص  يكون  موضوع الحوار فيها بين  شاعرين أو أكثر، ومن  باب المسؤوليَّة  واحترام  الجمهور يكتب الموضوع المطلوب بحذافيرة..ولكن  يوجدُ ارتجال وشعراء مرتجلون وهم  قلَّة ٌعلى الصَّعيد المحلِّي والخارجي،وأغلبُ القصائد الزجليَّة  التي  تتلى  وتلقى على المنابر أثناء  الحوار والتنافس  بين  الزَّجَّالين  تكون  مُجهَّزةً  وَمُهيَّأةً  مُسبقا   .  

سؤال 15) ولكن  نحنُ نعرفُ  أنَّكَ في الكثير من الحفلاتِ  كان  يَطلبُ منكَ  بعضُ الحضور ارتجالَ  أبياتٍ  قليلة  في  موضوع  معيَّن  كتهنئة  وغيرها   وكنتَ  أنتَ  تلبِّي الطلب ..هل  كان  هذا  ارتجلا  أم  ماذا ؟؟ 
-  جواب 15 -   نعم   كنتُ  أنظمُ  أبياتا  ارتجاليَّة  في  نفس الوقت والدَّقيقة  حسب الطلب . 

سؤال 16 ) ماذا  تذكرُ  من  ارتجالاتِكَ  الزَّجليَّة على البديهة  ؟؟ 
-  جواب 16 - لا أريدُ ان  أرتجلَ  المرتجلَ  والذي قيلَ سابقا  ولكنَّني أقولُ لكَ في هذه الحظةِ  والآن  يا  حاتم  هذه الأبيات :
رفيق : (" الكلمهْ   لو   كانتْ   خاتمْ       " قدمُوس"*1   الّي   مأسِّسْهَا  
             ما   بيرضى  إلاَّ   "حاتم"        عا       إصْبَعتُو        يلبِسْهَا ") 
   ... وأظنُّ  هذا  يكفي  .

سؤال 17 ) ما  الفرقُ بين  قصيدةِ الزَّجل والقصيدة العاميَّة  والحداء  حسب رأيكَ ؟؟ 
-  جواب 16 - الفرق  بينهما شاسعٌ  جدًّا مثلما  الفرق  بين الجمل والطائرة . إنَّ  الزّجَلَ  يعتمدُ على  ثقافةٍ  واسعةٍ وعلمٍ  ومطالعة وآفاق  وفكر  وخيال واسع  جدًّا ومعرفة ودراية  تامة  بالأوزان الشعريَّة.. لأن الزجلَ لهُ  أوزانهُ كما  للشعر الفصيح  أوزانهُ وعُروضُهُ... ولكن  نجدُ  الكثيرين  يجهلون هذه  النقطة الهامَّة  .

سؤال 17 )  الصُّحفُ والمجلاتُ  ووسائل الإعلام التي  كتبَ عنكَ  وغطَّت أخبارَك  ونشاطاتِكَ  في  مجال  الزَّجل ؟؟
-  جواب 1 -   لقد  نشرُوا  لي  أشعارا  زجليَّة في  معظم   وسائل  الإعلام ..ولكن لقاءات صحفيَّة  لم  يجروا معي إطلاقا..وأنتَ  يا حاتم  أوَّل صحفي وإعلامي  حتى  الآن  يجري معي  لقاء صحفيًّا مطوَّلا   . 

سؤال 17 )  طموحاتُكَ ومشاريعُكَ  للمستقبل ؟؟
 - جواب 17 -  طموحاتي  كثيرة ٌ، منها: جمع  المواد الزّجليَّة  التي  كتبتها   وطباعتها  في  ديوان  كبير كي  أضمنَ عدم  ضياعِها  وليطّلعَ عليها الناس  والمجتمع، وخاصَّة  محبُّو الزّجل.. وأن  أشاركَ أيضا في مهرجاناتٍ كبيرة  للزَّجل  خارج البلاد .  

سؤال 18 ) كلمة ٌ أخيرة ٌ تحبُّ  أن  تقولها في نهايةِ هذا اللقاء ؟؟
-  جواب 18- أحبُّ أن  أتوجَّهَ  إلى زملائي الشّعراء  للحفاظِ  على مستوى الكلمة ورقيّها وعدم  إنزالِها  وإسقاطِها  في الحضيض .. فإذا لم  تستطع أن  تسمو بها  فاحرص على عدم  هبوطِها  .
وأخيرا وليس آخر:   لا  يسعني إلا  أن أقدِّمَ   لكَ  جزيلَ  الشكر  يا صديقي الشَّاعر المتألِّق  والصّحافي والإعلامي المُميَّز  " حاتم  جوعيه " على  هذا  اللقاء الشائق  والشَّامل  الذي  أتاحَ  لي الحديثَ عن  نقاطٍ  وأمور هامَّة جدًّا   للجميع . 


           ( أجرى القاء : حاتم جوعيه - المغار - الجليل  ) 

............................................................................................
*1 قدموس: إسم  ملك فينيقي ..وكان رمزا  للسفر المتواصل .  والمعروف عن الفينيقيِّي، في التاريخ القديم ، الذين سكنوا لبنان  أنّهم اشتهروا بالملاحةِ والسفر وإنشاء المدن  في أماكن عديدة  خارج وطنهم  لبنان... وهم أوَّلُ من صنعَ البلور والزجاج ..وهم أيضا  كما  يُعرفُ أوَّلُ شعب على سطح  الكرةِ الأرضيَّة وضعَ  أبجديَّة ً ( الأحرف الهجائيَّة )  .